لبنان
فياض في افتتاح الدورة الـ 13 للمجلس الوزاري العربي للمياه: التحديات تحتم علينا التضامن للدفاع عن حقوق بلادنا في مياهها
رأى وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض إن "موضوع المياه يكتسب أهمية خاصة في لبنان وبلدان المنطقة بالنظر لمحدودية المتاح منها كمياه للشرب والري". وأوضح أنه "طبقًا للمؤشر الذي يفضي إلى أنّ أيّ بلد يقلّ فيه متوسط نصيب الفرد من المياه سنويًا عن 1000 متر مكعب يعتبر بلدًا يعاني من ندرة مائية، فإنّ ثلاثة عشر بلدًا عربيًا تقع ضمن فئة البلدان ذات الندرة المائية، وهذه الندرة في المياه تتفاقم باستمرار بسبب معدلات النمو السكاني العالية".
كلام فياض جاء خلال كلمة له في افتتاح الدورة الـ13 للمجلس الوزاري العربي للمياه، حيث يرأس الدورة لمدة عام بعد أن تسلّمها من وزير دولة قطر سعد بن شريدة الكعبي، في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وأضاف فياض "توضح تقارير البنك الدولي أنّ متوسط نصيب الفرد السنوي من الموارد المائية المتجددة في الوطن العربي سيصل إلى 667 مترًا مكعبًا سنويًا عام 2025 بعدما كان 3430 مترًا مكعبا سنة 1960 أي بانخفاض 80%. أما معدل موارد المياه المتجددة سنويًا في المنطقة العربية فيبلغ حوالي 350 مليار مترًا مكعبًا وتغطي نسبة 35% منها تدفقات الأنهار القادمة من خارج المنطقة كنهر النيل ونهري دجلة والفرات. وتحصل الزراعة على نسبة 88% مقابل 7% للاستخدام المنزلي و5% للصناعة".
وأكد أنّ "موضوع المياه قد غدا مرشحًا لإشعال الحروب في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا. فمن جهة يغتصب العدو "الاسرائيلي" معظم نصيب دول الطوق العربي من المياه ويطمح دومًا للسيطرة على المزيد من الموارد المائية، ومن جهة أخرى فإنّ أغلب البلدان العربية لا تملك السيطرة الكاملة على منابع مياهها إذ أنّ بلدانًا كأثيوبيا وتركيا وغينيا والسنغال وكينيا وأوغندا تتحكم بحوالي 60% من منابع الموارد المائية للمنطقة العربية، وهنا أود أن أشير على وجه الخصوص إلى أزمة سد النهضة، والتي تعد شغلًا شاغلًا لأشقائنا في مصر والسودان حيث أؤكد تطلعنا إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم في هذا الشأن بين مصر والسودان وإثيوبيا، اتساقًا مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في أيلول/سبتمبر 2021، وذلك على النحو الذي يكرّس التعاون لا التصرفات الأحادية، ويرسخ المصالح المشتركة بين شعوب المنطقة".
وقال: "إذًا هناك ثلاثة تحديات على دول المنطقة مواجهتها لحل مشكلة المياه وتحقيق أمنها المائي وهي:
أولًا: قضية الأنهار العابرة للحدود كنهري دجلة والفرات بين تركيا وسوريا والعراق ونهر النيل بين مصر ودول حوض النيل الأعلى.
ثانيًا: مطامع "اسرائيل" التي تستخدم المياه كعنصر أساسي في الصراع العربي "الاسرائيلي" في نهر الأردن ونهر اليرموك ومنابع الجولان وأنهار الليطاني والوزاني والحاصباني إضافة إلى سرقة المياه الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ثالثًا: مواجهة مخاطر الشح المتزايد في مصادر المياه والمترافقة مع التزايد السكاني، عن طريق الإدارة الصحيحة للموارد المائية.
وأكد الوزير فياض "أنّ ندرة المياه في دولنا تحتم علينا ايلاء الاهتمام الكبير والمشترك في متابعة تنفيذ الخطة العالمية للتنمية المستدامة وخصوصًا الهدف السادس منها والمتعلق بالمياه والغايات المتصلة به. وهنا لا بدّ أن نشير إلى الجهد الذي تبذله اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في مواكبة الدول العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة". وقال: "أما في لبنان الذي أنعم الله عليه بثروة مائية قيل أنها لا تنضب والعكس هو الصحيح، فإن وزارة الطاقة والمياه قد استشعرت الخطر الكبير على مستقبل الأمن المائي اللبناني، خصوصًا وأن تداعيات التغيّر المناخي العالمي بدأت تؤثر وبشكل واضح على كمية المتساقطات السنوية ما انعكس امتدادًا لفترات الشح وساهم في انخفاض نسب تدفق الينابيع والآبار الجوفية".
وأضاف فياض "لذلك أعدّت وزارة الطاقة والمياه عام 2012 الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه تحت شعار: "المياه حق لكل مواطن وثروة لكل الوطن" وقد أقرتها الحكومة اللبنانية وأصبحت سياسة ملزمة ترتكز على:
1- الاستفادة من الينابيع المتجددة بطريقة مثلى عن طريق تحسين كفاءة هذه الينابيع.
2- التغذية الاصطناعية للطبقات الجوفية وهي ممكنة من الناحية التقنية في مواقع كثيرة في البلاد.
3- التخزين السطحي عن طريق بناء السدود ما يوفر أكثر من 500 مليون مترًا مكعبًا تضاف إلى المخزون المائي الوطني.
4- استبدال أنظمة نقل وتوزيع مياه الشفة التي تعدّت عمرها الافتراضي وأصبحت تسبب هدرًا تقنيًا يصل في بعض الأحيان إلى 40% وبناء خزانات جديدة بالإضافة إلى تنفيذ مشروعي جر الأولي-بيروت.
5- اصلاح واستبدال نظم وشبكات الري وزيادة المساحات المروية.
6- تنفيذ المخطط التوجيهي للصرف الصحي عبر جمع ومعالجة ما لا يقل عن 90% من المياه المبتذلة.
وقد واكب تنفيذ هذه الاستراتيجية مع تحضير وزارة الطاقة والمياه لقانون حديث للمياه صدر عام 2020 ونعمل حاليًا على تحضير المراسيم التطبيقية له بالتعاون مع الجهات الدولية المهتمة.
وأعلن "أنّ الضغط الشديد الذي يتعرّض له قطاع المياه في لبنان من جراء مشكلة النزوح السوري والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد ناهيك عن الأطماع التاريخية للعدو "الاسرائيلي" في المياه اللبنانية جعل من تنفيذ الاستراتيجية الوطنية واعادة جدولة أولوياتها من الضروريات القصوى. لذلك عملت الوزارة على تحديث الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه تماشيًا مع هذه المتغيرات وسوف تعرضها قريبًا على مجلس الوزراء اللبناني لاقرارها".
وختم فياض: "أن التحديات الكبيرة التي تواجهها حكوماتنا لناحية تعزيز الأمن المائي لشعوبنا والضغوط التي تتعرّض لها مصادر المياه في الوطن العربي من النيل الى دجلة والفرات الى الليطاني تستدعي منا العمل سوية على تطبيق الاستراتيجيات والخطط التنفيذية المشتركة ومتابعة كافة الأبحاث والدراسات المتعلقة بموضوع المياه وتحتم علينا أيضًا التضامن في المحافل الدولية في دعم القضايا العربية ومطالب دولنا في الدفاع عن حقوقها في مياهها طبقًا للقوانين الدولية مرعية الاجراء لأنّ المياه في كلّ بلد تشكّل ثروة وطنية لا يمكن التفريط بها ويمكن، لا سمح الله، أن تشكل أساسًا للحرب والسلم في المنطقة وعنوانًا للتوترات الاقليمية".