نصر من الله

لبنان

مبادرة الرئيس عون الحكومية.. هل تنجح؟
13/12/2018

مبادرة الرئيس عون الحكومية.. هل تنجح؟

ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على عدد من المواضيع الهامة التي جاء في مقدمتها موضوع السعي الى ايجاد مخرج لتأليف الحكومة عبر تنازل رئيس الجمهورية ميشال عون عن حصته لنواب السنة الستة "اللقاء التشاوري" في توزير أحدهم.

"الأخبار": عون يبدأ العمل على حلّ أزمة التشكيل والنتائج خلال يومين

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن التفاؤل عاد مجدداً إلى خط تأليف الحكومة، بعد أن مرّ بسُبات امتدّ لأسابيع. مصدر التفاؤل تحرُّك رئاسة الجمهورية الذي يُتوقع أن ينضج مع عودة رئيس الحكومة المكلف من لندن. علماً أن الرئيس ميشال عون كان قد أكد أمام زواره «بدء العمل على حلحلة أزمة تشكيل الحكومة، على أن تتظهر النتائج في اليومين المقبلين بغية إعادة الأمور إلى استقامتها».

وأضافت "إلى ذلك الحين، عمد الرئيسان، كل من جهته، إلى تهيئة الظروف لإنجاح هذا المسعى، فالتقى رئيس الجمهورية أعضاء اللقاء التشاوري أمس، بعد أن سبق أن التقى وفداً من حزب الله أول من أمس، فيما التقى الحريري بالوزير جبران باسيل على هامش «منتدى الاستثمار اللبناني البريطاني» في لندن".

وتابعت الصحيفة، لم يُطلع رئيس الجمهورية زواره على تفاصيل مبادرته، بل اكتفى بالتذكير بدقة الوضع الاقتصادي، وبضرورة التعاون لإنقاذ البلد. لم يطرح مساراً محدداً للتعاون، إلا أن زواره ردوا بالتأكيد أنّ العقدة أوجدها الرئيس المكلف، وهو من يملك حلها. وأشاروا إلى أنهم ليسوا في موقع تقديم التنازلات، لأنهم لا يملكون شيئاً ليقدموه.

في الحديث عن الرئيس المكلف، أعاد النواب الستة الإشارة إلى أن رفض الحريري لقاءهم يشكل إساءة إلى مقام رئاسة الحكومة لا إلى طالبي الموعد، فاعتبر رئيس الجمهورية، على ما أكد أحد أعضاء الوفد، أن هذا التصرف غير مسؤول.

وبعدما تردد أن خفض عدد الوزراء إلى 18 وزيراً قد يكون حلاً لعدم توزير السنّة المستقلين، جاء موقف هؤلاء ليصرف النظر عن هذا الاقتراح، إذ أكد النائب الوليد سكرية بعد اللقاء أن هذا لا يلغي ضرورة أن يتمثل اللقاء التشاوري بوزير من أربعة «ونحن نصرّ على موقفنا ولن نلغي أنفسنا». وقال الوزير علي حسن خليل إن هذا الأمر لم يُطرح على الرئيس نبيه بري، وهو يُشكل عودة إلى الوراء.

في المقابل، كان الرئيس نبيه بري يعبّر عن أمله بأن تنتهي المشاورات والاتصالات الجارية التي يقوم بها رئيس الجمهورية إلى تأليف الحكومة قريباً. وجدد التأكيد، في «لقاء الأربعاء»، أننا «في حاجة إلى حكومة منسجمة ومتآلفة للقيام بمسؤولياتها تجاه الاستحقاقات الكثيرة التي نواجهها على الصعد كافة». وأضاف: «إن هناك أفكاراً عديدة تُطرح على صعيد عدد أعضاء الحكومة لتوفير العناصر التي تساعد على ولادتها وتجاوز العقد التي تواجهها حتى الآن».

وإلى أن يتضح مصير المبادرة التي يقوم بها رئيس الجمهورية، فإن أحداً لا يراهن على حلول من خارج السياق الذي لطالما كان حاضراً منذ بروز أزمة تمثيل السُّنة المستقلين. فالحل لا يزال واحداً من ثلاثة: إما أن يتراجع النواب المستقلون عن مطلبهم، وهذا غير وارد، وإما أن يتراجع الحريري عن رفضه توزيرهم، وهذا بدوره غير وارد، وإما أن يتنازل رئيس الجمهورية عن مقعد من حصته، وهو ما لمّح عون إليه أكثر من مرة على مدى الأسابيع الماضية، قبل أن يصطدم الساعون إلى الحل بتمسّك الوزير جبران باسيل بـ11 وزيراً للتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية. وفي هذا الإطار، أكّد باسيل أمس، في تصريح لقناة «أم تي في»، أن تمسكه بـ11 وزيراً لا ينبع من سعي إلى الحصول على الثلث المعطل، لأن «الحُكم ما بدو ثلث معطل، بل المعارضة هي التي تسعى عادة إلى الثلث المعطل»، بل ينبع من كونه حقاً لتكتّله. وفيما وجد الوزير غطاس خوري في كلام باسيل إيجابية يمكن التعويل عليها في طريق الحل، عاد باسيل وأكد أن لا تراجع عن حصة من 11 وزيراً. حسب الأخبار.

"النهار": التعطيل يحاصر تحرك عون بعد الحريري

بدورها صحيفة "النهار"، أخذت تقول: لم تكفل تطورات اليوم الثالث من التحرك الرئاسي الجديد لكسر استعصاء ازمة تأليف الحكومة المعطيات السلبية المتحكمة بهذه الازمة، الامر الذي احبط الآمال في امكان انجاز الولادة الحكومية وتقديمها هدية عيدي الميلاد ورأس السنة الى اللبنانيين. بل ان ما برز بوضوح في اليومين الاخيرين من هذا التحرك بدا بمثابة تأكيد للمخاوف من ان قوى التعطيل لا تأخذ في الاعتبار التطورات الضاغطة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية لابداء مرونة حيال أي مبادرة أو تحرك بما يعكس ثبات قرار التعطيل والتعقيد حتى اشعار آخر. كما ان مجريات الايام الاخيرة أبرزت مفارقة جديدة تمثلت في انتقال لعبة تفخيخ طريق تأليف الحكومة من المسار الذي يتولاه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الى مسار التحرك الذي يتولاه الرئيس عون منذ أيام.

وأضافت: وقد عكست تصريحات النائبين الوليد سكرية وفيصل كرامي عقب استقبال الرئيس عون نواب "اللقاء التشاوري " أمس تصلباً واضحاً حيال اقتراحات التسوية التي يمكن ان تفتح مسارب الحل، اذ أوضح سكرية "انه لا يبدو حتى الآن ان هناك حلاً لان الرئيس المكلف لا يزال مصراً على موقفه وهو مصمم على ان يحتكر تيار المستقبل تمثيل الطائفة السنية كليا". وشدد على "اننا مصممون على موقفنا بتمثيل وزير من النواب الستة". كذلك قال النائب كرامي إن الرئيس عون "لم يطرح علينا أي صيغة نستطيع ان نسميها مبادرة لحل الازمة".

ونفت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية ان تكون الابواب قد أقفلت بعد الموقف الذي عبّر عنه النائب وليد سكرية باسم وفد "اللقاء التشاوري" والذي تمسك من خلاله بتمثيل أحد نواب السنة الستة في الحكومة. وأكدت المصادر ان المبادرة الرئاسية لا تزال قائمة وان هناك وقتاً اضافياً لمزيد من الاتصالات والمتابعة. وكشفت ان مشاورات ستجري في اليومين المقبلين بعيداً من الاضواء. وعلم ان الرئيس عون سيعقد اليوم لقاءات مرتبطة بالحكومة انما ليست مرتبطه بالعقدة الحكومية. وأفادت انه بعد لقاءات الرئيس عون مع الرئيس المكلف ووفد "حزب الله" و النواب السنة في "اللقاء التشاوري"، اصبحت كل الاراء واضحة، على ان تقويماً سيجري لها للانتقال الى الخطوة التالية. وأشارت الى انه بعد عودة الرئيس الحريري من الخارج سيحصل هذا التقويم وبعد ذلك يبنى على الشيء مقتضاه. حسب الصحيفة.

"الجمهورية": الرئيس عون يَتفهم مطالب النّواب السنّة الستة وحقّهم في التمثيل

من ناحيتها، اعتبرت صحيفة الجمهورية أنه على الرغم من الحيوية التي يجري ضخّها على خط المشاورات السياسية التي بدأها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتَلمّس الطريق الى الحكومة الضائعة، فإنّ عربة التأليف لم توضع بعد خلف الحصان الذي يقودها الى غرفة الولادة، خصوصاً انّ هذه العربة قد أُثقلت بمجموعة من الأفكار والاقتراحات التي فرملت عجلاتها، ولم يظهر من بينها ما هو صالح لوضع الحصان أمام العربة ودفعه نحو الحل الحكومي.

وأضافت، اذا كان رئيس الجمهورية قد ألزم نفسه بإيجاد مخرج للعقدة الحكومية من خلال هذه المشاورات، مُعلناً صراحة أمس أنّ نتائج مسعاه ستظهر خلال اليومين المقبلين، فإنّ خلاصة ما انتهت اليه اللقاءات الرئاسية لا توحي بأنّ الدخان الابيض سيتصاعد من مدخنة القصر الجمهوري، بل بالعكس، حَلّ بدلاً منه دخان داكن، يؤكد انّ المشاورات التي تبحث عن فرصة لاستيلاد الحكومة، سبق أن ضُيّعت لنحو 7 اشهر، لم تلتقط بعد طرف الخيط المؤدي الى حل وسط مقبول من قبل الجميع، يُفرج عن الحكومة ويفك العقدة السنية المستحكمة في طريقها، بل ما زالت بعيدة عنه، وتراوح في المنطقة السلبية.

وسط هذا الجو القاتم، يبدو أنّ رئيس الجمهورية، وكما يقول مطّلعون على أجواء التحرّك الرئاسي الأخير، يراهن على بلوغ حسم إيجابي للفرصة الاخيرة التي تشكلها مشاوراته.

ومن هنا جاء إعلانه امس، انّ النتائج ستظهر خلال اليومين المقبلين، مُرفقاً، وبحسب ما نقل زوّاره، بدعوة مباشرة الى تنازلات من قبل الجميع بقوله انّ لبنان يستأهل التضحية، والتضحية للوطن ليست تنازلاً».

واللافت للانتباه انّ ما نقل عن رئيس الجمهورية تزامَنَ مع موقف لافت لوزير الخارجية جبران باسيل من بريطانيا، أكد فيه عدم التمسّك بالثلث المعطّل بل بحصة «التيار الوطني الحر» مع الحصة الرئاسية، أي ١١ وزيراً.

وبحسب هؤلاء الزوار، فإنّ رئيس الجمهورية، الذي سيتابع مشاوراته في اليومين المقبلين، في انتظار أن يستكملها في لقاء آخر مع الرئيس المكلف سعد الحريري بعد عودته من لندن نهاية الاسبوع، يشدّد على أن يتجاوب الجميع مع مبادرته التي أطلقها، لأنّ فشلها قد يترتّب عليه سلبيات إضافية على لبنان.

ومن هنا قد لا يكون أمام رئيس الجمهورية، في موازاة هذا الفشل، سوى أن يُبادر الى خيار وحيد، ليس العودة الى محاولة إلقاء الكرة في اتجاه المجلس النيابي عبر رسالة يُوجّهها إليه، كمثل التي كان في صددها، بل في توجيه رسالة الى اللبنانيين ومصارحتهم حيال العقدة الحكومية، وبعدها ليتحمّل كل طرف مسؤوليته.

وعلى الرغم من التكتّم الذي يحيط الافكار التي تطرح في المشاورات الرئاسية، الّا انّ بعض المعلومات كشفت انّ بعض تلك الافكار تجاوزت الصيغة الحكومية المطروحة حالياً، بما يعني انه طالما انّ الرئيس المكلّف قد رفضَ اقتراح رَفع الحكومة الى 32 وزيراً، فيمكن الذهاب نحو سياقات أخرى تتجاوز الحكومة الثلاثينية، أي يمكن الذهاب الى حكومة مصغّرة من 14 وزيراً، أو من 18، أو من 24.

وبحسب مصادر معنية بملف التأليف، فإنّ الصيَغ التي طرحت لـ«تصغير» الحكومة يمكن القول إنها سقطت، فضلاً عن انّ تعدّد الافكار والطروحات أعطى إشارة سلبية عن المشاورات الرئاسية، تفيد بأن ليس هناك فكرة محددة لها الثقل المطلوب، يجري تسويقها من خلال المشاورات، بل هناك أفكار عشوائية، ليست مبنية على أساس صلب، ولا تستبطن أيّ منها قدرة إقناع الاطراف المعنية بالحكومة، بها.

بل هي أفكار من شأنها أن تُعيد الامور الى الوراء، بحيث قد نكون في مشكل معيّن فنصبح امام مشكلة اخرى، إذ انّ العودة الى طرح حكومة أقل من 30 وزيراً، تعني إعادة التأليف مجدداً الى المربّع الاول وفتح بازار الحصص والاحجام، الذي ليس مستبعداً أن يُفتح على مطالبات جديدة ومراجعة جديدة للأحجام، وعلى نقاش يبدأ ولا يعرف كيف سينتهي.

وبينما كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يعبّر عن تفاؤل حَذِر حيال إمكانية بلوغ حل للعقدة الحكومية في القريب العاجل، آثر «حزب الله» الصمت حيال ما جرى في لقاء وفده مع رئيس الجمهورية، تاركاً المجال، كما قالت مصادره لـ«الجمهورية»، «لنرى ما ستنتهي اليه جهود الرئيس ميشال عون، التي نأمل أن تنجح بما يقود الى حكومة وحدة وطنية تضم جميع الاطراف في صفوفها، وتحترم نتائج الانتخابات النيابية».

فيما استبقَ نواب اللقاء التشاوري لقاءهم مع رئيس الجمهورية بتأكيد تمسّكهم بتمثيلهم مباشرة عبر واحد منهم في الحكومة، وليس عبر شخص يختارونه، لأنّ في هذه الموافقة انتحاراً لهم وإلغاء لكيانهم وخيانة للناس الذين منحوهم ثقتهم. وبالتالي، هم ليسوا في وارد إلغاء أنفسهم.

وتفيد المصادر انّ الرئيس عون تناولَ الملف الحكومي، مُعرباً عن تَفهّمه لمطالب النواب السنّة وحقهم في التمثيل، وبَدا مستغرباً كيف انّ الرئيس المكلف لم يستقبلهم، وتوجّه إليهم قائلاً ما مفاده: «ها أنا أرسلتُ في طلبكم لأسمع ما لديكم».

ومن ثم قدّم عرضاً للضغوطات التي يعانيها لبنان، مشدداً على انّ الحكومة باتت ضرورة والوضع لم يعد يحتمل أي تأخير، لأنّ الوضع لا يُستهان به لا محلياً ولا خارجياً وعلى كل المستويات.

إقرأ المزيد في: لبنان