لبنان
مؤتمر التدريب المهني المعجل في لبنان.. التحديات وآفاق فرص العمل
بدأت الثلاثاء أعمال مؤتمر التدريب المهني المعجل في لبنان الذي تقيمه جمعية مؤسسة جهاد البناء بالتعاون مع المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق حيث تمحورت الجلسة الأولى حول التدريب المهني والحرفي وتكييف الرؤية والدور مع وضع الأزمة.
استهلت أعمال الجلسات بكلمة مقتضبة لمدير العلاقات العامة والاعلام في المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور محمد الخليل حيث قدّم عناوين الجلسات التي ستعقد على مدى يومين متتاليين يليها توصيات مستخلصة من الجلسات التي ستوجه مسار التدريب المهني والحرفي.
فضل الله: التدريب المهني ليس بديلًا عن التنمية
وترأس الجلسة الأولى رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور عبد الحليم فضل الله والتي كانت تحت عنوان تكييف الرؤية والدور مع وضع الازمة.
وحول السياسات الرسمية للتدريب المهني المعجل في لبنان والقوانين المتبعة، تحدث الأستاذ فاروق الحركة نيابة عن مدير عام مديرية التعليم المهني والتقني الدكتورة هنادي بري معتبرًا أنَّ التعليم المهني والتقني هو أساس للحركة التربوية المعاصرة، فمن خلاله يتمكن المجتمع المعاصر من تنمية موارده البشرية ويزود الناس بالمهارات القابلة للتطبيق (بالكفاية).
كما أكَّد أهمية التدريب المهني ومدى تأثيره في سياسات الاستخدام وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد شرح الأستاذ الحركة عن ان إدارة الجودة لم تعد تقتصر على ضمان جودة السلع في المؤسسات الصناعية بل تعدتها إلى قطاع الخدمات بما في ذلك قطاع التعليم.
وأشار الحركة إلى أنَّ المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وغيرها تطبق اليوم إدارة الجودة وضمانها بشكل واسع، مضيفًا "وتبرز أهمية الجودة في مناهجها لتحقيق مخرجات كل منهاج للغرض المقصود منه. وتتصدر عبارة "الملائمة للغرض" كل صفحة من صفحات برامجها التعليمية ونذكر على سبيل المثال دليل اعتماد الطرق التحليلية فالمشكلة الرئيسية التي تعاني منها مؤسساتنا التعليمية والتدريبية هي ضعف إدارة الجودة لديها بسبب عدم وجود نظام فعال قادر على ضبط العملية التعليمية".
وعن التحديات الرئيسية، أوضح أنَّ أسواق العمل بحاجة الى اشخاص مؤهلين يمتلكون تعليمًا وتدريبًا ملائمًا لاحتياجاتها. فيما أكدت الدكتورة بري أنَّه يوجد فرص متاحة ونقاط مشجعة من خلال تطوير المناهج على أسس المقاربة بالكفايات والاستعداد التام والجاد لأرباب العمل بالمشاركة في تدريب طلاب التعليم المهني والتقني كما ان الاتحاد الأوربي والمنظمات الدولية مستعدة للدعم.
وأضافت: "كما أن العمل مع الجهات المختصة لمنع تشغيل مهنيين من غير الحائزين على شهادة مهنية معترف بها. وهذا يتطلب تشخيص الوضع الراهن وتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف والإجراءات المطلوب اتخاذها لمعالجة نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة".
من جهته، قال مدير عام وزارة الشؤون الاجتماعية القاضي عبد الله أحمد: "أثر التدريب المهني في الحد من الفقر وخفض معدلات البطالة، فالتدريب رغم انه تطبيقي الا انه جزء من العلم وهو يرفع من مستوى المجتمع من خلال محاربة الفقر وينمي المجتمع ويقدّم نموذجاً أفضل ولذلك لا بد من تنظيم موضوع التدريب المعجل من خلال شهادات وتطوير قدر الإمكان المهارات لتسهيل الدخول في سوق العمل المتاح".
وشدَّد على أنَّه "يجب تسهيل التدريب المهني والتقني المعجل من خلال إيجاد مراكز تستهدف الأسر وبأسعار تشجع على القيام بدورات وبصورة خاصة للعوائل الأكثر فقرًا والحد من البطالة في المجتمع اللبناني".
بدوره، رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور عبد الحليم فضل الله اعتبر أنه لا يمكن مقاربة التدريب المهني المعجل بمعزل عن الأزمة الراهنة التي طرأت على البلاد وانه من الضروري إيجاد وخلق فرص عمل وقد تبيّن وجود تغيير في الأولويات وذلك ما قبل الازمة التي حصلت في لبنان.
ورأى أنَّ التدريب المهني ليس بديلًا عن التنمية لكنه مرتبط بإنتاجية ضعيفة .ويمكن ملاحظة انه في الوضع الحالي يجب التعامل مع مشاكل التسرب المدرسي والظواهر المماثلة وعليه يجب تأسيس سياسات جديدة على المستوى التدريب المهني، وبيَّن أنَّه يجب العمل على تكييف خبرات ومهارات القادمين الى سوق العمل، وأنَّ تداول التجارب ودور الاعلام مهم جدًا وضرورة بناء المعرفة في الأزمة الحالية يساهم في تحديد الوظائف وسوق العمل.
من جانبه، رئيس بلدية الغبيري معن الخليل لفت إلى التجربة الواقعية للبلديات ودورها في مواكبة التدريب المهني وبصورة خاصة تجربة بلدية الغبيري وما قامت به من أعمال ودورات تدريبية تساهم في رفع مستوى الفرد وذلك بالنظر الى حاجة السوق والحاجة الماسة للوضع الاجتماعي الموجود في البيئة التي نعيش فيها.
وأضاف الخليل: "وكان العمل على ضرورة دراسة نوعية وتشعب الاختصاصات وسرعة الدخول الى سوق العمل كما ان تمكين المعرفة وتطوير المهارات لأهل الاختصاص لأجل تحقيق الخبرة العملية السريعة. كما قامت بلدية الغبيري من خلال موقعها على تقديم تدريب مهني معجل في اختصاصات جديدة تواكب الحداثة والتطور".
وحول المنظمات الغير حكومية في التنمية ومراجعة الأداء على ضوء الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، أوضح رئيس تحرير مجلة الحقول علي نصار أنَّ المنظمات الغير حكومية تهتم كثيراً بالتنمية إلا أنَّه لا يوجد برامج تنموية واضحة وان هذه المنظمات لا تقدم أي نموذج تنموي بديل ولا تهتم بإعادة توزيع الثروة.
وأكَّد نصار أنَّ المنظمات الغير حكومية لا تعالج القضايا الرئيسية فالتنمية الحقيقية مقرونة بحراك الدولة.
وتجدر الإشارة حسب الأستاذ نصار ان أكثر الدعم والتمويل يذهب الى الجامعة الأميركية ومن تختاره الولايات المتحدة الأميركية تحت عنوان "NGOs".
عميس: يجب تفعيل الرقابة على القطاع الخاص
الجلسة الثانية تمحورت حول مستلزمات تطوير الاختصاصات في خدمة أهداف سوق العمل، وأشار مدير معهد الإمداد المهني والتقني بالتكليف غسان عميس إلى أنَّه "نظراً لما يشكّله التعليم المهني والتقني في الوقت الراهن من أهمية على الصعيد التربوي في لبنان بحيث أنه يُعد مدماكًا أساسيًا هامًا تعتمد عليه الدول وخاصة الدول الصناعية المتقدمة".
ولفت عميس إلى أنَّه "أن الأهداف العامة للتعليم المهني والتقني تتلخص فيما يلي:
- إعداد طالب منتج وبالتالي تأمين فرص عمل والتخفيف من نسب البطالة.
- تلبية حاجات سوق العمل عبر مدّها بالخبرات الفنية والعلمية المتطورة.
- تأمين الفرص لكل مواطن للتدرب على أية مهنة عبر إجراء دورات تدريبية سريعة وممنهجة وبالتالي تحسين أداء العاملين في سوق العمل".
وأكَّد أنَّه "لذلك كان لا بد من طرح هذه الرؤية لتنظيم القطاع الخاص في التدريب المهني المعجل للمضي قُدُمًا نحو الأفضل".
ورأى عميس أنَّه لإنجاح أي عملٍ لا بد من تفعيل الرقابة على القطاع الخاص إن لجهة تأمين مستلزمات التدريب من تجهيزات ومدربين ومن جهة أخرى الالتزام بالمناهج المحددة والمدة الزمنية المرصودة لتطبيق المناهج ومواكبة التطور.
عبد الله: التي لا يمكن الاستغناء عن الاحصاءات
أما الجلسة الثالثة فكانت حول العناصر المساهمة لنجاح العملية التدريبية، وركَّز رئيس مصلحة التدريب والتكنولوجيا في إدارة الإحصاء المركزي الدكتور زياد عبد الله على أهمية الإحصاء الرسمي وغير الرسمي في تطوير التدريب المهني والحرفي المعجل في لبنان.
وقال: "تعتبر الاحصاءات الرسمية من العناصر الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في نظم المعلومات لمجتمعات الديموقراطية، فهي تخدم الحكومات والجمهور بالبيانات التي يمكن أن تساعدهم على فهم واتخاذ القرارات حول الاقتصاد والسكان والمجتمع والبيئة".
وأشار إلى أنَّه "يعد في هذا الإطار تحسين إدارة الإنتاج الاحصائي والانتاج والاطار القانوني أمرًا أساسيًا لإنتاج إحصائيات عالية الجودة وأولوية للعديد من البلدان، ومن بين الشروط الأساساية المسبقة لتنفيذ هذه المهمة هو توفر قانون قوي يؤطر أنشطة الأنظمة الإحصائية من حيث ضمان استقلالها ونزاهتها ومساءلتها وجودة انتاج بياناتها، والإضافة إلى احترام السرية الإحصائية".
وأوصى عبد الله بتعزيز دور الاحصاء المركزي من خلال الاشراف على الوزارات والمؤسسات العامة في المجال الاحصائي، وتدريب العاملين في القطاع العام من متخصصين في إدارة الاحصاء المركزي.
ولفت إلى أنَّه بالإضافة إلى نشر الثقافة الاحصائية، وإعطاء أهمية لموضوع الإحصاء الرسمي في تطوير التدريب المهني والحرفي المعجل في لبنان.
وكان للإعلامية اليسار الحاج يوسف مداخلة تحت عنوان تعزيز النظرة حول التدريب المهني المعجل عبر المواكبة الإعلامية، فقالت: "لم يعزز الإعلام حضور المهن، المثال الأول على ذلك غياب الترويج لقيمة المهنة حتى في مواكبة الإمتحانات الرسمية فيما يأخذ الجانب الأكاديمي حيزا مهما في الاعلام".
واعتبرت أنَّه "ينحصر حضور المهن إعلاميا بالحديث عن المطالب المادية وغيرها، فيما يغيب الإعلام عن الحديث عن المهن وتعريف بعض النقابات وعملها وغير ذلك".
وأشارت الحاج يوسف إلى أنَّ على الإعلام تعزيز الوعي والثقافة لأهمية المهن وتصحيح النظرة السائدة، والتركيز على احتياجات سوق العمل والحديث عن المهن التي يحتاجها، ووضع برامج تربوية تصب في الحاجة الى المهن وتروج لها، والتعريف بالمدارس المهنية في برامج مخصصة والتسويق لها وربطها بالتعليم العالي.
فرص العملجهاد البناءمعن الخليل
إقرأ المزيد في: لبنان
09/11/2024