لبنان
ميقاتي يستكمل مشاوراته للتأليف اليوم وسط ضغوط فرنسية سعودية عليه
في وقت تشهد فيه المنطقة والعالم تحركات غير مسبوقة في ما يخص الاتفاق النووي الإيراني، والتطبيع مع العدو الصهيوني، والحرب المستمرة في أوكرانيا وما لها من تداعيات بدات تظهر سلبًا على الغرب، ينتظر اللبنانيون ما ستؤول إليه الاستشارات النيابية غير الملزمة لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، حيث سيلتقي في اليوم الثاني تكتل "لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل، وهو ما سيعطي الصورة شبه الواضحة لما سيكون عليه مصير تأليف الحكومة العتيدة.
وكان ميقاتي قد التقى أمس في اليوم من هذه المشاورات عددًا من الكتل النيابية، حيث انقسم النواب بين مؤيد لحكومة جامعة ومتعاون دون مشاركة ومعارض، في انعكاس للضغط السعودي الفرنسي الذي يمارس على الرئيس المكلف.
"الأخبار": ضغوط فرنسية - سعودية على ميقاتي
بدأ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الاستشارات غير المُلزِمة، باعتبارها خطوة تمكنه من معرفة خريطة الطريق. لكن واقع الاتصالات المجدية يجري في مكان آخر. ويتضح من سياق الاتصالات أن الدور الخارجي لا يزال أساسياً في الجهود القائمة لرسم آلية إدارة البلاد في الفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقالت مصادر مطلعة إن «ميقاتي يريد أن يظهر بأنه يملِك هامشاً واسعاً في تحديد شكل الحكومة التي يريد تأليفها، وأنه حتى الآن لم يفتح باباً جدياً للتشاور مع القوى الأساسية»، فهو «ربما يعمَد إلى وضع صيغة حكومية ومن ثم يقدّمها إلى الرئيس عون الذي سيرفضها حتماً». ويظهر أن الرئيس المكلف ينأى بنفسه عن أي اتصالات جانبية للتنسيق مع القوى السياسية المعنية، لكن ما هو نافر على حدّ قول المصادر هو «تقصّد ميقاتي الإيحاء بأنه لا يريد التواصل مع رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل» بما يذكر بالأسلوب الذي اتبعه قبله الرئيس سعد الحريري حينَ رفضَ التواصل مع باسيل بأي شكل من الأشكال في ما خص تأليف الحكومة، مشيرة إلى أن «الرئيس المكلف لن يبادر إلى تشكيل حكومة سريعاً لأنه لا يريد، كما كل خصوم عون وباسيل، تقديم ورقة لهما في آخر العهد».
وكشفت المصادر أن «ميقاتي يستنِد إلى عدم وجود رغبة حقيقية لدى الفرنسيين الذين رشحوه مجدداً، لتأليف حكومة سريعاً، على عكس كل الفترات السابقة، إذ إنهم لا يمانعون بقاء حكومة تصريف الأعمال خلال الأشهر القليلة المتبقية حتى موعد الانتخابات الرئاسية»، لذا فإن ميقاتي «يتحدث في أكثر الوقت عن تفعيل عمل الحكومة الحالية أو التعديل في بعض الوجوه الوزارية».
على أن التطور الإضافي يتمثل في نشاط حلفاء السعودية في ما يتعلق بملف التشكيلة الحكومية. وبرزت معطيات تشير إلى أن الرياض تنصح من يعمل معها إما بإبقاء الوضع على ما هو عليه من دون تشكيلة حكومية، أو التدخل كي لا يمسك الرئيس عون وحزب الله أي حكومة جديدة ربما تكون هي مصدر السلطات في حالة الشغور الرئاسي. وقد نصحت السعودية جميع الحلفاء بعدم اتخاذ موقف سلبي حازم من موضوع التشكيل، ولكن من دون التورط في المشاركة. وهو ما ترجمه مباشرة فريق الحزب التقدمي الاشتراكي الذي حافظ على موقفه بعدم المشاركة المباشرة في أي حكومة جديدة، لكنه أبلغ ميقاتي استعداده للتعاون في تأليف حكومة جديدة وحتى منحها الثقة. وينطلق موقف كتلة الاشتراكي من قاعدة أن زعيم الحزب وليد جنبلاط يتصرف على أساس أن ميقاتي لن يأتي بوزراء دروز لا يوافق هو عليهم، حتى ولو كانوا من غير الحزبيين. وهو أمر محسوم أصلاً عند ميقاتي كما عند الرئيس نبيه بري وغيرهما، شرط أن يكون ذلك رهن منح الاشتراكي الثقة للحكومة.
وفيما كانَ واضحاً موقف الكتل التي لم تسمّ ميقاتي بعدم المشاركة، جاءَ موقف كتلة الاشتراكي ملتبساً لجهة «المساعدة في التأليف» كما قال رئيسها النائب تيمور جنبلاط الذي أشار بعدَ اللقاء إلى «أننا عدنا وأكدنا للرئيس ميقاتي، أننا ككتلة لن نشارك في الحكومة ولكن سنساعد في التأليف». وهو موقف كرره زميله في الكتلة النائب فيصل الصايغ بالقول إن «هناك نوايا غير حسنة في موضوع الحكومة دفعنا إلى الإعلان عن عدم مشاركتنا فيها، لكننا سنسهّل عملية التشكيل»، وأضاف «إذا توافرت الشروط المطلوبة يمكن أن نعطي الثقة للحكومة ونتمنى أن لا يكون في الحكومة ثلث معطل ولا احتكار للوزارات ولا معادلة جيش وشعب ومقاومة». وفي هذا الإطار، وضعت أوساط سياسية هذه التصريحات في إطار «البيع والشراء» الذي باتَ يُعرف به جنبلاط، مشيرة إلى أن «المختارة لن تشارك في الحكومة لكن تسهيل عملية التأليف أو إعطاء الثقة مقصود بها إيصال رسالة بأن جنبلاط مستعدّ للمناورة، وهو يريد كامل الحصة الدرزية في الحكومة، بمعنى أن أي وزير درزي يجب أن يسميه هو ولو لم يكُن محسوباً بالمطلق على الحزب الاشتراكي».
يتقصّد الرئيس المكلف الإيحاء بأنه لا يُريد التواصل مع باسيل
هذا الموقف لم ينسحب على فريق «القوات اللبنانية» التي فضلت البقاء بعيداً وعدم تحمل المسؤولية، إلا أن الجديد على الصعيد المسيحي، ما نسبه مقربون من الرئيس ميقاتي إلى الكنيسة المارونية من أن البطريرك بشارة الراعي أعرب عن رفضه موقف النواب المسيحيين بعدم تسمية رئيس مكلف للحكومة. وهو أصر على أن يكون التمثيل المسيحي في الحكومة الجديدة واضحاً وأن يعكس التمثيل السياسي المستجد عند المسيحيين بعد الانتخابات. وقالت المصادر نفسها إن الراعي يفضل تشكيل حكومة جديدة وليس تعديل الحالية، وأن يتم اختيار الحصة المسيحية بالتشاور مع جميع القوى والمرجعيات المسيحية وعدم حصر الأمر بالرئيس عون أو النائب باسيل.
وكان ميقاتي التقى أمس الرئيس نبيه بري ونائبه الياس بو صعب، ثم كتل: «التنمية والتحرير»، «الجمهورية القوية»، «اللقاء الديموقراطي» «التكتل الوطني المستقل» ، «الاعتدال الوطني»، «الوفاء للمقاومة»، «الكتائب»، «جمعية المشاريع»، «الجماعة الإسلامية»، «شمال المواجهة»، «وطن الإنسان»، النائب غسان سكاف، ونواب «التغيير» الذين حضر منهم ثمانية، فيما قاطع بعضهم كميشال الدويهي واعتذر آخرون بداعي السفر.
"البناء": الوطنيّ الحرّ اليوم… وأمل وحزب الله لأولويّات الناس
التفاؤل بقرب العودة للاتفاق النوويّ، وما يرافقه من تفاؤل بقرب عودة العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية، وما يرافقهما من معلومات حول إمكانية قرب التوصل لاتفاق تفاوضيّ حول ترسيم الحدود البحرية، عوامل تمنح الحكومة الجديدة عناصر دفع لإنجاز الكثير، مما كان إنجازه مستحيلاً في سابقاتها، بما في ذلك حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تصرف الأعمال، لأن الأميركي سيكون عنصر تسهيل للكثير من عناصر استقرار لبنان وتحييد قوة المقاومة عن جبهات صالحة للاشتعال، سواء جبهة استجرار الكهرباء والغاز عبر سورية، أو خصوصاً جبهة ترسيم الحدود البحرية، والأهم لأن قضية الأميركي الأهم في استخدام لبنان كمنصة لحصار المقاومة كانت تنطلق من خلفية سعيه لتحجيم حلفاء طهران وإنهاكهم، أما التزام واشنطن بأمن الكيان فيدفعه لحلحلة تبعد المقاومة عن خيار التصعيد، وصيانة الاتفاق مع ايران، الذي لن يكون ممكناً دمجه بتسويات إقليمية ترفضها إيران في سلة واحدة، تصير ممكنة عبر تعزيز أسباب الاستقرار في الساحات المشتعلة ومنها لبنان، ولأن التوترات المفتعلة تحت عنوان التجاذب السعودي الإيراني ستنأى بنفسها عن لبنان، بدلاً من نداءات النأي بالنفس عنها، ولأن فرص تلقي التداعيات الإيجابيّة للتفاهمات ستحل مكان تحدي التعامل مع التداعيات السلبية للنزاعات.
كل ذلك تراه مصادر نيابية متابعة لملف تشكيل الحكومة الجديدة، لكنها لم تجده في خطاب العديد من الكتل النيابية التي شاركت أمس، في الاستشارات النيابية، حيث بدأ أن الكتل المصنفة في مواقع الصداقة والتحالف مع واشنطن والرياض لا تزال تتحدث باللغة القديمة، ربما بانتظار تبدل «التعليمة»، كما تقول المصادر التي سجلت مواقف قوى 14 آذار الرافضة للمشاركة في الحكومة، ممثلة بالقوات اللبنانية والكتائب والنواب المتحدرين منها، ومثلهم فعل نصف النواب الـ 13 الذين وصفوا غياب زملائهم بالظروف الخاصة، وبعكسهم كان موقف النواب المستقلين من قدامى تيار المستقبل مطالبين بشراكة وازنة، بينما تميز الحزب التقدمي الاشتراكي بالوقوف في منتصف الطريق، حيث قال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، لن نشارك لكننا سنساعد في التأليف، أي مشاركة ضمنية، ودعت كتلتا التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة لوضع أولويات الناس كأولويات للحكومة الجديدة، دون التمسك بشكل محدد لها، بينما تحدث نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب عن أولوية التواصل مع الدولة السورية في ملف النازحين الذي صار ضاغطاً بصورة ملحة.
باستثناء تكتل لبنان القويّ الذي يُدلي بدلوه اليوم في الجولة الثانية من المشاورات النيابية غير الملزمة التي يُجريها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في مجلس النواب، فإن نتيجة المشاورات ومواقف الكتل النيابية لم تخرج عن خريطة مواقفها في استحقاق الاستشارات النيابية للتكليف في بعبدا، لجهة توجّه كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والمردة والنواب الـ11، للمشاركة في الحكومة المقبلة مقابل تلاقي كتل القوات اللبنانية واللقاء الديموقراطي والكتائب وقوى المجتمع المدني، على رفض المشاركة لأسباب مختلفة، أي أن المشاركة في الحكومة ستقتصر على الكتل التي سمّت ميقاتي للتكليف، إلا إذا نجحت المفاوضات غير المباشرة بين ميقاتي والنائب جبران باسيل في التوصل الى تفاهم حكومي يعبد الطريق أمام مشاركة التيار ومنح الثقة النيابية.
ووفق المصادر فإن النواب السنة الذي سمّوا ميقاتي، طالبوا بحقيبة وازنة وأخرى عادية، أما اللقاء الديمقراطي فأكد لميقاتي أنه لن يشارك في الحكومة لكنه سيسهل تأليفها ولن يقف حجر عثرة أمام ذلك. وأكد النائب نبيل بدر، أنهم في تكتل النواب المستقلين سيشاركون في الحكومة الجديدة بوزيرين وسيختارون حقيبتين من بين الحقائب الثلاث التالية: الداخلية، الاقتصاد، والصحة. وأوضح أنهم لم يختاروا الاسمين بعد، نافياً أن يكونا من النواب، وأضاف: «متفقون مع رئيس الحكومة منذ أن سّميناه ان عكار يجب ان تأخذ حقها في العمل السياسي».
ووفق مصادر نيابية لـ«البناء» فإن جميع الكتل النيابية خلال المشاورات النيابية تلاقت على دعوة ميقاتي للإسراع بتأليف حكومة جديدة لمواجهة الأزمات الاقتصادية والمعيشية والتحديات المالية والنقدية، مع فارق مقاربتهم لشكل الحكومة وأولويتها. لكن نقل عن ميقاتي وفق مصادر «البناء» توجّهه نحو تأليف حكومة جديدة تستند الى أساسات حكومة تصريف الأعمال مع تمسكه بعدد من الوزراء الذين يضطلعون بملفات مالية واقتصادية أساسية كالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، كما تفضيله حكومة مصغرة وليست بحجم الحكومة الحالية، كما يؤيد الإبقاء على عدد وازن من الوزراء لاختصار الوقت وتسهيل استكمال الملفات والإصلاحات الأساسية. ويتحصن الرئيس المكلف بنقطتي قوة:
– الحاضنة السنية من النواب الـ11 ومن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ودعم البطريرك الماروني مار بشارة الراعي الذي سد الثغرة المسيحية التي نتجت عن رفض كتل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب بتسمية ميقاتي في استشارات بعبدا.
– أما النقطة الثانية فهي الدعم الخارجي الداعي لتأليف حكومة سريعة لتجنب الفراغ وكي لا تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى حكومة تصريف الأعمال، فضلاً عن ضرورة الإسراع بإنجاز الإصلاحات البنيوية والهيكلية لا سيما استكمال المفاوضات مع صندوق النقد وإقرار القوانين المصرفية واهمها «الكابيتال كونترول» وهيكلة المصارف وإقرار قانون الموازنة.
ووفق أجواء جولة المشاورات الأولى، لن تكون ولادة حكومة ميقاتي الثانية في عهد الرئيس ميشال عون سهلة. وتربط أوساط سياسيّة لـ«البناء» بين ولادة الحكومة وبين أمرين: الأول محلي يتمثل بقدرة ميقاتي على التفاهم مع رئيس الجمهورية والكتل التي سمته وتلك التي لم تسمِه أي كتلة التيار الوطني الحر، والثاني، التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية في ضوء الإعلان عن عودة المفاوضات النووية الإيرانية الى الخدمة وتفعيل اللقاءات الأميركية الأوروبية الإيرانية وجولات الحوار السعودي الإيراني، في ضوء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة، وما ستتركه هذه المسارات من الحوارات والتوصل الى صيغة توافقية للملفات المتفجّرة من انعكاسات إيجابية على الساحة اللبنانية، في ظل المعلومات المنقولة عن الوسيط الأميركي بملف ترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتاين عن أجواء إيجابية من حكومة الاحتلال الإسرائيلي فيما خصّ المقترح اللبناني الذي أرسله هوكشتاين اليها بعد زيارته الأخيرة الى لبنان.
وكان الرئيس المكلف استهل مشاوراته في مجلس النواب بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري في مكتبه في المجلس استمر حوالي ثلث ساعة، قبل أن تنضم كتلة التنمية والتحرير التي أكد باسمها النائب علي حسن خليل، بعد اللقاء «ضرورة تشكيل حكومة في أسرع وقت»، وقال «ركزنا خلال لقائنا مع ميقاتي على ضرورة عمل هذه الحكومة بجدية كما ركزنا على إقرار خطة التعافي المالي التي لم تحل حتى اللحظة على مجلس النواب بالطرق الدستورية المتعارف عليها»، مشدداً على الحفاظ على أموال المودعين كاملة.
كما شدد على «ضرورة حسم موضوع تلزيم معامل الكهرباء بعيداً من كل النقاش الذي دار في المرحلة المنصرمة وضرورة الانتقال إلى مرحلة ثانية في تنظيم هذا القطاع». ودعا الى «مواكبة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المباشرة»، معتبراً أن «هذا الأمر لا يجب أن يكون عائقاً أمام المباشرة بالتنقيب عن النفط». وقال: «لم نوصف شكل الحكومة، إذ إن ميقاتي بات يعلم التوازنات القائمة، وما يهمنا أن تكون حكومة فاعلة».
ثم التقى ميقاتي نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي قال بعد اللقاء: «طلبت منه ان تكون حكومة قادرة على متابعة الملفات المطروحة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتواكب عملية ترسيم الحدود البحرية، وان تؤسس لإعادة العلاقات الطبيعية مع كل الدول العربية ودول الخليج العربي والمجتمع الدولي، كما إعادة الاعتبار للمبادرة الكويتية».
أضاف: «لمست من الرئيس ميقاتي حرصاً على التشكيل السريع والتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون». ورأى أنه «من الطبيعي وجود التعاون والتواصل مع الحكومة السورية»، وقال «لا يمكننا حل أزمة النزوح من دون التواصل مع سورية، وعلمنا بعروض وتسهيلات قدمت في الأسبوعين المنصرمين من قبل الجانب السوري لتسهيل العودة ويعمل على حل خلاق لهذه الأزمة». وأكد انه «لا يمكن تشكيل حكومة من دون تمثيل سياسي، وبالتالي المشاركة السياسية في الحكومات ستظل قائمة».
أما كتلة «الوفاء للمقاومة» فتحدث باسمها النائب محمد رعد معلناً «ان الأزمة داخلية وخارجية، ومعالجتها تستلزم مشاركة الجميع من أجل النهوض. ومن شاء مقاطعة الاستشارات فهذا شأنه، ولكن من غير المقبول أن يقاطع لإلقاء اللوم على الآخرين»، مؤكداً أن «على الجميع تحمل المسؤوليات في هذه المرحلة ونحن لا نعارض وجود جميع الأطراف في الحكومة، ونمدّ يدنا للجميع». وقال: «علينا بناء وطننا السيد الحر المستقبل بدون الارتهان إلى الخارج».
بدوره، أشار رئيس التكتل «الوطني المستقل»، النائب طوني فرنجية، إلى أنه «إذا تشكلت الحكومة فيجب ان تكون حكومة لفترة قصيرة يهمنا منها ان تخفف ضغط الانهيار عن الناس، وأن تمرّر الموسم السياحي على خير». وذكر في مؤتمر صحافي في مجلس النواب، أن «أي خطة تحمي حقوق جانب على آخر، لن نوافق عليها فنحن نريد خطة تتوزع فيها الخسائر بشكل عادل وتحمي جميع الناس وخصوصًا موظفي القطاع العام وقد نصل إلى مرحلة لا نعطي الثقة للحكومة»، لافتاً إلى أن «أولويتنا وتطلّعاتنا بعيدة كلّ البعد عن المشاركة في الحكومة أو عدمها ونحن لا نرفض المشاركة ولا نطلب ذلك أيضاً».
أما كتلة الاعتدال الوطني، فاعتبرت أن «لدينا كل الامكانيات للنجاح بالحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، ونتمنى له التوفيق، ونطالب بمشاركتنا في الحكومة ككتلة وازنة بوزيرين أو ثلاثة، وبأن نكون ممثلين في الحكومة لأن مناطقنا قدّمت الكثير للبلد ولها حق بأن تكون ممثلة بالوزارة».
وأعلن رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط بأن «الكتلة قرّرت عدم المشاركة في الحكومة ولكن المساعدة في التأليف».
لكن إعلان اللقاء الديموقراطي تسهيل التأليف، يفتح الباب أمام مشاركته في الحكومة بوزيرين محسوبين على الحزب الاشتراكي وأن لا ينتميا اليه.
وأعلن النائب جورج عدوان، بعد لقاء كتلة «الجمهورية القوية» الرئيس المكلف أن «الشروط التي وضعناها لا يمكن أن تطبق في الأشهر الثلاثة الأخيرة لهذا العهد». وتابع: «تكتل الجمهورية القوية لن يشارك في هذه الحكومة، وستكون مراقبتنا لها شرسة».
كما التقى ميقاتي كتلة نواب «قوى التغيير»، وتحدثت باسمها النائب حليمة قعقور فقالت: «نحن مع حكومة مصغّرة وإنقاذيّة لتقرّ المشاريع الإلزاميّة بسرعة ولن نشارك بأيّة حكومة محاصصة ولا حكومة وحدة وطنيّة».
وأوضح عضو تكتل نواب قوى التغيير النائب ملحم خلف لـ«البناء» الى «أننا تحدثنا مع الرئيس المكلف بشكل واضح عن رؤيتنا للملف الحكومي وأهمها فصل النيابة عن الوزارة، وعدم اختزال السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية واستكمال نهج المحاصصة الطائفية التي كانت سائدة في السابق ومازالت مستمرة اليوم».
ولفتت مصادر نيابية بارز في تكتل قوى التغيير لـ«البناء» الى أن «الكتلة أبلغت ميقاتي رفضها المشاركة في الحكومة وفق النهج الحالي في تأليف الحكومات وضرورة تأليف حكومة إنقاذية من الاختصاصيين والفاعلين والجديين»، مشددة على أن «قوى التغيير ستبقى في موقعها بالمعارضة لهذا النظام القائم والممارسات السياسات المتبعة». لكن ميقاتي وفق المصادر لم يصرّ على مشاركة قوى التغيير وشدد على أن مقاربته لتأليف الحكومة تنطلق من الواقعية والبراغماتية أي من نتائج الانتخابات والكتل الممثلة في البرلمان وللحصول على الثقة النيابية. ووضعت قوى التغيير بحسب المصادر الإطار العام للمبادئ القانونية التي ترعى التأليف وأبلغت ميقاتي ضرورة تأليف الحكومة سريعاً وأنه لا يملك ترف الوقت والانتظار.
وتتجه الأنظار لموقف تكتل لبنان القوي الذي يلتقي الرئيس المكلف اليوم وما إذا كان سيعلن مشاركته في الحكومة من عدمها، وشدّد عضو التكتل شربل مارون لـ«البناء» على أن «موقف التكتل سيعلن بعد اللقاء مع ميقاتي، وقد نؤجل إعلان قرار الكتلة لمزيد من الدرس بناء على نقاشنا مع ميقاتي، وقد نربط مشاركتنا في الحكومة بخطة واضحة من الحكومة للفترة المتبقية من العهد الحالي، وبردّ ميقاتي على أسئلتنا بما خصّ الكثير من الملفات الأساسية التي فشلت الحكومة بإنجازها لا سيما ملف الكهرباء وحاكم مصرف لبنان والودائع والقوانين الإصلاحية الأساسية».
وأوضح نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في بيان أنّ حزب الله «مع تشكيل الحكومة وعدم إضاعة الوقت وعدم إنهاك التّشكيل بالشروط والشروط المُضادة، فالفرصة لا تسمح بأن يأخذ كلّ فريق مكتسبات من الحكومة، المطلوب أن نُعطي المكتسبات للمواطنين وللوطن وهذا يَفتَرض أن نُخفّف من المطالب لمصلحة تشكيل الحكومة».
وقال: «نؤيّد أن تجري التعديلات على الحكومة الحالية ليدخل إليها من يرغب بالدخول والتعاون أو ليعدّل من يعدّل في بعض الوزراء للإسراع في عدم الوقوف في فخّ الأسماء الجديدة التي يُمكن أن تأخذ وقتًا طويلًا». وأشار إلى «أننا مع اختصار الوقت إلى أسرع وقت ممكن لأنّ البلد يتطلّب حكومة وليعلم أولئك الذين يُنظّرون ولا يُشاركون ولا يُسهّلون المشاركة أنّ الناس ترى من يُعطّل تشكيل الحكومة ومن يؤيد تشكيلها، وبالتالي الموقف السلبي من تشكيل الحكومة لا يعني أنهم يخدمون البلد».
"الجمهورية": ميقاتي لأوسع مشاركة.. المكلِّفون يستعــجلون الحكومة.. والمعارضون يعارضون!
على نغمة واحدة سارت الاستشارات النيابية غير الملزمة التي بدأها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في المجلس النيابي، أمس، هي التعجيل في تأليف الحكومة الجديدة. واذا كانت رغبة الاستعجال في ولادة هذه الحكومة ملازمة للرئيس المكلف، وعَبّر عنها لحظة تكليفه في مَد اليد الى كل الاطراف للشراكة في ولادة طبيعية عاجلة لحكومة تتصدى لوضع غير طبيعي يمر فيه لبنان، الا انّ يسر هذه الولادة وعسرها يبقيان رهناً باستجابة المكونات السياسية او عدمها لليد الممدودة، ومغادرة لغة الشروط التي من شأنها ان تصعّب ولادة الحكومة، إن لم تجعلها مستحيلة.
الوقت القاتل
واذا كانت موجبات التعجيل في تشكيل الحكومة اكثر من ان تُحصى، أكان فيما يتعلق بالعامل الزمني، حيث أنّ استحقاق التأليف مقيّد هذه المرّة بمرحلة شديدة الدقة والحساسية، ومحكوم بوقت قاتل يستوجِب استثمار كل دقيقة فيه، في موازاة الازمة التي تشهد انهيارات متتالية على مختلف الصعد والمجالات المالية والحياتية والصحية وكل ما يرتبط بأولويات اللبنانيين، او ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي الذي يقف البلد على مَشارفه، ولن يطول الوقت لكي يشكّل البند الاول وربما الاوحد، في جدول اعمال فترة الاشهر الاربعة المتبقية من ولاية الرئيس ميشال عون، الّا انّ الصورة السياسية في المقابل ما زالت ثابتة في نقطة الوسط بين احتمال التعجيل بتشكيل الحكومة واحتمال المراوحة والتأجيل.
المواقف واضحة
على انّ اللافت للانتباه في ما يتصل باستشارات الرئيس المكلف، انها لم تُضف جديداً على مواقف مختلف الكتل والتوجهات النيابية والسياسية، المعلنة منذ ما قبل استشارات التكليف، بل انها شكّلت محطة لإعادة تكرارها شكلا ومضمونا. وعلى ما تؤكد مصادر سياسية لـ"الجمهورية" فإنّ "استشارات الامس، محطة لزوم ما لا يلزم، ذلك انّ مواقف الاطراف محسومة سلفاً، أكان بالنسبة الى المؤيدين او الى المعارضين وقرارهم بعدم المشاركة في الحكومة. وطالما انّ صورة المواقف بهذا الوضوح، يفترض في هذه الحالة ان يُستفاد من الوقت، ويُستتبع التكليف بالتأليف السريع، وبالتالي ليس ما يمنع الرئيس المكلف من تجاوز الشروط والاعتراضات والتحفظات، وتقديم تشكيلة حكومته في غضون ايام قليلة، إن لم يكن قبل نهاية الاسبوع الجاري، فالاسبوع المقبل على أبعد تقدير".
وبحسب المصادر فإنّ "وضوح المواقف يُسهّل على الرئيس المكلف مهمته في اعداد تشكيلة حكومته في فترة قياسية زمنياً، خصوصاً انّ الاطراف التي قرّرت عدم المشاركة في هذه الحكومة خَفّفت عنه ثقل الوقوف على خاطرها ومُراضاتها، وبالتالي ضيّقت مساحة مشاورات الاخذ والرد حول الحكومة وحَصرتها ضمن الفريق الذي كلّفه، علماً انّ مهمّة الحكومة سبق له ان حَدّدها لإكمال طريق العلاج التي بدأتها حكومته السابقة، ومَن منحوه أصواتهم في استشارات التكليف يؤيدونه فيها".
حكومة بمَن حضر!
ورداً على سؤال عما اذا كانت الامور ستنحى في اتجاه تأليف حكومة من لون واحد، قالت المصادر: وهل انّ التكليف جاء بألوان متعددة، في اي حال، اسم حكومة اللون الواحد مُستفز، وهذا بالاساس ليس هو هدف الرئيس المكلف الذي يرغب بحكومة جامعة تتشارَك فيها كل المكونات في مواجهة الازمة. إنما الامور كما نراها تسير في اتجاه تشكيل حكومة بحجم المرحلة.
وسُئلت المصادر: هل ستشكّل حكومة بمَن حضر؟ فأجابت: لا يجب التوقف عند اي توصيفات او تسميات، نعم البلد بحاجة الى حكومة بمَن حضر، ليس بمن حضر لإكمال العدد والتشكيلة، بل بمَن هو حاضر ومستعد وراغب في الشراكة في عملية الانقاذ.
بدأ النقاش بالصيغ!
الى ذلك، كشفت مصادر معنية بملف التأليف لـ"الجمهورية" انه "بعيداً عن الاستشارات النيابية الشكلية التي بدأها ميقاتي مع النواب أمس، فإنّ حركة مشاورات واتصالات جرت في الساعات الاربع والعشرين الماضية، مرتبطة بعملية التأليف وتوزّعت على عدة خطوط سياسية، وكان الرئيس المكلف حاضراً فيها".
وبحسب المصادر عينها فإنّ البند الاساس التي تمحورت حوله هذه الاتصالات، هو التعجيل في توليد الحكومة، من دون إغراق مهمة الرئيس المكلف بشروط وافكار تعقد جهوده وتُربك مسار التأليف، بل تقديم كل تسهيلات ممكنة من شأنها ان تسرّع بولادة الحكومة.
ولفتت المصادر الى ان "لا خلاف على مهمّة الحكومة، وامّا شَكل هذه الحكومة فلدى الرئيس المكلف تصوّره في هذا المجال، وهو ما سيتوضّح قريباً جداً، كاشِفة عن صِيغ عديدة يجري النقاش حولها داخل الغرف المغلقة، وتبعاً لذلك فقد تكون مسودة الحكومة جاهزة في غضون أيّام قليلة ليقدّمها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية لإصدار مراسيم الحكومة الجديدة".
مصير بعض الوزارات!
الّا انّ مصادر سياسية تحدثت عن صعوبات ماثلة امام الرئيس المكلف في كيفية تجاوز التعقيدات المرتبطة ببعض الوزارات، لا سيما ما يتعلّق بوزارة الطاقة والمياه والجهة التي ستسند اليها. والرئيس المكلف يبدو انه مع "تحرير" هذه الوزارة وإخراجها من الموقع العالقة فيه منذ سنوات طويلة، علماً انّ وزارة الطاقة "مُجيّرة" منذ سنوات لفريق رئيس الجمهورية، سواء لوزير من تياره السياسي او لوزير يسمّيه رئيس الجمهورية شخصياً. وبحسب اجواء هذا الفريق انه لن يتخلى عن الطاقة، كما عن وزارتي الدفاع والعدل على وجه الخصوص".
وتشير المصادر عينها إلى "عقدة ثانية واساسية كامنة في وزارة المال، حيث لا يبدو انّ ثنائي حركة "امل" و"حزب الله" في وارد التخلّي عن كون حقيبة المالية من حق الطائفة الشيعية. وهذا الأمر، معطوف على عدم تخلّي الفريق الرئاسي عن بعض الحقائب ومنها الطاقة، بدأت تتعالى حوله بعض الاصوات الاعتراضية من جهات سياسية ومراجع روحية ترفض استئثار فئة او طائفة ببعض الوزارات".
"هاتان العقدتان"، تقول المصادر، "وقد تضاف اليهما عقدة ثالثة مرتبطة بحجم تمثيل بعض الاطراف، قد يطول النقاش حولها، في مرحلة محكومة بوقت قصير، وطول هذا النقاش سيمدّ تلقائياً من عمر التكليف ومعه حكومة تصريف الاعمال وصولاً الى لحظة يفرض فيها الاستحقاق الرئاسي نفسه بنداً أولاً على جدول البلد، ويصبح معه تأليف الحكومة آخر الاهتمامات".
قبل نهاية الاسبوع
وفي سياق متصل، كشفت مصادر حكومية لـ"الجمهورية" انه بعد انتهاء الجولة الثانية من الاستشارات النيابية اليوم، سيعقد لقاء قريب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لجَوجلة الأفكار والطروحات النيابيّة، على ان يليه اجتماع ثان للبحث في مسودة حكومية سينقلها ميقاتي الى عون ربما قبل نهاية الاسبوع الجاري.