معركة أولي البأس

لبنان

برّي مرشحًا لرئاسة المجلس النيابي.. وملامح خلاف بين "القوات" و"التغييريين"
23/05/2022

برّي مرشحًا لرئاسة المجلس النيابي.. وملامح خلاف بين "القوات" و"التغييريين"

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بترشيح كتلة التنمية والتحرير للرئيس نبيه برّي إلى رئاسة المجلس النيابي الجديد، إذ من المفترض أن يتم انتخاب الرئيس ونائبه وهيئة المجلس لتبدأ المسيرة الدستورية للعمل وصولا إلى تشكيل حكومة جديدة.
وكانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي اختتمت آخر جلساتها يوم الجمعة الماضي في بعبدا، وتوجتها بإقرار رفع تعرفة الاتصالات في البلاد بدءًا من أول تموز المقبل وجعلها على منصة صيرفة.
وفي ظل تزايد الأزمات المعيشية لا سيما أزمة الطحين والطوابير أمام الأفران، يستمر سعر صرف الدولار بالارتفاع متجاوزًا 32000 ليرة لبنانية.
ومن المرتقب أن تصل اليوم الدفعة الأولى من الباصات الفرنسية المقدمة كهبة إلى لبنان، بحسب ما أعلن وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية أمس.


"الأخبار": ملامح خلاف بين القوات و«التغييريّين» على نائب رئيس المجلس: خلف في مواجهة حاصباني؟

محطة الانتخابات النيابية هي بداية الصراع الحقيقي على النظام لا نهايته، هذا ما تؤكّده درجة التعبئة التي تلت يوم الاقتراع. التوازنات الجديدة تضع البلاد أمام نمط آخر من المواجهات ستظهر في الاستحقاقات المتمّمة لاستحقاق 15 أيار، من انتخاب رئيس مجلس النواب وتأليف الحكومة، ثم انتخاب رئيس للجمهورية، فضلاً عن إدارة الملفات الحياتية.

ويبدو واضحاً من خلال رصد المواقف استشعار غالبية الأطراف أن البلاد دخلت حقبة جديدة، أخطر ما فيها غموضها الذي لا يخفي أن ثمّة من يريد أن تكون المواجهة عنوانها الأساسي، وأول اختباراتها هو انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي الجديد. فباستثناء كتلته «التنمية والتحرير»، التي رشحته أول من أمس، وكتلة «الوفاء للمقاومة» وبعض حلفائهما، رفعت غالبية الكتل النيابية الورقة البيضاء في وجهه، وإن كانَ ذلِك لن يمنع تربعه على الكرسي لولاية سابعة. لكن المرجّح أن يفتقد فوزه هذه المرة طعم الانتصار. وفي كل الأحوال، لا تزال جلسة انتخاب رئيس المجلس، التي يتعيّن على بري (كونه رئيس السنّ) أن يدعو إليها كحدّ أقصى في الأسبوع الأول من حزيران المقبل، غير متاحة حتى الآن، وهي رهن اتصالات مكثفة للحدّ من أجواء التوتير التي رافقت إعلان كتل وأصوات نيابية رفضها التصويت له.

مواقف نهاية الأسبوع الماضي أشّرت إلى ما ستحمله الأيام المقبلة، بدءاً من إعادة تأكيد أكبر كتلتين مسيحيتين رفضهما منح أصواتهما لبري. إذ كرّر رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أن القوات لن تنتخبه، والأمر نفسه، وإن مواربة، أشار إليه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في «احتفال النصر»، السبت الماضي، عندما سأل: «ماذا يمنع أن يكون هناك مرشحون آخرون لرئاسة مجلس النواب»، واضعاً «لائحة شروط» لإعادة انتخاب بري يُفهم منها أن كتلة التيار لن تنتخبه، أما «من يفكر بأن يقايضنا بين رئاسة المجلس ونائب الرئيس فغلطان ومسترخصنا».
رغم ذلك، في الكواليس كلام كثير عن أن فتح معركة رئاسة المجلس «ليس موجهاً ضد بري شخصياً»، بل هو معركة على «موقع نائب رئيس المجلس» الذي يريده البعض ثمناً للتصويت لبري. وتقول مصادر بارزة إنه «في المرحلة الحالية الكل يحتاج إلى الكل، ولذا الجميع يعلّي سعره لكي يحقق مكسباً. وبما أن بري هذه المرة لا يضمن غالبية ساحقة ويحتاج إلى بوانتاج عالٍ، يرى البعض أن عليه أن يدفع مقابل عدد من الأصوات يحفظ له ماء الوجه»، فيما تعبّر مصادر أخرى عن الخشية من أن «هناك أطرافاً تريد أن تدفع البلاد في اتجاه المواجهة الكبرى، مع علمها بأن نصف المعركة الانتخابية التي خاضها حزب الله وحركة أمل هدف إلى عدم حدوث أيّ خرق في أيّ من المقاعد الشيعية لضمان عدم وجود منافس على رئاسة المجلس، فضلاً عن أهمية الموقع بالنسبة إليهما، ولا سيما في ظل الظروف الداخلية والخارجية المحيطة بالبلد».

احتمال أن يلجأ العونيّون وآخرون من المستقلّين إلى ترك الخيار للنواب بشأن التصويت لبري

وعلمت «الأخبار» أن الأسبوع الجاري سيشهد تكثيفاً للاتصالات والمداولات. وإلى جانب المساعي التي يقودها حزب الله، تحدثت معلومات عن لقاء سيجمع بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لـ«البحث في آخر التطورات ونتائج الانتخابات والتكتلات الجديدة في مجلس النواب والاتفاق على كيفية التنسيق في المرحلة المقبلة». أما في ما يتعلق بالتيار الوطني الحر، فقالت مصادره إن «التكتل لم يناقش بشكل جماعي بعد موضوع رئاسة المجلس، ومن المفترض أن يعقد اجتماعاً هذا الأسبوع للبحث في مواضيع عدة؛ من بينها التصويت». وفيما تحدثت مصادر مطّلعة عن احتمال أن يلجأ العونيون وآخرون من المستقلين الى ترك الخيار للنواب بشأن التصويت لرئيس المجلس، وسط ملامح دعوات الى مقاطعة الجلسة من قبل بعض المعارضين لانتخاب بري، بدأت بالظهور ملامح معركة أخرى بين القوات من جهة والقوى «التغييرية» و«السيادية»، عنوانها موقع نائب رئيس المجلس. إذ تصرّ القوات على انتزاع المنصب لمصلحة غسان حاصباني وقد بدأت تستعين بقوى خارجية لإقناع النواب الجدد بدعمه في وجه مرشح التيار إلياس بو صعب، علماً بأن هؤلاء يميلون الى ترشيح النائب المنتخب ملحم خلف ويعوّلون على حصوله على دعم كبير حتى من القوى التقليدية، وأن «المستقلين» و«التغييريين» لم يتفقوا في ما بينهم، حتى الآن، على صيغة مشتركة، إذ تشير مصادرهم إلى أن «هناك اجتماعات تنسيقية ستعقد هذا الأسبوع لمناقشة عدد من الخيارات؛ من بينها القدرة على خلق إطار سياسي ككتلة نيابية يحافظون فيها على نوع من التمايز».

وعلى عكس الأجواء الملتهبة في الداخل، فإن المعطيات الخارجية توحي بوجود مبادرات من شأنها تخفيف التشنّج من بينها اتصالات بدأها الفرنسيون منذ ما قبل الانتخابات مع القوى السياسية، من ضمنها حزب الله، أكدوا خلالها أنهم ملتزمون مساعدة لبنان، وأن هناك مساعي لعقد مؤتمرات ولقاءات لإطلاق عجلة الإصلاحات لمنع الانهيار، فيما تشير مصادر مطلعة إلى أن «المفاوضات الإيرانية – السعودية بلغت مرحلة متقدمة وتتضمّن مساعي من الطرفين تهدف الى تبريد الساحات التي فيها اشتباكات، وقد ينعكس ذلك إيجاباً على لبنان في الفترة المقبلة سيبدأ من خلال الدعوة الى مراقبة التصريحات الإعلامية». أما في ما خص الأميركيين، فيلتزمون الصمت من دون تقديم إشارات سلبية أو إيجابية، باستثناء التأكيد على أهمية ملف ترسيم الحدود البحرية بالنسبة إليهم.


"البناء": التنمية والتحرير ترشّح بري لرئاسة المجلس
تكشف التصريحات والمواقف الصادرة عن الكتل النيابية والنواب المستقلين المنتخبين، سواء ضمن لوائح جمعتها مصالح انتخابية بعيداً عن الخيار السياسي، أو ضمن لوائح اتخذت عنوان التغيير، فشل محاولة تحويل استحقاق انتخابات رئاسة مجلس النواب الى مناسبة لتظهير أكثرية نيابية «استقتل» جعجع للقول إنها في الصف المعادي للمقاومة، فقد صار واضحاً أن انتخابات رئيس المجلس النيابي، بعد ترشيح كتلة التنمية والتحرير للرئيس نبيه بري للمنصب بدعم من كتلة الوفاء للمقاومة، ستشهد تصدّع الجبهة التي راهن جعجع على حشدها في مواجهة المقاومة، في ظل موقف النائب السابق وليد جنبلاط وكتلة اللقاء الديمقراطي التي ردّت بلسان النائب بلال عبدالله على دعوة جعجع تشكيل كتلة موحّدة، ودعا لمقاربة انتخاب رئيس المجلس بطريقة توحي بين سطورها الى اتجاه كتلة اللقاء الديمقراطيّ للتصويت لصالح بري، من جهة، وتكشف عدم صواب اعتماد الاستحقاق معياراً للاصطفاف حول الموقف من المقاومة، في ظل موقف كتلة التيار الوطني الحر المؤيدة للمقاومة والتي أعلنت عدم نيّتها التصويت لصالح بري لاعتبارات تمتد إلى تاريخ العلاقة المأزومة بين الطرفين والتي تجدد السجال حولها مؤخراً، من جهة أخرى؛ وقد ظهرت مؤشرات من جهة ثالثة على أن مجموع الأصوات التي ستنتخب الرئيس بري يزيد عن 60 نائباً من دون نواب التيار الوطني الحر، ما لم يطرأ أي تبدل على تموضعها لجهة ترك الحرية للنواب، كما تقول بعض التقديرات غير المؤكدة.

فشل مشروع جعجع للحديث عن الأغلبيّة ومحاولة تشكيلها بوجه المقاومة، لاقى الدعم من مصدرين، الأول هو موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي تحدث عن الانتخابات بلغة جعجع نفسها، محملاً من وصفهم بالمتضررين من نتائج الانتخابات مسؤولية التأزم الاجتماعي والمالي، علماً أنه أول من اعتبر حاكم مصرف لبنان خطا أحمر، وهو الذي يمسك بسعر الصرف، والمصدر الثاني هو محاولة واشنطن والرياض لطرح اسم السفير السابق نواف سلام كمرشح لرئاسة الحكومة، أملا بحشد تأييد نواب مسيحيي قوى 14 آذار والى جانبهم نواب اللقاء الديمقراطي والنواب المستقلين، وخصوصاً النواب التغييريين. وفي هذا السياق تقول مصادر نيابية إن احتمال تأييد جنبلاط لتسمية نواف سلام كبير، بقوة توجهه ذاته للتصويت في رئاسة المجلس النيابي لصالح الرئيس بري، بما يضمن تأكيد الخصوصيّة الجنبلاطيّة، بينما  نجحت محاولات حشد عدد لا بأس به من نواب التغيير، لكن بقي ثلاثة منهم إضافة للنائبين عبد الرحمن البزري وأسامة سعد يتحفظون على التسمية ويتساءلون لماذا لا ترشّح قوى التغيير لرئاسة الحكومة أحد نوابها، خصوصاً أن الاستحقاق يأتي في أعقاب انتخابات نيابية، ومن الطبيعي ان يكون المرشح الأبرز لرئاسة الحكومة من صفوف النواب، ما يستبعد اسمي الرئيس نجيب ميقاتي والسفير نواف سلام. هذا إضافة لتموضع عدد من النواب المستقلين بوضوح خارج الخطاب المعادي للمقاومة وسط الحديث عن نية لتشكيل كتلة وفاق وطنيّ تحت رعاية النائب السابق سليمان فرنجية تضم النواب طوني فرنجية ووليم طوق وفريد الخازن وميشال المر ونواب حزب الطاشناق الثلاثة، والنائبين الشماليين المستقلين سجيع عطية وفراس سلوم. وهذا يعني تموضع خمسة نواب منتخبين مستقلين خارج نداء جعجع وادعائه بوجود أغلبية تحت إبطه.

في موضوع الأغلبية اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ ​نعيم قاسم​، أنه «إذا صنفنا المجلس النيابي على أساس من هم مع مقاومة «إسرائيل» نجد أن 77 نائباً يؤيدون هذا الخيار»، مشيراً الى انه «لدينا علاقات مع النواب المعتدلين من المستقلين ومن المجموعات والمنظمات الشعبية غير المرتبطة بالسفارات». وشدّد قاسم على ان «اذا كان هناك من يعتقد أنه قلب الطاولة على حزب الله في المجلس النيابيّ فهو مخطئ»، معتبراً ان «حزب الله لا يريد الأكثرية النيابية ولا نعمل على ان يكون لنا أكثرية»، لافتاً الى «اننا في العلاقة مع الحلفاء لم نقصر وكنا دائماً متعاونين»، وتمنى قاسم على الأفرقاء المختلفين ان يضعوا أمامهم فكرة عدم التعطيل وليختاروا من يريدون لرئاسة مجلس النواب، مشيراً الى ان «حزب الله يؤيد ترشيح كتلة التنمية والتحرير لرئيس مجلس النواب نبيه بري».

بعدما أدلت القيادات السياسية بدلوها من خطابات احتفالية واحتفائية بالفوز في الانتخابات لتظهير أحجامها النيابية وأوزانها السياسية لصرفها في الاستحقاقات المقبلة، ما هي إلا برهة من الزمن وتذهب «سكرة» الانتخابات و»نشوة» الانتصارات الوهميّة لتعود القوى السياسية كافة الى أرض الواقع المأساويّ، لتجد دولة على أنقاض الانهيارات والأزمات الاقتصادية والمالية والنقدية التي كوت المواطنين، ومؤسسات أكلها الاهتراء وإدارات وأجهزة نهشها الصدأ وأن فجوة الفقر والجوع هي الفئة الأكبر وأن أعلى وأغلى فواتير محروقات وكهرباء واتصالات في العالم لأفقر شعب في العالم. كما ستصطدم هذه القوى بجدار من الاستحقاقات الدستورية الداهمة والمتتالية، من انتخاب رئيس للمجلس النيابي وطاقمه التشريعي الذي يبدو أنه سيشهد معركة سياسية شرسة، ستؤشر الى طبيعة المرحلة والاستحقاقات المقبلة على رأسها الاستحقاق الحكومي الذي لا يبدو بدوره أن طريقه سهلة، بل ستكون معبدة بالعقد والعقبات والتعطيل، في ظل التوازنات النيابية والسياسية المتعددة والمتنوعة وذات التوجهات المتضاربة التي أفرزتها الانتخابات، فضلاً عن التجاذبات السياسية التي ضربت «البيت السياسيّ» الواحد لا سيّما بين التيار الوطني الحر وحركة أمل.

ويبدو أن البلاد مُقبلة على معارك ومواجهات سياسية ظهرت بمواقف بعض القوى السياسية التي تشعر بفائض قوة بعد الانتخابات والتي تدّعي امتلاك الأكثرية النيابية وفرض الخيارات في الاستحقاقات المقبلة. ما يعني بحسب مصادر سياسية مطلعة لـ«البناء» أننا مقبلون على جولة جديدة من التصعيد والتوتر السياسي والامني، بموازاة تفجّر الأزمات الاجتماعية والاقتصادية بالجملة، وذلك استكمالاً للمشروع الأميركي – السعودي بإبقاء لبنان في دائرة الضغط السياسي والحصار والعقوبات الاقتصاديّة والمالية والتوتر الأمني لفرض الشروط الخارجيّة على لبنان في الملفات والقضايا الكبرى.

ويبدو أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، سيقف على رأس هذا المشروع كأداة في المشروع الخارجي لافتعال مواجهات وأحداث أمنية لتهديد السلم الأهلي والاستقرار الداخلي على غرار جريمة الطيونة، ويبادر إلى إطلاق التهديدات بالحرب والمعارك، ويعمل على استقطاب قوى «المجتمع المدنيّ» وجمعهم بكتلة واحدة مع كتلة حزبه لإعلان الحرب على القوى الأخرى.

وأعلن جعجع أمس، «أننا أمام مواجهة كبيرة، لأن الوضع الراهن يتطلب إخراج لبنان مما يتخبط به والخطوة الأولى تبدأ مع انتخابات رئاسة المجلس النيابي»، مجدداً التأكيد أن «القوات» «لن ننتخب الرئيس نبيه بري». ودعا جعجع «المجموعات المعارضة من أفراد ومستقلين ومجموعات صغيرة وأحزاب الى ضرورة التنسيق بغية إيجاد الطريقة الملائمة لتفعيل هذه المعارضة بعد أن أصبحت الأكثرية في المجلس النيابي».

وتساءلت المصادر: كيف يدّعي جعجع أنه الأغلبية النيابية وفي الوقت نفسه يحسب نفسه على المعارضة ويدعو قوى «المجتمع المدني» ليكونوا في صفوف المعارضة؟ فلماذا لا يصرف هذه الأكثرية في تكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة جديدة وتحمّل المسؤولية في معالجة الأزمات وإنقاذ البلد من الانهيار؟

واتهمت المصادر جعجع بأنه مكلف بتنفيذ الإملاءات والشروط الخارجية، محذرة من دور مجموعة من النواب الجدد المحسوبين على «قوى التغيير» و»المجتمع المدني» بأنهم سيتكتلون مع «القوات» لتشكيل كتلة نيابة وازنة ستكون رأس حربة المواجهة التي يتحدّث عنها جعجع، ومحذّرة هؤلاء النواب من التورط بمشاريع جعجع الفاشلة والتي أدّت بالبلد الى حروب وفتن أهلية وآخرها في الطيونة، مشيرة الى أن أي تورط في مشاريع كهذه سيفضح هؤلاء النواب ويعد خيانة للمواطنين الذين انتخبوهم لإنقاذ البلد من الأوضاع المعيشية الصعبة، وليس لشن حروب سياسية وفتن أهلية وشن حرب على المقاومة وسلاحها.

وإذ توقفت المصادر عند كلام المسؤولين الأميركيين السابقين في لبنان ديفيد شينكر وديفيد هيل حول سعي واشنطن للانهيار في لبنان وتفجير الوضع الداخلي، عبر تشديد الخناق الاقتصادي والمالي للدفع باتجاه تفجير الشارع، كشفت المصادر عن مخطط أميركي – خليجي عبر أدواته في الداخل من «القوات» وبعض قوى «المجتمع المدني» التابع للسفارات لإشعال احتجاجات في الشارع وذلك لمواكبة الضغط السياسي لتحالف «القوات» و»المجتمع المدني» في المجلس النيابي لفرض الخيارات في الاستحقاقات المقبلة. وذكرت المصادر بكلام قائد الجيش منذ أيام بأنه لا يستطيع الوقوف في وجه الشعب. وفي هذا الإطار، برزت دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المواطنين «لا سيّما أولئك المؤمنين بالتّغيير الإيجابي والسّيادة الوطنيّة ووحدة السّلاح»، إلى «اليقظة والاستعداد لمواجهة الالتفاف على الإرادة الشعبيّة». مشيراً الى أن «هناك من يريد أن يعطّل واقع التّغيير النّيابي وحركة التّغيير السّياسي، ويريد الانقلاب على نتائج الانتخابات، والهيمنة على الاستحقاقات الآتية». وتساءلت المصادر: هل بات البطريرك الراعي هو «الراعي» للنواب الجدد؟ وهل أصبح ملهم الشارع ومحرّكه؟ وهل سلاح المقاومة هو الذي يمنع معالجة الأزمات الاقتصادية وإنقاذ لبنان من الانهيار، أم الحصار الأميركي – الخليجي الذي يتجاهل الراعي الاشارة اليه؟».

في المقابل أكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أن «بعض اللبنانيين ممّن نريدهم شركاء لنا في هذا البلد، عندما حصلت الانتخابات بدأوا يدّعون أنهم يملكون الأكثرية النيابية، لكن ما زلنا قوّة نيابية وازنة تستطيع الحضور والتصرّف بما يحفظ مصلحة شعبنا، وإذا كنتم تدّعون أنكم تملكون الأكثرية النيابية نحن سننتظر ولن نستعجل والقصّة بضعة أيام وسنرى ما هي أولويّاتكم وكيف ستصرفون هذه الأكثرية في السلطة وعندها سنبني على الشيء مقتضاه». وأضاف رعد: «سنرى كيف ستتصرّفون إزاء تشكيل الحكومة وإدارة شؤون البلد والسياسات التي ستعتمد، أمّا مسألة سنشارك أو لا نشارك أيضًا لا نريد أن نستعجل الأمور، لكن ما يعنينا أن نقوله ونؤكّده لشعبنا، أننا منفتحون على التعاون الإيجابي مع كلّ ما نراه مناسبًا لتحقيق مصالح الناس ومصالح بلدنا وما دون ذلك يخرج عن إطار القواعد المشتركة التي تجعلنا ملزمين بأن نتعاون مع الآخرين إذا كان الآخرون لا يريدون التّسليم بالحقائق وبالوقائع».

 

"الجمهورية": مخاوف من فراغ شامل

بدأت مهلة الـ 15 يوماً لانتخاب رئيس المجلس النيابي الجديد واعضاء هيئة مكتبه امس، مع بداية ولايته، في ظلّ أجواء لا توحي حتى الآن بحصول اتفاق بين جميع الكتل على إنجاز هذا الاستحقاق في موعده. وعلى الرغم من انّ البعض يقول انّ المواقف التصعيدية هي عبارة عن رفع سقف شروط تمهيداً للدخول في تسويات، الّا انّ بعض المواقف يثير مخاوف من احتمال دخول البلاد في فراغ نيابي يعقبه تلقائياً فراغ حكومي وصولاً الى فراغ رئاسي عندما تنتهي ولاية رئيس الجمهورية في 31 تشرين الاول المقبل، في الوقت الذي بدأت الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية تزداد تفاقماً، مع عودة ارتفاع سعر الدولار وتراجع القيمة الشرائية للعملة الوطنية، ما يزيد من المخاوف من حصول انفجار اجتماعي لا يُبقي ولا يذر، تغذّيه مواقف تُطلق من هنا وهناك، تتحدث عن انّ البلاد ذاهبة الى مرحلة شديدة الصعوبة في حال لم تتقاطر جميع القوى الى ورشة تنقذ البلاد مما هي فيه، وتستدرج الدعم العربي والدولي للبنان.

قالت أوساط سياسية متابعة لـ«الجمهورية»، انّه مع انتهاء الانتخابات النيابية دخل لبنان في ثلاثة اختبارات دستورية متتالية وتحدٍ من طبيعة معيشية:

ـ الاختبار الأول، انتخاب رئيس مجلس النواب ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس، وإذا كان انتخاب الرئيس محسوماً، والتحدّي في عدد الأصوات التي سينالها، فإنّ موقع نائب الرئيس غير محسوم بعد، في انتظار معرفة ما إذا كانت الأكثرية الجديدة ستتمكن من الاتفاق على مرشح واحد. ولكن في مطلق الحالات، فإنّ هذا الاختبار سيمرّ في نجاح، بمعزل عن اتجاهات تصويت النواب، والتي ستظهر في الجلسة الأولى، في ظلّ كتلة نيابية جديدة نجحت بإسم الثورة وما زال يصعب توقُّع المنحى الذي ستتخذه.

ـ الاختبار الثاني، تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة. وفي هذا السياق، هناك من لا يزال يستبعد تشكيل حكومة، ويتوقّع ان تستمر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في تصريف الأعمال بدءاً من هذا الأسبوع وإلى ما بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، حيث ستدخل رئاسة الجمهورية بدورها في الفراغ.

ولكن هناك في المقابل من يتوقّع ان تتألف الحكومة في ظلّ تقاطع الثنائي الشيعي والعهد على تأليف حكومة سياسية، بعد ان أقفلت الانتخابات صفحة الثورة، وفي ظلّ حاجة هذا الثلاثي إلى حكومة سياسية تواكب تحدّيات المرحلة المقبلة، وتحديداً، العهد الذي هو في حاجة إلى حكومة يتصدّر النائب جبران باسيل صفوفها، من أجل ان تتحمّل مسؤولية إدارة الفراغ الرئاسي، فيدخل باسيل الى الحكومة تمهيداً لخروج عون من الرئاسة.

وما هو غير معروف بعد، كيف ستتصرّف الأكثرية الجديدة كونها ليست جسماً واحداً؟ فهل ستنجح مثلاً في الاتفاق على شخصية لتسميتها في الاستشارات الملزمة، أم انّ 8 آذار ستستفيد من وحدة صفوفها للخروج بتسمية تُبقي ملف التأليف بيدها، لأنّ خروج الملف من يدها يُفقدها عنصر المبادرة ويضعها في موقع الرفض او القبول من دون ان تكون مبادرة التأليف بيدها.

ـ الاختبار الثالث، انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظلّ غياب أي مؤشر حتى الآن إلى إمكانية تجنُّب الفراغ في هذا الاستحقاق، مع اختلاف القوى السياسية على المرشح الذي سيخلف عون، فحتى داخل صفوف 8 آذار لا اتفاق على مرشح واحد بين «حزب الله» وكل من باسيل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وأما في الضفة الأخرى فحدّث ولا حرج.

وتوقعت الأوساط دخول باريس على الخط مجدداً، في وساطة تبدأ مع تكليف رئيس الحكومة والدفع في اتجاه تأليف حكومة، لأنّ الوضع المتأزِّم في لبنان لا يحتمل استمرار الفراغ، إنما يستدعي تأليف حكومة سريعاً، وأن تدخل ومجلس النواب في ورشة قوانين وإصلاحات ومفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وفي حال تكلّلت المساعي الفرنسية بالنجاح في التكليف والتأليف، فتنتقل إلى البحث في الانتخابات الرئاسية، من أجل تقريب وجهات نظر الكتلة النيابية حول اسم واحد. ولكن في حال اصطدمت بعراقيل في التأليف، تتحدّث بعض المعلومات عن حوار ستقوده باريس من أجل الاتفاق على سلّة رباعية: اسم الرئيس المكلّف، شكل الحكومة، اسم رئيس الجمهورية، والإصلاحات التي يجب إقرارها.

وفي موازاة كل ذلك، فإنّ الانهيار المالي المتواصل سيشكّل مادة ضغط قوية على كل القوى السياسية لكي تضع الماء في نبيذها وتقدّم التنازلات المطلوبة للإسراع في التكليف والتأليف، ومن ثم انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ البلاد لم تعد تحتمل الفراغ، ولأنّ الأولوية هي لفرملة الانهيار المتمادي.

وكانت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية أصدرت أمس الاول السبت البيان الآتي: «عملاً بأحكام البند /1/ من المادة /69/ من الدستور، المتعلقة بالحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، لا سيما أحكام الفقرة /هـ/ من البند المذكور، ونظراً لبدء ولاية مجلس النواب الجديد يوم غد فيه 22/5/2022، أعرب السيد رئيس الجمهورية عن شكره للسيد رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء، وطلب من الحكومة تصريف الأعمال ريثما تُشكّل حكومة جديدة».

وفي ضوء هذا الاعلان الرئاسي، تحوّلت الحكومة ابتداء من أمس «حكومة تصريف الاعمال»، الى حين تأليف حكومة جديدة. فيما ليس في الأفق أي مؤشرات عن الفترة الزمنية التي ستستمر فيها الحكومة في تصريف الاعمال، وتوحي الأجواء السياسية العامة بانقسام حاد زادت من حدّته نتائج الانتخابات، ما يُدخل الوضع الحكومي في دائرة التجاذبات والتعقيدات.

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمضى بعد استقالة حكومته الثانية في 22 آذار عام 2013 فترة 10 أشهر في مرحلة تصريف الاعمال، الى ان تشكّلت حكومة الرئيس تمام سلام في ١٥-٢-٢٠١٤. لكن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمالي في البلاد يحتّم هذه المرة مقاربة مختلفة، حدّد رئيس الحكومة معالمها مسبقاً، من دون ان يفصح بعد عن تفاصيلها.

وحسب المعلومات، فإنّ الثابت هو انّ ميقاتي الذي دعا في كلمته الجمعة الفائت الى الإسراع في الخطوات المطلوبة لتسمية رئيس الحكومة الجديد وتشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت، سيدير المرحلة حكومياً انطلاقاً من مفهوم «المصلحة الوطنية Raison d›Etat» وسيتخذ كل الخطوات المناسبة في الوقت الذي يراه مناسباً.

ويُنتظر أن يُصدر ميقاتي تعميماً يدعو فيه الى التقيّد بأحكام المادة ٦٤ من الدستور في معرض تصريف الاعمال، بعد اعتبار الحكومة مستقيلة.

خير البر عاجله

إلى ذلك، لم ترس الاتصالات الجارية في شأن انتخابات رئاسة المجلس النيابي على برّ بعد، ولكنها ناشطة في مختلف الاتجاهات بعيداً من الاضواء وكذلك بعيداً من المواقف المحمومة التي تصدر من الأفرقاء المعنيين من هنا وهناك.

وقالت مصادر نيابية مطلعة على التحضيرات الجارية لهذا الاستحقاق لـ«الجمهورية»، انّ مهلة الـ15 يوماً لإنجاز هذا الاستحقاق الدستوري قد بدأت امس، «فهذه المؤسسة الدستورية التي اسمها مجلس النواب، لا شيء قبلها ولا شيء أهم منها، لأنّها مصدر كل السلطات وتنبثق منها كل المؤسسات والاستحقاقات الدستورية». واضافت: «انّ المستعجلين لهذا الاستحقاق كلّ منهم يقدّم لائحة بشروط وإصلاحات وكأنّهم كانوا غائبين عن المجلس السابق، مع العلم أنّ المبادرات والقوانين التي يتحدثون عنها كانت مطروحة في برنامج الإصلاح المطلوب على صعيد المؤسسات، وبينها اقتراح قانون انتخابي جديد، فيما هم الآن يشتمون القانون الحالي، في وقت كل منهم يتغنّى بأنّه حصل بموجب هذا القانون على الغالبية النيابية، فكيف للناس ان يصدّقوا انّهم سيستصدرون قانوناً جديداً للانتخاب، وحتى المشروع الموجود ينطوي على التوجّه إلى بناء الدولة المدنية، وطالما انّ الهمّة قائمة لديهم فخير البرّ عاجله، ولننفّذ الإصلاح المنشود الذي يتوق اليه اللبنانيون منذ عقود، خصوصاً على صعيد إجراء الانتخابات النيابية خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس الشيوخ الذي يطمئن الطوائف. وطالما انّهم يطرحون انتخاب رئيس مجلس نيابي غير شيعي، فليُعاد النظر اذاً في طائفية بقية الرئاسات، ولتكن مداورة بين الطوائف إذا ارادوا، وليبادروا الى ان تكون رئاسة المجلس للمسيحيين ولتكن رئاسة الجمهورية للشيعة أو للمسلمين عموماً، طالما انّهم يشكون من انّ صلاحيات رئاسة رئيس الجمهورية باتت منقوصة بموجب الدستور المنبثق من اتفاق الطائف».

ولفتت المصادر نفسها، الى «انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي كلمته الى اللبنانيين الثلثاء الماضي، استبق الجميع بالدعوة الى الحوار تحت قبة البرلمان بين جميع الكتل، واقترح برنامجاً اصلاحياً إنقاذياً، وطلب تهدئة الأجواء لتكون مقدّمة لانعقاد هذا الحوار، وطرح كل القضايا الأساسية التي تشكّل الخلاف والاختلاف. ولم يجعل منها شروطاً سوى للإنقاذ».

ورأت المصادر، «انّ الغريب والعجيب في الامر هو انّ المزايدات الجارية بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» عنوانها إصلاحي وباطنها تحسين أسعار». وأشارت الى «أن لا تقدّم عملياً حصل بعد على التحضّر لانتخاب هيئة مكتب المجلس النيابي الجديد. فرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يقول «تعالوا لنتفق الآن حتى لا يجرّونا الى الخارج»، فيما حزب «القوات اللبنانية» بدأ بتحديد الشروط والمواصفات التي يريد توافرها بنائب رئيس المجلس، بحيث تكون كمواصفات رئيس المجلس. ففي كل دورة يطرحون أنفسهم على انّهم تغييريون وإصلاحيون وهم أنفسهم يعطّلون اي تغيير وأي اصلاح. والآن يقولون انّهم تغيّروا وسيغيّروا. افتراضاً انّ هذه الكتل «بعضها مثل بعض» وهناك فريق جديد ينشد التغيير والإصلاح، ويعبّر عن ثورة ويشكّل كتلة قوامها لا بأس بها، فعملياً عنوان التغيير يكمن هنا. ولتخاض التجربة بين كتل الجيل القديم ـ الجديد والجيل الجديد الذي نزل الى الساحة النيابية تحت راية التغيير. فخوض التجربة مع هذا الجيل لأنّها الأولى إذا أخذنا في الاعتبار انّ الكتل القديمة جدّدت في أعضائها ولم تجدّد في نهجها. ولذا، فلتكن التجربة مع هذا الجيل الذي يعبّر عنه النائب ملحم خلف وغيره».


"اللواء": باكورة الأزمات في المجلس: التغييريون في المأزق وبري يتريّث
يمضي النواب الجدد والكتل القديمة- الجديدة في لعبة العرض والاستعراض من أجل معرفة أين يقفون من سلسلة استحقاقات مقبلة من رئاسة المجلس ونيابة الرئيس والمطبخ التشريعي إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد، ثم مشاورات تأليف الحكومة، ومنح الثقة، والانصراف إلى العمل مكان الحكومة المستقيلة، والتي غادر رئيسها المستقيل إلى لندن، بعد الكشف عن نكسة عرقلة التيار الوطني الحر مشروع تشغيل معملي الزهراني ودير عمار على الغاز، بما يؤدي إلى توليد 2000 كيلوواط، من شأنها ان تعيد الكهرباء الماضية إلى الانعدام، إلى البلد..

مع تواري الشعارات والخطابات، وراء غيوم اسدال الستار على غبار المعارك الانتخابية، يقترب المجلس النيابي بنوابه الموزعين على كتل قديمة، وأخرى قيد التشكيل من الخيارات المصيرية، فهو إمَّا يقدر على إنجاز الأجندة الخاصج به، أو يغرق البلاد والعباد في أتون انقسامات تؤسس لانقسامات، على وقع هريان معيشي ونقدي، مقبل على التزايد مع انعدام الحلول، أو التماس باب النور، من الانفاق المظلمة، الآخذة بالاتساع.

وحسب مصادر مطلعة على سير الاتصالات، شبه المتوقفة أو التي تجري وسط كتمان شديد، فإن أولى الأزمات في المجلس النيابي، ستظهر من خلال انتخابات رئيس المجلس، وسط تريث الرئيس برّي، كرئيس للسن في الدعوة لجلسة الانتخاب والمأزق العام، الذي يواجهه «التغييريون» من النواب الجدد، لجهة الموقف المترتب، بدءاً من اقتراح تغييري في هوية الرئاسات الثلاث المتعارف على توزعها بين رئاسة الجمهورية (للموارنة) ورئاسة المجلس النيابي (للشيعة) ورئاسة الحكومة (للسنّة)، ونائب رئيس المجلس (للارثوذكس) وهكذا دوليك.. وترشيح شخصية غير شيعية وهذا، أمر يلقى معارضة لجهة الدخول في اشتباك مع الطائفة الشيعية، التي تتمسك فقط بترشيح الرئيس برّي كمرشح وحيد لرئاسة المجلس.
وكشفت مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية للتمديد لانتخابات رئاسة المجلس النيابي، أن اكثر من سيناريو يتم التداول فيه لاتمام جلسة الانتخاب في ضوء ما طرحه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن ما سماه بشروط لم يكشف عنها، والتي بالغ فيها أكثر من اللازم، وتتجاوز بأن يكون عضو التكتل النائب الياس ابو صعب، نائبا لرئيس المجلس، مقابل تأييد تكتله لانتخاب بري رئيسا للمجلس النيابي لهذه الدورة، لتطال هذه الشروط ، الاتفاق المسبق على تشكيل الحكومة الجديدة، رئيسا وتركيبتها.

وتابعت المصادر ان باسيل الذي لم يطرح شروطه رسميا بعد، ويقدمها لرئيس المجلس لكي يبدأ التشاور حولها،ونقلا عن مقربين تتضمن اولا،لكي يقبل بأن يكون رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على رأس الحكومة الجديدة، لاعادة تأليفها كما هي بتركيبتها الحالية، باعتبارها تحظى برضى داخلي وخارجي، وتجنبا للدخول بمتاهات الخلافات وشروط الحصص، ان يتم تعيين باسيل شخصيا فيها، بدلا من احد الوزراء، وقد يكون وزير الطاقة الحالي، او ان يكون وزيرا في اي حكومة جديدة غيرها، حتى وان كانت من الأخصائيين. وتعزو المصادر اصرار باسيل على ان يكون وزيرا بالحكومة الجديدة، لكي يتولى الاشراف شخصيا على ملف مشروع تلزيم خطة الكهرباء، التي تولى عرقلة اقراره بالجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء بواسطة وزير الطاقة وليد فياض، ثانيا، الحصول على تعهد مسبق من قبل رئيس المجلس ورئيس الحكومة الجديدة، بأن يتم اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتعيين بديل عنه، قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وثالثا، بادراج معمل سلعاتا ليكون ضمن المعامل الجديدة التي تلحظها خطة الكهرباء المرتقبة.

وتنقل المصادر ان هناك استحالة بالتجاوب مع مطالب باسيل المسبقة، باعتبار ان مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، تتطلب التشاور مع جميع مكونات المجلس النيابي، والقوى السياسية الاساسية، وبالتالي لا يمكن اعطاء ضمانات، او عقد اتفاقات من وراؤها، في حين ان مطلب الاتفاق لاقالة سلامة، لم يلق قبولا من قبل وفي هذا الظرف بالذات، ولا سيما وان التفاوض حول الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي لم ينجز بعد،واي بحث بهذا الخصوص يطرح على طاولة مجلس الوزراء، ليتخذ القرار بشأنه.
ورجحت المصادر ان تتعثر المشاورات والاتصالات لتخريج عملية انتخاب رئيس مجلس النواب في اطار توافقي مع باسيل، إذا تشبث بطرح هذه الشروط التعجيزية، وعندها، قد يتم اجراء الانتخابات على أساس المرشحين الذين يترشحون لمنصب الرئيس ونائبه، ومن يحصل على اكثرية الاصوات ضمن النصاب القانوني، يفوز.

ولاحظت المصادر ان مواقف باسيل الاخيرة بخصوص الشروط التي اعلن نيته طرحها لحل مسألة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، بأنها تؤشر الى تأزم سياسي مرتقب، لن يقتصر على مسألة انتخابات رئاسة مجلس النواب حصرا،بل يطال تشكيل الحكومة الجديدة، ويؤدي الى عرقلة تشكيلها لفترة طويلة، في ضوء التجاذب السائد، والتركيبة الجديدة للمجلس النيابي الجديد، وقد يمتد تعطيل تشكيلها، حتى موعد الاستحقاق الرئاسي، الا اذا أدت الاتصالات والمساعي المبذولة من قبل حزب الله، بما له من تأثير على رئيس التيار الوطني الحر، الى التوصل الى تسهيل جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب بسلاسة، وبعيدة عن اجواء الاحتقان والتراشق الاعلامي.
ويعقد نواب «المجتمع المدني» الـ15 اجتماعاً اليوم لبلورة شكل التكتل الذي يزمعون إلى تأليفه، عشية الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه، وسط توجه بات واضحاً لترشيح النائب المنتخب ملحم خلف لهذا المنصب، الذي تسعى «القوات اللبنانية» للحصول عليه، عبر ترشيح النائب عن الأشرفية غسّان حاصباني.
وكلفت «القوات اللبنانية» عقد اتصالات مع «المجتمع المدني» إذ كشف ان لقاء عقد بين «الملحمين» للتداول في التنسيق، وهما ملحم رياشي (حزب القوات)، وملحم خلف (المجتمع المدني).

مهلة الدعوة
بدأت امس الولاية الجديدة لمجلس النواب المنتخب عام 2022 ونهاية مجلس النواب المنتخب عام 2018، ويتولى رئيس السن وهو الرئيس نبيه بري اجراء الاتصالات للدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس ونائبه واعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء واعضاء اللجان.
وفي حين لم يوجه بري بعد الدعوة الى المجلس الجديد للانعقاد، افيد انه يتروى قليلا لتنفيس الاحتقان الذي رافق الانتخابات وتهيئة الاجواء لاجتماع المجلس واجراء جوجلة للاراء والافكار والطلب من النواب الجدد الذين تسلموا الدستور والنظام الداخلي وعددهم كبير، الاطلاع على بعض النصوص وشرحها ليكونوا على بينة من كامل الحيثيات لعملية الانتخاب.
واشارت المعلومات الى ان بري قد يتشاور مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وبعض القوى السياسية تحضيرا للجلسة التي قد تعقد منتصف او نهاية الاسبوع الجاري.
وتنص المادة 44 من الدستور اللبناني على انه «في كل مرة یجدد المجلس انتخابه یجتمع برئاسة اكبر أعضائه سناً ویقوم العضوان الأصغر سناً بینهم بوظیفة أمین. ویعمد إلى انتخاب الرئیس ونائب الرئیس لمدة ولایة المجلس كل منهما على حدة بالاقتراع السري وبالغالبیة المطلقة من أصوات المقترعین. وتبنى النتیجة في دورة اقتراع ثالثة على الغالبیة النسبیة، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً یعد منتخباً ..

أي أن النصاب المطلوب لجلسة الانتخاب هو 65 نائباً ويفوز في حال حصل على الأغلبية المطلقة، وإلا يعتمد إلى دورة ثانية وثالثة ويفوز بالغالبية النسبية.
أما موعد جلسة الانتخاب فيحددها نص المادة 2 من النظام الداخلي لمجلس النواب «يجتمع مجلس النواب بناء على دعوة من أكبر الأعضاء سناً وبرئاسته لانتخاب هيئة مكتب المجلس في أول جلسة يعقدها بعد تجديد انتخابه وذلك في مهلة أقصاها 15 يوماً من بدء الولاية».
وللتوضيح فان رئيس السن صودف في هذه الانتخابات ان يكون الرئيس نبيه بري نفسه فهو من مواليد العام 1938 وهي المرة الأولى التي يكون رئيس السن هو ذاته المرشح ليكون رئيساً.

النقلقطاع الاتصالات

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل