معركة أولي البأس

لبنان

ميقاتي يوقّع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب والإفراج اليوم عن الاستحقاقات المالية لموظفي القطاع العام
06/01/2022

ميقاتي يوقّع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب والإفراج اليوم عن الاستحقاقات المالية لموظفي القطاع العام

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على اللقاء الذي جمع رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي، ما حرّك المياه السياسية والحكومية الراكدة على كلّ الجبهات، خاصة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إذ وقع ميقاتي على مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بشكل فوري كما يريد بري مقابل عقد جلسة لمجلس الوزراء كما يشتهي عون.

وكشف ميقاتي أنّ الموازنة العامة للعام 2022 باتت جاهزة، وانه فور تسلمه إياها خلال اليومين المقبلين، يصبح من الضروري اجتماع مجلس الوزراء لإقرارها وإحالتها الى مجلس النواب. 

كما كشف ميقاتي أنه "سيتمّ الإفراج اليوم عن الاستحقاقات المالية التي كان سبق ووعد بها لموظفي القطاع العام والإدارات العامة".

"البناء": الدورة الاستثنائية هدنة رئاسية… والعقدة الحكومية باقية رغم تمنيات ميقاتي

في لبنان خداع بصري آخر تسبّبت به إيحاءات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بربط فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب بتفاهم ضمني يتيح العودة الى اجتماعات مجلس الوزراء، سواء بصورة كلية او جزئية، تحت شعار تمرير الموازنة وبعض القرارات المالية، ومشاريع القوانين التي ترتبط بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وبعدما أكدت مصادر ثنائي حركة أمل وحزب الله بقاءها على موقفها ودعوتها إلى حلّ المعضلة الرئيسية التي تجمّدت عندها الاجتماعات الحكومية، وهي قضية المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، تداولت بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل تسريبات عن وجود تفاهم ضمني على تمرير عقد هذه الجلسة بغياب وزراء الثنائي لكن دون اعتراضهم، وهو ما نفته مصادر الثنائي نفياً قاطعاً، مؤكدة ان لا تفاعل إيجابياً مع كلّ محاولات الالتفاف على الحلّ المطلوب والمعلوم للجميع، وهو حسم الحكومة لموقفها الى جانب الدستور الذي يحفظ الفصل بين السلطات بحصر ملاحقة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ومطالبتها لمجلس القضاء الأعلى بإلزام المحقق العدلي بالتزام حدّ السلطة، وأكدت مصادر الثنائي بأن لا اجتماع للحكومة يقوم على ضرب الميثاقية بغياب وزراء الثنائي، ولا اجتماع للحكومة بتجاهل مطلب الثنائي.

خداع بصري آخر كشفه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، بتناوله لدعوات اللامركزية الإدارية بصفتها شأناً إصلاحياً، بينما سياق الطرح في مراحل التصعيد الطائفي قبيل الانتخابات، يوجب التأكيد على رفض كلّ الدعوات التي تريد من اللامركزية الإدارية ستاراً لإقامة غيتوات طائفية، وتمهّد لنوع من التقسيم المقنّع.

وحرك اللقاء بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي المياه السياسية والحكومية الراكدة على كلّ الجبهات لا سيما قناة العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما رسم تساؤلات حول وجود تسوية نيابية ـ حكومية مؤقتة تتضمّن فتح دورة استثنائية لمجلس النواب كما يريد بري مقابل عقد جلسة لمجلس الوزراء كما يشتهي عون.

وبعد اللقاء بين رئيسي الجمهورية والحكومة، أعلن ميقاتي انه «تمّ الاتفاق على توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بشكل فوري». وكشف أنّ «الموازنة العامة للعام 2022 باتت جاهزة، وانه فور تسلمه إياها خلال اليومين المقبلين، يصبح من الضروري اجتماع مجلس الوزراء لإقرارها وإحالتها الى مجلس النواب». كما طمأن الى انه «سيتمّ الإفراج اليوم عن الاستحقاقات المالية التي كان سبق ووعد بها لموظفي القطاع العام والإدارات العامة».

وأفادت المعلومات مساء أمس أنّ ميقاتي، وقّع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، وطلب دفع المنح المالية للموظفين في ضوء اجتماعه مع عون صباحاً، وأرسل المرسوم والطلب إلى بعبدا.

وتخلل اللقاء بحسب معلومات «البناء» اتصال هاتفي من عون ميقاتي برئيس مجلس النواب جرى التداول خلاله بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب وانعقاد مجلس الوزراء لإقرار الموازنة. وأشارت مصادر بعبدا لـ»البناء» الى أن الاتصال كان إيجابياً وهادئاً وضرورياً بين الرئيسين لتفعيل عجلة الدولة والمؤسسات وتفعيل التنسيق بين الرئاستين. ولفتت المصادر الى أنّ «مرسوم العقد الاستثنائي سيوقع من رئيسي الجمهورية والحكومة خلال وقت قصير وحينها يصبح ساري المفعول ولرئيس المجلس تحديد جلسة في الوقت الذي يراه مناسباً». وأوضحت المصادر أن جلسة الحكومة مخصصة لمناقشة الموازنة لكن رئيسي الجمهورية والحكومة يحدّدان جدول أعمالها. لكن لم يعرف إذا ما كانت الجلسة الحكومية ستقتصر على موضوع الموازنة أم تعقبها جلسات أخرى.

وعكست أجواء عين التينة لـ»البناء» ارتياحها للاتصال الذي تلقاه بري لجهة موافقة عون على العقد الاستثنائي للمجلس، لكنها رفضت الحديث عن تسويات أو صفقات أو مقايضة بين موضوع الدورة الاستثنائية وعقد جلسة لمجلس الوزراء. مضيفة: «من الضروري فتح دورة استثنائية لكي يتابع المجلس عمله التشريعي وإقرار البنود المالية والاقتصادية، فضلاً عن طلب لمساءلة الحكومة من تكتل لبنان القوي المحسوب على رئيس الجمهورية». وشدّدت الأجواء على أنّ «رئاسة المجلس تنتظر توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة على المرسوم لتحديد موعد الجلسة».

وفيما تتوقع أوساط سياسية أن تنسحب الأجواء الإيجابية الرئاسية على مجمل المشهد السياسي والقضائي وعلى الأوضاع الاقتصادية، لم يسجل أيّ تبدّل حتى الساعة بموقف ثلاثي أمل وحزب الله وتيار المردة حيال ملف تحقيقات المرفأ، حيث أكدت مصادرهم لـ»البناء» إلى أنهم لن يلبوا الدعوة لجلسة نيابية إلا بعد معالجة مشكلة القاضي طارق البيطار، إلا إذا اقتصرت الدعوة الى جلسة لمناقشة الموازنة وهذا لا يزال قيد الدرس».

وكان عون وقع 16 قانوناً أقرّها مجلس النواب في جلسته الاخيرة، وأحالها للنشر وفقاً للأصول.

من جهته أصدر ​وزير​ الداخلية والبلديات​ القاضي بسام مولوي تعميماً يتعلق بمهل تقديم تصاريح الترشيح والرجوع عنها وتسجيل اللوائح للانتخابات النيابية العامة لعام 2022 .

في غضون ذلك وبعد حادثة شقرا الأسبوع الماضي، أعلنت قوات “اليونيفيل” في الجنوب عن تعرّض آلياتها التابعة للأمم المتحدة للتخريب والسرقة بحسب ما أفادت نائبة مدير المكتب الإعلامي لليونيفيل كانديس آرديل، والتي أوضحت في بيان أنه “على عكس المعلومات المضللة التي يتمّ نشرها، لم يكن جنود حفظ السلام يلتقطون الصور ولم يكونوا في ملكية خاصة، بل كانوا في طريقهم للقاء زملائهم في القوات المسلحة اللبنانية للقيام بدورية روتينية”. ونقلت عن اليونيفيل إدانتها للاعتداءات التي يتعرّض لها الرجال والنساء الذين يخدمون قضية السلام، والتي تعتبر انتهاكات للقانون اللبناني والقانون الدولي. كما تدين اليونيفيل الجهات الفاعلة التي تتلاعب بسكان المنطقة لخدمة أغراضها”.

ووضعت مصادر في فريق المقاومة عبر “البناء” البيانات المتكرّرة لليونيفيل عن أحداث اعتداء على قواتها في الجنوب من قبل الأهالي في إطار الضغط على حزب الله وتحميله مسؤولية هذه الإشكالات وإعادة تظهير سلاحه على أنه مشكلة ويجب حلها من جهة وتقديم الذرائع لتوسيع صلاحية اليونيفيل وحرية حركتها المعمول بها منذ العام 2006 وفقاً للقرار الدولي 1701. متهمة اليونيفيل بافتعال هذه الأحداث وتضخيمها لأهداف سياسية. متسائلة عن الجهة التي لديها مصلحة بتوتير الوضع بين اليونيفيل والأهالي وتعديل بقواعد حركة اليونيفيل ونطاق عملياتها، ملمحة الى دور “إسرائيلي” في هذا الإطار.

على الصعيدين الصحي والتربوي، وغداة اجتماع لجنة كورونا في السراي الحكومي، أعلن وزير التربية عباس الحلبي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الصحة العامة فراس الابيض، “اتخاذ اجراءات من أجل عودة آمنة إلى المدارس”، وقال: “أنشأنا غرفة عمليات تدير شؤون كورونا، وبمتابعة عبر الصليب الأحمر”، مؤكدا انه سيتمّ إقفال الصف الذي تظهر فيه أي إصابة بكورونا. واعلن ان “لا خيار لنا غير التعليم الحضوري وعلينا إنقاذ مصير التربية والتعليم”، وقال: “نمضي نحو فتح المدارس وسائر المؤسسات التربوية”.

وأكد رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي لـ “البناء” أنّ طلاب المدارس سيكون لهم نصيب من لقاحات كورونا، حيث ستعمد المدارس إلى تعبئة ملفات بأسماء الطلاب من أجل التلقيح، وسيتمّ اعتماد عيادات نقالة للمدارس بالتنسيق بين وزارة التربية والصحة، إضافة إلى وجود مراكز لوزارة الصحة يمكن الذهاب إليها لأخذ اللقاح وكذلك سيتم إجراء يوم “ماراتوني” للمدارس”.

ولفتت مصادر صحية مطلعة لـ”البناء” إلى أنّ “وزارتي الصحية والتربية ستنسّقان على صعيد الإجراءات الوقائية لضمان عدم تفشي الفيروس بين الطلاب في المدارس من ضمنها حملة تلقيح للطلاب للطلاب من عمر 11 عاماً وما فوق وفرض ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي”، مشيرة الى أنّ “قرار وزارة التربية بالعودة الآمنة الى المدارس جاء بعد دراسة معمقة أجرتها وزارة الصحة والتزام وزارة التربية بفرض إجراءات على جميع المدارس والمعاهد”، موضحة أنّ قرار التربية يوازن بين مصلحة الطلاب التربوية وحماية العام الدراسي وبين المخاطر الصحية”.

وسجل عداد كورونا المزيد من الإصابات، وأعلنت وزارة الصحة، عن 5818 إصابة جديدة بالفيروس و20 حالة وفاة أمس.

وأوضح نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أنّ “عدد المصابين بكورونا الذين يدخلون إلى المستشفيات لا يزال تقريباً هو نفسه منذ أسبوعين، وحتى الساعة المستشفيات قادرة على استيعابه، فهناك أسرّة لا تزال شاغرة في العناية الفائقة”. وتوقّع في حديث إذاعي أن “تبلغ موجة الإصابات ذروتها بعد أيام نتيجة التخالط أثناء الأعياد”، منبّهاً إلى أنّ “المستشفيات غير قادرة على استيعاب أعداد كبيرة على غرار العام الفائت”.

على صعيد آخر، تقدّمت السيدة ميراي توفيق شليطا البواري، بوكالة المحامي كمال طعمه، بإخبار الى النيابة العامة الاستئنافي في جبل لبنان، حول ما صرح به عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله حول تهريب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط مبلغ 500 مليون دولار اميركي الى الخارج، في مقابلة تلفزيونية.

"الأخبار": سلامة يستكمل سيناريو دفن التدقيق الجنائي

بدورها، صحيفة "الأخبار" لفتت الى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة استكمل أمس، سيناريو دفن التدقيق الجنائي عبر إعلان نقابة موظفي مصرف لبنان في بيان «رفضها تزويد القائمين بالتدقيق المالي و/أو التحقيق الجنائي بأسماء ورتب موظفي مصرف لبنان الحاليين والسابقين وحركة حساباتهم المصرفية التي تدخل ضمن نطاق البيانات ذات الطابع الشخصي المصانة قانوناً». ولتبرير رفضها استندت النقابة، كما زعمت، إلى «القانون رقم 81 المتعلق بحماية البيانات الشخصية، وقانون حماية البيانات العامة الصادر عن البرلمان الأوروبي»، مبدية اعتراضها على «عدم الاستحصال على موافقة موظفي مصرف لبنان المسبقة والصريحة على مشاركة بياناتهم الشخصية مع أي جانب ثالث وفقاً للهدف المحدد في القانون رقم 200».

البيان بمثابة ضربة قاضية للتدقيق الجنائي، وهو على الأرجح سيُحدّد مصير العقد مع شركة «ألفاريز أند مارسال» التي يُفترض أن تستأنف عملها الأسبوع المقبل لدرس الـ«داتا» التي قدّمها سلامة قبل يوم واحد من انتهاء مهلة قانون رفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان.
وبحسب مصادر في مصرف لبنان، فإن «ألفاريز» لم تحدّد بعد تاريخاً لعودتها إلى لبنان، بالتالي لا يمكن التكهن ما إذا كان البيان بمثابة مخرج استخدمه سلامة للهروب من التدقيق من خلال رفع المسؤولية عن نفسه وتبني موظفي المصرف الرفض لتبرير عدم التعاون، علماً بأن «موظفي مصرف لبنان يتحرّكون بأمر سلامة فقط». وتؤكّد المصادر أن «لا سرّية على المال العام، خصوصاً في حال إجراء تدقيق محاسبي جنائي يشمل كل حركة الحسابات، بما فيها حسابات موظفي مصرف لبنان الداخلة في حسابات المصرف. وما يحصل ليس سوى مطيّة لدفع الشركة نحو فسخ العقد مجدداً».

وعلقّت مصادر القصر الجمهوري على بيان النقابة بأنه «لا يبشّر بالخير، وليس من شأنه تيسير مباشرة عمل ألفاريز». واعتبرت أن البيان «ليس بريئاً في هذا التوقيت، إذ إنه يأتي بعد إعلان سلامة تعبئة حواسيب مصرف لبنان الموجودة في وزارة المال بالداتا الخاصة، ما يشير إلى أمرين: أولهما أن الداتا لم تُعبّأ، وإلا لم يكن هناك داع لتبرير رفض إعطائها. والثاني أن شركة التدقيق كانت قاب قوسين من معاودة عملها، ما استدعى استخدام الموظفين كسلاح، في ظل إصرار كتل وازنة في البرلمان على عدم تمديد قانون رفع السرية عن حسابات مصرف لبنان». في الحالتين، ما حصل «ليس خبراً ساراً، بل يبدو أننا نسير نحو عرقلة جديدة للتدقيق» بحسب مصادر القصر.

يشتري الدولارات ثم يضخّها... ثم يشتريها مجدداً: كازينو مصرف لبنان

ورأت الصحيفة أن المنطق الوحيد الذي يحكم تقلّبات سعر الصرف هو «الكازينو». مصرف لبنان هو «الكازينو». هو من يقرّر أي لاعب يربح وأي لاعب يخسر. هذا الكازينو قرّر، في الفترة الأخيرة، أن يضخّ دولارات ورقية في السوق. الضخّ يتم عبر المصارف، ومنها للمودعين مباشرة، بعد حسم قيمة الخسارة اللاحقة بودائعهم. إذ بات في إمكان هؤلاء «سحب» دولاراتهم العالقة في المصارف على سعر 8000 ليرة، وشراء الدولارات الورقية على السعر الوسطي المسجّل على منصّة «صيرفة» في اليوم السابق. بهذه العملية صار كل «دولار مصرفي» يساوي 33 سنتاً مدفوعة نقداً، بدلاً من 27 سنتاً. وبهذه العملية، أيضاً، تحصل المصارف من مصرف لبنان على حصّتها الشهرية بالدولارات الورقية بدلاً من الليرات الورقية وفق سعر المنصّة أيضاً.

جرى إيهام المودعين - اللاعبين في الكازينو - بأنهم يربحون من كل دولار يُسحب من المصارف نحو 6 سنتات، فيما هم في الواقع يخسرون، بعدما خسروا، أصلاً، 67% من قيمة دولاراتهم المودعة في المصارف. لكنهم رغم ذلك يتهافتون لتحصيل الفرق باعتباره ربحاً لهم! قد يكون مفهوماً أن يعيش موظفو القطاع العام حالة التهافت هذه لتعويض الخسائر في مداخيلهم الثابتة بالليرة والتي لم تجرؤ الحكومة على تصحيحها بعد، لكن اللافت أن يتهافت المودعون من أجل بضعة سنتات إضافية وضمن سقوف سحب منخفضة، وكأنهم لا يعلمون بأن ما يعطيهم إياه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بيده اليمنى، يأخذه منهم بأياد كثيرة أخرى. فهم سدّدوا، ولا يزالون، كلفة كبيرة مصدرها العمليات التي نفّذها مصرف لبنان منذ أيلول 2019 لغاية اليوم. فمنذ ذلك الوقت، تضخّمت الأسعار بمعدل 7 مرّات بالحدّ الأدنى، فيما تضخّم سعر الدولار مقابل الليرة بمعدل 20 مرّة. وهذا الفرق بين الاثنين، يعني أن تضخّم الأسعار سيتواصل أكثر فأكثر في الفترة المقبلة، حتى لو توقف الدولار عن التضخّم وأصبح ثابتاً عند 30 ألف ليرة. تضخّم الأسعار تزامناً مع ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة، هو مسألة وقت فقط. الهامش بين تطوّر الأسعار وسعر الصرف يفترض أن يضيق مع الوقت، أو على الأقل هذا ما يشير إليه تاريخ العلاقة بين مؤشري سعر الصرف ومؤشر الأسعار منذ عام 1977 لغاية تثبيت سعر الصرف في مطلع التسعينيات. بالعكس، تشير هذه العلاقة تاريخياً (راجع مقال مؤسسة البحوث والاستشارات في الأخبار بعنوان: الأسوأ لم يأت بعد، والمنشور في 28 نيسان 2020) إلى أنه في مرحلة ما سيكون مؤشّر تضخّم الأسعار أعلى من مؤشّر سعر الصرف.
في المحصّلة، يدفع المقيمون في لبنان ضريبة التضخّم التي فرضها سلامة عليهم بغطاء المنظومة السياسية. سلامة، مدير كازينو مصرف لبنان، قرّر أن تكون الخسارة ضمن إطارين: تضخّم الأسعار التي تأكل قيمة المدخرات والمداخيل في الوقت نفسه، ومسار الهيركات على الودائع عند سحبها من المصارف مباشرة. القلّة التي تجنّبت هذه الخسارة هي الجهات التي قرّر سلامة وسائر المصارف وشركاؤهم في النظام المالي أن يجنّبها الخسائر. هذه الجهة ينضوي فيها نافذون سياسيون، أصحاب مصارف، رجال أعمال، كبار المودعين، موظفون في القطاع العام، موظفون في مصرف لبنان والمصارف… هؤلاء أُتيح لهم الهروب من مسار «الهيركات» المباشر رغم أنهم أصيبوا بخسائر التضخّم وإن كانت لديهم قدرة واسعة على احتمالها بعد كل ما راكموه من أرباح على مدى عقود، مستفيدين من فجوة اللامساواة في الدخل والثروة، وبكون النظام المالي كان يعمل لمصلحتهم.

"النهار": مقايضة الانفراج الحكومي تنتظر الثنائي

أما صحيفة "النهار" اعتبرت أنه لم تكتمل معالم مفاجأة "الوعد بالانفراج" الطالع من اجتماع بعبدا في أول لقاء جمع في السنة الجديدة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والذي خلص إلى "التبشير" بما اعتبر "تنفيسة" لوضع بالغ الخطورة كان يقترب من انفجار سياسي ومالي واجتماعي. فما ان "بشر" الرئيس ميقاتي بالتفاهم على اصدار مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب مقترنا بالدعوة خلال يومين على الأرجح إلى جلسة لمجلس الوزراء تقر مشروع موازنة السنة الجديدة، حتى تلقى اللبنانيون خبر الاعتداء الجديد على اليونيفيل في الجنوب. واذا كان التطوران منفصلين من حيث طبيعة كل منهما، فان ذلك لم يحجب ازدياد معالم الريبة والتساؤلات القلقة عما ارادته القوة النافذة المعروفة في الجنوب من الاعتداء الثاني على اليونيفيل في غضون اقل من أسبوعين بعد اعتداء مماثل على الكتيبة الفنلندية في 22 كانون الأول الماضي غداة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للبنان. بل ان الريبة التي تملكت اوساطا عدة رسمية وسياسية ذهبت في اتجاه التساؤل عن المصادفة في الاعتداء على اليونيفيل تحت لافتة مفتعلة دائمة تحت عنوان " تحرك الأهالي" بما يحشر الحكومة والدولة ولبنان الرسمي مع الأمم المتحدة، فيما لا تزال تتصاعد التداعيات الحادة للهجوم الحاد الذي شنه الأمين العام لـ" حزب الله" على السعودية وعاهلها ودول الخليج عموما. وحتى لو انتفى عامل "التخطيط" الاستباقي لهذين التطورين اللذين يحملان كل عوامل الأذى للمصالح اللبنانية فهل ستكون ردة فعل لبنانية رسمية تكون في مستوى التداعيات السلبية لتكرار تعمد الاعتداء على اليونيفيل؟

الموازنة والدورة

بالعودة إلى الواقع السياسي الداخلي، فقد بدا واضحًا ان ما وقف وراء الوعد بالانفراج النسبي الذي دفع الامور إلى توافق رئاسي مفاجئ، ولو في إطار لا يزال يحتاج إلى بعض الوقت لتلمس تفاصيله، هو ان البلاد اقتربت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة من حافة وضع مخيف امام الارتفاعات المخيفة في سعر الدولار وما يشتق منه، ناهيك عن الاضطرابات التصاعدية والمقلقة في الوضع السياسي حيث تحولت السجالات الأخيرة إلى نقطة تفجير محتملة للحكومة وللعلاقات السياسية بين مكوناتها كافة. كما ان عاملا اخر وقف وراء هذا التطور هو ان رئيس الجمهورية بدأ يستشعر الاحراج الكبير ان هو ظل رافضا فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، فيما كانت العريضة النيابية التي كان يجري جمع التواقيع عليها بلغ عدد الموقعين عليها حتى ما قبل اجتماع بعبدا 62 نائبا ولو استمر جمع التواقيع لكان عدد النواب الموقعين سيناهز السبعين وربما اكثر، الامر الذي سيظهر عون في موقع المجبر على الرضوخ لارادة الأكثرية النيابية، ففضل قبول توقيع مرسوم فتحها بالتوافق مع رئيس الحكومة. وكانت "النهار" اشارت أمس إلى ان جهودا بدأت منذ أيام قبل عاصفة خطاب السيد نصرالله من اجل إيجاد تسوية مرحلية للوضع المتجه بقوة نحو متاهات انهيارية جديدة. ويبدو ان ثمة ما تجدد في الكواليس لانضاج تسوية ظرفية تتيح انعقاد مجلس الوزراء انطلاقا من توظيف تطور يتصل بإنجاز مشروع الموازنة يقابله موقف رئاسي مفاجئ من مسألة فتح دورة استثنائية لمجلس النواب. وعلى هذه الخلفية عقد رئيس الجمهورية ميشال عون اجتماعا مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في القصر الجمهوري صباح امس تشاورا خلاله في التطورات على اكثر من صعيد وهو اللقاء الاول بينهما هذه السنة تناول بالدرجة الاولى ملف معاودة جلسات مجلس الوزراء. وبعد اللقاء أعلن ميقاتي انه تم الاتفاق على توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بشكل فوري. وكشف ان الموازنة العامة للعام 2022 باتت جاهزة، وانه فور تسلمه إياها خلال اليومين المقبلين، يصبح من الضروري اجتماع مجلس الوزراء لاقرارها واحالتها على مجلس النواب. كما طمأن انه "سيتم الإفراج عن الاستحقاقات المالية التي كان سبق ووعد بها لموظفي القطاع العام والإدارات العامة".

وتبين ان اللقاء تخلله اتصال برئيس مجلس النواب نبيه بري جرى التداول خلاله بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب. وفهم من أجواء الثنائي الشيعي ان الاتصال الذي تم بين بعبدا وعين التينة كان بمبادرة من ميقاتي وحصر الكلام خلاله بموضوع الدورة الاستثنائية فقط التي سيصدر مرسومها اليوم ولكن لم يتناول الاتصال موضوع الجلسة الحكومية ولم يكن الثنائي الشيعي قد حدد امس موقفا بعد من هذا الامر. واشارت المعطيات إلى الاجواء تقوم على فتح الدورة فعقد جلسة لمجلس الوزراء تتصل حصرا بالموازنة نظرا لأهميتها المفصلية في كل الملفات المالية والاقتصادية والمفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية وفي مقدمها صندوق النقد الدولي.

وافادت مصادر معنية ان ما جرى هو تفاهم مرحلي لا يرقى إلى مستوى التسوية ويتيح تمرير الضروري من ملفات، بحيث يعقد مجلس الوزراء جلسة تخصص لاقرار الموازنة. ومن شأن فتح الدورة الاستثنائية ضمنا عدم توقع تطورات حاسمة في ملاحقة الوزراء السابقين في ملف التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت باعتبار ان هؤلاء سيبقون تحت الحصانة النيابية مع فتح الدورة حتى موعد بدء العقد العادي في آذار المقبل.

الحكومة اللبنانية

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل