لبنان
تهريب الموازنة يهدّد وحدة الحكومة.. وميقاتي يصعّد
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بالطريقة التي هُرّبت فيها الموازنة في جلسة الحكومة الأخيرة، واحتمالات ما سيكون لها من تداعيات في الأيام المقبلة، لا سيما في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، أو في مرحلة ذهاب مشروع الموازنة إلى المجلس النيابي.
"الأخبار": تهريب الموازنة يهدّد وحدة الحكومة
بات واضحاً أن أزمة الثقة تتفاقم بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وثنائي حزب الله وحركة أمل. ويبدو أن الأزمة أكبر مع الحزب، وتهدّد بتفجير علاقته مع ميقاتي. إذ إن الأمر لا يتعلق فقط بملاحظات كثيرة على إدارة ميقاتي اليومية للأزمة، بل على جوهر التعامل مع ملف الموازنة ربطاً بالمفاوضات مع صندوق النقد. أزمة الثقة هذه عبّر عنها الحزب بوضوح أمس، على لسان النائب حسن فضل الله، عقب «تهريب» ميقاتي الموازنة في جلسة الحكومة الخميس الماضي، بمخاطبة رئيس الحكومة بالقول: «تجاوزت اتفاق الطائف، وما قمت به في مجلس الوزراء غير مقبول وغير دستوري، والعين ستكون مفتّحة عليك أكثر في المرحلة المقبلة، وأنت تتحمّل المسؤولية عن هذه الموازنة». أزمة الثقة هذه قد لا تنعكس مقاطعة جديدة لوزراء الثنائي، لكنها حكماً ستؤدي إلى مشاكل لاحقاً تهدّد بتعطيل عمل الحكومة. ورغم معلومات بأن رئيس الحكومة بدأ اتصالات لترتيب الأمر «على طريقته»، إلا أن المعلومات تشير إلى أن حزب الله «ليس في هذا الوارد».
نظرياً، كانت جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي، في قصر بعبدا، مخصصة لإقرار الموازنة وقراءة بنودها بنداً بنداً، بعد ثماني جلسات من مناقشتها. عملياً، هرّب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الموازنة، مستغلاً حالة من الهرج سادت الجلسة بعد طرح بند التعيينات العسكرية من خارج جدول الأعمال، ليُفاجأ الوزراء بمجموعات «واتساب» تنقل عن رئيس الحكومة أن مجلس الوزراء أقرّ الموازنة، وهو ما لم يحدث فعلياً.
انعقدت جلسة إقرار الموازنة من دون أن يكون بين أيدي الوزراء نسخة ورقية أخيرة بعد التعديلات التي أُدخلت عليها، ولا حتى نسخة إلكترونية على الـ«لابتوبات» الموجودة أمامهم.
كان الاتفاق أن تكون الجلسة الختامية لتقديم الأرقام والجداول والبنود بصيغتها النهائية بعد التعديلات التي أُدخلت على مشروع الموازنة في الجلسات الثماني إلى جانب النتائج المالية والاقتصادية التي ستترتّب على رفع الدولار الجمركي وانعكاسه على المالية العامة وعلى الاستهلاك وغير ذلك. لكن «أيّاً من ذلك لم يحصل، بل جرى نقاش غوغائي انتهى بإعلان ميقاتي أمام الصحافيين إقرار الموازنة، رغم أن الأمر لم يحصل»، وفق ما تؤكّد مصادر وزارية.
ووفق عدد من الوزراء، «بدأ النقاش في مستهل الجلسة الختامية بمداخلة لرئيس الحكومة تحدث فيها عن خفض خدمة الدين وتقسيط قسم منه»، تلتها مداخلة لرئيس الجمهورية ميشال عون شكر فيها الوزراء على الجهد الذي بذلوه على مدى ثماني جلسات. بعد ذلك، تشعّب النقاش بطريقة غير منظّمة على طريقة من كل واد عصا». عندها حاول نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إعادة النقاش إلى الموازنة بالقول: «من المهم أن ننجز الموازنة، ومن المهم الاتفاق مع صندوق النقد، لكن لدينا مصالح وطنية يجب القيام بها. وأنا في ضوء المداخلات الجارية، يا دولة الرئيس، لا أفهم ماذا تناقشون ولا أفهم ما يحصل».
حزب الله: الموازنة لم تقرّ في الحكومة والعين ستكون «مفتّحة» على ميقاتي في المرحلة المقبلة
تحدث وزير الأشغال علي حميّة عن «كارثة ستحلّ بالمطار. هناك من يردّ على موقفنا من رفض السلفة بقطع التيار الكهربائي عن المنطقة، وحالياً هناك ٣ موتورات تعمل ولا يمكنها الاستمرار، وإذا تعطّلت فسيؤثّر ذلك على عمل برج المراقبة وسنكون أمام كارثة». وعندما طلب حميّة الكلام لعرض المشكلة، قال له رئيس الجمهورية: «سمعناك، لكن الجلسة مخصصة للموازنة»، فتدخل وزير الثقافة محمد مرتضى لدى الرئيس ميقاتي الذي وعد بأن يتحدث إلى وزير الطاقة ويحلّها معه «في الجلسة يوم الثلاثاء المقبل». ثم انتقل النقاش إلى ملف المتعاقدين في التعليم الرسمي الذين علّقوا تحركاتهم بعد اتفاق مع ميقاتي على زيادة بدل النقل، فردّ ميقاتي على وزير التربية عباس الحلبي: «أنا لا أعمل تحت الضغط». عندها توجّه وزير العمل مصطفى بيرم إلى ميقاتي قائلاً: «يا دولة الرئيس، أنت وعدتهم»، فأُقرّ البند. إلا أن النقاش لم يعد إلى الموازنة وسط استغراب عدد من الوزراء. وقد أشار عون إلى أن لدى وزير الدفاع موريس سليم أمراً (من خارج جدول الأعمال)، طالباً منه عرضه على المجلس، فأشار الأخير إلى أن «قيادة الجيش رفعت إلينا تعيين شخصين في المجلس العسكري ومجلس الدفاع الأعلى»، فطلب بيرم الاستمهال إلى جلسة الثلاثاء «لنرى ما القصّة»، وقال مرتضى: «نحن هنا نمثل جهتين سياسيتين ويجب التشاور معهما، ويمكن للأمر أن ينتظر إلى الجلسة المقبلة»، لكن الرئيسين أكدا أنه «لا ينتظر»! وسأل رئيس الجمهورية: «هذا يعني أنه لا ثقة بنا؟»، فردّ بيرم بأن «الثقة موجودة، لكن هذا الأمر طارئ ولا نعلم عنه شيئاً». عندها، فجأة، سأل ميقاتي: «فخامة الرئيس، ألم يتم تعيينهم؟»، فأجابه عون: «بلى عيّنوا»، ورفع الجلسة ليغادر ميقاتي مسرعاً. فسأل الشامي بصوت مرتفع: «ما الذي حصل بالموازنة؟»، والسؤال نفسه وجّهه بيرم إلى وزير المال يوسف الخليل الذي أجاب: «ما بعرف». وعلا صوت وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار قائلاً: «رئيس الحكومة أعلن الآن أن الموازنة أقرّت في الجلسة»!
شرارة تهريب الموازنة تأججت بعدما تعرّض وزراء الثنائي لانتقادات من جمهورهما بتمرير موازنة على حساب الفقراء، وهو ما دفع وزير العمل الى الخروج في إطلالة تلفزيونية، ليل أمس، علمت «الأخبار» أنها نُسّقت على أعلى المستويات بين الثنائي، أكّد فيها أن «الموازنة لم تناقش ولم تُقرّ قانوناً في جلسة مجلس الوزراء». وأضاف: «وُعدنا بأن تكون جلسة الإقرار في قصر بعبدا على أساس أن تقدم لنا المواد والتعيينات وغيرها، وكنا ننتظر المناقشة الدقيقة كما فعلنا في الجلسات الثماني السابقة. مع بدء مناقشة الموازنة، حدث شيء من خارج جدول الأعمال، كنا نستوضح عن هذا الأمر، ففوجئنا برفع الجلسة، ولم نعرف ما حصل».
كذلك رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، أنَّ «الموازنة لم تقرَّ وفق الأصول»، مؤكداً أنَّ «حزب الله أعطى الموازنة أهمية كبيرة وشكَّل لجنة لدراستها برئاسة رئيس الكتلة وناقشنا كلّ البنود. وما جرى في مجلس الوزراء مخالف للدستور، وهو تهريبة وبالنسبة إلينا الموازنة لم تُقرّ»، مشيراً إلى أن «هناك قطبة مخفيّة في مكان ما، وإذا حُوِّلت الموازنة إلى لجنة المال والموازنة فسندقِّق بكل نقطة وفاصلة وسنتصدّى لكل ما يؤدّي إلى مدّ اليد على جيوب الناس». وتوجّه فضل الله إلى رئيس الحكومة بالقول: «أنت تجاوزت اتفاق الطائف الذي ينصّ على أنّ الحكومة مجتمعة هي التي تأخذ القرار، فهل تظنّ أنَّك بهذه الطريقة تُلقي بثقال الموازنة عن ظهرك وتلقيها عند مجلس النواب؟».
وتابع: «على الرئيس ميقاتي أن يعرف أنَّ ما قام به في مجلس الوزراء غير مقبول وغير دستوري، والعين ستكون مفتّحة عليه أكثر في المرحلة المقبلة، وهو يتحمّل المسؤولية عن هذه الموازنة».
إلى ذلك، تفاعل الخلاف حول التعيينات العسكرية التي أُقرَّت في الجلسة والتي اعترض عليها وزراء الثنائي كونها أتت من خارج جدول الأعمال. وحرّك هذا الخلاف عجلة الاتصالات بين الثنائي ورئيس الحكومة. وعلمت «الأخبار» أنه جرى الاتفاق على أن يلتقي ميقاتي معاون الأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل والنائب علي حسن خليل بعد زيارة سيقوم بها ميقاتي الى الخارج.
"البناء": ميقاتي يصعّد بوجه “الثنائيّ” في قضيتي التعيينات وشروط العودة للاجتماعات
على مسار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية للبنان، غادر المبعوث الأميركي الخاص بالترسيم آموس هوكشتاين بيروت الى تل أبيب لمناقشة الفرضيات والاحتمالات مع حكومة كيان الاحتلال، في ظل كلام “إسرائيلي” عن ترجيح الدعوة للعودة الى التفاوض الأسبوع المقبل، ما يعني أن عرض هوكشتاين يلاقي بخطوطه العريضة القبول الإسرائيلي، بينما أشارت مصادر لبنانية متابعة لملف الترسيم الى ان لبنان يواجه مشكلة غياب رئيس الوفد المفاوض، الذي تقاعد قبل شهور قليلة، بينما أصيبت العلاقات الرئاسية بأزمة ثقة ستجعل من الصعب التفاهم بسرعة على صيغة تتيح تعيين بديل، بينما خففت مصادر أخرى من أهمية الأمر وقالت يمكن لقائد الجيش اختيار بديل بالوكالة ريثما تتم تسمية بديل أصيل.
الأزمة الرئاسية التي تفجّرت على خلفية التعيينات التي شهدتها نهاية اجتماع مجلس الوزراء أول أمس كبر حجمها وتفاعلت تداعياتها، بعدما خرجت مواقف لوزراء ونواب ثنائي حركة أمل وحزب الله تقول إن مناقشة الموازنة لم تنته الى إقرارها بصورة دستورية وانها ستتعامل مع الموازنة وكأنها لم تقرّ، كما قال النائب حسن فضل الله، واعتبار ما جرى مخالفة فاضحة للدستور، بعدما كان وزير العمل مصطفى بيرم قد تحدث بلغة اتهامية عن نوع من التلاعب بنتيجة النقاش وانهائه بطريقة غامضة بإعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام الإعلام عن إقرار الموازنة. وقالت مصادر الثنائي إن الأمرين الخطيرين هما، تمرير الموازنة بطريقة أقرب للتهريب، قطعاً لطريق نقاش هادئ وعلمي لأرقامها يأخذ بالاعتبار وضعية المالية العامة للدولة، لكنه يأخذ بالمقابل ان أغلبية الشعب اللبناني تحت خط الفقر، ولا يصح معها التحدث بخطاب انشائي فارغ عنوانه “بدنا نتحمل بعض”. فالناس سرقت ودائعها، وضربت عملتها، والدولة هي المسؤولة وليس الناس، سواء أكان المطلوب تحميل المصارف نسبة من الأعباء، أم تحميل التجار والميسورين العبء الأكبر من الرسوم والضرائب. وقالت المصادر ان التعيينات تخالف القاعدة التي تم الاتفاق عليها مع الرئيس ميقاتي للعودة الى اجتماعات مجلس الوزراء، وقال بيرم إن تصوير الثنائي وكانه باع ناسه وتخلى عنهم هو الهدف مما جرى، وردّ الرئيس ميقاتي على الكلام المسنوب للثنائي وتصريحات وزراء ونواب حزب الله، بلغة تصعيدية، فنفى ان يكون هناك اتفاق شارك فيه سبق عودة وزراء الثنائي الى اجتماعات الحكومة، مستغرباً ان يقال بانه يمكن أن يقبل المساومة على صلاحياته في وضع جدول اعمال الحكومة والتعهد بعدم تضمينها بنوداً معينة، مضيفاً ان بند التعيينات طرحه رئيس الجمهورية من خارج جدول الأعمال من ضمن صلاحياته. وتساءلت مصادر الثنائي بعد كلام ميقاتي عن تفسير جهوزية الاسم المقترح من جانبه للتعيينات اذا كان الامر قد حدث فجأة، واضافت انه اذا كانت العودة دون اتفاق على حصرها بالمشاركة بالقضايا الاقتصادية والمالية والمعيشية، فهل سمع ميقاتي ببيان الثنائي للعودة، ولماذا لم يعلّق عليه حينها بالكلام الذي يقوله اليوم؟
وبقيت الساحة الداخليّة متأثرة بتداعيات جلسة مجلس الوزراء أمس الأول التي أقرت خلالها الموازنة من دون طرحها على التصويت والتعيينات من خارج جدول الأعمال.
ومن المتوقع أن يترك ما حصل في الجلسة توتراً في العلاقة بين بعبدا وعين التينة، لم تسجل أية اتصالات علنية للتهدئة، باستثناء معلومات غير رسمية تحدثت عن اتصال أجراه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي برئيس مجلس النواب نبيه بري لتوضيح حقيقة ما حصل، مشيرة الى أن ما وصل لبري عن الجلسة كان خاطئًا. كما أفادت المعلومات أن وزراء امل وحزب الله لن يعودوا الى مقاطعة الحكومة بل سيحضرون جلسة الثلاثاء المقبل المخصصة لمناقشة ملف الكهرباء وجدول أعمال، ومن المحتمل أن تشهد الجلسة تعيين رئيس جهاز أمن الدولة.
فيما أكدت مصادر مطلعة على أجواء عين التينة لـ»البناء» أن الرئيس بري سيطلب من وزير المال يوسف خليل عدم توقيع مرسوم التعيينات الأخيرة.
وتضاربت المعطيات حول ما جرى في الجلسة. فكشف مصدر وزاري لـ»البناء» أنه وبعد الانتهاء من مناقشة الموازنة بقيت موازنة عدد من الوزراء لم يبُت بها، فطلب ميقاتي من الوزراء متابعة مناقشة موازنة كل وزارة مع وزير المال على أن يستكمل النقاش في جلسة الاثنين لإنهاء الموازنة وإقرارها ثم رُفِعت الجلسة، لكن الوزراء تفاجأوا في الخارج بإبلاغهم بإقرار الموازنة والتعيينات.
كما أكد المصدر بأنه لم يعترض أي من الوزراء على تمرير الموازنة، بل جاء الاعتراض من قبل وزراء «الثنائي» بشأن التعيينات.. فقال وزير الثقافة محمد المرتضى لرئيس الجمهورية: إن بند التعيينات لم يُدرج على جدول أعمال الجلسة، فأجابه عون بأن هناك هامشًاً للرئاسة بتحديد جدول الأعمال.. ثم وقف رئيس الجمهورية وأعلن رفع الجلسة، فخرج الوزراء مستائين. ولفت المصدر الى أن إقرار الموازنة حصل بعد انتهاء الجلسة وبعد مغادرة الوزراء، أما التعيينات فاعترضوا عليها لكن عون لم يتجاوب معهم.
وردا على الأخبار المتداولة حول التعيينات اوضح ميقاتي في بيان توضيحي أن «وضع جدول اعمال مجلس الوزراء هو حصراً من صلاحيته ويطلع رئيس الجمهورية عليه، على ان يكون للرئيس حق طرح اي بند من خارج جدول الاعمال».
واكد البيان ان «ميقاتي لم يعقد اي اتفاق جانبي لقاء عودة الوزراء المعتكفين في حينه الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، ولا يقبل أن يحدد له احد جدول اعمال مجلس الوزراء او ان يتدخل في صلاحياته الدستورية او يحددها».
كلام ميقاتي استدعى رداً من وزراء الثنائي امل وحزب الله، حيث كشف وزير العمل مصطفى بيرم في حديث لقناة المنار اننا «وُعدنا أن تكون جلسة الإقرار في قصر بعبدا على أساس أن تقدم لنا المواد والتعيينات وغيرها، وكنا ننتظر المناقشة الدقيقة كما فعلنا بالجلسات الثماني التي مضت، وكنا نحاول أن نعيد تصويب النقاش وكنا بانتظار إقرار الموازنة مادة مادة وحرفا حرفا، ولم يكن لدينا النسخة النهائية على الإطلاق».
واضاف: «مع بدء مناقشة الموازنة حدث شيء من خارج جدول الأعمال، كنا نستوضح عن هذا الأمر، بهذه اللحظة يتم رفع الجلسة من رئيس الجمهورية، ولست مخولاً أن أقول ماذا حصل، ولم نعرف ما حصل، وتساءل الوزراء، في هذه الأثناء تفاجأنا بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد خرج للإعلام».
وقال: «لم نناقش الموازنة ولم نستلم الأرقام وتفاجأنا أن ميقاتي خرج الى الإعلام ونستعلم ذلك عبر الواتساب، وهناك مخالفة خاطئة تماماً ولأننا حريصون على البلد، وحريصون على ملفاتنا وملفات غيرنا». وأعلن أنه «لم يحصل تصويت على الموازنة ونحن نعتبر أن الموازنة لم تُقر قانوناً وسوف تعالج عبر أُطر أخرى، ونحن لا نخون الأمانة والثقة».
بدوره أشار وزير الثقافة محمد المرتضى، في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي، الى أن «مصدراً من القصر الجمهوري يتحدث عن ماء الوجه وآخر من المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتحدث عن انه لم يعقد أي اتفاق جانبي». وتابع: «كلام المصدر وكلام المكتب «دقيق» والدليل ان المراسيم لن توقع والتعيينات لن تطرح من جديد، ويبقى سؤال ما برح يراود الوزراء جميعهم وما زال ترداد صداه قائماً في قاعة جلسة مجلس الوزراء منذ أن رفع فخامته الجلسة: هل أقرينا مشروع الموازنة ام لا؟».
إلا أن أوساطاً مطلعة على مجريات تشير لـ»البناء» الى أن إقرار الموازنة تمّ وفق الأصول الدستورية وعرضت على التصويت ولم يعترض أحد عليها، أما التعيينات فيحق لرئيس الجمهورية طرحها من خارج جدول الاعمال لحرصه على استمرارية عمل المرافق العامة، وبالتالي لم يصر الى تهريب أي من هذين البندين.
وبحسب معلومات «البناء» فقد سجل وزير المهجرين عصام شرف الدين اعتراضه الشديد على مشروع الموازنة لا سيما موضوع رفع الدولار الجمركي إلى 20 ألف ليرة لكونه سيشمل الكثير من المواد والسلع والخدمات التي تقدّمها الدولة من اتصالات وكهرباء ومياه وعقارات وغيرها. واقترح الوزير شرف الدين اعتماد الدولار الجمركي على سعر10.000 ليرة وأعاد التذكير بمشروع «ضريبة التضامن الاجتماعي» الذي قدّمه في الجلسة الماضية ويدخل 455 مليون دولار الى خزينة الدولة مما يجيز خفض دولار الرسوم إلى 10.0000 ل.ل بدل دولار صيرفة.
"اللواء": رئيس الحكومة يتمسك بصلاحياته وجلسة تفجيرية الثلاثاء
ما زال الخارج يواكب لبنان في اكثر قضاياه ومشكلاته حساسية حتى الانتخابية منها، فيما الداخل منشغل تارة بمشروع الموازنة وتارة اخرى بالمناكفات السياسية، وطورا بسعر الدولار واسعار المحروقات والمواد الغذائية، وبالانتخابات النيابية التي باتت محط اهتمام دولي ملحوظ، على امل ان تشكل جلسة مجلس النواب التشريعية الاسبوع بعد المقبل باب امل لبعض الخطوات الاصلاحات المطلوبة اقتصادياً ومالياً وقضائياً، فيما ستبدأ لجنة المال والموازنة قريباً درس مشروع الموازنة حيث سيخضع للتشريح الدقيق وتعديلات كثيرة وسط رفض نيابي عارم لأي رسوم او ضرائب جديدة على المواطنين.
وفي هذا الصدد قالت كتلة التنمية والتحرير بعد اجتماعها برئاسة الرئيس نبيه بري «رفضها للطريقة التي أقرت بها الموازنة، وأن تتضمن الموازنة أي ضرائب ورسوم جديدة تطال اللبنانيين الذين باتوا بغالبيتهم الساحقة تحت خط الفقر. كما ترفض الكتلة بالمطلق، الإستمرار بنهج إرهاق مالية الدولة واستنزافها بإعطاء سلف مالية لمؤسسة كهرباء لبنان من دون الحصول على كهرباء، وفي ظل غياب الهيئة الناظمة للقطاع وفي ظل عدم وجود خطة واضحة تقدمها الوزارة المعنية حول كيفية مقاربتها لحل ناجع ونهائي لأزمة الكهرباء».
لا تعيينات والمطلوب ضمانات
وبعدما مرت عاصفة تمرير بعض التعيينات العسكرية والمدنية خلسة في مجلس الوزراء التي خصصت للبت بمشروع الموازنة، تردّد ان الجلسة المقبلة يوم الثلاثاء المخصصة لمناقشة خطة الكهرباء وسيحضرها الوزراء الشيعة، قد تشهد تعيين نائب رئيس جهاز أمن الدولة وهو منصب شيعي (خلفاً للعميد سمير سنان)، لكن وزير الثقافة محمد وسام مرتضى اكد لـ«اللواء» ان لا تعيينات في جلسة الثلاثاء لأننا على نفس الموقف، وسبق واتفقنا على ان لا تقاطع الجلسات على ان تناقش الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي وخطة الكهرباء وكل ما له علاقة بحياة المواطن اليومية وتحسين معيشته.
اضاف: لا تعيينات وما حصل في جلسة امس الاول ستكون له ضمانة انه لن يتكرر كما حصل من رفع الجلسة من دون معرفة ما اذا اتخذنا قراراً ام لا بإقرار الموازنة أو التعيينات. ومفاعيل ما حصل من تعيينات ستتعطل من خلال عدم توقيع وزير المال على مرسوم التعيينات.
وردا على سؤال نفى ما تردد عن رغبة الرئيس نبيه بري بتعيين نائب رئيس جهاز أمن الدولة وقال: انا تكلمت مع الرئيس بري ونفى بشدة اي توجه لأي تعيينات ما لم تعالج اسباب ما حصل في شهر تشرين الاول وادت الى تعليق جلسات مجلس الوزراء.
بوغدانوف - الحريري
وفي شأن الحركة الدولية تجاه لبنان، وقبيل عودته المرتقبة بين يوم ويوم لمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط، اعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان امس، انه جرت مكالمة هاتفية بين الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الاوسط وبلدان افريقيا نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف ورئيس حكومة لبنان السابق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري. تناول النقاش خلال المكالمة الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة في لبنان، كما تم التطرق لعدد من المواضيع الاساسية في سبيل تطوير علاقات التعاون والصداقة التاريخية الروسية اللبنانية.
اضاف البيان: وفي هذا السياق اكد سعد الحريري التزامه الدائم بكل ما يضمن استقرار لبنان، وتشجيعه الثابت لتعزيز العلاقات في كافة المجالات مع روسيا لمصلحة البلدين.
وحول احياء ذكرى الشهيد رفيق الحريري، قال نائب رئيس تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش لـ«المركزية»: على الصعيد الرسمي وكرئاسة تيار «المستقبل» ستقتصر المناسبة على وقفة أمام الضريح فقط، وستتم الاحتفالية بأبسط الأمور. وحتى الساعة لا كلمات أو خطابات. وان الرئيس سعد الحريري سيكون مشاركاً. ولكنه على الارجح لن تكون له كلمة في المناسبة.
مجموعة الدعم الدولية والانتخابات
كما صدر عن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان بيان اعلنت انها عقدت اجتماعاً امس، «لمراجعة الاستعدادات للانتخابات النيابية القادمة في لبنان، ودعت مجدداً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وشاملة في موعدها المحدد في 15 أيار2022».
ولاحظت مجموعة الدعم «أنه برغم التزام المجتمع الدولي الراسخ بدعم العملية الانتخابية في لبنان وتقديمه دعماً مالياً ومادياً وتقنياً وسياسياً كبيراً لهذه العملية، فإن الانتخابات هي أولاً وقبل كل شيء حق للشعب اللبناني وجزء من تطلعاته، كما أنها مسؤولية سيادية يجب على السلطات اللبنانية الوفاء بهاط.
وقالت: ولما كانت الانتخابات باتت على بعد ثلاثة أشهر فقط، فقد حثت مجموعة الدعم الدولية على الإسراع بالأعمال التحضيرية، احتراماً للإطار القانوني النافذ والمهل الدستورية ذات الصلة. كما دعت المجموعة السلطات إلى سرعة توفير كافة الموارد اللازمة وتكثيف الاستعدادات الفنية والإدارية لضمان سير العملية الانتخابية على نحو سليم وفي موعدها المحدد».
واضافت: على نحو أكثر تحديداً، حثت مجموعة الدعم الجهات المعنية على تخصيص الموارد المالية اللازمة لإجراء الانتخابات داخل لبنان وفي الخارج، وتمكين وزارة الداخلية والبلديات ولجنة الإشراف على الانتخابات من تأدية وظائفها بالكامل وضمان تنظيم إجراءات تصويت المغتربين في الوقت المناسب.
ودعت مجموعة الدعم «كافة الأطراف السياسية إلى الانخراط بشكل مسؤول وبنَاء في العملية الانتخابية والحفاظ على الهدوء والالتزام بإجراء انتخابات سلمية لصالح البلد وجميع اللبنانيين. كما دعت كافة الفاعلين الـسياسيين الى اتخاذ كل الخطوات اللازمة لتشجيع وتأكيد تضمين مرشحات في قوائمهم الانتخابية وتعزيز التمثيل السياسي للمرأة ومشاركتها في جميع المجالات».
وفي اطار الحركة الدولية حول الانتخابات ايضاً، زارت سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في لبنان دوروثي شيا امس، البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي وجرى البحث في مواضيع عدة محلية واقليمية ودولية. «وكان تشديد على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية. كذلك شكر البطريرك للسفيرة شيا وقوف بلادها الدائم الى جانب لبنان للخروج من أزمته الراهنة الى جانب دعمها للجيش اللبناني».
وفي الشأن المتصل باستحقاق الانتخابات النيابية، استغربت كتلة التنمية والتحرير «حملة التهويل المنظمة والمشبوهة واللامبررة التي يقوم بها بعض الاطراف والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ومن يقف وراءها في الداخل والخارج، باستهداف استحقاق الانتخابات النيابية بالتشويش على الرأي العام وعلى الناخبين اللبنانيين، والإيحاء بوجود محاولات لتأجيل هذا الإستحقاق الوطني».
صندوق النقد إيجابي
وفي الشان الاقتصادي، أعلن صندوق النقد الدولي عبر صفحته الرسمية امس، أنّ بعثته في لبنان «حققت تقدماً في الاتفاق على مجالات الإصلاح الضرورية، مشيراً إلى أنّ هناك حاجة لمزيد من العمل لترجمتها إلى سياساتٍ ملموسة، وسيكون الحصول على قبول واسع النطاق لهذا البرنامج متعدد السنوات أمرًا أساسيًا لتنفيذه في الوقت المناسب وبشكل حاسم».
وأضاف: أجرت بعثة صندوق النقد الدولي، بقيادة راميريز ريغو، مناقشات افتراضية من 24 كانون الثاني إلى 11 شباط 2022 مع السلطات اللبنانية، حول إطار وسياسات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يمكن دعمه من قبل الحكومة اللبنانية. وسيستمر التواصل مع السلطات خلال الأسابيع المقبلة.
واوضح انه في ختام المناقشات أصدر راميريز ريغو بياناً قال فيه: يجب أن يتضمن البرنامج الاقتصادي اللبناني إجراءات مستهدفة ومحددة زمنياً عبر الركائز الخمس التالية: الإصلاحات المالية التي تضمن القدرة على تحمل الديون، ولكن أيضًا مساحة للاستثمار في الإنفاق الاجتماعي وجهود إعادة الإعمار. وإعادة هيكلة القطاع المالي لتقوية الثقة ودعم الانتعاش. وإصلاح المؤسسات المملوكة للدولة وخاصة قطاع الطاقة لتقديم خدمات أفضل من دون استنزاف الموارد العامة وتعزيز أطر الحوكمة ومكافحة الفساد ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتعزيز الشفافية والمساءلة. ووضع نظام نقدي وسعر صرف موثوق.
وختم: سيظل الفريق منخرطًا عن كثب، والمناقشات مستمرة، لمساعدة السلطات على صياغة برنامج إصلاح يمكنه معالجة التحديات الاقتصادية والمالية في لبنان.
"الجمهورية": الموازنة شائكة
وبحسب "ألجمهورية"، فإن حال المشهد السياسي أشبه ما يكون بحال الدولار، بكبسة زرّ يستقر لبعض الوقت، ثم بكبسة زرّ أخرى يقفز صعوداً، ثمّ بكبسة زرّ يهوي نزولاً، وما على المواطن اللبناني أمام هذا الإرتجاج الّا أن يدفع الثمن ويحصد التبعات والأعباء.
فمنذ أن عادت الحكومة الى استئناف جلسات مجلس الوزراء، ساد اعتقاد في مختلف الاوساط، بأنّ العمل الحكومي خلال الفترة الفاصلة عن الاستحقاق الانتخابي في أيار المقبل، سيعوّض أشهر التعطيل الثلاثة، بمقاربات سلسة للملفات الداخلية، وبإنتاجية تحاكي الأزمة ومتطلباتها، وتخفف من وطأتها على اللبنانيين، ولا تستفزّ أي طرف، وعلى وجه الخصوص الأطراف الحاضنة للحكومة، ولا سيما انّ المناخ العام بات مضبوطاً على إيقاع الانتخابات وما يرافق الاستعدادات لها من سخونة وتوترات، ولا يحتمل بالتالي أن يُحقَن بما يفاقمه من منغّصات سياسية او غير سياسية.
ولكن هذا الاعتقاد، الذي بُني على ما وعد به أهل الحكومة، سرعان ما تبيّن بما لا يقبل أدنى شك، أنّه متسرّع، لا بل مُحيَ مع المنخفض السياسي الذي ضرب الحكومة في الساعات الاخيرة، وبدا وكأنّ شبحاً ما، كامن في مكان ما، وظيفته إرباك حكومة تعاني أصلاً الحدّ الأعلى من الهشاشة، وإعادة نصب المتاريس في داخلها، وبين الاطراف السياسية.
الشيعة مستفزّون!
وقد تجلّى هذا الأمر بوضوح على ثلاثة محاور، تشوبها التباسات، وتنذر بارتدادات وتداعيات في المرحلة المقبلة:
- المحور الأول، التعيينات التي جرى تمريرها في جلسة لمجلس الوزراء مخصّصة اصلاً للبتّ بمشروع موازنة السنة الحالية وإحالتها بصورتها النهائية الى المجلس النيابي.
فبمعزل عن الضرورة أو الأسباب التي أملت تمرير هذه التعيينات، إلّا انّها بالطريقة التي أُخرِجت فيها، أشعلت فتيلاً في قلب الحكومة وبين أهلها، ينذر بأزمة جديدة عنوانها توقيع مراسيم هذه التعيينات، وبدأت نذرها تطلّ بالأمس عبر الاعلان صراحة، ومن عين التينة تحديداً، بأنّ هذه المراسيم لن تحظى بالتوقيع الشيعي المتمثل بتوقيع وزير المال.
وعلى ما هو واضح، فإنّ هذه التعيينات، التي قد تُستتبع في جلسة الثلاثاء المقبل بتعيين نائب رئيس جهاز أمن الدولة، وهو مركز شيعي، جاءت مستفزّة لثنائي حركة «أمل» و«حزب الله». وكما تقول مصادر الثنائي لـ«الجمهورية»، انّ قرار عودة وزراء الثنائي الى المشاركة في جلسات الحكومة، اتُخذ لتسهيل عمل الحكومة وخدمة مصالح اللبنانيين، وليس لأن يتمّ تجاوزنا، وكأنّنا غير موجودين».
وقال مصدر مسؤول في هذا الفريق لـ«الجمهورية»: «انّ ما جرى في مجلس الوزراء بالأمس، لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، أو التعامل معه وكأنّه أمر واقع».
أضاف المصدر: «من الأساس، موضوع التعيينات، أيّاً كان نوعها او حجمها، هي مسألة حساسة لا يمكن ان تُحسم الّا بالتوافق وليس بفرضها او تهريبها. وإزاء ذلك، لم نعد الى المشاركة في الحكومة لكي نكون شهود زور، ونغطي على أخطاء وارتكابات تحصل، او نغضّ النظر على محاولة ترسيخ «ثنائيّات» داخل الحكومة، تتجاوزنا هكذا بكلّ بساطة، وتنسف مبدأ الشراكة، وتتفرّد باتخاذ القرارات وبتمرير تعيينات استنسابيّة مفصّلة على بعض المقاسات السياسية».
ولفت المصدر عينه الى «اننا لن تثبّت سابقة تتجاوزنا او عُرفاً تمرّر فيه تعيينات او قرارات بمعزل عنّا، وتبعاً لذلك يُخطئ كثيراً من يحاول ان يعتبرنا «كمالة عدد»، فهم طرقوا الباب في مجلس الوزراء ومرّروا تعيينات لا علم لنا بها، وبالتأكيد سيسمعون الجواب، وخلاصته انّ مراسيم هذه التعيينات لن تمشي».
واللافت في هذا السياق، انّ رد الفعل الشيعي الرافض للطريقة التي تمّ فيها تمرير التعيينات، لم يقتصر على المستوى السياسي، بل تعدّاه الى المستويات الدينية التي التقت كلّها على التأكيد على ما بدا انّه «توجيه عام» يعتبر «انّ ما جرى بالأمس في مجلس الوزراء يعكس الواقع المرير بشكل فاضح، فعلى قاعدة «مرقلي لمرقلك»، جرى استغفال الثنائي الوطني لتمرير بعض التعيينات. إنّ هذا الالتفاف على «الثنائي» من قِبل الحكومة، ما هو سوى مجافاة وتجاهل للشراكة والتفاهم، وكأنّ البعض لا يحلو لهم الّا التفرّد بالقرارات، بإسلوب النكد السياسي، كما كان التفرّد بالكهرباء على سبيل المثال لا الحصر، الذي اوصل البلد الى ما نحن فيه من تراكم الدين على خزينة الدولة».
الموازنة والتباساتها
المحور الثاني، هو الموازنة التي اعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انّ مجلس الوزراء قد أنجزها في جلسة مجلس الوزراء امس الأول الخميس.
فعلى ما تؤشر الوقائع المحيطة بهذه الموازنة، يبدو انّها تسير في طريق شائك، وملتهب باعتراضات، على ما تضمنته من أعباء ورسوم على المواطنين. وهو أمر، تؤكّد مصادر مجلسية لـ«الجمهورية»، انّه لا يشي بعبور سلس لهذه الموازنة في مجلس النواب. فهي ليست موازنة متوازنة، بل هي موازنة تُفقد البلد توازنه وتشلّ المواطن، بحيث تأخذ منه ولا تعطيه. ويُخشى ان يكون أقصى المراد من احالتها بهذه الصورة الى مجلس النواب، هو أن توحي الحكومة بأنّها ادّت واجباً مطلوباً منها لصندوق النقد الدولي، وانّها قامت بما عليها والباقي على مجلس النواب.
يُشار في هذا السياق، الى انّ صندوق النقد اعلن امس، انّ بعثته في لبنان حققت تقدّماً في الاتفاق على مجالات الإصلاح. مشيراً الى انّ هناك حاجة الى مزيد من العمل لترجمتها الى سياسات ملموسة. ووفقاً لـ«رويترز»، فقد اشار الصندوق الى انّ فريقه سيبقى على تواصل عن كثب في لبنان لمساعدة السلطات في صياغة برنامج اصلاح.
تفكيك الغام
وبحسب المصادر المجلسية، فإنّ ما تضمنه مشروع الموازنة، يُنذر بدخوله في مدار تجاذبات سياسية ونيابية لا تنتهي، وتستوجب مزيداً من هدر الوقت، في محاولات للجنة النيابية للمال والموازنة لتفكيك ألغامها الكثيرة، وخصوصاً ما يتعلق بالدولار الجمركي، اضافة الى الرسوم العالية والمرهقة للمواطنين. ويمكن القول بناءً على ذلك، إنّ هذه الموازنة مطوّقة بشتى الاحتمالات. ولا نستطيع ان نغفل هنا احتمال ترحيلها الى المجلس الينابي الجديد، ولهذا الامر بالتأكيد سلبياته.
كيف أُقرّت؟
واذا كانت المصادر الحكومية تؤكّد لـ«الجمهورية» انّ الموازنة بالصيغة التي أُقرّت فيها في مجلس الوزراء، إنجاز افضل الممكن، يلائم الأزمة وكيفية احتوائها، وهي وإن كانت تتضمن اموراً غير شعبية، فهذا أمر طبيعي يوجب شراكة الجميع في تحمّل الأعباء»، فإنّ مصادر وزاريّة تقول لـ«الجمهورية»: «على الرغم من اعلان رئيس الحكومة بأنّ الموازنة قد أُقرّت في جلسة الخميس، الّا انّ المسألة ما زالت ملتبسة بالنسبة الى غالبية الوزراء، حيث لم نعرف كيف أُقرّت هذه الموازنة، ولم تُطرح على التصويت، ولا يبدو انّها تحظى بالإجماع الوزاري عليها، وهو أمر سيثار من جديد في جلسة مجلس الوزراء الاسبوع المقبل».
الترسيم
اما المحور الثالث، فيتجلّى في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، ربطاً بحركة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لإعادة اطلاق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل.
وفيما تتكتم مصادر شاركت بالمباحثات مع الوسيط الاميركي، على مضمون المباحثات مع هوكشتاين وما طرحه من افكار حول النقاط المتنازع عليها، تجنّبت الحديث عن أي تفصيل يُبنى عليه ولو بعض التفاؤل، حيال إمكان بلوغ تقدّم في هذا الملف.
وحول تقييمها لنتائج مباحثات هوكشتاين في بيروت، قالت المصادر لـ»الجمهورية»: «ما نستطيع ان نقوله هو انّ النقاش هذه المرّة كان جدّياً جداً، انما هذا لا يعني أنّه جيد جداً. فالوسيط الاميركي يسعى الى بلوغ نتائج سريعة وضمن مهلة اسابيع قليلة، وهو سيعود مجدداً الى بيروت في وقت قريب، وننتظر ما سيحمله من افكار من شأنها أن تسرّع في إعادة الاطراف إلى طاولة المفاوضات».
وعمّا يُحكى عن انّ لبنان يتعرض لشيء من الابتزاز في ملف الترسيم من باب ازمته الاقتصادية والمالية الخانقة، لم تنف المصادر عينها هذا الأمر. الّا انّها كشفت انّ الموقف اللبناني يعتريه بعض الإرباك والغموض في ادارة هذا الملف، وخصوصاً بعد الرسالة الملتبسة الى الأمين العام للأمم المتحدة، والتي حُجبت عن اطراف اساسيين معنيين بملف الترسيم مثل رئيس مجلس النواب نبيه بري.
إقرأ المزيد في: لبنان
13/11/2024