لبنان
عون يعرض حكومة ثلاثينية.. وميقاتي منفتح على النقاش
مرّ الأول من تموز مرور الكرام على كل حاملي الهواتف في لبنان، بعد دخول قرار رفع تسعيرة الخطوط والانترنت حيز التنفيذ، فيما الأضواء السياسية مسلطة على التشكيلة الحكومية التي سيتفق عليها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي طرح تشكيلة من 30 وزيرا مع تمثيل سياسي، فيما أشارت أجواء ميقاتي إلى انفتاحه على النقاش.
ورغم أن الأجواء لا توحي بالإيجابية في مسار التأليف، يستضيف لبنان اليوم اجتماعًا لوزراء الخارجية العرب، تحضيرا للقمة العربية التي ستعقد في الجزائر، في ظل غياب سوريا عن هذا الاجتماع بحجة استمرار تجميد عضويتها في جامعة الدول العربية.
"الأخبار": عون يعرض حكومة ثلاثينية مع تمثيل سياسي... والأجواء غير إيجابية
فيما انطلقت معركة التشكيلات الحكومية المتبادلة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، أبلغ رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف أنه يفضل حكومة وحدة وطنية من ثلاثين وزيراً، تجمع كل القوى السياسية. وفي حال رفض حزبي القوات اللبنانية والكتائب ومجموعات أخرى المشاركة، يصار إلى اختيار ستة وزراء سياسيين يمثلون التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله وحركة أمل و»التغييريين» والمستقلين أو من يعكس وجهة نظر هذه القوى، إضافة إلى 24 وزيراً متخصصاً، على قاعدة المحافظة على التوزيع الحالي سياسياً وطائفياً، أو إطلاق عملية مداورة شاملة لا تستثني أي وزارة. ويفترض أن يحمل ميقاتي، الاثنين المقبل، أجوبة على هذا المقترح إلى الرئيس عون، علماً أن المناخات السائدة تشير إلى صعوبة كبيرة في التفاهم على هذا الأمر. وقد سأل وزراء رئيس الحكومة مساء أمس عن الأجواء، خلال مشاركتهم في حفل عشاء أقامه على شرف وزراء الخارجية العرب، فسمعوا منه تعليقات ساخرة من نوع «من قال لكم أن هناك حكومة جديدة؟».
في هذه الأثناء، انشغل الجميع أمس بالرسائل التي حملتها السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا إلى المسؤولين حول نتائج المحادثات التي أجراها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين مع الإسرائيليين بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وفيما أعرب الأميركيون عن رغبتهم بالتكتم على نتائج المفاوضات، سعت السفارة في بيروت إلى إشاعة أجواء إيجابية من خلال إعلاميين وسياسيين. وهو ما أشارت إليه أمس أيضاً وسائل إعلام إسرائيلية.
وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات إن السفيرة الأميركية حملت أجوبة مقتضبة بدا واضحاً أن الهدف منها هو اختيار ما يشيع أجواء إيجابية، مثل القول بأن إسرائيل ستقابل «الإيجابية اللبنانية بالتراجع عن الخط 29 بالقبول المبدئي بالخط 23». وأضافت أن «هوكشتين تبلغ استعداداً إسرائيلياً للعودة إلى الناقورة كإطار للتفاوض مع الإبقاء على الوسيط كعامل مساعد»، لكن المشكلة بقيت عالقة بشأن ما تعتبره إسرائيل «حقاً لها في حقل قانا».
وفي هذا السياق، سعى الأميركيون إلى عدم إقفال باب الحديث عن علاجات لما سمي «بالمناطق الجوفية المشتركة» عبر الضغط على لبنان للقبول بفكرة الشراكة العملانية من خلال اتفاق يتيح لشركات عالمية القيام بأعمال التنقيب والاستخراج في المناطق المتنازع عليها والسعي إلى شكل من أشكال التطبيع من خلال إنشاء صندوق خاص لعائدات النفط والغاز، وتوزيعها لاحقاً على البلدين بعد ترك أمر التخمين والتقييم والترسيم إلى الشركات العالمية. وتسعى إسرائيل بدعم أميركي إلى جعل هذه الاتفاقات مسهلة لبدء عملية الاستخراج من حقل كاريش على قاعدة أن لبنان تخلى عن الخط 29 وبالتالي ليس له الحق بالاعتراض على أي عمل هناك.
عون يعرض حكومة ثلاثينية مع تمثيل سياسي والأجواء غير إيجابية
على أن الجانب الأميركي، والأوروبيين أيضاً، سمعوا مجدداً، عبر قنوات مختلفة، بأن المسألة لا تقف فقط عند رسم حدود، لأن الخطوة لا يمكن اعتبارها عملانية بالنسبة للبنان الذي يحتاج إلى ضمانات تتيح له الحصول على تعهدات ومباشرة الأعمال من قبل الشركات العالمية كما هي الحال مع إسرائيل. وأعادت المصادر هنا التذكير بالموقف الذي أعلنه حزب الله حيال رفض أعمال الاستخراج من قبل العدو قبل ضمان حقوق لبنان، وهو الموقف الذي كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قد شرحه بوضوح أكبر عندما قال بأنه «لا غاز من كاريش ما لم يضمن لبنان إخراج الغاز من قانا».
وقالت مصادر مطلعة على اجتماعات شيا أمس إنه «يمكن الحديث عن تقدم أولي، ولكنه ليس كاملاً». وإن السفيرة أبلغت لبنان جواباً مباشراً حول العودة إلى الناقورة بالقول»إن الجانب الإسرائيلي لا يمانع ذلك» وإن الأمر «يحتاج إلى مفاوضات إضافية وخصوصاً لناحية التوقيت والشكل وطبيعة الوفود». لكن مصادر سياسية معنية وضعت كل ما يجري في إطار المناورات وقالت «إن السلبية تحيط بالملف، لأن ما حملته شيا حول عدم إقرار العدو بملكية لبنانية كاملة لحقل قانا لا يُمكن القبول به لبنانياً»، معتبرة أن «على لبنان أن يتمسّك بحقل قانا كاملاً». وأشارت المصادر إلى أن الحركة ذات الطابع العسكري والأمني في البحر هي دليل على خطورة الموقف، بانتظار كيف سيتعامل لبنان الرسمي مع الجواب الإسرائيلي.
ومن تل أبيب، نقل موقع «والاه» عن مسؤولين «في المؤسسة الأمنية أنه قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل، من المحتمل جداً أن يتوصل لبنان وإسرائيل، بوساطة واشنطن، إلى اتفاق بشأن خط الحدود البحري في غضون أسبوعين».
وأشار الموقع نفسه إلى تحذيرات «مصادر استخباراتية رفيعة في الأسبوع الأخير من أنه وسط الاضطرابات السياسية في إسرائيل والحساسية الطبيعية المحيطة بحكومة انتقالية، فإن حزب الله يمكن أن يقوم بتسخين الحدود بسبب الصراع على الحدود البحرية». وكان لافتاً للانتباه ما نشر الموقع عن أنه «في 2016 تم تسجيل حادثة غير عادية في سجلات العمليات البحرية، وبعد تحقيق معمق وفحص للبيانات والاستخبارات اتضح أن غواصين من قوة النخبة في حزب الله وصلوا في حالة واحدة على الأقل إلى منطقة الحدود البحرية وعبروا الجانب الإسرائيلي لفحص التكنولوجيا الإسرائيلية تحت الماء». وأضاف أنه «في حينه انشغل رئيس الاستخبارات العسكرية أمان (يتولى منصب نائب رئيس الأركان، اللواء هرتسي هليفي)، بنفسه بهذه المسألة ومحاولة فهم ما إن كان هذا الاحتكاك الجريء لحزب الله على طول خط الحدود يندرج ضمن جمع معلومات استخبارية دائمة أو معلومات ما قبل القيام بنشاط عملياتي».
وقال الموقع إن حزب الله «استثمر في العقد الماضي الكثير من الموارد في بناء وحدة بحرية خطيرة». وأضاف أنه «قبل بضع سنوات، وصلت معلومات حول احتمال أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد قد قرر تسليم صواريخ «ياخونت» إلى حزب الله الذي طوّر ثلاث قدرات لأجل إصابة منصة معرفة بأنها هدف ثابت كبير جداً. وضرب السفن إضافة إلى مداهمة الشواطئ الإسرائيلية». وقال الموقع إنه يوجد لدى حزب الله «العشرات من الزوارق السريعة، كما أنهم يستخدمون قوارب الصيد كتمويه لجمع المعلومات الاستخبارية. وأنه يتحكم عن بعد في روبوتات تحت الماء يمكن أن تهدد السفن ومنصات الغاز».
"الجمهورية": ميقاتي منفتح على النقاش.. عون: ملاحظات و«معايير»..
ما بين استشارات التكليف في بعبدا واستشارات التأليف في ساحة النجمة، مقولة سَعت بعض المستويات السياسية الى أن تواجه من خلالها موجة التشكيك في إمكان تشكيل حكومة خلال فترة الاشهر الاربعة المتبقية من عهد الرئيس ميشال عون، وتفيد بأنّ وجود حكومة مهما كان شكلها أو نوعها او تركيبتها، وحتى ولو كانت مجرّد هيكل، خَير على البلد من استمرار حكومة تصريف الاعمال. وفي الاستشارات بوجهَيها، تَبارت المكونات السياسيّة في تحديد المواصفات التي يتوجّب توفّرها في الحكومة الجديدة، وفي سرد مطوّلات تؤكد حاجة البلد الملحّة الى حكومة تنجز ما يمكن إنجازه، وحتى لو اقتصر دورها على حقن الازمة والناس بمسكنات لا اكثر. ولكن وسط كل ذلك سؤال ما زال يبحث عن جواب: هل ثمّة من هو مستعجل فعلاً على تأليف حكومة؟
الوقائع الاخيرة التي توالت على مشهد التأليف، لم تكسر هذا السؤال بل عَزّزته أكثر، فالرئيس المكلّف نجيب ميقاتي قدّم أسرع تشكيلة وزارية في تاريخ تأليف الحكومات، فقوبِلت بما يمكن وصفه ايضاً بأسرع تسريب لها، لا يعكس الرضى الرئاسي عليها، بحيث بدل ان تكون تشكيلة مستورة مطروحة للنقاش خلف الجدران الرئاسية، صارت لعبة مكشوفة مفتوحة على مرحلة غير محددة من الأخذ والرد تتداخَل فيها المكايدات والتناقضات والشروط المتبادلة.
التشكيلة أُحبِطت!
الأمر البديهي والمسلّم به في هذا السياق، هو انّ الاستعجال المطلوب لتشكيل حكومة، هو مسؤولية ملقاة بالدرجة الاولى على المعنيين مباشرة بملف التأليف، وعلى وجه الخصوص رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، الا انّ ما أحاط تقديم المسودة وتسريبها من مواقف اعتراضية وهجومية، عكسَ بما لا يقبل ادنى شك، إرادة، ربما تكون متعمّدة، لإبقاء مسار التأليف مجمّداً في مربع التأخير الى اجل غير مسمّى.
واذا كان الرئيسان عون وميقاتي بوصفهما الشريكين في عملية التأليف ينأيان بنفسيهما عن «ارادة التأخير»، بل بالعكس فهما ما يزالان يعكسان إصرارهما على ولادة سريعة للحكومة، الا انّ الاجواء التي سادت لقاءهما بالأمس في القصر الجمهوري، بَدت فيها تشكيلة ميقاتي وكأنها قد أحبطت رئاسياً، بعدما قوبِلت بملاحظات رئاسية حول المعايير التي اعتمدت في إعدادها، وبطرحٍ رئاسي ينسف حجمها ويقترح توسيعها من 24 وزيرا الى 30، عبر تطعيمها بوزراء سياسيين وحزبيين.
أجواء اللقاء
وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ اجواء لقاء الرئيسين عون وميقاتي أمس عكست الوقائع التالية:
اولاً، اجواء النقاش كانت هادئة بصورة عامة، ولم تشهد اي تشنجات.
ثانياً، انّ الرئيس المكلف بَدا ممتعضاً، وعبّر صراحة عن استياء بالغ مِن تَعمّد تسريب تشكيلته التي كان يفترض ان تبقى سرية، خصوصا ان هذا التسريب غير المبرر وغير الموفّق وغير الجائز بَدا خطوة تعطيلية للتشكيلة الوزارية قبل بدء النقاش الجدي والمسؤول فيها بين الرئيسين حصراً.
ثالثاً، كان الرئيس المكلف منفتحاً على النقاش في تشكيلته، جرى التأكيد على انه من الاساس، لم يطرح تشكيلته كتشكيلة مُنزلة، بل كمشروع قابل للنقاش، ليصار من خلال هذا النقاش مع رئيس الجمهورية حصراً، الى بلوغ تفاهم على صيغة حكومية ضمن مهلة زمنية حدودها ايام قليلة.
رابعاً، ان الرئيس عون قدّم خلال اللقاء رؤيته للحكومة الجديدة، ولم يُبدِ رفضا صريحا ومباشرا لتشكيلة ميقاتي، بل أبدى رفضا مقنّعا لها عبر سلسلة من الملاحظات، حيث لم يتم الدخول في استعراض الاسماء الوزارية المقترحة من ميقاتي، بل أثيرت اسئلة حول «معايير التوازن» التي اعتمدت في اعداد هذه التشكيلة، وهل ان هذه التشكيلة تراعي هذا التوازن، والمعايير الموحدة التي يفترض ان تسري على الجميع؟ وكذلك حول سبب حصر المداورة بوزارات معيّنة، ومع ابقاء وزارات اخرى محصورة بطرف معين؟.
خامساً، انّ رئيس الجمهورية قرنَ ملاحظاته التي ابداها في اللقاء، بطرح توسيع الحكومة الى 30 وزيرا، عبر تطعيمها بوزراء سياسيين كوزراء دولة. وتردّد في هذا السياق انّ الغاية من طرح عون زيادة الوزراء السياسيين هي «رَفد الحكومة الجديدة بتغطية سياسية لها، تجعلها قادرة على مواجهة الاستحقاقات المهمّة التي تنتظرها في المرحلة المقبلة». فيما اعتبرت مصادر سياسية انّ «طرح عون تطعيم الحكومة بوزراء سياسيين، يُخفي في طيّاته محاولة لضَم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى الحكومة»، علماً انّ باسيل سبق له ان أكّد مرارا عدم رغبة التيار في المشاركة في الحكومة».
سادساً، ان الرئيس المكلف لم يبد اعتراضاً على ملاحظات عون او طروحاته بتوسيع الحكومة، على ان يأتي الجواب عليها في اللقاء التي تم التوافق عليه بينهما مطلع الاسبوع المقبل.
لم تَمت التشكيلة؟
وسط هذه الاجواء، ابلغت مصادر سياسية معنية بملف التأليف الى «الجمهورية» قولها: ان تشكيلة ميقاتي، وخلافاً لما يجري ترويجه، لم تَمت، بل انّ لقاء الرئيسين عون وميقاتي وَسّع دائرة النقاش حولها، وبمعنى ادق شكلت تشكيلة ميقاتي مرتكزاً للنقاش الجدي حولها، والذي أعطي فرصة اضافية من الآن وحتّى موعد اللقاء المقبل بين الرئيسين، ربما الاثنين المقبل، لعل المشاورات التي ستجري في اليومين المقبلين تؤسّس للقاء مثمر بين عون وميقاتي، ولنتائج ملموسة من شأنها أن تسرّع في ولادة الحكومة، وبالتالي فإنّ الامور ليست مقفلة.
وردا على سؤال، استغربت المصادر ذهاب البعض الى افتراض انّ ميقاتي رمى من التسريع في تقديم تشكيلته الى حَشر رئيس الجمهورية، وسألت: «اين هو الحشر طالما ان هذه التشكيلة لا تتمتع بصفة الإلزام، وطالما انّ رئيس الجمهورية في يده ان يقبل هذه التشكيلة او يرفضها؟».
ولفتت المصادر الى انه «لم يسبق في حياتنا السياسية ان تطابقت الرؤى والطروحات السياسية وغير السياسية، وبالتالي من الطبيعي جدا ان تكون رؤى وطروحات رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف يشوبها بعض الاختلاف وربما التناقض، وهذا الامر ليس بجديد وقد شَهدناه في كل تجارب تأليف الحكومات السابقة، والنقاش العقلاني والموضوعي وحده الكفيل بتقريب وجهات النظر وبناء مساحات وقواسم مشتركة تُفضي الى حلول. ومن هنا ينبغي النظر الى النصف الملآن من الكوب، فالرئيس المكلف، ووفق ما تمنحه صلاحياته الدستورية، قام بواجبه وسارَع الى تقديم تشكيلة وزارية كسر من خلالها القاعدة القديمة التي لطالما كانت تأسر تشكيلة الحكومة في مراوحة التأخير والمماحكات. وايضاً رئيس الجمهورية، ووفق صلاحياته أبدى ملاحظاته، وأُبقِي باب النقاش مفتوحاً بين الرئيسين».
ميقاتي: الوقت ضيق
وقد تكتّم الرئيس المكلف على اجواء لقائه امس برئيس الجمهورية، وغادر لقاء بعبدا من دون اي تصريح، واكدت اوساطه لـ»الجمهورية» ان الاولوية تبقى لتأليف حكومة في اقرب وقت ممكن، والوقت يضغط بقوة ووضع البلد لا يحتمل التأخير في الحكومة، ومن هنا فإنّ النقاش بين الرئيسين سيُستكمل في ضوء دراسة الملاحظات التي ابديت في لقاء الامس».
وقد اكتفت المعلومات الرسمية الموزّعة عن اللقاء بالاشارة الى ان الرئيس عون استقبل الرئيس المكلف، في القصر الجمهوري في التاسعة من صباح امس وتداوّل معه التشكيلة الحكومية المقترحة. وتم خلال اللقاء، طرح بعض الأفكار والاقتراحات، علماً انّ لقاء آخر سيعقد بين الرئيسين عون وميقاتي مع بداية الأسبوع المقبل، لاستكمال البحث والتشاور».
أسبوع حاسم
الى ذلك، أكد مرجع مسؤول لـ«الجمهورية» ان «لا موجب لتأخير اعلان الحكومة على الاطلاق، ولا نرى في الافق ما يحول دون ذلك، خصوصاً انها قاطعة سلفاً نصف الطريق مع تحديد المكونات التي ستتشكّل منها، وسهل ذلك قرار بعض المكونات عدم المشاركة فيها. اما بالنسبة الى الحصص داخل الحكومة فبالامكان تحقيقها، خصوصاً أنّ الرئيسين عون وميقاتي قادران على تدوير الزوايا في هذا الخصوص، وهذا يعني ان الامور ينبغي ان تبلغ خواتيمها الاسبوع المقبل».
وقال: كل عقدة لها حلّ، الازمة تضغط وكذلك الوقت، ولذلك نحن امام ايام حاسمة لنتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، بحيث تتحدد فيها الوجهة النهائية للمسار الحكومي، فالتواضع في الطروحات سيقود في اتجاه تأليف الحكومة خلال الاسبوع المقبل، واما التصلّب فسيقود حتماً في اتجاه إبقاء الحال على ما هو عليه، ومعنى ذلك زيادة المصاعب على البلد».
"اللواء": «متاهة» التأليف في لقاء بعبدا.. والعشاء العربي يطمئن لسياسة النأي بالنفس
في الأوّل من تموز، وبعد شهر عاصف بالانهيارات على مستوى الارتفاعات القاتلة للخدمات في الكهرباء (أسعار المولدات) والمياه (السترنات والصهاريج) وفقدان الخبز من المحلات والأفران والحوانيت، حدث الانقلاب الكبير في أسعار خدمات الاتصالات التي تحوّلت من سعر صرف الدولار على أساس 1500 ليرة لكل دولار إلى 25300 ليرة لكل دولار على سعر صيرفة، القابل للتغيير يوميا، مع حدث لا يقل مرارة يتمثل بعدم تحويل رواتب الموظفين في القطاع العام من مدنيين وعسكريين إلى المصارف لقبضها، بتأخير قد يتجاوز 5 أيام أو أكثر، هذا إذا كان التحويل جارٍ أم اقتصر فقط على فتات الرواتب.
وسط هذه الهموم اليومية، لم يخرج الاجتماع الثاني الذي عقد لمدة 12 دقيقة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي عند التاسعة من صباح أمس في بعبدا عمّا هو متوقع لجهة ان عملية تأليف الحكومة دخلت في متاهة النشاط والتلاعب من قبل فريق بعبدا، الذي يصرّ على فرض بصماته القوية، وكأنه في بداية العهد على عملية التأليف.
الخلاصة ان الرئيس عون أوصى، بما لا يقبل الشك ان التشكيلة التي اودعه إياها غداة انتهاء المشاورات النيابية غير الملزمة، الرئيس المكلف غير قائمة بالنسبة إليه، وبالتالي ليس من الممكن إصدار مراسيمها.
إذاً، حسب مصادر مراقبة، أعاد الرئيس عون الكرة إلى الرئيس المكلف، راسماً له خارطة طريق، بثلاثة خيارات:
1 - توسيع التشكيلة بإضافة 6 وزراء جدد، يمثلون القوى السياسية، فتصبح الحكومة ثلاثنية، وتكنو-سياسية.
2 - تعديل جديد في أسماء الحكومة المستقيلة، باستبدال أسماء بأسماء.
3 - إبقاء حكومة تصريف الأعمال على حالها، شرط تفعيلها..
وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه كان من الضروري قيام الاجتماع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف كي يصار إلى تشريح الصيغة الحكومية التي قدمها الرئيس ميقاتي الأربعاء الفائت وتبادل الأفكار وفتح الباب أمام اجراء التعديل مع العلم أن الاجتماع أمس لم يخلص إلى تعديل نهائي، وكانت المداولات تتركز على إمكانية توسيع الحكومة بإضافة وزراء ربما وزراء دولة بصفة سياسية بالإضافة إلى تبديل بعض الوزراء دون المس بمسألة الحصص.
وأشارت المصادر إلى أن أي تبديل جديد قد يستدعي تبديلا آخر وهكذا دواليك دون إغفال أن الرئيس عون غير راض على أداء بعض الوزراء الذين ابقاهم ميقاتي في الصيغة الحكومية.
وتوقفت المصادر عند مدة اللقاء بينهما وقالت أنه لا يمكن الإشارة إلى أن ذلك يعني إقفال الأمور، مؤكدة أنه طالما أن هناك مواعيد لاجتماعات مقبلة ،فذاك يعني أن التداول قائم وهناك أخذ ورد .
وتوقعت أن تكون هناك أكثر من مسودة تبحث بينهما على أن أهم ما يرغب به الرئيس عون كما تقول مصادره الشراكة الدستورية في التأليف، مشيرة إلى أنه يتصرف بواقع أن الأشهر الأربعة الأخيرة من ولايته مماثلة للأشهر الأربعة في بداية ولايته.
ووصفت مصادر سياسية اللقاء الذي جرى بين الرئيسين عون وميقاتي، بأنه من اقصر الاجتماعات، واستهله الاخير بسؤال عون عن خلفية تسريب مسودة التشكيلة الوزارية الى الاعلام،فيما يتطلب الامر ان تبقى محصورة بالتداول بيننا. و بدأ رئيس الجمهورية مرتبكا، ونافيا ان يكون هو من سربها.
وقالت ان اللقاء كان مقتضبا، ومن دون تحقيق أي نتائج ملموسة لتسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة، بل على العكس، حمل مؤشرات سلبية عبرَّ عنها عون بالاعتراض على المسودة،وطالب ان تضم الحكومة المقبلة،سياسيين، لتتمكن من القيام بالمهمات المنوطة بها في المرحلة المقبلة،في حين شرح ميقاتي اهمية المسودة التي طرحها لتشكيل حكومة جديدة، تكون منسجمة بين مكوناتها وقادرة على القيام بالمهمات المنوطة بها في المرحلة الصعبة والمعقدة التي يواجهها لبنان حاليا.
واشارت المصادر الى ان اللقاء خلص بالاتفاق على استمرار البحث والتشاور بين عون وميقاتي، ولكن من دون تحقيق اي تقدم.
ولاحظت المصادر ان كل التسريبات عن اجواء الرئاسة الى وسائل الإعلام تتم بايحاء من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وهذا الامر اصبح مكشوفا،والهدف من كل ذلك، استنساخ أساليب ابتزاز الرئيس المكلف، واستدراجه، لبحث عملية التشكيل مع باسيل شخصيا، والا فإن كل الطرق الاخرى ستكون مغلقة امام تشكيل الحكومة،كما هو حاصل الان.
واشارت المصادر إلى ان تعاطي الفريق الرئاسي بهذا الاسلوب الغريب، الذي عطل تشكيل الحكومات السابقة، لاشهر، عديدة، تقارب السنة في مرات عدة، يؤكد وجود نوايا مبيتة، ليس باطالة غير مبررة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة فقط،بل باستهلاك الوقت الضيق المتبقي بالمراوغة والمماحكة ،لمنع كل المحاولات لتشكيل الحكومة ،وقد يكون الهدف الاساس هو ابقاء حكومة تصريف الأعمال، لدى حلول موعد الانتخابات الرئاسية ، والدخول بالفراغ المؤسساتي.
واوضح بيان الرئاسة أنه «تم خلال اللقاء طرح بعض الأفكار والاقتراحات، وان لقاء آخر سيعقد بين الرئيسين عون وميقاتي مع بداية الأسبوع المقبل، لاستكمال البحث والتشاور».
وحسب معلومات «اللواء»، فإن الرئيسين تداولا في افكار اخرى لصيغة بديلة سيتم درسها، تناولت بعض التعديلات الطفيفة على بعض الحقائب أو زيادة عدد الوزراء. وطلب الرئيس عون وقتاً لدراستها.على ان يعودا الى الاجتماع يوم الاثنين او الثلاثاء المقبل.
وفي التفاصيل، فإن الرئيس عون اقترح على الرئيس ميقاتي 3 خيارات لتسهيل تشكيل الحكومة، هي:
الخيار الأول: توسيع الحكومة إلى 30 وزيراً، على أن تضمّ ستة وزراء سياسيين، وذلك لتأمين تغطية سياسية للحكومة وتحصينها لمواجهة المرحلة المقبلة بما فيها من استحقاقات مهمّة.
الخيار الثاني: تعديل في الحكومة المستقيلة واستبدال بعض الوزراء بآخرين لكن بما يؤمّن التوازن السياسي والطائفي، وليس كما اقترح ميقاتي في تشكيلته الاولى حيث اقتصر التغيير فعلياً على حقيبتي الطاقة والاقتصاد والانتقاص من حصة مكوّن سياسي اساسي.
اما الخيار الثالث: تبقى الحكومة المستقيلة على حالها ولكن مع تفعيلها.
وعلى هذا سيتم درس هذه الافكار والمقترحات على امل التوافق الاسبوع المقبل.
وذكرت بعض المعلومات ان الرئيس ميقاتي أبلغ الرئيس عون استياءه لتسريب أسماء التشكيلة الحكومية التي قدمها له امس الاول.