لبنان
السياسة السعودية في لبنان: Game Over
تراجعُ السياسة السعودية في لبنان وانعكاساته شكّلت مادة دسمة لمركز الدراسات العالمي "كارنيجي" Carnegie الذي أسهب في تحليل تداعيات الهزيمة.
يسأل المركز في مستهلّ تقرير نشره حديثًا "لماذا تتنازل الرياض عن كل أوراقها في لبنان؟ أليس من المنطقي الاحتفاظ بالتحالفات هناك وخلق وسائل ضغط على حزب الله وطهران عند الضرورة؟"، حسب تعبيره.
ويرى المركز أن "سبب التنازل السعودي يعود إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان لا يتمتع بأيّة تجربة سياسية كما في الجيل السابق من القادة السعوديين، وهذا شيء مؤكد"، مضيفا أن "ابن سلمان بات حساسًا من استخدام القوة ومستعدًا للدخول في حوار مع إيران".
ويتابع المركز أن "السبب الآخر هو اعتقال ابن سلمان لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، خصوصا أن هذا الاعتقال كان أمرًا مهينًا وأثبت أنه يمكن الاستغناء عنه، ودفع خصومه إلى التأكد من أنه فقد راعيه الإقليمي وأصبح ضعيفًا جدًا أمامهم"، وقال: "خسر السنة في لبنان الكثير".
ويردف أن السعوديين فقدوا كل الثقة بالحريري (حليفهم اللبناني الرئيسي)، مشيرا إلى أنه "أصيب بخيبة أمل كبيرة، سواء على الصعيد السياسي أو في شؤونه التجارية، كما أن إضفاء الطابع الشخصي على علاقته بالرياض ليس فكرة جيدة".
وإذ يلفت المركز إلى أن "السعوديين لديهم الكثير من الطرق للتعامل مع السنة وتوجيههم دون المرور عبر الحريري"، يقول: "لنفترض أن عليهم العمل معه، فماذا في ذلك؟ لماذا يحرمون أنفسهم من هذا الخط؟".
ويذكر المركز أن خطأ الحريري ربما كان في الماضي هو فشله في حشد دعم مجتمعي لتعزيز سياسته، إذ تركزت جهوده في السنوات الأخيرة فقط على تأمين بقائه السياسي، خصوصا بعد العواقب المدمرة لسقوط شركته "سعودي أوجيه".. لقد فشل الحريري في كل الجبهات".
ويضيف "قد لا يكون الحريري على ذوق السعوديين، ولا ذوق جميع اللبنانيين السنة، لكن بالتأكيد عليهم أن يدركوا أنه عندما يجري تهميشه سياسيًا سيتأثر مجتمعهم بذلك".
المركز أشار إلى أن "اعتقال السعوديين للحريري في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 لم يكن مهينًا فحسب، بل كان غير مفهوم سياسيًا"، وقال " بمجرد أن ثبت أن الحريري يمكن الاستغناء عنه، اعتبره خصومه السياسيون المحليون - عون وباسيل من جهة وحزب الله من جهة اخرى - رجلاً ميتًا يمشي، خصوصا أنه فقد راعيه الإقليمي وبات ضعيفًا، ما منحهم المزيد من النفوذ عليه"، وأضاف: "لقد خسر السنة الكثير جراء ما جرى، وكذلك فعلت السعودية".
كما لفت المركز إلى أن "الرفض السعودي للتعامل مع لبنان دفع دولًا خليجية أخرى إلى المقاطعة، الأمر الذي جاء مدمرًا للغاية للاقتصاد اللبناني، وليس أقله قطاعه الزراعي"، متسائلا: "ما هو الهدف من ذلك، بخلاف زيادة معاناة اللبنانيين؟".
ويخلص تقرير المركز إلى أنه "إذا أراد السعوديون تعزيز القوى اللبنانية الرافضة لسياسات حزب الله، فإن استهداف الجميع بشكل عشوائي ليس الطريقة المناسبة لذلك".