لبنان
وقف دعم المحروقات بفرمان من الحاكم..كتل نيابية تقاطع جلسة اليوم والرئيس بري يعلق
فيما كانت الأمور تشير إلى تقدّم نسبي في المسار الحكومي حققته الجلسة الاخيرة بين عون وميقاتي، كان إعلان رفع الدعم عم المحروقات رسمياً عبر بيان لحاكم مصرف لبنان ينزل كالصاعقة على اللبنانيين، فيما بدا أن هناك خلط أوراق نيابي تجاه جلسة اليوم المخصّصة للبت بالعريضة الاتهامية الموقعة من عدد من النواب، بحق الوزراء الذين وجه المحقق العدلي لهم اتهامات في قضية تفجير مرفأ بيروت.
"الأخبار": وقف دعم المحروقات: السلطة تُعدِم اللبنانيين
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" تعليقاً على قرار رفع الدعم عن المحروقات، إنه حُكم بالإعدام أصدره رياض سلامة بحق عموم السكان، بإعلانه وقف دعم استيراد المحروقات. يقول إنه لم يعد في مصرف لبنان ما يكفي من دولارات لتغطية دعم المحروقات، ثم يعلن أنه سيؤمن الدولارات لتغطية فتح اعتمادات استيراد المحروقات... لكن وفق سعر صرف الدولار في السوق! ماذا يعني ذلك؟ يعني عملياً مضاعفة أسعار المحروقات بأكثر من أربعة أضعاف أسعارها الحالية (قد يتجاوز سعر صفيحة البنزين الـ 330 ألف ليرة). ما يريده رياض سلامة هو خفض استهلاك الوقود، وجمع الدولارات من السوق. وكأضرار ربما يراها جانبية، سيؤدي قراره إلى غلاء فاحش في أسعار كل السلع والخدمات، وانكماش الاقتصاد، وتجفيف الدم من عروق أي عمل إنتاجي وإجبار السكان على قضاء غالبية وقتهم من دون كهرباء... وكأضرار ربما يراها جانبية أيضاً، لا بأس بانفجار اجتماعي. هنا لا يُقرأ قرار مماثل إلا من منظار سياسي. كان متوقعاً أن يُرفع الدعم من ضمن إجراءات الحد الأدنى لتحمي الأكثر فقراً من جزء ولو ضئيل من تبعاته. لكنه صدر أمس كقرار بالإعدام، ما يفتح البلاد على احتمالات الانهيار الشامل ولو بشكله الأمني، مع ما يرافقه من مآسٍ على المستويات كافة
ولفتت إلى أن خلاصة جلسة المجلس الأعلى للدفاع أمس، أنّ السلطة السياسية: رئاسة الجمهورية، الحكومة، الوزراء، النواب... تآمرت مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على سَحق السكّان أكثر وأكثر. تآمرت معه حين فوّضته صلاحيات مطلقة في السلطة النقدية، ثمّ سمحت له أن يُقرّر في احتياجات السكان المعيشية. وارتكبت جريمة عدم فرض أي حلّ بديل، رغم وجود المئات منها، والتسبّب بأسوأ أزمة في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. إلغاء الدعم عن السلع الرئيسية ليس محصوراً بالمزيد من انهيار العملة وتآكل قيمة الأجور والغلاء الجنوني لكلّ شيء. بل الانتقال إلى رفع الدعم تحديداً عن الطاقة، وهي عصب الاقتصاد. رفع الدعم عن استيراد المحروقات، كإجراء من دون أي خطة تواكبه على الأقل، ومن دون الحد الأدنى المتمثل ببدء تفعيل البطاقة التمويلية للأسر الفقيرة (ولو أنه خيار غير كافٍ)، ومن دون أي بديل جدّي يعني أنّ مؤسسات ستُقفل، ومصانع لن تعمل، وإدارات عامة ستتعطّل، ومستشفيات لن تستقبل سوى الميسورين، ومدارس غير مضمون فتح أبوابها، ومواد غذائية ستفسد في المنازل، وسيارات لن تُستخدم لنقل الموظفين إلى أعمالهم... وعمّال سيفقدون وظائفهم. باختصار، للأزمة وقع الدومينو، وكل قطعة منها مهما طالت من قطاعات، فإن الضرر سيصيب الناس في صحتهم وطعامهم ومعيشتهم. يواجه السكّان في لبنان نوعاً آخر من الأزمات لا يُشبه ما قاسوه سابقاً، والأخطر في هذه المرحلة أنّ نتيجة هذا الانهيار وإلى أين قد يودي بالمجتمع، غير واضحة.
واضافت الصحيفة مُجدّداً، رفع الدعم لم يكن قدراً، والانهيار لم يكن قدراً، والأزمة تتحمّل مسؤوليتها السلطتان السياسية والنقدية. بلى، كانت لدى السلطة حلول بديلة اختارت عدم تطبيقها: التعامل مع الدواء والمحروقات بوصفهما سلعاً حيوية لا يُمكن العيش من دونهما، وعقد اتفاقيات من دولة إلى دولة لاستيرادهما وتوزيعهما مباشرةً على السكان وإخراجهما من لعبة السوق. وضع اليد على الدولارات المتبقية في مصرف لبنان والتعامل معها كأنّها ثروة وطنية، عوض تركها بين يدَي سلامة يستخدمها لإنقاذ القطاع المصرفي وأصحاب الثروات. مصادرة الدواء والمازوت والبنزين والقمح والمأكولات المخزّنة. التنسيق مع القوى الأمنية لضرب تجّار السوق الموازية. كانت السلطة قادرة على التصرّف وإنقاذ بلد ناتجه المحلي كان يبلغ أكثر من 50 مليار دولار، فبات يواجه انهياراً نقدياً واقتصادياً ومالياً واحتمال التضخّم المُفرط والمزيد من الانكماش الاقتصادي. كيف للناس أن يتحمّلوا كلّ هذا البؤس دفعةً واحدة ويقتنعوا بالاكتفاء بـ«كفاف يومهم» بعد أن سُلب منهم حقّ التخطيط لمستقبلٍ، أبعد من تأمين رغيف خبز، فيما هم يرون السياسيين والمصرفيين ورجال الأعمال والتجّار والمحتكرين وكلّ «أبناء النظام» يسوحون ويأكلون ويتعلمون ويستملكون ويُطبّبون وينيرون منازلهم، من ثرواتٍ راكموها على حساب عامة الناس؟
وتابعت أنه ممّن يُطلب أن يشعر مع عائلة تبيع قوّة عملها لتعيش ولا تملك مدخولاً آخر غير راتبها؟ عائلة مضطرة إلى حَمل همّ عدم المرض لأنّ الدواء منقطع والتأمين توقّف عن تغطية الخدمات الاستشفائية والضمان على باب الإفلاس ومصنع المصل توقّف عن الإنتاج والمستشفى يُلوّح بالإقفال... وهمّ تأمين الحدّ الأدنى من الغذاء بعد أن ارتفعت أسعار كلّ السلع الأساسية، وفي مقدمتها ربطة الخبز، والبكتيريا تغزو الأجبان والألبان، وانقطاع الكهرباء يؤثّر في صلاحية المأكولات... وهمّ التفكير بحلّ لأزمة التنقّل، فـ«السرفيس»، قبل رفع الدعم، بات يُساوي بدل النقل لنهار عمل كامل، مقابل ارتفاع أسعار البنزين وندرته، والخوف من تعطّل قطعة غيار في سيّارة فُرض استعمالها في بلد لم يُبنَ فيه نظام نقل عام... وهمّ تأمين دراسة لائقة للتلاميذ والطلّاب، وتكلفة شراء حاسوب لمتابعة الدراسة عن بُعد، ثمّ ضمان وجود تغذية كهربائية ليتمكن الأولاد من الدرس، والخوف من أن تُقفل بعض المدارس نهائياً. فمن أين يأتي المسؤولون بكلّ هذا الفجور الأخلاقي حتى يهدروا سنتين، تفرّجوا خلالها على الانهيار، وامتنعوا عن اتخاذ قرارات طارئة تُحاكي حجم الكارثة، بالتوازي مع بدء العمل على خطة إصلاحية إنقاذية أساسها توزيع الخسائر بطريقة عادلة، لا كما يحصل حالياً بتدفيعها للفقراء والطبقة المتوسطة مقابل إنقاذ الأغنياء والسارقين والمحتكرين؟
«الأعلى للدفاع»: تغطية سلامة!
ولفتت الصحيفة إلى أن ما حصل في المجلس الأعلى للدفاع أمس خير دليل على تواطؤ السياسيين مع رياض سلامة، في إطلاق يده ليس فقط في السياسة النقدية للبلد، بل أيضاً في القرارات المُجتمعية التي تمسّ أمن السكّان، وصولاً حتى تهديد حياتهم. فقد حضر حاكم البنك المركزي قسماً من اجتماع «المجلس الأعلى» في قصر بعبدا، مُبلّغاً الحاضرين عدم قدرته على الاستمرار في الدعم، وبأنّه يملك في حساب التوظيفات الإلزامية 14 مليار دولار، «لا يُمكنني قانونياً التصرّف بها»، لذلك قال بأنّه «لن أتمكّن من فتح اعتمادات لشراء المحروقات». وأضاف بأنّه عقد أمس اجتماعاً مع وزير الصحة حمد حسن، «على أن أتسلّم منه اللوائح الأخيرة لأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية. مضطر أن أُكمل دعم استيراد هذه الأدوية، رغم أنني اقتربت من الخط الأحمر للصرف». سأل الرئيس ميشال عون عن سعر تنكة المازوت بعد رفع الدعم، فردّ وزير الطاقة ريمون غجر إنّها ستصل إلى «245 ألف ليرة، لأنّ سعرها 12 دولاراً، وتُضاف إليها رسوم بحدود الـ5 آلاف». يُعلّق أحد الحاضرين بأنّ «سعر تنكة المازوت لن يبقى 245 ألف ليرة وقد يصل إلى 500 ألف ليرة، لأنّ رفع الدعم يعني لجوء التجّار إلى السوق لتأمين الدولارات، يعني ارتفاع سعر الصرف». فأكّد سلامة أنّ «مصرف لبنان سيتدخل ليمنع سعر الصرف من الارتفاع إلى معدّلات عالية». مرّ هذا التصريح من سلامة مرور الكرام في جلسة المجلس الأعلى للدفاع، فلم يُنبّه أي من الحاضرين إلى أنّه ومنذ صيف عام 2019 يُراقب انهيار الليرة والتبدّل في سعر الصرف من دون اتخاذ إجراءات لحماية استقرار العملة، لا بل بيّنت التحقيقات القضائية سابقاً أنّ مصرف لبنان مُضارب على العملة. فضلاً عن أنّه قبل أن يعرض خدماته لضبط سعر الصرف، كان يدّعي عدم إمكانية التصرّف بالدولارات المتبقية، فمن أين سيأتي بالدولار للدفاع عن الليرة في السوق؟
واشارت إلى أنه في ختام النقاش، توجّه عون لسلامة: «نفهم منك أنّه لا يوجد حلّ إلا بتحرير سعر المحروقات؟»، فأكّد الحاكم على ذلك. «ما بقا بدنا منك شي فيك تفل»، قال الرئيس لسلامة، فـ«فلّ» مُعتبراً أنّه نال تغطية سياسية لرفع الدعم عن المحروقات. وهو بذلك «مُحقّ»، فلا عون ولا أي من المشاركين في الاجتماع منع سلامة من التوقّف عن الدعم قبل طرح بديل جدّي. وأصدر سلامة ليلاً بياناً بأنّه سيقوم بتأمين المحروقات «باحتساب سعر الدولار على الليرة تبعاً لأسعار السوق، ويعود لوزارة الطاقة تحديد الأسعار الجديدة للمحروقات». وبحسب المعنيين في وزارة الطاقة، فستُحضّر جدولاً للتسعيرة الجديدة وفق الأخيرة ستبقى تصدر جدول التسعير على السعر المتفق عليه للدعم، أي على سعر 3900 ليرة، إلى أن يُصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً، فتصدر بدورها تسعيرة السعر غير المدعوم. وبحسب «الدولية للمعلومات»، فإن إلغاء الدعم عن المحروقات سيعني وصول سعر صفيحة البنزين إلى 336 ألف ليرة، وسعر صفيحة المازوت إلى 278 ألف ليرة! هذه التقديرات مبنية على سعر السوق الحالي، فيما المتوقّع أن يؤدي رفع الدعم إلى المزيد من الانهيار في سعر الصرف، ما يعني ارتفاع أسعار المحروقات أكثر وأكثر، رغم زعم سلامة أنه سيتدخّل لحماية سعر الصرف!
"البناء": تقدّم نسبي حكومياً… وإعلان رفع الدعم رسمياً
من جهتها، قالت صحيفة "البناء" إن المشهد السياسي بدا عبارة عن لعبة كلمات متقاطعة صعبة الحلّ، في ضوء خلط الأوراق النيابي تجاه جلسة اليوم المخصّصة للبت بالعريضة الاتهامية الموقعة من عدد من النواب، بحق الوزراء الذين وجه المحقق العدلي لهم اتهامات في قضية تفجير مرفأ بيروت، وفيما كان متوقعاً معارضة تكتل لبنان القوي وتكتل الجمهورية القوية للعريضة، كانت مقاطعة الجلسة من التكتلين المسيحيين الأكبر لافتة كمحاولة للطعن بميثاقية الجلسة في حال انعقادها، لكن الأكثر إثارة للاستغراب كان موقف كتلة اللقاء الديمقراطي، رغم العلاقة الخاصة التي تربط النائب السابق وليد جنبلاط برئيس مجلس النواب نبيه بري على الصعيدين السياسي والشخصي، وفيما وجه بري استغرابة لموقف التيار الوطني الحر وتكتله النيابي، ورغم السجال الذي تواصل بين نواب التكتل ونواب كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري، لم يتضح ما اذا كانت كتلة المستقبل ستنضمّ للحضور أم للمقاطعة، في ظلّ توقعات بأنّ تُرجأ الجلسة صباح اليوم، بسبب التظاهرات التي تستهدف منع النواب من الوصول الى قصر اليونسكو.
ولفتت إلى أنه في المسار الحكومي تقدّم نسبي حققته الجلسة التي ضمّت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، حيث قالت مصادر على صلة بالمسار الحكومي إنّ تثبيت صرف النظر عن اعتماد المداورة كان أبرز التفاهمات في لقاء الأمس ما يسهّل رسم صورة توزيع الحقائب على الطوائف، ويتيح الانتقال الى التسميات، التي لا تزال عند عقد أسماء وزيري الداخلية والعدل، والوزيرين المسيحيين المختلف عليهما وعلى كيفية تسميتهما بين الرئيسين منذ الإنتقال الى صيغة الـ 24 وزيراً مع الرئيس السابق سعد الحريري، في ظل رغبة رئيس الجمهورية بتغيير اسم وزير المالية وسط تسريبات عن عدم ممانعة من الرئيس بري بتسمية بديل.
واضافت الصحيفة في الشأن السياسي أيضاً تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في سياق إطلالاته بمناسبة ذكرى عاشوراء، متناولاً الشتائم التي تشكل لغة للتخاطب في الحياة السياسية، مؤكداً رفض وإدانة هذه اللغة، داعياً جمهور المقاومة إلى عدم الانخراط في الردّ على الشتيمة بمثلها، وعدم الاشتراك في أيّ إساءات للأشخاص من مقامات وغير مقامات، مشيراً الى كلام البطريرك بشارة الراعي داعياً الى اعتماد المناقشة العقلانية وممارسة حق الاختلاف والدفاع عن المقاومة بلغة الحجة والبرهان.
واشارت إلى أنه في الشأن الاقتصادي والمعيشي، حيث كلّ شيء مفقود في الأسواق أعلن مصرف لبنان أخيراً توقفه عن دعم استيراد المحروقات، بعدما كان أوقف دعم استيراد الأغذية، وبعدما أنفق في الدعم العبثي خمسة عشر مليار دولار تؤكد الجهات الإحصائية أنّ أقلّ من ربعها كان يستهدف مستحقيها، والباقي كان باباً للتهريب ولتحويل الأموال للخارج.
وتابعت يزداد المشهد الداخلي تعقيداً على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحكومية، ما يفتح الباب على كافة الاحتمالات في ظل عملية خلط الأوراق السياسية التي تظهرت جلياً في مواقف الكتل والقوى السياسية من الجلسة النيابية التي دعا إليها الرئيس نبيه بري اليوم للنظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ وفقاً للمادة ٢٢ معطوفة على المادة 20 من القانون 13/90، وما تتضمنته هذه المواقف من أبعاٍد سياسية انتخابية تؤشر إلى أنّ استحقاق الانتخابات النيابية بات هو الأولوية لدى أغلب هذه القوى وليس استحقاق تأليف الحكومة ومعالجة الأزمات الحياتية وإنجاز الإصلاحات الاقتصادية والمالية، ما يعني أنّ الأزمات الحياتية ستبقى مفتوحة في ظل القرار الأميركي الغربي بحصار لبنان مالياً واقتصادياً، لا سيما بالمحروقات، فيما المعارك السياسية والانتخابية قد فتحت على مصراعيها وستشتد في الشهور المقبلة.
واوضحت أنه انعقد أمس اللقاء السابع بين الرئيس عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي وتحدثت المعلومات عن تقدم إيجابي في بعض العقد، وأشارت مصادر إلى أنّ الرئيس المكلف يعمل على بحث نقاط الخلاف والالتقاء في لائحة دفعة واحدة مع رئيس الجمهورية، ما يسرّع هذا المسار ويقلّص الوقت. ويتركز السعي على تقليص دائرة الخلاف بين الرئيسين.
ولفتت إلى أنه بعد الاجتماع، غادر ميقاتي ولم يدلِ بأي تصريح، وقال في دردشة مع الصحافيين: «عم نتابع والأمور تسير بالمسار الصحيح». وأضاف: «اليوم سنعقد اجتماع آخر». وأكد «أننا نواصل البحث وهناك صيغة مسودة توصلنا إليها».
وفيما يواظب قصر بعبدا على بثّ الأجواء الإيجابية، لفتت مصادر مطلعة على موقف عون لـ"البناء" إلى أنّ «الرئيس عون منفتح على كافة الصيغ ويسعى والرئيس المكلف للتوصل إلى صيغة توافقية للحكومة وهو يبذل قصارى جهده في هذا السياق ويعمل على إيجاد الحلول التوافقية للعقد، لا سيما على صعيد بعض الوزارات»، مؤكدة أنّ «رئيس الجمهورية يريد تأليف حكومة في أقرب وقت لإطلاق مسار المعالجات على مختلف المستويات». وقالت مصادر وزارية مقربة من بعبدا لـ»البناء» إنّ «نسبة تأليف الحكومة توازي نسبه الفشل واعتذار الرئيس المكلف، وهذا رهن بمسار ونتيجة المفاوضات الجارية بينهما». وعلمت «البناء» أنّ «العقد لا تزال على حالها وتتمثل بالداخلية والعدل والخلاف المستجد على اسم وزير المالية يوسف خليل الذي يرفضه عون ويطلب استبداله باسم آخر وأنّ الرئيس بري غير متمسك باسم محدّد».
ونقلت مصادر إعلامية عن أوساط مواكبة للملف الحكومي، قولها إنّ «عملية التأليف سجلت تقدماً ملموساً باتجاه الاتفاق على النقاط الأساسية في المسودة التي أعلن عنها ميقاتي»، لافتة إلى أنه «تمّ التسليم ببقاء القديم على قدمه، بالنسبة للتوزيع الطائفي للحقائب السيادية».
وأوضحت أنّ «التوزيع الطائفي للحقائب أصبح شبه مكتمل بانتظار بعض الاتصالات التي سيجريها رئيس الجمهورية وميقاتي»، وأكدت المصادر أن «الخطوة المقبلة بعد التوزيع الطائفي ستكون إسقاط الأسماء». وبحسب المصادر، فإنّ «وزارة الطاقة ستكون من حصة رئيس الجمهورية، والأشغال من حصة حزب الله، والتربية من حصة ميقاتي والاتصالات من حصة المردة، أما نائب رئيس الحكومة سيكون بالاتفاق بين عون وميقاتي». ورغم الأجواء الإيجابية، استبعدت المصادر أن تتشكل الحكومة اليوم.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في موقف سعودي من الملف اللبناني، ذكرت وكالة الأنباء السعودية، نقلاً عن بيان لمجلس الوزراء السعودي قوله إنّ «أي مساعدة تقدَّم إلى الحكومة الحالية أو المستقبلية تعتمد على قيامها بإصلاحات جادة وملموسة، مع ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وتجنب الآليات التي تمكّن الفاسدين من السيطرة على مصير لبنان». بدوره، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تقديم حوالي 100 مليون دولار من المساعدات الإنسانية الجديدة للبنان.
وقالت "البناء" إنه على وقع تعثر تأليف الحكومة، تتفاقم الأزمات الحياتية والاقتصادية ويشتدّ الخناق على المواطنين الذين تُركوا لمصيرهم ومعاناتهم المأساوية، فيما تشير معلومات «البناء» إلى أنّ حزب الله والقوى الحليفة لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء سياسة الحصار وتجويع الشعب اللبناني وتدمير المؤسسات والدولة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، وبالتالي تتحدث المعلومات عن بدء إدخال النفط والأدوية والمواد الغذائية من سورية إلى لبنان في وقت قريب للحدّ من الأزمات ومعاناة المواطنين»، متوقعة أنّ يعلن حزب الله على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله عن مفاجآت في هذا الإطار في إحدى خطاباته العاشورائية بين يوم وآخر.
واشارت إلى أنه برز في هذا السياق، قول المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في خطبته خلال مراسم إحياء ذكرى عاشوراء، إنّ «جهات دولية وإقليمية تعمل بجهد جبّار لتجفيف البلد من مادة المازوت وتنفيذ خطط كارثية تطال الأدوية والطحين والمحروقات والسلع الغذائية والأساسية بما يساعد على إعدام أكثرية الشعب اللبناني»، لافتًا إلى أنّ «الكارثة الآن تطال القدرات التشغيلية للمستشفيات ومصانع الأدوية والمطاحن والأفران وكبرى المؤسّسات الحيوية، ورغم ذلك فإنّ حاكم المركزي يتعامل كمندوب أميركي سامي توازياً مع دبابات سياسية ومالية ونقدية وإعلامية تؤدّي دور الغول الناعم».
واضافت فيما بلغت الأزمات ذروتها، انعقد المجلس الأعلى للدفاع أمس في بعبدا، بدعوة طارئة من رئيس الجمهورية، وبحث الأوضاع الأمنية والمعيشية في غياب رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب لوجوده في الحجر المنزلي لاحتمال إصابته بوباء كورونا. إلا أنّ عقد الاجتماع كان محط انتقاد من المراجع السياسية للطائفة السنية، لا سيما من الرئيس فؤاد السنيورة الذي اعتبر أنّ «انعقاد المجلس في غياب رئيس الحكومة لا يجوز وغير دستوري» ، فيما اعتبره الرئيس سعد الحريري «مخالفة دستورية أقدم عليها رئيس الجمهورية»، محذراً من «الإمعان في مخالفة الدستور وتطبيقه بشكل استنسابي ومحاولة فرض أعراف سبق أن أودت بالبلد إلى الهلاك والخراب والدمار».
قالت إلا أنّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ردّ على الحريري والسنيورة من دون أن يسمّيهما، مشيراً إلى أنّ دياب أبلغ رئيس الجمهورية «موافقته على عقد الاجتماع بغيابه وفضل عدم تأجيله، وتمّ احترام الأصول القانونية والتنظيمية التي ترعى عمل المجلس».
واشارت الصحيفة إلى أنه كانت أزمة المحروقات قد طالت مختلف المؤسّسات والقطاعات الحيوية وهدّدت استمرار عملها، ما يهدّد بتوقف كامل للمؤسسات وبالتالي للخدمات والمواد الأساسية ومقوّمات عيش المواطن، ما يمهّد لفوضى اجتماعية وأمنية هائلة. فقد شدّد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون على أنّ «انقطاع مادة المازوت عن المستشفيات ضربة قاضية تُضاف إلى أزمة الأدوية الكارثية»، مشيراً إلى أنه تبلّغ من نقيب مستوردي الأدوية «أنّ ما من طلبيات جديدة لاستيراد الدواء نتيجة الإشكاليات بين النقابة ومصرف لبنان وكذلك بالنسبة إلى المستلزمات الطبية».
وتابعت الصحيفة، بدوره، تخوّف نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم من «أزمة طوابير خبز»، مؤكداً «أنّ الأفران «لم تتبلّغ أي أخبار في خصوص تأمين المازوت وأنّ عدداً جديداً من الأفران أقفل أبوابه صباحاً». وقال نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والملاهي خالد نزهة: «إذا بقيت الأمور على ما هي عليه فذاهبون إلى الإقفال وإلى مصيبة كبيرة ونحن في مرحلة خطرة».
وأعلنت العشرات من المطاعم ومحال السناك في مدينة صيدا إغلاق أبوابها واعتذرت عن عدم استقبال الزبائن حتى إشعار آخر، بسبب عدم تمكن أصحابها من تأمين مادة المازوت وتشغيل المولدات لضمان استمرارية العمل. وقد رفعت إدارات عدد منها على أبوابها لافتات كتب عليها «إلى زبائننا الكرام نظراً للظروف التي تمر بها البلاد من أزمة مازوت وإطفاء مولدات وحفاظاً على سلامة غذائكم قررنا إغلاق المطعم حتى إشعار آخر».
وبعد غياب طويل عن التصريحات، أوضح وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر بعد اجتماع الدفاع الأعلى: «أننا في مرحلة الذروة في الحاجة للكهرباء. حاجتنا هي 3000 ميغاواط والقدرة الإنتاجية بحسب الفيول المتوفر لا تتجاوز الـ750 ميغاواط». وأشار إلى أنّ «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغ المجلس الأعلى بأنه لم يعد قادراً على دعم شراء المحروقات». وأكد أنّ «الحل يكون باقتراح قانون في مجلس النواب بطلب صرف اعتمادات لكهرباء لبنان من أجل شراء الفيول لأنها الحل الأوفر على المواطن حتى ولو تمّ رفع التعرفة عليه»، ولفت إلى أنه في حال «توقف الدعم للمحروقات فالسعر يتحرّر ويصبح موحداً».
بدوره، أوضح مصرف لبنان في بيان أنه «اعتباراً من تاريخ 12/8/2021 سيقوم مصرف لبنان بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، معتمداً الآلية السابقة إياها، ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً لأسعار السوق».
ويعود لوزارة الطاقة تحديد الأسعار الجديدة للمحروقات.
هذا وقالت صحيفة "البناء" إنه في غضون ذلك، تتجه الأنظار اليوم إلى الجلسة التي دعا إليها الرئيس بري في الاونيسكو للنظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ وفقا للمادة 22 معطوفة على المادة 20 من القانون 13 /90. وعشية الجلسة حدّدت الكتل النيابية موقفها منها، فأعلنت كتل «القوات» و»لبنان القوي» و»اللقاء الديمقراطي» و»ضمانة الجبل»، إضافة إلى بعض النواب المستقلّين، مقاطعتهم للجلسة، فيما لم تحدّد كتلة «المستقبل» موقفها النهائي حتى الساعة، وسط معلومات تفيد بأنّ الكتلة ستنضم إلى الكتل المقاطعة لكي لا تقع في الإحراج أمام الرأي العام.
وفيما أفادت مصادر قناة «أو تي في» بأنّ «هناك توجهاً نحو تأجيل جلسة مجلس النواب لعدم توفر النصاب لانعقادها، لا سيما أنّ خمسة نواب ممن كانوا سيحضرون هم خارج البلاد، يضاف إليهم العدد الكبير من النواب الذي أعلنوا مقاطعة الجلسة»، أكدت مصادر عين التينة لـ»البناء» أنّ «الجلسة في موعدها حتى الآن إلا إذا أعلنت بعض الكتل عدم حضورها كالمستقبل ومن الممكن أن لا يكتمل النصاب إذا تم إقفال الطرقات صباح اليوم أمام النواب».
ودعا الحريري في بيان لمكتبه الإعلامي «النواب بالسير دون إبطاء أو تأخير باقتراح وضع جميع الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة والمحامين والمديرين العامين والأمنيين دفعة واحدة وفوراً في تصرف المحقق العدلي والحقيقة في هذه القضية». وأضاف: «كما أضع الكتل النيابية المتلكئة أمام مسؤولياتها: إما أن يعلق تطبيق مواد من القوانين والدستور على الجميع في هذه القضية التي لا تحتمل أي تذاكٍ أو تلاعب أو تطييف، أو أن يطبق القانون والدستور كاملاً بحذافيره على الجميع».
واشارت الصحيفة إلى أن اللافت هو موقف كتلة رئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط بمقاطعة الجلسة، وأشارت الكتلة في بيان إلى أنّ «الجلسة المرتقبة وعلى جدول أعمالها بند واحد هو النظر في طلب الاتهام الموقع من عدد من النواب بما يؤدي إلى قيام هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء للنظر في هذه القضية بما يعيق مهمة المحقق العدلي ويعيق الوصول إلى الحقيقة».
وقالت إنه تلاقت «القوات» مع موقف «لبنان القوي» الذي أكد رئيسه النائب جبران باسيل عبر «تويتر»، أنّ «جلسة مجلس النواب، غير شرعية لأنه لم يتم التقيد بالآلية القانونية المنصوص عنها في المادة 93 من النظام الداخلي لمجلس النواب والمادة 20 و22 من قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى، ما ينزع عن الجلسة قانونيتها ويجعل من جميع إجراءاتها غير قانونية».
وردّ الرئيس بري على المقاطعين بالقول: «لمن يتذرع بغير الشرعية وبعدم القانونية وما هم من مهارة في هذه الميادين … أسألكم ما قيمة نصوص الدستور المواد ، 60، 70، 71 ، 80؟». وأضاف: «ما قيمة القانون رقم 13/90 ؟ وماذا كنتم تفعلون عندما انتخبتم إضافة إلى ثمانية قضاة برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى سبعة نواب أعضاء أصيلين في هذا المجلس من بينهم الزملاء السادة: جورج عقيص، جورج عطالله هاغوب بقرادونيان هذا عدا عن نواب الاحتياط ؟.» وأردف: «وبالتالي قيام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء إلا إذا كنتم على استعداد لإلغاء هذه المواد طالما لستم بحاجة لها كما تفعلون . وأنتم لا تدرون ماذا تفعلون!».
ولفتت الى انه استدرج موقف بري سجالاً واسعاً بين عين التينة والتيار الوطني الحر الذي أوضح مكتبه الإعلامي موقف التكتل بأنّ «أسباب المقاطعة تعود من جهة إلى الشكل والنظام، ومن جهة أخرى إلى المضمون. ففي الشكل والنظام، لم تحترم الدعوة إلى الجلسة أمرين». مشيراً إلى أنّ «مخالفة النظام الداخلي لمجلس النواب بشكل فاضح، وأيضاً المخالفة الواضحة للآلية المنصوص عنها في قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى، تعنيان عدم توفر العناصر القانونية لصحة التئام الجلسة، وتجعل قراراتها وإجراءاتها غير قانونية». واعتبر البيان أنّ «التكتل يعتبر أن المجلس النيابي لم يتحرك طيلة سنة بإحالة قضية انفجار المرفأ بتحويلها إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والنواب، إلا بعدما أحال إليه المحقق العدلي طلبه رفع الحصانات. وبالتالي إن ما يقوم به الآن من محاولة إحالة المسألة إلى المجلس الأعلى هو التفاف على عمل القضاء العدلي، ويؤدي إلى وقف التحقيق من قبله مع المشتبه بهم، نواباً او وزراء، في الوقت الذي يطالب التكتل برفع الحصانات أمام القضاء العدلي لاستمرار التحقيقات بما يؤدي إلى تبرئة من تثبت براءته ومحاسبة المرتكبين، خاصةً أن الكلمة الفصل تبقى لقضاء الحكم أي المجلس العدلي».
في المقابل، ردت مصادر في كتلة التنمية والتحرير بالتأكيد «أنّ مُصدِّر البيان غير مطلع بتاتاً على مجريات العمل النيابي أو أنه يتعمد صراحة الكذب لتغطية موقفه شعبوياً حيث أنّ كل النواب قد وصلتهم أجوبة الأشخاص المعنيين قبل عشرة أيام على الأقل وفق نص المادة 20 من القانون 13/90»، مذكرة بأنّ «المجلس النيابي قد بادر إلى تلقف طلب المحقق العدلي السابق كما الحالي وطلب معطيات وملف لكي يقوم بدوره وهذا لم يؤمنه القاضيان»، مشيرة إلى أنّ «التحدي أمام التكتل المذكور هو الموافقة على إلغاء الحصانات عن الجميع وأن لا يختبئ خلف بيانات شعبوية وليوافق معنا على رفع الحصانات عن الجميع ولا يحاول أن يحمي رئيس الجمهورية الذي يخالف الدستور يومياً من عدم انتخاب بديل للنواب المستقيلين وصولاً إلى جلسة مجلس الدفاع الأعلى محمياً بحصانته». وختمت: «ارفعوا الحصانات إلا إذا كنتم تريدون إبقاء دموع عوائل الشهداء في خدمة الأهداف الانتخابية».
"النهار": المحروقات بسعر السوق وإسقاط جلسة الحصانات
من ناحيتها، صحيفة "النهار" قالت إنه على وقع تصاعد مخيف في أزمات المحروقات والكهرباء والدواء والاستشفاء، ينزلق معه لبنان بسرعة متناهية نحو مرحلة غير مسبوقة في التداعيات والأخطار الاجتماعية والمعيشية والأمنية، بدا من غرائب الزمن السياسي البائس الذي يعيشه اللبنانيون ان تبقى في أولويات العهد، ارتكاب مزيد من الانتهاكات الدستورية في عز لقاءات "التشاور" في بعبدا لتأليف الحكومة، كما تقدم على المشهد السياسي نفسه الصدام داخل مجلس النواب حول مسألة رفع الحصانات في ملف انفجار مرفأ بيروت. ذلك ان الذين تساءلوا باستغراب قبل أيام عن سبب عدم دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع طارئ عقب اطلاق "حزب الله" صواريخ من الجنوب وردّ إسرائيل بقصف مدفعي فوجئوا امس بانعقاد المجلس للبحث في تداعيات أزمة المحروقات وسط مخالفة دستورية فاقعة تمثلت في دعوة رئيس الجمهورية للمجلس الى الانعقاد وتجاهل غياب رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي يمضي حجراً صحياً بسبب مخالطته مصاباً بداء كورونا.
واضافت أن الواقع ان هذا التطور زاد غموضاً على غموض اللقاء السابع الذي انعقد بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد اجتماع المجلس الأعلى في بعبدا، اذ ان لقاء الرئيسين لم يستمر اكثر من أربعين دقيقة، ولم تتسرب عنه معطيات توحي بإيجابيات تتجاوز الشكليات التي يحرص الجانبان على الإيحاء بها، فيما لا يبدو وفق المعطيات الحقيقية ان خطوات ملموسة جادة قد تحققت بعد على طريق اختراق في التأليف. وفيما تسربت معلومات عن اتفاق على ابقاء القديم على قدمه في التوزيعات الطائفية وعدم اعتماد المداورة، بدت معالم التحفظ واضحة امس على ميقاتي اذ بعد انتهاء الاجتماع، وفيما كان يغادر بهو القصر الجمهوري، استوقفه الصحافيون لطرح الاسئلة، فقال:
"لا ارغب في الوقوف والكلام، ونحن نتابع. الأمور تسير في المسار الصحيح، وان شاء الله سأزور فخامة الرئيس بعد ظهر غد (اليوم).
وسئل: هل هناك من مسودة؟ أجاب: وصلنا اليها، صحيح".
خرق دستوري !
وتابعت الصحيفة أنه ولكن العقدة الإضافية القديمة – الجديدة في ما سيواجهه ميقاتي اليوم في رحلته التفاوضية الشاقة مع عون اثارها الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة عقب ترؤس عون المجلس الأعلى في غياب رئيس حكومة تصريف الاعمال فقال الحريري: "ان الدستور ليس وجهة نظر لدى هذا الطرف او ذاك وما حصل اليوم من انعقاد لمجلس الدفاع الاعلى بغياب رئيس الحكومة مخالفة دستورية اقدم عليها رئيس الجمهورية. وان كتلة المستقبل تحذر من الامعان في مخالفة الدستور وتطبيقه بشكل استنسابي ومحاولة فرض اعراف سبق وان اودت بالبلد الى الهلاك والخراب والدمار".
ولفتت الصحيفة الى أن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية اصدر بيانا أوضح فيه ان "الرئيس دياب دعي الى حضور اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، لكنه اعتذر عن عدم الحضور بسبب الحجر الصحي الذي دخله قبل يومين، الا انه ابلغ رئيس الجمهوية موافقته على عقد الاجتماع في موعده وبغيابه، مفضلاً عدم تأجيله. علماً ان الرئيس عون كان تشاور مع الرئيس دياب في المواضيع المدرجة على جدول اعمال الاجتماع". وأشار الى ان "اجتماع المجلس الأعلى للدفاع عقد وفق الأصول القانونية والتنظيمية التي ترعى عمله".
وقالت أنه اما العنوان المعلن لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع فكان درس "الأوضاع الأمنية والمعيشية وأزمة الدواء والمحروقات، في ضوء التقارير الادارية والأمنية، ومنها واقع مبنى الاهراءات في مرفأ بيروت، والمواد الكيميائية في منشآت النفط في طرابلس والزهراني، والمنشآت المخصصة لتزويد الطائرات الوقود في مطار رفيق الحريري الدولي". وأفاد البيان المقتضب عن الاجتماع ان "المجتمعين اتخذوا سلسلة قرارات وتوصيات لمعالجة هذه المسائل، استناداً إلى القوانين المرعية الاجراء، ومنها الطلب الى قادة الأجهزة العسكرية والأمنية تكثيف الاجتماعات الدورية التنسيقية لمتابعة الأوضاع الأمنية ومعالجتها". وبدا واضحاً ان المعطيات المقلقة حول تداعيات أزمتي المحروقات والكهرباء وما بدأتا بإثارته من اضطرابات امنية واجتماعية أملت اجتماع المجلس الأعلى للدفاع واتخاذ إجراءات استباقية تحسبا لكل الاحتمالات خصوصاً ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ابلغ المجلس الأعلى بأنه لم يعد قادراً على فتح اعتمادات للمحروقات ودعم شرائها. وعلم ان اجتماعا امنيا تقرر عقده الجمعة في وزارة الدفاع لقادة الأجهزة الأمنية لمتابعة تنفيذ الإجراءات المقررة لمواجهة تداعيات ردود الفعل على فقدان المحروقات وارتفاع أسعار المواد الحياتية الأساسية.
ولفتت إلى أن التطور الأبرز الذي سجل في هذا السياق تمثل في اعلان مصرف لبنان مساء امس انه سيقوم اعتباراً من اليوم بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات معتمداً الالية السابقة نفسها ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً لاسعار السوق ويعود لوزارة الطاقة تحديد الأسعار الجديدة للمحروقات.
المقاطعة النيابية
ومن ناحية اخرى، قالت "النهار" إنه اما على صعيد الجلسة النيابية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم للبت في موضوع الحصانات فبدا واضحاً ان مواقف الكتل النيابية الوازنة الرافضة للجلسة قد تمكنت مسبقاً من اسقاط الجلسة بسلاح إفقاد النصاب. واتسع حجم مقاطعة الكتل للجلسة فشملت كتلة "الجمهورية القوية" و"تكتل لبنان القوي" وكتلة "اللقاء الديموقراطي" وكتلة "ضمانة الجبل" وافيد ان كتلة النواب الأرمن ستعلن اليوم المقاطعة أيضا الى عدد من النواب المستقلّين.
واشارت إلى أنه عقب اجتماع لكتلة "الجمهورية القوية" في معراب، اعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مقاطعة الجلسة اليوم معتبرا ان "هناك محاولة لعرقلة التحقيق". وقال "العريضة النيابية عرقلة مباشرة للتحقيق العدلي ولا يحق لبرّي الدعوة إلى جلسة للبحث في عريضة نيابية بعد أن طلب المحقق العدلي رفع الحصانات". وإذ قال "ما شفت أكثرية نيابية بتغشّ شعبها بهيدا الشكل"، اعلن ان "تكتل الجمهورية القوية سيقاطع الجلسة وأدعو النواب الأحرار في الكتل كافة للانضمام لنا ومقاطعة جلسة الغد وإذا عقدت الجلسة فستكون عاراً".
اما رئيس "لبنان القوي" النائب جبران باسيل فقال أن "جلسة مجلس النواب اليوم غير شرعية لأنه لم يتم التقيد بالآلية القانونية المنصوص عنها في المادة 93 من النظام الداخلي لمجلس النواب والمادة 20 و22 من قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى، ما ينزع عن الجلسة قانونيتها ويجعل من جميع إجراءاتها غير قانونية.
وأعلنت كتلة "اللقاء الديمقراطي" اننا كنا ننتظر عقد جلسة نيابية عامة للنظر في طلب المحقق العدلي حول رفع الحصانات، فاذ تأتي الجلسة المرتقبة وعلى جدول أعمالها بند واحد هو النظر في طلب الاتهام الموقع من عدد من النواب بما يؤدي الى قيام هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء للنظر في هذه القضية بما يعيق مهمة المحقق العدلي ويعيق الوصول الى الحقيقة".
ولفتت إلى أنه إزاء المواقف التي صدرت تجاه الجلسة رد الرئيس بري سائلا :" ماذا كنتم تفعلون عندما انتخبتم، إضافة الى ثمانية قضاة برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى، سبعة نواب أعضاء أصيلين في هذا المجلس وبالتالي قيام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الا اذا كنتم على إستعداد لالغاء هذه المواد طالما لستم بحاجة لها كما تفعلون. وانتم لا تدرون ماذا تفعلون".
وقالت ختاماً، اما الرئيس الحريري فدعا النواب الى "السير دون ابطاء او تأخير باقتراح وضع جميع الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة والمحامين والمديرين العامين والامنيين دفعة واحدة وفوراً في تصرف المحقق العدلي والحقيقة في هذه القضية". وقال انه "يضع الكتل النيابية المتلكئة امام مسؤولياتها: اما ان يعلق تطبيق مواد من القوانين والدستور على الجميع في هذه القضية التي لا تحتمل اي تذاك او تلاعب او تطييف، او ان يطبق القانون والدستور كاملا بحذافيره على الجميع".
إقرأ المزيد في: لبنان
19/11/2024