معركة أولي البأس

لبنان

ميقاتي يستعد لدعوة الحكومة نهاية الأسبوع.. وعون ينتظر لقاء احتفال الفياضية
20/11/2021

ميقاتي يستعد لدعوة الحكومة نهاية الأسبوع.. وعون ينتظر لقاء احتفال الفياضية

تناولت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بعض أجواء التفاؤل التي بثها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وإبلاغه رئيس الجمهورية أنه سيدعو لجلسة حكومية نهاية الأسبوع، إلا أن هذا الحديث بقي في دائرة الكلام بانتظار لقاء رئاسي في الفياضية يوم عيد الاستقلال الاثنين المقبل، وعلى ضوئه يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في موضوع الأزمة الحكومية ومتعلقاتها على أكثر من مستوى.
ويأتي هذا الكلام في وقت تزداد فيه أزمات اللبنانيين، لا سيما بعد القرارات الأخيرة بترشيد ورفع الدعم عن كميات جديدة من الأدوية، لا سيما أدوية الأمراض المستعصية وحليب الأطفال، ما يهدد الأمن الصحي للمواطن، والذي يزيد الطين بلّة ارتفاع نسبة الإصابات بفيروس كورونا.

 

"البناء": ميقاتي يستعد لدعوة الحكومة نهاية الأسبوع المقبل
الهم اللبناني الأول يرتبط بالجواب عن سؤال بعيد من قضايا السياسة، وعنوانه مصير أسعار الأدوية بعد رفع الدعم عنها، فعلى رغم ما أعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن إعادة العمل بدعم الأدوية المستعصية بصورة كلية ودعم جزئي للأدوية المزمنة، بقي الأمر عالقاً عند حاكم مصرف لبنان الذي يبدو منشغلاً بانتزاع براءته من التهم التي يواجهها بالإثراء غير المشروع واستغلال الوظيفة العامة، والتي تثار أمام القضاء في أكثر من دولة أوروبية، ولا يبدو أن نفي سلامة عبر تقرير محاسبي لعلاقة ثروته بأموال تعود لمصرف لبنان كان كافياً لإقناعها، في ظل الأسئلة عن مصدر الأموال التي اعترف بها سلامة كمصدر لزيادة ثروته، وما مدى صلتها بالمعلومات والعلاقات التي يوفرها منصبه، وبمجال عمله كحاكم للمصرف المركزي؟

في الشأن الدوائي قالت مصادر متابعة لملف الدواء أن عودة الدعم سيكون بلا جدوى ومصدراً لأرباح الاحتكار، ما لم يتم تفعيل المكتب الوطني للدواء الذي نجح محتكرو سوق الدواء بتجميده لعقود، وحصر الدعم به بعد تفعيله وتفويضه شراء الأدوية وتزويد المستشفيات والصيدليات بها. وكانت لجنة الصحة النيابية قد أثارت ملف الدعم والمكتب الوطني للدواء مع الرئيس ميقاتي، من دون الوصول إلى أجوبة نهائية في ظل موقف وزير الصحة الرافض لتفعيل المركز الوطني للدواء.

في الملف القضائي تتزاحم القضايا التي تنتهي بالدعوة لكف يد القاضي طارق بيطار أو الحد من سلطاته الاستنسابية، فإضافة لدعوى مخاصمة الدولة المقدمة من رئيس الحكومة السابق حسان دياب، والتي تنتهي بطلب منع بيطار من مواصلة ملاحقة الرؤساء والوزراء على قاعدة التسليم بحصرية الملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وقد بدأت الهيئة العامة لمحكمة التمييز النظر بها، تحدثت معلومات أروقة قصر العدل عن توجه لجنة أهالي شهداء وضحايا المرفأ للتقدم بدعوى تنحية القاضي بيطار بعد سحب الوكالة التي قدمتها اللجنة لنقابة المحامين، وتموضع النقابة وراء بيطار.

في الشأن الحكومي تؤكد مصار متابعة لـ»البناء» أن ثمة تحركاً يتمثل بالرغبة المشتركة لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقيادة ثنائي حركة أمل وحزب الله وقيادة تيار المردة، تسهيل التوصل لحل يسمح بانعقاد الحكومة، على قاعدة التفهم المتبادل من قبل كل من الفريقين لمواقف وحسابات والظروف المحيطة بمواقف الآخر، وحاجة البلد لعودة الحكومة للانعقاد، لكن هذه الرغبة التي تشكل الأساس في البحث عن مخارج تلبي الحد الأدنى المطلوب لتجاوز التعقيدات التي تسببت بالأزمة الحكومية، لم تتبلور بعد بصيغ واضحة تتيح تخطي العقد القائمة، فالمخارج المتداولة للملف القضائي لا تزال دون الحد الأدنى المطلوب للحل، كما تقول مصادر الثنائي والمردة، بينما يستمر السعي لبلورة مخارج مناسبة، فيما تؤكد مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي أن لديه معطيات أكثر ترجيحاً للوصول إلى الحل تفسر كلامه عن الدعوة لاجتماع قريب للحكومة، يتوقع أن يكون نهاية الأسبوع المقبل، بعد الزيارات الخارجية التي يقوم بها وعودة رئيس الجمهورية من قطر.

وفيما دخلت البلاد عطلتي نهاية الأسبوع والعيد الثامن والسبعين للاستقلال في ظلّ مراوحة الأزمات السياسية والقضائية والدبلوماسية والاقتصادية مكانها، برز بصيص أمل تمثل بإعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه سيدعو قريباً إلى جلسة لمجلس الوزراء وأنه أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون بذلك خلال لقاء جمعهما أمس. لكن لم يُعرف على ماذا يستند ميقاتي من معطيات ومستجدات جديدة لدعوته تلك! طالما أن موقف وزير الإعلام جورج قرداحي وكذلك موقف حزب الله لم يتغيّرا لمصلحة خيار الاستقالة، كما أن موقف ثنائي أمل وحزب الله لا يزال على حاله لجهة أزمة تنحّي المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، علماً أن هناك تفاهماً ضمنياً بين رئيسي الجمهورية والحكومة على عدم الدعوة إلى جلسة حكومية قبل إيجاد المخرج الملائم الذي يرضي «الثنائي» للحؤول دون انفجار الحكومة من داخلها. مع الإشارة إلى أن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أعاد التأكيد أمس وبعد كلام ميقاتي على أننا «مع عودة الحكومة اللبنانية إلى الاجتماعات، بعد معالجة أسباب توقف الاجتماع». وأضاف الشيخ قاسم: «مشهد القضاء في لبنان هو مشهد غير صحي، ليست له علاقة لا بحادثة ولا بقاضٍ، له ‏علاقة بمنظومة قضائية كاملة تتداخل بطريقة غير عادية، يجب إعادة النظر وإيجاد حلّ وإلا ‏الواقع القضائي غير صحيح».

في المقابل يعوّل ميقاتي بحسب ما تشير مصادره على اللقاء الرئاسي في عيد الاستقلال الاثنين المقبل الذي سيجمع رئيسي الجمهورية والحكومة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وعلى المشاورات التي ستعقد على هامشه والتي من الممكن أن تؤدّي إلى تفاهم جرى التمهيد له خلال جولة ميقاتي على بعبدا وعين التينة واجتماعه بكلّ من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ثم مع الوزير قرداحي، ما يفتح الطريق إلى الاتفاق على قضيتي بيطار وقرداحي لعودة الحكومة إلى الانعقاد».

وسرت معلومات أن الاتفاق سيتضمّن تسوية لأزمتي العلاقة مع السعودية وتحقيقات مرفأ بيروت تحتوي التصعيد مع الخليج وتنفس الاحتقان بين أطراف الخلاف في الداخل، وبهذه الجلسة تتمّ استقالة قرداحي، في مقابل أن يرسل مجلس الوزراء كتاباً إلى مجلس النواب يطلب فيه «السهر على تطبيق القوانين في ما يعود إلى القضاء». ويقرّر المجلس النيابي بعد دراسة الكتاب تشكيل «لجنة تحقيق برلمانية» في قضية انفجار المرفأ على أن ترسل نتائج التحقيق إلى مجلس القضاء الأعلى الذي يستدعي البيطار ويضعه في جو ما توصّلت إليه اللجنة النيابية من نتائج وخلاصات وقد يضمّها أو لا يضمّها إلى تحقيقاته. إلا أن مصادر مطلعة على المشاورات القائمة لفتت لـ»البناء» إلى أن «هذه المخارج التي يجري البحث بها ما زالت في طور الأفكار ولم تنضج ولم تكتمل بعد ولم تتحول إلى حل جدي كامل وتحتاج إلى الكثير من الدرس والتصويب». وعن خلفيات إعلان ميقاتي عن أنه سيدعو إلى جلسة قريباً، أوضحت المصادر أنه قد يكون استند إلى تقدم في البحث بمخارج سياسية دستورية تشمل الأزمتين معاً يعمل الرئيس بري على إنضاجها». إلا أن أوساط الثنائي أمل وحزب الله كررت التأكيد لـ»البناء» أن عودة وزراء أمل وحزب الله والمردة إلى مجلس الوزراء مرهونة بإزالة الأسباب التي عطلت انعقاد مجلس الوزراء، أي تصويب مسار التحقيقات في تفجير المرفأ بعدما خالف بيطار إلى حدٍ كبير الأصول الدستورية والقانونية وغرق في مستنقع التسييس»، مضيفة: «لم نعلم أو نتبلغ بأي جديد على هذا الصعيد لا سيما أن ميقاتي يرفض أي حل لأزمة البيطار في مجلس الوزراء انطلاقاً من فصل السلطات وعدم التدخل في السلطة القضائية، ونحن لم نوافق على أي مخرج لا يؤمن تصحيح ملف تحقيقات المرفأ وإنصاف أهالي الشهداء والجرحى والمتضررين».

وفي هذا السياق وجه المتحدث باسم أهالي ضحايا انفجار المرفأ إبراهيم حطيط، رسالة إنذار للقاضي بيطار فقال: «أمهلنا المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وندعو لاستكمال الاستدعاءات من رؤساء حاليين وسابقين ووزراء حاليين وسابقين ونخص بمطلبنا استدعاء رؤساء الأجهزة القضائية والأمنية، ولحد الآن لم يأتينا أي رد من القاضي، ونحن مجبرون للذهاب إلى التصعيد ونقول لبيطار: انتظرناك بما فيه الكفاية وسنذهب إلى إجراءات قانونية توصلنا إلى حقنا».

وتشير أوساط بعبدا إلى اتصالات حصلت بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع مسؤولين إيرانيين وسعوديين ستساهم في حل الأزمة وترطيب الأجواء مع المملكة، بالتالي على لبنان مواكبة حركة الاتصالات الخارجية بتفعيل عمل مجلس الوزراء». ونقلت الأوساط عن عون إشارته إلى ضرورة انعقاد الحكومة انطلاقاً من حرصه على الاستقرار العام ومعالجة الأزمات الحياتية والوقت لا يسمح بترف التعطيل.

وأفيد أن الدعوة ستكون أواخر الأسبوع المقبل بأبعد تقدير، وأن أول جلسة للمجلس ستنعقد بعد عودة الرئيس عون من زيارته إلى قطر.

 إلا أن مصادر «البناء» تساءلت عن «قدرة الداخل على حل الأزمة الداخلية التي أصبحت في مكان آخر يبدأ بمأزق السعودية في اليمن مع اقتراب سقوط مأرب والحديدة ووصول أنصار الله إلى باب المندب وقدرتهم على وقف الحركة التجارية البحرية للمملكة في هذا الممر الحيوي، ولا تنتهي بمسار الحوارات الجارية بين طهران والرياض من جهة وبين إيران والأميركيين حول الملف النووي الإيراني من جهة ثانية، إلى جانب الانفتاح الخليجي على سورية. إلا إذا كان ميقاتي سيدعو إلى جلسة على سبيل اختبار النيات والمواقف أو إحراج «الثنائي» ورمي كرة المسؤولية في ملعبهما لجهة تعطيل الجلسات وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية». وتساءلت المصادر ماذا لو قاطع ثلاثي أمل وحزب الله والمردة ومعهم وزراء آخرين الجلسة؟ هل تنعقد؟ لكن مصادر ميقاتي تؤكد بأن الدعوة لا تستهدف أي مكون من الحكومة بل هي لحث الجميع على حل الأزمة بسرعة.

وكان ميقاتي قال بعد لقائه عون: «بات هناك أكثر من 100 بند على جدول أعمال مجلس الوزراء ما يقتضي الدعوة إلى عقد جلسة قريباً لتسيير أمور الدولة، إضافة إلى ضرورة الإسراع في إقرار الموازنة العامة وإحالتها إلى مجلس النواب لدرسها وإقرارها بالتوازي مع إقرار الإصلاحات المطلوبة لمواكبة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي». وأوضح أن «لا خيار لنا إلا التوجّه إلى صندوق النقد الدولي، وقد تستغرق المفاوضات معه وقتاً إضافياً يتعدّى نهاية العام الحالي، ولكن من خلال صندوق النقد يحظى لبنان بما أسمّيه إشارة معينة لكل الدول بأن لبنان قابل للتعافي ويجب دعمه». وتابع: «كل العالم لا يريد للبنان أن يسقط ومستعد لمساعدتنا، وعندما أقول العالم، فأنا أقصد أيضاً الدول العربية، وعلينا أن نقوم بالعمل المطلوب».

من جهته، أكد عون استمراره في العمل من أجل النهوض بلبنان من الصعاب العديدة والظروف القاسية التي يجتازها، آملاً بأن تكون السنة الأخيرة من ولايته بداية النهوض الفعلي والانطلاق في مسيرة التعافي. وأشار إلى أن «لبنان ينشد دائماً أفضل العلاقات مع الدول العربية ولا سيما دول الخليج العربي ونأمل بأن تتم سريعاً معالجة ما أدى إلى إشكالية معها ومن المهم ألّا تتأذى مصالح الشعب اللبناني، على الرغم من الأمور السلبية التي اعترضتنا، لن نيأس وسنخرج بشكل أقوى، ونتيجة الانتخابات المقبلة ستظهر من يريد المتابعة في خط الإنقاذ ومن يريد معاكسة ذلك». ورأى أن «الظروف القاسية أفقدت عيد الاستقلال بهجته وعلينا أن نعيش معانيه والإرادة حاضرة لإعادة إعمار كل ما تهدم».

وكان عون تلقى برقية تهنئة بعيد الاستقلال من الرئيس الأميركي جو بايدن أكد خلالها وقوف بلاده إلى جانب الشعب اللبناني، لا سيما في الوقت الذي يواجه فيه تحديات معاصرة. وأثنى بايدن على علاقات الشراكة التاريخية القائمة بين البلدين.

وفي مناسبة الاستقلال أكد قائد الجيش العماد جوزف عون خلال «أمر اليوم» للعسكريين أن «ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي بالمؤسسة العسكرية هي النتيجة الحتمية لأدائكم وتضحياتكم وجهودكم في وأد الفتن والحفاظ على السلم الأهلي، لأنكم على مسافة واحدة من كلّ الأفرقاء، وتشكلون النقطة الجامعة التي يلتف حولها جميع اللبنانيين. أيها العسكريون، إن التصدي للعدو الإسرائيلي ومواجهته من خلال الجاهزية واليقظة على الحدود جنوباً، وملاحقة الخلايا الإرهابية والقضاء عليها، وانتشاركم على الحدود الشمالية والشرقية للحد من عمليات التهريب، إضافة إلى تشعب مهماتكم بحفظ الأمن في الداخل والمساهمة في حماية الأمن المعيشي والإنمائي».

من جانبه، دعا المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عسكريي الأمن العام في نشرة توجيهية في المناسبة، إلى «التمسك بالمشتركات الوطنية والأخلاقية التي تبقى أكبر بكثير من التباينات التي تدفع البعض في اتجاهات مريبة، غير مضمونة النتائج وتهدد الكيان اللبناني». وحضّهم على أن يكونوا وسائر المؤسسات العسكرية والأمنية «يداً واحدة للدفاع عن لبنان ووحدته من أجل صون الشعب وحمايته من الأخطار».

وتترقب الأوساط السياسية قرار المجلس الدستوري بالطعن الذي قدمه تكتل لبنان القوي بالتعديلات التي أدخلت على قانون الانتخاب، وسط مخاوف من ضيق المهل الدستورية ما يهدد إجراء الانتخابات في موعدها في 27 آذار وحتى في أيام في حال قبل الدستوري الطعن وأعاده إلى مجلس النواب، لا سيما وأن رئيس الجمهورية بحسب ما مصادره لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إذا رفض الدستوري الطعن، فضلاً عن مخاوف بتطيير الانتخابات لسبب أمني أو سياسي ما، ما يؤدي إلى الفراغ النيابي في ظل تعذر المجلس الحالي من التمديد لنفسه قبل انتهاء ولايته الدستورية.

 وما يعزز هذا «السيناريو» الأخطر بحسب ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» هو لجوء الأميركيين والسعوديين إلى تطيير الانتخابات بأحد حالتين: إذا رأوا في الربع الساعة الأخير بأن نتائج الانتخابات لن تأتي وفق تطلعاتهم بتحجيم كتلة حزب الله وحليفه المسيحي أي «التيار العوني» لمصلحة الفريق الأميركي في لبنان، وبالتالي بقاء الخريطة السياسية للمجلس على حالها، والثانية أن يخدم هذا الخيار المشروع الأميركي بتعميم الفراغ وفق خطة وزير الخارجية السابق مايك بومبيو لمزيد من الضغط على حزب الله وخضوع لبنان للشروط الدولية.


"الأخبار": حليب الرضع بعد «الترشيد»: للمقتدرين فقط

وفي عزّ «الانتفاضة» التي رافقت قرار رفع الدعم - جزئياً - عن أدوية الأمراض المزمنة، مرّ بالتوازي قرار آخر يرفع الدعم عن حليب الأطفال الرضّع بنسبة 50%. صحيح أنه مرّ بصمت ولم يدركه إلا «أهله»، إلا أن آثاره ليست أقل كارثية مما فعله قرار أدوية الأمراض المزمنة، خصوصاً أن الرفع يأتي اليوم في ظل أزمة اقتصادية دمرت قدرة السكان الشرائية. فماذا يعني اليوم أن تصبح كلفة إطعام رضيع بـ«أرخص» نوعٍ من حليب الأطفال يساوي الحدّ الأدنى للأجور؟

بحسبة بسيطة، يحتاج الطفل الرضيع أسبوعياً لعبوتين من الحليب، أي 8 عبوات شهرياً. اليوم، يبلغ السعر الأدنى لحليب الرضع بحسب قرار الوزارة بعد الرفع الجزئي للدعم 93 ألف ليرة لبنانية، وهو ما يعني عملياً أن العائلة تحتاج لمبلغٍ شهري بقيمة 744 ألف ليرة لبنانية لإطعام رضيعها. أما وفق حسابات السعر الأقصى - إذ إن بعض أنواع الحليب يصل سعرها إلى 230 ألف ليرة - فإن كلفة الشهر تبلغ مليوناً و840 ألف ليرة لبنانية، وهي توازي أكثر من ضعفي الحد الأدنى للأجور. وهي للمناسبة قيمة لا يتقاضاها جزء كبير من العاملين اليوم.
ليس قراراً عابراً، وإنما هو بحسب الكثير من الأهالي وبعض الصيادلة قرار كارثي، خصوصاً أن «الأرقام» التي وصل إليها سعر عبوة الحليب «مهول»، على ما يقول نقيب الصيادلة، غسان الأمين. يروي صيادلة آخرون عن أحوال الناس بعد صدور القرار، فيشير أحدهم إلى أن «كثراً منهم لم يعد بمقدورهم شراء نصف عبوة، وهذا ما بتنا نراه، حيث يسألون عن السعر ثم يخرجون من دون أن يطلبوا شيئاً». أكثر من ذلك، لم يعد هؤلاء كالسابق «ما بقى فيه خود وإعطي»، فقد بات الاستسلام هو عنوان مرحلة ما بعد رفع الدعم.

ارتفع سعر حليب الرضع الأرخص سعراً من 12 ألف ليرة إلى 93 ألفاً

صحيح أن الدعم لم يرفع كلياً، بخلاف ما حصل لحليب الأطفال ضمن الفئة العمرية التي تتراوح ما بين سنة وثلاث سنوات الذي خرج من الدعم، إلا أن «الضربة» هنا بحسب الصيادلة أتت دفعة واحدة، وليس بشكلٍ تدريجي، حيث قفز سعر عبوة الحليب من 12 ألف ليرة أو 18 ألفاً أو ثلاثون ألفاً إلى 93 ألفاً و111 ألفاً و215 ألفاً و230 ألفاً، وهي أسعار لم تعد بمتناول أيدي الكثير من العائلات «إلا من يملك المال»، هذا ما يقوله كثر من الصيادلة. وربما لم يعد أمام الناس، وجلهم من الفقراء، إلا «اللجوء إلى المساعدات أو مراكز الجمعيات»، على ما يقول الصيدلي حمود الموسوي، الذي يردّ سبب الوصول إلى هنا «إلى الدولة التي لم توجد آلية لترافق بها مرحلة ما بعد الدعم، بل رفعت الغطاء عن معظم الاحتياجات الأساسية من دون أن تسند ذلك بقراراتٍ أخرى تساعد السكان». برأي الأخير، رمت الدولة مشاكلها وتركت الناس لمصيرهم، وهو ما يجري اليوم، حيث يجد معظم هؤلاء أنفسهم عاجزين عن تأمين علبة الحليب. وإذ اتجه بعض الناس نحو خيارات أخرى، كاستخدام أنواع أقل سعراً أو العودة إلى الرضاعة الطبيعية، إلا أن هناك بعض الرضع الذين لا يمكنهم التوجه نحو البدائل، «خصوصاً إذا ما كان هذا الحليب لا بديل له ويستخدم أيضاً كعلاج وليس للتغذية حصراً»، على ما يقول الصيدلي محمد فحص.

كل ذلك لم تلفت إليه القرارات الرسمية بحجة تقليص مصرف لبنان لموازنة الدعم. ولئن كانت وزارة الصحة تبدي عجزاً بسبب النقص بالمال، إلا أنها سارت بالقرار دفعة واحدة. هذا ما يأخذه الصيادلة عليها، وإن كان نقيب الصيادلة يستدرك قائلاً إنه «لم يكن لديها سوى خيارين، إما الاستمرار بالدعم وبقاء الحليب مفقوداً أو رفع الدعم وتوافره». وكلاهما «خياران سيئان، لكن يبقى الشيء أهون من الأسوأ»!

 

"اللواء": عون ينتظر لقاء احتفال الفياضية
وحفل يوم أمس عشية عطلة عيد الاستقلال الـ78، الذي يصادف بعد غد الاثنين بسلسلة من التطورات السياسية والميدانية فبينما كان الرئيس نجيب ميقاتي، ينتقل من قصر بعبدا إلى مقر الاتحاد العمالي العام، ليعلن من هناك عن جلسة لمجلس الوزراء سيدعو إليها قريباً، كانت مجموعات حراكية من المودعين تعتصم امام قصر العدل، وتقتحم بعض المصارف المجاورة، وتقتحم مجموعات أخرى مبنى وزارة الصحة، مطالبة وزير الصحة الدكتور فراس الأبيض بالاستقالة، رفضا لارتفاع أسعار الأدوية للامراض المزمنة، في إطار عمليات «عض الاصابع» في لعبة التوازن بين التيارات والكتل على وقع المتغيّرات الجارية في الإقليم.

ولم يشأ الرئيس ميقاتي، الإفصاح عن نيته دعوة مجلس الوزراء لجلسة، من بعبدا بعدما زار القصر صباحا، وجرى عرض لنتائج اجتماعات اللجان الوزارية المكلفة بدرس المواضيع التي تعمل الحكومة على درسها واعداد ما يلزم لعرضها على جدول مجلس الوزراء الذي يعاود جلساته قريبا، فضلا عن مراجعة ما يتعين فعله، وحرصا علي إقامة أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب، والمملكة العربية السعودية ودول الخليج خصوصاً.
وكان الرئيس عون تلقى برقية دعم من الرئيس الأميركي جون بايدن لمناسبة الاستقلال، واصفاً الوضع الراهن بـ «تحديات معاصرة»، مؤكداً «وقوف الولايات المتحدة الاميرمكية المتواصل إلى جانبكم».

وحسب المعلومات، وضع الرئيس ميقاتي الرئيس عون في جو اجتماعات اللجان الوزارية والملفات التي تستدعي قرارات من مجلس الوزراء شدد على أنه لا يمكن الاستمرار من دون انعقاد جلسات الحكومة . وقالت مصادر سياسية مطلعة ل اللواء أن الرئيسين عون وميقاتي كانا متفقين على أنه لا يمكن بقاء البلد من دون مجلس وزراء لاسيما أن هناك قضايا تتطلب اتخاذ قرارات بشأنها. ولفتت المصادر إلى انهما اتفقا على عقد جلسة للحكومة، لكنهما لم يحددا موعدا لذلك، مرجحة انعقادها اما بعيد عودة الرئيس عون من قطر أو عودة الرئيس ميقاتي من روما.

وسألت المصادر عما إذا كانت الظروف أصبحت مؤاتية لأنعقاد الجلسة في ظل موقف الثنائي الشيعي؟ ورأت أن الرئيس ميقاتي لا يمكن أن يثير موضوع عودة جلسات الحكومة لو لم تكن لديه معطيات ما لكن تردد أنها طي الكتمان. وأعربت عن اعتقادها ان هناك توجها لقيام جلسة للحكومة في الأسبوعين المقبلين .
اما بالنسبة إلى قضية الوزير قرداحي، فأوضحت أنها تسلك المسار الطبيعي وأن الوزير على طريق الاستقالة لكن لم يحدد موعد تقديم الاستقالة أو التخريجة لذلك.
وعشية الاستقلال، قد يوجه عون، كما درجت عليه العادة رسالة عشية ذكرى الاستقلال يتناول فيها التطورات الراهنة وسلسلة قضايا تشغل الساحة المحلية.
بالقابل، وخلافاً لاجواء التفاؤل بإمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء، نقلت محطة الـOTV الناطقة بلسان التيار الوطني الحر عمّا اسمته «مصادر حزب الله» التي جزمت للمحطة «بألّا حلحلة ولا مجلس وزراء قبل معالجة الأسباب التي حالت دون انعقاده حتى الآن.. ولا علم للحزب بما يُحكى في الإعلام، وهو ليس معنياً بما يتم تداوله، وموقفه واضح لم يتغّير».

ولاحظت مصادر سياسية ان اعلان الرئيس ميقاتي نيته دعوة مجلس الوزراء للاجتماع قريبا، أثارت استغراب الوسط السياسي، بأعتبار ان المشكل الأساس الذي ادى الى تعليق جلسات المجلس، وهو اصرار الثنائي الشيعي على تنحية القاضي طارق البيطار لم يتحقق، ومازال الكباش السياسي القضائي حوله على أشده ،من دون وجود أي ملامح حل لهذا المشكل قريبا، واشارت الى ان موقف ميقاتي هذا، لم يلق اي تجاوب او ترحيب من قبل المعنيين بهذه المشكل، وهما حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، برغم تكهن البعض بأن موقف ميقاتي الذي اتى بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون بالامس، يفترض ان يكون متفاهم عليه بالحد الأدنى مع بري، في حين ان ما اعلنه نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، بأن الحزب مع عودة مجلس الوزراء للاجتماع بعد معالجة الاسباب التي ادت الى تعليق جلساته، واصفا وضع القضاء بانه غير صحي، يعتبر بمثابة رد مباشر ورافض لموقف ميقاتي، وتأكيد بأن الازمة تراوح مكانها، ويبدو انها ستمتد الى حين تبيان مسارات المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة الأميركية والدول الكبرى.

وكان إعلان الرئيس ميقاتي انه سيدعو قريباً الى جلسة لمجلس الوزراء بمثابة «تنفيسة» لأجواء الاحتقان السائدة ودليلاً على ان الاتصالات القائمة لمعالجة ازمتي الارتياب بالقاضي طارق بيطار وربطاً استئناف الجلسات، قد تصل الى خواتيمها. وعلمت «اللواء» ان الاجتماع الذي عقد امس بين رئيسي الجمهورية ميشال عون ونجيب ميقاتي تطرق الى هذه المواضيع، وان الجلسة قد تعقد الاسبوع الذي يلي الاسبوع المقبل، وربما بين موعدي سفر الرئيسين ميقاتي الى روما والفاتيكان يومي الاربعاء والخميس المقبلين، وعون الى قطر يومي 29 و30 الشهر الحالي، بدعوة من امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لحضور افتتاح كأس العرب (فيفا2021). وسيجري عون محادثات مع الامير تتناول اوضاع لبنان والازمة مع السعودية وسبل حلها.

كما عُلم ان ميقاتي وضع عون في اجواء اجتماعيه مع الوزير جورج قرداحي ورئيس تيار المردة سليمان فرنيجة لمعالجة الازمة مع السعودية، كما جرى عرض لعمل اللجان الوزارية لا سيما نتائج لجنة دعم المرفق العام والدعم المالي الذي تقرر لموظفي القطاع العام. كما ابلغ ميقاتي عون بزيارته الى روما والفاتيكان، اضافة الى الاتفاق على دعوة مجلس الوزراء للإنعقاد «لأن الرئيسين توافقا على انه لا يجوز ان يبقى البلد بلا عمل حكومي منتج، بخاصة ان اللجان الوزارية أنجزت العديد من الملفات وتنتظر بتّها في مجلس الوزراء».
وحول إحتمال رفض وزراء امل وحزب الله وتيار المردة حضور جلسة مجلس الوزراء، ذكرت مصادر حكومية ان ميقاتي لا يمكن ان يدعو الى الجلسة ما لم يكن واثقاً من إنعقادها ولديه معطيات بعدم حصول مشكلة داخل الجلسة.

وعلى هذا، عُلم ان اتصالات تدور بين القصور الرئاسية من اجل عقد اجتماع للرؤساء عون ونبيه بري وميقاتي في مناسبة الاحتفال والعرض العسكري الرمزي بعيد الاستقلال الذي سيُقام في وزارة الدفاع. بحيث يبحثون في المخارج اللازمة للأزمات القائمة ودور السلطتين التشريعية والتنفيذية كلّاً في اطار عملها بالتنسيق مع السلطة القضائية التي تقوم بعملها ايضاً في ما خصّ القاضي بيطار، والارجح ان تتجه الامور الى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية مع النواب المطلوبين للتحقيق بصفتهم الوزارية السابقة في قضية إنفجار المرفأ.

الرئيس ميقاتي أعلن خلال زيارته مقر الاتحاد العمالي العام في حضور وزير العمل ابراهيم بيرم، انه سيدعو قريبا الى جلسة لمجلس الوزراء، وأنه أبلغ رئيس الجمهورية بذلك خلال لقاء جمعهما صباحا. وقال : بات هناك اكثر من 100 بند على جدول اعمال مجلس الوزراء ما يقتضي الدعوة الى عقد جلسة قريبا لتسيير أمور الدولة، اضافة الى ضرورة الاسراع في اقرار الموازنة العامة وإحالتها إلى مجلس النواب لدرسها واقرارها بالتوازي مع اقرار الاصلاحات المطلوبة لمواكبة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأوضح أن «لا خيار لنا إلا التوجّه الى صندوق النقد الدولي، وقد تستغرق المفاوضات معه وقتاً اضافياً يتعدّى نهاية العام الحالي، ولكن من خلال صندوق النقد يحظى لبنان بما أسمّيه اشارة معينة لكل الدول بأن لبنان قابل للتعافي ويجب دعمه».

وتابع: كل العالم لا يريد للبنان أن يسقط ومستعد لمساعدتنا، وعندما أقول العالم، فأنا أقصد أيضاً الدول العربية، وعلينا ان نقوم بالعمل المطلوب.
وفي موضوع الخصخصة الذي طُرح خلال الاجتماع قال ميقاتي: لا خصخصة في الوقت الحاضر، والوقت غير مناسب لبيع أي من موجودات الدولة، والاولوية في الوقت الحاضر لإصلاح كل القطاعات، وتحسين وضع التغذية الكهربائية.
وخاطب رئيس الاتحاد بشارة الاسمر ميقاتي بالقول: نحن نأمل خيراً من معالجاتك، لذا نقول بأن رفع الدعم يجب أن يترافق مع خطط بديلة، من حجم البطاقة التمويلية والاستشفائية وأيضاً بطاقة للوقود يتم العمل بها في دول عدة. ما حصل بالأمس في السراي الحكومي من اعلانك عن نوع من مبلغ مقطوع للقطاع العام نشكرك عليه وهو يشبه إضاءة شمعة في النفق المظلم.
كما اكد الرئيس عون من جانبه خلال استقباله وفد ضباط «مجموعة الميثاق العسكري» التي جاءت لتهنئته بعيد الاستقلال». استمراره في العمل من اجل النهوض بلبنان من الصعاب العديدة والظروف القاسية التي يجتازها، آملاً ان تكون السنة الأخيرة من ولايته بداية النهوض الفعلي والانطلاق في مسيرة التعافي».


"الجمهورية": تفاؤل بانعقاد الحكومة لا يخرق الجدار الخليجي

صحيفة "الجمهورية" تساءلت هل ستشهد الأيام المقبلة بداية انفراج على الخط السياسي يحرّر الحكومة من أسر التعطيل؟ ما يدفع الى هذا السؤال، هو الحركة السياسية التي تكثفت في الساعات الاخيرة، وما عكسته اجواء الرئاسات حول ما وصفت بـ»محاولات جدية» لإنضاج مخرج يعيد إطلاق عجلة الحكومة، بالتوازي مع الانحدار المريع الذي تشهده الازمة الاقتصادية والدوائية والمالية، وتحليق الدولار الى ما فوق الثلاثة وعشرين الف ليرة.

وبحسب مصادر مواكبة لحركة الاتصالات، فإنّ مناخ المشاورات الجارية يشي بإيجابيّة تؤشر الى امكان ان يشهد الاسبوع المقبل ترجمة عملية لهذا المخرج، الذي يفترض ان يعالج سبب مقاطعة ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله» لجلسات مجلس الوزراء احتجاجا على ما يعتبر انه تسييس التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، وأداء المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.

ولم تشأ المصادر الكشف بالتفصيل عن المخارج المطروحة، الا انها لمّحت الى ان اكثر المخارج قابلية للعمل بها، هي الصيغة التي جرى التوافق عليها بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، والتي تقوم على قاعدة الالتزام بالقواعد القانونية والدستورية، وتأكيد محاكمة الرؤساء والوزراء امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. واما في ما خصّ عقدة وزير الاعلام جورج قرداحي فقالت المصادر ان هذه العقدة ما زالت مُحكمة، في انتظار ما ستسفر عنه المشاورات الجارية حول هذا الشأن.

ميقاتي: الانعقاد قريب

وفيما ينتظر ان تشكل ذكرى الاستقلال الاثنين المقبل، فرصة للقاء ثلاثي بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي لبحث ما استجد سياسيا وحكوميا وقضائيا وخليجيا، ضَخ الرئيس ميقاتي جرعة تفاؤل، بإعلانه من مقر الاتحاد العمالي العام امس، انه سيدعو قريبا الى جلسة لمجلس الوزراء. حيث بات هناك اكثر من 100 بند على جدول اعمال مجلس الوزراء ما يقتضي الدعوة الى عقد جلسة قريباً لتسيير أمور الدولة، اضافة الى ضرورة الاسراع في اقرار الموازنة العامة وإحالتها إلى مجلس النواب لدرسها واقرارها بالتوازي مع اقرار الاصلاحات المطلوبة لمواكبة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي».

واشار ميقاتي الى انه ابلغ رئيس الجمهورية بذلك خلال اجتماعهما صباح امس، والذي تقرر فيه ان يعاود جلساته قريباً. كذلك تناول البحث العلاقات اللبنانية - الخليجية والعمل القائم على اكثر من صعيد من اجل معالجتها انطلاقا من حرص لبنان على إقامة افضل العلاقات بينه وبين الدول العربية الشقيقة عموما، والسعودية ودول الخليج خصوصا.

لا بد من حل!

في هذا السياق، ابلغ مرجع مسؤول الى «الجمهورية» قوله: انه بصرف النظر عن اسباب الازمة بين لبنان والسعودية وسائر دول الخليج، لا بد من ايجاد علاج سريع لهذه الازمة. وبعيدا عن المناظرات والشعارات والحدة في التصريحات، فإن لبنان لا يستطيع ان يتنفس من دون الرئة الخليجية، والتي يثبت للقاصي والداني ان من دونها يختنق لبنان.

وقال: كلما طال امد الازمة، تفاعلت مخاطرها وتعقدت، فتأثيرات الازمة مع السعودية ودول الخليج شديدة السلبية على لبنان وتشمل جميع اللبنانيين، مؤكدا حرص لبنان على علاقة اخوية وثيقة مع دول الخليج التي لا يمكن للبنان أن يكون على خصومة معها، وخارج الحضانة العربية له وخصوصا الحضانة الخليجية، ومن هنا لا بد من حل سريع لهذه الازمة بحوار صادق يعالج اسبابها ويزيل كل الشوائب التي تعتري هذه العلاقة، وتعيدها الى سابق عهدها من مودة واخاء، فقدر لبنان ان يكون مع كل اشقائه وليس خارجهم، وكما ان اعادة واجب جسر العلاقة يقع على اشقاء لبنان، فهو واجب واولوية للحكومة اللبنانية التي عليها ان تقوم بما عليها في هذا الاتجاه».

وردا على سؤال آخر قال: «ان سبب مفاقمة هذه الازمة وتعميقها هو الانقسام الداخلي واصرار بعض القوى السياسية على صَب الزيت على النار بمواقف سلبية وشعبوية من هنا وهناك لا تخدم مصلحة لبنان».

سنخسر لبنان

وعلى خط مواز، اكدت مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية» ان «ما يوجب على المستوى السياسي في لبنان اعادة اطلاق العجلة الحكومية، هو التقارير الخارجية لعربية والدولية التي ترد، وتعكس القلق البالغ على لبنان، والخشية عليه من احتمالات صعبة».

وكشفت المصادر عن تحذيرات عربية صديقة نقلت الى المسؤولين في لبنان، مبنية على معطيات شديدة السلبية تحيط بمستقبل هذا البلد واستمراره. ونقلت عن سفير دولة عربية كبرى قوله: لقد عبرنا امام الاشقاء في لبنان عن خوفنا من ان نخسره، وهذا يضع كل المسؤولين في الدولة كما سائر السياسيين،

امام مسؤولية عدم الاستغراق، كما هو حالهم اليوم، في خلافات سياسية سطحية، وتجاهل تفاقم الازمة، الذي ينذر بأخذ لبنان الى ازمة علاجاتها مستحيلة».

واعتبر السفير المذكور «ان الوقت لم يفت بعد لوضع لبنان على سكة الخروج من الأزمة، وهذا يقتضي بالدرجة الاولى صياغة تهدئة سياسية داخلية تقوم على مراعاة مصلحة لبنان بالدرجة الاولى، تواكبها اعادة اطلاق عمل الحكومة، الذي تأتى من تعطيله الضرر البالغ على لبنان».

تقدير خطير

تلك الصورة السوداوية حيال الوضع الداخلي، تتقاطع مع ما ورد «خلاصة تقديرية» وصفت بغير المطمئنة اعدتها جهات سياسية بالتعاون مع خبراء اقتصاديين وماليين وفيها:

اولا، ازمة لبنان آخذة بالتفاقم اكثر فاكثر داخليا، ومعدل الفقر في لبنان بلغ مستويات مُرعبة ويوشك ان يتخطّى عتبة التسعين في المئة من اللبنانيين.

ثانيا، ان عوامل التفاقم للازمة عائدة بشكل مباشر الى المنازعات السياسية، اضافة الى الانكشاف السياسي وتعطّل الحكومة وغياب خطواتها وخططها الانقاذية الطارئة، وكذلك افتقاد لبنان الى الدعم المباشر من قبل الدول الصديقة والشقيقة. بما يعني ان لبنان وحده في ازمته. وما يزيد من مخاطرها الآنية والمستقبلية، هو ضرب العلاقة مع السعودية ودول الخليج التي لا حصر لسلبياتها وضررها على الاقتصاد اللبناني كما على الالاف من اللبنانيين المنتشرين في دول الخليج.

ثالثا، إنّ ما يواجه لبنان، ليس مجرّد ازمة سياسية واقتصادية، وانما ازمة كيانية. فلبنان حاليا يخوض مخاضا عسيرا ليس الى حل يضعه على سكة الخروج من ازمته، بل مخاض للانتقال الى ازمة اكبر. خصوصا ان المؤشرات الاقتصادية والمالية وانهيار العملة الوطنية وتسارع ارتفاع الدولار بشكل متفلّت نحو سقوف خيالية، كل ذلك يَشي بإقبال لبنان على ظروف صادمة من حيث تأثيراتها الكارثية على الاقتصاد اللبناني، وكذلك من حيث قساوتها على الشعب اللبناني بكل فئاته.

رابعا، ان القلة القليلة من المؤسسات التي ما زالت عاملة، برغم الضغوط الهائلة التي تتعرض لها، والاكلاف الهائلة التي تتكبدها، تآكلت عوامل صمودها وينتظرها مصير سوداوي حيث لم تعد قادرة على الاستمرار، وباتت على مسافة زمن قصير من الاقفال.

خامسا، في موازاة هذه الازمة، ان الطاقم السياسي اثبت قصورا وتقصيرا مفجعا في مقاربة علاجاتها واحتواء تفاعلاها، بل اكثر من ذلك، انقاد هذا الطاقم وما يزال منقادا لمنطق التضحية بكل شيء خدمة لمصالح شخصية، والتعالي على مأساة لبنان وآلام اللبنانيين، ورفض تقديم التنازلات التي باتت اكثر من واجبة لاطلاق عمل الحكومة التي يرى العالم بأسره انها تمتلك القدرة على توفير العلاجات ولو بحدها الأدنى. وتبعاً لذلك فإن الامور في لبنان تسير نحو لحظة ارتطام، التي يبدو انها لن تتأخر كثيرا طالما ان لبنان واللبنانيين باتوا عالقين في قبضة سياسية تحرّكها الاهواء الخاصة، فلا يهمها جائع، ولا مريض ولا معوز الا بقدر ما يمكن ان تستثمر على مأساته لغايات مصلحية وحسابات سياسية وحزبية.

وتنتهي هذه الخلاصة الى التنويه بأن لحظة الارتطام المنتظرة لن تشبه ما سبقها، حيث لن يسلم أحد من غضب الجائعين ولن يكون في مقدور احد ان يوقف خروجا فوضويا لفئات شعبية لم يعد لديها ما تخسره سوى غضبها الذي ستوجهه حتما ضد من تسببوا بإفقارهم ووجعهم وبويلات هذا الوطن.

الحكومة اللبنانيةالدواء

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة