معركة أولي البأس

لبنان

الحكومة تراوح مكانها.. وأزمة البنزين تتطور لإشكالات في المناطق
30/08/2021

الحكومة تراوح مكانها.. وأزمة البنزين تتطور لإشكالات في المناطق

بقيت الأزمة الحكومية تراوح مكانها شأنها شأن الأزمات التي تغرق فيها البلاد، ولم تصدر أي إشارات إيجابية من اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وفي وقت بدأت فيه أزمة المحروقات تطال قطاع الاتصالات، لم يشفع ارتفاع سعر صفيحة البنزين للمواطنين، حيث استمرت طوابير السيارات المتكدسة أمام المحطات، وتطورت إلى إشكالات متنقلة بين المناطق على خلفية المحسوبيات في التعبئة وسط غياب للدور الرقابي من قبل الأجهزة الأمنية.

 

"الأخبار": العرض المصري يشمل نقل الغاز إلى الزهراني؟ لا غاز ولا كهرباء... بلا حكومة

أزيل الكثير من العقبات القانونية والتقنية والمالية من أمام اتفاقية استجرار الغاز المصري إلى لبنان. وأكثر من ذلك، ثمّة من يؤكّد أن الاتفاقية ستشمل نقل الغاز في البواخر إلى الزهراني، بما يؤدي إلى تشغيل أكبر معملين في لبنان على الغاز. لكن ذلك مرهون بتذليل عقبة واحدة لا تزال تمنع أي تفاؤل بإمكان عودة الكهرباء إلى المنازل والمصانع والمستشفيات: قبل تأليف الحكومة لا يمكن توقيع الاتفاقية.

بعدما حصل وزير الطاقة ريمون غجر على تفويض بالتفاوض لتفعيل تنفيذ الاتفاقيات مع الجانب المصري لاستجرار الغاز من مصر إلى لبنان لزوم تشغيل معامل الكهرباء، في 17 آب الجاري، وبعدما استكمل رئيسا الجمهورية والحكومة هذا التفويض بتفويض آخر يشمل إضافة إلى غجر، وزيري الخارجية والمالية، بالإضافة إلى المدير العام للأمن العام، ويدعو إلى «المباشرة بالتفاوض مع الدولتين السورية والأردنية لتفعيل تنفيذ الاتفاقيات الموقّعة مع مصر»، لم يبق سوى تحديد الجانب السوري موعداً للزيارة التي يتوقع أن تحصل هذا الأسبوع. في هذا الوقت، بدأ أعضاء الوفد يُعِدّون للزيارة تقنياً، على وقع أسئلة من السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن سبب الزيارة! هي اعتقدت أنه إذا كان الاستجرار سيتمّ من الأردن ومصر، فلا مبرر لزيارة سوريا، قبل أن «تتقبّل» ما واجهها به مسؤولون لبنانيون لجهة أن سوريا هي جزء من مثلّث الاستجرار، ومن دونها لا يكتمل وصول الغاز إلى لبنان.

إلى ذلك، حذّرت مصادر مطّلعة من الإفراط بالتفاؤل، مشيرة إلى أن المشروع، بالرغم من أنه قد يُنجَز قانونياً (الأميركيون يَعِدون بمنح المشروع استثناءً من قانون «قيصر») وتقنياً (مصر جاهزة لتصدير الغاز) ومالياً (بعد الحصول على ضمانة من البنك الدولي)، إلا أن عقبة أساسية لا تزال تواجهه، هي عدم تأليف الحكومة اللبنانية. بحسب المصادر، ليكون الاتفاق منجزاً، لا بد من وجود حكومة مكتملة الصلاحية قادرة على توقيعه والالتزام به. وبمعنى آخر، لا غاز من دون حكومة، وبالتالي لا كهرباء من دون حكومة. أما في حال تأليف الحكومة، وتوقيع الاتفاقية حسب الأصول، فتؤكد المصادر أن الغاز المصري يمكن أن يصل إلى لبنان خلال أسابيع، بخلاف ما يتردد عن أن مصر تحتاج إلى أشهر لتتمكن من تزويد لبنان بحاجته. أما بالنسبة إلى الكهرباء المستجرّة من المعامل الأردنية، فالبرغم من أن مصر ستتكفل بتأمين الغاز المطلوب لتشغيلها، إلا أن وصولها إلى لبنان يحتاج إلى وقت أطول، نظراً إلى تضرّر أبراج النقل في الجنوب السوري.

يرى المصدر أن عودة الكهرباء إلى المنازل هي سبب كاف لتأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، إذ لا يُعقل أن تُحلّ كل العقد التي كانت تواجه الاتفاقية، ثم تتوقف من قبل الطرف الأكثر حاجة لتنفيذها، علماً بأنه إضافة إلى عقوبات قانون «قيصر» الأميركي، كان ثمة مشكلة أخرى، بحسب المصدر، تتعلق بعدم القدرة على التعامل التجاري مع دولة أعلنت تخلّفها عن دفع ديونها. وهنا الأمر لا يتعلق بمصر أو الأردن، بل بالشركات العديدة المعنية بالاستجرار، إذ تؤكد المصادر أن المساعي التي بذلت منذ نهاية 2019 لإحياء الاتفاقية جُمّدت بعد إعلان لبنان تخلّفه عن دفع ديونه في ربيع عام 2020. ولذلك، فإن إبداء الولايات المتحدة رغبتها في استثناء المشروع من عقوبات قانون قيصر، كما إعلانها إدخال البنك الدولي طرفاً في الموضوع، هو الذي سمح عملياً بنقل الملف إلى حيّز التنفيذ، بعدما كانت مصر قد هيّأت الأرضيّة التقنيّة له، ثم عمدت بالتعاون مع الأردن إلى تهيئة الأرضية القانونية له.

السفيرة الأميركية «سألت» عن الهدف من زيارة وفد وزاري لسوريا... قبل أن «تتقبّل» الأمر!

إلى ذلك، فإن المفاجأة الفعلية التي يؤكدها المصدر تشير إلى أن الاستعداد المصري لمساعدة لبنان لا يقتصر على استجرار الغاز عبر الأردن وسوريا، وصولاً إلى معمل دير عمار، أو على بيعها الغاز بأسعار تقلّ عن سعر المبيع إلى أوروبا، بل إن الخطط المصرية تتضمّن إمكانية نقل الغاز عبر البواخر إلى معمل الزهراني، بما يعني عملياً تشغيل أكبر معملين في لبنان (860 ميغاواط) على الغاز. الدراسات التي أجريت تؤكد أنه بالرغم من أن كلفة النقل بالبواخر تزيد على كلفة الاستجرار، إلا أنها تبقى، بلا شك، أقل من كلفة الفيول.
ليس واضحاً بعد ما إذا كانت مصر ستبيع الغاز إلى سوريا أيضاً، لكن المعطيات الأولية تؤكد أن الاستثناء الذي ستصدره وزارة الخزانة الأميركية يشمل كل ما يتعلق بنقل الغاز إلى لبنان حصراً، وبالتالي فإن دفع رسوم المرور إلى سوريا يكون مشمولاً بالإعفاء، بصرف النظر عما إذا كان الدفع نقداً أو عبر كميات من الغاز، فيما بيع الغاز لها مباشرة يحتاج إلى استثناء آخر.

 

"البناء": القطب المخفية تمنع تشكيل الحكومة
الملف السياسي الحكومي، داخل الثلاجة، كما تقول مصادر تتابع المسار الحكومي عن قرب، وتضيف المصادر أنّ الأمر لم يعد ممكناً تفسيره أمام حجم المشاكل المتفجرة وخطورتها بما يتمّ تسريبه من خلافات، حول بعض الحقائب والأسماء، فالأرجح وفقاً لهذه المصادر انّ القطب المخفية التي لا يصرّح بها المعنيون بالتأليف هي التي تحول دون أن تبصر الحكومة النور، وتختصر المصادر ما تسمّيه بالقطب المخفية بقولها، إنّ فريق رئيس الجمهورية يعود الى طرح ملاحظات على التسميات المتداولة للحقائب التي يتولاها مسيحيون بداعي حفظ التوازن، ما يدفع الرئيس المكلف للاستنتاج أن السعي لنيل تأثير على أكثر من ثلث الوزراء بما يتيح التحكم بالحكومة، تحت شعار القلق من أن تتولى الحكومة لاحقا إذا لم تتمّ الانتخابات النيابية والرئاسية صلاحيات رئيس الجمهورية، واعتبار التمسك بمرجعية الوزراء المسيحيين في حكومة تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية شأناً لا يمكن التهاون فيه، ولا يشبه التوزان المطلوب في حكومة عادية، وبالتوازي فإنّ الرئيس المكلف كلما بدا ان الأمور تقترب من المنطقة الحرجة في التأليف أيّ بتّ الوزيرين المسيحيين الأخيرين، يعود بتعديلات تطال حقائب وأسماء كان قد تم الاتفاق عليها، بداعي ذات الهاجس، منع حصول الفريق الرئاسي على الثلث المعطل، انطلاقاً من خشية الرئيس المكلف مما يتوقعه من اتهامات في حال تأليف الحكومة، لم ينجح الرئيس السابق سعد الحريري بتأليفها، بأنه قدّم تنازلات رفض الحريري تقديمها، وتصيف المصادر أنه أضيف الى هذه المعادلات معادلة جديدة، هي الخشية الداخلية والخارجية من أن يعقب الاعتذار في حال الفشل بتأليف الحكومة ومرور وقت كاف للاعتذار، تسمية رئيس مكلف من فريق مقرّب لرئيس الجمهورية، ولذلك فإنّ الرئيس ميقاتي سيمدّد فترة السعي الشكلي للتأليف حتى تتمّ بلورة موقف موحد مع حلفائه في الدخال والخارج لكيفية إدارة مرحلة ما بعد الاعتذار، سواء بطرح تسمية بدائل، تضمن قطع الطريق على إشغال مركز الرئيس المكلف بإسم لا يرضي نادي رؤساء الحكومات وتحالفاتهم الخارجية، ومن ثم إصدار مراسيم تأليف حكومة تلبّي طلبات رئيس الجمهورية، تتولى تصريف الأعمال إذا لم تنل ثقة المجلس النيابي، فتجمع في شخص رئيسها صفتي رئيس الحكومة المكلف ورئيس حكومة تصريف الأعمال، وهذا قد يؤدي لصرف النظر عن الاعتذار والدوران في حلقة مفرغة لمساعي تأليف لا تنتهي.

تدلّ كلّ المؤشرات أن لا حكومة في المدى المنظور، فغداً ينتهي شهر آب ليبدأ الأربعاء شهر أيلول من دون أيّ مستجدات إيجابية توحي بأنّ الحكومة قد تبصر النور. فلم تتوصل الاتصالات التي يجريها أكثر من طرف سياسي الى نتائج يمكن البناء عليها في عملية التشكيل. والى حين اللقاء الجديد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، فإنّ مصادر معارضة لرئيس الجمهورية أشارت لـ «البناء» أنّ الأجواء لا تبشر باحتمالية أن تشكل حكومة، وتردّ ذلك إلى أنّ رئيس الجمهورية لا يزال على موقفه من الحصول على عشرة وزراء وهذا يعني أنه يسعى الى الحصول على الثلث الضامن، ولذلك فإنّ المشكلة تكمن في تسمية ثلاثة وزراء مسيحيين. واعتبرت المصادر انّ إصرار الرئيس عون على هذا الأمور يقود الى خلاصة مفادها انه لا يريد ان تتشكل حكومة لا يتحكم بقرارها، خاصة أنّه يتطلع الى المرحلة المقبلة واحتمال ان لا تجرى الانتخابات النيابية والرئاسية.

وبعد تداول أخبار حول طلب الرئيس عون من الرئيس ميقاتي تعهّداً خطياً يتضمّن إقالة خمسة مسؤولين عند تشكيله الحكومة، وانه تمّ منع وقوف سيارة الرئيس ميقاتي عند مدخل القصر، نفى المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي جملة وتفصيلاً أن يكون الرئيس عون قد طلب هذا الأمر من الرئيس ميقاتي أو أن يكون قد جرى الحديث في هذا الموضوع، أما بشأن عدم وقوف سيارة الرئيس ميقاتي أمام القصر، فالأمر مرتبط باعتبارات لوجستية تتعلق حصراً بأمن الرئيس المكلف وليس بأيّ اعتبار آخر… فاقتضى التوضيح.

هذا وأفيد أنّ الرئيس ميقاتي الذي يواصل جهوده من أجل تأليف الحكومة ليس في وارد الاعتذار في الوقت الراهن. وأشارت أوساط سياسية إلى مساعي غربية فرنسية على وجه التحديد مع الرئيس المكلف للاستمرار في مساعيه من اجل تأليف الحكومة، وتقول الأوساط نفسها أنّ الرغبة الفرنسية تتقاطع أيضاً مع حزب الله الذي يأمل تشكيل الحكومة الجديدة سريعاً.

 وبانتظار الرسالة التي سيوجّهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى اللبنانيين غداً الثلاثاء، لمناسبة مرور 43 سنة على إخفاء مؤسّس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام موسى الصدر في ليبيا، حيث سيتحدث عن الملف الحكومي والأزمات التي يمرّ بها لبنان كمنطلق لوضع النقاط على الحروف حيال من يتحمّل مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع على المستويات كافة، وكان بري التقى يوم السبت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وتمّ البحث في الملف الحكومي، خصوصاً أنّ جنبلاط أكد في أكثر من مناسبة أنه مسهّل لعملية التأليف ولا مشكلة لديه في الطروحات المتصلة بتوزيع الحقائب الوزارية.

كما تطرق النقاش الى ما يشهده البلد من أزمات تتصل بالمحروقات والأدوية ومسألة رفع الدعم والبطاقة التمويلية.

وهذا وأفيدَ أنّ جنبلاط الذي زار الاردن قبل أيام يستعدّ لزيارة موسكو في الأيام المقبلة، مع الإشارة إلى أن زيارته الروسية كانت مقرّرة في الثامن حزيران الماضي وجرى ارجأؤها لظرف استثنائي طارئ كما أعلنت السفارة الروسية يومذاك.

 

"الجمهورية": التأليف "مكانك راوح"
صحيح انّ ميقاتي أعلن أن الاعتذار عن تشكيل الحكومة غير وارد لديه حالياً، ولكنه في الوقت نفسه أخرجَ الماء من فمه للمرة الأولى منذ تكليفه قائلاً: «في كل اجتماع مع رئيس الجمهورية ميشال عون نبدأ وكأننا في المربّع الأول، لكنني لا أقول كل شيء على الإعلام لكي لا أنشر الإحباط»، وما كَشفه كافٍ للدلالة على حجم الهوة القائمة والتعَثّر المتواصل وصعوبة تَوَقّع اي اختراق في ظل المناخ السائد. ولكن يبدو ان ميقاتي رغب في توجيه رسالة إلى عون مفادها انه لن يكون في وارد تغطية التَعثّر بتعميم مناخات تفاؤلية وهمية تُصرّ بعبدا على نشرها خلافا للواقع، الأمر الذي يَشي باعتماد الرئيس المكلّف من الآن فصاعداً طريقة جديدة في مقاربة التأليف مع رئيس الجمهورية.

ولم يكتف ميقاتي بهذه الرسالة، إنما أرفَقها برسالة أخرى اعتراضية على طريقة تأليف الحكومة، بقوله: «الرئيس المكلف يجب أن يكون له الدور الأول في تشكيل الحكومة لأنه المسؤول الأول أمام مجلس النواب والشعب»، وذلك بتقاطعٍ واضح مع بيان نادي رؤساء الحكومات الذي ركّز على هذا الجانب، ورفعَ السقف مُعترضاً على ورقة الإحضار التي أصدرها المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. واللافت على هذا المستوى تَمثّلَ بملاقاة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الاعتراض السني بتشديده على انّ «مذكّرة الجلب التي صدرت في حق الرئيس حسان دياب تؤكد كل الهواجس والثوابت التي تحدثنا عنها من قبل، وما قام به المحقق العدلي هو استِضعاف لرئيس الحكومة، وهذه التصرفات مرفوضة وغير مقبولة ونطالب الجهات القانونية بأن تتدخل لوَقف ما يقوم به المحقق العدلي، واذا كان القاضي البيطار يريد التحقيق مع رئيس الحكومة فلنعدّل الدستور».

هذا التقاطع في المواقف بين دار الافتاء ونادي رؤساء الحكومات من جهة، و»حزب الله» من جهة أخرى، يشكّل بدوره رسالة إلى رئيس الجمهورية مفادها انّ إدارته لملف التأليف لا تحظى بغطاء الحزب الذي ما زال حتى اللحظة يقف على الحياد بينه وبين الرئيس المكلّف، ولكنه لن يبقى طويلاً في هذا التَمَوضع في حال لم يسرع عون في مسار التأليف، لأنّ البلاد لم تعد تحتمل مزيداً من الفراغ.

وقد بات في حُكم الثابت والمؤكد بالنسبة إلى جميع المطّلعين على مسار تأليف الحكومة انّ العقد المتصلة بالحقائب والأسماء هي ثانوية، مقارنة مع العقدة الأساس المتمثّلة بالهدف الأول الذي يضعه العهد ويعتبره مدخلاً للتأليف وهو «الثلث المعطِّل»، الذي يتيح له الإمساك بمفاصل الحكومة والتحكّم بقراراتها تَحسُّباً لتَعذُّر إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2022، واستمرار الحكومة العتيدة إلى ما بعد انتهاء ولايته. ومن الثابت حتى اللحظة انّ العهد لم يتراجع عن هذا المطلب المُضمَر، لا تحت ضغط الأزمة المالية غير المسبوقة، ولا ضغط الشارع، ولا ضغط حليفه «حزب الله، ولا الضغوط الدولية. وبالتالي، إنّ السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن عون ان يتراجع عن هدفه «الثلث المعطّل»؟ وماذا لو لم يتراجع فهل يمكن للرئيس المكلّف ان يسلِّم بهذا الثلث؟ وماذا لو رفض عون التراجع وميقاتي أيضاً، فأيّ مصير ينتظر لبنان؟

مكانَك راوح

أمّا في الملف الحكومي، فقد بقي الصمت يلفّ مختلف اللقاءات والاتصالات المفتوحة بين أكثر من قناة ووسيط من دون اي نتيجة نهائية توحي بإمكان توليد الحكومة في وقت قريب. وكشفت مصادر تواكب حركة الاتصالات انّ الصديق المشترك لكل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ميقاتي المحامي كارلوس ابو جودة لم يتوقف عن زياراته المكوكية بعد. واضافت لـ»الجمهورية» ان الاقتراحات المتبادلة ما زالت قاصرة عن معالجة بعض العقد الكبرى التي من الصعب تفكيكها بالنظر الى تَشبّث الطرفين بما يريدانه من التشكيلة الحكومية، الى درجة بات من الصعب توحيد الموقف بينهما منها.

ولفتت المصادر الى انّ تكرار الحديث عن العقد بات مملاً، فالملاحظات التي سجلتها بعبدا ما زالت على حالها، وهي تتصل بنيابة رئاسة الحكومة وحصة تيار»المردة» بحقيبتين مارونيتين لوزيرين كسروانيين، كما بالنسبة الى حقيبتي الشؤون الاجتماعية والاقتصاد العالقتين ما بين تبادلهما بين عون وميقاتي أو التوافق على اسمَي الوزيرين، كما بالنسبة الى حقيبة الطاقة التي بات من الصعب اختيار وزير متخصص وحيادي لها، كما قالت المبادرة الفرنسية.

وعلى هذه الخلفيات قالت المصادر عينها انّ مجموعة الاتصالات الدولية، ولا سيما منها الفرنسية، التي دخلت في كثير من التفاصيل لم تنفع حتى الساعة، وأن تذكيرها بما قالت به المبادرة الفرنسية بات كلاماً من الماضي بعدما تمادى الطبّاخون في توزيع الحصص والحقائب بطريقة تُبعِد عن الحكومة المقبلة ايّاً من الصفات التي كانوا قد تعهّدوا بتوفيرها.

وقالت اوساط مطلعة لـ»الجمهورية» ان عون يعتبر انّ من حقّه التدخل في الاسماء التي تعود إلى حصة ميقاتي والقوى السياسية، وإعطاء رأيه فيها جميعاً، تماماً كما أنّ الرئيس المكلف يتدخل في الاسماء العائدة الى حصة رئيس الجمهورية وفي أدق التفاصيل المتعلقة بها.

ولفتت الاوساط الى ان عون يبني موقفه على قاعدة الشراكة التي تستوجب ان تكون المعاملة بالمثل.


صمت ونفي مشترك

تزامناً، حافظت مصادر كل من عون وميقاتي على نسبة كبيرة من الصمت حول جديد الملف الحكومي لعجزهما عن تقديم اي جديد قد تحقق، ولكنهما التقيا على نَفي بعض الروايات التي تسربت حول طريقة التعاطي مع موكب رئيس الحكومة في قصر بعبدا ومنع سيارته الخاصة من التوقف قرب المدخل الرئيسي للقصر، كما بالنسبة الى مطلب عون من ميقاتي التعَهّد المسبق بإقالة 5 من الموظفين الموارنة الكبار في الدولة.

وفي الوقت الذي اعلن ميقاتي نفياً علنياً، كشفت مصادر عليمة لـ»الجمهورية» انّ التشكيك وارد في نفي الطرفين، وقالت ان بعضاً من معاوني رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل كانوا وراء تسريب هذه المعلومات، في عملية جس نبض للرئيس المكلف رغم علمهم المُسبق باستحالة مثل هذه الخطوات في ظل الوضع القائم، والكثير من المعطيات التي تثبت العجز في المَس بموقع حاكم مصرف لبنان او قائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الاعلى، وغيرهم في ظل الظروف الراهنة.

 

"اللواء": إشكالات المحروقات تهدّد بحرق الوحدة الوطنية

وضع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تشكيلة حكومته المؤلفة من 24 وزيراً، في عهدة الرئيس ميشال عون، تاركاً له الحق في قبول أو رفض الوزيرين المرشحين لوزارتي الداخلية والعدل، أو اقتراح أسماء يمكن أن تكون مقبولة من الرئيس المكلف، ومضى إلى الانتظار: ماذا يمكن أن يقرر رئيس الجمهورية... لكن المسألة تعدت هذه الوجهة، إذ اندلعت سجالات وتسريبات مصدرها قصر بعبدا، حول ما يكمن وراء هذه التشكيلة، بمقابل تسريبات بقيت مجهولة، حول ما إذا كان لرئيس الجمهورية لائحة مطالب تأخذ بعين الاعتبار برنامج الحكومة في حال ولدت، لا سيما لجهة التعيينات التي يطالب بها العهد، والإقالات، لا سيما إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وبين اللقاء 13 بين الرئيسين عون وميقاتي، الذي جعل الوسط السياسي يخرج بانطباع سوداوي حول مصير التأليف، وانعقاد مؤتمر التعاون والشراكة في بغداد، تحت عنوان «إعادة العراق ليلعب دوره العربي والدولي»، الذي جعل لبنان الغائب عن الحضور، حاضر في مرحلة ما بعد انتهاء المؤتمر، وتحرك وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان إلى دمشق للبحث بمواجهة ما أسماه «الإرهاب الاقتصادي» في إشارة إلى قانون قيصر حول العقوبات على من يتعامل مع النظام في سوريا.

فالمعلومات تتحدث عن ان الجانب الفرنسي، الذي شارك رئيسه ايمانويل ماكرون في قمة بغداد، كلف السفير باتريك دوريل متابعة الوضع مع ميقاتي، طالباً إليه صرف النظر حالياً عن تقديم اعتذاره ليعود الموضوع إلى الواجهة بدءاً من هذا الأسبوع... لتطرح الأسئلة الكبيرة:

1- ماذا يحصل لو حدث الاعتذار؟

2- ماذا يحصل اذا لم تجرؤ أي شخصية على قبول الترشح لتأليف حكومة جديدة.

3- كيف يدير الرئيس ميشال عون الحكم حتى نهاية عهده؟

4- وماذا عن حكومة تصريف الاعمال ورئيسها حسان دياب، الي وجد احتضانا اسلامياً له ليس بامكانه تجاوزه، في أي قرار سيتخذه، إذا ما اعتذر الرئيس ميقاتي؟

5- والسؤال الخطير: هل يدرك فريق بعبدا إلى أين سيجر البلد، إذا اعتذر الرئيس ميقاتي، وبات من غير الممكن توفير اي مساعدات دولية، مالية وغير مالية للبنان، أم أن الوعد بجهنم بات أمراً حقيقياً؟!

ووسط هذا القلق من انتقال الفتنة من منطقة إلى اخرى، والمخاوف من تعثر خطط توفير المازوت والمحروقات، وانهيار الأسعار والدولار، بقي الاهتمام بالملف الحكومي في الواجهة، في ضوء ما آل اليه مؤتمر بغداد. والتحقق ما اذا كان حضر في ما يتعين توفيره لهذا البلد، سواء في ما خص دور الرئيس ماكرون، او الفيول العراقي الذي يتعين وصوله إلى لبنان في غضون اسبوع او عشرة أيام على الأرجح.

استئناف الاتصالات

وعلى هذا الصعيد، اشارت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة إلى ان الاهتمام انصب خلال الأيام الماضية، على استيعاب عاصفة بيان رؤساء الحكومات السابقين، ضد رئيس الجمهورية ميشال عون، والردود عليه، ومحاولة التقليل من تداعياته على مساعي التشكيل. الا انها لاحظت ان عون، تذرع بالبيان المذكور، ليتهرب من مسؤوليته بتعطيل تشكيل الحكومة، كما يختلق ذرائع مماثلة، في كل مرة، يجد نفسه محرجا امام اللبنانيين.

واعتبرت المصادر ان محاولات رئيس الجمهورية، للتهرب من مسؤوليته بالتشكيل، تارة من خلال التلطي بصلاحياته الدستورية، التي لا ينازعه فيها احد، وتارة اخرى بطرح شروط تعجيزية، او محاولة تكريس بدع واعراف ملتوية، لم تعد تنطلي على احد، لان هدفها اصبح معروفا،وهو تعطيل كل مساعي التشكيل، وابقاء لبنان بلا حكومة جديدة، كما يحصل حاليا. وكشفت المصادر عن اتصالات جانبية جرت في عطلة نهاية الأسبوع، تركزت على فصل التصعيد السياسي،عن مسار تشكيل الحكومة الجديدة، والسعي الحثيث لتذليل ما تبقى من خلافات، ما تزال تعترض تشكيل الحكومة العتيدة. وتوقعت المصادر ان تستانف حركة الاتصالات والمشاورات، بدءا من يوم غد الثلاثاء، اما باتصال بين عون وميقاتي، او بتحديد لقاء تشاوري جديد بينهما، لمعاودة البحث، والتشاور لتسريع خطى تشكيل الحكومة الجديدة.

ولاحظت مصادر مراقبة لـ»اللواء» ان ما ظهر من مواقف او ما سرب من مصادر يوحي ان الملف الحكومي يشهد على تطور جديد عنوانه التشنج في حين ان هذا التطور لم يحضر في اي مرة في خلال مفاوضات تأليف الحكومة، مشيرة إلى ان رئيس الحكومة المكلف لم يشدد الا على موضوع التعاون مع رئيس الجمهورية، وبالتالي ليس هناك من اي نعي لملف تأليف الحكومة.

وتوقعت الاوساط اما استراحة يشهدها الملف الحكومي او نشرها للاتصالات مؤكدة ان العقد المتبقية لم تحل والمسألة تنتظر اجتماعا اخر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.

وقالت هذه الاوساط لـ»اللواء» ان وزارتي الاقتصاد والشؤون الاجتماعية بقيتا من ضمن هذه العقد، وأي حل لواحدة يعني حكماً حلا للأخرى، ومن هنا وجود ترابط بينهما.

تجاوز المجموعة الحاكمة

وسط ذلك، كشفت الامين العام للهيئات الاقتصادية في لبنان نقولا شماس عن اجتماع عقدته الهيئات الاقتصادية عن توجه لدى القطاع الخاص يقضي بالتوجه مباشرة إلى دول العالم لطلب المساعدة.

وكشف شماس ان مجمع الـA.B.C الأشرفية أمّن المازوت، وأعاد فتح ابوابه بعد تأمين هذه المادة الحيوية.

وسط هذا الانكماش السياسي، تفاقم الهريان المجتمعي، الذي تعدى الاشكالات والجرحى على محطات المحروقات، إلى اشتباكات مجتمعية، وإطلاق نار، وتوقيفات، بما في ذلك تمنع اصحاب محطات المحروقات عن تسلم البنزين والمازوت ما لم تتمكن القوى الامنية من وضع خطة حماية تقضي بمنع «زعران الميليشيات» من التدخل، والشراء للسوق السوداء.

فعلى صعيد الإشكال الخطير بين مغدوشة وعنقون وبتكليف من الرئيس بري، زار المسؤول الثقافي المركزي في حركة امل الشيخ حسن عبد الله بلدة مغدوشة، وعقد اجتماعاً مع راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران ايلي حداد في منزل النائب ميشال موسى، على ان ينتقل بعدها المجتمعون إلى بلدة عنقون للقاء فعاليات البلدة في النادي الحسيني للبلدة.

وبعد انتشار وحدات الجيش، عاد الهدوء ليسود بين البلدتين، والذي زاده حدة دخول عناصر مخفر مغدوشة إلى عنقون بحثاً عن المشاركين في الاشكال الذي وقع في البلدة قبل يومين.

وفيما تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الوضع بين البلدتين، وأجرى اتصالات بوزيرة الدفاع في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر وبالقيادات العسكرية والأمنية، لضبط الوضع وإنهاء التوتر. كانت بلدية مغدوشة قد سبق واتخذت قراراً ضمن نطاقها لتنظيم عملية تعبئة البنزين، ما أدى الى وقوع الإشكال، الذي تخلّله استخدام السكاكين وسقوط جريح تم نقله إلى المستشفى، ما أسفر عن حالة من التوتّر عاشتها مغدوشة والمنطقة.

وفي السياق صدر عن حركة أمل بيان أكدت فيه أن لا علاقة لها «بأي شكل من الأشكال بما حصل في بلدة مغدوشة وتعتبر أنه أمر غير مقبول على الإطلاق».

المحروقات

إقرأ المزيد في: لبنان