معركة أولي البأس

لبنان

الاستشارات الملزمة بعد الأضحى وبورصة الأسماء تحسمها المشاورات
19/07/2021

الاستشارات الملزمة بعد الأضحى وبورصة الأسماء تحسمها المشاورات

اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بالشأن الحكومي بعد اعتذار سعد الحريري، وسلطت الضوء على الاستشارات النيابية الملزمة، التي من المرجح أن يدعو إليها اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على أن تنطلق بعد عيد الأضحى المبارك.
يأتي ذلك في ظل كثرة أسماء مطروحة للتكليف، قد يكون بعضها جديًا، على أن الأمور مرهونة بما يجري على أرض الواقع من مشاورات وتفاهمات بين مختلف القوى السياسية، وفقًا لما سيكون دور الحكومة العتيدة، إن كانت فقط لتقطيع الوقت وإجراء الانتخابات النيابية المقبلة، أو أن مهمتها ستكون أبعد من ذلك.

 

"الأخبار": نادي رؤساء الحكومات يفضل ميقاتي

بحسب "الأخبار"، قبل أن يعرض سعد الحريري مسرحية الاعتذار بشكلها النهائي، كان أمام خيارين: أقدّم اعتذاري من دون مقدّمات أم أرسل «تشكيلة أخيرة» ثم أعتذر؟ رسا القرار على السيناريو الثاني، الذي أتى بلا حبكة وبإخراج سيئ: التشكيلة اليوم والاعتذار غداً، وأي أمر آخر مرفوض! لذلك، واجه سعي رئيس الجمهورية إلى تنغيص الحلقة التلفزيونية، من خلال الإيحاء بأن التشكيلة لا تزال قيد الدرس، بطلب موعد يراعي مهلة الـ ٢٤ ساعة، ويؤكد قراره عدم المشاركة في الحوار التلفزيوني الذي عرض بعنوان «من دون تكليف»، وهو رئيس مكلف. وهو ما حصل فعلاً.

أمر واحد كان يمكن أن يعدل قرار الحريري هو موافقة رئيس الجمهورية على التشكيلة كما هي. وعلى ما تؤكد مصادر موثوقة، فإن اليوم الذي سبق زيارة الحريري لبعبدا وتقديمه التشكيلة، لم يخل من طرح سؤال: «ماذا لو فعلها رئيس الجمهورية ووافق؟». ببساطة، وجهة النظر التي سوّقت لهذا الاحتمال، كانت تضع في حسبانها أنه إذا كان رئيس الجمهورية مدركاً أن الحريري صار يتعامل مع التكليف، وحتى مع رئاسة الحكومة في هذه المرحلة، كعبء لن يحمله، فليس أفضل من «تلبيسه» بدلة رئاسة الحكومة قبيل الانتخابات، وليتحمل عندها مسؤولية الأوضاع الصعبة التي يعيشها الناس والإجراءات القاسية المتوقع أن ترافق أي برنامج من صندوق النقد. لكن رغم أن الحريري كان واثقاً بأن عون «عنيد» ولن يفعلها، أراد، على قاعدة «عدم النوم بين القبور»، تصفير الاحتمالات وعدم ترك مجال لانقلاب قد ينفذه عون. ولذلك، لغّم توزيع المقاعد الذي تم تداوله في إطار مبادرة الرئيس نبيه بري، وخاصة في ما يتعلق بوزارة الداخلية. سحبها من حصة عون، واطمأن إلى أنه قضى على أي أمل في إصدار مراسيم التشكيلة.

خلافاً لما يتردد، تجزم شخصية مطلعة بأن المصريين لم يحثوا الحريري على عدم الاعتذار. ما حصل أنه طلب موعداً من الرئيس عبد الفتاح السيسي ليبلغه قراره الاعتذار مسبقاً احتراماً منه للدعم المصري الذي تلقاه، فحصل على الموعد في اليوم نفسه لزيارة بعبدا. في مصر، كانت الأولوية، ليس للحريري نفسه، بل لتأليف الحكومة وعدم الوصول إلى الفراغ. ولذلك، سُئل الحريري عن اليوم الذي يلي. هل يرشّح بديلاً؟ لم يتردد الحريري في التأكيد أمام المصريين أن نجيب ميقاتي هو مرشحه.

عودة الحريري من مصر إلى لبنان، أعلنت، عملياً، انطلاق خطة «اليوم التالي» حكومياً وانتخابياً. لكن حماسة الحريري لبدء حملته الانتخابية دعته إلى إعلان حصول الأردن على موافقة أميركية لتصدير الغاز المصري إلى لبنان بوصفه انتصاراً لجهوده الدبلوماسية لإخراج البلد من أزمته، والأهم لكي يقول إن قضاءه أغلب وقت التأليف خارج البلاد لم يكن مضيعة للوقت، بدليل اتفاق الغاز. لكن بحسب مصادر التقت المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي محمود محيي الدين، فإن الأخير قال للحريري ولغيره، عندما التقاهم، إنه سمع خلال زيارته الرسمية للأردن، قبيل وصوله إلى لبنان، كلاماً عن سعي مع الأميركيين للحصول على استثناء يسمح بإعادة تشغيل خط الغاز العربي، مشيراً إلى أن الأجواء إيجابية في هذا الصدد، لكن من دون أن يحسم الأمر. وما أكد ذلك كان الجواب الذي تلقّاه الحريري في مصر عند طرح مسألة الغاز. وبالرغم من إبلاغه حماسة مصر لتصدير الغاز إلى الأردن وسوريا ولبنان، لكن الجانب المصري بدا متفاجئاً من طرح الحريري لمسألة موافقة الأميركيين، فأوضحوا أنهم سيتأكدون بأنفسهم من موقف واشنطن.

ميقاتي يشترط ترؤس حكومة ما بعد الانتخابات؟

الأهم من الدعسة الناقصة الأولى للحريري، أن ما طرحه في القاهرة لم يردّده في لبنان، فلم يعلن دعمه لميقاتي، كما لم يُعلن الأخير موافقته على تولي المهمة. فما الذي حصل؟
تعتبر مصادر قريبة من المفاوضات أن الحريري لم يشأ أن يكشف أوراقه منذ البداية. فهو يفترض أن عون سيحاول تسويق شخصية من ٨ آذار في البداية، لكنه راهن على تراجعه عندما يكتشف مجدداً أن التكليف لن يكون سهلاً من دون اتفاق معه. إذ إن أي تجربة شبيهة بتجربة حسان دياب لن تكون ممكنة في المرحلة المقبلة، حيث يتطلّب الأمر رئاسة حكومة مدعومة من المكوّن السني، لتتمكن من القيام بالإجراءات الآيلة إلى بدء معالجة الوضع الاقتصادي.

ولذلك، بعدما رفض الحريري أن يسمّي أحداً، ورفض ميقاتي العودة إلى رئاسة الحكومة، كانا في الوقت نفسه يبدآن المعركة، بدعم من الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط، انطلاقاً من أن تحالفهم سيعيق سعي عون وحزب الله لطرح أي بديل في الاستشارات التي ترجّح مصادر بعبدا أن تبدأ الاثنين المقبل.
التوقعات تشير إذاً إلى حسم اسم ميقاتي بنسبة كبيرة، لكن الأخير يشترط أولاً الحصول على دعم دولي واضح لمهمته الانتحارية، والأهم أنه يريد ضمانات بأن لا تكون الحكومة حكومة انتخابات فقط، بل أن تستمر حتى الانتخابات الرئاسية. الحجة أنه خلال أشهر قليلة تفصل عن الانتخابات، لن يكون بمقدوره تنفيذ برنامجه للخروج من الأزمة. لكن المضمر في الأمر، أن ميقاتي يراهن على فترة تصريف أعمال طويلة، بعد نهاية عهد ميشال عون، ويريد أن يضمن وجوده خلالها.
مشكلة إضافية لم تحسم بعد هي إصراره على الترشّح إلى الانتخابات المقبلة، مقابل ميل داعميه إلى أن يترأس حكومة انتخابات لا تضم مرشّحين.

إلى أن تتضح وجهة المفاوضات الحكومية الجديدة، فإن الحريري قرّر التفرّغ للانتخابات النيابية متحرراً من تحمّل مسؤولية أي قرارات غير شعبية. فهو يُدرك أنه، كما الفريق المناوئ لحزب الله، داخلياً وخارجياً، لم يعد يملك شيئاً للرهان عليه، سوى الحصول على الأغلبية النيابية، بما يسمح بأن يكون له دور حاسم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي تحديد مستقبل لبنان.

ولكي يحصل ذلك، لا بديل من دعم الرياض. ولذلك سيتعامل الحريري مع وجوده في المعارضة كفرصة جديدة لنيل الرضى السعودي، وبالتالي عودة الامتيازات المالية التي تضمن له الحصول على التمويل اللازم لمعركته الانتخابية. وهو إذ يدرك أن المهمة لن تكون سهلة، يُراهن على دور مصري ــــ فرنسي ــــ أميركي، قد يسمح لمحمد بن سلمان برؤية لبنان مجدداً على الخريطة.

ظروف ميقاتي مختلفة. هو زعيم طرابلسي يدرك أن لا مجال لهذه الزعامة بأن تتمدد خارج المدينة ومحيطها. رئاستان للحكومة لم تساهما في تغيير ذلك. ولذلك، تؤكد مصادر مطلعة أن عودته مجدداً رئيساً للحكومة، ولفترة طويلة نسبياً، هو حلم كبير، وحتى لو كان ذلك على حساب خروجه شخصياً من النيابة، مقابل احتفاظه بكتلة في البرلمان.
إذا كانت هذه هي فرضية ما بعد اعتذار الحريري، فكيف سيتعامل معها عون، هو الذي يترك الوقت حالياً للكتل للاتفاق على اسم تسمّيه في الاستشارات. حتى اليوم، ليست الخيارات واضحة، لكن مصادر مقربة من بعبدا تؤكد أن الأيام التي تفصل عن الاستشارات يفترض أن تكون كافية لحسم مسألة التسمية. ورغم أن نصف المشكلة مع الحريري كان شخصياً، فإن النصف المتعلق بالحصص والوجهة لن يكون سهلاً تجاوزه. يدرك الحريري وميقاتي ذلك جيداً. ولذلك، يعرفان أن رفع السقف في الوقت الراهن هو حاجة ملحّة في إطار تجميع الأوراق. لكن بعد ذلك، يدرك الثنائي أن لا بديل من البراغماتية، التي تعني عملياً التراجع عن السقف الذي وضعه الحريري.
التوقّعات بأن تنتهي كل التجاذبات المرتبطة بالتكليف والتأليف خلال ثلاثة أشهر، يتم بعدها تأليف حكومة لها مهمتان لا ثالث لهما: إجراء الانتخابات النيابية، وبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

 

"البناء": العواصم تصوّت: الرياض لنواف سلام وباريس لأديب وواشنطن لبعاصيري
ورجّحت مصادر متابعة للمشاورات الجارية حول تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة، أن يحدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم، بعد اتصال يجريه برئيس مجلس النواب نبيه بري، موعداً للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة يوم الاثنين المقبل في 26 تموز، وقالت المصادر إن رئيس الجمهورية يريد من جهة منح الفرصة للمشاورات الهادفة للتفاهم على تسمية الرئيس المكلف وتوفير عدد معقول من أصوات النواب لتسميته، ويريد قطع الطريق من جهة أخرى على تصويره في موقع النيل من مقام رئاسة الحكومة الذي يفترض ألا يطول الفراغ في تبؤ من يشغله تحقيقاً للتوازن الوطني.

المشاورات التي تشهد بورصة أسماء، كثير منها يطرح بشكل غير جدي، دخلت عليها أسماء مقترحة من العواصم المهتمة بالوضع في لبنان، خصوصاً الثلاثي الأميركي الفرنسي السعودي، حيث استعادت مصادر دبلوماسية ما سبق ونقل عن رئيس المخابرات السعودية الفريق خالد الحميدان في محادثته التي جرت مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ونقل منها رفض الرياض تسمية الرئيس سعد الحريري، أنه قال جواباً على سؤال عن مواصفات الرئيس المقبول سعودياً بقوله، رئيس بمواصفات السفير السابق نواف سلام، تكنوقراط ومقبول خارجياً، بينما لا زالت باريس تسعى لتذليل العقبات من أمام عودة السفير مصطفى أديب، فيما رمت السفارة الأميركية اسم النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري في التداول مع عدد من منظمات المجتمع المدني الذين يهتمون لرأي السفارة وطلبت إليهم جس نبض الشارع تجاه اسمه، وتوقعت المصادر أن توحّد العواصم الثلاث جهودها وراء اسم واحد يرجح أن يكون السفير مصطفى أديب باعتباره اجتاز إمتحان الحصول على موافقة الكتل النيابية المعنية، والمطلوب لإكمال النجاح حل عقدة تشكيلته السابقة التي تعثرت عند وزارة المال وموقف ثنائي حركة أمل وحزب الله، مقابل رفع رؤساء الحكومات السابقين وصايتهم عنه، وهو ما يستدعي حواراً مباشراً بين الفرنسيين والثنائي، في ظل قنوات مفتوحة بين الفريقين، بينما تتوقع المصادر وجود عقبات أقل لتفاهم أديب مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من صعوبات تفاهمهما مع الحريري، نظراً لكون أديب ينتمي لشريحة التكنوقراط ولا يطرح وجوده إشكاليات وجود الحريري ذاتها.

في التشاور النيابيّ ثلاثة أسماء أخرى في التداول هي بالتسلسل وفقاً لمصادر مواكبة لنقاشات الكتل الكبرى مباشرة أو بالواسطة، الرئيس نجيب ميقاتي الذي لا يزال في التداول رغم كل ما يجري تعميمه عن سحب اسمه من النقاش، حيث يدور البحث في شروط وضعها ميقاتي داخلياً وخارجياً، تتمثل بعدم إحراجه بتشكيلة يمكن القول إن الحريري ما كان ليقبلها، وبعد تحميله مسؤولية حكومة لن تجد يد المساعدة اللازمة مالياً من الدول والمؤسسات المعنية عربياً ودولياً، يلي اسم ميقاتي اسم الوزير السابق فيصل كرامي الذي لا تشبه شروطه شروط الرئيس ميقاتي، لكنه يتمسك بشراكة كاملة مع رئيس الجمهورية بتأليف الحكومة، لكن يخشى أن لا يلقى اسمه الدعم الخارجي السعودي والأوروبي اللازم لتوفير المساعدات المالية، فيما يطرح الفريق الرئاسي في التداول اسم الدكتور عبدالرحمن البزري من ضمن لائحة تضمه مع النائب فؤاد مخزومي وجواد عدرا، بينما قالت المصادر إن اسم مدّعي عام التمييز غسان عويدات طرح جدياً في التداول، انطلاقاً من أن مهمتين رئيسيتين للحكومة المقبلة تتصدران مع الإصلاحات المالية أولوياتها، واحدة تتصل بتحقيقات مرفأ بيروت وثانية تتصل بإشرافها على الانتخابات النيابية.

لن يتضح رسمياً بعد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يفترض أن يحدّد الموعد بعد اتصاله برئيس مجلس النواب نبيه بري ليبنى على الشيء مقتضاه، علماً أن تواصلاً حصل في الساعات الماضية على خط حزب الله – التيار الوطني الحر، حزب الله – حركة أمل، وبالتالي فإن الأكيد ان لا استشارات هذا الأسبوع فالبلد سوف يدخل ابتداء من الثلاثاء في عطلة عيد الأضحى التي تمتد ثلاثة أيام. ومع ذلك ترددت معلومات مساء امس ان الرئيس عون سيدعو اليوم الى الاستشارات النيابية الملزمة التي سيحدد موعدها يوم الاثنين المقبل، في حين أن أوساطاً سياسية بارزة تؤكد أن لا اتفاق حتى الساعة على أية شخصية لتاليف الحكومة، وبالتالي فإن الموعد لو ثبت يوم الاثنين يمكن لقصر بعبدا أن يؤجله قبل ساعات اذا لم يحسم الاتفاق على شخصيّة تحظى بتأييد معظم القوى.

وفي هذا الإطار، أشارت مصادر بارزة لـ البناء إلى أن الرئيس عون عطفاً على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يرغب بترشيح السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة إلا أن حزب الله يرفض هذا الاسم بالمطلق في حين أن تيار المستقبل الذي لم يحدّد موقفه الرسمي بعد من الاستشارات فإنه حتى الساعة لا يحبذ المشاركة او التسمية.

 وليس بعيداً، تؤكد مصادر تيار المستقبل لـ «البناء» أن الرئيس سعد الحريري لا يضع فيتو على اي اسم لرئاسة الحكومة، لكنه في الوقت نفسه لم يسم أحداً خاصة أن الجميع يدرك أن رئيس الجمهورية يريد تشكيل «حكومة عون»، وهذا الأمر لن يقبل به أي من الشخصيات السنية سواء من نادي رؤساء الحكومات السابقين، أو غيرها، خاصة أن الأزمة الراهنة باتت أبعد من تأليف حكومة فهي تتصل بالصلاحيات والدستور والطائف الذي يدفع التيار الوطني الحر الى تجاوزهما وتخطّيهما، هذا فضلاً عن ان هناك اجتماعات سنية لعدم المسّ بموقع رئاسة مجلس الوزراء.

 

"الجمهورية": ضياع سياسي حول التكليف
من جهتها، قالت "الجمهورية" إن الأولويات تبدلّت من أولوية التأليف إلى أولوية التكليف، حيث تتركّز الأنظار على دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المنتظرة الى الإستشارات النيابية الملزمة، من أجل تكليف رئيس حكومة جديد بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، الذي يبدو أنّ اعتذاره شكّل مفاجأة للعهد الذي لم يكن يتوقعها، بدليل عدم جهوزيته لهذه الدعوة، وإطلاقه عملية البحث عن البديل التي لا تدلّ المؤشرات الى انّها ستكون سهلة او قريبة، فيما التكليف لا يعني أساساً التأليف بعد تجربتي الدكتور مصطفى أديب والحريري.

لن يدعو رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة قبل اتضاح الصورة، فتأتي ترجمة لعملية استمزاج الآراء التي يكون قد لجأ إليها واتفق بموجبها مع القوى المعنية بالتكليف فالتأليف، على تسمية شخصية معينة لرئاسة الحكومة، ولكن لا يبدو حتى اللحظة انّ هذا الاتفاق قد حصل، فيما تجري الاستشارات على وقع ضغط دولي من جهة، وضغط مالي من جهة أخرى مع استمرار التدهور على هذا المستوى. وقد تكون رحلة البحث عن رئيس مكلّف طويلة، بفعل خمسة عوامل أساسية لا بدّ من ان تأخذها اي شخصية طامحة لهذا الموقع في الاعتبار:

ـ العامل الأول من طبيعة مالية مع الانهيار الواسع وصعوبة الخروج منه، حيث لن يكون من السهل على اي كان نقل كرة النار إلى حضنه.

ـ العامل الثاني من طبيعة سنّية مع الموقف السنّي المتحفّظ عن التعامل مع رئيس الجمهورية، من نادي رؤساء الحكومات السابقين، إلى المرجعيات والقوى على اختلافها، وبالتالي لن يكون من السهل على شخصية طامحة للتكليف ان تدخل الى السرايا الحكومية من دون الغطاء السنّي.

ـ العامل الثالث من طبيعة سلطوية، مع عدم ثقة الرئيس المكلّف في انّ الفريق الحاكم سيتعاون تحقيقاً للإصلاحات، ويستند في ذلك إلى التجارب الممتدة منذ تكليف الرئيس حسان دياب إلى اليوم.

ـ العامل الرابع من طبيعة شعبية، مع ضيق صدر الناس بسبب تردّي الأوضاع وعدم منحهم فرصة سماح للحكومة.

ـ العامل الخامس من طبيعة دولية، حيث أثبتت التجربة منذ تفجير مرفأ بيروت أقلّه، والاستنفار الدولي حيال لبنان، انّ قدرة عواصم القرار الدولية على فرض الحلول محدودة.

وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية»، انّه لا يمكن لأي شخصية طامحة للتكليف إلّا ان تأخذ في الاعتبار العوامل أعلاه، حيث انّ أحداً لن يجازف بإحراق ورقته وصورته، لأنّ التكليف فالتأليف في ظلّ غياب الضمانات المطلوبة من السلطة من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى، ستكون مهمة أقل ما يُقال فيها إنّها انتحارية.

ضياع

الى ذلك، ابلغت اوساط مطلعة الى «الجمهورية»، انّ هناك نوعاً من الضياع على مستوى القيادات السياسية في شأن اسم الشخصية التي يمكن أن يناط بها تشكيل الحكومة. واشارت إلى أنّ أي جهة ليس لديها بعد تصور واضح إزاء الاسم الذي يمكن أن يشكّل قاسماً مشتركاً، أو يملك القدرة على تجميع اكثرية نيابية حوله.

ونبّهت الاوساط الى انّه اذا جرت الاستشارات النيابية الملزمة في ظل هذه الظروف، فإنّ كل الاحتمالات ستصبح واردة عندها، ولا يمكن مسبقاً ضبط النتيجة التي ستؤول اليها الاستشارات، علماً انّ الرئيس عون يستعجل الدعوة اليها، بمعزل عمّا اذا كان سيجري توافق او تكوين اكثرية حول خيار محدّد ام لا. ولفتت الى انّ اياً من الخيارات المتداولة حالياً لا يحظى حتى الآن بالعلامات الكافية للفوز بالتكليف.


الاستشارات تنتظر المشاورات

وفي جديد الملف الحكومي، انّ البلاد لم تخرج بعد من «صدمة» اعتذار الحريري، التي فرضت نوعاً من المراجعة للمرحلة السابقة، وما يمكن القيام به في المستقبل لمواجهة الشغور الحكومي.

وقالت مصادر مراقبة لـ «الجمهورية»، انّ الفريق الرئاسي لم يكن يتوقع هذا القرار في هذه السرعة، بعد التداول بسيناريوهات عدة تتحدث عن مراوغة تمتد طوال شهري تموز وآب، ليأتي الإعتذار في ايلول المقبل، عندما تدخل البلاد في مدار الانتخابات النيابية، بغية فرض اللجوء الى حكومة انتخابات.

وعليه، قالت المصادر، انّ الحديث المتمادي عن اتصالات بهذه الشخصية او تلك لم تخرج بعد من باب التكهنات. فبعض الأسماء المتداولة طُرحت في اوقات سابقة منذ استقالة حكومة الرئيس حسان دياب في 10 آب الماضي، وقبل ان تخوض السلطة تجربة تكليف السفير مصطفى أديب، وتلك التي رافقت تسمية الحريري للمهمّة نفسها. مع العلم انّه لم يتوافر اي إجماع على اي منها. ومردّ ذلك، انّ مواقف الأطراف المؤثرة في العملية السياسية ما زالت على حالها، باستثناء حرد البعض وتموضع آخرين مؤقتاً في هذه الجهة او تلك. وعليه، فإنّ الحديث عنها مجرد عملية لهو لا نتائج عملية لها.

الحريري عاد الى ابو ظبي

وشهد القصر الجمهوري في عطلة نهاية الأسبوع هدوءاً ملحوظاً. وفي غياب اي تنسيق او إتصال بين بعبدا وعين التينة، لم يُسجّل اي نشاط بارز يتصل بتحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة التي سيدعو اليها رئيس الجمهورية تمهيداً للتكليف والتأليف.

ولفتت مصادر قريبة من القصر الجمهوري عبر «الجمهورية»، الى انّ عون لم يحدّد هذا الموعد بعد لسبب وجيه، يتصل بانتظاره النتائج التي سيفضي اليها الجهد المبذول على مستوى بعض الموفدين القريبين لجوجلة بعض الأسماء المطروحة لتكليف واحد، من بينها تأليف الحكومة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد ومضمون المواقف الدولية التي واكبت العملية السابقة قبل انتهائها. ذلك انّ الضرورة تفرض التفاهم مسبقاً على الشخصية التي تحظى بالأكثرية النيابية الضرورية، من اجل تحديد الموعد اختصاراً لبازار يمكن اذا فُتِح من شأنه ان يقود البلاد الى حال من الفوضى ولا يوصل الى من يتوافر حوله اجماع وطني من مختلف الاطياف.

 

"اللواء": تدويل التسمية: توافق دولي - إقليمي أو انتظار طويل!
وبانتظار تحديد موعد الاستشارات، بصرف النظر عن اجرائها، نجحت المساعي الداخلية باحتواء التوتر الداخلي، لا سيما بين التيار الوطني الحر وحركة امل، بعد جهود بذلها حزب الله أدت إلى لجم الحملات على مبادرة الرئيس نبيه بري، وبالتالي الإيعاز إلى المعاون السياسي لرئيس المجلس ان يصرف النظر عن عقد مؤتمر صحفي كان دعا اليه يوم الجمعة الماضي، على أن يعقد ظهر أمس في مقر الحركة في بئر حسن.

وفي السياق، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ»اللواء» ان تسمية رئيس جديد لتأليف الحكومة يحتاج إلى توافقات دولية واقليمية، ليست متاحة بعد، لتتمكن الحكومة من الانطلاق، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي وتحقيق الاصلاحات ووقف الانهيارات اليومية على كافة المستويات.

وأكدت أنه ما لم يحصل التوافق الأميركي – الايراني على جملة ملفات في المنطقة، من بينها لبنان، فمن الصعب رؤية مسار يؤدي إلى احتواء المشكلات الداخلية.

وأكدت مصادر قصر بعبدا ان موعد الاستشارات الملزمة لن يتأخر، لأن الوقت الضائع كان طويلاً، وبات مكلفاً، وعليه ستجرى بعد وقت قصير من عطلة عيد الاضحى.

هذا لا يعني التوقف عن المشاورات السريعة والكثيفة، قبل انطلاق المشاورات لتتضح الصورة.

وكما بات واضحاً، فثمة اسماء أربعة يجري التداول حولها:

1- الرئيس نجيب ميقاتي، الذي يفترض ان حظوظه مرتبطة بشرطين يضعهما: الأول توافق يشبه الإجماع حوله. والثاني: الاتفاق على برنامج انقاذي واصلاحي، يجري الالتزام به.

2- النائب فيصل كرامي، الذي تردد انه تلقى اتصالاً من الرئيس الحريري بعدما اعلن اعتذاره، واتفقا على عقد لقاء قريب بينهما.
ad

3- النائب فؤاد مخزومي، الذي يتمسك بترشيحه النائب جبران باسيل.

وتحدثت مصادر متابعة عن اجتماعات متعددة، عقدت معه لهذه الغاية، لكن لا يحظى بحماس من الثنائي الشيعي.

4- السفير والقاضي في المحكمة الجنائية الدولية نواف سلام، الذي يحتاج وفقاً لمصادر واسعة الاطلاع إلى توافق دولي – اقليمي حول اسمه، وهذا لم يتوفر بعد، لا سيما التوافق الاميركي الايراني حول اسمه، ليقبل به «حزب الله».

وتحدثت المصادر عن اسماء أخرى، قبل بينها ثلاثة، لكن المصادر تحفظت حولها، بانتظار تبريد الأجواء، وانفتاح طبخة التفاهمات، وإن كانت، أي هذه المصادر، قللت من فرص حصول تفاهمات، متخوفة من أن تتولى الحكومة المستقيلة تسيير الأوضاع والتحضير لإجراء انتخابات نيابية في آذار المقبل.

ولاحظت مصادر سياسية أن إعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة، اربك الساحة السياسية، حتى خصومه السياسيين الذين كانوا يعتبرون تلويحه بهذا الخيار، مجرد تهديد لن يجرؤ على تنفيذه، خشية أن يفقده زمام المبادرة ويضعفه سياسيا وشعبيا، وقالت؛ هناك خشية حقيقية من ازمة تشكيل حكومة مفتوحة وبدون ضوابط. وقد تطول حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة او بعدها لحين انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.

واشارت المصادر إلى ان الجميع مربك وبانتظار ان يحدد رئيس الجمهورية ميشال عون مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة وكيفية تفاعل مختلف الاطراف معها، ولا سيما كتلة المستقبل  والموقف الذي ستتخذه بهذا الخصوص. وفي المقابل ترددت معلومات ان رئيس الجمهورية سيتريث بتحديد مواعيد الاستشارات، في محاولة للاتفاق المسبق على اسم الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة المقبلة، لكي يتلافى اي خطوة ناقصة ترتد عليه سلبا، ولو كان مثل هذا التأخير ليس دستوريا. واوضحت المصادر ان الاتصالات والمشاورات بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة لم تبدأ بعد فعليا، ما خلا الاجتماع الذي عقده رؤساء الحكومات السابقين في منزل الحريري مساء يوم الجمعة الماضي.

ووضعوا خلاله تصورهم بكيفية التعاطي مع ازمة التشكيل والموقف الذي سيتخذونه بهذا الخصوص.

 وبرغم شح المعلومات المتوفرة عنه، نقلت المصادر اخبارا بتريث رؤساء الحكومات السابقين باعلان موقفهم بانتظار الإعلان الرسمي لمواعيد الاستشارات، وإجراء مزيد من التشاور مع اطراف سياسة اخرى وفي مقدمتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري. واوضحت المصادر ان  المشكلة الأساس التي ينبغي معالجتها، هو كيفية تجاوز ذيول رفض رئيس الجمهورية التعاطي بإيجابية مع رئيس حكومة مكلف بأكثرية نيابية لأسباب ومصالح شخصية. ولفتت إلى ان هذه المشكلة تتفاعل سلبا  وقد حصلت مساع عديدة ولاسيما من حزب الله  لاستيعابها ومنع تفاعلها نحو الأسوأ. واستبعدت المصادر ان يقدم رؤساء الحكومات السابقين على تبني ترشيح  اي شخصية لرئاسة الحكومة المقبلة هكذا وبهذه السرعة القياسية، ما لم يكن هناك توافق مسبق من قبل الاطراف الاساسيين وضمانات ملموسة بعدم عرقلة وتعطيل مهمته كما حصل مع السفير مصطفى اديب سابقا ومع الرئيس الحريري حاليا، لانه لا يمكن تكرار اللعبة السابقة وهدر مزيد من الوقت سدى وبدون نتيجة. ولم تنف المصادر ما تردد من معلومات عن امكانية تسمية رؤساء الحكومات السابقين للرئيس نجيب ميقاتي او السفير مصطفى اديب لهذا المنصب، الا ان اي موقف بهذا الخصوص سيعلن عنه في حينه.

بالمقابل، قالت مصادر سياسية مطلعة أنه بالنسبة إلى مسألة تكليف رئيس حكومة جديد لا تزال الصورة غير واضحة لأن هناك مشاورات  بشأن ذلك.

اما مصادر مطلعة على موقف بعبدا فأبلغت «اللواء» انه حين  يعين القصر الجمهوري موعدا للاستشارات النيابية فذاك يعني أن ما من اسماء مبعثرة إنما أكثرية مريحة لمن سيكلف ويؤلف حكومة انقاذ بالاتفاق مع رئيس الجمهورية وهذه الحكومة تستدعي تشاورا وطنيا عريضا على ما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الصنوبر.

والأخطر، كما درجت العادة، عشية انطلاق الاستشارات وصفته المواعظ العونية، والتذكير بالتدقيق الجنائي ووضع جدول بالمهام وماذا يتعين على الشخصية المسلمة التي سيتم اختيارها.

وتردد ان الرئيس ميشال عون سيوجه الدعوة إلى الاستشارات النيابية اليوم، على ان يُحدّد موعد البدء بها، بعد أسبوع، بدءاً من يوم السبت 24 تموز الجاري.

واطلق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعوة حث خلالها القوى السياسية على ان تتكاتف بحكم المسؤولية الوطنية، وتسمي في الاستشارات النيابية المقبلة، شخصية سنيّة تكون على مستوى التحديات وتتعاون للإسراع في التأليف.

إقرأ المزيد في: لبنان