لبنان
موقف للخارجية اللبنانية من الحرب في أوكرانيا دون علم عون
تناولت الصحف الصادرة صباح اليوم الموقف اللبناني الملتبي من الأزمة في أوكرانيا، وما صدر عن وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب حول هذا الموضوع، ما اعتبر خروجًا عن النأي بالنفس الذي ترفعه الحكومة شعارًا لها.
إلى ذلك، مرّت جلسة الحكومة في قصر بعبدا بالأمس بسلام، بعد خشية من تفجرها على خلفية الموقف من الأزمة في أوكرانيا، ما استدعى تعليقًا من وزير العمل مصطفى بيرم، فيما كانت هناك موافقة مبدئية على خطة الكهرباء التي طرحها وزير الطاقة والمياه وليد فياض.
"الأخبار": بيان الخارجية: الرئيس لم يكن يعلم
الأزمة التي فجّرها بيان وزارة الخارجية، أول من أمس، بإدانة «الاجتياح» الروسي للأراضي الأوكرانية، تفاعلت أمس، ولا سيما لجهة موقف رئيس الجمهورية ميشال عون الرافض لمضمون البيان. الرواية التي حصلت عليها «الأخبار» من مصادر عدة، تقاطعت عند إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على وجوب إصدار بيان حول ما يحصل في أوكرانيا. وهو تواصل لهذا الغرض مع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب الذي أبلغ رئاسة الجمهورية طلب ميقاتي. وأعدّ بوحبيب مسودة بيان «رمادية»، حملها الى بعبدا الخميس، أثناء انعقاد اجتماع وزاري لمناقشة مسألة الكهرباء في حضور ميقاتي. على هامش الاجتماع، عُقدت خلوة ضمت رئيس الحكومة ووزير الخارجية ومستشار رئيس الجمهورية أنطوان شقير، عرض خلالها المسودة على ميقاتي، فأصرّ الأخير على إيراد تضمينها عبارة تدين «الاجتياح الروسي»، فيما لم يبدِ أي معارضة. عندها، أصدر بوحبيب البيان بصيغته النهائية بعد تعديلات رئيس الحكومة.
وبحسب المعلومات، فإن شقير لم يطلع رئيس الجمهورية على الصيغة المُعدّلة ما دفع عون إلى تأنيبه لاحقاً. وثمة من يربط بين أداء المستشار الرئاسي وبين وعد تلقاه من ميقاتي بالموافقة على تعيينه سفيراً لدى الفاتيكان ضمن التعديلات الدبلوماسية التي وعد رئيس الحكومة بوضعها على جدول أعمال الجلسة المقبلة. فيما تؤكد مصادر مطّلعة أن موقف ميقاتي جاء بطلب مباشر من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، وهو ما أبلغه الى رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط عندما هاتفه الأخير مستنكراً مضمون البيان.
هكذا، قررت حكومة الحرص على «الحياد» و«النأي بالنفس» أن تغادر النأي الذي لا يتناسب مع أجندة السفيرة الأميركية، واستعجل رئيس الحكومة ومعه الفريق «السيادي» والحيادي الذي أقام الدنيا وأقعدها على تصريح لوزير الإعلام السابق جورج قرداحي حول العدوان السعودي على اليمن، الاصطفاف السياسي بناءً على مصالح أميركية.
وفي إطار تصويب الموقف اللبناني، أجرى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل اتصالاً بالسفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف أمس أبلغه فيه أن البيان الصادر عن الخارجية اللبنانية «لا يعبّر عن رأينا»، وأكّد التمسك بـ«سياسة النأي بالنفس». وقالت مصادر التيار إن الاتصال ساهم في إزالة «سوء التفاهم»، وخصوصاً مع إشارة رئيس التيار الى عدم وجود إجماع لبناني حول البيان، وتأكيد تعرّض بوحبيب لضغوط. في حين قالت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية إن موقف باسيل يعكس موقف عون، وسيكون هذا الموضوع على طاولة البحث خلال زيارة مستشاره للشؤون الروسية أمل أبو زيد موسكو الأسبوع المقبل للقاء نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. وأكدت المصادر أن «عون لم يكن على اطلاع كامل على البيان، رغم مناقشة المسودة في بعبدا»، مشيرة إلى أن بوحبيب لا يمكن أن يصدر بياناً من دون استشارة رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، «والواضح أنه استشار الثاني».
وفي جلسة مجلس الوزراء أمس، أُثير موضوع البيان بشكل سريع بعد ادانة وزير العمل مصطفى بيرم لمحتواه ومعاتبته لعدم استشارة فريقه قبيل اصداره، ليقفل الحديث على ذلك.
إلى ذلك، انتقدت السفارة الروسية في بيروت أمس «مخالفة لبنان سياسة النأي بالنفس وتموضعه إلى جانب طرف ضدّ طرف آخر». وأبدت في بيان «دهشتها لهذه المخالفة»، مذكّرة بأن روسيا «لم تُوفّر جهداً في المساهمة بنهوض لبنان واستقراره».
واستغرب مسؤول في قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في الخارجية الروسية، في اتصال مع «الأخبار»، مقارنة البيان الحرب في أوكرانيا بالاجتياحات الإسرائيلية للبنان في الفقرة التي تتحدث عما «شهده تاريخ لبنان الحديث من اجتياحات عسكرية لأراضيه ألحقت به وبشعبه أفدح الخسائر التي امتد أثرها البالغ لسنوات طويلة على استقراره وازدهاره»، وتساءل عن «صدق نيات المسؤولين اللبنانيين الذين يزورون موسكو لطلب المساعدة والدعم في حل المشكلات الداخلية والإقليمية من منطلق موقع روسيا الدولي».
إلا أن تداعيات بيان الخارجية لم تثن بوحبيب عن إكمال خريطة المواجهة المرسومة له. فكرّر خلال استقباله سفيرَي فرنسا وألمانيا أمس لشكره على البيان تشبث لبنان بموقفه «والتزام مبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي، التي تشكّل الضمانة الأساسية لحماية السلم والانتظام الدوليين وسلامة أراضي الدول الصغيرة»، مشيراً الى «معاناة لبنان الأمرّين من الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة حتى اليوم». السفيران الأوروبيان طلبا من بوحبيب مشاركة لبنان في «تبنّي القرار المقدّم أمام مجلس الأمن ضدّ روسيا والتصويت عليه في الجمعية العامة لاحقاً»، فأبلغهما امتناع لبنان عن المشاركة في تبنّي القرار وأنّه سيتم درس الموقف اللبناني لناحية التصويت في حال إحالة القرار إلى الجمعية العامة، بالتشاور مع المجموعة العربية».
بولندا توافق على إدخال اللبنانيين
تتفاعل قضية الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا، ولا سيما مع اعتصام أهاليهم مطالبين بإجلائهم. هذا الأمر كان مدار نقاش في اللجنة التي شكلتها وزارة الخارجية، حيث جرى الاتفاق على وضع تطبيق هاتفي للبنانيين في أوكرانيا للتواصل مع السفارة ورابط إلكتروني لتسجيل الراغبين في المغادرة أسماءهم، علماً بأن مصادر الخارجية أشارت الى أن الوزارة دعت قبيل أيام من اندلاع الأزمة الى مغادرة من يرغب على مسؤوليته. وقد استدعى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب أول من أمس سفيرَي بولندا ورومانيا للحصول على موافقة بلديهما على تسهيل مغادرة اللبنانيين عبر حدودهما البرية، وقد أعلنت بولندا أمس السماح للبنانيين الموجودين في أوكرانيا بعبور حدودها من دون تأشيرة لفترة لا تتعدى 15 يوماً، فيما ستمنح رومانيا تأشيرات مجانية للراغبين بعبور حدودها من الأراضي الأوكرانية. كذلك جرى التواصل مع الجانبين الأوكراني والروسي لتسهّل أوكرانيا طلب المغادرة وتسمح روسيا بدخول الوافدين إليها. كما طلب بوحبيب من السفيرة الفرنسية آن غريو أن تشمل بلادها اللبنانيين في أي خطة لإجلاء رعاياها.
الجالية اللبنانية تدين الانحياز الى أميركا
عبرت الجالية اللبنانية في روسيا عن «الدهشة والاستغراب لبيان الخارجية اللبنانية الجاهل للحقيقة وللأوضاع بين روسيا وأوكرانيا». ووصفت هذا الموقف في بيان بأنه «منحاز الى أميركا ولم يأخذ بمصالح اللبنانيين في روسيا ويضرّ بالعلاقات اللبنانية ــــ الروسية». وسجلت اعتراضها على «البيان المشبوه والمجحف بحق روسيا والعبارات التي تجافي تاريخ روسيا صاحبة الأيادي البيضاء في دعم لبنان ونصرته. وكان الأجدر بالدولة اللبنانية أن تهتم بتأمين الماء والكهرباء والعيش الكريم لشعبها». وطالبت الجالية بإعادة تصويب الدولة لموقفها وأن تكون على مسافة واحدة من روسيا وأوكرانيا.
"البناء": موقف وزارة الخارجيّة يُحرج لبنان
وكان الإحراج الكبير في موقف وزارة الخارجية الذي بقي لغزاً بلا تفسير، وسط احتجاج روسي على إنجاز لبناني مستغرب معاكس بمبدأ النأي بالنفس الذي تعلنه الحكومة اللبنانية، وكان سقف ما قاله وزير الخارجية عبدالله بو حبيب هو استهزاء بالانتقادات دون توضيح خلفيات الموقف، وحديث عن مسؤوليته الشخصية، ولبسه الدرع، ووصفه مواقف الرؤساء من بيان الخارجية بـ “أسرار الدولة” وبقي نقاش الحكومة بلا معنى طالما أنها تخلت عن مسؤوليتها في رسم السياسات واكتفى الوزراء بالدردشة حول الموضوع، بينما تساءلت مصادر سياسية عما إذا كانت هناك مساومات مع واشنطن تتصل بالعقوبات او بحسابات رئاسية، وقالت أليس مخجلاً أن يقوم لبنان بإدانة روسيا بينما تستبدل واشنطن في مشروع القرار الأممي الإدانة بإبداء الأسف الذي كان تضمينه للبيان اللبناني بدل الادانة كافياً لتجنيب لبنان الإحراج. واضافت نخشى ان يكون الموقف مجانياً أسوة بتقديم أوراق الاعتماد المتواصل دون طائل ودون جدوى لدول الخليج، واضافت أن الموقف الذي كان يليق بلبنان هو إبداء الأسف لتدهور الأوضاع وتأكيد التمسك بالحلول السلمية والدعوة للحوار ومبادئ القانون الدولي دون الدخول في التفاصيل ودعوة الأمم المتحدة للقيام بمسؤولياتها في السعي لحل سلمي قائم على التفاوض.
وفيما استمرّت الأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا لليوم الثاني على التوالي توازياً مع اجتياح الجيش الروسي للأراضي الأوكرانية ووصوله الى تخوم العاصمة كييف ومحاصرتها، اقتحمت التداعيات السياسية والاقتصادية العالم، ومن ضمنها لبنان الذي انقسم على نفسه على جري العادة أمام أية أزمة أو قضيّة دولية وإقليمية.
وقد أثار بيان وزارة الخارجية اللبنانية بإدانة العملية العسكرية الروسية، جملة ردود فعل مستنكرة ورافضة لانحياز لبنان مع أوكرانيا ضد روسيا وتهديد العلاقات مع موسكو بهدف استرضاء الأميركيين من دون مقابل.
وكشفت مصادر “البناء” عن ضغوط تعرّضت لها الدولة اللبنانية لإدانة الحرب الروسية على أوكرانيا من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. وهذا ما دفع بوزارة الخارجية الى مسايرة الأميركيين والأوروبيين بالوقوف ضد روسيا. كما علمت أن موقف بوحبيب اتخذ بعد التشاور مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أيد هذا الموقف وضغط بهذا الاتجاه ظناً بأن لبنان يبيع موقفه للأميركيين والأوروبيين مقابل مساعدات صندوق النقد الدولي و”سيدر”، فيما رئيس الجمهورية ميشال عون لم يكن بعيداً عن هذا البيان.
لكن مصادر سياسيّة استغربت موقف الخارجية اللبنانية التي تسرّعت باتخاذه نتيجة الرضوخ للضغوط الغربية والرهان على حصان خاسر، من دون تقييم وموازنة مصلحة لبنان وقراءة موازين القوى العسكرية والسياسية على الساحة الدوليّة. معتبرة أن بيان الخارجية يعكس اتباع سياسة الانحياز وإعلان الانضمام الى محور ضد الآخر ما يرتب تداعيات سلبية على لبنان وعلاقاته مع روسيا، علماً أن الحكومة خالفت وخرقت بيانها الوزاري الذي يؤكد على سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية والدولية والحياد عن المحاور. وحذرت المصادر من أن بعض الدول الاوروبية والأميركيين يعملون على توريط لبنان بالوقوف ضد روسيا، كما ورطوا الرئيس الاوكراني بحرب عسكرية مع روسيا ثم تخلوا عنه.
كما حذرت من دفع لبنان الى اتخاذ موقف في مجلس الامن الدولي ضد روسيا، ما سيدفع روسيا الى موقف مماثل ضد لبنان عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات الدولية، مذكرة بمواقف روسيا المؤيدة لمصلحة لبنان وسورية في مجلس الأمن الدولي ومنظمات الأمم المتحدة.
وغداة موقف الخارجية زار سفيرا فرنسا وألمانيا لدى لبنان وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب لشكر لبنان على البيان حول الأزمة الأوكرانية – الروسية، وتمنيا استمرار لبنان على موقفه هذا، وطلبا مشاركة لبنان في تبني القرار المقدّم أمام مجلس الأمن حول الأزمة والتصويت عليه في الجمعية العامة لاحقاً.
وأبلغ بوحبيب السفيرين أن “موقف لبنان ثابت ونابع من حرصه بالالتزام بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي التي تشكل الضمانة الأساسية لحماية السلم والانتظام الدوليين وسلامة أراضي الدول الصغيرة، خصوصاً أن لبنان عانى الأمرين من الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة حتى اليوم”.
كما أبلغ الوزير السفيرين الألماني والفرنسي “امتناع لبنان عن المشاركة في تبني القرار المقدّم أمام مجلس الأمن وأنه ستتم دراسة الموقف اللبناني لناحية التصويت في حال إحالة القرار على الجمعية العامة بالتشاور مع المجموعة العربية”.
وفيما حاول بو حبيب التخفيف من حدّة بيان وزارته واسترضاء روسيا، متبعاً سياسة “اللعب على الحبلين” وبدل أن “يُكحّلها عماها”، إذ اعتبر وزير الخارجية اللبناني أن “الموقف اللبناني ليس موجهاً ضدّ روسيا الاتحادية أو أي دولة أخرى صديقة، وإنما موقف مبدئي وراسخ اتخذه وسيتخذه لبنان في كلّ أزمة مشابهة”. وأشار بو حبيب الى أنه التقى بالأمس سفير روسيا الاتحادية لدى لبنان وأعرب له عن أسفه وأن لبنان بصدد إصدار بيان إدانة للعملية العسكرية الروسية وأن “هذا الموقف غير موجّه ضدّ دولته ولا نرغب أن يؤثر على العلاقة الثنائية الوطيدة”.
موقف بو حبيب أثار استياء روسيا، حيث أعلنت سفارتها في لبنان، في بيان، أن البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية “أثار الدهشة لدينا بمخالفتها سياسة النأي بالنفس واتخاذها طرفاً ضد طرف آخر في هذه الأحداث، علماً أن روسيا لم توفر جهداً في المساهمة بنهوض واستقرار الجمهورية اللبنانية”. وأوضحت السفارة أن “أساس سياسة روسيا الاتحادية ليس سياسة التعدي على المصالح الأوكرانية، بل حفظاً للأمن القومي الروسي بفعل التهديدات التي شكلتها حكومة كييف بعد تنصلها من تنفيذ العديد من الاتفاقيات ولا سيما اتفاقية مينسك”.
وأشار مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية، النائب السابق امل ابو زيد، في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي، الى أنه “لم تكن وزارة الخارجية اللبنانية مضطرة لإصدار مثل هذا البيان حول روسيا، وكان الأفضل الالتزام بالنأي بالنفس وحصل تواصل معي من وزارة الخارجية الروسية، وسجلوا عتباً على بيان الخارجية اللبنانية وستكون لي زيارة الى موسكو لعقد اجتماع في الخارجية الروسية وسألتقي السفير الروسي في لبنان”.
"اللواء": جلسة المفاجآت لم تنفجر
وذكرت مصادر وزارية أن جلسة مجلس الوزراء يمكن تسميتها بجلسة المفاجآت لأنه كان متوقعا أن تنفجر في موضوع بيان وزارة الخارجية اللبنانية حول الصراع الروسي- الأوكراني لكنها لم تنفجر وكذلك في ملف الكهرباء وموضوع الانتخابات النيابية.
وعلمت «اللواء» أن قضية الكهرباء ومسألة عدم إثارة بيان وزبر الخارجية في مجلس الوزراء رتبت قبيل انعقاد الجلسة على الرغم من أن وزراء قالوا أن سبب رفع رئيس مجلس الوزراء الجلسة سريعا مرده إلى تفادي بحث هذا الموضوع. وافيد أن وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين كان قد اعد كلمة لالقائها مما فيها: انا شخصيا كنت أفضل اتخاذ مبدأ النأي بالنفس، فهل المسموح للغرب وضع منصات صواريخ على حدود روسيا، على ان المداخلة الوزارية الوحيدة التي قدمت كانت من قبل وزير العمل مصطفى بيرم قال فيها: اننا نستغرب بيان الخارجية اللبنانية الذي صدر مخالفا لمبدأ الحياد الذي أعلنته الحكومة اللبنانية فضلا عن عدم التشاور في ذلك وتحميل لبنان تبعات الدخول في مثل هذا النزاع ذات الابعاد الخطيرة..
وكان وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب قد مازح الوزراء بالقول: لبست الدرع وانا جاهز..
وكانت مصادر وزارية قد كشفت أن ما من أحد اثار بيان الخارجية وإن الجلسة استهلت بملف الكهرباء وتحدث رئيس مجلس الوزراء عن النقاط التي تتصل به وأبرزها موضوع الهيئة الناظمة مقترحا تأليف لجنة وزارية لمناقشة التعديلات على القانون ٤٦٢ وتضم وزراء العدل والثقافة والتربية والداخلية على أن تتم الاستعانة بقانونيين. وكانت مداخلات لعدد من الوزراء أبرزهم وزير التربية الذي أكد أهمية وجود استراتيجية واضحة. وأشار إلى اهمية النقاط التي تم إدخالها. اما نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي فأكد أنه من المهم إقرار الخطة لأن البنك الدولي يطالب بها وتسهل العمل شارحا الأمر من كل النواحي.
بدوره وزير الشباب والرياضة طرح موضوع المياه وقال تتحدثون عن الكهرباء في حين أن الوزارة اسمها وزارة الطاقة والمياه ولفت إلى أن أسعار المياه ارتفعت ونحن في مجلس الوزراء لم نفهم شيئا ورد وزير الطاقة والمياه وليد فياض بالقول أنه جاهز لبحث الملف ولديه خطة. وقال كلاس أن المواطن اضحى رهينة ارتفاع الأسعار لا كهرباء ولا مياه ولا شيء، مطالبا بتحديد جلسة خاصة للمياه. وكرر الوزير فياض القول أنه جاهز لبحث الملف وقت يشاء مجلس الوزراء.
ثم تحدث وزير الاقتصاد والتجارة امين سلام عن موضوع القمح، مطالبا المصرف المركزي بتحويل الاعتمادات من أجل دفع وتفريغ شاحنات القمح تفاديا لأي أزمة.
إلى ذلك، أكد وزير الداخلية والبلديات أنه سيشارك في مؤتمر وزراء الداخلية العرب الذي ينعقد في تونس وفي موضوع هيئة الإشراف على هالانتخابات ،سار مجلس الوزراء بأقتراح تعيين الشواغر من أعضاء الهيئة وهم احمد حمدان وخليل الخوري ونسيم الخوري، ومدد المجلس لرئيس الهيئة والأعضاء الآخرين ومدة ولايتهم ستة أشهر لاسيما أنه يقع على عاتقهم إعداد التقارير ومراقبة موضوع الطعون وتبلغ قيمة تعويض رئيس الهيئة ١٠ملايين شهريا في حين يتقاضى كل عضو مبلغ ٨ ملايين شهريا.
وآثار وزير الداخلية موضوع الانتخابات البلدية والأختيارية وأكد أنه سيطرح الموضوع في جلسة لاحقة متحدثا عن استحالة إجراء هذه الانتخابات مع الانتخابات النيابية مشيرا الى انه سيتقدم بمشروع قانون لتمديد ولاية المجالس البلدية. وتردد أن التمديد سيكون لمدة عام.
اما دراسة الميغاسنتر فسيعرضها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.
ووصفت مصادر سياسية خطة الكهرباء التي اقرتها الحكومة مبدئيا، كما صدر عنها وليس نهائيا، يصح القول فيها، بانها خطة ترقيعية وافتراضية، لانها لا ترتكز الى اسس ثابتة، بل الى مجموعة من الوعود والافكار، غير مضمون تنفيذها، والى مصادر تغذية بالطاقة، ما زالت في عالم الوعود، اوتحت وصاية دول اخرى، قد تبدل بتوجهاتها، استنادا الى تطورات ومستجدات سياسية معينة، ما يبقي لبنان بلا طاقة لامد طويل.
واعتبرت المصادر انه لا يمكن الارتكاز الى تأمين الطاقة، من دول اخرى غير مضمون التعاون معها، او بعضها، استنادا إلى تجارب سابقة، بل كان المطلوب تضمين الخطة وضع جدول زمني تقريبي، لتأمين مصادر مضمونة لانتاج الطاقة، بدل التلهي، باعطاء وعود مشكوك بتنفيذها.
وتساءلت المصادر، كيف يمكن ان تتضمن الخطة زيادة عدد ساعات التغذية بالتيار بين 8 و12 ساعة يوميا ورفع ثمن الكهرباء، في الوقت الذي، لم يتم تزويد لبنان بمصادر الطاقة الخارجية، مع العلم ان اخر كميات من الفيول العراقي، التي قدمت للبنان، ستنفذ نهاية الصيف الحالي، بينما ما تزال مناطق عديدة، لا تحصل على ساعة تغذية يوميا حتى الان.
واستغربت المصادر اقرار الخطة بصوره مبدئية، وليست نهائية، وتساءلت عن الاسباب والدوافع الكامنة وراء هذا التوصيف، وترك موضوع اقرار الخطة نهائيا مفتوحا، اعادة ادراج موضوع انشاء معمل سلعاتا بالخطة النهائية، لانه لوحظ خلال النقاشات داخل الجلسة، عدم وجود أي اعتراض جدي عليها، بالرغم من ادعاءات بعض الوزراء، خارج الجلسة، بمواقف اتخذوها، ادت الى تعديلات اساسية بالخطة.
مجلس الوزراء
عقد مجلس الوزراء جلسة امس في قصر بعبدا لم تستمر طويلا لخلاف على خطة الكهرباء، التي «تم اقرارها مبدئيا» بما يُرضي صندوق النقد الدولي شكلياً بإنتظار رأيه فيها بعد اقرارها رسمياً، فتم ارجاء البت بها مجدداً بشكل نهائي لحين تحقيق الملاحظات والشروط التي وضعها رئيس الحكومة وبعض الوزراء عليها، لكن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي اصرّ على اقرار الخطة بشكل نهائي بناء لطلب صندوق النقد الدولي.
وقرّر المجلس التمديد لهيئة الإشراف على الإنتخابات المُشكّلة سابقاً وتم تعيين كل من من أحمد حمدان وخليل خوري ونسيم خوري أعضاءً في هيئة الاشراف على الانتخابات بدل الاعضاء المستقيلين.
واثار وزير العمل مصطفى بيرم خلال الجلسة موضوع بيان وزارة الخارجية عن الازمة الروسية – الاوكرانية، مستغرباً صدوره من دون مراجعة مجلس الوزراء، وايده بعض وزراء «الثنائي الشيعي»، لكن لم يُفسح المجال لمناقشة الموضوع.
بعد الجلسة التي انتهت عند الرابعة، تلا الوزير عباس الحلبي المقررات، فقال: تمت الموافقة المبدئية على خطة الكهرباء بعد الالتزام بوجوب تطبيق القانون 462 حول تنظيم القطاع بشكلٍ فوري لا سيما في ما يتعلق بتشكيل الهيئة الناظمة وتسمية أعضائها وفق المعايير الدولية، وتأليف لجنة وزارية برئسة وزير العدل وعضوية وزراء الطاقة والمياه والداخلية والتربية والثقافة والشؤون الاجتماعية، مهمّتها مراجعة قانون تنظيم قطاع الكهرباء.
واضاف: رفع التعرفة الكهربائية بعد تحسين التغذية بدءاً من 8 إلى 10 ساعات يوميّاً مع مراعاة وضع ذوي الدخل المحدود الذي لا يتجاوز استهلاكهم الشهري الـ 500 كيلوواط. ومجلس الوزراء ملتزم بتعديل التعرفة الكهربائية بشكلٍ تدريجي بالتزامن مع تحسين التغذية بشروط تسمح بتغطية التكاليف ووضع خطة لتحسين الجباية من خلال تركيب العدادات الذكية.
واشار الى تخصيص سلفة مالية لشراء كمية 50 ألف طن من القمح المستورد المُعد للطحن عند اقتضاء الحاجة على أن يتم الشراء وفق المناقصات ووفق الأصول تلافيا لحصول شح في القمح بسبب الازمة بين روسيا واوكرانيا.
وقال: هناك وجهات نظر مختلفة عن الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، والخارجية اللبنانية أخذت موقفاً وأفضّل أن يجيب وزير الخارجية على الأسئلة المتعلّقة بموقف لبنان.
وقال وزير الطاقة وليد فياض: تم اقرار الخطة وكل التعديلات والشروط متفق عليها، وسنعمل على تقليص الهدر وزيادة الجباية في سياق الخطّة، والعدادات الذكية تلعب دوراً وسنرفع كلفة الكهرباء لتأمين التغذية ولكن لن تحصل أي زيادة قبل زيادة ساعات الكهرباء وتعرفة «كهرباء لبنان» أقل بـ 70% من تعرفة المولدات.
اضاف فياض: بات يمكننا السير بمسار استكمال المفاوضات مع البنك الدولي لتأمين التمويل من أجل زيادة التغذية بأقلّ تكلفة، والموافقة على الخطة كانت مقترنة بضمان نقاط الخطة على أن تكون غير ملتسبة وواضحة ومستعدون لدراسة أي ملاحظات.
"الجمهورية": بيان الخارجية يُدهش الروس ويربك الداخل
المناخ الدولي في ذروة تأزّمه، وغيوم داكنة متكوّنة في الارجاء الدولية حيث لا يمكن التكهن بمآلات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا منذ فجر الخميس الماضي، والمدى الذي ستبلغه شراراتها وما سينتج عنها من تداعيات وتأثيرات، والقواعد السياسية وغير السياسية التي ستفرضها.
السِمة العامة حبس أنفاس وإرباك على مستوى العالم، وقلق من سيناريوهات وتطورات دراماتيكية مع استمرار العمليات الحربية، فلا شيء واضحاً فيها حتى الآن، سوى ان دوامة التصعيد ما زالت في بداياتها، ومتواصلة على نطاق واسع وخطير.
مخاوف من أزمة
أمام هذه الصورة، صعد لبنان الى قمة الارباك، سواء حول ارتباك موقفه من الحرب في اوكرانيا، او من التداعيات المباشرة لتلك الحرب على أزمته الداخلية خصوصاً في المجالات الاساسية، وسط مخاوف من دخول لبنان في ازمة قمح في الآتي من الايام ما لم تتوفّر مصادر بديلة للقمح الاوكراني. وذلك ربطاً بما قاله وزير الاقتصاد امين سلام حول انّ احتياطات لبنان من القمح تكفي لمدة شهر على الأكثر. فيما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في وزارة الاقتصاد قوله: «إنّ احتياطيات لبنان من القمح تكفي لمدة شهر ونصف إلى شهرين. وان لبنان، الذي يستورد 60 بالمئة من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا، يُجري محادثات مع الهند لاستيراد المزيد». ويضاف الى ذلك التخبّط الرهيب في سوق المحروقات مع الارتفاع الموعود لسعر البنزين، وكذلك اسعار الغاز التي بدأت تتصاعد.
رد روسي
على انّ الوجه السياسي للارباك، يتجلّى في الالتباسات التي أرخاها بيان وزارة الخارجية الذي دانت فيه بنبرة متشددة ما سمّته الاجتياح الروسي لأوكرانيا. وبمعزل عما اذا كان هذا البيان صائبا وخاطئا او متسرعا، الا ان مفاعيله وإن كانت قد أرضت بعض الجهات الدولية، فإنها في المقابل استفزّت الروس، وهو ما عبّرت عنه السفارة الروسية في بيروت في بيان امس، وأشارت فيه الى ان بيان الخارجية اللبنانية «اثار الدهشة لدينا، بمخالفتها سياسة النأي بالنفس واتخاذها طرفا ضد طرف آخر في هذه الاحداث، علماً ان روسيا لم توفر جهدا في المساهمة لنهوض الجمهورية اللبنانية واستقرارها».
ولفت بيان السفارة الى «انّ اساس سياسة روسيا الاتحادية ليست سياسة التعدي على المصالح الاوكرانية، بل حفظ للامن القومي الروسي بفعل التهديدات التي شكلتها حكومة كييف بعد تنصّلها من تنفيذ العديد من الاتفاقيات، لا سيما اتفاقية مينسك».
وأوضحت «انّ روسيا لم تشن حرباً بل عملية خاصة تهدف الى حماية مواطنين من روسيا وبناء على طلب جمهوريتي دونتسك ولوغاتسك بعد اعتراف رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين باستقلالهما». واكدت «ان روسيا تسعى دوماً لإرساء السلام وتعزيز الامن ومحاربة كل الاشكال العدائية وان يكون لكل دولة الحق في حماية امنها القومي بما في ذلك حماية مواطنيها».
إنفعال واتهام
الى جانب ذلك، تبدّت ارتدادات بيان الخارجية اللبنانية سريعا في الداخل، حيث أحدث انقساماً داخليّاً حاداً حوله، وتؤكّد معلومات «الجمهورية» انّه تفاعَل الى حد «الانفعال الشديد جداً» بين الجدران السياسيّة الحكوميّة والرئاسيّة، واثارة اسئلة اتهامية من قبل مراجع مسؤولة «حيال من أوحى بهذا الموقف غير المألوف والغاية منه»، وكذلك «حيال التفرّد في خطوات ومواقف خطيرة، تتجاوز البيان الوزاري للحكومة، وتقفز فوق المكونات السياسية والاساسية في البلد، وتأخذ لبنان الى غير موقعه وتحمّله مواقف اكبر من قدرته على تحمّل نتائجها وانعكاساتها وردود الفعل عليها لا بل عواقبها، في الوقت الذي هو في حاجة ماسّة الى كلّ دول العالم لمساعدته في أزمته الصعبة».
وقد استمرت المواقف الاعتراضية على بيان الخارجية، معتبرة «انه لا يعبّر عن موقف لبنان»، على ما قال وزير العمل مصطفى بيرم، حيث استغرب «بيان الخارجية الذي صدر مخالفا لمبدأ الحياد الذي اعلنته الحكومة اللبنانية، فضلاً عن عدم التشاور في ذلك، وتحميل لبنان تبعات الدخول في مثل هذا النزاع ذي الأبعاد الخطيرة». فيما قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب ابراهيم الموسوي: «ينأون بأنفسهم ويدَّعون الحياد حيث يشاؤون، ويتدخلون ويدينون أيضاً حيث يشاؤون، أمر عجيب غريب». وسأل: «أي سياسة خارجية يتبعها لبنان، وأين مصلحة لبنان في ذلك؟ تفضّل وزير خارجيتنا عبدالله بوحبيب وأوضِح لنا الأمر».
وبرز في السياق، ما نقل عن مصادر في التيّار الوطني الحر قولها إنّ قيادته قامت بما يلزم لإبلاغ الجانب الروسي بأن لا علاقة له بالبيان الصادر عن وزارة الخارجيّة بشأن الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، كما أنّ «التيّار» يلتزم سياسة النأي بالنفس التي يطبّقها مع دول الجوار كما مع الدول البعيدة. ولفتت المصادر الى أنّ «التيار الوطني الحر» يؤيّد حلّ الأزمات بطرق سلميّة، آملاً أن تجد الأزمة الروسيّة الأوكرانيّة حلّاً عن طريق التفاوض».
الحكومة تنأى بنفسها
في هذا الوقت بَدا ان الحكومة قد نأت بنفسها عن بيان الخارجية، حيث تجنّبت في جلسة مجلس الوزراء أي اشارة الى هذا الأمر، ولم يقاربه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فيما كان اللافت للانتباه ان وزير الخارجية عبدالله بو حبيب حاول الايحاء بأنّ الامر محصور به شخصيا، حيث أفيد انه دخل الى مجلس الوزراء مستعداً أن يأخذ أي هجوم على البيان بصدره»، ونقل عنه قوله خارج الجلسة: «أنا لابس درع، قَوّصوا عليّي وَحدي بموضوع البيان».
وفي اشارة بالغة الدلالة الى ان البيان ما زال ساري المفعول، هي تأكيد الوزير بوحبيب على «أن الموقف اللبناني ليس موجهاً ضدّ روسيا الاتحادية أو أي دولة أخرى صديقة، وإنما موقف مبدئي وراسخ اتخذه وسيتخذه لبنان في كلّ أزمة مشابهة»، موضحاً أنه التقى بالأمس (الاول) سفير روسيا الاتحادية لدى لبنان وأعرب له عن أسفه وأن لبنان بصدد إصدار بيان إدانة للعملية العسكرية الروسية، وأن هذا الموقف غير موجّه ضدّ دولته ولا نرغب أن يؤثر في العلاقة الثنائية الوطيدة».
وكان بو حبيب قد تلقى شكر السفيرين الالماني والفرنسي على البيان، اللذين تمنيا «استمرار لبنان على موقفه هذا، وطلبا مشاركة لبنان في تبنّي القرار المقدّم أمام مجلس الأمن حول الأزمة والتصويت عليه في الجمعية العامة لاحقاً». فأبلغ بوحبيب السفيرين أنّ «موقف لبنان ثابت ونابع من حرصه بالالتزام بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي التي تشكّل الضمانة الأساسية لحماية السلم والانتظام الدوليين وسلامة أراضي الدول الصغيرة، خصوصاً أنّ لبنان عانى الأمرّين من الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة حتى اليوم». وأبلغ السفيرين «امتناع لبنان عن المشاركة في تبنّي القرار المقدّم أمام مجلس الأمن، وأنه سيتم دراسة الموقف اللبناني لناحية التصويت في حال إحالة القرار على الجمعية العامة بالتشاور مع المجموعة العربية».
وزارة الخارجية اللبنانيةالحكومة اللبنانيةاوكرانيا