لبنان
تردّدات معادلة "ما بعد كاريش" تضرب حسابات العدو النفطية
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أنّ الأيام القليلة المقبلة ستشهد سلسلة واسعة من الاتصالات السياسية والدبلوماسية تتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وسط استمرار المساعي الأميركية لإقناع القيادات الرسمية اللبنانية بإصدار مواقف ترفض تحذيرات الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله.
وبحسب الصحف، تؤكد مصادر رسمية أن لبنان لم يتبلغ بعد بموعد أيّ زيارة للمبعوث الأميركي عاموس هوكشتين الى لبنان، لكن أشارت إلى "مناخات إيجابية"، وأقرّت، للمرة الأولى، بأن خطاب السيّد نصر الله كان له أثره في دفع الجانبين الأميركي والإسرائيلي للتقدم خطوات الى الأمام، مع توقعات بخروج كلام أميركي إلى العلن يساعد في "توضيح نقاط التقدم".
الأخبار| المقاومة تذكّر العالم: الهدف المقبل "ما بعد كاريش"
بداية مع صحيفة الأخبار التي رأت أنّ الأيام القليلة المقبلة ستشهد سلسلة واسعة من الاتصالات السياسية والدبلوماسية تتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وسط استمرار المساعي الأميركية لإقناع القيادات الرسمية اللبنانية بإصدار مواقف ترفض تحذيرات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وتؤكد مصادر رسمية أن لبنان لم يتبلغ بعد بموعد أيّ زيارة للمبعوث الأميركي عاموس هوكشتين الى لبنان، لكن أشارت إلى «مناخات إيجابية»، وأقرّت، للمرة الأولى، بأن خطاب نصر الله كان له أثره في دفع الجانبين الأميركي والإسرائيلي للتقدم خطوات الى الأمام، مع توقعات بخروج كلام أميركي إلى العلن يساعد في «توضيح نقاط التقدم».
كما أن السفير المصري في بيروت ياسر العلوي، الذي تبدي بلاده اهتماماً بالاستقرار في شرق المتوسط كونها مرشحة لدور مركزي في بيع الغاز المستخرج من هذه المنطقة وتقود تحالفاً مع "اسرائيل" وقبرص واليونان، أجرى اتصالات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين غداة عملية المسيّرات ناقلا رسالة تفيد بأن "كل المعنيين بملف الغاز في البحر المتوسط، بما فيهم "اسرائيل"، لا يريدون التصعيد، والجميع يريد حلاً من خلال المفاوضات يكون منصفاً للبنان".
علماً أن المصريين حاولوا سابقاً اقناع لبنان بالانضمام الى هذا التحالف وعدم الاتكال على المحور التركي - الروسي.
وسمع سفراء دول أجنبية من مراجع لبنانية أن موقف نصر الله يعكس ضمناً موقف الكثير من القيادات الرسمية التي ترى أن "إسرائيل" تناور بدعم أميركي لمنع لبنان من تحصيل حقوقه ليس في ملف الترسيم فقط، بل في المباشرة بعمليات التنقيب والاستخراج.
وفي هذا السياق، أبلغت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن شركة «توتال» الفرنسية ستكون جاهزة لمباشرة العمل في الجانب اللبناني من الحدود البحرية بمجرد الإعلان عن توصل لبنان وكيان الاحتلال الى اتفاق على ترسيم الحدود. وأوضحت السفيرة الفرنسية أن الشركة الفرنسية لا تريد العمل في منطقة توتر أو خلاف، وهي كغيرها من الشركات العالمية تريد ضمان الاستقرار الأمني والسياسي في منطقة عملها.
وعلمت «الأخبار» أن الجانب الفرنسي مهتم بطمأنة لبنان الى أن العالم يريده أن يحقّق مكاسب مباشرة من الثروة النفطية، وأن النقاش على صعيد الشركات العالمية المعنية بالتنقيب والاستخراج لامس حدّ تقديم عرض للبنان بشراء كميات من الغاز والنفط قبل استخراجها، ضمن برنامج دفع يستفيد منه لبنان لتعزيز وضعه ماليّته العامة، أو لمساعدته على عقد اتفاقات لقروض جديدة.
في هذه الأثناء، واصلت جهات دولية محاولة استشراف الحدود التي يمكن أن يذهب إليها حزب الله في هذا الملف، وخلفية موقف نصر الله وأبعاده، وقد سمعت كلاماً واضحاً مفاده التأكيد مجدداً أن الحزب لا يرفع معادلة «كاريش مقابل قانا»، بل «كامل حقوق لبنان في حقوله مقابل كل حقول الغاز والنفط قبالة السواحل الفلسطينية». وتبيّن لهذه الجهات أن معادلة «ما بعد كاريش» هدفت الى تعطيل مناورة كان العدو يفكّر في اللجوء إليها، وتقضي بتجميد العمل في حقل «كاريش» ربطاً بالمفاوضات مع لبنان، مع مباشرة العمل في حقول أخرى جنوب «كاريش»، وهو أمر لو تم، لكان على لبنان انتظار عشر سنوات قبل الحصول على إقرار بحقوقه، ما دفع المقاومة إلى الإعلان بصراحة شديدة أن المعادلة لا تخصّ حقل «كاريش» فقط، بل كل الحقول قبالة سواحل لبنان وفلسطين المحتلة. وقالت مصادر مطّلعة إن الجهات الخارجية التي تتواصل لمعرفة الوقائع المستجدة سمعت كلاماً مباشراً بأن الخطوة الثانية من قبل المقاومة ستتجاوز «كاريش» بإبلاغ العدو وكل المعنيين، بوضوح، أن العمل في تلك الحقول يجب أن يتوقف أيضاً حتى التوصل الى الإقرار بحقوق لبنان كاملة.
كذلك سمعت الجهات الدولية كلاماً واضحاً بأن المقاومة أنجزت الاستعدادات العملانية الكفيلة بتنفيذ خطة مواجهة الاعتداء على حقوق لبنان، وأن أمام العالم بضعة أسابيع فقط قبل اللجوء الى خطوات إضافية وبتصعيد أكثر وضوحاً وتأثيراً، لمنع العدو من الاعتداء على حقوق لبنان من جهة، ومنعه من استخراج الغاز والنفط في حال استمرار منع لبنان من ذلك. وكان لافتاً ما نقل عن لسان قيادات في قيادة قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب عن استنفار أمني استثنائي من جانب قوات الاحتلال على طول الحدود البحرية لمواجهة احتمال حصول عمليات جديدة من خلال طائرات مسيّرة، كما فعّل العدو منظومة رادارات واسعة، إضافة الى منظومة دفاع جوي على طول الساحل الممتد من جنوب فلسطين إلى جنوب لبنان.
البناء: لابيد يطلب التوصّل لاتفاق سريع مع لبنان
بدورها صحيفة البناء أشارت إلى أنّ ملف ترسيم الحدود البحرية يبقى العنوان الأبرز الذي يفرض الإيقاع السياسي الداخلي، والذي ترى مصادر متابعة للملف الحكومي أن تقدمه يمكن أن يشكل السبب الوحيد لفرض تجاوز الخلافات التي تمنع تشكيل حكومة جديدة، وفي هذا الملف اضطر رئيس الحكومة الانتقالية في كيان الاحتلال يائير لابيد إلى الخروج من لغة التهديد، في اعتراف ضمني بأن القلق من صدقية وجدية تهديدات المقاومة التي أعاد تأكيدها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وصولا للاستعداد بتحمل نتائج المخاطرة بخوض حرب، لمنع استخراج الغاز والنفط من حقول ساحل فلسطين ما لم يحصل لبنان على حقوقه الموازية بالتنقيب واستخراج والترسيم، وكان لافتاً ما قاله لابيد في مخاطبته المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، «أريد اتفاقاً مع لبنان على الحدود البحرية بأسرع وقت ممكن».
في الشؤون الداخلية اللبنانية تصدُّر الواجهة السجال الدائر إثر استدعاء القضاء العسكريّ للمطران موسى الحاج على خلفية زياراته للأراضي الفلسطينية المحتلة وعودته حاملاً للأموال، حيث كان البارز البيان الصادر عن مجلس المطارنة الموارنة الذي دعا الى إقالة القاضي فادي عقيقي، واصفاً الاستدعاء بالتطاول على الكنيسة.
لم تظهر أية مؤشرات إيجابية على ساحة التأليف الحكومي في ظل شبه قطيعة على خط بعبدا – السراي الحكومي، حيث لم يُسجل أي لقاء أو اتصال منذ سفر رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الى السعودية حتى الساعة، ما يعكس حالة الانسداد في مسار تأليف الحكومة الجديدة، إذ أن الرئيس ميقاتي ينتظر اتصالاً من رئاسة الجمهورية لتحديد موعد لزيارة القصر، في المقابل ينتظر رئيس الجمهورية ميشال عون اتصالاً من ميقاتي يعلمه فيه موافقته على التعديلات التي طلبها عون على التشكيلة الحكوميّة الأخيرة التي أودعها الرئيس المكلف في عهدة بعبدا لكي يصار الى تحديد موعدٍ له.
وعند هذه النقطة تجمّد الملف ودخل في دوامة طويلة ولا يبدو أن الحكومة ستولد قبل نهاية العهد الحالي في ظل انطلاق قطار استحقاق رئاسة الجمهورية في الكواليس السياسية وفي الإعلام، مع المعلومات التي تحدّثت عن زيارة سيقوم بها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى الديمان للقاء البطريرك الماروني مار بشارة الراعي ولقاء تعمل جهات وسيطة بين الطرفين على ترتيبه بين فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لتحضير الأرضية والمسرح السياسي لانتخابات رئاسة الجمهورية التي ستبدأ أولى جلساتها في 1 أيلول المقبل، حيث سيدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسات متلاحقة بدءاً من هذا التاريخ وفق ما تشير مصادر نيابية لـ«البناء».
وتشير مصادر مقرّبة من ميقاتي لـ«البناء» الى أن «عدم تحديد موقف لرئيس الحكومة المكلف يثير الاستغراب وأمر خطير في الدستور لكون من يطلب الموعد يمثل موقعاً دستورياً أساسياً، ما يستوجب التعامل بجدية مع هذا الطلب ومع ملف تأليف الحكومة بشكل عام، لا سيما أن ميقاتي أودع تشكيلته رئاسة الجمهورية وبدأ البحث بتفاصيلها، وهي ليست منزلة وخاضعة للنقاش والتفاوض للتوصل الى حل، والرئيس المكلف منفتح على كافة المقترحات والتعديلات وحتى اسم وزير الطاقة»، موضحة أن «ميقاتي يعتبر أن الحكومة الحالية تشكل فريقاً منسجماً ومتعاوناً ولا ضرّ ولا ضرر بالمصلحة العامة في حال الإبقاء على أغلب وزرائها باستثناء وزيرين يعارضان توجه وسياسات رئيس الحكومة التي تعتبر من صلب صلاحياته الدستورية، لا سيما وزير الطاقة الذي رفض عروضاً لتمويل معامل كهرباء تؤمن 1600 ميغاواط من شركات أجنبيّة، وعلى الرغم من ذلك فإن الرئيس المكلف ليس متمسكاً باسم معين للطاقة بل كل الأسماء خاضعة للنقاش».
وكان ميقاتي رعى احتفال «أهلا بهالطلة» الذي نظمته وزارة السياحة، وتوجه إلى وزير السياحة، قائلاً «اخترتم للحملة شعارات من أغنيات لبنانية، أول حملة كان عنوانها «بحبك يا لبنان، كيف ما كنت بحبك» لفيروز واليوم «اهلا بهالطلة اهلا» لصباح. ونتمنى منكم جميعاً أن تدعوا معي إذا استمرينا في اختيار الاغاني كشعارات، ألا نصل الى أغنية عالعصفورية».
وباستثناء ملف ترسيم الحدود البحرية الذي فرض نفسه من خارج جدول الاستحقاقات السياسية والدستورية والاقتصادية، فإن البلاد مقبلة على حالة مراوحة سياسية وحكومية ونيابية وقضائية ووظيفية في ظل الخلاف السياسي والحكومي والعطل القضائية والإضرابات التي تطال مختلف مفاصل الدولة حتى الدخول في المهلة الانتخابية لانتخابات رئاسة الجمهورية في الأول من أيلول المقبل، على أن تملأ الملفات الحياتية والاجتماعية والمالية هذا الفراغ إضافة الى قضايا قضائيّة يجري استغلالها كالعادة من قبل جهات عدة وصرفها في السوق السياسي والانتخابي. علماً أن المجلس النيابي سيتحول الى هيئة ناخبة متفرغة لانتخاب رئيس للجمهورية في مطلع أيلول المقبل ما يعطل العمل التشريعي للمجلس.
وتفاعلت قضيّة توقيف راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدّسة النائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشميّة المطران موسى الحاج على معبر الناقورة الاثنين الماضي، على المستويين السياسي والكنسي.
وإذ أثارت القضيّة توتراً سياسياً واستنكار البطريركيّة المارونية وعدد من القوى السياسية والحزبية، إلا أن غير المفهوم وفق مصادر سياسية في فريق 8 آذار هو الحملة الإعلامية – السياسية المغرضة ضد حزب الله والجمهورية الإسلامية في إيران وزجهما في قضية قانونية قضائية بحتة لا علاقة لها بالحزب والا بإيران لا من قريب ولا من بعيد إلا بأوهام ومخيلات البعض الذي دأب على استحضار هذه الترّهات. والمُثير للاستغراب أكثر وفق ما تشير المصادر لـ«البناء» هو الصاق تهمة توقيف المطران الحاج بحزب الله من خلال الضغط على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، بهدف النيل من البطريركية المارونية، علماً أن الجهات نفسها تتهم العهد ورئيس الجمهورية في الوقت نفسه بتدبير هذا التوقيف لأسباب تتصل بتوتر العلاقة بين الرئيس عون وباسيل من جهة والبطريرك الراعي من جهة ثانية، على خلفية تحديد الأخير مواصفات رئيس الجمهورية المقبل لا تنطبق على باسيل، ويعتبرون القاضي عقيقي أحد قضاة العهد.. فكيف يكون قاضٍ يسير وفق توجهات حزب الله وايران؟ تسأل المصادر. ما يحمل جملة تناقضات في هذه المواقف.
وإذ تضع المصادر هذه الهجمة الإعلامية السياسية في إطار قرار أميركي بالاستمرار في الهجوم على حزب الله لإبقائه تحت الضغط السياسي والشعبي وتشويه صورته وسمعته للنيل من الثقة الوطنية به، تتوقف المصادر عند ازدواجية المعايير عند حزبي القوات والكتائب اللبنانية ومن يدور في فلكهما، إذ يدافعون عن القضاء عندما يسير وفق توجهاتهم السياسية كما يحصل في ملف انفجار مرفأ بيروت ويؤيدون استمرار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ويعارضون القضاء عندما يخالف سياساتهم كما حصل في قضية جريمة الطيونة ويحصل في قضية ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا وقضية توقيف المطران الحاج. علماً ان هذه القضية بعهدة القضاء ولم يتدخل حزب الله ولا غيره من القوى السياسية المنضوية ضمن فريق المقاومة، لا سيما أن القانون واضح لجهة تجريم التعامل مع العدو الإسرائيلي وكذلك زيارة الأراضي المحتلة ونقل أموال من العملاء اللبنانيين في فلسطين المحتلة الى عائلاتهم في لبنان.
ودعت المصادر جميع الأطراف لترك القضاء يقوم بواجبه ويستكمل تحقيقاته وعدم التشويش عليه وإيقاف حملة الضغط والتهويل والتهديد الذي يتعرّض له القضاء وبعض القضاة الذين يقومون بواجبهم. وتتساءل: كيف يدينون التدخل السياسي بالقضاء في مكان ويقومون بذلك في مكان آخر ويطالبون بإقالة القاضي عقيقي لسبب وحيد أنه طبق القانون؟ فلماذا إذاً أدانوا مطالبة ثنائي حركة أمل وحزب الله وتيار المردة بإقالة المحقق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق بيطار؟ وشدّدت على أن القضاء وحده يستطيع البت بهذه القضية ودفع شبهة التعامل مع العدو أو تأكيدها بالأدلة والاثباتات.
وإذ أشارت المعلومات إلى أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم اتصل بالراعي وقال له إن توقيف المطران ونزع جواز سفره ومنعه من السفر كان تنفيذاً لقرار قضائيّ من القاضي عقيقي.
واعتبر المطارنة الموارنة بعد اجتماعه استثنائياً برئاسة البطريرك الراعي، أن «ما تعرض المطران موسى الحاج أعادنا إلى أزمنة الاحتلال والولاة في القرون السابقة حين كان الغزاة والمحتلون يحاولون النيل من دور الكنيسة المارونية في لبنان والشرق، والمطران الحاج، كسائر المطارنة الذين سبقوه على رأس الأبرشية، يلتزم توجيهات البطريركية المارونية ورسالة الفاتيكان، ويحرص دائمًا على القيام بدوره بشجاعة وحكمة وروح إنسانية في خدمة الحق والمعوز والمريض وخصوصًا في أزمنة الضيق والبلايا كالتي نعاني منها اليوم في لبنان».
واستنكر المجمع «ما اقترف عن سابق تصور وتصميم، وفي توقيت لافت ومشبوه، ولغايات كيدية معروفة، بحق المطران الحاج، مطالبًا بوقف هذه المسرحية الأمنية القضائية السياسية، وإعادة كل المساعدات التي احتجزت إلى المطران لتصل الأمانات إلى أصحابها الذين ينتظرونها، وإغلاق هذه القضية فورًا».
واستغرب في بيان «صمت الدولة تجاه ما تعرّض له المطران وطالب وزير العدل اتخاذ الإجراءات المسلكية اللازمة بحق كل من تثبت مسؤوليته في فعل الإساءة المتعمد، وهي ليست المرة الأولى التي يقترف فيها مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أعمالًا خارج الأعراف والمألوف. وطالب المجمع أيضًا مدعي عام التمييز إحالة القاضي عقيقي إلى التفتيش القضائي وتنحيته، مجددًا المطالبة باستقلالية القضاء عن السلطة السياسية».
وأفيد أن رئيس الجمهورية اتّصل بالراعي وأبدى استنكاره لما حصل، كذلك اتصل به الرئيس ميقاتي وشيخ عقل الموحدين الدروز، قال النائب باسيل: «صحيح أن القانون اللبناني يحرّم نقل الأموال من الأراضي المحتلة ويعتبره جرماً، ولكن هل في ذهن أحد ان يعتبر مطراناً عميلاً لأنه يحاول مساعدة عائلات تمّ افقارها على يدّ منظومة سلبت أموال كل اللبنانيين؟». وتساءل، عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي: «بأي خانة يوضع تهريب الزعماء – العملاء أموالهم الى الخارج وسرقة أموال المودعين وتعب عمرهم؟ وبأي خانة توضع حماية ومكافأة العقل المدبّر والحاكم لأكبر عملية سطو جماعي بتاريخ لبنان والبشرية؟».
وعلى صعيد قضائي آخر، بقيت أصداء المداهمة التي نفذتها المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون لمصرف لبنان المركزي في الحمرا برفقة قوة من أمن الدولة، حاضرة في المشهد الداخلي، ما يعكس حالة التأزم في العلاقات السياسية بين أركان الدولة ورئاساته على مسافة شهر ونيف من انطلاق الاستحقاق الرئاسي، ما سيعقد عملية انتخاب رئيس جديد إذا لم تتوافر الظروف الإقليمية والدولية الموضوعية المساعدة لإنتاج تسوية تلاقي الجهود الداخلية التي تبذل على أكثر من خط بعيداً عن الاعلام.
وأشارت القاضية عون في حديث تلفزيوني رداً على ما يقال إن مداهمة المصرف هي «فولوكلور»، أنه «إذا كان الأمر كذلك فليكن، لأنني أقوم بهذا العمل من اجل استرجاع أموال الناس، وهذا التوصيف هو تافه».
ونقل إعلام التيار الوطني الحر عن مصادر قضائية استغرابها أن يخالف قاضي القانون بهذه الوقاحة ويمنع التحقيق في ملف قديم يهم الشعب اللبناني ويعيق سير العدالة، مضيفةً: «هنا نسأل كيف يسكت مجلس القضاء عن ذلك؟».
ولفتت المصادر الى أن «هذه هي استراتيجية المنظومة الفاسدة التي تقوم على ملاحقة القاضي الذي يحاسب باتهامات باطلة لصرف النظر عن سرقة العصر التي قام بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة»، موضحةً أنه «غير صحيح أن القاضية غادة عون دخلت مصرف لبنان من دون اذن، فهي اتصلت 5 مرات بكل من المدعي العام التمييزي غسان عويدات والمدعي العام الاستئنافي زياد أبو حيدر لكن اتصالاتها لم تلق أي جواب». وأضافت: «سلامة ملاحق بدعاوى قضائية، وجناية تزوير ميزانيات المصرف المركزي، والتدخل بجرائم تبييض الأموال عن طريق غض النظر عن تحويلات ضخمة بمليارات الدولارات لصالح بعض النافذين».
على صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية، تشير أجواء سياسية لـ«البناء» الى أن الملف سيشهد حراكاً وتقدماً ملحوظاً خلال الأسبوعين المقبلين وسيتظهر ذلك مع زيارة الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين المرتقبة الى لبنان خلال الأسبوع المقبل، ومن المتوقع وفق هذه الأجواء أن يكون أكثر جدية من المرات السابقة لسببين: الأول اقتراب الموعد المقرر لبدء استخراج الغاز من حقل كاريش، والثاني التهديدات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالتحرك العسكري في حال استمر الأميركي والإسرائيلي بالمماطلة والبدء باستخراج الغاز قبل ترسيم الحدود والسماح للبنان باستخراج ثروته واستثمارها.
وسجل تصريح لافت يؤكد هذه الأجواء الإيجابية لرئيس حكومة العدو يائير لابيد، خلال حديثه مع المبعوث الأميركي بشأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، بقوله: «أريد اتفاقاً مع لبنان على الحدود البحرية بأسرع وقت ممكن».
وأكدت جهات متابعة لملف الترسيم لقناة «أو تي في» أن «السفيرة الأميركية في لبنان، دوروثي شيا، أبلغت المسؤولين اللبنانيين في اليومين الماضيين بوجود تقدم بملف الترسيم من دون أن تعطي أي تفسير»، لافتةً الى أن «هذا التقدم سوف يترجم قريباً، والأمل لم يفقد بإمكانية التوصل الى اتفاق عبر المفاوضات»، معتبرةً أن «المواقف التي صدرت عن المسؤولين اللبنانيين هي عامل مشجع لمواصلة المساعي». وأوضحت المصادر، أن «هناك جدية قد تنكشف بملف الترسيم عقب زيارة الرئيس الأميركي الى الشرق الأوسط».
على صعيد الأزمات الحياتيّة والاجتماعيّة والمالية، تتجه الى مزيد من التأزم في ظل تعطل عمل المؤسسات والإضرابات بالجملة التي يشهدها القطاع العام، ولفتت أوساط مالية واقتصادية في فريق عمل الرئيس ميقاتي لـ«البناء» الى أن «الكرة في ملعب السلطة التشريعية بعدما أنجزت السلطة التنفيذية ما عليها من قوانين إصلاحية باستثناء قانون إصلاح القطاع المصرفي، لكي تستكمل الشروط المسبقة التي طلبها الصندوق». وكشفت أن «المجلس النيابي سيطرح الأسبوع المقبل قانون السرية المصرفية على الهيئة العامة بعد إنجازه في اللجان وسيستكمل البحث بمشروع الموازنة في لجنة المال والموازنة، ويبقى مشرّعين أساسيين قيد الإنجاز هما: «الكابيتال كونترول» الذي سيطرح خلال الأسبوع المقبل وإعادة هيكلة المصارف، والحكومة تعمل على إقرار كل هذه المشاريع قبل آخر آب، أي قبل انتهاء فترة التشريع فور الدخول بالمهلة الانتخابية لانتخاب رئيس للجمهورية».
وعن موضوع الرواتب تشير الجهات الى أن «الحكومة بين مطرقة حجم القطاع العام الفائض، وبين مطلب صندوق النقد بتصفير العجز في المالية العامة والموازنة، وهذا يتطلب توافقاً سياسياً». لافتة الى أهمية الدولار الجمركي الذي تعمل على إنجازه الحكومة لتأمين مورد مالي أساسي لرفد ميزانية الدولة».
وكشف وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، أنه «يعقد اجتماعات عديدة من أجل تحرير المساعدة الاجتماعية، التي أقرت لموظفي القطاع العام«، معربًا عن «تفاؤله بتجاوب موظفي المالية.. فلا يجب أن يكون الموظف ضحية الإضراب». وشدد في حديث تلفزيوني على أنه «لا يجب أن تحرموا الزملاء من المساعدة».
وعن توحيد الرواتب على سعر منصة «صيرفة»، سأل: «من أين نأتي بالمال؟ وطبع العملة يزيد من التضخم ويزيد سعر الصرف».
وأسف الخليل، «للانهيار من حوله في الإدارة العامة، ويُعول على خطة واضحة للمعالجة وعلى استعادة الثقة المفقودة بكل شيء»، مؤكدًا أن «موازنة 2022، هي موازنة طوارئ تصحيحية وليست إصلاحية بمعالجة الاقتصاد الكلي».
وكشف أنه «خلال الـ48 ساعة المقبلة سننتهي من تحديد سعر الصرف بالموازنة، ومن المرجح اعتماد سعر صيرفة». ولفت إلى أن «الدولار الجمركي، قرار يتفق عليه بين المجلس والحكومة، وسيقر قريبًا، أما رفع تعرفة الكهرباء فيتعود الى وزارة الطاقة«.
النهار: في الوقت الضائع تتوالد حرب الطواحين في لبنان
من جهتها كتبت النهار، "في الوقت الضائع تتوالد حرب الطواحين في لبنان. الوقت الضائع الذي نتحدث عنه هو المسافة الزمنية التي تفصلنا عن الاستحقاق الرئاسي الذي يُفترض ان يتم في مواعيده. بكلام آخر ان يُنتخب رئيس جديد للجمهورية، ويخرج الرئيس الحالي من قصر بعبدا بنهاية ولايته في الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل. لكن المشكلة ان لبنان على مشارف بلوغ بداية المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد في الأول من أيلول المقبل، من دون حكومة مكتملة الاوصاف، بما يمنع حقيقة ان تقوم حكومة تصريف الاعمال الحالية بعمل جديد على صعيد الإجراءات الإصلاحية المطلوبة من المجتمع الدولي من اجل مساعدة لبنان على الخروج من ازمته المالية والاقتصادية الخانقة. صحيح ان غياب حكومة مكتملة الاوصاف لا يغير في شيء بالنسبة الى ما سيكون عليه الوضع في حال حصول شغور في الموقع الرئاسي. فمجرد التفكير ببقاء الرئيس الحالي في بعبدا بعد انتهاء ولايته، وأيا تكن الظروف او الاعذار، ممنوع على الرئيس ميشال عون ان يغادر القصر الرئاسي، منتصف ليل الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، وعدم التفكير بسيناريو مختلف عن المألوف، وذلك بشكل مطلق.
في الاثناء من المؤسف ان لبنان، لا بل الطاقم السياسي الحالي غارق اليوم في حروب الطواحين التي تضر بالبلاد اكثر مما تفيدها. فمطاردات قاضية تعمل ضمن فريق سياسي صاحب مصلحة مؤكدة، لحاكم المصرف المركزي متواصلة بشكل استعراضي. وهي مطاردات اشبه بحرب الطواحين التي لا طائل منها. انها إجراءات وهمية، جلّ ما يسعى اليه من يقف خلف القاضية تسجيل نقاط سياسية للتخفيف من سوء سجل ولايته التي توشك على الانتهاء. واذا كان حاكم المصرف المركزي مذنبا كسائر القوى السياسية التي حكمت البلاد على مدى عقود، فإن الملاحقات “الدونكيشوتية” انتهت الى تكتيل قوى سياسية خلفه لحمايته، ومنع صاحب المصلحة من ان يسجل انتصارا فيها، محاولا ان ينصّب حاكما جديدا قبل خروجه من قصر بعبدا، يكون تابعا له. ان حاكم المصرف المركزي يتحمل مسؤولية أساسية في ما آلت اليه البلاد من سوء حال. لكنه واجهة تركيبة واسعة، لا يمكن استثناء أي طرف وازن في البلاد منها، جارت على البلاد والعباد، ودمرت في الوقت عينه مستقبل ملايين اللبنانيين، من دون ان يرفّ لها جفن. لا بل ان الطامة الكبرى تكمن في لجوء الخارج اليها، مثل فرنسا، لتكليفها إنقاذ لبنان من الزمن الرديء الحالي. اذاً من المهم بمكان ان يقلع أصحاب الحروب الوهمية والاستعراضية عن هذا النوع من السلوك الذي يزيدهم يوما بعد يوم هزالا!
وتابعت الصحيفة، في مكان آخر، لا بد من الإشارة بكلمة سريعة الى موضوع اثاره نواب “تكتل لبنان القوي” العوني، مطالبين بتقسيم بلدية العاصمة بيروت. نحن لا يزعجنا مبدأ اللامركزية الموسعة. والأهم انه لا يزعجنا ان تجري إصلاحات جدية وحقيقية على مستوى بلدية بيروت. وهي في حاجة الى اصلاح حقيقي على جميع المستويات. انما طرح الموضوع بشكل تحريضي، وغرائزي تحت عنوان طائفي، امر سيّء للغاية، لانه سيفتح في مقابل هذا المطلب، مطلب الغاء منصب المحافظ على أسس التوازن الطائفي. فهل هذا هو المطلوب؟ أو هل هذا وقته الآن، ام انه لم تعد هناك حدود للابتذال في العمل السياسي؟
رياض سلامةغادة عونالحدود البحرية اللبنانيةيائير لابيدعاموس هوكشتاينحقل كاريش