لبنان
زيارة الراعي للرؤساء الثلاث.. كسرٌ للجمود الحكومي أم حماية لجعجع؟
سيطرت جولة البطريرك الماروني بشارة الراعي على عين التينة فالسرايا فبعبدا على الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الأربعاء 27 تشرين الأول 2021، فحمل "تسوية" لكسر الجمود السياسي والقضائي.
وتناولت الصحف معلومات متناقضة حول حل البطيرك، فبعضها تحدَّث عن مقايضةٍ لقضية انفجار المرفأ بقضية الطيونة في محاولةٍ لوقف استدعاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والبعض الآخر رأى أنَّ المبادرة تقضي تطبيق الدستور في ملاحقات الوزراء والنواب أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب في ملف انفجار المرفأ، وتطبيق القانون في حادثة الطيونة على الجميع.
"الأخبار": الراعي يقايض البيطار بحصانة لجعجع
هل اقترح البطريرك الماروني بشارة الراعي المقايضة بين قضيّتَي المرفأ والطيّونة، على قاعدة وقف ملاحقة الوزراء والرؤساء من قبل القاضي طارق البيطار في مقابل وقف ملاحقة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من قبل القضاء العسكري؟ في النص، لم يُسجّل على الراعي في جولته الرئاسية أمس النُطق بذلك. لكنّ جولته الرامية إلى حماية جعجع فتحت الباب أمام تسويات
تسوية ملف الاشتباه بتورّط رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الأحداث التي تسببت بمجزرة الطيونة، يتولّاها شخصياً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وهو تولى شخصيا على مدى الايام الماضية كل الاتصالات مع جهات أمنية وسياسية رسمية وحزبية بهدف حصر التحقيقات بأشخاص من الصف الحزبي الذي لا يقترب من القيادة المركزية لحزب القوات، وذلك لضمان عدم المس بجعجع شخصياً. وهو يرى ان الاقتراب من قائد القوات بمثابة «مغامرة» ستؤدي إلى «تداعيات غير محسوبة النتائج في الشارع».
على ان الاتصالات التي لم تحل دون استدعاء جعجع للاستماع إلى إفادته من قبَل مديرية المخابرات في الجيش، بقرار من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، دفعت بالراعي الى التحرك على مستوى أعلى، فقرر القيام بجولة على الرؤساء الثلاثة، بدأها بزيارة عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وتخلّل اللقاء مأدبة غداء. ثم زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قبل أن يختتم جولته بزيارة قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون.
الملفات التي حملها البطريرك الراعي قضائية تتعلق باستدعاء جعجع والموقف من المحقق العدلي قي قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. وعلمت «الأخبار» أن البطريرك تحدّث مع بري عن الوضع السياسي العام في البلاد، وتعطّل عمل الحكومة، و«فائض القوة الذي لا تستقيم معه الحياة السياسية»، قبل أن ينتقل إلى مسألة استدعاء جعجع، معتبراً أن «الأمر لا يجوز كونه زعيماً مسيحياً من الصف الأول»، مقترحاً «البحث عن إخراج للتراجع عن هذا الاستدعاء». إلا أن «رئيس المجلس أكد أن قضية الطيونة كبيرة، وهناك شهداء سقطوا ظلماً... والدم بعدو على الأرض»، مشيراً الى أن «جعجع مستدعى كشاهد ليس إلا. وعندما استدعى القاضي فادي صوان وزراء ونواب كشهود، لبّوا طلبه. فلماذا لا يذهب جعجع؟ هذه قضية كبيرة ونحن نريد كشف الحقيقة وسنتابع القضية حتى النهاية. ونحن رفضنا الانجرار إلى استخدام القوة، واحتكمنا إلى القضاء، وعلى القضاء أن يكون موضوعياً وجدياً. وأعتقد أنكم تؤيدون أن يكون القضاء موضوعياً وجدياً وغير مسيّس».
ولفت بري الراعي الى ان «المشكلة اليوم في البلد هي في مكان آخر. وتتعلق بأداء (المحقق العدلي في جريمة المرفأ) القاضي طارق البيطار». فرد الراعي مدافعاً عن المحقق العدلي، وسائلاً عن سبب «هذه الهجمة عليه والتدخل في عمله والاعتراض على قراراته وإجراءاته والمطالبة بإزاحته».
فما كان من بري الا ان وضع على الطاولة نسخة من الدستور وأخرى من القانون 13/1990 (أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء)، مشيراً إلى المواد التي يرى أن البيطار يخالفها، ومؤكداً أن «مجلس النواب لا يمكن أن يقبل المس بصلاحياته». وبعد مطالعة بري، رد الراعي بأنْ وافقَ رئيسَ المجلس على مقاربته، ومشدداً على وجوب «احترام الأصول الدستورية والقانونية». وعندما سأل عن كيفية الخروج من المأزق وإعادة إطلاق العمل الحكومي وضمان الحفاظ على الاستقرار، قال بري إن الحل يبدأ من مجلس النواب، عبر محاكمة الرؤساء والوزراء المشتبه فيهم في انفجار المرفأ أمام المجلس الأعلى، وفقاً لما ينصّ عليه الدستور والقانون. تلقّف البطريرك ما قاله رئيس المجلس، مشيراً إلى أنه سيعرض الفكرة على الرئيسين عون وميقاتي.
رئيس الحكومة سمع الراعي الذي لم يضع قضية الطيونة في مقابل قضية المرفأ. فردّ ميقاتي بأنه يؤيد أي حل من ضمن الأطر الدستورية، يسمح بتخفيف حدة التوتر. أما رئيس الجمهورية، فسأل الراعي عما إذا كانت مبادرته المبنية على اقتراح بري تتضمّن مقايضة بين الطيونة والمرفأ، فأجاب البطريرك بأن بري قال له إن الملفين منفصلان، لكن حلّ قضية محاكمة الرؤساء والوزراء، برأي الراعي، سيترك مناخاً إيجابياً على باقي الملفات.
الرئيس عون ردّ على «المبادرة» بتأكيد جاهزيته للسير بأي حل، «شرط أن يكون من ضمن الأطر الدستورية، وألّا يتضمّن مسّاً بمبدأ فصل السلطات أو تدخلاً بعمل القضاء». وشدّد عون على وجوب الاطلاع على تفاصيل المقترح، قبل إبداء رأيه النهائي فيه.
وبحسب ما رشح من اللقاءات البطريركية، فإن الفكرة المقترحة تتمحور حول مبادرة مجلس النواب إلى تحريك دعوى الحق العام في وجه رؤساء حكومات ووزراء، في جريمة المرفأ، على ان يبقى سائر المدعى عليهم ملاحقين من قبل المحقق المحقق العدلي.
جولة الراعي وتصريحاته أمس فتحت الباب واسعاً أمام الحديث عن تسوية ما يجري طبخها، سواء كمقايضة بين الطيونة والمرفأ، بحسب ما يروّج له مقربون من البطريرك، او لحل معضلة قرارات القاضي البيطار، لإعادة إطلاق العمل الحكومي. في الاولى، يجزم المعنيون بأن المقايضة غير مطروحة، فيما المسألة الثانية تواجهها عقبات شتى:
- أولاً، لا يزال أي حل لأزمة البيطار بحاجة إلى غطاء من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. وأداء القضاة المحسوبين على التيار في مجلس القضاء الاعلى يوحي بأن عون والنائب جبران باسيل لن يخوضا في معركة لتنحية البيطار. ويبقى اي تغيير في الموقف رهن تبدل الوقائع السياسية او القضائية.
- ثانياً، تواجِه مبادرة الراعي اعتراضاً على مستوى فريق الادعاء السياسي – الإعلامي المواكب لعمل البيطار، والذي يحظى بدعم غير مسبوق اميركياً وأوروبياً. وحيث يرجح ان تصدر ردود فعل رافضة لهذه التسوية حتى ولو تمت بمباركة بكركي.
- ثالثاً، لا يوجد اي مؤشر يقول بان مجلس القضاء الاعلى في صدد اتخاذ أي إجراء بحق البيطار، إلا في حال طلب وزير العدل، عملاً بمبدأ «توازي الصيغ»، اي الدعوة الى إلغاء تعيين المحقق العدلي واختيار بديل عنه.
- رابعاً، يجزم عارفو البيطار بأنه سيستمر بعمله، من دون أي تغيير، وسيلاحق وزراء ورؤساء حكومات، حتى لو اتخذ مجلس النواب قرار محاكمتهم أمام المجلس الأعلى، ليخلق بذلك تنازعاً «إيجابياً» على الصلاحية.
وحتى لو كانت قرارات البيطار، في هذه الحالة، من دون أي نتيجة قانونية أو إجرائية، فإنه سيتصرّف كما لو أن شيئاً لم يكن. وسيكون المحقق العدلي، في اليومين المقبلين، أمام اختبار التعامل مع كل من رئيس الحكومة السابق حسان دياب، ثم الوزيرين السابقين النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر اللذين سيتقدّمان بمذكرتي دفوع شكلية، علماً بأنه سبق أن رفض طلب وكيل النائب علي حسن خليل المحامي محمد مغربي الاستمهال لتقديم الدفوع.
وقال مصدر سياسي مواكب، ان المناقشات السياسية الجانبية اشارت الى احتمال تسريع القاضي البيطار في اصدار قراره الظني واحالة الملف الى المجلس العدلي، الذي يجري البحث في امكانية ان يقبل بطعن مجلس النواب في اختصاصته محاكمة الوزراء والنواب، وعندها يكون الفصل من جانب المجلس العدلي نفسه.
"البناء": الراعي يقود مسعى الفصل بين الصلاحية العدلية لبيطار والصلاحية الدستورية للمجلس
تحرك البطريرك بشارة الراعي بصورة تعبر عن تموضع مخالف للمسار الذي كان قد رسمه خلال الفترة الماضية، سواء تحت عنوان أولوية المواجهة مع حزب الله وتوصيفه كمصدر لكل الأزمات، أو تحت عنوان أولوية موازية لدعم غير مشروط لاستدعاءات المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق بيطار، خصوصاً ما يطال الرؤساء والوزراء الذين يلاحقهم بيطار ويطالبون ومعهم جبهة نيابية سياسية روحية، بحصرية حق الملاحقة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، واستطراداً تحت عنوان أولوية ثالثة للبطريرك حضرت خلال اليومين الماضيين عنوانها رفض استدعاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للمثول أمام القضاء للإدلاء بإفادته، واعتبار الدعوة لمجرد الاستماع استهدافاً للرموز، بخلاف توصيف اتهام رئيس حكومة بصفته مسار قضائي نزيه.
التموضع الجديد للبطريرك يتم تحت عنوان البحث عن تسوية تعيد مجلس الوزراء للانعقاد، وتسحب فتيل التأزم الناتج من الاستقطاب الحاد الذي بلغ حد المخاطرة بالانزلاق إلى الحرب الأهلية، انطلاقاً من الملف المتفجر الذي يمثله تمادي المحقق العدلي خارج نطاق صلاحياته، من دون رادع، بالعودة بالتحقيق إلى المسار الدستوري، بما يمثله ذلك ضمناً من تراجع عن أولوية المواجهة مع حزب الله، وصولاً إلى الدفع باتجاه حصر الاعتراض على استدعاء جعجع بدفعه للمراجعة القانونية بدلاً من رفع السقف السياسي للمواجهة، وعلى هذا الأساس توجه البطريرك الراعي إلى عين التينة لينطلق بعد سماع رأي رئيس مجلس النواب نبيه بري المستعد للسير فوراً بهذا المسار الذي سبق ودعا إليه مراراً، التقى الراعي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون معلناً أن هناك حلاً سيبرز اليوم، ما يعني أنه ضمن انطلاق مسار الملاحقة النيابية وفقاً لنص الدستور في قضية انفجار مرفأ بيروت عبر إطلاق لجنة تحقيق نيابية، تبلغ للنيابة العامة التميزية يتم على أساسها كف يد القاضي بيطار عن الملاحقات التي بدأها بحق رؤساء ووزراء، وحصر مهمته بما عداهم، وهذا يفترض ضمناً أن يسير نواب التيار الوطني الحر على الأقل بهذا الخيار، إذا تمنع نواب القوات اللبنانية بداعي بقاء قضية استدعاء رئيس حزبهم أمام القضاء، لأنه من دون نواب التيار الوطني الحر لا يتوافر عدد النواب اللازم لتوجيه الاتهام وتشكيل لجنة تحقيق قضائية وهو نصاب ثلثي أعضاء المجلس النيابي.
التسوية المرتقبة ستعني الإفراج عن إمكانية مجلس الوزراء في معاودة اجتماعاته، واستطراداً ستتزامن مع تسوية حول قانون الانتخابات، تحول دون ذهاب نواب التيار الوطني الحر إلى الطعن بالقانون، في حال إقراره، وهذا يستدعي تلبية مطالب أساسية لرئيس الجمهورية وللتيار بات معلوماً أنها تطال موعد إجراء الانتخابات ودائرة المغتربين الخاصة.
في ملف استدعاء جعجع قدم وكلاؤه مراجعتهم القانونية التي تتضمن اعتراضاً على شروط التبليغ، وينتظر أن يبت بها القضاء وأن تسير الأمور في مسار قانوني منفصل بعد سحب شحنات التصعيد السياسي تدريجاً من الملف، بينما أكدت مصادر حركة أمل أنه من غير الواراد عند ثنائي أمل وحزب الله الدخول في مقايضة بين تصويب مسار القاضي بيطار ورد الاعتبار للدستور من جهة، والسعي لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة في قضية دماء شهداء مجزرة الطيونة، وأن الحزب والحركة يتابعان الأمر مع القضاء المختص، وليس لديهما مجال لأي مساومة في هذا المجال، ولديهما ثقة بالمسار القضائي، خصوصاً في ضوء ما تم حتى الآن.
وفيما نجحت الاتصالات واللقاءات بين الاتحاد العمالي العام واتحادات قطاع النقل البري مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتجميد الإضراب العام الذي كان مقرراً اليوم، وذلك بعد التوصل إلى شبه اتفاق على تنفيذ مطالب اتحاد النقل، بقي ملف استدعاء رئيس حزب القوات سمير جعجع للاستماع إليه في مديرية المخابرات في وزارة الدفاع في واجهة المشهد الداخلي نظراً لتفاعله على المستويين القضائي والسياسي، وسط تأكيد مصادر القوات بأن جعجع لن يحضر اليوم ويضع شروطاً ويعترض على طريقة التبليغ، فيما تقدم وكلاؤه بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي يُبيّنون فيها أن تبليغ جعجع غير قانونيّ. كما تقدم وكلاء بعض الموقوفين بطلب تنحي عقيقي، فرفض تسجيل طلب التنحي، مما دفع بوكلاء هؤلاء الموقوفين إلى طلب رد القاضي أمام محكمة استئناف بيروت التي ستنظر بالطلب خلال الأيام المقبلة.
وعلمت «البناء» أن جعجع لن يحضر إلى وزارة الدفاع وقد يوفد محامين إلى وزارة الدفاع لتقديم اعتراضات لتأخير موعد الاستدعاء لإتاحة المجال أمام الوساطات السياسية التي تقوم بها بعض المراجع الدينية والسياسية وعلى رأسهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ومن جهة ثانية لبلورة حل قضائي سياسي لأزمة ملف المرفأ. وأفادت قناة «أو تي في» نقلاً عن مصادر قواتية أن جعجع لن يحضر اليوم إلى وزارة الدفاع، وأوضحت المصادر أن «محاميي القوات شرحوا بشكل أوسع هذه المسألة، وبأنها غير قانونية».
وبرزت الحركة السياسية المفاجئة والسريعة التي قام بها البطريرك الراعي إلى المرجعيات الرئاسية حاملاً قضية جعجع لتدبير مخارج سياسية لمنع استدعائه للتحقيق، ما أثار تساؤل أوساط سياسية حول تدخل البطريركية في ملف يعني القضاء، فيما لم يحصل التحرك أزاء جريمة الطيونة ولا عند استدعاء المحقق العدلي القاضي طارق بيطار لرئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزراء السابقين المدعى عليهم في قضية تفجير المرفأ، لا سيما أن أصول استدعاء دياب والوزراء مخالفة للدستور وللقوانين المرعية الإجراء فيما أصول استدعاء جعجع سارت وفق القوانين والأصول، بحسب ما تؤكد مصادر قانونية لـ»البناء».
وبدأ الراعي زيارته من عين التينة حيث التقى الرئيس بري. وقال بعد اللقاء: «بحثت مع الرئيس بري في التطورات المختلفة وفي موضوع القضاء وتعطيل مجلس الوزراء الذي يفاقم الأزمات الاجتماعية والمعيشية «، مضيفاً «لدى الرئيس بري اقتراحات وحلول مهمة وسأعمل مع المراجع عليها لأن الوضع لا يمكنه الاستمرار على النحو نفسه فيما لبنان وشعبه يموتان والمؤسسات تتحلل». وتابع: «القانون والعدالة والقضاء فوق الجميع وفوق كل الطوائف والمذاهب. ونريد أن يكون القضاء حراً ومستقلاً ونستهجن استدعاء جعجع فحسب»، وأردف «هناك خريطة طريق للحلول ولكن لا مقايضة بين حادثة الطيونة وانفجار المرفأ».
"النهار": تسوية الراعي - بري؟
حمل #البطريرك الراعي قضية استدعاء جعجع وجال بها على عين التينة فالسرايا فبعبدا، رافضا الاستنسابية وسياسة الكيل بمكيالين في حوادث الطيونة. واتخذت زيارة الراعي لرئيس مجلس النواب #نبيه بري دلالة خاصة اذ أقام الرئيس بري مأدبة غداء على شرفه واتسم اللقاء بدفء وتوافق تام في الآراء حول سبل الخروج من المآزق القائمة بالانطلاق من مخرج عبر مجلس النواب لقضية التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت. ويبدو ان الراعي ابلغ إلى بري موافقته على ان يعمد مجلس النواب إلى الادعاء على النواب والوزراء السابقين المدعى عليهم من المحقق العدلي بإحالتهم على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء فيما يبقى المحقق العدلي في مهمته لملاحقة الاخرين، وهذا أساساً موقف بري. وذكر انه وعد الراعي بإمكان طرحه في جلسة الخميس للمجلس. وهذا الحل يضع البيطار امام احتمال رفضه، والتمسك بصلاحياته، واعتبار ملاحقة النواب من صلاحياته حصراً. كما اثار الراعي مع بري تسييس القضاء في إشارته إلى طلب استدعاء جعجع. وأوضح الراعي ان "لدى الرئيس بري اقتراحات وحلول مهمة وسأعمل مع المراجع عليها لأن الوضع لا يمكنه الاستمرار على النحو نفسه فيما لبنان وشعبه يموتان والمؤسسات تتحلل". وأضاف: "نريد أن يكون القضاء حراً ومستقلاً لا قضاءً مسيّراً تحت الضغط الحزبي والطائفي". واكد انه "يستهجن استدعاء جعجع لان هناك أشخاصا تابعين لحزب هو مسؤول عنه".
وأشار الراعي من بعبدا إلى "سعادته وفرحه داخليا بوجود حلول، واعتقد انها ستنفذ، وعندها بإمكاننا ان نخرج رويدا رويدا من المأساة التي نعيشها اكانت تعطيل الحكومة، او نتائج الاحداث الأخيرة المؤلمة او غيرها من المشاكل التي يعيشها الناس على كل المستويات". وأضاف: "ان زيارتي ليست قضائية بل هي زيارة إلى المعنيين مباشرة بالعمل السياسي، لأؤكد ان السياسة يجب ان تسبق الاحداث لا ان تلحق بها. العمل السياسي هو عبر استباق الاحداث وإيجاد طريقة لمعالجتها قبل ان تتفاقم". وقال انه تكلم مع رئيس الجمهورية عن الحل الذي تم الاتفاق عليه مع الرئيسين بري وميقاتي، "وانا مقتنع به، انطلاقا من الدستور، والرئيس عون رحب بهذا الحل كونه دستوريا. ولست الآن مخولاً لأكشف عنه، وعلينا ان ننتظر المسؤولين لتنفيذه. ويجب ان يحصل ذلك في أسرع وقت ممكن، وآمل ان يكون ذلك غدا".
وسئل عن تحرك مناصري "القوات اللبنانية" اليوم في معراب، وهل من محاولة لاحتواء هذا الموضوع؟ فأجاب: "يجب ان يحصل ذلك. انا كنت غائبا عن بكركي منذ الصباح، وحين اعود سأجري الاتصالات اللازمة".
"الجمهورية": استدعاء جعجع "بين بكركي ومعراب"
خطفت الاضواء امس جولة البطريرك الراعي على كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، وشاعت خلالها اجواء اوحت بتوافر حلول لأزمة التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت وحادثة الطيونة بما يمهّد لعودة جلسات مجلس الوزراء الى الانعقاد، ويدعم عمل الحكومة لتنطلق في خطة التعافي وتنفيذ الاصلاجات الانقاذية. ولكن ما ان حل الليل حتى بدأت المعلومات عن هذه المعلومات تتناقض.
بداية، قالت مصادر وزارية تابعَت جولة الراعي لـ«الجمهورية» انها احيت اقتراحا تقدم به بري لجهة المخرج الذي يمكن اللجوء اليه للتخفيف من حدة ردات الفعل على قرار المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار، لا سيما منها مذكرتا التوقيف المرجّح ان تصدرا في حق النائبين الحاليين والوزيرين السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر في حال رفضا المثول أمامه بعد غد الجمعة.
وقالت هذه المصادر ان الصيغة تقضي بأن يستعيد مجلس النواب المبادرة فيشكل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق مع المتهمين المطلوب حضورهم امام البيطار في جلسة الغد. لكن ذلك يحول دونه عقبات يجري البحث عن الآلية التي يمكن اللجوء اليها لتجاوزها بغية تأمين انتقال دستوري وسلس من المهمة القضائية عند محاكمة الرئيس السابق للحكومة حسان دياب والنواب والوزراء الحاليين والسابقين الاخرين الى المحاكمة النيابية. فتشكيل لجنة التحقيق يستدعي تشكيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في وقت يستكمل قاضي التحقيق العدلي مسار تحقيقاته مع المتهمين الإداريين وفي الجمارك وبقية الموقوفين ومَن تشملهم الملاحقة بموجب التحقيق العدلي.
وقالت مصادر بعبدا لـ«الجمهورية» ليلاً، ان عون لمّا اطلع على ما نقله اليه البطريرك الراعي ابدى ارتياحه للتوصل الى الحل الذي يضمنه الدستور ولا يخرج عن العمل في إطار المؤسسات الدستورية، مجدداً رفضه المطلق ان تعتدي أي سلطة على سلطة أخرى.
وقال عون قد امام زواره امس ان «تداعيات الاحداث الأمنية الأخيرة قد طويت، ولا عودة إلى الحرب الأهلية في لبنان، برغم وجود تعكير دائم للجو العام في البلاد».
وفي هذه الاثناء نقل زوار عين التينة عن بري ارتياحه الى لقائه مع البطريرك الراعي، مشددا على «أن الحل لأزمة القاضي طارق البيطار تكون بالدستور»، وموضحا انه «كان هناك توافق» بينه وبين البطريرك الماروني حول ذلك.
وفيما بدا ان جولة الراعي على المرجعيات الرئاسية أعطت قوة دفع لمخرج دستوري حظي بموافقة الرؤساء الثلاثة، فإنّ اوساطا سياسية أكدت لـ«الجمهورية» خشيتها من ان تكون التسوية التي تحاك خيوطها «مجرد حراثة في البحر»، متسائلة عن الموقف الدولي حيال هذا الأمر، «خصوصاً ان المجتمع الدولي وفي طليعته واشنطن وباريس يدعم القاضي البيطار بقوة، ويعتبر ان التجاوب مع اجراءاته هو معيار اساسي لقياس سلوك الطبقة الحاكمة».
وفيما ترددت معلومات حول مخرج لقضية القاضي البيطار تم تسويقه بين عين التينة والسراي الحكومي والقصر الجمهوري في خلال جولة البطريرك الراعي على المقار الثلاثة، علمت «الجمهورية» من مصادر قريبة من عين التينة ان «ما تم تداوله غير صحيح وان الرئيس بري عرض للبطريرك الراعي وجهة نظره التي لا تقبل الجدل من ان هناك ازمة دستورية في اداء البيطار، مفنّداً الشوائب القانونية التي علمت «الجمهورية» ان البطريرك الماروني «اقتنع بها وسلّم جدلاً في ان اداء البيطار يختزن خرقاً فاضحاً للقواعد الدستورية فضلاً عن خروقات بالقوانين المرعية الاجراء والمسلك القويم الذي يجب ان يتسم به اداء القاضي».
وفي شأن الحل الذي تم ترويجه وقيل أن الرؤساء الثلاثة والبطريرك الراعي وافقوا عليه اكدت مصادر «الثنائي الشعي» لـ«الجمهورية» عدم صحة هذا الحل وانه لم يقترحه ولا يتنباه. وقالت «ان الآلية الدستورية تمنع ان يكون هناك مرجعيتان للتحقيق في القضية ذاتها منعاً لتضارب نتائج التحقيق ثم أن آلية تحريك المراجعة امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب ليست مرهونة بتقديم شكوى وهذا الامر لا يصح قضائياً وبالتالي نحن لا نتبنّاه ولا نسير به».
وفي شأن حادثة الطيونة أصرّ بري أمام الراعي على «منطق الدولة والقضاء الذي ينتظر الجميع منه محاسبة المرتكبين من خلال تحقيق امين وموضوعي، مشددل على ان التحقيق يجب ان يأخذ مجراه وصولاً الى تكريس العدالة.
كذلك سمع الراعي من بري أنه «كان هناك مسعىً لجرّ البلد الى حرب، وقال له «او في دولة او ما في دولة، ونحن نعرف ان الحرب مطلب اسرائيلي ومطلب الجهات الداخلية المتماهية مع الاسرائيليين ولن نذهب بأقدامنا اليها ونعوّل على ان هناك دولة وقضاء وننتظر من القضاء محاسبة المرتكبين».
وكان البطريرك الراعي اكد في ختام جولته على الرؤساء الثلاثة وجود حل دستوري وقانوني مقنع للأزمة الحالية، مشيرا الى انه قد حمل هذا الحل في زيارته لبري وميقاتي اللذين أبديا موافقتهما عليه. ثم عرضه على رئيس الجمهورية الذي وافق بدوره عليه. وشدد على «ضرورة تنفيذ هذا الحل في اسرع وقت ممكن، وبعدها تعود الحكومة الى الاجتماع»، معتبرا ان «الأمور لا يجب ان تحل في الشارع، وقد شاهدنا ما الذي يحصل عند وصولها الى الشارع».
وبعد لقائه بري قال الراعي: «لدى الرئيس بري اقتراحات وحلول مهمة وسأعمل مع المراجع عليها لأن الوضع لا يمكنه الاستمرار على النحو نفسه فيما لبنان وشعبه يموتان والمؤسسات تتحلل». وتابع : القانون والعدالة والقضاء فوق الجميع وفوق كل الطوائف والمذاهب.
وإذ استهجَنَ: «استدعاء جعجع»، أكّد «نريد أن يكون القضاء حرا ومستقلا». وختم: «هناك خريطة طريق للحلول ولكن لا مقايضة بين حادثة الطيونة وانفجار المرفأ».
وبعد لقائه ميقاتي قال الراعي: «طرحنا تصوّرنا وموقفنا سواء مع الرئيس بري أو الرئيس ميقاتي، ونحن متفقون على الحلول نفسها إنطلاقاً من الدستور والقوانين، ولذلك فإن الواقع الذي نحن فيه اليوم يُحل كلياً بالعودة الى الدستور». واضاف: «من هذا المنطلق أنا سعيد أن أعود مطمئن البال بأننا لسنا في غرفة مقفلة من دون أبواب، فهناك باب للحل ويجب بالإرادة الطيبة وروح المسؤولية أن يجري العمل كي تستعيد البلاد الحياة، فلا يمكن لمجلس الوزراء أن يستمر معطلاً وغير قادر على الإجتماع للأسباب المعروفة، ولا يمكن أيضاً أن تستمر الأزمة المالية والإقتصادية والمعيشية كما هي».
وفي موازاة جولة الراعي الرئاسية، تصدّر استدعاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للاستماع اليه امام استخبارات الجيش اليوم جانبا من المشهد السياسي. وبدا شبه مؤكد ان جعجع لن يلبي «الدعوة» لاسباب سياسية وقانونية تشوبها، ولقد تقدّم وكلاؤه بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي يبينون فيها أن تبليغه «غير قانوني». فيما تقدم وكلاء بعض الموقوفين في حادثة عين الرمانة بطلب تنحي عقيقي، فرفض تسجيل طلب التنحي، مما دفع بوكلاء هؤلاء الموقوفين الى طلب رد القاضي أمام محكمة استئناف بيروت التي ستنظر بالطلب خلال الأيام المقبلة.
ووسط هذه الاجواء، دعا «القواتيون» الى تظاهرة سيارة من بكركي الى معراب اليوم تحت عنوان «ضد استدعاء الضحية لا المعتدي» وتضامناً مع جعجع.
"الديار": تسوية الراعي تعوم المجلس الاعلى
استنفر البطريرك الماروني بشارة الراعي لدعم جعجع وقرر القيام بنوع من الوساطة لحل الازمة السياسية- القضائية، فجال على المقار الرئاسية الـ٣، كاشفا من بعبدا عن «حل دستوري وقانوني للأزمة الحالية وافق عليه رئيس الجمهورية والرئيسان بري وميقاتي». وفيما لم يفصح عن تفاصيل الحل، قالت مصادر سياسية واكبت جولة الراعي لـ «الديار» ان «ما يطرحه ابقاء ملف المرفأ بعهدة القاضي طارق البيطار على ان يحال ملف علي حسن خليل- غازي زعيتر- نهاد المشنوق- حسان دياب- يوسف فنيانوس الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ، فتكون تسوية لا تكسر البيطار من خلال سحب الملف منه كما يطالب حزب الله وفي الوقت عينه تسحب فتيل الانفجار، ما ينعكس تلقائيا على وضع الحكومة التي من المفترض ان تعاود عندئذ اجتماعاتها».
بالمقابل، نبهت مصادر سياسية مطلعة الى ان اعتماد منطق التسويات في التحقيقات القضائية من شأنه ان يطيح تحقيقي المرفأ والطيونة معا، معتبرة ان «ما يطرحه الراعي سيلحظ لا شك تسوية لوضع جعجع مقابل تسوية اوضاع النواب والوزراء السابقين». واضافت المصادر لـ «الديار «: «اي حقيقة ستظهر في حينها.. سينفع عندها المثل اللبناني القائل «العترة عللي راحوا».
وكان وكلاء جعجع تقدموا يوم امس بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي يبينون فيها أن تبليغ جعجع غير قانوني.
كما تقدم وكلاء بعض الموقوفين في قضية الطيونة بطلب تنحي عقيقي الذي رفض تسجيل الطلب وهو ما اعتبره الوكلاء مخالفاً للأصول القانونية، مما دفع بهم الى طلب رد القاضي أمام محكمة استئناف بيروت التي ستنظر بالطلب خلال الأيام المقبلة.
وكان الراعي الذي التقى بري اولا شدد على ان «القانون والعدالة والقضاء فوق الجميع وفوق كل الطوائف والمذاهب». وقال: « نريد أن يكون القضاء حرا ومستقلا ونستهجن استدعاء جعجع فحسب»، واردف «هناك خريطة طريق للحلول ولكن لا مقايضة بين حادثة الطيونة وانفجار المرفأ». ومن قصر بعبدا، أكد الراعي لعون وجود حل دستوري وقانوني مقنع للأزمة الحالية، وقد حمل هذا الحل في زيارته امس الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اللذين ابديا موافقتهما عليه. ثم عرضه على رئيس الجمهورية الذي وافق بدوره عليه. وشدد الراعي على ضرورة تنفيذ هذا الحل في اسرع وقت ممكن، وبعد ذلك تعود الحكومة الى الاجتماع، معتبرا ان الأمور لا يجب ان تحل في الشارع، « وقد شاهدنا ما الذي يحصل عند وصولها الى الشارع».
ولم يقتصر تحرك المرجعيات الدينية لدعم القوى السياسية على الراعي وجعجع، اذ استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وأكد المكتب الإعلامي في دار الفتوى في بيان، ان «موقف المفتي دريان من جريمة تفجير مرفأ بيروت لا يتغير بتغيير الزمان والمكان، إما رفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء وإما اعتماد الآليات الدستورية والقانونية المعمول بها في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء». اضاف البيان «أبدى المفتي دريان حرصه على تحقيق العدالة وأن يؤخذ بعين الاعتبار ان الرئيس حسان دياب يخضع للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بحسب ما نص عليه الدستور اللبناني، ولا يمكن أن نرضى بغيره إلا بعد التعديل والتوافق عليه في المجلس النيابي.
"اللواء": محاكمة النواب أمام «الأعلى» ولا ملاحقة لجعجع
خطفت الجولة المكوكية للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على الرؤساء الثلاثة، والتي بدأها من عين التينة الاهتمامات السياسية بالتزامن مع جملة استحقاقات سياسية وقضائية، تسير تحت وطأة انقسام يكاد يكون وطنياً، سواء في ما خص تحقيقات المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، أو استدعاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للادلاء بإفادته، كمستمع إليه في احداث عين الرمانة – الشياح - الطيونة التي أدت إلى سقوط 7 ضحايا محسوبين على حركة امل وحزب الله، وعدد لا يستعان به من الجرحى، والمتوقع ان تحدث او لا تحدث اليوم، وسط قرار «قواتي» يحظى بدعم بعض المرجعيات والقوى السياسية بإقفال الطرقات بدءا من كازينو ةلبنان وحريصا وبكركي وصولاً إلى معراب من قبل عناصر غاضبة احتجاجاً على استدعاء جعجع، مما يعني ان حضوره إلى اليرزة لن يكون ميسوراً، وهو الأمر الذي يبدو انه بات مؤكداً في ضوء ما نقل عن مصدر قيادي في «القوات» من ان جعجع لن يذهب اليوم إلى وزارة الدفاع و»اللي بدو يانا يجي لعنّا».
البطريرك الراعي، وهو يتحدث من عين التينة، اعتبر ان الزيارة للرئيس بري تحدث في الايام الصعبة، وأن الجولة التي شملت إليه الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي تهدف إلى ايجاد الحلول التي تسمح بالخروج «من الواقع الذي نحن فيه» على حد تعبيره بعد لقاء عين التينة.
وإذ تحدث البطريرك الراعي عن خارطة طريق للحلول، أكد ان لا مقايضة بين حادثة الطيونة وانفجار المرفأ، معرباً عن استهجانه من استدعاء جعجع للقضاء، وتساءل: هل اذا قتل انصار او اعضاء من حزب معين نستدعي رئيسه.
وذكرت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» أنه لا يمكن الحديث عن مبادرة طرحها البطريرك الماروني إنما عن مخرج حل لقضية القاضي البيطار جرى التداول بها في أثناء زيارته إلى الرئيس بري. وقدم الرئيس بري أفكار حل ووافق عليها البطريرك الراعي وبحث بها مع الرئيسين عون وميقاتي. ووافق عليها رئيس مجلس الوزراء. وفهم أن رئيس الجمهورية قال للبطريرك الراعي أنه إذا كان الحل يراعي مبدأ الدستور والقواعد الدستورية ويلحظ عدم وجود طغيان سلطة على أخرى أي السلطة التشريعية على السلطة القضائية والعكس صحيح فإن لا مشكلة في ذلك.
وأكدت أن الحل صار واضحا لجهة السير بصيغة محاكمة الرؤساء والوزراء امام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وفق ما ينص الدستور لأنها خطوة دستورية. وهنا يبدو أن الكل مواقف عليها.
وأشارت إلى أن رئيس الجمهورية يشدد على أهمية انطلاق الحل من الدستور والمحافظة على نصوص الدستور وعدم طغيان سلطة على أخرى نظرا لمبدأ فصل السلطات واستقلاليتها.
اما بالنسبة إلى الآلية التي تساعد على ترجمة الحل فليس معروفا هل أن مجلس النواب يشكل لجنة تحقيق برلمانية وتهتم بالملف أو يكون هناك انتظار للقرار الظني واذا كان هناك وزراء ونواب سابقون مدعى عليهم تطبق عليهم هذه المحاكمة وبالتالي ليس معروفا كيف سيتظهر الحل لكن منطلقه هو مجلس النواب، اما الآلية فتبحث ومعلوم أن الأمانة العامة لمجلس النواب أبلغت وزارة العدل في وقت سابق بضرورة اعلام المحقق العدلي أن الوزراء والنواب السابقين لن يمثلوا في التحقيق وبالتالي لا بد من إيجاد الحل.
ورأت أن السير بالحل ينعكس ايجابا على موضوع الحكومة لجهة تعطيل الفتيل الذي أشعل جبهة الطيونة والجبهة السياسية وتهدئة الأمور الأمر الذي يتيح الإمكانية لعودة مجلس الوزراء. وكررت القول أن الحل ينطلق من اسس هي مجلس النواب والدستور ومراعاة مبدأ فصل السلطات.
وعلمت «اللواء» ان جولة البطريرك اثمرت اقتراحاً لم يُعرف من طرحه، ولكن نُقل عن مصادر عين التينة ان لدى بري أفكاراً لحل متكامل يشمل السياسة والقضاء والأمن وأفكار البطريرك الراعي جاءت متطابقة مع أفكاره واللقاء كان أكثر من جيد. وعُلم ان عناوين الاقتراح تقوم على احترام الدستور وهيبة القضاء في آن معاً، بحيث يتم تطبيق الدستور في ملاحقات الوزراء والنواب امام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب في ملف المرفأ وبالتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى في تفاصيل التنفيذ، وتطبيق القانون في حادثة الطيونة على الجميع، وهو ما يؤدي تلقائياً الى تهدئة الجو السياسي وإستنئاف جلسات مجلس الوزراء للتفرغ لمعالجة الملفات العالقة. وتوقعت مصادر متابعة ان لا يطول تظهير الحل اكثر من الاسبوع المقبل.
"نداء الوطن": الراعي: حلّ سياسي دستوري
طغت على شريط أحداث الأمس الحركة المكوكية التي قام بها البطريرك الماروني بشارة الراعي بين المقرات الرئاسية الثلاثة والتي أفضت إلى لجم النزعة الاستقوائية الهادفة إلى فرض الخيارات والتوجهات بالترهيب والتهديد المسلّح. فمن عين التينة إلى السراي الحكومي فقصر بعبدا، عبّد الراعي الطريق السالك والآمن أمام إخراج البلد من "عنق الزجاجة" مبشّراً بالتوصل إلى صيغة "حل دستوري سياسي" لمختلف الأزمات المتناسلة والمتداخلة على الساحة الوطنية، بعيداً عن "الشارع والسلاح وفرض القوة والرأي، والاستقواء".
وإذ بدا البطريرك الماروني حاسماً في موقفه الداعي إلى وجوب خضوع جميع الأفرقاء والأحزاب ومختلف أطياف البلد ومكوناته "تحت سقف القانون" لتكون العدالة "فوق الجميع وإلا عبثاً نتكلم مع بعضنا البعض"، جدد في الوقت عينه "استهجان" استدعاء رئيس "القوات" إلى القضاء العسكري على خلفية أحداث الطيونة، مستغرباً من عين التينة الإقدام على استدعاء رئيس حزب لمساءلته عن أفعال يتهم بها بعض المنتمين لهذا الحزب.
وفي المقابل، حرص الراعي على الإشادة بـ"الأفكار الجيدة جداً" التي طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري، معرباً عن مباركته لها والعمل على الدفع قدماً باتجاه تبنيها وتنفيذها مع المراجع المعنية، موضحاً أنه "لم يعد جائزاً أن نكمل كما نحن عليه اليوم لأنّ لبنان يموت والشعب يرحل والدولة تتفتت". وعلى الأثر، انتقل إلى السراي الحكومي حيث أكد بعد لقائه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أنّ البحث تمحور حول "ما يمكن القيام به أمام الواقع الخطير"، بما يشمل إيجاد الحلول المناسبة لكل الأزمات الحاصلة وعودة الحكومة إلى الاجتماع، ناقلاً عن ميقاتي أنه "مقتنع بالحل" الذي يطرحه بري.
وللغرض نفسه، ختم البطريرك الماروني جولته الرئاسية في قصر بعبدا حيث حصل على موافقة رئيس الجمهورية ميشال عون على "الحل الدستوري والقانوني" المطروح للأزمة، تاركاً لعون مسؤولية أن "يقول للسيارة أن تمشي إلى الأمام"، بعدما تم التوصل إلى صيغة حلول مناسبة للأزمات المتشعبة، مع تشديده على وجوب أن يبدأ التنفيذ "من راس بكرا".
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطلعة على أجواء قصر بعبدا أنّ "توليفة" الحل المطروح تقوم على اتفاق الرؤساء الثلاثة على عزل قضية انفجار المرفأ عن العمل الحكومي، موضحةً أن هذا الاتفاق "يقضي بفصل التحقيق في القضية إلى قسمين، الأول يتعلق بمساءلة الرؤساء والوزراء والنواب أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بينما القسم الثاني يتصل بالتوافق على مواصلة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تحقيقاته في كل ما هو ليس على علاقة باستجواب الوزراء والنواب".
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024