لبنان
قبيل الاستشارات النيابية.. ميقاتي ينتظر جنبلاط وجعجع.. وواشنطن والرياض تسوقان لنواف سلام
على بعد أيام قليلة من حلول الخميس موعد الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس مكلف لتشكيل الحكومة، لا تزال الصورة غير واضحة المعالم، ورغم أن اسم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لا يزال الأوفر حظًا، إلا أنه ينتظر الحسم من بعض الجهات، لا سيما كتلة اللقاء الديمقراطي لكي يكون رئيسًا مكلفًا.
وتحاول السعودية والولايات المتحدة تسويق اسم نواف سلام مجددًا، وقد أجرى السفير السعودي لقاءات مع عدد من النواب السنة ومع مفتي الجمهورية في هذا الإطار.
ووسط الأجواء الحكومية الملبدة، عادت أزمة طوابير البنزين أمام المحطات بعد إشاعات عن دولرة سعر هذه المادة، كما برزت للواجهة من جديد أزمة رغيف الخبز وعادت طوابير المواطنين أمام الأفران للحصول على ربطة خبز.
"الأخبار": ميقاتي ينتظر جنبلاط وجعجع... والتيار لن يسمي
ثلاثة أيام فاصلة عن موعد الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة، والتي يُجمِع غالبية من يتفاوضون عليها على أنها ستكون «حكومة الفراغ» الذي سيسود بعدَ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. وعليه، صارَ ملموساً من النقاشات المكثفة على خطّ القوى السياسية أو خط نواب «التغيير» و«المستقلّين» أن البحث ليسَ عن اسم «الانتحاري» الذي يُمكن أن يقبل بالمهمة، بل حول خريطة تقاسم الحصص والحقائب بما يسمح لكل طرف بتكريس نفوذه في إدارة المرحلة المُقبلة.
وقد أظهرت الأيام الأخيرة استعصاء بلغَ حد الاستحالة في إمكانية التوافق على اسم مرشّح بين الكتل النيابية (حلفاء وخصوم)، ما رفعَ حظوظ الرئيس نجيب ميقاتي مجدداً. وما يعزّز ذلك:
- فشل نواب «التغيير» (حتى الآن) في تسمية شخصية تحظى بإجماعهم، بينما لا يزال النواب المستقلّون منقسمين حولَ ميقاتي.
- افتراق في المقاربة بين حزب الله والتيار الوطني الحر. إذ إن الأول يتعامل مع تكليف ميقاتي على أنه تكليف الضرورة، ولا حاجة لفتح معركة حكومية على مجلس وزراء لن يعيش إلا بضعة أشهر، علماً أن «تسميته يوم الخميس لا تزال قيد الدرس»، وفقَ ما يقول مطلعون. في حين أن الرئيس نبيه بري لا يزال يحبّذ عودة ميقاتي، وهو يقيسها من زاويتين: فتح معركة على اسم جديد قد يؤخر تأليف الحكومة إلى ما بعدَ الانتخابات الرئاسية، وعدم إعطاء العونيين ما يريدونه… أي استبعاد ميقاتي. أما التيار، الذي فشِل في تسويق عدد من الأسماء التي طرحها، فتقول مصادره إن الاتجاه يوم الخميس هو «عدم التسمية».
يرى الاشتراكي في ميقاتي رأس حربة في مواجهة مشروع ميشال عون
وتوقفت بعض الأوساط عندَ موقف الحزب الاشتراكي الذي تحاول أوساطه الإيحاء أن تسمية ميقاتي «غير واردة» كما أن المشاركة في الحكومة غير محسومة، مستندة إلى ما قاله رئيس كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط خلال لقاءات السبت الماضي في قصر المختارة، عن أن «الواقع المؤلِم يحتاج إلى رئيس إصلاحي وحكومة إصلاحية»، معتبرة أنه «لا يقصد ميقاتي طبعاً»، إلا أن مصادر مطلعة على جو الاتصالات لفتت إلى أن «الرئيس بري لا يزال يتشاور مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وأن الأخير لم يحسم موقفه بعد».
على أن التشاور المستمر بين «الاشتراكي» و«القوات» يركز على كيفية تنظيم تسوية مع رئيس حكومة شرط أن يكون في مواجهة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وكل الاجتماعات بين الحزبين لا تُناقش خطة وبرنامج الرئيس المقبل، ولا مدى قدرته على المواءمة بين الكتل السياسية لتنفيذ مشاريع بحاجة إلى توافق سياسي، وعلى رأسها الكهرباء وحقوق المودعين والقوانين الإصلاحية المطلوبة دولياً وداخلياً لإعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف، بل إن التركيز يصُب في البحث عن رئيس يكون رأس حربة مشروع سياسي مناهض لما مثله الرئيس عون في السنوات الست الأخيرة. ولذلك، تطرق الحديث أمس بين ممثلين من «الاشتراكي» و«القوات» على الاسم الأبرز الذي يمثّل مشروعهما، ولم يجدا أفضل من ميقاتي (مبدئياً) لانتدابه لهذا الدور. وبحسب مصادر مطلعة، يميل «الاشتراكي» أكثر إلى ميقاتي، بانتظار اقتناع «القوات» بالتصويت له، والتي لا تزال بدورها تبحث إمكانية ذلك من دون أن تتكبّد خسائر على المستوى الشعبي من جهة، والأهم عن الثمن السياسي والحكومي الذي ستُحصّله مقابل التسمية، على أن يكون الربح على حساب باسيل، بخاصة أن سمير جعجع هو الذي رفض الانضمام إلى الحكومة السابقة تحت عنوان عدم المشاركة مع قوى السلطة، بالتالي فإن دخوله إليها هذه المرة مع القوى السياسية نفسها سيكشف حجم ادعاءاته.
محادثات بين ميقاتي والقوات حول ما يُمكِن أن يقدّمه رئيس الحكومة لمعراب من حقائب
في هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن محادثات جانبية انطلقت بين ميقاتي و«القوات»، بدعم من «الاشتراكي»، تدور حول ما يُمكِن أن يقدمه ميقاتي من حقائب، لا سيما أن القوات تعتبر أن من حقها الحصول على نصف الحصة الوزارية المسيحية.
وقد حددت معراب يوم الثلاثاء موعداً للحسم على ضوء تلقيها جواباً حاسماً من رئيس حكومة تصريف الأعمال على أن يتبلّغ نوابها بالقرار يوم الأربعاء المقبل. وتضيف المصادر أن جعجع اقتنع بأن ميقاتي هو المرشح الجدّي الوحيد على الساحة بضوء أخضر فرنسي وعدم ممانعة أميركية ولا مبالاة سعودية.
"البناء": تنسيق أميركيّ سعوديّ لإعادة تسويق اسم نواف سلام
تتواصل المشاورات بين الكتل النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، فيما يبدو الرئيس نجيب ميقاتي الأوفر حظاً وفقاً لترجيحات مصادر متابعة، بينما تلفت المصادر الى حركة حثيثة يقودها السفير السعودي وليد البخاري لترشيح اسم يجمع نواب القوات اللبنانية وحزب الكتائب ونواب 14 آذار السابقين، ويحاول جذب نواب اللقاء الديمقراطي والنواب الـ 13 لتأييد التسمية، وتعتقد المصادر أن مثل هذا الإجماع يصعب تحقيقه على غير اسم السفير السابق نواف سلام، الذي يمكن أن ينال 55 صوتاً في هذه الحالة، بينما ينال ميقاتي 53 صوتاً، إذا خرج النائب السابق وليد جنبلاط عن تأييد ميقاتي، والتردد في تأييد سلام، وقرّر كما النواب الـ 13 الاستجابة لطلب السفير البخاري. ويحتاج ميقاتي في هذه الحالة للفوز الى تصويت التيار الوطني الحر لصالحه وهو ما يبدو مستحيلاً، ما قد يفتح الباب للنقاش مجدداً في قوى 8 آذار حول كيفية التوصل لتسمية مشتركة مع التيار الوطني الحر، وتتساءل المصادر المتابعة مع صعوبة قبول البحث بأسماء تدخل المشهد السياسي للمرة الأولى بتولي رئاسة الحكومة، عما إذا كان البحث سيصل إلى إعادة التفكير بترشيح الرئيس حسان دياب، طالما أن المهمة لشهور وتتضمن ملفين اساسيين، المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي لا تزال تدور على الأرضية التي وضعتها حكومة دياب، وملف الكهرباء بعناوين الفيول العراقي والغاز المصري والكهرباء الأردنية التي جهزت ملفاتها في ظل حكومة دياب، بالإضافة الى الملف الاستراتيجي للنفط والغاز، والذي يشكل وجود دياب في رئاسة الحكومة ضمانة للمزيد من الصلابة في التعامل معه؟
تنشط الاتصالات السياسية بعيداً عن الإعلام بين القوى السياسية كل على حدة: حزب الله وحلفاؤه، القوى السنية، القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي مع بعض النواب المستقلين والتغييريين. للتفاهم حول رئيس الحكومة قبل موعد الخميس الذي حدده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة، علماً أن احتمال تأجيل موعد الاستشارات وارد اذا لم يتم التوصل الى اتفاق على اسم لتكليفه.
ودعا نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم جميع الأطراف للتجاوب مع مبادرة مد اليد، معتبراً أن مرور الوقت أكثر دون تشكيل الحكومة سيؤدي الى مزيد من الانهيار. داعياً الى تشكيل الحكومة في أسرع وقت، متمنياً عدم العمل لتشكيل حكومة تصفية حسابات بل أن تكون الحكومة حكومة وطنية تجمع ابناء البلد المختلفين وليس المتفقين فقط، لأننا تحت سقف واحد وفي بلد واحد وأما ان نعمل معا لننقذ بلدنا، وأما ان نتناحر على الحصص والمكتسبات وتصفية الحسابات وهذا يزيد من انهيار البلد، على الاقل نحن امام اشهر اربعة حتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية نستطيع خلال هذه الأشهر الأربعة لإنجاز خطة التعافي وإنجاز بعض القوانين في المجلس النيابي وبداية توقيع الاتفاق التفضيلي مع صندوق النقد الدولي وحسم بعض الملفات المتعلقة بالشؤون الاجتماعية، وبوضع خطة الكهرباء على سكة الحل وحتى لو كانت بداية لحلول أفضل بكثير من ان نبقى بلا حكومة ونبقى في المجهول.
واشارت مصادر مقربة من حزب الله لـ»البناء» الى اتصالات مكثفة بين الحلفاء من اجل التوصل الى تفاهم حول اسم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، مرجحة ان لا يعلن الحزب عن مرشحه قبل يوم الخميس، مشيرة الى ان ما يهم الحزب الذهاب الى تأليف حكومة تكون قادرة على التصدّي للأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية التي يمر بها البلد والعمل في الوقت نفسه على إيجاد الحلول لها.
ومع ذلك تقول اوساط سياسية في 8 آذار لـ»البناء» ان لا تفاهم حتى الساعة بين الثنائي الشيعي وحلفائه في 8 أذار من جهة، والتيار الوطني الحر من جهة اخرى على اسم الرئيس الذي يفترض أن يكلف لتأليف الحكومة، مشيرة الى ان المواقف متضاربة الى حد كبير بين افرقاء 8 أذار والنائب جبران باسيل الذي لا يكف عن فرض الشروط ظناً منه أن بإمكانه الوصول الى تسويات تمرّر له ما يبتغيه، معتبرة ان طروحات باسيل لا يمكن ان يسلم بها أي رئيس للحكومة حتى لو كان من 8 آذار؛ وهذا يعني ان مكمن المشكلة هو في ميرنا الشالوحي.
في المقابل، أشار التيار الوطني الحر في بيان الى انه يريد سريعاً تأليف حكومة تكون على مستوى المرحلة، ويؤكد أنه لا يتواصل إطلاقاً مع أي فريق أو جهة في شأن المشاركة في الحكومة من عدمها، ولا حديث بتاتًا مع اي طرف، ولا حتى داخل التيار بعد، بشأن مطالب أو شروط للتيار او لرئيسه من اجل المشاركة في اية حكومة.
ومساء أمس اكّد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، استعداده لـ «تولّي منصب رئاسة الحكومة، لافتاً إلى أنّه على تواصل مع العديد من الكتل ومنفتح على كلّ الخيارات».
وفي سياق متصل لا يزال نواب قوى التغيير على تواصل من أجل التوصل الى اتفاق حول اسم لرئاسة الحكومة. وقالت مصادر نيابية من قوى التغيير لـ»البناء» إن هناك أكثر من اسم مطروح لكن حتى الساعة لم نتوصل الى تفاهم، لكن الاتصالات واللقاءات مستمرة للوصول الى خيار ينسجم مع تطلعاتنا، خاصة أن ثمة مبادئ تجب مراعاتها لا سيما في ما خصّ ضرورة فصل النيابة عن الوزارة وإعطاء الأولوية في الوقت الراهن لمعالجة الوضع الاقتصادي وعدم التنسيق مع الأحزاب السياسية ولو كانت معارضة.
واعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن «الدولة هذه بمثابة الأب والأم للمواطنين، فخيراتها وإمكانياتها تُوظف من أجل خير المواطنين. ومن هذا المنظار، تتخذ السُّلطة السياسية مفهومها ودورها ومسؤوليتها ومبرر وجودها».
وطالب الراعي خلال قداس الأحد من بكركي، بتشكيل حكومة جامعة بأسرع ما يمكن، وناشد القوى السياسية المؤمنة بكيان لبنان الحر والسيد والمستقل والقوي والصامد، أن تحيّد صراعاتها ومصالحها، وتوفر الاستقرار السياسي، ليس من أجل تشكيل حكومة وانتخاب رئيس للجمهورية فقط، إنّما من أجل درء أي خطر إقليمي عن لبنان.
وشدّد على أن اكتمال السلطة التنفيذية ضروريّ من أجل استكمال الاستحقاقات المقبلة، كمفاوضات صندوق النقد الدولي، ومحادثات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية التي يتوقف عليها مصير الثروة النفطية والغازية.
وأكد أن المصلحة العامة تقتضي أن تكون الحكومة المقبلة محررة من الشروط الخارجة عن الدستور والميثاق، فلا تكون فيها حقائب وراثيّة، ولا حقائب ملك طائفة أو مذهب أو أحزاب، ولا حقائب رقابية على إحدى هذه الحقائب، مشدداً على اننا «نريد حكومة تتساوى فيها المكونات اللبنانية، شجاعة في التصدي لكلّ ما هو غير شرعي، ومؤهلة للتعاطي مع المجتمعين العربي والدولي».
الى ذلك برزت لقاءات السفير السعودي وليد البخاري مع نواب من الطائفة السنية، فالتقى النائب عبد الرحمن البزري، وجرى خلال اللقاء، وفق بيان عن السفارة السعودية، تناول التطورات المستجدة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، اضافة الى القضايا ذات الاهتمام المشترك. وبحث السفير السعودي مع النائب أشرف ريفي آخر المستجدات لبنانيًا ودوليًا والقضايا ذات الاهتمام المُشترك، وكان قد التقى يوم السبت النائب ياسين ياسين. وكان بحث في التطورات اللبنانية والإقليمية، بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك.
"الجمهورية": 3 جوانب غير واضحة في الاستشارات.. وميقاتي متقدّم
دخل لبنان في أسبوع التكليف بامتياز، وهو الاستحقاق الثاني بعد الانتخابات النيابية وما تبعها من استحقاق أوّل تمثّل في الانتخابات الداخلية لمجلس النواب، ويليه استحقاق التكليف، والذي من غير المعروف بعد ما إذا كان سيتبعه استحقاق التأليف، أم أنّ الأنظار ستتجّه مباشرة إلى استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، مع الدخول في المهلة الدستورية في مطلع أيلول المقبل. ولكن من الثابت انّ استحقاق التكليف سيحظى بكل التركيز والمتابعة، لأنّه يجري على وقع انقسامي بين فريقين، سيحاول كل منهما انتزاع التكليف لمصلحته، حيث يتهيأ الفريق المعارض الذي خسر معركة نيابة رئاسة المجلس النيابي، بالتعويض في استشارات التكليف، فيما يعدّ الفريق الحاكم العدّة للاحتفاظ بورقة التكليف تجنّباً لفقدانه ورقة التأليف.
وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية»، انّ هناك ثلاثة جوانب ما زالت غير واضحة بعد في مسار استشارات التكليف:
ـ الجانب الأوّل، موقف «التيار الوطني الحر» الذي كان واضحاً ومحسوماً في انتخاب نائب رئيس مجلس النواب، وخاض هذا الاستحقاق جنباً إلى جنب مع حلفائه في 8 آذار، فيما موقفه من التكليف ما زال مبهماً، ومن غير الواضح بعد، ما إذا سيكون في التحالف نفسه مع «حزب الله» دعماً للخيار نفسه. وفي حال تمايز تكتل «لبنان القوي» عن حلفائه الموضوعيين في هذا الاستحقاق، يعني انّ خسارتهم لورقة التكليف ستكون محسومة، خصوصاً في حال نجح الفريق المعارض في توحيد صفوفه، على غرار ما فعله في معركة نيابة رئاسة مجلس النواب.
وموقف «التيار الحر» يعني موقف الرئيس ميشال عون، وهو المعني الأول بالتكليف الأخير في ولايته الرئاسية، ومن غير المعروف بعد ما هي حساباته وكيف سيتعامل مع هذا الاستحقاق وما هي أولوياته، وهل يريد تكليفاً فتأليفاً، أم انّه يريد ان يتعمّد التمايز في هذا الاستحقاق عن «حزب الله» لحسابات واعتبارات رئاسية؟
- الجانب الثاني، يتعلّق بمدى قدرة الفريق المعارض على توحيد صفوفه أولاً، والاتفاق ثانياً على شخصية واحدة يُصار إلى تسميتها في الاستشارات، ومن هي هذه الشخصية، وهل اقتربت الاتصالات البعيدة من الأضواء بين مكونات هذا الفريق، من إعلان الاتفاق على مرشّح مشترك، وهل اتعظ هذا الفريق من عدم تنظيمه الكافي في الاستحقاق السابق، ويعمل على سدّ هذه الثغرة في استحقاق الخميس المقبل؟
ولا شك في انّ مصير الفريق المعارض على المحك هذه المرة، لأنّه في حال خسر مجدداً فيعني انّ التعويل على ربحه في غير محله، بسبب تعدديته غير القابلة للصرف ضمن مشروع مشترك، ما يجعل الفريق الموالي يستفيد من هذه الثغرة لربح الاستحقاقات الواحد تلو الآخر.
- الجانب الثالث، يرتبط بـ»حزب الله» وما إذا كان سيخوض هذا الاستحقاق بالشراسة والجدّية نفسها التي خاض فيها الانتخابات الداخلية في مجلس النواب، أم انّه سيخوضها بسلاسة ومن دون جهد لتوحيد الصفوف، ولا اضطراره إلى تقديم التنازلات لحليفه «التيار الوطني الحر»، خصوصاً مع إدراكه انّ التأليف غير ممكن طالما انّه يستدعي توقيع رئيس الجمهورية. ولكن المعلوم، انّ «حزب الله» لا يهمل استحقاقات من هذا النوع، وبالتالي فمن المتوقّع ان يجمع صفوفه وحلفاءه، ويعدّ البوانتاج اللازم من أجل ان يحتفظ بورقة التكليف ويمنع الفريق المعارض من ان يسجِّل هدفاً ثميناً في هذا الاستحقاق.
ولا يبدو أنّ رئيس الجمهورية في وارد تأجيل الاستشارات، ومن غير المعروف حتى اللحظة ما إذا كان سيوجِّه رسالة إلى اللبنانيين عشية هذه الاستشارات، في محاولة لتوجيهها في اتجاه معيّن على غرار مرات سابقة. ولكن من الثابت والأكيد انّ الاستشارات هذه المرة ستشهد مواجهة فريدة من نوعها بين إسمين غير معلنين بعد، والنتيجة ستبقى معلّقة إلى حين إعلانها من رئيس الجمهورية. علماً انّ كل البوانتاجات والمؤشرات تدل إلى انّ التكليف سيكون مجدداً في مصلحة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
للنواب الـ13 مرشحهم
وقبل ثلاثة ايام على موعد الاستشارات النيابية، اكّد أحد نواب كتلة «التغييريين» لـ «الجمهورية»، انّ الاجتماعات متواصلة في ما بينهم، وسيكون لهم بالتأكيد مرشحهم قبل الوصول إلى موعدها الخميس المقبل، وسيُعلن عنه في مؤتمر صحافي يُعقد ضمن المهلة. ولفت إلى انّ المشاورات لا تقتصر على النواب الـ 13 فقط انما تتعداها الى اتصالات تجري مع كتل نيابية مختلفة وبعض النواب المستقلين، بغية توسيع قاعدة الدعم النيابية لهذا المرشح.
مشكلة تتعدّى الأصوات
إلى ذلك، كشفت مصادر نيابية مطلعة لـ «الجمهورية»، انّ الإحصائيات الأولية التي أُجريت حتى الأمس، ضمنت ما بين 59 إلى 61 نائباً للرئيس نجيب ميقاتي ليُكلّف مهمّة التأليف ويبقى في السرايا الحكومية، وهذا العدد مرشح للارتفاع عشية موعد الاستشارات، ليتجاوز الأكثرية المطلقة.
لكن المصادر عينها قالت، انّ المشكلة لا تُحلّ بالأرقام فحسب، لأنّ اجواء التحدّي التي تواكب الاستشارات النيابية الملزمة هي الأخطر، فإن بقيت المواجهة قائمة بين «التيار الوطني الحر» من جهة وميقاتي من جهة أخرى، قد تنسحب على العلاقة مع رئيس الجمهورية أيضاً، الامر الذي قد يؤزم الامور إلى درجة قصوى، وليس من السهل تجاوزها لصعوبة الفصل بين موقف رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
تنبيه وتحذير
وكان لافتاً ما نشره أمس موقع «لبنان 24» الذي يمتلكه ميقاتي من معلومات خاصة نسبها إلى مصادره، وفيها «انّ ميقاتي أقفل الباب نهائياً أمام محاولات استدراجه إلى مساومات وتسويات حكومية، ويمضي في مهماته الحكومية كالمعتاد»، واكتفت مصادره بالقول رداً على سؤال يتعلق بتسميته مجدداً: «الجواب عند النواب، والمسألة تحسمها الاستشارات النيابية الملزمة. ومرفوض اختزال إرادة النواب مسبقاً، وعلينا ان ننتظر جميعاً ما سيقرّرون».
وفي المقابل، رفضت مصادر ميقاتي الردّ على التسريبات الإعلامية عن ملفات تطاوله وأفراد عائلته، مكتفية بالقول: «مصدر هذه التسريبات معروف، والهدف ايضاً، وهي افتعال الغبار السياسي عشية الاستشارات».
وعن دخول شخصيات اعلامية من اتجاهات معارضة امس في الحملة على رئيس الحكومة قالت المصادر: «ما قاله هؤلاء لا يستحق اكثر من وصفه بالكذب، وإذا تمادوا في كذبهم فسيسمعون كلاماً آخر ينبض صدقاً وجرأة وسيكون موجعاً جداً». وأكّدت «أنّ المراسلات الديبلوماسية المسرّبة تندرج في سياق تحقيق بملف قال القضاء كلمته النهائية فيه سابقاً وأُقفل، لكن الواضح انّ بعض الديبلوماسيين الساقطين اخلاقياً يقدّمون مجدّداً أوراق اعتمادهم لشخصيات سياسية كانت هدّدتهم بالفصل، لقاء خدمات ليس لها علاقة بأخلاقيات الوظيفة، وسيُحاسبون عليها وفق القانون في الوقت المناسب».
من هنا، تضيف المصادر، «يمكن فهم الاستشراس في المطالبة ببعض الحقائب الوزارية المحدّدة لاستخدام أجهزة الدولة وإداراتها مجدداً في الحملات السياسية ضدّ الخصوم او ضدّ شخصيات ترفض منطق التسويات والمساومات».
"اللواء": 4 مرشحين لرئاسة الحكومة... وتنافس أزمات بين الخبز والمحروقات
فجأة، وبلا مقدّمات، اندفعت نهاية الأسبوع إلى الواجهة، ازمتان حياتيتان: واحدة متصلة بالمحروقات، ساعة أو أكثر بعد التاسعة، وإذا بالطوابير تنتصب امام المحطات التي قررت استقبال السيّارات، على الرغم من ارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى ما فوق الـ700 ألف ليرة لبنانية (أي أكثر من الحد الأدنى للاجور المعمول به رسمياً)، والثانية تتعلق بلقمة الخبز «المغمسة» ليس فقط، بالارتفاع اليومي لسعر الربطة، مع خفض الوزن، بل بامتناع غالبية الأفران في محافظات الجنوب والبقاع والشمال عن توفير الخبز، إذ لجأ العدد القليل من الأفران إلى «التقنين» وغابت معظم الأفران عن الخبز والتوزيع، وسط انقسام نقابات الأفران، وخلاف مستحكم مع وزارة الاقتصاد، والوزير في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، في وقت كان فيه وزير الطاقة في الحكومة عينها، يظهر على شاطئ صور، بين العموم.
ومع غياب وزارة الطاقة عن المشهد، تولت الشركات النفطية والموزعة الابلاغ، ان أزمة المحروقات مرشحة للانفراج اليوم، والتطمين ان لا أزمة، وان باخرة محملة بالبنزين رست في البحر لتفريغ الحمولة، فيما تولى الوزير سلام شن حملة كأداء يوجه محتكري الطحين، ومفتعلي أزمة الخبز، معتبرا انه المستهدف، من خلال افتعال أزمة الخبز والطحين، في ما الأنظار تتجه إلى توقيع اتفاقية استجرار الغاز مع مصر غداً، لتوفير زيادة في التغذية تصل إلى أربع ساعات يومياً.
وقبل ثلاثة أيام فقط، على جبهة تكليف شخصية تكلف تأليف حكومة جديدة، تأرجحت الصورة بين معلومات عن اتجاه لتأجيل الاستشارات النيابية، بطب من تكتل نيابي كبير، إلى موعد آخر غير الخميس في 23 الجاري، وبين تأكيد حصول الاستشارات وسط حركة لا تتوقف عن تحديد الخيارات، وتوجه القوى المناهضة لـ8 آذار لتسمية رئيس جديد غير الرئيس نجيب ميقاتي.
لكن الرئيس نبيه برّي، التقى نائب رئيس المجلس النيابي بوصعب، موفدا من بعبدا والتيار الوطني الحر، سارع إلى نفي علمه بطلب التأجيل، جازماً: «لم اسمع بهذا الأمر.. ولا علم لي به أبداً».
ورجحت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن يفتتح الأسبوع الحالي بأتصالات الكتل النيابية بهدف حسم خياراتها قبيل المشاركة في استشارات التكليف.
وأشارت المصادر إلى أن المواقف تصدر تباعا وقد تحسم بعض الكتل قرارها قبيل ساعات من نهار الخميس ، مشيرة إلى أنه لم تبرز أسماء جديدة مرشحة لرئاسة الحكومة، وسألت ما إذا كانت هناك من طبخة ما تظهر ام أن المشهد لن يتبدل لجهة التوجه بتكليف الرئيس نجيب ميقاتي بعدد أصوات لا يتجاوز الـ ٦٥ صوتا أو أقل.
وبانتظار استكمال المشاورات في الساعات المقبلة، انتهت مشاورات الساعات الماضية على تقاطع التيار الوطني الحر (التيار العوني) مع مجموعات المعارضة، سواء الفردية أو الجماعية على استبعاد الرئيس ميقاتي من التسمية، على الرغم من ان هذا الموضوع حضر في اللقاء بين الرئيس برّي وابوصعب، ولم يحدث أي تعديل في الموقف.
ومساء وصل إلى بيروت الخبير الاقتصادي صالح نصولي، بعد الطلب إليه المجيء للتباحث معه بإمكان ترشيحه من قبل مجموعات نيابية وجهات فاعلة، إلى جانب السفير السابق نواف سلام مما يعني، ان عدد المرشحين (حسب النائب نعمة افرام) أصبح ثلاثة، قبل ان يحسم التيار الحر اسم مرشحه، فضلا عن الوزير سلام، الذي يرى نفسه مرشحا لتأليف الحكومة، باعتباره من الاتجاه التغييري، وهو أجرى التواصل مع جميع الأطراف.
إذاً اليوم، اسبوع الحسم لتقرير الموقف من تسمية رئيس مكلف تشكيل الحكومة الجديدة، قبل الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون الخميس المقبل، والتي اكدت مصادر القصر الجمهوري لـ«اللواء» انه من غير الوارد إطلاقاً تأجيلها خلافاً لما يجري تسويقه. ولهذا تسارعت الاتصالات واللقاءات واجتماعات الكتل لحسم الخيارات. فيما استمرت محاولات التوفيق وتقريب وجهات النظر بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وبين رئيس التيار النائب جبران باسيل. وفي هذا الاطار، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم السبت في عين التينة نائب رئيس المجلس الياس بوصعب.
وفيما يُفترض ان يقرر تكتل نواب التغيير اليوم الاثنين موقفهم من موضوع الحكومة، ثمّة اتصالات لمحاولة التوافق بين بعض الاحزاب السياسية و»التغييريين والمستقلّين والسياديين»، على شخصية واحدة يسمّونها في الاستشارات، إلاّ ان رفض بعض التغييريين ايّ تنسيق مع الاحزاب السياسية التقليدية، قد يحبط هذه المساعي.
ولذلك غرّد النائب غسان سكاف عبر «تويتر» قائلاً: إن تعددية وخصوصية النواب المعارضين للسلطة، بالتزامن مع تفرّد التغييريين بعدم التنسيق مع المستقلين والحزبيين بحجة «كلن يعني كلن»، التي لا تصلح في مجلس النواب، ستكرّس الأكثرية للسلطة الحالية الحاكمة على أبواب الاستحقاقات الحكومية والرئاسية» .
وفي السياق، اكد نائب رئيس حزب الكتائب النائب سليم الصايغ قرار الحزب بعدم تسمية ميقاتي، فيما اصدر التيار الوطني الحر، بيانا قال فيه: كثر في الأيام الأخيرة الكلام الكاذب عن مطالب وشروط تُنسب زوراً الى التيار الوطني الحر في الملف الحكومي.ان التيار الوطني الحر، الذي يريد سريعاً تأليف حكومة تكون على مستوى المرحلة، يؤكد أنه لا يتواصل إطلاقاً مع أي فريق أو جهة في شأن المشاركة في الحكومة من عدمها، ولا حديث بتاتاً مع أي طرف، ولا حتى داخل التيار بعد، بشأن مطالب او شروط للتيار او لرئيسه من اجل المشاركة في اي حكومة.وتالياً، يكفي هذا الواقع ليُسقِط كل ترويج كاذب ومشبوه وغرضيّ عن شروط ومطالب تشاع في الاعلام وتنسج حولها المقالات والتحاليل والربورتاجات الكاذبة.
قاسم: حكومة المختلفين
في المواقف، اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خلال اطلاق فعاليات الانشطة الصيفية لسنة ٢٠٢٢ امس، ان تشكيل الحكومة هو المسعى الأساسي والملح في هذا الوقت لأن مرور الوقت اكثر دون تشكيل الحكومة سيؤدي الى مزيد من الانهيار. داعياً الى تشكيل الحكومة في اسرع وقت متمنيا عدم العمل لتشكيل حكومة تصفية حسابات بل ان تكون الحكومة حكومة وطنية تجمع ابناء البلد المختلفين وليس المتفقين فقط، لأننا تحت سقف واحد وفي بلد واحد وأما ان نعمل معا لننقذ بلدنا، وأما ان نتناحر على الحصص والمكتسبات وتصفية الحسابات وهذا يزيد من إنهيار البلد.
وقال: على الاقل نحن امام اشهر اربعة حتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية نستطيع خلال هذه الاشهر الأربعة لإنجاز خطة التعافي، وإنجاز بعض القوانين في المجلس النيابي وبداية توقيع الاتفاق التفضيلي مع صندوق النقد الدولي وحسم بعض الملفات المتعلقة بالشؤون الاجتماعية، وبوضع خطة الكهرباء على سكة الحل وحتى لو كانت بداية لحلول افضل من بكثير من ان نبقى بلا حكومة ونبقى في المجهول.
وأضاف قاسم: البعض يقول انه لا يريد التعاون، نقول لمن لا يريد التعاون هل تريد حكومة استئثار وهل ينجح البلد بحكومة استئثار، بل هل تستطيع تشكيل حكومة استئثار، والحل هو بتخفيف آلام الناس تمهيداً للحلول المستقبلية.
حركة بخاري
ولفت الانتباه نهاية الاسبوع حركة السفير السعودي وليد بخاري الذي استقبل السبت، في مقر إقامته في اليرزة، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الرئيس فؤاد السنيورة ورؤساء الجمعيات الإسلامية في لبنان، وجرى خلال اللقاء «تبادل الأحاديث الودية والبحث في آخر المستجدات الراهنة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك».
ثم استقبل بخاري السبت تباعاً النواب السنّة: أحمد الخير، و ياسين ياسين، وعبد العزيز الصمد، ، وجرى خلال هذه اللقاءات التداول في آخر التطورات محلياً وإقليمياً، بالإضافة إلى قضايا ذات الإهتمام المشترك. ووصفت مصادر بعض النواب الزيارات بأنها للتعارف ولم يتخللها اي بحث تفصيلي في القضايا المطروحة.
وأثنى الخير خلال اللقاء، على «كل ما قدمته السعودية وقيادتها للبنان شعباً ودولة، وحرصها الدائم على سيادته واستقلاله»، وقال: أن فترات الإزدهار في تاريخ لبنان الحديث كانت سمتها الأساسيّة الاستثمارات الخليجية والسعودية على وجه الخصوص في الإقتصاد اللبناني، إضافةً إلى السياحة التي كان ثقلها الأساسي في حضور الأشقاء السعوديين والخليجيين».
وأضاف الخير: برغم كل الإساءات إلى الخليج والسعودية، إلّا أن المملكة بحكمة قيادتها لم تُسىء إلى الشعب اللبناني، وأبقت يدها ممدودة وقلبها مفتوحاً للبنانيين في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها».
كما استقبل السفير بخاري امس، النائب الدكتور عبد الرحمن البزري، الذي قال في مداخلة تلفزيونية عمّا اذا كان مرشحاً لرئاسة الحكومة: حتى اللحظة لا تواصل جدي معي من قبل اي طرف حول رئاسة الحكومة، وبشكل موضوعي ارى ان حظوظي قليلة جداً.