معركة أولي البأس

لبنان

بو حبيب يحمل ردّ لبنان على ورقة الكويت غدًا.. والسنّة لن يقاطعوا الانتخابات
29/01/2022

بو حبيب يحمل ردّ لبنان على ورقة الكويت غدًا.. والسنّة لن يقاطعوا الانتخابات

اهتمت الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم بالرد اللبناني المرتقب على الورقة العربية التي حملها وزير خارجية الكويت الأسبوع الماضي، ومن المقرر أن يشارك وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب غدً الأحد في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في الكويت، وأن يحمل معه ردّ لبنان.
إلى ذلك، كان بارزًا أمس الموقف الصادر عن الطائفة السنيّة في لبنان، بعد اجتماع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، حيث أكد ميقاتي عدم مقاطعة الطائفة للانتخابات النيابية المقبلة وأن الاستحقاق في موعده في أيار المقبل.


"الأخبار": الورقة اللبنانيّة: نحترم القرار 1559 ولا نلتزمه
بحسب "الأخبار".. مهما يكن جواب لبنان الى الكويت وتبريراته، إلا أن ما يتجاوز سجال المبادرة الكويتية والردّ عليها، هو الخطوة التالية. لمّحت المبادرة الى «دولتين» في لبنان لا يسعها سوى الاعتراف بالدولة الرسمية ومواجهة الأخرى بمَن فيها وأمامها ووراءها.

يحمل لبنان الى مجلس وزراء الخارجية العرب، في الكويت غداً، ورقة جوابية على المبادرة التي حملها وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح الى بيروت نهاية الأسبوع المنصرم، معوّلاً على أن تحمل عناصر إقناع لإعادة فتح الحوار المغلق بين لبنان ومجلس التعاون الخليجي وخصوصاً السعودية.

ليس لاجتماع الوزراء العرب علاقة بالمبادرة، كما بالجواب عنها. لن يطرحا في الجلسة، ولا المبادرة في جدول الأعمال. هي آخر جلسات ترؤس الكويت مجلس وزراء الخارجية العرب قبل انتقال الرئاسة الى لبنان. لا يعدو توقيت الجلسة سوى مناسبة كي يناقشها على حدة، وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب ونظيره الكويتي. من ثمّ، في ضوء ما تتضمّنه، تمسي بين يدَي الصباح لنقلها الى الجانب السعودي.

أولى مسوّدات الجواب اللبناني عن المبادرة الكويتية، أعدّها المستشار الدبلوماسي لرئيس الحكومة السفير بطرس عساكر. انتقلت من ثمّ الى قصر بعبدا، فأعدّت مسوّدة ثانية عدّلت ما ورد في المسوّدة الأولى قبل أن تعود الى السرايا. في الوقت نفسه، أعدّت الخارجية اللبنانية ملاحظاتها. في نهاية المطاف، يحمل بوحبيب معه الى الكويت الجواب المستطاع الذي يسع لبنان عرض وجهة نظره فيه حيال مبادرة تحمل مطالب أكثر ممّا في إمكانه تحمّل وزر تطبيقها.
لم يجد الوزير الكويتي لدى مقابلته رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تعليقاً على اعتراف محدّثه يقول له إنه ليس في وسع لبنان تجريد حزب الله من سلاحه، سوى التعقيب بكلمة: «أتفهّم». هذا الجواب كان كفيلاً للزائر العربي كي يتوقّع سلفاً النطاق والحدود القصوى التي يمكن لبنان الوصول إليها في ردّه. وعلى طرف نقيض من الورقة التي كان يحمل، لم يظهر الوزير الكويتي بتشدّد مماثل للسعودية، وحاول تمييز موقف الإمارة عن المملكة عندما اكتفت بإبعاد القائم بالأعمال اللبناني في الكويت دونما إقفال أبواب السفارة، التي لا يزال فيها موظف واحد فقط يسيّر أعمالها. وهي إشارة أبرزت عدم رغبة الكويت في قطع العلاقات مع لبنان.

يطلب لبنان في جوابه وقف حملات الشتائم المتبادلة

من دون مبالغة المسؤولين اللبنانيين في وهم تلقّف مجلس التعاون الخليجي الجواب اللبناني بترحيب، إلا أنه يرمي الى إحداث ثغرة في انقطاع التواصل مع دول مجلس التعاون، وخصوصاً الرياض. رغم أن الوزير الكويتي قال في بيروت إن المبادرة كويتية ــــ خليجية ــــ عربية ــــ دولية، بيد أن المسؤولين اللبنانيين لمسوا أنها أقرب ما تكون الى موقف الرياض التي سبق أن أبلغت شروطها المطابقة لمحتوى المبادرة الى السلطة اللبنانية. كذلك عكست البنود الـ 12 روحية، إن لم يكن أكثر، البيان الفرنسي ــــ السعودي على أثر لقاء الرئيس إيمانويل ماكرون بوليّ العهد محمد بن سلمان في 4 كانون الأول المنصرم، والمكالمة العابرة بميقاتي، ما يشير حكماً الى تبنّي باريس المبادرة الكويتية ودعمها وجهة النظر السعودية. لم يفصح الدبلوماسيون الأميركيون في بيروت عن معرفة إدارتهم المسبقة بها، بيد أنهم أكدوا لمحدّثيهم اللبنانيين أنهم الى يمينها ولا يقفون حتماً في طريقها.
مع ذلك، فإن البندين الأساسيين المنطوية عليهما المبادرة على نحو أساسي، يصعب توقّع إجابة لبنان عنهما على نحو صريح: القرار 1559 وتجريد حزب الله من سلاحه، وتدخّل الحزب في اليمن. في البند الأول، لا يحمل الجواب اللبناني، خلافاً للمبادرة الكويتية، أي إشارة مباشرة الى القرارات الدولية الثلاثة 1559 و1860 و1701، مكتفياً بالإعلان أنه يحترم القرارات الدولية في معرض تحدّثه ضمناً ــــ وخصوصاً ــــ عن القرار 1559، بيد أنه يؤكد احترامه له، دونما أن يعرّج على سلاح حزب الله، ويردّ بالتفصيل على ما أوردته المبادرة في كل ما اتهمته به.

موقف كهذا هو اليوم أكثر تقهقراً من ذاك الذي اتّخذه لبنان على إثر صدور القرار 1559، في أيلول 2004، وإعلانه من على منبر الأمم المتحدة في ذلك الشهر بلسان نائب رئيس الحكومة عصام فارس وقتذاك، أن لبنان يلتزم القرار، لكن لا يسعه تطبيقه نظراً الى صعوبة الظروف المحيطة به، ويحتاج الى وقت، فضلاً عن تداعياته على الداخل. مذذاك، لا يزال القرار نفسه بمضمونه وحبره، بيد أن حزب الله لم يعد كما كان في ذلك الحين، ميليشيا لمّا تزل وحدها مسلحة قد أضحت قوة إقليمية ذات ترسانة ضخمة تتدخّل في أكثر من مكان في المنطقة.

أما البند الآخر المعلّق الوضوح في الجواب اللبناني، فيرتبط بالحملات الإعلامية المتبادلة بين المملكة وحزب الله على خلفية حرب اليمن. وهو الشق الذي يملك أن يجيب لبنان عنه، من غير أن يمتلك ناصية التحكّم بمسار تدخّل حزب الله في اليمن كجزء لا يتجزّأ من المعضلة التي يمثّلها الحزب للدولة اللبنانية برمّتها، بسلاحه كما بحجمه الإقليمي المتنامي. ما يملك لبنان أن يطلبه ــــ وهو ما يحمله الجواب أيضاً ــــ سبل الوصول الى وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بين الطرفين. إذ بات كلاهما يستدرج الآخر الى التصعيد، ويتناوبان الأدوار. كلاهما يشتم الآخر، ويخوض معركة إعلامية ضدّه أكثر منها مواجهة مباشرة على الأرض. ولذا، في أكثر من مكان في جوابه، يطلب لبنان مساعدة بلدان المبادرة على التوصل الى قواسم مشتركة ترتبط بتفهّم مشاكله، والوقوف الى جانبه في حلّها، وبعضها أضحى في صلب الأزمات الإقليمية والتسويات الجاري الخوض فيها. يؤكد لبنان أيضاً التزامه قوانينه وتعهّداته والسياسة الخارجية التي تتبعها حكومته.

 

"البناء": لبنان في الكويت: القرار الـ425 مفتاح سواه فهل يملك العرب فرض استكماله؟
يقدّم وزير الخارجية عبدالله بوحبيب أجوبة لبنان، التي قرر الرؤساء الثلاثة التوافق حولها، ومحور الجواب اللبناني يقوم على إعتبار القرار 425 مفتاح كل القرارات الدوليّة التي يلتزمها لبنان، وفقا لهذا الفهم، والقرار 425 الذي ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية حتى الحدود الدولية لم ينفذ بعد، ولا يستحق على لبنان أي موجب باستثناء أحكام وقف الأعمال العدائية التي نص عليها القرار 1701، لحين استكمال تطبيق القرار 425، وهذا نص واضح في القرار 1701 لجهة ربط الانتقال الى مرحلة وقف إطلاق النار الشامل، بإنهاء القضايا المتنازع حولها وخصوصاً مزارع شبعا، وسيقول بوحبيب للوزراء العرب في الكويت، هذا هو وضع القرارات الدولية المعطل عند حدود مزارع شبعا والرفض الإسرائيلي للانسحاب منها، ليفتح بعدها النقاش حول قضايا مثل سلاح المقاومة، على طاولة حوار وطني لبناني، فهل يمكن للعرب الذين تبنوا طلب الانسحاب الإسرائيلي من المزارع في قمتهم المنعقدة في بيروت عام 2002 أن يساعدوا في تحقيق هذا المطلب، ليتسنى الانطلاق نحو ما بعده، وفيما عدا هذه النقطة سيقول بوحبيب إن لبنان جاهز للتعاون مع أي لجنة عربية لمتابعة تفصيلية لسائر البنود. وتوقعت مصادر دبلوماسية متابعة للملف أن لا يحصل لبنان على القبول وأن لا يقابل بالرفض، وأن الـ «لعم» ستكون هي الجواب العربي بمثابة ربط نزاع للبحث في الكواليس حول تبريد العلاقة بين دول الخليج وحزب الله، سواء لجهة المطالبة بتأكيد خروجه عسكرياً من اليمن، أو لجهة الخطاب الإعلامي المتبادل، لكن دون انفراجات مالية في التعامل العربي، لأن هذا الأمر رهن القرار الأميركي في ضوء مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي.

في الشأن السياسي والانتخابي انتهت فترة التريث التي سادت الأجواء السياسية بعد إعلان الرئيس سعد الحريري انسحابه مع تياره من المشهدين السياسي والانتخابي، مع تبلور موقف دار الفتوى ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لجهة رفض الدعوة للمقاطعة وإعلان المضي بالانتخابات، فيما ربطته مصادر متابعة للملف الانتخابي بموقف سعوديّ نجح بضمان الدعم الفرنسي وبتأمين موقف النائب السابق وليد جنبلاط، تحت عنوان، مع الحريري وجدانياً ومع السعودية سياسياً وانتخابياً. وجاء موقف بهاء الحريري مساء أمس، بإعلان عزمه ملء فراغ والده وشقيقه، ليكشف الربط بين عناصر المشهد وفق الصيغة التي كانت مطروحة يوم تمّ احتجاز الحريري في السعودية وأجبر على الاستقالة عام 2017، وبدأ الترويج لإعلان شقيقه بهاء بديلاً له في الزعامة. وعلق أحد القيادات السياسية على هذه العناصر مجتمعة بالقول، يبدو أن قرار دفن الحريري سياسياً يشمل الجميع، والمضي بجملة بهاء الحريري الشهيرة يوم تشييع والده، بقوله، «يا قوم بدنا ندفن الرجل»!

وفي غمرة الانشغال اللبناني بمناقشة وإقرار موازنة العام 2022، تتجه الأنظار اليوم الى الكويت التي تحتضن اجتماع وزراء الخارجية العرب لمناقشة جملة ملفات وقضايا عربية وخليجية مستجدّة، ومن ضمنها الملف اللبناني.

ويحمل وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الأجوبة اللبنانية على الورقة الخليجية التي نقلها وزير الخارجية الكويتي الى لبنان وتتضمّن 12 بندًا تطلب دول الخليج من لبنان تطبيقها.

وتشير مصادر «البناء» الى أن بو حبيب عمل على صياغة الردّ بالتشاور مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث تم الاتفاق على صيغة موحدة بينهما ونقلها بو حبيب الى عين التينة في لقائه الخميس الماضي مع الرئيس نبيه بري الذي أجرى تعديلات عليها في بعض البنود لتخرج صيغة موحّدة سينقلها وزير الخارجية الى المجتمعين في مجلس وزراء الخارجية العرب اليوم. وتضيف المصادر أن «صيغة الردّ النهائية تخضع للتنقيح في وزارة الخارجية لوضع اللمسات الأخيرة عليها لا سيما في بند سلاح حزب الله والقرارات الدولية».

وفيما أفيد أن حزب الله لم يكن بعيدًا عن المشاورات السياسيّة حول الورقة، كشفت المصادر أن الرد اللبناني لن يتضمن مقاربة مسألة سلاح المقاومة ولا القرار 1559 بل سيتولى وزير الخارجية شرح الموقف اللبناني بهذا الخصوص من منطلق المصلحة اللبنانية ووحدة الصف الداخلي.

وفيما تردّد وجود تباين في الموقف بين ميقاتي وبو حبيب حول بند سلاح حزب الله والقرار 1559، لفتت أجواء مطلعة على موقف السراي الحكومي لـ»البناء» الى أن «الخطوط العريضة للردّ اللبنانيّ أصبحت شبه واضحة، إنما الجواب النهائي قيد التحضير بالتشاور ما بين وزير الخارجية والرؤساء». كاشفة عن «تسوية وسطية للبند 1559»، مضيفة: «هناك جواب يشير الى تفاصيل حوله مع رغبة الحكومة اللبنانية بالاتجاه الإيجابي لأفضل العلاقات مع الخليج».

في المقابل، أشارت أوساط مطلعة على موقف بعبدا لـ»البناء» الى أن «رئيس الجمهورية ميشال عون لم يُسجل أية ملاحظات أو تحفظ على بنود الورقة الكويتية باستثناء البنود المتعلقة بسلاح حزب الله والقرارات الدولية وتحديدًا القرار 1559 الذي لا توافق ولا إجماع عليه بين الأفرقاء اللبنانيين، بل هو محل خلاف بينهم منذ عقود وهذا يتطلب حواراً وطنياً سبق ودعا اليه رئيس الجمهورية»، مشيرين الى أن «موضوع سلاح حزب الله ودوره في الإقليم يتخطى حدود لبنان وقدرته».

وتضيف الأوساط: «الرئيس عون يؤيد الحفاظ على العلاقة المميّزة مع دول الخليج، لكنه حريص أيضًا على الاستقرار الداخلي والوحدة الوطنية وبأن لا يسبب فتح بند السلاح ودور الحزب أزمة سياسية وتوترات داخلية نحن بغنى عنها في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة الذي يعيشها لبنان»، وكشفت أن لبنان سيطلب من العرب المساعدة لحل قضية سلاح الحزب بشكل لا يؤدي الى أي توتر داخلي.

أما السؤال الذي استرعى انتباه الأوساط: ما الذي استدعى دسّ بند سلاح المقاومة ضمن الورقة، فيما رئيس الجمهورية أدرج ضمن جدول أعمال الحوار الوطني بند الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان؟ علمًا أن حلفاء الأميركيين والخليج هم الذين عطلوا انعقاد الحوار لا سيما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع؟

ووفق المعلومات حول مضمون الورقة، فإن لبنان سيؤكد تمسكه باتفاق الطائف وبالقرارات الدولية لا سيما القرار 1701 الذي يؤمن الاستقرار في الجنوب منذ العام 2006 حتى الآن، رغم التوترات والخروق التي تحصل بين الحين والآخر، وكذلك تأكيد تمسكه بأفضل العلاقات مع محيطه العربي والخليجي، والسعودية تحديداً، وكذلك مع العالم، والنأي بالنفس ومكافحة تهريب المخدرات. وسيطلب لبنان من المؤتمرين تفهّم دقة وحساسية وتركيبة الواقع اللبناني وسيطلب منهم مساعدته في عقد حوار عربي – لبناني في مسألة سلاح حزب الله وتسليح الجيش اللبناني كي يصبح قادراً على حماية لبنان لا سيما أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لا تزال محتلة من العدو الإسرائيلي.

 

"اللواء": قرار إسلامي حاسم: لا مقاطعة للانتخابات لبقاء الدولة
وفي شأن آخر، كشف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن موقفين كبيرين: الأوّل وطني، دستوري، يتعلق بإجراء الانتخابات في موعدها، والثاني وطني، ميثاقي إسلامي وكبير ايضا، يتعلق بحسم الجدل أو التخمينات بشأن ما ستقدم عليه الطائفة الإسلامية (أهل السنّة والجماعة)، فهي «لا يمكن ان تقاطع الانتخابات»، من زاوية «بقاء الدولة ومؤسساتها قائمة وفاعلة على حدّ تعبيره، ولدى الطائفة كل المؤهلات والقدرات للمشاركة في الانتخابات».

وجاء إعلان ميقاتي على مسمع: الرئيس فؤاد السنيورة، ووزير الصحة فراس الأبيض، بعدما ادوا الصلاة إلى جانب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في المسجد العمري الكبير في وسط بيروت، كما شارك في الصلاة رئيس المحاكم الشرعية السنية العليا الشيخ محمّد عساف وعلماء وحشد من المصلين.

وفي المعلومات ان اتصالات جرت بين القيادات الإسلامية الرسمية والروحية والسياسية لمناقشة الموقف من زاوية الحرص على الدور الأساسي والفاعل للسنّة في بناء الدولة، وعدم الاستنكاف عن الدور الميثاقي في ولادة لبنان الكبير، فضلا عن مرحلتي الاستقلال والميثاق الوطني، ورسم السياسات الداخلية والخارجية لهذا البلد.

ومن المتوقع ان تستمر المشاورات بما يشبه العملية المفتوحة لملاقاة التطورات المتوقعة في ما خص الوضع في لبنان.

وكان المفتي دريان زار السراي الكبير والتقى الرئيس ميقاتي، وجرى التداول في الوضع المستجد في البلاد، بعد قرار الرئيس سعد الحريري عدم الترشح للانتخابات ودعوة تيّار المستقبل لحذو حذوه، وإرسال الرد اللبناني الرسمي على الأفكار الخليجية لإعادة بناء الثقة مع لبنان إلى اجتماع مجلس الجامعة العربية.

وجرى الاتفاق على ان يكون الرد اللبناني ايجابيا، بما يتوافق مع الثوابت الوطنية وعلاقات لبنان التاريخية مع محيطه.

وفي السياق نفسه، أعلن بهاء الدين الحريري الابن البكر للرئيس الشهيد رفيق الحريري تضامن العائلة والشراكة داخلها. واعلن: بالشراكة والتضامن سوف نخوض معركة استرداد الوطن واسترداد سيادة الوطن من محتليها. سوف أستكمل مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري واي تضليل او تخويف من فراغ على مستوى اي مكون من مكونات المجتمع اللبناني يخدم فقط اعداء الوطن، فما بالكم التخويف بالفراغ في اكبر طائفة في لبنان التي لي شرف الانتماء اليها. مستمرون في ما تعلمناه من والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تعلمنا اننا،نحن اهل الاعتدال لا التطرف، نحن اهل الإعمار لا الانهيار، نحن اهل المواطنة لا التفرقة، نحن اهل السيادة لا الارتهان، نحن اهل العمق العربي».

وختم: «ابن الشهيد رفيق الحريري ما بيترك لبنان ، موجودين معكم وقريبا جدا بيناتكم. عاش لبنان حرا سيدا مستقلا».

 

"الجمهورية": إستنفار سنّي لاحتواء "الإنكفاء"
واعتبرت صحيفة "الجمهورية" أن مطحنة الأزمة الداخلية على دورانها من سيئ الى اسوأ منذ 774 يوماً، والمناخ السياسي منذ 17 تشرين الاول 2019 ماضٍ في تناقضاته وتقلّباته، وإخضاع المشهد الداخلي لمراوحة أُقفلت فيها كل ابواب الحلول. ومع انطلاق موسم الانتخابات النيابية باتت الصورة الداخلية مؤهّلة اكثر لتقلّبات اضافية واهتزازات على غير صعيد، تُبقي البلد عرضة لاحتمالات غير واضحة المعالم.

وإذا كان «الحدث الحريري» هو الطاغي على هذا المشهد، في ظلّ القراءات المستمرة لمرحلة ما بعد قرار الرئيس سعد الحريري بمغادرته وتيار «المستقبل» الحياة السياسية، فإنّ الوقائع الداخلية، السياسية بشكل عام، والسنّية على وجه الخصوص، بدأت تشي بتوجّه نحو التسليم بمغادرة الحريري كأمر واقع، واحتواء أي ارتدادات اوانعكاسات لقراره على المشهد السياسي بشكل عام وعلى المشهد السنّي بشكل خاص.

السنّة مُستَفزَّون

ويندرج في هذا السياق حضور المراجع السنّية السياسية والدينية في صدارة هذا المشهد، حيث تؤكّد مصادر مسؤولة في هذا الجانب لـ«الجمهورية»، انّ «المستويات السنّية السياسية والدينية مستفَزَّة من بعض أطراف الانقسام الداخلي، التي بدأت تتعامل مع المكوّن السنّي وكأنّه قد فقد توازنه وتفكّك واندثر، وذلك عبر مسارعتها الى الاستثمار على قرار الرئيس الحريري، ومحاولة وراثته، وكذلك وراثة تيار «المستقبل» وجمهوره وتسخيره كعنصر ملحق بها، وسوقه في الاتجاه الذي يخدم غاياتها السياسية والانتخابية».

وبحسب المصادر عينها، فإنّ اللقاء العاجل الذي عُقد في السرايا الحكومية بالأمس بين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، هدف الى قطع الطريق على هذا المنحى المسيء للطائفة السنّية، والتأكيد على حضورها الفاعل والأساسي ودورها الأساس في الحياة السياسية، الذي لا يتأثر بأي عوامل، او محاولات لإضعافه او تنتقص منه سواء أكانت مقصودة او غير مقصودة.

وتشير المصادر، إلى انّ زيارة المفتي دريان الى السرايا الحكومية، تنطوي على استشعار لدقّة الوضع الذي استجدّ بعد قرار الرئيس الحريري، وضرورة وقف التفسيرات والتأويلات وأي محاولة لإرباك الساحة السنّية. وفي اللقاء مع الرئيس ميقاتي تمّ استعراض التطورات الاخيرة، وتوقفا عند قرار الرئيس الحريري وما يحيط به، مع التشديد على صيانة الواقع السنّي والنأي به عن أي اختلال، وخصوصاً انّ هذا الاختلال لا يطال الطائفة حصراً بل تأثيراته ستشمل مجمل الصورة في لبنان السياسية وغير السياسية.

ووفق المعلومات الرسمية، فإنّ ميقاتي قدّر لمفتي الجمهورية «حكمته والمواقف الوطنية التي يعبّر عنها، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة، وبالدور الجامع الذي تمثله دار الفتوى». وقال: «إن التحدّيات الكبيرة التي تواجه لبنان واللبنانيين تتطلّب اولاً وحدة الصف الوطني بين جميع المكونات اللبنانية، ووحدة الصف الإسلامي. ونحن نعوّل على حكمة سماحته وتوحيد كل الجهود في سبيل جمع الشمل».

اما المفتي دريان فثمّن عالياً «الجهود التي يقوم بها رئيس مجلس الوزراء في شتى المجالات، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، حيث يقارب المواضيع الوطنية والداخلية بروح المسؤولية العالية، وبما يتناسب مع الدور الوطني الجامع لرئاسة مجلس الوزراء». واكّد انّ دار الفتوى «حاضنة لجميع اللبنانيين وتشكّل رمز الاعتدال والانفتاح على كافة المكوّنات اللبنانية».

وبعد اللقاء قال ميقاتي رداً على سؤال: «صحيح أنّ الرئيس سعد الحريري أعلن عزوفه عن الترشح وخوض الإنتخابات النيابية، لكن نحن حتماً لن ندعو الى المقاطعة السنّية لما فيه خير الطائفة، ومن يرغب بالترشح فليترشح، والإنتخابات حاصلة في موعدها المحدّد في 15 أيار المقبل».

ومن السرايا انتقل الرئيس ميقاتي والمفتي دريان الى المسجد العمري الكبير وسط بيروت، حيث ادّيا صلاة الجمعة، وفيها اكّد إمام المسجد الشيخ محمد عكاوي في خطبة الجمعة «أهمية التعاون ووحدة الصف الإسلامي والعمل معاً لمواجهة التحدّيات التي يمر فيها الوطن». مشدّداً على أهمية دور رئاسة الحكومة ودار الفتوى في هذه المرحلة الحرجة التي يمر فيها البلد.

ولدى مغادرته المسجد سُئل الرئيس ميقاتي عن موضوع المشاركة في الانتخابات النيابية فأجاب: «ليس المهم المشاركة الشخصية في الانتخابات أو عدمها، فالانتخابات في موعدها، ونحن لدينا غنى في الطائفة وكل المؤهلات والقدرات للمشاركة في الانتخابات».

ورداً على سؤال آخر قال: «الانتخابات في موعدها والطائفة السّنية أساسية ولا يمكن أن تقاطع الانتخابات، وما يعنينا بالدرجة الاولى أن تبقى الدولة ومؤسساتها قائمة وفاعلة».

بدوره قال الرئيس فؤاد السنيورة، انّ ما قاله الرئيس ميقاتي حول موضوع مقاطعة الانتخابات امر جيد، ولا قرار لديّ بالدعوة الى مقاطعتها».

إقرأ المزيد في: لبنان