لبنان
"الوفاء للمقاومة": قرار مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات مرفوض
رأت كتلة "الوفاء للمقاومة" عقب اجتماعها الدوري أنّ الإجراء الذي اعتمده حاكم مصرف لبنان مؤخراً لجهة وقف الدعم لفاتورة المحروقات، هو إجراء مرفوض لأنّه خارج سياق أي خطة انقاذية ومخالف للسياسة التي قررتها الحكومة وأقرّها المجلس النيابي حين صادق على البطاقة التمويلية التي تدعم العوائل الفقيرة.
ودانت الكتلة كل إجراء نقدي أو مالي أو اقتصادي يفاقم الضغط المعيشي على اللبنانيين، واعتبرت أن الكف عن خطاب الحقد والكراهية، ومحاذرة المسّ بالثوابت الوطنيّة وخصوصاً لجهة حفظ العيش الواحد ووجوب مقاومة الاحتلال الصهيوني، من شأنهما أن يسهما مع الاحتكام إلى مؤسسات الدولة وأطرها القانونيّة، في قطع الطريق أمام الفتن بأشكالها المختلفة.
وفيما يلي بيان الكتلة:
"مع حلول العام الهجري الجديد، تبارك الكتلة للبنانيين والمسلمين كافّة، هذه المناسبة الجليلة التي ترمز إلى مرحلة تشكل أوّل كيان سياسي في العالم وفق النموذج الإسلامي الذي قدّم للبشريّة نمطاً مميزاً من بنيان السلطة والإدارة ومن العلاقة التفاعليّة بين المسؤول والرعيّة والتي تستند إلى قيم الحق والعدل والنزاهة إضافة إلى الرقابة الذاتيّة والمجتمعيّة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منعاً لتسلط الفساد ودرءاً للطغيان.
ومع إطلالة شهر محرم الحرام.. تستنفر في النفوس مجدداً مشاعر الحزن تجاه الرزيّة الكبرى التي أصابت الإسلام والمسلمين على أيدي الانقلابيين الطغاة الذين استباحوا حرمة رسول الله (ص) وقتلوا في كربلاء حفيده الإمام الحسين (ع) وصفوة أهل بيته وصحبه لأنّهم رفضوا الإذعان لهم والإقرار بشرعيّة انقلابهم وبتحريفهم للدين وأحكامه، فصارت شهادتهم يوم عاشوراء ثورة مدوّية على مدى الأجيال، تتردد شعاراتها: "هيهات منّا الذلّة" "ومثلي لا يبايع مثله" "وإني لا أرى الموت إلا سعادةً والحياة مع الظالمين إلا برماً".
وفي واقعنا الراهن، يتعرض لبنان واللبنانيون لهجمة استبداديّة معادية تمتطي صهوة أزمة جامحة نتجت عن سوء سياسات حكمت البلاد وعن فساد تغلغل وتفشّى، وعن ظلم تمادى، وإهمال واجبات استشرى، وارتهانٍ استحكم بالقرار الوطني، وغفلةٍ عمّا يخطط له العدو ويدبّره من انتهاك سيادة أو استدراج لتطبيع علاقات معه أسوةً بما جَنَتهُ أنظمةٌ في المنطقة.
وليس خافياً أّنّ هدف هذه الهجمة العدوانيّة هو محاصرة الشعب اللبناني وإضعاف إرادة الصمود لديه ومحاولة عزل قوى المقاومة وإقصائها عن التأثير في الشأن السياسي والاقتصادي والدفاعي للبلاد، في الوقت الذي تزداد هذه المقاومة فاعلية وحضوراً واصراراً على تثبيت معادلات الردع للعدو الصهيوني ومخطاطاته التوسعية. وهنا لا يسع الكتلة إلاّ أن تتوجه بالكثير من الاعتزاز والتنويه للمقاومين الأبطال الذين قاموا بواجبهم الجهادي في الأسبوع الماضي لتثبيت ما انجزته المقاومة من انتصارات ومعادلات.
ومما لا شك فيه أن الطامحين لتحقيق هذا الهدف لن يتورعوا عن استخدام كل المحرمات وتوظيف كل الإمكانات والعلاقات بما في ذلك التضليل وإثارة الفتن وفرض التضييق الاقتصادي والعقوبات وتنميق الشعارات ودعم المجموعات التي باتت تعرف بوضوح بأنها مجموعات السفارات.
لقد ناقشت الكتلة مختلف الاحتمالات، وخلُصت إلى ما يأتي:
1- تتمسك الكتلة بالاقتراحات التي سبق أن تقدّمت بها إلى المجلس النيابي ويتضمن أحدها تعديلاً دستوريّاً للمادتين 70 و71 المتعلقتين بمحاكمة رئيس الوزراء والوزراء، كما يتضمن الآخر تعديلاً لصلاحيات المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فيما يقترح الثالث رفع الحصانات بشكلٍ كامل، وهي تدعو الزملاء النواب إلى ملاقاتها عند هذه الاقتراحات لإقرارها بعد أن كانوا قد رفضوها في جلسة 22 نيسان من العام الماضي، بذريعة الحاجة إلى تحقيق استقلالية القضاء قبل إعطائه صلاحية محاكمة الرؤساء والوزراء.
إنّ الكتلة وإلى حين إقرار تلك الاقتراحات، تلتزم بالنصّ الدستوري الذي يوجب محاكمة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى صاحب الصلاحية الدستورية في هذا الأمر.. أولاً لأنّه النص الذي يبقى نافذاً إلى حين تعديله وفق الأصول. وثانياً عملاً بالعرف المعمول به وبتوجهات القضاء العدلي نفسه الذي كان يرفض مراراً الادعاء على الوزراء ومحاسبتهم بذريعة عدم صلاحيته لأنّ محاكمتهم هي من اختصاص المجلس الأعلى حسب ما كان يقال.
2- ترى الكتلة أنّ الإجراء الذي اعتمده حاكم مصرف لبنان مؤخراً لجهة وقف الدعم لفاتورة المحروقات، هو إجراء مرفوض لأنّه خارج سياق أي خطة انقاذية ومخالف للسياسة التي قررتها الحكومة وأقرّها المجلس النيابي حين صادق على البطاقة التمويلية التي تدعم العوائل الفقيرة، ودعا إلى تنفيذها قبل أي إجراء آخر يتصل برفع أو تخفيف الدعم عن أيّة مادّة من المواد الحيويّة للمواطنين.
إننا في كتلة الوفاء للمقاومة ندين كل إجراء نقدي أو مالي أو اقتصادي يفاقم الضغط المعيشي على اللبنانيين ولا يأخذ بالاعتبار مستوى الاحتقان الشعبي الناجم عن لا مبالاة المسؤولين تجاه الناس من جهة وتقصيرهم المشبوه والمريب تجاه معالجة مشاكلهم وملاحقة سارقي لقمة عيشهم من جهة أخرى.
كما ترى الكتلة وجوب إيلاء تشغيل وتزويد معامل الكهرباء بالمحروقات, والتخفيف من غلواء الحاجة إلى المازوت للمولدات أمراً حيوياً ملحّاً يتطلّب سرعةً في تنفيذ الاتفاق مع الجمهوريّة العراقيّة ومباشرة خيارات عمليّة أخرى لإنجاز هذا الأمر.
3- تجدد الكتلة مناشدتها جميع المعنيين اللبنانيين إيلاء تشكيل الحكومة الأولويّة الموصوفة، وذلك من أجل وقف التدهور في أوضاع المواد الحيويّة والقطاعات والمرافق المختلفة في البلاد بدءاً من المازوت والبنزين مروراً بالانترنت وصولاً إلى الأدوية والخبز وحليب الأطفال، وتجنباً للأسوأ الذي ينتظر المواطنين إن على الصعيد المعيشي والاقتصادي أو على صعيد الاستقرار الاجتماعي الذي بات يتهدده تفاقم العوز والعجز عن ضبط المخالفات ومنع التجاوزات المتمادية.
كما تدعو الكتلة وزراء وحكومة تصريف الأعمال والأجهزة الرقابية المختصة إلى تفعيل جهودهم وملاحقاتهم لكل إخلالٍ بالنظام العام، ومتابعة ومعالجة مشاكل الناس الناجمة عن استغلال البعض لغياب الدولة ومحاولته الإثراء السريع والحرام على حساب وجع الناس وضيق أحوالهم إرضاءً لجشعه وإشباعاً لنزوة الاستئثار عنده على حساب حقوق الآخرين ومصالحهم.
إن غياب الأجهزة الرقابية أو تعطيل دورها، يسهم بلا شك بتمادي اللصوص ومنتهزي الفرص، ويشجع على ارتكاب المخالفات وتجاوز الحدود، وهذا ما شهده المواطنون في قضيّة المازوت كما في قضيّة الدواء والاستشفاء.
4- إن السلوك العدواني الكريه الذي أظهرته حادثتا خلدة وشويّا رغم اختلاف ظروفهما.. يدعونا إلى وجوب الحذر من الأفخاخ والمنزلقات التي تعمل القوى المعادية على استدراج البعض للوقوع فيها أو الاستثمار على تداعياتها.
إنّ الكف عن خطاب الحقد والكراهية، ومحاذرة المسّ بالثوابت الوطنيّة وخصوصاً لجهة حفظ العيش الواحد ووجوب مقاومة الاحتلال الصهيوني، من شأنهما أن يسهما مع الاحتكام إلى مؤسسات الدولة وأطرها القانونيّة، في قطع الطريق أمام الفتن بأشكالها المختلفة".
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024