معركة أولي البأس

لبنان

عودة السعودية إلى لبنان.. وعون من روما: حزب الله لا يؤثّر على أمن اللبنانيين
23/03/2022

عودة السعودية إلى لبنان.. وعون من روما: حزب الله لا يؤثّر على أمن اللبنانيين

ركَّزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الأربعاء 23 آذار 2022 على دخول لبنان مرحلة جديدة من الاهتمام الخارجي به، حيث يبدو أنَّ المقاطعة الخليجية في طريقها إلى الانتهاء رسميًا بعد اتصالات بقيت بعيدة عن الأضواء بين أطراف في مجلس التعاون الخليجي وجهات لبنانية، بينها "حزب الله" الذي تحتجّ السعودية على مواقفه لبنانيًا وعربيًا.

كما تناولت الصحف اللبنانية الترحيب السعودي اللافت بمواقف رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، وذلك نتيجة للقراءة السعودية لمشهد دولي جديد، في ضوء الحرب الأوكرانية التي أظهرت محورًا للشرق قادر على صناعة توازن دوليّ بوجه محور الغرب، عسكريًا واقتصاديًا، ومشهد إقليمي جديد يظلِّله تسارع العودة إلى الاتفاق النووي بين دول الغرب والجمهورية الإسلامية في إيران، ما سيجعل المواجهات التي بدأتها السعودية في المنطقة، سواء في اليمن أو لبنان حروبًا عبثية خارج السياق.

ولفتت الصحف إلى المواقف السياسية البارزة التي أطلقها رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في الفاتيكان والتي شدّد بها على أنَّه ليس لـ "حزب الله" من تأثير بأي طريقة على الواقع الأمني للبنانيين في الداخل، مشيرًا إلى أن الحزب الذي قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي مكوّن من لبنانيين عانوا من الاحتلال و«مقاومة الاحتلال ليست إرهابًا».


"البناء": متغيّرات «النوويّ» و«أوكرانيا» تؤدي لانفتاح سعوديّ على الحل السياسيّ للأزمة مع لبنان

بداية مع صحيفة "البناء" التي رأت أنَّه هبط على اللبنانيين بيان سعوديّ لافت، يشيد بمواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، التي تضمنتها الرسالة اللبنانية الرسمية الموجهة الى وزير الخارجية الكويتي رداً على الرسالة الكويتية التي وجهت الى الحكومة اللبنانية باسم مجلس التعاون الخليجي حول العلاقات اللبنانية الخليجية على خلفية سحب الرياض سفيرها من بيروت ووقفها استيراد البضائع اللبنانية. ورغم مرور أسابيع على الرد اللبناني، جاء الكلام السعودي الرسمي المرحب بالموقف اللبناني، وفقاً لما رأته مصادر متابعة للعلاقات اللبنانية السعودية، نتيجة للقراءة السعودية لمشهد دولي جديد، في ضوء الحرب الأوكرانية التي أظهرت محوراً للشرق قادر على صناعة توازن دوليّ بوجه محور الغرب، عسكرياً واقتصادياً، ومشهد إقليمي جديد يظلله تسارع العودة إلى الاتفاق النووي بين دول الغرب وإيران، ما سيجعل المواجهات التي بدأتها السعودية في المنطقة، سواء في اليمن أو لبنان حروباً عبثية خارج السياق، بينما لم تستبعد مصادر تتابع المسار الانتخابي ان يكون الموقف السعودي ثمرة تشاور أميركي فرنسي سعودي مع الحلفاء الانتخابيين أفضى الى قراءة الصورة القاتمة للنتائج المرتقبة بعد شهور من أوهام معاكسة تحدثت عن محاصرة المقاومة في الانتخابات، وأن يكون الموقف السعودي تمهيداً لعودة السفير السعودي الى بيروت ليتولى مباشرة قيادة العملية الانتخابية، وتقديم التمويل المطلوب أملاً بالتأثير على مجرى العملية الانتخابية، خصوصاً حجم المشاركة المنخفضة المتوقعة في تصويت أبناء الطائفة السنية بعد خروج الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل بطلب سعودي مباشر.

شهد ملف العلاقات اللبنانية – السعودية الخليجية تطوراً بارزاً تمثل ببيان لوزارة الخارجية السعودية حمل إشارات إيجابية تجاه لبنان، وذلك للمرة الاولى بعد أزمة العلاقات الدبلوماسية الأخيرة عقب تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي حول الحرب السعودية على اليمن.

وقد رحّبت وزارة الخارجية في بيان بما تضمنه بيان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي من نقاط إيجابية. وأملت بأن يُسهم ذلك في استعادة لبنان دوره ومكانته عربيًا ودوليًا، مؤكدة على تطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالاستقرار والأمان في وطنه والإنماء والازدهار.

وكان ميقاتي أعلن أمس الاول «التزام الحكومة إعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي الى طبيعتها».

وجاء بيان الخارجية في أعقاب الجهود الفرنسية والكويتية لإعادة العلاقات بين لبنان وبيروت الى طبيعتها، بموازاة اللقاءات المشتركة بين باريس والرياض لتأمين المساعدات المالية للبنان في ظل الأزمات التي يعاني منها لبنان. لكن مصادر سياسية مطلعة تربط ما بين البيان السعودي وبين الرؤية السعودية الجديدة تجاه ملفات المنطقة ومن ضمنها لبنان في محاولة سعودية لإعادة نفوذها الى ساحات عربية عدة لا سيما لبنان والعراق واليمن وسورية وذلك لاحتواء التداعيات التي ستتأتى من توسع النفوذ الإيراني في المنطقة بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الغربية، كما تأتي الرؤية السعودية الجديدة في سياق الانفتاح العربي الإماراتي على سورية تكللت بالزيارة الاخيرة للرئيس السوري بشار الاسد الى أبو ظبي سبقها زيارة إماراتية الى دمشق منذ شهرين. وتوقعت المصادر أن يتظهّر الموقف الخليجي الانفتاحي على لبنان في اجتماع مجلس التعاون الخليجي الذي سيعقد في نهاية الشهر الحالي وسيكون تتمة لبيان الخارجية السعودية. وكشفت مصادر لبنانية مقرّبة من السعودية لـ«البناء» عودة السفير السعودي الى لبنان قبل الانتخابات النيابية للعب دور فيها على المستويين السني والوطني.

كما تناولت "البناء" سلسلة المواقف السياسية البارزة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، غداة لقائه البابا فرنسيس واجتماعه مع الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا.

وجدّد التأكيد على أن ليس لحزب الله من تأثير بأي طريقة على الواقع الأمني للبنانيين في الداخل، مشدداً على ان الحزب الذي قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي مكوّن من لبنانيين عانوا من الاحتلال و«مقاومة الاحتلال ليست إرهاباً».

وأكد عون في حديث الى صحيفة «لا ريبوبليكا» الايطالية، انه يعرف ان البابا سيقوم بمبادرة لمساعدة لبنان، وأن بإمكان إيطاليا التي تقدم المساعدات الاقتصادية دعم الأطراف اللبنانيين للتلاقي والتوافق على حل، لافتاً في ما خص الحرب الدائرة في أوكرانيا الى ان مخاطر النزاع شاملة، والحل الوحيد هو السلام «والأمثل يكون من خلال مفاوضات تقودها الأمم المتحدة». وعن انفجار مرفأ بيروت، أعرب عون عن ثقته في أن العدالة ستتحقق لا سيما وان جميع اللبنانيين ينشدونها، مؤكداً مطالبته بإزالة كل العوائق التي تمنع تحقيقها، لافتاً في مجال آخر، الى السعي الى تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة التي من شأنها أن تساهم في تطبيق افضل للدستور اللبناني. ورداً على سؤال، أوضح عون الذي أشار الى ان لبنان ليس دولة تحب الحروب، «أن هناك اجزاء من اراضي لبنان وسورية لا تزال محتلة. وعندما نتوصل الى تحريرها، لن تبقى هناك من مشاكل في ما يتعلق بنزاع عسكري، ويمكن الانطلاق بمسيرة مفاوضات سلام مع «إسرائيل»، لحفظ الحقوق والسيادة الوطنية وتحرير الأرض والمياه».

في غضون ذلك، لفت السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف، بشأن بيان وزارة الخارجية اللبنانية عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إلى أنّ «روسيا تتأسف لهذا الموقف، لكن نتوقع من كل البلدان أن تفهم ما هي الأسباب والجذور لهذه العملية العسكرية، وبالنسبة للبنان، فإن علاقاتنا تاريخية».

وأوضح، السفير الروسي في حديث لقناة «أو تي في» عبر برنامج «بدبلوماسية» الى أنه «لا توجد أزمة سياسية بين لبنان وروسيا»، معتبرًا أنّه «حتى الآن، روسيا تنفّذ كل الالتزامات، بشأن تصدير المواد الغذائية والمحروقات، وفي تاريخنا، لم نستخدم وسائل الضغط على البلدان الأجنبية».

ولفت روداكوف، إلى أنّ «روسيا جاهزة لتطوير العلاقات مع لبنان واللجنة المشتركة بين لبنان وروسيا من أهم الأساليب لتطوير العلاقات»، وقال «لم أشعر أنّ هناك ضغطاً أميركياً لعدم السماح بدخول الشركات الروسية إلى لبنان».

وكان السفير الروسي زار رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجيه في دارته في بنشعي، وحملت دلالات سياسية حول موقف روسيا من الانتخابات الرئاسية بعد موقف رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية المنحاز لأوكرانيا ضد روسيا، الا أن السفير الروسي رفض الربط بين الملفين، معتبراً أن روسيا على مسافة واحدة من اللبنانيين، وهناك عدة مرشحين للرئاسة وليس فرنجية فحسب.

وقد تم خلال اللقاء بين فرنجية والسفير الروسي، البحث في التطورات السياسية والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين بالإضافة الى الازمة الروسية الاوكرانية وقضايا دولية.

بعد اللقاء، قال السفير الروسي: «الدولة الروسية في تنسيق دائم مع كل الاحزاب والحركات في الجمهورية اللبنانية. ونحن نتعاون مع كل الاطراف، وطبعاً هذه الزيارة مهمة، ونحن نعرف أن سليمان فرنجية هو من الشخصيات البارزة والمعروفة وهو إنسان شريف، ونحن دائما على تواصل ونناقش بعض التطورات الموجودة في لبنان قبل الانتخابات النيابية وطبعاً الانتخابات الرئاسية».

وعما إذا تطرّق الحديث إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، قال: «الازمة الروسية الاوكرانية حالياً هي من اهم العناوين في الاخبار، وقد ناقشنا هذا الموضوع وفسرت الموقف الروسي بالنسبة لهذه الازمة وما كانت الاسباب وما هي الشروط للمفاوضات بين روسيا واوكرانيا، كما تطرقنا الى الوضع في الاراضي الاوكرانية تجاه العمليات العسكرية خاصة من قبل الجيش الروسي».

وفيما يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة في السرايا الحكومية تستكمل البحث في ملف المصارف بعد جلسة السبت الماضي، بقي الصراع القضائي – المصرفي، في واجهة المشهد الداخلي نظراً لتداعياته النقدية والمصرفية والمالية والاقتصادية السلبية.

وعشيّة الجلسة المرتقبة أعلنت المصارف إنهاء إضرابها التحذيري الذي بدأ الاثنين الماضي، على أن تفتح أبوابها وصرافات السحب الآلية اليوم كالمعتاد. وأثار إضراب المصارف امتعاض المواطنين الذين حمّلوا المصارف مسؤولية عرقلة وتعطيل عملياتهم المالية وسحوباتهم وتحويلاتهم ومراسلاتهم مع الخارج، داعين الى أن تحل المصارف ملفاتها ونزاعاتها مع المودعين مع القضاء وفق القوانين وليس تدفيع العملاء الثمن واتخاذهم رهينة بالمعركة مع القضاء.

ورفعت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الأختام عن «فرنسبنك» وتقرّر قبول الاستئناف شكلاً وأساساً، وفسخ القرار المستأنف، والحكم مجدداً بوقف التنفيذ في المعاملة التنفيذية رقم 1103/ 2021، إضافة إلى إعادة التأمين الاستئنافي.

في المقابل أعلن فرنسبنك أنه «سيعمد إلى تلبية حاجات عملائه من سحوبات عبر صرافاته الآلية في كافة الفروع التي ستتم تغذيتها من سائر صناديق الفروع الأخرى التي لم تختم بالشمع الأحمر وذلك بالقدر اللازم ريثما يصار إلى البتّ بالطعن الذي سيتقدم به المصرف بشأن قرار عناني برد طلب فض الأختام».

ومن المتوقع أن تعقد جمعية مصارف لبنان اجتماعاً لمجلس إدارتها يمهِّد لالتئام جمعيّتها العمومية للنظر في الخطوات التصعيدية لجَبه الحملات القضائية والسياسية على القطاع المصرفي وأركانه، لكن لم يحدد أي موعد للاجتماع حتى الساعة بانتظار ما سيخرج عن مجلس الوزراء من قرارات لجهة إلغاء الاستنسابيّة في التعاطي مع المصارف، وإقرار قانون الـ«كابيتال كونترول.»

وواصلت المصارف حملتها على القضاة المعنيّين بملف الملاحقة القضائية لعدد من المصارف، تارة عبر التهديد بالإقفال والفوضى النقدية والاجتماعية وارتفاع سعر صرف الدولار، وتارة أخرى بالحديث عن تهديد المصارف المراسلة بقطع العلاقة مع مصارف لبنان، وذلك لدفع الحكومة لكفّ يد القاضية غادة عون وقضاة التنفيذ عن الملف وشطب القرارات القضائيّة الأخيرة وإصدار تشريعات في مجلس النواب تشرّع «الهيركات» التي تفرض على الودائع، بحسب ما تقول أوساط مطلعة لـ«البناء»، والتي لفتت الى أن المصارف بدعم من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشبكة سياسية – مالية نافذة في الدولة لن يسلموا للقضاء في إجراءاته، بل سيستخدمون كل الأوراق في الحرب القائمة للحفاظ على مكتسباتهم. ولفتت الأوساط الى أن جزءاً أساسياً من الطبقة السياسية تعد شريكة في النظام المصرفي – المالي، لذلك لن يستطيع القضاء اختراق هذه المنظومة المتماسكة بالسهولة التي نتوقعها، بل سيشهد لبنان معركة قضائية – مصرفية تخفي حرباً سياسية بين العهد الحالي في ما تبقى من ولايته وبين الجهات السياسية الداعمة للقطاع المصرفي ومصرف لبنان وسياساتهما التي أدّت الى الانهيار القائم.

في المقابل أشارت مصادر مصرفية الى أن «البنوك المعنية بقرار مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون كانت طلبت مراراً كف يد عون إلا أن الأخيرة رفضت أن تتبلّغ وهذا غير قانوني». وطالبت المصادر عبر القناة، بـ«حصر النزاعات المصرفية بين المودع والمصرف بالفرع، بدل الحجز على جميع الفروع والأصول والممتلكات للمصرف المدعى عليه». ولفتت مصادر جمعية المصارف، إلى أن «استمرار المنحى القضائي الحالي يهدد المودعين والاقتصاد والبلد ويزيد العزلة، فالبنوك المراسلة بدأت تسأل عن هذه الأمور والمصارف اللبنانية تبرر أن الهدف سياسيّ». وكشفت المصادر أنه «إن لم تتحسن طريقة التعاطي مع المصارف، فسوف يدفعنا ذلك الى استخدام وسائل ضغط أخرى منها تخفيض عمل الأيام الأسبوعية تدريجياً».

لكن مصادر مالية تساءلت عبر «البناء»: لماذا تطالب المصارف اليوم بإقرار «الكابيتال كونترول» فيما لم تطبقه في بداية الأزمة التي اندلعت في 17 تشرين 2019؟ وبالتالي سمحت آنذاك للنافذين من رجال أعمال وسياسيين ومصرفيين وأمنيين وقضاة بتحويل وتهريب مليارات الدولارات الى الخارج؟ فهل تريد المصارف اليوم إقرار «الكابيتال كونترول» لتطبيقه فقط على المودعين لاستكمال «قصّ» ودائعهم؟».


"الأخبار": لقاء سياسي - دبلوماسي - أمني فرنسي - سعودي... ووفود عربية في بيروت: الخليج يعود إلى لبنان: تهدئة تمهّد لتسوية أم معركة كسر عظم؟

بدورها اعتبرت "الأخبار" أنَّ لبنان دخل مرحلة جديدة من الاهتمام الخارجي به، والمقاطعة الخليجية في طريقها الى الانتهاء رسمياً بعد اتصالات بقيت بعيدة عن الأضواء بين أطراف في مجلس التعاون الخليجي وجهات لبنانية، بينها حزب الله الذي تحتجّ السعودية على مواقفه لبنانياً وعربياً. وفيما قال مسؤولون في الكويت إنهم نجحوا في كسر «الصمت السعودي» حيال الملف اللبناني، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تفتح الملف من بوابتَي إيران وسوريا. فيما أرسلت قطر موفديها بصمت، وهي تستعد لمزيد من الاتصالات.

لكن الحركة العربية لا تكفي في مواجهة القرار الأميركي الأساسي بمحاصرة لبنان لإلزامه بتنازلات لا تتعلق فقط بأمن إسرائيل وملف ترسيم الحدود، بل بتغيير على مستوى السلطة الحاكمة في لبنان يضمن وصول جماعتها الى الحكم بقوة أكبر مما هي عليه اليوم. وعين واشنطن ليست على مجلس نيابي مختلف، بل على مجلس ينتخب رئيساً جديداً لا يكون من حلفاء حزب الله.
التكتّم الكبير على الاتصالات الجارية منذ أكثر من أسبوعين، أثار نقاشاً في بيروت حول أسباب التحرّك المستجد عربياً ودولياً لم ينته الى نتيجة، رغم أن اللبنانيين يكثرون من التحليلات المرتبطة بتطورات العالم، ولا سيما العملية العسكرية الروسية ضد حلفاء أميركا في أوكرانيا وعدم وضوح حصيلة التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي.

ما الجديد؟
حافظت فرنسا طوال الفترة الماضية، على ما يبدو، على خيوط تسمح لها بالتحدث مع كل الأطراف في لبنان والمنطقة. استطلعت باريس الوضع الداخلي في لبنان، والتقديرات حول نتائج الانتخابات النيابية، ما دفعها إلى التوجه إلى حزب الله وسؤاله مباشرة عما إذا كان يريد حصول الانتخابات فعلاً. وقد سمع الفرنسيون بوضوح أن الحزب مستعد للانتخابات، بل متحمس لها، لذا كان السؤال التالي حول استراتيجيته لخوضها، وخصوصاً مع رصد استنفار غير مسبوق للحزب لتنظيم صفوف جميع حلفائه، ونجاحه في ربط ما لا يُربط في هذا السياق. وقد كان حزب الله واضحاً مع الفرنسيين بأنه يستعد لمعركة لا تفقده موقع الشريك الكامل في أي قرار مستقبلاً، وأنه أكثر استعداداً لمنع إسقاط حلفائه. لكن الكلمة المفتاح بالنسبة الى الفرنسيين كانت أن حزب الله لا يريد الاستيلاء على الحكم من خلال الانتخابات، بل هو راغب في تجديد التسوية السياسية ولا يمانع أي جهود تصب في هذا الاتجاه، بما في ذلك عدم رفضه عودة الجهود السعودية.
وفيما كان من بقي في «الميدان» من حلفاء السعودية، من وليد جنبلاط وسمير جعجع الى المتمردين على قرار الرئيس سعد الحريري بالعزوف عن الانتخابات، يدقّون النفير ويرفعون الصوت عالياً مطالبين السعودية والخليج بالعودة الى لبنان، كان الفرنسيون يرصدون خشية هؤلاء ليس من تدهور الوضع الاقتصادي فقط، بل من عدم قدرتهم على حفظ مواقع نفوذهم في الانتخابات النيابية. ولفت الفرنسيون الى أن أصحاب الأصوات المرتفعة يعبّرون عن خوف حقيقي بعدما اكتشفوا أن لعزوف الحريري تأثيراً كبيراً على معظم المعارك الانتخابية، كما هي حال جنبلاط وجعجع اللذين يخشيان عدم حصولهما على الأصوات السنية الكافية لتحصيل مقاعد انتخابية في أكثر من منطقة. وترافق ذلك مع انكشاف القدرات الضئيلة، بل المثيرة للشفقة، للرئيس فؤاد السنيورة في أكثر من منطقة، ومع حال التشظّي التي تصيب القوى التي تنطق باسم الثورة وعدم قدرتها على ضمان اصطفاف يمكّنها من حصد نسبة معقولة من المقاعد النيابية.

توجّه الفرنسيون الى السعودية، وقرروا البحث في ملف صندوق دعم إنساني هدفه تعزيز واقع القوى والمجموعات الحليفة لهم، بعيداً عن الدولة ومؤسساتها. لكن باريس فوجئت بأن الرياض غير مستعدة لخطوات نوعية، وفي الاجتماع الأولي العملي، لاحظ الفرنسيون أن الجانب السعودي لا يريد اقتصار الأمر على الجانب الإنساني. فاتفق الجانبان على آلية تواصل بشأن لبنان، شملت في اجتماعين منفصلين مندوبين سعوديين عن الديوان (نزار العلولا) ووزارة الخارجية (وليد البخاري) والمخابرات (أحد مساعدي رئيسها خالد الحميدان)، وثلاثة ممثلين عن خلية لبنان في الإليزيه ومندوباً عن كل من وزارة الخارجية الفرنسية ورئيس المخابرات الخارجية برنار إيميه.
حصيلة هذه اللقاءات أضيفت الى نتائج لقاءات عقدت على هامش زيارة الوفد السعودي لباريس مع شخصيات لبنانية، من بينها السنيورة. وسمع الفرنسيون ملاحظات سعودية «غير إيجابية» عن بعض هؤلاء. لكنهم لم يحصلوا على ضمانات واضحة تشير الى الوجهة السعودية حيال المرحلة المقبلة، وسط قلق في لبنان من أن تكون الرياض في طريقها الى «تهدئة» في لبنان تمهيداً لتسوية تشمله وتشمل الإقليم. فيما يقول حلفاء الرياض في لبنان إن السعودية ستستمع الى ملاحظاتهم، وتعود عن مقاطعتها الاستحقاق الانتخابي، وإنها تدرس اقتراح جنبلاط وجعجع والسنيورة إطلاق حملة تعبئة في الوسط السني لإنهاء مفاعيل قرار الحريري بالعزوف، فيما توجّه المرشحان عن القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي ملحم رياشي ووائل أبو فاعور الى السعودية لمقابلة العلولا وحميدان.

وفيما بدأت تسريبات حول عودة قريبة للسفير السعودي إلى بيروت ومسعى يقوم به أطراف لبنانيون لدفع المملكة إلى الإهتمام بلبنان، والحديث دور نشط لأبو فاعور في هذا الإتجاه، أكدت مصادر مطلعة أن هذه الأجواء هي نتاج تنسيق بين البخاري الذي يرغب في العودة وعدد من المسؤولين المعروفين بارتباطاتهم به. وقد جرى الإتفاق على بدء حملة داخلية بعنوان أن حزب الله والرئيس ميشال عون سيحكمان في الإنتخابات المقبلة إحكام سيطرتهم على البلد، وإطلاق حملة «مناشدة» للسعودية لعدم ترك لبنان في قبضة حزب الله. وتصاعدت هذه الحملة خصوصاً بعد ما أكده مسؤولون سعوديون لعدد من اللبنانيين، ومن بينهم السنيورة، بأن المملكة غير معنية بلبنان ولا مهتمة به، ولا تدعم أي طرف في الداخل. ولمح هؤلاء إلى تراجع الحماسة تجاه رئيس القوات سمير جعجع الذي يبدو أنه «يتعهد بأكثر مما هو قادر على فعله».
وكان بيان صدر عن وزارة الخارجية السعودية رحّب بما تضمّنه بيان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من «نقاط إيجابية»، وأكد «تطلّع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى الشعب اللبناني بالاستقرار والأمان في وطنه والانماء والازدهار». جاء ذلك بعدما اكد ميقاتي التزام الحكومة اللبنانية «اتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي»، مشدداً على ضرورة «وقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية التي تمسّ سيادة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وأمنها واستقرارها والتي تنطلق من لبنان».


"النهار": عون "يسوّق" لـ "حزب الله"... في الفاتيكان!.. وترحيب سعودي بمواقف ميقاتي.. والمصارف تعاود عملها

أما "النهار" فقد رأت أنَّ الحدث المصرفي – القضائي ظلّ متقدماً واجهة المشهد الداخلي ولو ان المصارف ستعاود عملها اليوم بعد انتهاء الاضراب التحذيري الذي نفذته يومي الاثنين والثلاثاء، فان مفارقة لافتة تقدمت امس مع معالم انفراج في العلاقات اللبنانية – السعودية بفعل الموقف الذي اعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اول من امس معبرًا عن الرغبة في إعادة العلاقات بين لبنان ودول #مجلس التعاون الخليجي الى طبيعتها، الامر الذي لاقى صدى فورياً لافتاً من الرياض. هذا التطور بدا مؤشراً الى شيء ما يطبخ لإنضاج عملية إزالة الآثار المسيئة للعلاقات اللبنانية السعودية عقب حركة استثنائية حصلت على خط الرياض – باريس أيضا، وكلام عن اقتراب عودة السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت. وفي انتظار مزيد من التطورات الإيجابية التي ترتبط بحرص متجدد لدى فرنسا والسعودية على منع انزلاق لبنان نحو متاهات إضافية خطيرة من الانهيار، بدا واضحاً ان ميقاتي دخل في ندائه الخليجي - السعودي قبل يومين على هذا الخط، فجاءه الرد امس عبر ترحيب وزارة الخارجية السعودية عبر حسابها على "تويتر"، بما "تضمنه بيان رئيس الوزراء اللبناني من نقاط ايجابية"، آملة أن "يسهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيا ودوليا"، مؤكدة "تطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالاستقرار والأمان في وطنه والانماء والازدهار". كذلك أصدرت وزارة الخارجية الكويتية بيانا مماثلا رحبت فيه ببيان ميقاتي.

وبالتزامن مع هذا التطور تحدثت معلومات عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان لبيروت بعد زيارته لدمشق.

واستغربت "النهار" من "المفارقة" التي وصفتها بـ "الأشد اثارة للاستغراب" التي واكبت هذا التطور، والتي برزت في المواقف السياسية اللافتة التي اطلقها امس رئيس الجمهورية #ميشال عون من روما غداة لقائه البابا فرنسيس واجتماعه مع الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا ولا سيما منها دفاعه عن "#حزب الله" وتبرئته لسلاح الحزب وممارساته من أي تدخل او تأثير داخلي وحصر وظيفته بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وتحرير الجنوب. اذ ان هذا الموقف بدا بمثابة اثبات للشكوك التي أثيرت حول اهداف زيارة عون للفاتيكان في هذا التوقيت ومنها التطوع مجددا للتغطية على "حزب الله" وسلاحه وسياساته وتوفير التغطية الرسمية – المسيحية له على خلفية التحالف معه قبيل الانتخابات النيابية كما ضمن اهداف العهد وتياره حيال الاستحقاق الرئاسي المقبل.

فقد اعتبر عون في حديث الى صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية ان "موقف حزب الله في الداخل اللبناني مختلف بصورة كاملة عن نظرته الى الخارج". وقال "ليس لحزب الله من تأثير، بأي طريقة، على الواقع الامني للبنانيين في الداخل. اما بالنسبة الى الحدود الجنوبية فالتعاون قائم بين الجيش وقوات "اليونيفيل". ان حزب الله، حزب يملك السلاح وهو قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي، وهو مكون من لبنانيين من الجنوب عانوا من الاحتلال الاسرائيلي، ومقاومة الاحتلال ليست إرهابا". وأكد من جهة اخرى انه "يعرف ان البابا سيقوم بمبادرة لمساعدة لبنان، وأن بإمكان إيطاليا التي تقدم المساعدات الاقتصادية دعم الأطراف اللبنانيين للتلاقي والتوافق على حل، لافتا في ما خص الحرب الدائرة في أوكرانيا الى ان مخاطر النزاع شاملة، والحل الوحيد هو السلام والامثل يكون من خلال مفاوضات تقودها الأمم المتحدة". وعن انفجار مرفأ بيروت، اعرب عون عن ثقته في ان العدالة ستتحقق لا سيما وان جميع اللبنانيين ينشدونها، مؤكدا مطالبته بإزالة كل العوائق التي تمنع تحقيقها، لافتا في مجال آخر، الى السعي الى تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة التي من شأنها ان تساهم في تطبيق افضل للدستور اللبناني".


المواجهة المصرفية – القضائية

الى ذلك وفي انتظار ما يمكن ان تحمله جلسة مجلس الوزراء اليوم في السرايا من مقررات على خط النزاع القضائي – المصرفي، انهت المصارف إضرابها وأعلنت انها ستفتح أبوابها وماكينات السحب أمام الناس كالمعتاد اليوم. وفي حين قررت إدارة فرنسبنك إبقاء عملية سحب الرواتب والمعاشات من المصرف عالقة في انتظار صدور قرار قضائي عن المحكمة المختصة يقضي برفع الحجز عن جميع موجودات المصرف في مختلف الفروع بما فيها الخزائن والأموال وفَكّ أختام الشمع الأحمر، سجلت تطورات جديدة في قضية المصرف اذ رفعت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الأختام عن المصرف وتقرّر قبول الاستئناف شكلاً وأساساً، وفسخ القرار المستأنف، والحكم مجدداً بوقف التنفيذ في المعاملة التنفيذية رقم 1103/ 2021، إضافة إلى إعادة التأمين الاستئنافي.

ولكن رئيسة دائرة التنفيذ بيروت القاضية ماريانا عناني ردت طلب المصرف فضّ الأختام عن صناديقه. وأوضح مصدر معني بهذا التخبط أنّ "محكمة الاستئناف أوقفت تنفيذ القرار السابق إلى حدّ المرحلة التي وصلت إليها القضية، الأمر الذي خلق إشكالية، لأن القرار لم يبتّ بالأساس ما يعني أنّ الملف عاد إلى نقطة الصفر". وقال أنه "لم يعد لأي مرجع ولاية أو صلاحية بفض الأختام إلا بصدور القرار بالأساس، وأي أمر بخلاف ذلك يصبح غير قانوني لأن الولاية استقرت بعد قرار الاستئناف على البحث بالأساس".

وازاء هذا الوضع، اعلن مصرف "فرنسبنك" مساء انه "امام هذا الوضع القانوني وفي ضوء تبلغ قرار محكمة الإستئناف أصولاً، ولأن المصرف يسعى دائماً للوقوف إلى جانب عملائه تحقيقاً للمصلحة العامة سيعمد إلى تلبية حاجات عملائه من سحوبات عبر صرافاته الآلية في كل الفروع التي سيتم تغذيتها من سائر صناديق الفروع الأخرى التي لم تختم بالشمع الأحمر وذلك بالقدر اللازم ريثما يصار إلى البت بالطعن الذي سيتقدم به المصرف بشأن قرار القاضي ماريانا عناني برد طلب فض الأختام".

اما في شأن المواجهة بين القضاء وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه وشقيقه رجا، فأفيد امس ان المحامي العام المالي القاضي جان طنوس استجوب رجا سلامة في قصر عدل بيروت في ملف شركة "فوري"، فيما لم يمثل أمام القاضي نقولا منصور بسبب إصابة الكاتب بوباء كورونا.

الى ذلك، تقدمت الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد اصلاح النظام"، بإخبار جديد للنيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان "ضد كل من يظهره التحقيق من المصارف والأشخاص المعنويين والطبيعيين بجرائم الاثراء غير المشروع وتبييض الأموال وإساءة الأمانة ومخالفة أحكام قانون النقد والتسليف ومخالفة القرارات الإدارية، على خلفية ما يعرف بأموال "الرئيس صدام حسين" المجمدة والتي تقدر بمليارات الدولارات تم وضعها في مصارف لبنانية بأسماء موالين للنظام العراقي السابق وقد توافرت معلومات عن استعمال هذه الودائع في العمليات المصرفية في لبنان ثم تبخرت بفعل الازمة التي ضربت القطاع المصرفي في لبنان".

إقرأ المزيد في: لبنان