لبنان
برّي يدعو لجلسة نيابيّة الأسبوع المقبل.. وعون: تجديد الثقة بحكومة ميقاتي أو بديل سريع
تسود حالة من الترقب لما ستؤول إليه الجلسة المرتقبة لانتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي بعد انتهاء الانتخابات، وفي ظل عدم وجود مرشح سوى الرئيس نبيه برّي، لا مجال للتكهنات بأن أي شخصية أخرى قد تتولى رأس السلطة التشريعية، في وقت يستمر البعض بالمكابرة ومحاولة تعطيل هذا الاستحقاق الذي يمثل المدخل الرئيس للاستحقاقات المقبلة.
وكان بارزا ما نقله زوار القصر الجمهوري عن الرئيس ميشال عون بأنه لا يضع شروطاً حتى بما خصّ اسم رئيس الحكومة، ولا يمانع فكرة تجديد الثقة بالحكومة الحالية في حال موافقة القوى السياسية على ذلك.
ومع تزايد الأزمات والخشية من أزمات إضافية وتفاقم الأمور نحو الأسوأ على كافة الصعد، يبقى تحسن الأمور مرهون بماستحمله الأيام القليلة المقبلة، التي ستعطي إشارات واضحة إن كانت البلاد ستذهب لمزيد من المراوحة أو أن تكون هناك حلول تعطي بصيص نور في النف الطويل المظام.
"الأخبار": عون: تجديد الثقة بحكومة ميقاتي أو بديل سريع
كما في الأشهر التي سبقت الانتخابات النيابية الأخيرة، أظهرت الأيام الأخيرة استمرار الاستعصاء في تعامل القوى السياسية مع الأزمة التي تمُرّ بها البلاد، في انعكاس للصراع العميق بينَ مكوّنات المنظومة على إدارة الحكم وتقاسم النفوذ. ويبدو، حتى الآن، أن الكُتل الجديدة التي أفرزتها صناديق الاقتراع، أو ما يُسمّى بـ«التغييريين» و«المستقلين»، ليسوا في أدائهم سوى نسخة عن الكتل والأحزاب، مع عجزهم حتى الآن عن تشكيل إطار نيابي واحد، يُفترض أن يجمع من يستظلّون بمظلة «التغيير»، في وقت تسعى فيه قوى من المنظومة كالقوات اللبنانية جهدها لضمّهم تحت جناحها، بدءاً من استحقاق انتخاب رئيس للمجلس النيابي. كما يفترض بهؤلاء أيضاً السعي إلى بدء العمل سريعاً في بلد تكاد تنعدم فيه كل مقوّمات الحياة، بعيداً عن الاستعراضات والطروحات العبثية كذاك الذي جرى تداوله بين بعض نواب «التغيير» بترشيح النائب علي عسيران لـ«زكزكة» رئيس المجلس، وبعيداً عن كل الشعارات التي يرفعها حزب القوات اللبنانية، فيما هو في الواقع يخوض معركة رئاسة المجلس فعلياً ضد حزب الله، لا ضد الرئيس نبيه بري نفسه، من باب كسر ما يعتبره حزب الله «خط الدفاع الأول»، بعد الإخفاق في ذلك عبر انتزاع مقعد شيعي في الانتخابات الأخيرة.
الانخراط في بازار انتخاب رئيس للمجلس، مع علم الجميع بأن المرشّح الوحيد للموقع اسمه نبيه بري، بات واضحاً أيضاً أنه يخفي في طياته معارك على الحكومة المقبلة وعلى موقع نائب رئيس المجلس الذي يتنافس عليه ثلاثة مرشحين هم: إلياس بوصعب (التيار الوطني الحر)، غسان حاصباني (القوات اللبنانية) وملحم خلف (17 تشرين). كما أنه يهدف إلى إيصال بري بأقل عدد من الأصوات.
مصادر سياسية مقربة من رئيس المجلس، أشارت إلى أن إعادة انتخابه «أمر محسوم، ولا ضيرَ إن كان بلا أغلبية»، لكن «المشكلة ليست في عدد النواب الذين سيصوّتون. الكارثة أن لا أحد يريد التكلم مع أحد، ما يدفع إلى التساؤل: لماذا دخلوا الى مجلس النواب مجدداً؟ كي يتجادلوا؟ هناك ملفات ملحّة وقوانين مستعجلة وظروف ضاغطة تحتّم على القوى السياسية أن يتحدث بعضها إلى بعض، وحتى النواب التغييريّون عليهم أن يفهموا أن اللعبة البرلمانية تقتضي التشاور والتعاون مع الجميع»، مشيرة إلى أن «الاتصالات التي بدأت للتخفيف من أجواء التشنج توقفت». المصادر أكّدت أن أصوات نحو 60 نائباً مضمونة لبري من نواب كتل حركة أمل وحزب الله وحلفائهما والطاشناق والمردة ونواب كتلة عكار الأربعة «المحسوم أنهم سيصوّتون للرئيس بري»، بحسب ما أكد النائب وليد البعريني لـ«الأخبار»، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين وكتلة اللقاء الديموقراطي. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن وفداً من كتلة «التنمية والتحرير» سيزور النائب تيمور جنبلاط للبحث في ملفات عدة؛ من بينها انتخاب رئيس المجلس. فيما يفترض أن يعلن التيار الوطني الحر موقفه بوضوح اليوم بعد الاجتماع الأول الذي ستعقده كتلة «لبنان القوي».
نواب المستقبل في عكار «حاسمون» في انتخاب بري ووفد من «التنمية والتحرير» للقاء جنبلاط
غير أن مصادر أخرى استبعدت أن يدعو بري، بصفته رئيس السنّ، إلى جلسة قريباً، قبل أن يضمن تصويتاً مسيحياً وازناً له. وبالتالي، قد لا تعقد الجلسة قبل اليوم الأخير من انتهاء المهلة الدستورية، مع الأخذ في الحسبان احتمال تجاوزها باعتبار أن هناك رأياً دستورياً يرى أنها مهلة حثّ لا إسقاط، إذ لم يرسم المشرّع، في المادة الثانية من النظام الداخلي لمجلس النواب، جزاءً أو فرضاً أو سياقاً في حال عدم الالتزام بهذه المهلة، كما هي الحال في سائر المواد في هذا النظام. ما يعني أن الأمور ذاهبة، على الأرجح، إلى تعطيل طويل للمجلس وللاستحقاقات التي تليه، وتحويل الأزمة إلى أزمة نظام وإطاحة اتفاق الطائف برمّته. وكان لافتاً في هذا السياق تصريح النائب جميل السيد، عقب لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، بأن «الرئيس لا يجوز أن يسلّم صلاحيات الرئاسة الى حكومة تصريف أعمال في نهاية ولايته، لأن صلاحيات الرئاسة ليست من المواضيع التي يشملها تصريف الأعمال. ولا يمكن، حسب رأيي، لفخامة الرئيس المغادرة وتسليم صلاحياته الى حكومة تصريف أعمال لا تتمتع بالصلاحيات الدستورية بنفسها».
زوار رئيس الجمهورية نقلوا عنه في ما يتعلق بانتخاب رئيس المجلس أنه «لا يتدخل في هذا الأمر، والقرار متروك للنواب، وهو لا يزال يتمسك بمبدأ فصل السلطات». وأكد عون، على عكس ما يشاع عن صعوبة تشكيل حكومة، أن «هناك حكومة وهناك انتخابات رئاسية (...) الجميع ظلّ يشكك بحصول الانتخابات حتى آخر يوم، ثم حصلت. وهكذا دواليك في استحقاق الحكومة والرئاسة». وأكد هؤلاء أن عون يصرّ على تشكيل الحكومة في أسرع وقت، ولا يضع شروطاً حتى بما خصّ اسم رئيس الحكومة، ولا يمانع فكرة تجديد الثقة بالحكومة الحالية في حال موافقة القوى السياسية على ذلك. ونقل الزوار عن عون خشيته من أن يكون هناك من يريد إبقاء الفراغ ومحاولة تهشيم صورته من خلال فوضى اجتماعية واقتصادية تنجم عن عدم تشكيل الحكومة الجديدة. مع ذلِك، لا تبدو الطريق معبدة أمام الحكومة، وخصوصاً أن لا اتفاق على اسم لبديل من ميقاتي حتى الآن، ولا ضمن نواب «المجتمع المدني» الذين يؤيد بعضهم تسمية السفير نواف سلام، وهو ما «لن يكون مقبولاً» من الفريق الآخر وتحديداً لدى حزب الله.
"اللواء": برّي يدعو لجلسة نيابيّة الأسبوع المقبل
تترقب الساحة الداخلية مواقف الكتل النيابية حيال انتخاب رئيس للمجلس النيابي وهو أول الاستحقاقات بعد الانتخابات النيابية إذ من المفترض أن يتم انتخاب رئيس خلال 15 يوماً من 22 أيار كحد أقصى، وفق ما ينص عليه القانون. لكن الرئيس نبيه بري يتريث بالدعوة الى جلسة الانتخاب ريثما يتمّ التوافق بين الكتل لتأمين أكبر عدد من الأصوات.
ومن المتوقع أن يدعو بري الى جلسة بداية الاسبوع المقبل لتنشط الاتصالات والمشاورات بحسب ما علمت «البناء» لتأمين تسوية بين بري وكتلة لبنان القوي تحفظ ماء الوجه للجميع وتكسر حدة المواقف العالية السقف التي اندلعت خلال اليومين الماضيين بين حركة أمل والتيار الوطني الحر.
إلا أن مصادر نيابية في التيار الوطني الحر رجحت لـ»البناء» عدم تصويت كتلة لبنان القوي للرئيس بري، وعزت المصادر السبب الى انسجام التيار مع مواقفه من الطبقة السياسية التي حكمت منذ عقود وأوصلت البلد الى هذا الدرك، متسائلة: كيف سنقنع جمهورنا بالتجديد لبري في ظل مواقفنا التي تحمل الطبقة السياسية مسؤولية الانهيار في لبنان. وأوضحت أن «التكتل سيعقد اجتماعاً اليوم سيتخذ خلاله القرار النهائيّ بهذا الخصوص بعد مناقشة حيثياته وتأثيراته على الواقع النيابي».
وعن احتمال ترك رئيس التكتل النائب جبران باسيل حرية التصويت للكتلة، لفتت المصادر الى أن «الأمور متروكة الى أوانها».
وعما إذا كان التيار يربط انتخابات رئاسة المجلس بتسوية تشمل كافة الاستحقاقات المقبلة، أوضحت المصادر أن «النائب باسيل كان واضحاً في خطابه الأخير وقد رسم أولويات التيار لإنقاذ البلد من الكوارث والمآسي التي يعيشها».
وإذ من المتوقع أن تبدأ مواقف الكتل النيابية والنواب المستقلون بالظهور إزاء استحقاق رئاسة المجلس، أعلن نائب عكار سجيع عطية من عين التينة عن تشكيل كتلة إنماء عكار التي تشمل عدداً من النواب، موضحاً انها ستصوت مبدئياً للرئيس بري. وعلمت «البناء» أن النائب حسن مراد سيصوّت للرئيس بري إضافة الى كتلة اللقاء الديموقراطي.
وتوقعت مصادر نيابية لـ»البناء» أن يتبلور المشهد النيابي الاسبوع الحالي وان يتم انتخاب بري بأغلبية وازنة. لكن المصادر توقعت معركة شرسة على نائب الرئيس إذ ان كل كتلة من الكتل الثلاث القوات والتيار والمجتمع المدني تريد إثبات قوتها النيابية وتظهيرها بكسب هذا المنصب.
وبعد اجراء الانتخابات وتمثيل قوى الحراك في المجلس الجديد رفعت الإجراءات من محيط المجلس النيابي التي اتخذت خلال الثلاث سنوات الماضية منذ اندلاع أحداث ١٧ تشرين ٢٠١٩ وأزيل الجدار الاسمنتي وبلوكات الباطون الذي يفصل المجلس عن ساحة رياض الصلح.
وتمّت أعمال الرفع بحضور وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي الذي أشار، إلى أن «واجب علينا أن نستمع إلى صوت اللبنانيين فبيروت مدينة الحياة والانفتاح وهي للجميع وليست مقفلة بوجه أحد، وتواصلت مع بري فمَن كان يتظاهر هنا أصبح داخل المجلس ومعاً سنبني لبنان، وكما نجحت الانتخابات وعبّر الناس عن صوتهم نسمع جميعنا كدولة صوت الناس وننفذ لهم ما يريدون».
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أنه لم يعد جائزاً أن يتم التظاهر في الشارع من قبل مجموعات الحراك بعد تمثيلهم في المجلس بل أصبحوا الآن في موقع المسؤولية والمحاسبة عن أدائهم خلال السنوات الأربع المقبلة.
كان قد أعلن المكتب الاعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، أنه «بناء لتوجيهات بري التي تقضي بإنجاز رفع الإجراءات وتخفيف التدابير التي كانت متخذة سابقاً حول المجلس النيابي، بدأت الجهات المعنية بتنفيذها وإنجازها قبل انعقاد الجلسة النيابية المقبلة».
في غضون ذلك يواصل السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، تدخله السافر في الشؤون الداخليّة اللبنانيّة، وفي تصريح له أمس، يكشف دوره في الانتخابات النيابية بتقديم الدعم السياسي والمالي للوائح دون أخرى لأهداف سياسية تتعلق بالسيطرة على القرار في لبنان لصالح المشروع الاميركي، لفت البخاري الى أن «لبنان يعيش أياماً صعبة على المستويات كافة وفي مقدمتها هويته العربية وعلاقته بمحيطه العربي. واليوم نزفّ للمفتي حسن خالد نتائج الانتخابات المشرّفة وسقوط كل رموز الغدر والخيانة وصناعة الموت والكراهية».
وحذرت أوساط سياسية عبر «البناء» من سعي أميركي – سعودي لجمع أكبر عدد من النواب من كتل حزب «القوات اللبنانية» و»الكتائب» ومجموعات من قوى «المجتمع المدني» والمستقلين، لتكوين أكثرية نيابية لفرض مرشح لتأليف حكومة جديدة والتحكم بعملية التأليف وإقصاء قوى أساسية في البلد، ويجري الهمس في الكواليس باسم السفير السابق نواف سلام، واعتبرت الأوساط أن هذا المخطط يشكل مقدمة لتخريب البلد وأخذه الى التأزم السياسي وعودة الانقسام الطائفي وتهديد الوضع الأمني الداخلي. داعية الجميع الى الاتعاظ من المراحل السابقة بالرضوخ لمنطق الشراكة الوطنية والتعاون لإنقاذ البلد. على صعيد مواز، نقلت وسائل اعلام خليجية عن مصادر حكومية أميركية أن «الولايات المتحدة سعيدة بإجراء الانتخابات، وعدم وقوع أية أحداث أمنية، إلا أنها تطرقت إلى وجود بعض الملاحظات على العملية الانتخابية»، مؤكدة أن «اللبنانيين يريدون حكومة قادرة على حل مشاكلهم، ونتائج الانتخابات خطوة جيدة وما سيأتي أو ينتج عنها مهم، والإدارة الأميركية ستدعم الحكومة اللبنانية في مواجهة التحديات المطروحة عليها بما في ذلك الاتفاق مع صندوق النقد الدولي».
وأكدت المصادر أن موقف واشنطن من حزب الله لم يتغير، فهو موضوع على لائحة الإرهاب، ومصنّف ضمن لائحة «التنظيمات الإرهابية الأجنبية»، كما أنه يقوم بنشاطات «إشكالية» ويسبب اضطرابات في لبنان والمنطقة، وهو مدعوم من إيران.
وتفاعل السجال بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الطاقة والمياه وليد فياض في جلسة الحكومة الأخيرة إثر سحب الأخير عروض الطاقة، ما يعكس التوتر في العلاقات الرئاسية على خط بعبدا – السراي الحكومي.
وفيما أكد فياض أنه «لم يُطرح أي بند لتلزيم معامل كهربائية جديدة كما أنه لم يتسلّم أية عروض مكتملة، إنما تسلمت الوزارة مراسلات من الشركات الصانعة الأربع: سيمنس – جنرال الكتريك – أنسالدو – ميتسوبيشي كان آخرها بتاريخ 20/5/2022 أي تاريخ آخر جلسة لمجلس الوزراء، تبدي فيها اهتمامها بقطاع الطاقة ومنها من قدم عروضاً أولية بحاجة للدرس والتدقيق ولم يأتِ أي عرض مكتمل من النواحي الفنية والمالية والقانونية. وهنا نستغرب وصول هذه المراسلات لعدة جهات بالتوازي مع وصولها الى وزارة الطاقة والمياه». رد المكتب الإعلامي لميقاتي في بيان وأشار الى أنه «منذ إعلان ميقاتي سحب وزير الطاقة والمياه وليد فياض الملفين المتعلقين بالكهرباء عن جلسة مجلس الوزراء، يحاول وزير الطاقة التغطية على ما فعله ببيانات ومواقف مرتبكة لم تنجح في إقناع الرأي العام بصوابية موقفه، خصوصاً أنه تحدث بنفسه أمام وزراء وشخصياً عن الأسباب الحقيقية لسحبه الملف. فهل يجرؤ الوزير على تسمية مَن طلب منه سحب الملف، ولماذا؟».
واضاف البيان: «اللافت أنه في محاولة للتغطية على فعلته، وزع وزير الطاقة اليوم بياناً يقول فيه انه «ليس بوارد السير بتوقيع صفقات بالتراضي لشراء الكهرباء بأثمان مرتفعة بل باعتماد الطرق القانونية السليمة التي تتيح المنافسة للجميع». والسؤال الذي ينبغي على الوزير الاجابة عليه بكل وضوح ومن دون لفّ ودوران «هل طلب منه أحد إتمام صفقة شراء الكهرباء بالتراضي؟ وهل قال له أحد بقبول صفقة الشراء بالتراضي؟».
وعلى وقع الارتفاع المستمرّ لسعر صرف الدولار الذي سجل مساء أمس 32400 ألف ليرة للدولار الواحد في السوق السوداء، تتفاقم الأزمات بشكل تدريجي، آخذة البلاد الى الهاوية والى انفجارات اجتماعية وأمنية في الشارع.
واتهمت أوساط سياسية ومالية عبر «البناء» السفارة الأميركية في لبنان وجهات سياسية ومالية ومصرفية داخلية على رأسها حاكم مصرف لبنان بالتلاعب بسعر الصرف لإشعال نار الازمات بهدف الضغط السياسي عشية حلول موعد الاستحقاقات المتتالية لا سيما الاستحقاق الحكومي.
وعلى صعيد أزمة الكهرباء التي يبدو أن لبنان سيذهب الى العتمة الشاملة، أفادت مؤسسة كهرباء لبنان أنّ «خزين مادة الغاز أويل سينفد كلياً في معمل دير عمار، المعمل الحراري الوحيد المتبقي على الشبكة، ممّا سيؤدي إلى وضعه قسريًا خارج الخدمة صباح يوم غد (اليوم)، وبالتالي لا يتبقى على الشبكة سوى إنتاج المعامل المائية الذي لا يتعدى //100// ميغاواط، وحيث أنّه كان من المرتقب أن تصل يوم الجمعة الواقع فيه 20/05/2022 الناقلة البحرية «SEALION I»، المحملة بمادة الغاز أويل إلى المياه الإقليمية اللبنانية، وإنّما بحسب آخر المعطيات الواردة من قبل جانب وزارة الطاقة والمياه، فإنّ الناقلة البحرية المعنية سيتأخر موعد وصولها حتى تاريخ 25/05/2022».
أما بشأن أزمة المحروقات، فلفت عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج براكس إلى أن «رغم الازمة، لا تزال الشركات تؤمّن المحروقات للمحطات، غير أن اصحاب المحطات اتخذوا قراراً بعدم قبول بطاقات الائتمان». وأضاف: دولاراتنا تستنزف وعدم توفرها يسبّب مشكلة في الاستيراد».
وشهدت المحال التجارية ارتفاعاً عشوائياً لأسعار المواد الغذائية، فقد أشار رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي الى أن «لدى مصرف لبنان صعوبة كبيرة في تمويل القمح، لكن هذا لا يعني أننا أمام خطر مجاعة». وقال في حديث إذاعي: الاستيراد تراجع مرحلياً لكن لبنان بلد صغير ويمكن تلبية حاجاته، والتحدّي الكبير يكمن في قدرة المواطن على شراء المواد الغذائية بظلّ الغلاء المعيشي».
"الجمهورية": لعبة الأحجام تسبق "الاستحقاق المجلسي"
الأمر الطبيعي مع الانتخابات النيابية هو ان يسلك المجلس النيابي التي يتولّد عنها، مساراً طبيعياً وهادئاً الى ولايته. ولكن شاءت المكابرات السياسية ان تربك هذا المسار وتجعله متعرّجاً، بمسارعتها إلى فتح «بازار العدّ» ومعركة التباهي بمن كتلته هي الأكبر في هذا المجلس، وسارعت إلى محاولة زرع المعبر الإلزامي الى الولاية المجلسية، المتمثل باستحقاق انتخاب رئيس مجلس النواب، بالمعوقات وبناء أسقف عالية من الشّروط والمواصفات، التي ترى ضرورة أن تنطبق على رئيس المجلس!
تلك المكايدات، جرّت اصطفافات في موازاتها، ونتيجة ذلك، كما يبدو جلياً، ربط بدء ولاية المجلس الجديد بسلك توتّر آيل للاشتعال، ولغة التخاطب المتبادلة على أكثر من جبهة سياسية او نيابية، أطلقت في الأجواء الداخلية عاصفة من الغبار السياسي تعزز المخاوف، التي أخذت تتصاعد منذ صدور نتائج الانتخابات النيابية، من دخول لبنان في جو الانقسام والعداء القائم إلى عالم سياسي ونيابي مجهول، لا بل ينذر إلى مرحلة هي الأصعب اقتصادياً ومالياً ومعيشياً.
عملياً، فإنّ استحقاق انتخاب رئيس المجلس سيتبلور بصورته النهائية في غضون أيام قليلة، والمحسوم في نادي المرشحين لتولّي هذه المسؤولية، مرشّح وحيد هو الرئيس نبيه برّي. والكلمة الفصل في هذا الاستحقاق ستكون بطبيعة الحال لحركة الاتصالات والمشاورات الجارية، التي ستحسم وجهة الأصوات، وليس للأصوات الاعتراضية وحدها، التي استبقت هذا الاستحقاق بإعلان عدم تصويتها للرئيس بري.
جلسة الانتخاب
وإذا كانت قد استُهلت فترة الخمسة عشر يوماً المتاحة أمام إتمام بناء القيادة المجلسية عبر انتخاب رئيس المجلس ونائبه وسائر أعضاء هيئة المجلس، باتخاذ قرار مجلسي بتخفيف الإجراءات والتدابير المتخذة حول مبنى البرلمان في ساحة النجمة، الّا انّ الأنظار متجهة صوب موعد انعقاد جلسة الانتخاب، التي ترجح مصادر مجلسية ان يدعو الرئيس نبيه بري الى انعقادها بداية الاسبوع المقبل، بعدما تكون كل إجراءات انعقادها قد اكتملت. ومن دون ان تخرج هذه المصادر من حسبانها إمكان انعقاد الجلسة أواخر الاسبوع الجاري في حال طرأ ما يستدعي ذلك. مع الإشارة هنا إلى انّ الأمانة العامة لمجلس النواب انهمكت في الايام الاخيرة في تزويد النواب الجدد نسخاً من الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، إضافة الى توزيع أرقام اللوحات لسيارات النواب الجدد، وتحديد مكاتبهم في مبنى النواب المحاذي لمبنى البرلمان في ساحة النجمة.
تخفيف الإجراءات
وكانت قد بدأت أمس، عملية رفع الإجراءات وإزالة «البلوكات» الإسمنتية عن محيط المجلس النيابي في ساحة النجمة، وجاء ذلك فور إعلان المكتب الأعلامي للرئيس نبيه بري، أنّه «بناء لتوجيهات الرئيس نبيه بري التي تقضي بإنجاز رفع الإجراءات وتخفيف التدابير التي كانت متخذة سابقاً حول المجلس النيابي، حيث بدأت الجهات المعنية بتنفيذها وإنجازها قبل انعقاد الجلسة النيابية المقبلة».
وواكب وزير الداخلية القاضي بسام مولوي العملية بحضوره الى ساحة النجمة حيث قال: «واجب علينا أن نستمع إلى صوت اللبنانيين، فبيروت مدينة الحياة والانفتاح، وهي للجميع وليست مقفلة بوجه أحد. وقد تواصلت مع الرئيس بري، فمّن كان يتظاهر هنا أصبح داخل المجلس، ومعاً سنبني لبنان. وكما نجحت الانتخابات وعبّر الناس عن صوتهم نسمع جميعنا كدولة صوت الناس وننفّذ لهم ما يريدون».
مسار الجلسة
على انّ مسار الجلسة الانتخابية قد بات شبه محسوم سلفاً، في ظلّ عدم وجود معركة تنافسية على موقع رئيس المجلس، بحيث انّ كل التقديرات والترجيحات تتقاطع عند فوز الرئيس نبيه بولاية مجلسية جديدة، وإن بنسبة متدنية عمّا كانت عليه في المجالس النيابية السابقة، ويعود ذلك الى الخريطة النيابية الجديدة التي لا يملك فيها أي طرف اكثرية موصوفة تحدّد الوجهة المجلسية. الّا انّ طبول المعركة قد بدأت تقرع منذ الآن على موقع نائب رئيس المجلس، في ظلّ وجود مجموعة من مرشحين من قِبل «التيار الوطني الحر» (الياس بو صعب) وحزب «القوات اللبنانية» (غسان حاصباني) ونواب التغيير ( ملحم خلف)، وكذلك من قِبل «كتلة إنماء عكار» التي رشّحت النائب سجيع عطية لموقع نائب رئيس المجلس.
نائب الرئيس .. حماوة
وبحسب مصادر نيابية، فإنّ المحسوم في الاستحقاق المجلسي هو انتخاب الرئيس بري. اما بالنسبة الى موقع نائب الرئيس، فتبدو العملية الانتخابية المرتبطة به، ملفوحة بحماوة، يصعب معها الرسم المسبق للمسار الذي ستسلكه، وأي تحالفات ستنشأ ربطاً بهذا الموقع، وأي مقايضات ستجري لإتمامه.
المطبخ التشريعي
على انّ التنافس الأساس بين الكتل المجلسية الجديدة، سيتبدّى في انتخاب المطبخ التشريعي للمجلس النيابي المتمثل بانتخاب اللجان النيابية الدائمة ورؤسائها ومقرّريها. وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ غالبية النواب الجدد، ولاسيّما من يقدّمون أنفسهم تغييريين، يصرّون على أن يأتي انتخاب أميني السر والمفوضين الثلاثة (أعضاء هيئة مكتب المجلس)، وكذلك تركيبة اللجان النيابية الجديدة، سواء بالنسبة إلى أعضاء اللجان أو إلى رؤسائها ومقرّريها، بالانتخاب وليس عبر إعداد صيغ مجهّزة مسبقاً وفق تقاسم بين الكتل.
تحفيز خارجي
على انّ النافر وسط هذا المشهد، هو انهماك المكونات الداخلية في لعبة الأرقام والأحجام والمكايدات وتسجيل النقاط على هذا الطرف او ذاك، ويتجلّى ذلك بوضوح في مواقف بعض الكتل الكبرى في المجلس الجديد، متجاهلين ما تفرضه مرحلة ما بعد الانتخابات من أولويات باتت شديدة الإلحاح، في ظل الانهيار المتسارع على خط الأزمة اقتصادياً ومالياً ومعيشياً، بينما في المقابل ترصد بوضوح حركة ديبلوماسية مكثفة لسفراء دول صديقة وشقيقة، تسعى إلى تصويب اهتمامات المكونات السياسية في اتجاه الشراكة في بلورة العلاجات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته.
وهذا التوجّه، وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، لفت إليه مختلف السفراء الاوروبيين في لبنان، بتأكيدهم على انّ مرحلة ما بعد الانتخابات تفرض تغييراً في النمط السياسي والحكومي الذي كان سائداً ما قبل الانتخابات، وتشكيل حكومة بمستوى المرحلة الجديدة التي دخلها لبنان، توفي بكل مسؤولية، بالالتزامات التي قطعها لبنان للمجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية، وتضع لبنان على سكة الإصلاحات والإجراءات التي تمكّنه من استرداد ثقة المجتمع الدولي به، وتعجّل في عقد برنامج التعاون بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وتمهّد إلى فتح باب المساعدات من مصادر ومؤسسات دولية أخرى.
وفي هذا السياق، يندرج ما أكّد عليه السفير المصري في لبنان ياسر علوي، قارناً ذلك بنصيحة الى المكوّنات السياسية في لبنان بتغليب مصلحة لبنان واللبنانيين، والمسارعة الى اعتماد الخطوات الإنقاذية والإصلاحيّة وعدم إضاعة الوقت.
عصر جديد!
وبحسب مصادر المعلومات الموثوقة، فإنّ نتائج الانتخابات كانت محل تقييم في «جلسة ديبلوماسية» شارك فيها عدد من السّفراء، وخلص الى قراءة ايجابية لهذه النتائج التي حملت ما وصف بتغيير نوعي في مجلس النواب، أتاح دخول وجوه جديدة الى المجلس، قد تساهم في إعادة تصويب وجهة السياسة وإدارة الحكم في لبنان التي كانت سائدة، وتعزيز الرقابة والمحاسبة والدفع في اتجاه الاصلاحات.
ووفق معلومات «الجمهورية»، انّ لقاء عُقد خلال اليومين الماضيين بين مجموعة من كبار رجال الاعمال والاقتصاد مع سفير دولة اوروبية كبرى، قدّم خلاله السفير المذكور مقاربة للمشهد اللبناني، ما قبل الانتخابات وما بعدها، لافتاً الى أنّ «مشكلة لبنان الأساسية تأتت من الصراعات السياسية وصراع المصالح، وكذلك من أهواء بعض السياسيين، التي تسببت بالأزمة في لبنان، وفاقمتها الى المستوى الصعب الذي بلغته».
وبحسب ما نُقل عن السفير المذكور، فإنّ «مكمن الخلل الأساسي والجوهري في لبنان هو «عدم الكفاءة»، إن في إدارة الدولة او على مستوى قيادة إدارات الدولة. وهذا واقع بات من الملحّ ان يتغيّر ويزول».
وخاطب محدّثيه قائلاً: «الانتخابات النيابية خلقت واقعاً جديداً، وأستطيع ان أقول بكلّ ثقة انّ عليكم في لبنان ان تفهموا أنكم دخلتم في عصر جديد للبنان، نأمل ان يكون الافضل لهذا البلد. وبحسب متطلبات العصر الجديد ينبغي أن يكون الأداء على مستوى كلّ السلطات. وهذا ما ينبغي ان يتبدّى مع تشكيل حكومة جديدة محصّنة بكفاءات موثوقة، نؤكّد على اللبنانيين التعجيل فيها، ورفد مهمّتها الإنقاذية بالتفاف داخلي واسع حولها، والأهم صدقية الالتزام بهذه المهمة».
وفي نهاية هذا اللقاء، بحسب المعلومات المؤكّدة، فإنّ السفير الاوروبي أبلغ الحاضرين في هذا اللقاء، بأنّ دول الاتحاد الاوروبي، وعلى الرغم مما فرضه الحدث الروسي- الأوكراني من إرباكات وتطورات وتبديل في الأولويات، الّا انّه ما زال يضع لبنان في صدارة اهتماماته، وثمة خطوات ملموسة تعكس هذا الاهتمام، سيشهدها لبنان في الفترة المقبلة. الّا انّ المسؤولية الأساس تبقى ملقاة على اللبنانيين، في تغيير السياسات السابقة، وفي إثبات صدقية التوجّه لإنهاء الأزمة، والتي توجب عليهم الدخول من أي شقوق تلوح امامهم لمصلحة لبنان وإنقاذ اللبنانيين من معاناتهم الصعبة».
إقرأ المزيد في: لبنان
14/11/2024