معركة أولي البأس

لبنان

ميقاتي يلوّح بالاستقالة لحماية سلامة.. و"الكابيتال كونترول" لمصلحة المصارف
30/03/2022

ميقاتي يلوّح بالاستقالة لحماية سلامة.. و"الكابيتال كونترول" لمصلحة المصارف

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة لهذا اليوم على إصرار ميقاتي وفريقه المالي ومعه حزب المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة على تمرير اقتراح قانون الكابيتال كونترول لمصلحة المصارف على حساب المودعين، وما يؤكد ذلك إدراج الحكومة صيغة «الكابيتال كونترول» نفسها التي طرحت في اللجان النيابية، على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد اليوم في بعبدا.

ولفتت الصحف إلى أن خبراء ماليون حذّروا من تمرير هذه الصيغة من «الكابيتال كونترول»، التي ستضر بمصلحة المودعين وتخضع الودائع الى مزيد من القيود والتجميد والهيركات لمصلحة استمرار سياسة إطفاء ديون المصارف ومصرف لبنان على حساب أموال المودعين». ويوضح الخبراء أن «معظم البنود الواردة في اقتراح اللجنة الوزارية عبارة عن فخاخ ودس السُم في عسل إعادة الودائع، لكن في الحقيقة هو تجميد للودائع لسنوات عدة وبالتالي عدم إعادة الودائع لست سنوات قابلة للتجديد، واستعمالها في عملية إطفاء الخسائر والديون على المدى الطويل ضمن خطة التعافي المالي، وتحميل المودعين لا سيما الكبار منهم الجزء الأكبر من الخسائر»، وحذّرت من خطة لوضع المودعين أمام خيارين أو القبول بالصيغ التي يطرحها فريق ميقاتي أي تجميد الودائع ومنح جزء يسير منها شهرياً، أو إبقاء ودائعهم في المصارف لسنوات طويلة غير معلومة والإبقاء على السحوبات وفق التعاميم المصرفية الحالية».


"الأخبار": ميقاتي يهدّد بالاستقالة لحماية سلامة

بداية مع صحيفة الأخبار، التي رأت أنَّ "خطوة متقدمة، لكنها من دون تأثير، قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس لحماية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان رئيس الحكومة هدّد القضاء بأنه مستعد للاستقالة في حال توقيف الحاكم. لكنه، أمس، لوّح بالأمر علناً، متذرعاً بالخلاف مع الكتل النيابية حول مشروع الـ«كابيتال كونترول» ليطلب طرح الثقة بالحكومة، الأمر الذي لم يكن أساساً محل تداول لا مع حلفائه ولا مع بقية أركان الحكم والحكومة.

جاءت خطوة ميقاتي في وقت يستعد سلامة لمواجهة إجراءات جديدة في لبنان وخارجه، وبعدما حاول رئيس الحكومة توفير حصانة رسمية له بدعوته إلى حضور جلسة الحكومة اليوم، وهو ما اعترض عليه رئيس الجمهورية ميشال عون مبلغاً ميقاتي بأنه في حال قرر استدعاء الحاكم، عليه عقد الجلسة في السراي الكبير وليس في قصر بعبدا. ونصح عون ميقاتي بأن يقنع سلامة بالمثول أمام القضاء في التحقيقات القائمة، وكرّر رفضه أي تدخل من جانب الحكومة في عمل القضاء.

تزامن هذا التطور مع ورود معلومات، مصدرها سويسرا، تفيد بأن الجهات القضائية هناك تناقش احتمال اتهام جهات رسمية لبنانية حكومية وقضائية ومصرفية بعرقلة التحقيق الأوروبي القائم في ملف سلامة وشركاه، خصوصاً أن فريق التحقيق المؤلف من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، قرر مواصلة التحقيق استناداً إلى القوانين المعمول بها في الاتحاد الأوروبي، ومن بينها قانون العقوبات الخاص بمكافحة الجرائم المالية. وتبين أن الأمر يتعلق بتوجيه إنذار علني إلى الجهات اللبنانية التي تمنع إخضاع الحاكم وفريقه للتحقيقات المباشرة، كما تمنع المحققين اللبنانيين من الوصول إلى المعلومات التي يحتاجها المحققون في أوروبا. وفي ذلك إشارة مباشرة إلى ثلاث جهات: رئيس الحكومة والنائب العام التمييزي والمصارف الخمسة المطالبة بالتصريح عن معلومات تتعلق بثروة سلامة وحساباته وحسابات شقيقه الموقوف رجا.

وينتظر أن يعقد قاضي التحقيق في جبل لبنان نقولا منصور غداً جلسة استجواب للحاكم. لكن المعطيات تشير إلى أن الأخير لا يزال يرفض المثول أمام القضاء بحجة عدم صلاحيته في الملاحقة. كما يرفض تزويد المصارف القضاء بالمعلومات بحجة أنها تخضع للسرية المصرفية خلافاً لما تنص عليه المواد القانونية التي تسقط السرية متى بدأ التحقيق بجرم الإثراء غير المشروع. ولم تعرف بعد وجهة القاضي منصور، الذي يبدو أنه حصل على نسخة من ملف التحقيقات الجارية في فرنسا، وهو كان يفكر في استجواب سلامة وفي مواجهته مع شقيقه رجا، وفي حال عدم مثول الحاكم قد يضطر منصور إلى اتخاذ تدبير قضائي بحقه، إما من خلال إصدار مذكرة جلب أو ما هو أبعد من ذلك.

وكان الرئيس ميقاتي، طلب أمس، تحويل جلسة مجلس النواب التي انعقدت في «الأونيسكو» إلى جلسة مناقشة عامة لطرح الثقة بالحكومة معبّراً عن استيائه من الانتقادات التي طاولته على خلفية مشروع قانون الـ «كابيتال كونترول». وأتى الطلب بعدَ أيام من الصِدام القضائي – المصرفي، وجلسة الحكومة التي بحثت في ملف ملاحقة المصارف وسلامة، وما سبقها من توتّر بين ميقاتي وعون وعدد من القوى السياسية حول التعامل مع هذا الملف. وهذا ما دفعَ أكثر من مصدر سياسي إلى وضع طلب ميقاتي في إطار «رد الفعل على الإجراءات التي تُتخذ في حق المصارف» وعدم تمكنه من «معاقبة القضاة الذين تجرأوا على اتخاذ إجراءات ضد المصارف ويرفضون لفلفة ملفات سلامة»، فضلاً عن «استيائه جراء فشل حكومته في تحقيق أي إنجاز حتى الآن، وشعوره بأن الأمور بدأت بالخروج عن السيطرة». وهو، بطلبه هذا، حاول «انتزاع الثقة مرة أخرى من مجلس النواب، باعتبار أن هناك حاجة لحكومته في هذه المرحلة ولا يستطيع أحد أن يطالب بإسقاطها».

جهات قضائية أوروبية تبحث اتهام جهات لبنانية حكومية وقضائية ومصرفية بعرقلة التحقيق

أراد ميقاتي تغليف امتعاضه هذا برمي المشكلة في حضن «مجلس النواب الذي يعرقل الخطوات الإصلاحية»، علماً أن أسباب التأزيم تعود إلى «رفض الرئيس عون تدخل الحكومة في عمل القضاء». كما أن هناك سبباً إضافياً يتمثل في منع ميقاتي من «محاسبة» القضاة، تحديداً مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي يتهمه رئيس الحكومة بأنه كان طرفاً في رسالة خرجت من لبنان إلى فرنسا ومنها إلى إمارة موناكو، وانتهت بطلب معونة قضائية تتعلق بملف ممتلكات آل ميقاتي في الإمارة. وقد وصلت الأمور بميقاتي الذي أراد الانتقام من عويدات إلى إعادة تبنّي «صفقة» الإطاحة بالقضاة الأربعة: سهيل عبود وعلي إبراهيم وبركان سعد إضافة إلى عويدات، علماً أنه كان رافضاً لذلك سابقاً بحجة «عدم جواز التدخل في عمل القضاء».
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن «القضاة الأربعة المطلوب إطاحتهم اجتمعوا أكثر من مرة وخلصوا إلى أن اتخاذ الإجراءات في ما خص ملف المصارف يستدعي تدخل عويدات حصراً إذا ما لزِم الأمر، وأن الأخير اجتمع مع رئيس الحكومة وأبلغه بأن التفتيش القضائي هو من يتدخل في حال استدعت الظروف، وأنه لن يقوم بحفظ أي ملف، وهذا الكلام سمعه الرئيس عون أيضاً».


"البناء": ميقاتي لا يزال يقف على ضفة الاستمرار بالمعركة دفاعًا عن سلامة وعن نهجه

بدورها صحيفة البناء، اعتبرت أنَّ "الملاحقة الدولية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا فُرضت بعدما دخلت مرحلة الحجز على الأموال والممتلكات، وعلى القضاء اللبناني مواكبتها والتوقف عن التعامل مع الملف بصفته ملفاً سياسياً تحركه القاضية غادة عون بإيعاز سياسي، بينما بدا ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لا يزال يقف على ضفة الاستمرار بالمعركة دفاعاً عن سلامة وعن نهجه، سواء في صيغة الكابيتال كونترول التي سقطت في اللجان المشتركة والتي تحمل توقيع مستشار ميقاتي النائب نقولا نحاس، أو في الضغط لوقف المسارات القضائية بحق المصارف وحاكم مصرف لبنان وشقيقه، تحت عناوين مثل المصلحة العليا للدولة ومقتضيات التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وشهدت الجلسة التشريعية يوم أمس، محاولة من ميقاتي لتعويم موقعه ومواقفه من الكابيتال كونترول والملاحقات القضائية، عبر معادلة طرح الثقة بحكومته لتحويل الحصول عليها إلى نوع من تفويض جديد للحكومة، لكن رئيس مجلس النواب رفض طلب ميقاتي تحويل الجلسة الى جلسة مناقشة عامة تنتهي بطرح الثقة كما طلب ميقاتي، قائلا الجلسة تشريعية ولم أتلق طلباً خطياً من الحكومة بهذا الاتجاه.

بعد إسقاط اللجان النيابية المشتركة لاقتراح قانون «الكابيتال كونترول» الذي أعدته اللجنة الوزارية، انعكس الغضب الحكومي في الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب أمس، إذ فاجأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي النواب ورئيس المجلس بطلبه تحويل الجلسة التشريعية الى مناقشة عامة لطرح الثقة بحكومته، وخرج غاضباً متوجّهاً الى النواب: «كفى تغليباً للمصالح الشخصية على الوطنية… الوطن يدفع الثمن»، ما يترجم الاشتباك الحكومي – النيابي حول قانون «الكابيتال كونترول»، لكنه أعلن أنه لن يستقيل كي لا يتحمّل مسؤولية تطيير الانتخابات النيابية».

ويصر ميقاتي وفريقه المالي ومعه حزب المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة على تمرير اقتراح قانون الكابيتال كونترول لمصلحة المصارف على حساب المودعين، بحسب ما تشير أوساط نيابية لـ»البناء»، وما يؤكد ذلك إدراج الحكومة صيغة «الكابيتال كونترول» نفسها التي طرحت في اللجان النيابية، على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد اليوم في بعبدا.

ويحذّر خبراء ماليون عبر «البناء» من تمرير هذه الصيغة من «الكابيتال كونترول»، التي ستضر بمصلحة المودعين وتخضع الودائع الى مزيد من القيود والتجميد والهيركات لمصلحة استمرار سياسة إطفاء ديون المصارف ومصرف لبنان على حساب أموال المودعين». ويوضح الخبراء أن «معظم البنود الواردة في اقتراح اللجنة الوزارية عبارة عن فخاخ ودس السُم في عسل إعادة الودائع، لكن في الحقيقة هو تجميد للودائع لسنوات عدة وبالتالي عدم إعادة الودائع لست سنوات قابلة للتجديد، واستعمالها في عملية إطفاء الخسائر والديون على المدى الطويل ضمن خطة التعافي المالي، وتحميل المودعين لا سيما الكبار منهم الجزء الأكبر من الخسائر»، وحذّرت من خطة لوضع المودعين أمام خيارين أو القبول بالصيغ التي يطرحها فريق ميقاتي أي تجميد الودائع ومنح جزء يسير منها شهرياً، أو إبقاء ودائعهم في المصارف لسنوات طويلة غير معلومة والإبقاء على السحوبات وفق التعاميم المصرفية الحالية».

إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ»البناء» أن الكابيتال كونترول» لن يقرّ قبل الانتخابات النيابية لأنه لن يحظى بتوافق مجلس النواب لحسابات انتخابية، ما سيرحّل البحث فيه وبته الى المجلس النيابي والحكومة الجديدة وربما الى العهد الجديد.

وكان ميقاتي غادر مجلس النواب بعد الجلسة التشريعية السريعة التي طار نصابها، وصرح للإعلام وأشار إلى أنه «في ضوء المؤشرات الخارجية التي تصلنا والجولات الخارجية التي أقوم بها نلمس دعماً كبيراً للبنان وسعياً لمساعدته، فيما داخل البلد نرى تخبطاً وسعياً من قبل البعض لاستثمار كل الامور في الحملات الانتخابية، تارة من قبل فريق يعارض العهد وتارة من قبل فريق يعارض الحكومة ويتهجّم عليها. والخاسر الأكبر من هذه الحملات هو البلد».

وعن «الكابيتال كونترول»، قال: «هذا الموضوع مطروح أمام المجلس النيابي منذ شهرين كاقتراح قانون والمجلس هو من طلب ملاحظات صندوق النقد الدولي، وقد أضفناها على الاقتراح المعروض على المجلس، فطلبوا مجدداً ان نحيله كمشروع قانون من قبل الحكومة، وهذا ما سيحصل. نحن مستعدّون للمحاسبة على اي عمل نقوم به واكرر الدعوة للتعاون الكامل بيننا وبين السادة النواب والمجلس النيابي الكريم، ومع احترامي لكل الآراء، ولكن يجب ان تطرح على اساس المصلحة الوطنية. كفى تغليباً للمصالح الشخصية على المصالح الوطنية، لان الوطن هو من يدفع الثمن».

وقال ميقاتي رداً على سؤال: «من مهمات الحكومة اليوم اجراء الانتخابات النيابية ولا يمكن ان انساق الى الاستقالة كي لا تكون مبرراً لتعطيل الانتخابات، ولن اكون سببا لتعطيل الانتخابات، ولهذا السبب لن اقدم على الاستقالة».

وفي مستهل جلسة مجلس النواب طلب ميقاتي أن يتم تحويل الجلسة التشريعية إلى جلسة مناقشة عامة وعلى ضوء ذلك تُطرح الثقة بالحكومة. عندها، ردّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قائلاً: «هذه جلسة تشريعية».

وقد شرحت مصادر حكومية معنيّة خلفيات موقف ميقاتي فقالت «منذ قبول الرئيس ميقاتي تسلم المهمة الحكومية عقد العزم على العمل مع الفريق الحكومي وفق أولويتين هما الحدّ من الانهيار عبر وضع لبنان على سكة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وسائر الهيئات الدولية المعنية وإجراء الانتخابات النيابية. وعلى هذا الأساس نالت الحكومة الثقة وانطلقت في عملها. لكن منذ فترة، لاحظ رئيس الحكومة أنّ الأمور بدأت تسلك منحى آخر يتمثل بعودة المناكفات السياسية لدى طرح أي خطوة إصلاحية من كل الاطراف ولا سيما التي أعلنت دعمها للحكومة، إضافة إلى تأخير واضح في تنفيذ الخطوات الاصلاحية المطلوبة كشرط أساسي من الجهات الدولية التي عبرت عن دعمها للبنان وحذرت من تداعيات التأخير في اقرار الاصلاحات». وأضافت المصادر «ان اللقاءات الخارجية التي يعقدها رئيس الحكومة بهدف تجييش الدعم للبنان في كل المجالات، أظهرت إرادة دولية وعربية قوية لدعم لبنان مشروطة بتنفيذ اللبنانيين ما هو مطلوب منهم من خطوات اصلاحية، الا ان الاداء الذي بدأ يظهر في مقاربة الملفات يوحي أنّ أولوية الكثيرين هي الاستثمار الانتخابي لكل شيء فيما أولوية رئيس الحكومة معالجة الملفات المطروحة وتنفيذ الاصلاحات ووضع الأمور على سكة المعالجة». وشدّدت المصادر الحكومية على أنّ ما طرحه ميقاتي في الجلسة النيابية هو جرس إنذار لكل الأطراف من خطورة ما قد يحصل في حال استمر التعاطي مع المعالجات المطلوبة على النحو الحاصل». وحذرت المصادر «من خطورة التأخير في مواكبة المعالجات الحكومية المطلوبة ودعمها، خصوصًا حياتيًا وماليًا واقتصاديًا». وأكّدت «إصرار رئيس للحكومة على عقد جلسة مناقشة عامة للحكومة يصار خلالها الى طرح كل الملفات علنًا وعرض كل المواقف والتوجهات، ومن ثم طرح الثقة بالحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه لأن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو».

إلا أن أوساطاً سياسية تساءلت عبر «البناء» عن جدوى طرح ميقاتي طلب الثقة من المجلس النيابي قبيل شهر ونصف على نهاية ولاية مجلس النواب وإجراء انتخابات نيابية جديدة؟ فهل من باب المناورة السياسية لإحراج مجلس النواب ودفعه للقبول بصيغة «الكابيتال كونترول» تحت تهديد الاستقالة؟ مبدية استغرابها أيضاً حول المبرر الذي قدمه ميقاتي لعدم استقالته، علماً أن الحكومة الحالية حتى لو استقالت وتحولت الى حكومة تصريف أعمال فهي تستطيع اجراء الانتخابات، أما اذا كان يقصد ميقاتي أن استقالة الحكومة ستؤدي الى مزيد من الانهيار بشكل لا يسمح بإجراء الانتخابات، فتساءلت عما قدمته الحكومة حتى الساعة في ظل تفاقم الازمات وارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار الليرة وقيمة الرواتب وغلاء الأسعار وأزمة الأدوية والاستشفاء والمحروقات وعودة طوابير الذل وعدم إقرار خطة التعافي المالي والإصلاحات المالية والاقتصادية وإنهاء التفاوض مع صندوق النقد الدولي وإقرار «كابيتال كونترول» يضمن مصالح المودعين!».

وكانت أسعار المحروقات سجلت ارتفاعاً إضافياً أمس، وفي وقت مخزن الادوية ينفد، ويعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في قصر بعبدا ستتطرق الى الامن الغذائي والوضع المالي والاقتصادي وسيغيب عنها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وعرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال لقائه في قصر بعبدا، رئيس جمعية المصارف سليم صفير ورئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب، الأوضاع المالية والمصرفية في البلاد ودور المصارف في المرحلة الراهنة.

وإذ من المتوقع أن يمثل سلامة أمام قاضي التحقيق نقولا منصور، علمت «البناء» أن سلامة لن يمثل وهو ينتظر مسار المشاورات الجاري بين المراجع الرئاسية والسياسية والقضائية والمالية لتطويل ذيول الحرب القضائية التي فتحت على المصارف، ويترقب سلامة أن تؤدي الى تسوية مؤقتة تنهي ملاحقته وتخلي سبيل شقيقه رجا سلامة، بعدما تقدم وكيله بطلب إخلاء سبيل ينتظر أن يبت به القضاء خلال ايام، بموازاة قرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بإلغاء قرار القاضية غادة عون بما يتعلق بتحويلات المصارف الى الخارج».

إلا أن القاضية عون تصر على استكمال عملها بعيدا عن الضغوط السياسية، مدعومة من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر التي أشارت مصادره لـ»البناء» الى أن الحل بإقالة سلامة في مجلس الوزراء ومحاسبته وتعيين آخر مكانه، وبالتالي نرفض التدخلات والضغوط السياسية في عمل القضاء واتهام هذا القضاء بالتسييس وممارسة الشعبوية قبل الانتخابات، متسائلة: هل القضاء في أوروبا مسيس أيضاً ويعمل عند التيار الوطني الحر وحساباته الانتخابية؟ لذلك تضيف المصادر بأن إقالة سلامة تتطلب ثلاثة ممرات دستورية: إدراجه هذا البند على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، الثاني توقيع رئيس الحكومة ووزير المال، والثالث توفر أكثرية الثلثين، وبالتالي غير صحيح أن رئيس الجمهورية مدّد للحاكم، فالرئيس لا يملك صلاحية إقالة الحاكم وحده».

وكان مجلس النواب أقرّ في جلسته في الأونيسكو تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية حتى تاريخ 2023/5/31. وفي سياق الانتخابات، أقرّ فتح اعتماد إضافي استثنائي في الموازنة العامة لعام 2022 في موازنة وزارة الداخلية والبلديات – الدوائر الإدارية (المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين) وفي موازنة وزارة الخارجية والمغتربين – الإدارة المركزية والبعثات في الخارج – وذلك لتغطية نفقات الانتخابات النيابية. واقرّ المرسوم رقم 8663 المتضمن إعادة القانون الرامي إلى إلزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ 10,000 دولار أميركي وفق سعر منصة صيرفة للدولار للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذي يدرسون في الخارج قبل العام 2020 – 2021. وأقرّ أيضاً قانون إعفاء بعض رخص البناء من الرسوم وفقاً لتصاميم نموذجية. اضافة الى ذلك، تم إقرار قانون دعم صناعة الأدوية المنتجة محلياً.


"النهار": ميقاتي.. كفى تغليبا للمصالح الشخصية على المصالح الوطنية ، لان الوطن هو من يدفع الثمن

من جانبها، رأت صحيفة النهار أنَّه "كان ليصح في مجريات الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب امس انها من علامات آخر أيام السلطة كلا، التنفيذية والتشريعية سواء بسواء، عند مشارف اقتراب العد العكسي للانتخابات النيابية المقبلة، لو لم يكن الشك كبيرًا بل ومتعاظماً في ان تؤدي الانتخابات الى الانتفاضة التغييرية الجذرية المطلوبة لخلاص لبنان وشعبه.

و"التحدي" المصغر والخاطف عند مشارف المرحلة المطلة على الاستحقاق بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والكتل النيابية، على خلفية سقوط مشروع الكابيتال كونترول وعدم الإفساح لوصوله الى الهيئة العامة، لم يكن مفاجئا تماما ولو ان أحدا لا تساوره الأوهام في ان تسقط حكومة عند اعتاب انتخابات نيابية جيء بها أساسا لهدف اجرائها مهما كلف الثمن.

لكن، اذا كان من عبرة جدية في مبادرة رئيس الحكومة الى طلب طرح الثقة بحكومته في المجلس الذي يضم مكونات هذه الحكومة كاملة، فهي في انه حتى المهلة القصيرة المتبقية الى موعد الانتخابات لم تعد تكفل للسلطتين التشريعية والتنفيذية المضي في ابتكار الذرائع والمسوغات واختلاق المبررات والحجج التي لا تقنع لا اللبنانيين ولا المجتمع الدولي في استدامة الدوامة العبثية التي تمنع بسحر ساحر استصدار تشريعات إلزامية وذات طبيعة ملحة وتلاقي المفاوضات اللبنانية التي ستستأنف اليوم مع بعثة صندوق النقد الدولي حول ما يسمى خطة التعافي الاقتصادي.

بذلك كشفت مبادرة ميقاتي الى طلب طرح الثقة النيابية بحكومته ومن ثم إعلانه لاحقا ان الحكومة ليست في وارد الاستقالة لئلا تطير الانتخابات، بالحد الأدنى، مدى الاحراج الكبير الذي بات يحاصر الحكومة والمجلس بإزاء اشتداد الازمات والتعقيدات المتراكمة والمرشحة للتراكم اكثر فاكثر تباعا في الطريق الى إتمام الاستحقاق على افتراض انه سيكون محطة مفصلية بين المرحلة السابقة للانتخابات والمرحلة اللاحقة لها. وأفادت معلومات في هذا السياق ان ردود الفعل النيابية والملاحظات على مشروع الكابيتال كونترول استجمعت في اطار عمل حكومي يجري راهنا لادخال تعديلات واسعة على المشروع ووضعه في صياغة معدلة ضمن مشروع قانون متكامل لإقراره وإحالته على مجلس النواب بما امكن من وقت سريع قبل الانتخابات. وعلم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ابدى استعداده في حال انجاز مشروع قانون للكابيتال كونترول وإحالته على المجلس، لعقد جلسة تخصص له في منتصف نيسان.


"مستعدون للمحاسبة"

وبدا واضحا ان التوظيف النيابي الواسع الذي قوبل به طرح مشروع الكابيتال كونترول والمبارزة في تسديد الانتقادات التي وجهت في شأنه الى الحكومة، اثار غضب الرئيس ميقاتي فلم يمرر فرصة الجلسة النيابية ووجه تحديا الى القوى السياسية، محذرا من مغبة الاستمرار في "النهج المصلحي الانتخابي". ولدى مغادرته مجلس النواب اثر الجلسة السريعة التي طار نصابها خرج ميقاتي لينتقد "التخبط والسعي من البعض لاستثمار كل الامور في الحملات الانتخابية، تارة من قبل فريق يعارض العهد وتارة من قبل فريق يعارض الحكومة ويتهجم عليها والخاسر الاكبر من هذه الحملات هو البلد". وقال "بدل ان نتعاون، حكومة ومجلسا نيابيا، للخروج من الازمة التي نحن فيها، نرى تهجما لا فائدة منه، وبالامس سمعت كلاما يتعلق بالحكومة وبطرح الثقة بها، فقلت لم لا، طالما ان اوراقنا مفتوحة ونحن على استعداد لعرض ما لدينا بكل شفافية، ولتوضيح المشكلات التي نعاني منها، واذا كان المجلس النيابي مستعدا للتعاون معنا، فهذا امر اساسي لان البلد يتطلب تضافر كل الجهود. لا يمكن حل المشكلات التي نعاني منها بالطريقة الشعبوية التي نشهدها، والوطن يدفع الثمن اليوم.وكما قلت في أكثر من مناسبة الوضع غير سليم ولكن اذا لم نتحد جميعا لايجاد الحلول فلا يمكننا الخروج من الازمة التي نمر بها". واكد "اننا مستعدون للمحاسبة على اي عمل نقوم به واكرر الدعوة للتعاون الكامل بيننا وبين السادة النواب والمجلس النيابي الكريم، ومع احترامي لكل الاراء ، ولكن يجب ان تطرح على اساس المصلحة الوطنية. كفى تغليبا للمصالح الشخصية على المصالح الوطنية ، لان الوطن هو من يدفع الثمن".
 
ثم شدد على "ان من مهمات الحكومة اليوم اجراء الانتخابات النيابية ولا يمكن ان انساق الى الاستقالة كي لا تكون مبررا لتعطيل الانتخابات، ولن اكون سببا لتعطيل الانتخابات، ولهذا السبب لن اقدم على الاستقالة".

وقالت مصادر حكومية معنيّة عن خلفيات موقف ميقاتي انه منذ فترة، لاحظ أنّ الأمور بدأت تسلك منحى آخر يتمثل بعودة المناكفات السياسية لدى طرح أي خطوة إصلاحية من كل الاطراف ولا سيما التي أعلنت دعمها للحكومة، إضافة إلى تأخير واضح في تنفيذ الخطوات الاصلاحية المطلوبة كشرط اساسي من الجهات الدولية التي عبرت عن دعمها للبنان وحذرت من تداعيات التأخير في اقرار الإصلاحات. وأضافت المصادر ان اللقاءات الخارجية التي يعقدها رئيس الحكومة بهدف تجييش الدعم للبنان في كل المجالات، أظهرت إرادة دولية وعربية قوية لدعم لبنان مشروطة بتنفيذ اللبنانيين ما هو مطلوب منهم من خطوات اصلاحية، الا ان الاداء الذي بدأ يظهر في مقاربة الملفات يوحي أنّ أولوية الكثيرين هي الاستثمار الانتخابي لكل شيء فيما أولوية رئيس الحكومة معالجة الملفات المطروحة وتنفيذ الاصلاحات ووضع الأمور على سكة المعالجة . وشدّدت على أنّ ما طرحه ميقاتي في الجلسة النيابية هو جرس إنذار لكل الأطراف من خطورة ما قد يحصل في حال استمر التعاطي مع المعالجات المطلوبة على النحو الحاصل". وحذرت من خطورة التأخير في مواكبة المعالجات الحكومية المطلوبة ودعمها، خصوصًا حياتيًا وماليًا واقتصاديًا. وأكّدت المصادر إصرار رئيس الحكومة على عقد جلسة مناقشة عامة للحكومة يصار خلالها الى طرح كل الملفات علنًا وعرض كل المواقف والتوجهات، ومن ثم طرح الثقة بالحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه لأن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو.


سلامة لن يحضر

وسط هذا المناخ الذي يعكس اتساع التخبط الرسمي على مختلف المستويات يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في قصر بعبدا ستتطرق الى الامن الغذائي والوضع المالي والاقتصادي وسط ترجيح غياب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الجلسة التي كان دعي الى المشاركة فيها.

وإذ تكتمت الأوساط المعنية حكوميا ومصرفيا حول الانعكاسات التي يمكن ان ترتبها الإجراءات التي اتخذتها دول أوروبية بالحجز الاحتياط على أصول تعود الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، شرحت مصادر حقوقية تتابع الملفات المصرفية الخطوة القضائية المتخذة في لوكسمبورغ في حق الحاكم سلامة فقالت ان الاجراء ليس حجزا بل هو تدبير احتياطي وتجميد اصول وليس حكما قضائيا في انتظار صدور الحكم.

الى ذلك، أفادت المعلومات أنّ وزير العدل هنري خوري ليس بصدد ترؤس أي لجنة قضائية مصرفية، كما يهمّه نفي أنّ يكون قد تقرر خلال جلسة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة إنشاء أي لجنة من هذا القبيل. كما اكد الوزير أنّه يرفض مبدأ اجتماعات القضاة مع المقررين المصرفيين أو السياسيين وفق قاعدة استقلالية القضاء والقضاة.

 

رياض سلامةمصرف لبنان

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل