لبنان
الدولة ترفع الدعم عن المحروقات.. والحكومة أمام اختبار الثقة الاثنين
اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم برفع الدولة للدعم عن المحروقات، حيث بات المازوت مسعرًا بـ12 دولارًا للتنكة، فيما رفع الدعم بشكل جزئي عن البنزين الذي ارتفع إلى حوالي 180 ألف ليرة، بحسب جدول الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة بالأمس.
إلى ذلك تتجه الأنظار إلى مجلس النواب يوم الاثنيني المقبل، حيث ستمثل حكومة نجيب ميقاتي أمام نواب الأمة، وتكون أمام اختبار نيل الثقة.
"الأخبار": رفع الدعم عن المحروقات من دون خطّة حماية اجتماعيّة
قُضي الأمر ورفعت الحكومة الدعم نهائياً عن المازوت، من دون أن تتفق على سعرٍ للصفيحة بالليرة اللبنانية، ما ضاعف المشكلة مع «دولرة المازوت»، وتحميل الكلفة للناس. أما بالنسبة إلى البنزين، فاتُّفق على الدخول في «مرحلة نصف النهائي» من رفع الدعم، لتُباع الصفيحة بدءاً من اليوم وفق سعر 12 ألف ليرة للدولار. وحين تنتهي الكمية «المدعومة»، سيبيع مصرف لبنان الدولارات ـ التي لا يملكها ـ للشركات المستوردة وفق سعر منصة صيرفة. رسمياً، دخل السكان في لبنان أصعب جزء من الأزمة ولن يملكوا الأدوات اللازمة لمواجهة تبعات الانهيار، لأنّ السلطة السياسية قرّرت إعدامهم عبر رفع الدعم قبل تأمين البديل.
منشآت النفط ـ التابعة للدولة اللبنانية ـ باعت أمس المازوت... بالدولار الأميركي النقدي. يُبرَّر الموضوع بأنّ المنشآت «لم تعرف» أيّ سعر صرف تعتمد لتسعير المازوت بالليرة. المسؤولون في الدولة لم يهتموا سوى للانتهاء من «هَمّ» دعم الاستيراد، سارعوا إلى الانتهاء منه كمن يستعدّ للإخلاء والهجرة، أما خلاف ذلك من «تفاصيل» فلم يتفقوا عليها. ويُمكن القول إنّ «الدولة» أمس خالفت قوانين «الدولة». فالمادة 192 من قانون النقد والتسليف تنصّ على أنّه «تُطبّق على من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية بالشروط المُحدّدة في المادتين 7 و8 العقوبات المنصوص عليها بالمادة 319 من قانون العقوبات»، وهي الحبس من ستّة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من 500 ألف ليرة إلى مليونَي ليرة. أما في ما خصّ التسعير، فتنصّ المادة الخامسة من قانون حماية المُستهلك على «إعلان الثمن بالليرة اللبنانية بشكلٍ ظاهرٍ بلصقه إمّا على السلعة أو على الرفّ المعروضة عليه». أما الأخطر من «دولرة بيع المازوت» وانعكاس ذلك على الفاتورة التي سيدفعها الناس، فهو مقاربة السلطة السياسية للمازوت بوصفه «مادة كمالية» يملك الناس ترف الاستغناء عنها أو استخدام خيارات بديلة! يُرفع الدعم عنها بشحطة قلم وقبل زيادة التغذية في كهرباء لبنان ــــ بطريقة مستدامة ــــ حتى يخفّ اعتماد الناس على المولدات الخاصة، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار أنّ المادة هي عُنصر أساسي من حلقة الإنتاج المترابطة بطريقة تجعل التعامل مع مكوناتها بطريقة مستقلة وعشوائية ضرباً من ضروب القتل.
قرار إعدام الناس بات أمراً واقعاً أمس، بعد أشهر من ابتزازهم وممارسة أقصى الضغوط عليهم في ملفّ حيوي. تهديدات الأشهر الماضية التي أطلقها حاكم البنك المركزي رياض سلامة، وتجاهلتها السلطة السياسية مُقرّرةً عدم اتخاذ أي قرار لتخفيف حدّة الأزمة، نُفّذت مع ما يعنيه ذلك من انتقال إلى مستوى أكثر خطورة من الانهيار، سيتم رمي كلّ نتائجه على السكان. رفع الدعم عن المحروقات، من دون اقترانه بخطوات حمائية كتوزيع بطاقة للدعم المالي، وإيجاد مصادر للطاقة البديلة وإطلاق خطة للنقل العام وزيادة إنتاج مؤسسة كهرباء لبنان، يعني ضرب ما تبقّى من قدرات معيشية لدى السكان، والقضاء على معظم القطاعات الاقتصادية.
دخول قافلة ثانية من صهاريج المازوت الإيراني في ظلّ طلب كثيف عليه
رفع الدعم نهائياً عن المازوت، قابله رفع «جزئي» عن استيراد البنزين، فتمّ اعتماد سعر 12 ألف ليرة للدولار عوض 8 آلاف ليرة. القرار الذي صدر أمس «حرّر» البنزين من عند شركات الاستيراد وبدأت توزيعه على المحطات، إلا أنّ ذلك لا يعني «حلحلةً». الطوابير الخانقة أمام محطات المحروقات عادت لأنّ أصل المشكلة لم يُحل، وهو الكميات التي تحتاج إليها السوق. فالبواخر السبع التي فتح مصرف لبنان لها اعتمادات بداية الأسبوع، يُتوقّع أن تكفي لعشرة أيام فقط بعدما كانت تكفي شهراً قبل الأزمة، والسبب هو تغيّر سلوك المُستهلكين وارتفاع طلبهم على البنزين نتيجة خوفهم الدائم من انقطاعه أو ارتفاع أسعاره. غياب الثقة لدى الناس، تُغذّيه قرارات السلطة السياسية من جهة، وسيطرة مصرف لبنان على الاعتمادات من جهة أخرى، الذي يُطبّق سياسة خنق الاقتصاد وخفض الاستهلاك إلى الحدود الدنيا. وطالما أنّ مصرف لبنان هو الذي يُقرّر ــــ باستنسابية ــــ الكميات الضرورية من المحروقات، وبغياب الحلول البديلة، ستستمر الأزمة وتتفاقم، وخاصة أنّه يُنقل عن مستوردي وموزعي المحروقات أنّ البنك المركزي، عند رفع الدعم نهائياً عن البنزين، سيستمر في توفير الدولارات لفتح الاعتمادات بحسب سعر منصّة صيرفة، حتى لا تلجأ الشركات إلى السوق الموازية بما يؤدي إلى المزيد من انهيار الليرة. لكن، سيّان ما بين تأمين الدولارات على سعر 3900 ليرة أو 8000 ليرة أو 16 ألف ليرة، ففي النتيجة يوجد عملة صعبة ستخرج من حسابات مصرف لبنان... «الفارغة». فمن أين سيأتي رياض سلامة بالدولارات؟ هل يعود هو إلى اللعب في السوق الموازية، ويشتري منها الدولارات؟
«زفّ» رفع الدعم تولّاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس خلال مقابلته مع قناة «سي ان ان» الأميركية، فقال إنّه «لم يعد لدينا أموال لاستكمال الدعم، وهو يجب أن يتوقّف لأنّ 26% من أموال الدعم العام الفائت وصلت إلى اللبنانيين، والباقي ذهب إلى جيوب التجّار والمحتكرين والمهربين. سنكتفي في الفترة المقبلة بدعم الأدوية، وخصوصاً أدوية الأمراض المستعصية. من هنا نطالب المجتمع الدولي بالإسراع في مساعدتنا لوقف النزف قبل فوات الأوان». ميقاتي نفسه كان قد طلب أمس عدم فتح الاعتمادات للبنزين وفق سعر 8000 والانتقال إلى سعر 12 ألف ليرة لتمرير رفع الدعم تدريجياً. وأعلن ميقاتي خلال المقابلة أنّه في الأسبوع الماضي «تواصلنا مع صندوق النقد الدولي الذي أبدى استعداده لدعم لبنان، وعرضنا مشكلة الكهرباء واقتراحات الحلول المناسبة. واجتمعت مع رئيس منظمة الصحة العالمية الذي أبدى الاستعداد لدعم القطاع الصحي في لبنان، وحضّ الدول المانحة على تقديم المساعدات للبنان».
في السياق نفسه، بدأ تنفيذ اتفاقية الفيول بين لبنان والعراق، مع تفريغ أول شحنة مُحمّلة بـ 31 ألف طن، على أن تُفرغ 15 ألفاً من حمولتها في خزّانات معمل دير عمار، و16 ألفاً في معمل الزهراني، وستليها باخرة فيول أويل قبل آخر أيلول. وشكر ميقاتي «حكومة العراق على دعم لبنان بالمشتقات النفطية، كما أشكر أشقاءنا العرب على دعمهم الدائم للبنان، وأتعهد لهم بأنّ لبنان لم ولن يكون ساحة للإساءة إلى الدول العربية. من هنا، أُطالب جميع الأطياف اللبنانية باعتماد سياسة النأي بالنفس. لبنان لم يتخلّ عن أشقائه العرب وهو يدعوهم إلى عدم التخلي عنه». هذا الشكر لـ«الأشقاء»، وتحديداً للسعودية والإمارات العربية، غير المقرون بأفعالٍ إيجابية، حجبه ميقاتي عن الجمهورية الإسلامية في إيران في ما خصّ إرسال النفط إلى لبنان، فلم يجرؤ على شكرها أو توجيه تحية لها، بل قرّر من منبرٍ أميركي «بيع» موقفٍ لحلفائه الغربيين والعرب والتعبير عن أنّه «حزين على انتهاك سيادة لبنان، ولكن ليس لديّ خوف من عقوبات على لبنان، لأنّ العملية تمّت بمعزلٍ عن الحكومة اللبنانية». وقد توالت لليوم الثاني ردود الفعل «المُستنكرة» لدخول صهاريج المحروقات الإيرانية من سوريا إلى لبنان، من قبل القوى والأحزاب التي كانت تُشكّل فريق «14 آذار» والدائرة في فلك الولايات المتحدة الأميركية والإمارات والسعودية. فأعلنت القوات اللبنانية أنّ استيراد النفط الإيراني «لم يراع ليس فقط المعايير القانونية والتنظيمية المتعلقة باستيراد المحروقات والمشتقات النفطية باعتبار أن هذه المسألة تخضع في لبنان لنصوص قانونية وتنظيمية واضحة المعالم، وإنّما تجاوز كل ما يتصل بدور الدولة اللبنانية والبعد السيادي للبنان، كما أنّ هذه الخطوة هي استعراضية ولا تقدِّم حلاً لأزمة المحروقات، بل تزيد هذه المعضلة تعقيداً». بموازاة ذلك، وفي ظل إقبال كثيف على طلب شراء المازوت الإيراني، دخلت الليلة الماضية قافلة ثانية من الصهاريج المحمّلة بالمازوت الإيراني من سوريا إلى لبنان، ليتم نقلها إلى مختلف المناطق.
على صعيد آخر، دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى جلسة عامة لمناقشة البيان الوزاري للحكومة والتصويت على الثقة، يوم الاثنين المقبل في قصر الأونيسكو.
"اللواء": ميقاتي حزين لعدم خضوع قافلة المازوت لإجراءات الحكومة
صحيفة "اللواء" قالت إنه في المشهد اللبناني الذاهب مع جلسة الثقة يوم الاثنين لبدء المسار الحكومي الرسمي بتحمّل المسؤولية، بدأت عمليات رفع الدعم تدريجياً في سوق المحروقات من تحرير سعر المازوت من أيّ تدخل حكومي وتركه للعبة السوق، وتسعير البنزين بما يجعله قريباً من السعر المرتقب مع رفع الدعم، بينما أعلن وزير المال يوسف خليل توقيع العقد الخاص بالتدقيق الجنائي المالي مع شركة «الفاريس ومارسال»، وهو ما كان موضع ترحيب من رئيس الجمهورية الذي علق واعداً اللبنانيين بنجاحات إصلاحية في العام الأخير من عهده تعوّض السنوات التي مضت.
وبعد إقرار مجلس الوزراء البيان الوزاري بالإجماع، تتجه الأنظار إلى قصر الأونيسكو الذي يشهد جلسة عامة للمجلس النيابي دعا إليها الرئيس نبيه برّي لمناقشة البيان والتصويت على الثقة، قبل ظهر الاثنين المقبل وكذلك مساء اليوم نفسه.
وبحسب مصادر مجلسية لـ”البناء”، فقد وزعت الأمانة العامة لمجلس النواب البيان الوزاري على النواب للاطلاع عليه قبل ثلاثة أيام من مناقشته في الجلسة النيابية، مشيرة إلى أن الجلسة ستكون منقولة مباشرة عبر شاشات التلفزة، متوقعة أن تنال الحكومة نسبة أصوات عالية لن تكون أدنى من نسبة الأصوات التي نالتها خلال الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا، مضيفة أن مختلف الكتل النيابية أعلنت منح الثقة للحكومة علماً أن تكتل لبنان القوي أعلن أن ثقته ستكون مشروطة بالتزام الحكومة تنفيذ بنود البيان الوزاري لا سيما الإصلاحات الأساسية كالتدقيق الجنائي وخطة الكهرباء وقانون الكابيتال كونترول، فيما أعلن تكتل القوات اللبنانية حجبه الثقة عن الحكومة متسائلاً: كيف يمكن منح الثقة لحكومة يعاد استلام الفريق نفسه فيها، الذي أوصل لبنان إلى العتمة وزارة الطاقة.
وأشارت أوساط نيابية لـ”البناء” إلى أنه “لم يكن البيان الوزاري يوماً ملزماً للحكومة لكن الأصول الدستورية والقانونية تفرض إعداده ودائماً يحاكي القضايا الملحة وكل ما يتعلق بالسياسة الحكومية التي تتناول كل الملفات سياسية ومالية واقتصادية وكل ما يتعلق بقضايا الناس والبلد”. لكن الأوساط ركزت على أن نسبة الأصوات والكتل المتنوعة سياسياً وطائفياً التي ستمنح الثقة ستشكل اختباراً لحجم التوافق السياسي، ومؤشراً على حجم الانسجام السياسي داخل مجلس الوزراء الذي يضم تشكيلة سياسية واسعة، لا سيما تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وحزب الله، إلا أن الأوساط اعتبرت أنه من المبكر الحكم على أداء الحكومة وقدرتها على الانتاجية ومدى الانسجام بين أعضائها على رغم المناخ التوافقي الذي يظلل الحكومة منذ تأليفها حتى الآن، لكن ما يحسم هذا الأمر ما بعد نيلها الثقة وانطلاقتها نحو العمل ومقاربة الملفات الساخنة والحساسة السياسية والمعيشية والاقتصادية، كالتدقيق الجنائي وإصلاح القطاع المصرفي وقانون الكابيتال كونترول، ورفع الدعم والبطاقة التمويلية، وكيفية إدارة التفاوض مع صندوق النقد الدولي والشروط التي تتضمنه، وخطة الكهرباء وتحقيقات تفجير مرفأ بيروت، وأزمة النازحين والعلاقات مع سورية، وملف ترسيم الحدود البحرية وغيرها”، متوقعة أن تشهد جلسات مجلس الوزراء تجاذبات وخلافات بين الوزراء، لكنها ستبقى حتى المدى المنظور مضبوطة تحت سقف التوافق الدولي – الإقليمي الذي أدى إلى ولادة الحكومة وتسهيل بعض الانفراجات على المستوى النفطي”.
وأطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سلسلة مواقف من قضايا وملفات عدة، وفي حديث لشبكة CNN أكد ميقاتي أن “المهمة الأساسية للحكومة هي وقف الانهيار ووضع البلد على طريق التعافي، تمهيداً للانتقال إلى معالجة الملفات الاقتصادية والمالية والحياتية”. ولفت ميقاتي إلى أنه “بين تشكيل الحكومة واليوم، شعرت بالارتياح النسبي لأننا في خلال سبعة أيام تواصلنا مع صندوق النقد الدولي الذي أبدى استعداده لدعم لبنان، وعرضنا مشكلة الكهرباء واقتراحات الحلول المناسبة”.
وعن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، أكد أنه “لن نسمح لأي عائق بالوقوف في وجه التحقيق لمعرفة ملابسات الجريمة ومحاسبة المسؤولين عنها، مع الأخذ في الاعتبار الأصول الدستورية والقانونية”.
وعن مشاركة “حزب الله” في الحكومة: “أنا رجل عملي والحكومة جامعة لمعظم الأطياف اللبنانية، ولا يمكننا أن نقوم بأي إصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد الدولي من دون موافقة ودعم الجميع. حزب الله يمثل شريحة من اللبنانيين في مجلس النواب».
وعن إدخال حزب الله النفط الإيراني والخوف من عقوبات على لبنان، أجاب ميقاتي: “أنا حزين على انتهاك سيادة لبنان ولكن ليس لدي خوف من عقوبات عليه، لأن العملية تمت في معزل عن الحكومة اللبنانية”.
وكشف ميقاتي أنه تلقى عدة رسائل دعم من الإدارة الأميركية، إلا أن مصادر سياسية لفتت لـ”البناء” إلى أنه لا يمكن الحكم على الموقف الأميركي من الحكومة الجديدة قبل اتخاذ قرارات عملية بفك الحصار الأميركي الاقتصادي عن لبنان والسماح لصندوق النقط الدولي ولدول الخليج بمساعدة لبنان. وأضافت المصادر: “طالما الولايات المتحدة الأميركية لم تعطِ الضوء الأخضر للدول العربية والخليجية تحديداً للانفتاح على لبنان يعني أن حكومة ميقاتي ستلقى المصير نفسه الذي لقيته حكومتا الرئيسين السابقين سعد الحريري وحسان دياب حتى يثبت العكس”، متوقفة عند الموقف السعودي الذي لا يزال غامضاً وملتبساً حتى الساعة، إضافة إلى موقف مجلس التعاون الخليجي والموقف العربي بشكل عام”.
وفي سياق ذلك أشار رئيس الحزب “الديمقراطي اللبناني” طلال أرسلان إلى أن “خطوة السفن الإيرانية كبيرة وجبارة، وتنقذ المواطن اللبناني من طوابير الذل التي يتعرض لها”، مشدداً على أنه “لا شك أن هذا الموضوع مفصلي، وسيعكس نفسه على الواقع اللبناني إيجابياً، وأي مخرج يخرجنا من الأزمة، سيشكل ارتياحاً للبنانيين». وأوضح، في حديث لقناة “المنار” أنه “يجب أن نأخذ عدة مشاهد في الاعتبار في ما يخص وصول المازوت الإيراني من إيران وعبر سورية، منها محادثات فيينا، والاجتماع الرباعي في الأردن من أجل استجرار الغاز المصري والطاقة الأردنية إلى لبنان”، معتبراً أن “المنطقة مقبلة على متغيرات كبيرة، والإيراني سيكون شريكاً في هذه التغيرات، وسورية بمبادرة الرئيس بشار الأسد إلى لبنان لها دور”.
وبالنسبة للصمت الأميركي والإسرائيلي الذي رافق وصول السفن الإيرانية، رأى أرسلان أن “ذلك يعود لميزان القوى”، واعتبر أن “الأميركيين يتعاطون بأكثر عقلانية من بعض اللبنانيين، وقد ظهرت عدم جدوى الحصار على لبنان”.
وأوضح أن “كل حسابات أميركا تغيرت، خصوصاً بعد أن ظهر عدم فائدة الحصار بهدف تقليص دور المقاومة في لبنان، وأبرز دليل هو زيارة الوفد اللبناني إلى سورية”. وذكر أرسلان، أنه “طلبت من الأسد أن نشكل وفداً إلى سورية بعد انتخابه رئيساً”، مشيراً إلى أن “سورية تسكن في قلب وجدان الدروز في لبنان، فهي بمختلف المراحل كانت السند للدروز، وهذا بالوجدان الدرزي العميق، ولدى الأسد احترام كبير للواقع الدرزي في لبنان”.
وذكر منشور على موقع وزارة الخزانة الأميركية على الإنترنت أن واشنطن فرضت عقوبات على شبكة وأفراد على صلة بحزب الله. كما أوضحت الوزارة في بيان أن “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) حدد أعضاء تلك الشبكة المالية ومقرها لبنان والكويت، الذين يعملون ضمن الميسرين الماليين والشركات الواجهة لدعم حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني”. وأكدت أن “هؤلاء الأفراد أو الشبكة قاموا بعمليات غسل عشرات الملايين من الدولارات من خلال الأنظمة المالية الإقليمية، وأجروا عمليات تبادل للعملات وتجارة الذهب لصالح كل من الحزب والحرس الثوري”.
في غضون ذلك، لا تزال أزمة المحروقات تتصدر واجهة المشهد الداخلي في ظل بقاء طوابير السيارات على حالها مع نشاط كبير للسوق السوداء ما دفع بمصادر اقتصادية للتساؤل لـ”البناء”: لماذا يختفي البنزين والمازوت من المحطات ويتواجد بكثرة في السوق السوداء؟ ومن أين يأتي المحتكرون بالبنزين فيما أغلب المحطات مغلقة ولا تتسلم المحروقات من الشركات؟ وهل هناك “مافيات” تشمل بعض الشركات والمحطات والأشخاص ومحمية ومغطاة من جهات رسمية نفطية وأمنية؟ ولماذا لا تزال السوق السوداء نشطة على رغم القوانين التي تجرم الاحتكار والمداهمات الأمنية اليومية؟.
وقد تم تخفيض الدعم على المحروقات رسمياً أمس فقد سجّل سعر صفيحة البنزين بنَوعيه ارتفاعاً ملحوظاً، ليبلغ الـ95 أوكتان بـ174 ألفاً و300 ليرة والـ98 أوكتان بـ180 ألفاً. وشددت مصادر وزارة الطاقة لـ”البناء” على أن رفع الدعم عن المحروقات سيكون تدريجياً على أن يرفع كلياً الشهر المقبل.
وأكدت جهات نفطية مطلعة لـ”البناء” أن “الشركات بدأت بتسليم كميات من البنزين مساء أمس على أن يتم تسليم كميات إضافية اليوم، لكنها لن تلبي حاجة السوق الذي لن يرتاح قبل يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين”، أما السبب بحسب المصادر فهو “أن شركة توتال ستفرغ بواخرها التي تنتظر في البحر يوم الاثنين المقبل”، ورجحت المصادر أن “تخف أزمة البنزين بداءاً من الثلثاء وبالتالي الحد من أزمة الطوابير”. ولفتت المصادر إلى أنه “سيتم تسعير صفيحة البنزين وفق سعر المنصة أي 12100 ليرة أي حوالي 173 ألف ليرة للصفيحة”، وشددت المصادر على أن الدعم على المحروقات سيرفع كلياً بدءاً من الشهر المقبل وحينها سنشهد حلحلة واسعة لأزمة الطوابير، وكذلك الحد من عمليات الاحتكار والسوق السوداء”.
وانعكس ارتفاع صفيحة البنزين سلباً على قطاع النقل، فقد أكد رئيس اتحادات ونقابات النقل البري في لبنان بسام طليس أن “تسعيرة الفانات والسرفيسات الآن تخضع لنظام السوق السوداء ولا لوم على السائقين”.
"الجمهورية": الحكومة على باب الثقة
صارت الحكومة على بعد بضعة أمتار من أن تتمتّع بكامل المواصفات والصلاحيات التنفيذية، والإثنين المقبل هو الموعد المبدئي لمنحها المفتاح لإدارة عجلاتها في مهمّة الانقاذ الصعبة التي تنتظرها. وكما يبدو جلياً من الخريطة النيابية فإنّ الحكومة ستعبر الى الحكم، على ثقة نيابية موصوفة تلامس الـ100 صوت، في مقابل معارضة خجولة في حدود الـ20 صوتا نيابيا تتوزّع بين حاجب للثقة او ممتنع عن التصويت. والمرجّح ان يندرج في هذا الصفّ نواب تكتل الجمهورية القوية الى جانب بعض النواب المستقلّين الذين يعتبرون حكومة نجيب ميقاتي امتداداً للحكومات السابقة التي كانت سبباً في انتفاضة الغاضبين في 17 تشرين الاول 2019.
الثلج والمرج
ما بعد الثقة النيابية واقع حكومي جديد، تدخل في مستهلّه الحكومة في اختبار قدرتها وصدقية الوعود التي أطلقتها، لنيل ثقة مزدوجة، من اللبنانيين أوّلاً، وكذلك من المجتمع الدولي، وهذا رهن بالاجراءات والخطوات التي ستتخذها، وببرمجة الاولويات وحسن اختيار وتقدير المجالات والمفاضلة بين ما هي ملحّة معالجته وبين الاكثر إلحاحاً ويتطلب علاجات فورية لارتباطها المباشر بحياة اللبنانيين ومعيشتهم.
وبالتأكيد ما بعد الثقة سيذوب ثلج الوعود والكلام النظري، ويبان مرج الافعال المنتظرة من الحكومة والتي ألزمت نفسها بها، لكنّ ذلك لا ينفي حقيقة أنّ الحكومة مقبلة على حقل واسع مزروع بعبوات ناسفة مزمنة من مختلف الألوان والأصناف، ما يجعل مهمّتها الانقاذية محفوفة بحذر سيلازمها طيلة فترة ولايتها غير المعروف أمدها، وبخشية من أن تنفجر أيّ من تلك العبوات في الحكومة وتطيح كل الآمال الداخلية والخارجية المعلقة عليها.
صواعق وعبوات
واذا كان أكثر ما يتمنّاه ويتوخّاه القيّمون على هذه الحكومة، هو شراكة القوى السياسيّة معها في تحمّل المسؤولية الانقاذية، وتوفير كل عوامل النجاح للمهمّة الحكومية، التي يندرج في صدارتها تفكيك صواعق تلك العبوات المزروعة تحت كلّ البنى الاقتصادية والمالية والمعيشية، بما يُمكّن الحكومة من تقديم انجازات ملموسة للمواطن خلال فترة قصيرة وقياسية، فإنّ الخطر على مهمّة الحكومة لا يتأتى فقط في إبقاء تلك الصواعق قائمة وقابلة للتفجير ربطاً بالمكايدات والمناكفات التي درجت عليها القوى السياسية، بل من فتائل التوتير السياسي التي بدأت تشتعل بشكل مريب بالتوازي والتزامن مع انطلاق الحكومة في ورشة الانقاذ.
وبمعزل عمّن أشعل تلك الفتائل، فإنّ مصادر سياسية حذّرت، عبر «الجمهورية»، من هذا المنحى، ومن حَرف الحكومة عن مهمّتها وإشغالها باشتباكات سياسية مفتعلة من بعض الأطراف، ربطا بالاستحقاق الانتخابي، ولغاية شدّ العصب السياسي والطائفي والمذهبي مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات النيابية المحدد في أيار المقبل، وهو أمر إن تفاقم، قد لا تسلم الحكومة من شظاياه.
«التيار» و«أمل»
ولعل نقطة الاشتباك الأكثر سخونة، أشار إليها الهجوم الذي بَدا متعمّداً من قبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ونسبِ كلام لرئيس المجلس يدرجه في سياق «منظومة» تعطيل ما سمّاه باسيل بـ«العهد القوي». وعكسَ من خلاله، بما لا يقبل أدنى شكّ، بلوغ العلاقة بين التيّار وحركة «أمل» أعلى درجات التوتّر السياسي، بما يجعلها الأكثرعرضة للإشتعال تحت عناوين مختلفة.
وقد بدا جلياً في هذا الجانب أنّ مصادر كتلة التحرير والتنمية قاربت الهجوم بردّ مقتضب وَصّفت فيه باسيل بـ»فاسق يتنبا»، الا انّ ذلك لا يعني ان قطوع ما تسميه مصادر قريبة «الافتراء على رئيس المجلس» قد مرّ وانتهى الأمر، ذلك انّ هذا «الإفتراء» الذي سعى من خلاله باسيل الى تجيير تفشيله لعهد عمّه إلى الآخرين، لن يتوقّف لأنه جزء اساسي من الطبيعية التي تحترف الاشتباكات وافتعال الخصومات والعداوات. وبالتالي، إنّ كلّ عوامل التصعيد موجودة، يؤشر عليها الجمر الذي اشعله هجوم باسيل تحت رماد العلاقة بين «أمل» و»التيار» ويكفي رصد جبهات التواصل الاجتماعي ليتبيّن حجم الكلام الكبير المتبادل بين الطرفين من فوق الزنار وتحته.
الاستدعاءات والحصانات
وفي موازاة ذلك، تبرز النار السياسية والقضائية، التي تَعسّ تحت ملف الادعاءات المرتبطة بملف التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت، وخطوة المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار بإصدار مذكرة إحضار جديدة بحق رئيس الحكومة السابق حسان دياب، ومذكرة توقيف غيابية بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس.
واذا كانت مذكرة توقيف فنيانوس، التي اعتبرها وزير الاشغال السابق ظلماً له، قد تفاعلت في اوساط تيار المردة وحملت رئيس التيار الى اعلان الوقوف مع فنيانوس في هذه المسألة، فإنّها، بحسب معلومات «الجمهورية»، قد تفاعلت بشكل كبير في الأوساط السنيّة السياسية والدينية، وخصوصا على مستوى دار الفتوى، التي تقارب هذه المسألة بريبة كبرى من كسر اصول التعامل مع الرئاسة الثالثة، وتساؤلات حول مغزى الاستهداف السياسي والكيدي لمقام رئاسة الحكومة، الذي ترفضه وتعتبره غير مقبول، وترى فيه تجاوزا للدستور لا يخدم تحقيق العدالة». وهو الامر الذي يؤكد عليه ايضا رؤساء الحكومات السابقين، حيث ذكّرت أوساطهم بموقف لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفض فيه الانتقائية في الملاحقة، مؤكداً ان العدالة لا تستقيم بمكيالين».
ولم تستبعد مصادر مواكبة لهذا الملف ان تستكمل خطوتا القاضي البيطار بإصدار مذكرة إحضار للرئيس دياب ومذكرة توقيف بحق فنيانوس، بتوجيه طلب إلى مجلس النواب لرفع الحصانات عن النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل، اضافة إلى جنحة الإهمال والتقصير، لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الامونيوم، ولم يتخذوا اجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار».
واكدت المصادر ان الجواب المجلسي على هذا الطلب، فيما لو تكرّر من القاضي البيطار، لا يرتكز الى عدم صلاحية المجلس العدلي في هذه المسألة بل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وفي هذا السياق، علمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة ان ثمة احتمالاً قوياً في أن يبادر الوزراء السابقون المعنيون بطلب رفع الحصانة عنهم، الى تقديم دعوى ارتياب مشروع من طريقة عمل المحقق العدلي، التي لا يخرجها هذا الارتياب عن العامل السياسي والاستنسابي.
هل ستنجز الحكومة؟
هذه التطورات، كما تقول مصادر سياسية لـ«الجمهورية» قد تشكّل عاملاً مشوشاً على عمل الحكومة يخفّف من اندفاعتها نحو العمل ويخفت عزمها على تحقيق انجازات سريعة، علماً انّ إقلاع الحكومة محفوف اصلاً بمطالب شعبية واسعة تحثّها على مقاربة الملفات الحياتية دفعة واحدة، وهو أمر يربك الحكومة ويجعلها تضيع وتحتار من اي باب ستدخل الى العلاج.
وبحسب المصادر، فإن المزاج الشعبي وبرغم الارتياح من تأليف الحكومة، الا انه حذر منها وليس واثقاً من تمكّنها من تجاوز المطبات الماثلة في طريقها، ووضع العلاجات اللازمة للملفات الاقتصادية والمالية والحياتية الشائكة.
يتقاطع هذا الحذر مع حذر مماثل تُبديه بعض المستويات الديبلوماسية، حيث قالت مصادر ديبلوماسية غربية لـ«الجمهورية»: من الجيد تأليف الحكومة في لبنان بعد فترة طويلة من التعطيل، كان المأمول أن تتشكل حكومة تضم اختصاصيّين، بما يجعلها حكومة تكنوقراط فعلية قادرة على تنفيذ مهمّة صعبة، ولكن مع هذه الحكومة التي تشكلت لسنا متأكدين من انها ستتمكن من الاقلاع بمشروع نهضوي للبنان، ومع ذلك نعتبر ان هذه الحكومة امام فترة اختبار جدي، ليس امام اللبنانيين فقط بل امام المجتمع الدولي، وإن لم تثبت أنّها قادرة على تقديم خطوات اصلاحية ملموسة ومحسوسة خلال فترة وجيزة، فمعنى ذلك انها ليست بحجم الآمال المعلّقة عليها.
الى ذلك، وفي موازاة تصميم الحكومة على الإنجاز، يبرز تحذير مرجع مسؤول عبر «الجمهورية» من أي تراخ في العمل الحكومي، لأنّ عجزها عن تحقيق ما وعدت به، سيضعها في مواجهة مع الناس». فيما جزمت مصادر معارضة فشل الحكومة وقالت لـ«الجمهورية»: الحكومة تحمل تفجيرها في داخلها، وبنوعية الوزراء التي تضمهم، وبالتالي هي مجرّد جسم هَشّ، لا يرقى الى حجم الأزمة، وامام هذه الحقيقة فهذه الحكومة لن تصمد طويلا».
الجلسة
وكان الرئيس بري قد حدد جلسة عامة الاثنين المقبل في قصر الاونيسكو لمناقشة البيان الوزاري للحكومة والتصويت على الثقة، في جولتين نهارية تبدأ من الحادية عشرة قبل الظهر، ومسائية اعتبارا من السادسة مساء اليوم نفسه. وبرز في هذا السياق اعلان تكتل «الجمهورية القوية» حجب الثقة عن الحكومة، مؤكدا «ان هدفه كان وما زال بناء الدولة والابتعاد عن كل نهج «أكلة الجبنة» السائد والمتأصِّل في الحياة السياسية اللبنانية في الأعوام الخمسة المنصرمة». واكد ان هذا النهج يجب إسقاطه في الانتخابات المقبلة. وسأل «كيف يمكن منح الثقة لحكومة يُعاد استلام الفريق نفسه فيها، الذي أوصَل لبنان إلى العتمة، وزارة الطاقة؟ وكيف يمكن منح الثقة لحكومة يواصل أحد مكوناتها، «حزب الله»، سياسة تجاوز الدولة وضرب علاقات لبنان الخارجية ورعاية التهريب ومنع إقفال المعابر غير الشرعية؟ وكيف يمكن منح الثقة لحكومة يُمسك «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» بقرارها ويواصلان سياسة تبادل الأدوار بين تغييب الدولة وسوء إدارتها؟.
"اللواء": جلسة الثقة الاثنين
وكان الرئيس نبيه برّي سارع إلى الدعوة الى جلسة عامة لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة، وذلك عند الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الاثنين المقبل في 20 الحالي وكذلك مساء اليوم نفسه، في قصر الاونيسكو.
والجلسة التي ستبث وقائعها على الهواء مباشرة، جرى الاتفاق على تقليص عدد المتكلمين لجهة ان يتحدث رئيس الكتلة عن كل كتلة، او نائب او اكثر ، بالإضافة الى النواب المستقلين،بما يساهم في تسريع عملية المناقشة، بعد تلاوة البيان الوزاري من قبل رئيس الحكومة، على ان تحدد الجلسة المسائية، للتصويت على الثقة، وثم كلمة لرئيس الحكومة يرد فيها على كلام النواب، ويشكر المجلس على ثقته.
وعليه، بدأت الكتل النيابية، في اجراء الاجتماعات والاتصالات، عشية الجلسة، لإستخلاص المواقف النهائية من منح الثقة او عدمها، وفي حين جاءت اول المواقف النيابية المعلنة من الثقة، من تكتل «الجمهورية القوية» الذي اعلن حجبها عن الحكومة مؤكدا ان هدفه كان وما زال بناء الدولة والابتعاد عن كل نهج «أكلة الجبنة» السائد والمتأصِّل في الحياة السياسية اللبنانية في الأعوام الخمسة المنصرمة، يتريث تكتل «لبنان القوي» في اتخاذ القرار، وان كان ما نقله عضو «التكتل النائب فريد البستاني يوحي بامكانية منحها، في المقابل، من المؤكد ان «كتلة المستقبل» ستعطي الثقة، في اطار دعم رئيسها الرئيس سعد الحريري للرئيس ميقاتي، كما هو حال «كتلةالتنمية والتحرير» وكتلة «اللقاء الديموقراطي». والوفاء للمقاومة والتكتل الوطني واللقاء الديمقراطي والوسط المستقل، وكل الكتل التي سمت الرئيس ميقاتي، خلال التكليف.
وبغض النظر عن الرقم الذي ستحوزه الحكومة في الثقة، في حكومة ميقاتي الثالثة والتي ستتأرجح زيادة او نقصانا في حدود السقف الذي ناله خلال التكليف 72 صوتا (الا في حال منح تكتل لبنان القوي الثقة فقد يتمحور الرقم للثمانين صوتا او اقل او اكثر)، بعد الاولى في العام 2005 بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واستقالة حكومة الرئيس عمر كرامي حيث نال ميقاتي 110 اصوات، والثانية 68 بعد انسحاب نواب المعارضة من الجلسة، فان ميقاتي عازم على العمل وهو ما قاله من خلال طلبه من الوزراء «العمل وليس الكلام»، ومن خلال الشعار الذي اقترحه لحكومته «معا للإنقاذ»، وتبقى العبرة في التنفيذ.
وبدأت مسيرة الحكومة سريعة نحو تحقيق بعض الانجازات المطلوبة كما كانت سرعتها في التشكيل وإنجاز البيان الوزاري، بتوقيع وزير المال يوسف الخليل عقد التدقيق الجنائي لحسابات المصرف المركزي مع شركة «الفاريس اندرسال» ، فيما دعا رئيس المجلس نبيه بري الى جلسة عامة يوم الاثنين المقبل قبل الظهر ومساء لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على ثقة المجلس بالحكومة المضمونة بنحو مائة صوت، لكن تكتل «الجمهورية القوية» سارع إلى إعلان عدم منحه الثقة بها.
وبالنسبة لتكتل لبنان القوي، فقد افادت مصادره لـ «اللواء» ان توجه التكتل ايجابي نحو الرئيس ميقاتي لأنه استجاب في البيان الوزاري وفي اللقاء بينه وبين التكتل لعدد كبيرمن المطالب التي طلبناها على المستويات الاقتصادية والمعيشية. لكن الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر ناقشت الموضوع في اجتماعها امس، وهي بصدد استكمال البحث مع اعضاء التكتل النيابي لتقرير الموقف النهائي من منح الثقة او عدمها.
التدقيق الجنائي
مالياً، وقّع امس وزير المالية د. يوسف الخليل عقد التدقيق الجنائي مع شركة Alvarez & Marsal ممثّلاً الحكومة اللبنانية بعد أن تبلغ موافقة ديوان المحاسبة على العقد، وأبلغ الوزير الخليل كلاً من السادة الرئيس ميشال عون والرئيس بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي. وستقدّم الشركة التقرير المبدئي للوزير الخليل بمهلة 12 أسبوعاً من تاريخ مباشرة فريق عمل الشركة.
وفي الشأن المالي، تبلغ وزير المالية من مصرف لبنان ان مستحقات لبنان من صندوق النقد الدولي قد حولت إلى حساب الوزارة في المصرف.
وأكّد المتحدث باسم الصندوق عن الاستعداد للانخراط في بيروت مع الحكومة اللبنانية الجديدة في المرحلة المقبلة.
واعتبر رئيس الجمهورية ان «مسيرة التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان التي انطلقت عمليا بعد توقيع وزير المال للاتفاقية مع شركة «الفاريز ومارسال» التي ستتولى التدقيق المذكور، هي الخطوة النوعية في مسيرة التزام قواعد الشفافية ومكافحة الفساد والإصلاح».
واكد الرئيس عون ان «التدقيق الذي سيبدأ في حسابات مصرف لبنان بعد 20 شهرا من السعي الحثيث واليومي للتوصل اليه، لا يستجيب فقط لحق اللبنانيين في معرفة أسباب الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي الذي أصاب البلاد والعباد، بل يمهد الطريق امام الإصلاحات المنشودة، كما انه يتجاوب مع رغبات المجتمع الدولي الذي أوصى دائما بضرورة تحقيق التدقيق حتى يعمل على مساعدتنا في النهوض الاقتصادي الذي نأمل ان توفَق الحكومة الجديدة في السير به».
ولفت الرئيس عون الى ان «التدقيق سوف يشمل لاحقا المؤسسات العامة والإدارات والمجالس والصناديق والهيئات، خصوصا تلك التي حامت الشبهات حول أداء المسؤولين عنها خلال الأعوام الثلاثين الماضية».
وطمأن رئيس الجمهورية اللبنانيين بأن السنة الأخيرة من ولايته ستكون سنة الإصلاحات الحقيقية، بعدما تعذر خلال السنوات الماضية تحقيق ما كان يصبو اليه اللبنانيون بفعل تغليب بعض المعنيين لمصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة، وتشكيل هؤلاء منظومة أقفلت الأبواب في وجه أي اصلاح، ما وفر الحماية لفاسدين ومرتكبين.
إقرأ المزيد في: لبنان
13/11/2024