معركة أولي البأس

لبنان

تخوف من أحداث أمنية في ذكرى 4 آب.. والسيد نصرالله: استيراد المحروقات والدواء من إيران قريباً
04/08/2021

تخوف من أحداث أمنية في ذكرى 4 آب.. والسيد نصرالله: استيراد المحروقات والدواء من إيران قريباً

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على إنشغال لبنان الشعبي والرسمي بإحياء ذكرى تفجير المرفأ وسط مخاوف عبّرت عنها مراجع أمنية رسمية حيال حصول أحداث وفوضى أمنية في عدد من المناطق لا سيما في المنطقة المحيطة بالمرفأ وساحة الشهداء ودخول الطابور الخامس على خط التظاهرات واستغلال غضب أهالي الشهداء والجرحى والمتضرّرين لافتعال فوضى خدمة لمشاريع سياسية خارجية.

 على الصعيد الحكومي، لم يبرز أيّ جديد بانتظار اللقاء المرتقب بين الرئيسين عون وميقاتي يوم غدٍ لاستكمال البحث بنقاط الخلاف وعقدتي المداورة وتوزيع الحقائب السيادية لا سيما وزارتي الداخلية والعدل.

وفيما لفت عدد من الصحف الى كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اللقاء السنوي مع المبلّغين وقارئي العزاء الى أن «مجموعة من الإخوة في حزب الله موجودون في إيران حالياً لاستكمال بحث موضوعي البنزين والمازوت والدواء.

"الأخبار": نصر الله: استيراد المحروقات والدواء من إيران... قريباً

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي اعتبرت أنه منذ نحو شهرين، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله استعداد الحزب للمساهمة في حل أزمة المحروقات التي يشهدها لبنان. وبينما كانت طوابير الذل أمام «محطات البنزين» من شمال لبنان إلى جنوبه، هي الصورة الغالبة وحديث الناس ومعاناة جزء كبير من السكان، ذكّر السيد نصر الله في كلمة له بـ«العروض الإيرانية واستعداد الجمهورية الإسلامية لبيع المواد النفطية للبنان، بالعملة اللبنانية». يومها وعد بأن «حزب الله لن يقف متفرجاً، وأنه في حال بقاء الدولة ساكنة، فإن الحزب سيأتي ببواخر البنزين والمازوت من إيران». ومنذ ذلك الوقت استغلّت جهات عدة هذا الكلام للتصويب على حزب الله، متهمة إياه بأنه لم يفِ بوعوده وبأن إيران غير قادرة على تأمين حاجة لبنان، لكن يبدو أن هذا الوعد سيُترجم على أرض الواقع قريباً، وذلك وفق ما نُقِل عن السيد نصر الله الذي أشار في اللقاء السنوي مع المبلّغين وقارئي العزاء، عشية بدء شهر محرم أمس، الى أن «مجموعة من الإخوة في حزب الله موجودون في إيران حالياً لاستكمال بحث موضوع البنزين والمازوت»، مؤكداً «أننا سنأتي به عمّا قريب وسندخله سواء براً أو بحراً». ولم يكُن ملف المحروقات هو الوحيد الذي تعهّد نصر الله بالمساهمة في حلّه، فقد أكد أيضاً أن أزمة الدواء تدخل ضمن أولويات الحزب، لافتاً إلى أن «الحزب سيأتي بالدواء الإيراني إلى السوق اللبنانية»، ورداً على الحملات التحريضية التي انطلقت منذ أسابيع ضد استقدام الأدوية الإيرانية قال «يبلطوا البحر، واللي بيقولوا عن الأدوية الإيراينة سمّ، ما ياخدوا منها». وتعليقاً على الأحداث الأخيرة في الجية وخلدة وارتفاع منسوب التحريض الطائفي والمذهبي في البلاد، أشار السيد نصر الله إلى أن «حزب الله لن ينجر إلى حرب أهلية، ونعلم ما يجب أن نفعله».

وتحدّث السيد نصر الله عن ثلاثة عناوين يجري العمل عليها في مواجهة حزب الله، وهي: (1) تشويه صورة حزب الله وضرب النموذج، (2) جر حزب الله الى حرب داخلية... مشيراً إلى أن ذلك «مبني على معطيات بدأت من حجز الحريري الذي كان الهدف منه إشعال الحرب الأهلية، ولكن موقف القوى السياسية في لبنان، ومنها حزب الله، فاجأ السعودية ودفعها إلى تغيير مسار عملها».
أما بالنسبة الى جريمة قتل علي شبلي في الجية يوم السبت الفائت، فقال نصر الله: «نحنا ما عندنا دم بروح على الأرض، ولكن لا نذهب الى حيث يريد العدو. فنزول الحزب الى الأرض كان سيعني قراراً بحرب داخلية، وهناك من يسعى إلى جلب السلاح لقتالنا»، مُثنياً على «وعي الشارع المؤيد للمقاومة في ما حصل من أحداث في الأيام الأخيرة».

والعنوان الثالث هو الحرب الاقتصادية التي اعتبر بأنها «ليست صدفة، وعلينا أن نصبر وأن نكون جديين في العمل». وأشار إلى أن «قرار استيراد المواد من إيران اتخذ، وبدأ العمل على ذلك وكلها قرارات صعبة تحتاج الى وقت. والمواد النفطية هي من الحاجات التي لا يمكن الاستغناء عنها، وتحديداً المازوت الذي لا يمكن ترك البلد من دون تأمينه».
حكومياً، وبعدما حملت زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لرئيس الجمهورية ميشال عون قبل يومين أولى إشارات دخول مسار تأليف الحكومة في أزمة على خلفية تمسك ميقاتي بالإبقاء على التوزيعة الطائفية نفسها للحقائب السيادية الأربع، ورغبته في أن تكون وزارة الداخلية بيد وزير من الطائفة السنية، لم يطرأ أي جديد في اليومين الماضيين، بينما الجميع ينتظر ما ستؤول إليه الأمور يوم غد الخميس، حين سيزور ميقاتي بعبدا للمرة الخامسة استكمالاً للمداولات. مصادر مطلعة قالت إن «جو الرئيس عون تجاه ميقاتي سلبي جداً، فيما الأخير عبّر عن وجود صعوبات خلال تواصله مع الجهات السياسية، لكنه أكد أنه لا يريد استعجال النتائج».

في المقابل، أوضحت مصادر متابعة لمسار تشكيل الحكومة أن «طرح مسألة اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية لا يستجيب للمبادرة الفرنسية التي وافقت عليها جميع الأطراف فحسب، بل يهدف كذلك الى عدم تكريس أعراف جديدة مخالفة للدستور». ودعت المصادر الى العودة الى «مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية كافة إحقاقاً للعدالة والمساواة بين اللبنانيين وحفاظاً على الشراكة الوطنية التي هي عماد الوحدة والعيش المشترك، ما يسهل عملية تشكيل الحكومة العتيدة لمواجهة الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن».
وفيما تتجه الأنظار إلى «يوم الغضب» في الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت وما ستؤول إليه الأوضاع الأمنية، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن المؤتمر الدولي الذي تنظمه باريس والأمم المتحدة دعماً للبنان يهدف إلى جمع 350 مليون دولار للاستجابة لحاجات السكان مع تدهور الوضع في البلاد. وستتخلّل المؤتمر كلمات لكل من: الرئيس ميشال عون، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الأميركي جو بايدن، بالإضافة إلى الرؤساء: المصري، اليوناني والعراقي، والملك الأردني، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، ورئيس وزراء كندا، ورئيس الاتحاد الأوروبي ورئيس وزراء الكويت.
كما يشارك في المؤتمر وزراء خارجية: ألمانيا، النمسا، هولندا، قبرص، بريطانيا، إيطاليا، بلجيكا، فنلندا، كرواتيا، إسبانيا، قطر وسويسرا. فيما ستنضمّ المملكة العربية السعودية، الإمارات، الصين والجامعة العربية عبر ممثلين لها.


"النهار": 4 آب 2021 دولة مشبوهة تخطف الحقيقة

بدورها صحيفة "النهار" رأت أنه بعد سنة على زلزال انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لعل العبارة وحدها تكفي لاختصار مجلدات عما حلّ بلبنان واللبنانيين منذ ذاك الموعد التاريخي بشؤمه القياسي بلوغاَ الى اليوم تحديداً أي الذكرى السنوية الأولى للانفجار. لعلّ ما قيل داخلياً وخارجياً في مجزرة انفجار المرفأ التي اعادت لبنان الى عناوين الكوارث العالمية بما زاحم عنوان جائحة كورونا الموازية عالمياً فاق وتجاوز كل ما سبق المساحات الإعلامية والسياسية والديبلوماسية والقضائية وحتى الحربية التي انشغل بها العالم بلبنان طوال حقبات حروبه وازماته في الأربعة عقود الأخيرة. ومع ذلك، لا مغالاة في القول في ان أسوأ الأسوأ في حصيلة السنة ما بين الانفجار والذكرى السنوية الأولى لاحياء ذكرى شهدائه وجرحاه ومتضرريه مع كل تداعياته على المستوى الوطني والقضائي والإنساني والاجتماعي يختصر في اجتماع يكاد يصبح “كونياً” على ان هذا الزلزال وما تسبب به، لم يكن أولا وأخيرا وأياً تكن أسبابه وملابساته وظروفه المباشرة وغير المباشرة الا نتيجة حاسمة لا جدال حولها لرزوح لبنان تحت وطأة دولة فاشلة فاسدة ومشبوهة بكل المعايير. ولم يكن أدل على ثبوت وثبات هذه الحقيقة المفجعة المدوية من مرور سنة تناوب خلالها على التحقيق العدلي في مجزرة الانفجار محققان عدليان فيما لا تزال الدولة الفاشلة إياها تعاند وتكابر وتعرقل مهمة التحقيق وتأسر تالياً الحقيقة التي كان يتعين ان تكون كشفت المجرمين او المتواطئين او المتخاذلين او المقصرين او المهملين في “سر الاسرار” الدفين المتصل أولاً بمن احضر الاف أطنان نيترات الامونيوم الى مرفأ بيروت وخزنها في ذاك العنبر سنوات وسنوات قبل ان ينفجر جزء من الكمية مزلزلا بيروت، وكيف انفجر وبأي طريقة وظروف وملابسات. أما الطبقة السياسية، فلم تكن بمعظم قواها بصورة افضل من الدولة والسلطة وسط هبوط مخيف في المهابات جعل المجزرة تتحول ساحة مباراة معيبة ومخجلة وهابطة للمزايدات واللعب على العواطف والاستثمار السياسي الرخيص الامر الذي فجر أخيرا ملف الحصانات ولم يقفل بعد على أي نهاية.       
 
وسط هذه الأجواء القاتمة ستتجه الأنظار اليوم الى مرفأ بيروت وسط استعدادات شعبية كثيفة للمشاركة في الذكرى توازي حجم الجريمة التي حصلت وأودت بحياة 218 شخصا واكثر من 6500 جريح وتشريد عشرات الألوف من منازلهم ومؤسساتهم  وإحداث دمار هائل في بيروت. وفي إدانة صارمة جديدة للسلطة عشية احياء الذكرى أصدرت منظمة “هيومن رايتس واتش” الدولية تقريرا دلّ مجدداً الى تقصير الطبقة الحاكمة بدءاً برئيس الجمهورية نفسه، في حماية المدنيين من الانفجار . وأشار التقرير إلى وجود أدلة قوية تشير إلى أن بعض المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنيا بالمخاطر التي تشكلها مادة نيترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار المروع . ويخلص التقرير الذي يقع أكثر من 127 صفحة ويشمل نتائج ووثائق إلى أن هناك أدلة الى أن عددا من المسؤولين اللبنانيين ارتكبوا جريمة الإهمال الجنائي بموجب القانون اللبناني. وتتبع التحقيق أحداثا ترجع إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة إلى جهات عدة رسمية. ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الانفجار وحثت الحكومات الأجنبية على فرض عقوبات على المسؤولين تتعلق بحقوق الإنسان والفساد. وقال تقرير هيومن رايتس إن الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ووزراء سابقين طلب القاضي بيطار إفادات منهم، تقاعسوا في اتخاذ إجراءات لحماية الناس على الرغم من إبلاغهم بالمخاطر. 

عون  والوعود 
ولكن الكلمة التي القاها الرئيس عون مساء امس في المناسبة غلب عليها طابع المحاولات الاحتوائية للغضب العارم من خلال وعود بتبديل الأحوال. وقال “أشعر بآلام الأهل والأصدقاء الذين فقدوا أحباءهم في هذا الانفجار، وأنا واحد من الذين فقدوا غالياً يومها...لهذا أقولها بالفم الملآن، من أجل جروحات اللبنانيين المفتوحة، ومن أجل التاريخ: نعم للتحقيق النزيه والجريء وصولاً إلى المحاكمات العادلة.
 
نعم للقضاء القوي، الذي لا يتراجع أمام صاحب سلطة مهما علا شأنه، ولا يهاب الحصانات والحمايات، من أجل تحقيق العدل، ومحاسبة المتسببين بهذا الانفجار.

مجموعة الدعم الدولية 
وعلى الصعيد الديبلوماسي والسياسي الدولي وعشية مؤتمر الدعم الدولي الثالث الذي تنظمه فرنسا اليوم لحشد المساعدات للبنان ، حضت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان  بعد اجتماعها امس “السلطات اللبنانية على الإسراع في استكمال التحقيق في انفجار المرفأ من اجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة”. وأعربت عن “قلقها الشديد للتدهور الاقتصادي المتسارع الذي تسبب في ضرر بالغ لجميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسساته وخدماته”. ودعت المجموعة السلطات اللبنانية “إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية واتخاذ جميع الخطوات الممكنة على وجه السرعة لتحسين الظروف المعيشية للشعب اللبناني” كما دعت “القادة اللبنانيين إلى أن يبادروا دون تأخير الى تقديم الدعم لتشكيل حكومة ذات صلاحيات تمكنها من تطبيق إصلاحات مجدية.”  

التأزم الحكومي 
اما على الصعيد الحكومي، فلم يطرأ أي جديد في انتظار اللقاء الخامس غداً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف نجيب ميقاتي علما ان الاجواء والمعلومات التي انتشرت على نطاق واسع بعد الاجتماع الرابع الذي لم يدم اكثر من 25 دقيقة اثارت الكثير من الشكوك في نيات العهد لجهة إعادة تفخيخ طريق التأليف بالتعقيدات . وبدا واضحا حتى الان ان العهد يرفض ان تذهب حقيبة الداخلية الى غير فريقه كما انه يصر على المداورة في الحقائب السيادية وذكر ان نبرة عون خلال اللقاء الأخير مع ميقاتي جسدت تحفزه لاستعادة التعامل بشروط سلبية مع ميقاتي اسوة بتعامله سابقا مع الرئيس سعد الحريري الامر الذي يثير الشكوك العميقة عما اذا كان العهد يرغب فعلا في تسهيل مهمة ميقاتي .  
 
وما يؤكد ذلك ان مصادر مطلعة على موقف بعبدا بررت أمس طرح مسألة اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية “بأنه لا يستجيب للمبادرة الفرنسية التي وافقت عليها جميع الاطراف فحسب، بل كذلك يهدف الى عدم تكريس اعراف جديدة مخالفة للدستور لجهة تخصيص حقائب وزارية الى طوائف محددة وحجبها عن طوائف اخرى ما يحدث تمييزاً بين الطوائف اللبنانية من جهة ويخالف مبدأ المساواة بين اللبنانيين ويجعل طوائف معينة تحتكر وزارات محددة وتمنعها عن طوائف اخرى، ما يؤثر سلباً على الميثاقية ويضرب الشراكة الوطنية في الصميم”. واعتبرت هذه المصادر “ان وثيقة الوفاق الوطني لم تلحظ حصرية في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف بدليل انه منذ البدء بتطبيق اتفاق الطائف توزعت كل الطوائف على الوزارات كافة لاسيما منها الوزارات السيادية التي لم تكن حكراً على طائفة محددة ، وان ما حصل خلال السنوات الاخيرة من تخصيص حقيبة وزارية او اكثر لطائفة محددة او طائفتين، أحدث حالات تتناقض ومبدأ التوازن الوطني الذي اختل وسبّب خلافات سياسية اعاقت في حالات كثيرة عمليات تشكيل الحكومات وفي احسن الاحوال تأخيرها، ومن غير الجائز ان يستمر هذا الخلل”.

"البناء": حبس أنفاس في إحياء 4 آب مع التلويح بحدث كبير …وأهالي الشهداء يتبرأون

أما صحيفة "البناء" أشارت الى انقسامان يحكمان المشهد اللبناني عشية إحياء السنة الأولى على تفجير الرابع من آب واقتراب مرور سنتين على انتفاضة 17 تشرين ، والشعب ضائع بين ضفاف الإنقسامات ، فمن جهة هيئات وجمعيات علن الحرب على الطاقم السياسي الممسك بالسلطة والعاجز عن اعداة تكوين مؤسساتها انطلاقا من تشكيل حكومة جديدة ، ويصف اركان هذا الطاقم بأبشع الأوصاف ، من الفاسدين الى المجرمين والقتلة ، لكنه يتكئ على اثارة كل هذا الغضب ، سواء بعنوان الإنهيار الإقتصادي أو بعنوان تفجير المرفأ ، حيث تجد هذه الإتهامات مصداقيتها ، ليأخذ اللبنانيين بإتجاهين ، الأول نحو المزيد من الإلتحاق بالغرب ودول الخليج العربي الذين كانوا حتى الأمس رعاة هذا الطاقم الحاكم ، والثاني نحو توجيه كل الغضب نحو المقاومة التي بقيت على مسافة من الطاقم الحاكم وفساده ، وذلك تلبية لطلبات الغرب والخليج التي عجز الطاقم الحاكم عن تلبيتها خشية الوقوع في مخاطر الفتن والحرب الأهلية التي كانت حادثة خلدة المدبرة أحد روافدها ، ولو قام اطراف الطاقم الحاكم بالتلبية لما كان الغرب والخليج خلعهم وخلع اعتماده عندهم ، بما يوحي من بوادر ما ظهر في خلدة ان هذه الهيئات والجمعيات التي تتصدر اليوم دعوات الإحياء الخاص لذكرى 4 آب وتحتكر حق التحدث بلسان اسر الشهداء والضحايا ، الذين تبرأوا من كل ما يسبب الفوضى ، قد التزمت للغرب والخليج بالقيام بما رفضت التشكيلات السياسية للطوائف القيام به من مجازفة بالسلم الأهلي ، واستهداف للمقاومة ، جامعة تناقضات غريبة عجيبة ، بما تضم جبهتها من مدننيين يدافعون عن الثأر العشائري ، ويساريين يدافعون عن الغرب وسياساته ، وعلمانيين يدافعون عن السلفيين والتكفيريين .

الإنقسام الثاني هو الذي بدا غير قابل للترميم بين اركان الطاقام الحاكم ، وتجذره وفقا لخطوط الانقسام الطائفي ، فالبلد عشية انتخابات ، والمنافسة مع الخصوم الجدد لا تصدها الا العصبيات الطائفية ، واستنهاض العصبيات بخطاب الحقوق والصلاحيات يعقد فرص اعادة بناء المؤسسات ، وفي طليعتها الحكومة ، كما يعقد انجاز تحقيق قضائي شفاف في تفجير المرفأ ، ومعالجات مالية حقيقية تعالج جذور الأزمة الكبرى للإقتصاد ولا تتعامل بالمسكنات مع نتائجها فقط ، وبمثل ما يطغى التسابق على رفع السقوف الطائفية ، يتحول التباري من اثبات التفوق في توفير شروط الحلول الناجحة ، للملفات القضائية والمالية والحكومية ، الى التنافس على التبرؤ من المسؤولية عن الفشل ، فتتم مقاربة الحصانات بهذه الخلفية ، لرمي مسؤولية الفشل على الآخر ، وتتم مقاربة ملفات الحكومة والحقائب والمداورة بالطريقة ذاتها 

وفيما غاب الملف الحكومي عن الاهتمام الرسمي بعد اللقاء الرابع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي والذي لم يخرق المراوحة القائمة، خطفت الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت المشهد الداخلي بالتوازي مع تداعيات أحداث خلدة الأمنية في ظلّ حملة الملاحقة والمداهمات والتوقيفات التي تقوم بها استخبارات الجيش اللبناني للمتورّطين في جريمة القتل والكمين المدبر يومي السبت والأحد الماضيين.

وينشغل لبنان الشعبي والرسمي اليوم بإحياء ذكرى التفجير الذي قضى بنتيجته مئات الضحايا والجرحى وسط مخاوف عبّرت عنها مراجع أمنية رسمية بحسب معلومات «البناء» حيال حصول أحداث وفوضى أمنية في عدد من المناطق لا سيما في المنطقة المحيطة بالمرفأ وساحة الشهداء ودخول الطابور الخامس على خط التظاهرات واستغلال غضب أهالي الشهداء والجرحى والمتضرّرين لافتعال فوضى خدمة لمشاريع سياسية خارجية.

وحذرت مصادر مطلعة لـ «البناء» من محاولة استغلال بعض الجهات الخارجية والداخلية هذه الذكرى على المستوى الإعلامي والشعبي لتحقيق أهداف معينة لا سيما التصويب على الطبقة السياسية ومن خلفها على حزب الله والإيحاء بأنّ الحزب هو يغطي هذه الطبقة السياسية وفسادها فضلاً عن تحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي للحزب من خلال سياساته الخارجية ودوره الإقليمي العسكري والأمني والسياسي». وربطت المصادر بين ما يعد من أحداث وفوضى اليوم وبين كمين خلدة المدبّر من جهات استخبارية وسفارات معينة، لافتة الى أنّ حادثة خلدة لخلق فتنة مذهبية كبيرة تعمّم في مناطق أخرى هي مقدمة لما يعد خلال احياء ذكرى التفجير. كما نبّهت المصادر من العبث الأمني وتهديد الاستقرار الداخلي في ظلّ تعثر تأليف الحكومة مع ظروف الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والمالي ما يعني وجود مخطط خارجي واسع النطاق لتفجير لبنان تدريجياً الى حين لحظة فرض الشروط السياسية والأمنية والمالية على الدولة اللبنانية وعلى حزب الله.

وشدد حزب الله في بيان: على ضرورة تكاتف اللبنانيين وتماسكهم لتجاوز المحنة الأليمة، والعمل الجاد ‏للوصول إلى الحقيقة الكاملة غير المنقوصة بكل شفافية وصدق، بعيداً عن الاستغلال ‏السياسي الرخيص وتصفية الحسابات والصراعات الداخلية الضيقة التي تخفي في طياتها ‏الكثير من الأهداف الخبيثة وأهمها تغييب الحقيقة وتضييع المسؤوليات، وبالتالي منع ‏المحاسبة ومحاكمة المقصرين والمرتكبين لهذه الجريمة البشعة». كما طالب «الجهات القضائية المعنية أن تتعامل مع هذه المسألة الوطنية الكبرى بما ‏تستحق من العناية والجدية والمسؤولية بعيداً عن الاستنساب والضغوط والمصالح، وأن ‏تكشف الحقائق بكل شفافية أمام الرأي العام اللبناني وأمام العالم، وأن نضع بالتالي حداً ‏نهائياً وقاطعاً أمام التلاعب الداخلي والاستغلال الخارجي وتوجيه الاتهامات وتشويه ‏الحقائق على حساب الحقيقة والعدالة وآلام اللبنانيين ومصيرهم». ‏

كما أكد تكتل لبنان القوي بعد اجتماعه برئاسة باسيل أن «رفع الحصانات فوراً للوصول الى الحقيقة هو المدخل الأساسي المذنبين في الإنفجار، إهمالاً أو تغطية أو إرتكابا. كذلك لا تستوي أية عملية تهرّب أو مماطلة أمام هول الإنفجار وتداعياته، مما يفترض تسهيل مهمة المحقق العدلي بدءًا من الإستماع الى من يريد من سياسيين وأمنيين وصولاً الى الإدعاء على من يتمّ الإشتباه بمسؤوليته وإحالته الى المحاكمة». وأمل «لو أنّ رئاسة مجلس النواب تجاوبت مع الكتاب الذي وجّهه التكتل والدعوة التي وجهها رئيسه لعقد إجتماع عاجل في 4 آب للتصويت على رفع الحصانات».

وفي الشأن الحكومي جدد التكتل دعوته «الى ضرورة الإسراع في تأليف حكومة برئاسة دولة الرئيس نجيب ميقاتي بالإتفاق مع رئيس الجمهورية، على أن تكون قادرة على الاصلاح والنهوض وعلى إطلاق مسار التعافي الاقتصادي والمالي. ويأمل في استمرار الأجواء الإيجابية محيطة بهذا الملف لتذليل أي عقبات أو عقد، بروح من التعاون الإيجابي».

وعشية مؤتمر الدعم، اجتمعت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان. وفي بيان أعرب جميع الأعضاء «عن تضامنهم مع عائلات الضحايا ومع كلّ من تضرّرت حياتهم وسبل عيشهم. وحثوا السلطات على الإسراع في استكمال التحقيق في انفجار المرفأ من أجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة. واضافت المجموعة: تتابع مجموعة الدعم بقلق شديد التدهور الاقتصادي المتسارع الذي تسبّب في ضرر بالغ لجميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسساته وخدماته. ودعت مجموعة الدعم الدولية السلطات اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها الوطنية واتخاذ جميع الخطوات الممكنة على وجه السرعة لتحسين الظروف المعيشية للشعب اللبناني. كما رحبت بالمؤتمر القادم الذي ستترأسه كل من فرنسا والأمم المتحدة لتلبية الاحتياجات الإنسانية للفئات الأكثر هشاشة في لبنان».

ودعا الاتحاد الأوروبي إلى «الإسراع في تشكيل حكومة لبنانية ذات تفويض قوي لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية»

وبرز موقف أميركي على لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي جدّد في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي «التزام بلاده بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في سعيه لتحقيق المستقبل المشرق الذي يستحقه».

في غضون ذلك يتحدّث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصراللّه السبت المُقبل، في الساعة الثامنة والنصف مساءً بمناسبة ذكرى الانتصار في حرب تموز، ومن المتوقع أن يتطرق خلالها الى المناسبة وأهميتها وربطها بالواقع الحاضر في لبنان والمنطقة كما يعرّج على موضوع تفجير مرفأ بيروت والتأخر بكشف الحقيقة ومحاولات تسييس التحقيق وتحويلها الى محطة لاستهداف جهات وقوى سياسية معينة كحزب الله استمراراً لاستهدافه منذ عقود سابقة، كما سيتطرق السيد نصرالله الى واقعة خلدة والكمين المدبّر وخلفياته وأهدافه في خلق فتنة شيعية سنية وأهمية موقف حزب الله وأهالي الشهداء وجمهور المقاومة في تفويت الفرصة على المتربصين بلبنان واجهاض مخطط الفتنة. كما سيطالب السيد نصرالله الاجهزة الامنية والقضائية بتحمّل مسؤولياتها وإلقاء القبض على جميع المتورّطين واحالتهم للمحاكمة كجزء أساسي لإجهاض الفتنة وتهدئة أهالي الشهداء للحؤول دون حصول ردود فعل ثأرية وما لا يحمد عقباه وحينها لا يمكن لأحد ضبط الوضع.

وأوقف فرع جبل لبنان في مخابرات الجيش بعملية أمنية نوعية، المدعو سهيل حسين نوفل المتورّط مع مجموعته في قتل علي محمد حوري وإصابة الشقيقين كنعان وصوان في أحداث خلدة الأخيرة.

 على الصعيد الحكومي لم يبرز ايّ جديد بانتظار اللقاء المرتقب بين الرئيسين عون وميقاتي يوم غدٍ لاستكمال البحث بنقاط الخلاف وعقدتي المداورة وتوزيع الحقائب السيادية لا سيما وزارتي الداخلية والعدل في ظل تمسك عون بالداخلية التي يتمسك بها ايضاً ميقاتي بدعم نادي رؤساء الحكومات والحريري تحديداً، ورجحت مصادر «البناء» أن تتعقد عملية التأليف ويبقى ميقاتي رئيساً مكلفاً حتى يبادر الى تقديم اعتذاره إلا إذا حصل تدخل دولي لا سيما فرنسي أميركي لإنقاذ الموقف وتسهيل التأليف لدوافع وأسباب خارجية. وشدّدت مصادر مطلعة على عملية تأليف الحكومة لقناة «OTV» على أن «اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب لا يستجيب فقط للمبادرة الفرنسية التي وافقت عليها كلّ الأطراف السياسية في لقاء قصر الصنوبر بل يهدف الى عدم تكريس أعراف جديدة مخالفة للدستور عبر تخصيص حقائب معينة لطوائف معينة ما يؤثر سلباً على الميثاقية ويضرب الشراكة الوطنية». ولفتت المصادر الى أنّ «وثيقة الوفاق الوطني لم تلحظ حصرية في توزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب، وما حصل خلال السنوات الأخيرة من تخصيص حقيبة أو أكثر لمكوّن أو أكثر سبّب خلافات سياسية أعاقت في أحيان كثيرة عمليات تشكيل الحكومات ومن غير الجائز ان يستمرّ هذا الخلل».

إقرأ المزيد في: لبنان