لبنان
أسبوع حاسم حكوميًا.. ومرفأ بيروت إلى "التقاعد"
اهتمت الصحف الصادرة في بيروت بالشأن الحكومي، وأجمعت على حسم نهائي لموضوع التأليف أو الاعتذار من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري، والذي يأتي وسط تحرك لسفراء واشنطن وباريس والرياض.
وكان بارزا في الصحف الاهتمام بملف التحقيق في انفجار المرفأ، واستدعاء القاضي طارق بيطار لمسؤولين أمنيين ورؤساء حكومات سابقين، والتيابينات بين الكتل النيابية حول مسألة رفع الحصانات.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تزداد سوءًا، برز إلى الواجهة حال مرفأ بيروت التي يرثى لها، والتي تشكل خطرًا بأن يصبح المرفأ غير صالح لاستقبال السفن الضخمة، ما قد يزيد الطين بلّة في تشكيل خطر إضافي على الأمن الغذائي والاجتماعي اللبناني.
"الأخبار": الحصار الاقتصادي يكتمل: المرفأ إلى «التقاعد»
مرفأ بيروت ينهار. لم يعُد الأمر مجرّد توقعات بعدما باتت كلّ الرافعات الجسرية العاملة في محطة الحاويات على وشك التوقّف عن العمل كُلّياً لتعذّر صيانتها. إدارة المرفأ تعزو سبب هذا الانهيار إلى حجز المحكمة على إيراداتها بالدولار النقدي نتيجة دعوى قضائية، في حين يشكّك المحامون بحجة الإدارة ويحتفظون بحقّ تقاضي التعويضات لعائلات شهداء الانفجار. وإلى أن يتم حسم هذا الملف القضائي، يؤثر بطء محطة الحاويات وشللها على عمل البواخر الكبيرة ويهدّد بتصنيف شركات الملاحة لمرفأ بيروت من ضمن المرافئ غير الصالحة لاستقبال السفن الضخمة، ويكمل الحصار على البلد. أسطورة «لبنان همزة الوصل» بين الشرق والغرب على وشك أن تصبح ذكرى من الماضي.
قبل نحو شهر، كانت 6 رافعات من أصل 16 رافعة جسرية لا تزال تعمل في محطة الحاويات في مرفأ بيروت. يومها حذّرت غرفة الملاحة الدولية من أن المحطّة شبه المشلولة قد تتوقّف عن العمل. صعوبة إصلاح الرافعات وصيانتها وتأمين قطع غيار لها بسبب عدم توفر الدولارات النقدية، أدّى إلى تعطّل رافعة إضافية، ليقتصر عدد الرافعات العاملة اليوم على 5 فقط (واحدة منها تعمل بـ 20% فقط من قدرتها التشغيلية). لم يحدث ذلك فجأة، بل سلك مساراً انحدارياً منذ انفجار المرفأ. تدرّج الوضع من 12 رافعة بحالة جيدة إلى خمس لا تعمل بكل طاقتها ومهدّدة بالتوقف في أي لحظة، ما سيعطّل محطة الحاويات تماماً ويتسبّب بشلّ حركة المرفأ كُلّياً.
ماذا يعني ذلك؟ بحسب المدير العام للجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت، عمر عيتاني، «ما يحصل يضع الأمن الغذائي والاجتماعي في خطر، بمعنى أن استيراد المواد الغذائية والحليب والأدوية والمعدات الطبية وغيرها من المواد الأساسية سيتوقف مع توقف المرفأ عن العمل»، لافتاً إلى أن «70% من حركة الاستيراد و90% من حركة التصدير تتم عبر البور». المتسبّب في ذلك كلّه قراران قضائيان بالحجز الاحتياطي على إيرادات المرفأ المُحصّلة بالدولار من الوكالات البحرية، قيمة كل منهما مليونا دولار، نتيجة دعاوى تقدّم بها نقيب المحامين ملحم خلف و23 محامياً بالنيابة عن عائلات شهداء انفجار مرفأ بيروت. الحجز، وفق عيتاني، طال نحو 85 شركة كبرى كان من المفترض أن تستخدم دولاراتها لدفع متوجبات إدارة المرفأ لشركة BCTC المُشغّلة لمحطة الحاويات والتي تتولّى صيانة الرافعات وضمان حُسن عملها». والشركة التي دُمّر مستودع قطع الغيار الخاص بها في العنبر 16 جرّاء الانفجار، لم تتمكّن منذ ذلك الوقت من معالجة الخلل الذي أصاب آلاتها. لذلك ساء حال الرافعات بسبب استهلاكها بشكل مُكثّف، وتعطل نصفها. ما تبقى اليوم هو «أربع رافعات تعمل على رصيف واحد ورافعة تكاد لا تعمل على رصيف آخر»، بحسب عيتاني، و«قد جرت العادة أن تنقل هذه الرافعات بين 30 و40 مستوعباً في الساعة الواحدة، فيما تقتصر قدرتها الحالية على مستوعبَين فقط، لأن بعض الرافعات التي تعمل ازدواجياً (حمل مستوعبين في الوقت نفسه)، لم تعُد قادرة على ذلك بسبب تردّي حال الكابلات وحرصاً على سلامة الموظفين». أثّر ذلك على حركة البواخر. فالباخرة التي كانت تفرغ حمولتها خلال 14 ساعة كحدّ أقصى، تحتاج اليوم إلى أن تبيت أربعة أيام على الرصيف على الأقل. وهذا يعني رسوماً وأكلافاً إضافية على صاحب السفينة، ما دفع ببعض أصحاب السفن إلى التهديد بإيقاف رحلاتهم إلى مرفأ بيروت. ويحذّر عيتاني من أنه «إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، أتوقع حذف لبنان من لائحة المرافئ العالمية السبعة الأولى لا سيما أن إيرادات المرفأ باتت تقتصر على 12 مليار ليرة شهرياً بعد أن كانت 50 ملياراً في زمن الـ1500 ليرة للدولار. اليوم لا تدخل إلى المرفأ إلا البضائع الضرورية وجزء كبير منها صار يذهب إلى مرفأ طرابلس».
المرفأ يحتضر
مرفأ بيروت ينهار. الخسائر المادّية التي يتكبدّها اليوم تفوق ما تسبب به انفجار نيترات الأمونيوم. صحيح أن الإهمال وسوء الإدارة والفساد أدّت إلى كارثة الرابع من آب، إلّا أن هناك مخاوف جدّية من أنه قد يكون هناك من يتعمّد إفلاس «البور»، ضمن مخطّط قديم - جديد لبيع أصول الدولة، وأولها المرفأ أحد أكثر المرافق العامة ربحية. فبعد فشل خطة المصارف لبيع المرفأ وتقسيم أرباحه عليها عبر وضعها في صندوق «سيادي»، يجري تعطيله عبر حجب الإيرادات عنه وتحويله إلى مجرّد صندوق تعويضات. والصفحة لم تُفتَح بدعوى نقيب المحامين، إنما بقرار المحقق العدلي السابق في جريمة المرفأ، القاضي فادي صوان، بالادّعاء على إدارة واستثمار مرفأ بيروت وتحميلها - كشخص معنويّ - مسؤولية جزائية عن أعمال مديريها وأعضاء إدارتها وممثليها وعمّالها إضافة إلى المسؤولية عن الإلزامات المدنية.
يؤكد وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، الذي عقد مؤتمراً تحت عنوان «أنقذوا مرفأ بيروت» الأسبوع الماضي، أن القرار غير قانوني، والقاضية نجاح عيتاني اتّخذت «قراراً شعبوياً» بالحجز على أمواله. وشدّد على أن المرفأ مؤسّسة عامة لا يمكن الحجز على أموالها، بدليل أن لوزارة الأشغال سلطة إشراف عليه، وأن تعيين رئيس مجلس إدارته يتمّ عبر قرار من الحكومة وأيّ قرار بصرف الأموال يحتاج إلى موافقة كلٍّ من وزيرَي الأشغال والمال. لذلك «هذه المؤسسة ملك الدولة اللبنانية»، مشيراً إلى أنه وجّه رسالة إلى رؤساء الجمهورية ومجلسَي الوزراء والنواب للتدخّل من دون أن يلقى أي ردّ.
الإدارة تتعمّد عدم الصيانة؟
للمحامين المتطوعين المتوكلين عن بعض عائلات شهداء انفجار المرفأ وجهة نظر أخرى. يتوجس شكري حداد، أحد هؤلاء، من أن يكون ما يجري ذريعة لعدم القيام بأعمال الصيانة المطلوبة، ومن أن يكون الأمر «مقدمة لمزراب هدر جديد». فـ «لو جرت صيانة المرفأ بشكل مهني لما حصل ما حصل». بحسب حداد، كل ما حُجز من أموال حتى اليوم يقارب 2.5 مليون دولار، ويستحيل أن تكون هذه مجموع إيرادات المرفأ خلال أشهر بعد أن كانت عائداته السنوية تصل إلى 170 مليون دولار. يحتاج الأمر إلى مقارنة بسيطة لأرقام مداخيل المرفأ خلال السنة الماضية لمعرفة أن ثمة خطباً ما في ادعاء إدارة المرفأ بإفلاسه». لذلك، «يصعب التصديق أن الحجز الاحتياطي هو الذي أوقف عمل المرفأ وأثّر على حركته. فعدد الشركات العاملة في المرفأ يفوق الـ 1000بينما ما تم حجزه يعود لنحو 60 شركة فقط». ويلفت حداد إلى أن «هناك ما يسمى بحق التقاضي، وعلى المسؤولين عن الكارثة أن يفهموا أن للناس حقاً بالتعويض».
لكن لماذا طُلبت التعويضات بالدولار وليس بالعملة الوطنية، ولماذا حُدّد مبلغ مليوني دولار؟ يجيب حداد بأن الرقم «حُدّد بعد موافقة القاضية. نحن علينا أن نطلب ويعود لها حق التقدير وقد وافقت على طلبنا».
مشكلة المرفأ اليوم مزدوجة: يفتقد للدولارات الطازجة من جهة، وأمواله محتجزة في مصرف لبنان من جهة أخرى. يؤكد عيتاني أن «طريقة الحجز أثّرت علينا وأوجعتنا لأن 90% من الأموال التي نعوّل عليها ونتقاضاها بالدولار نُحصّلها من الشركات التي تمّ الحجز عليها وإجبارها على الدفع للمحكمة. هذه الشركات كانت قد أعربت لنا عن عدم ممانعتها الدفع بالدولار وقد جرى الاتفاق معها على ذلك، إلا أن قرار الحجز تزامن مع الاتفاق مباشرة. أما الجزء الثاني من الأموال فنتقاضاها بالليرة اللبنانية ونسدد بها مصاريف تشغيلية ورواتب الموظفين، بينما العقد مع الشركة المشغلة لمحطة الحاويات بالدولار». لا يريد عيتاني التدخل في عمل القضاء، لأن «يمكن يطلع معن حق. ونحن أيضاً لدينا 4 شهداء في الانفجار وجرحى»، لكنه يطلب حلاً، إما بتغيير صيغة الحجز القضائي لتتمكن الإدارة من دفع المترتبات لشركة BCTC أو فتح اعتمادات في مصرف لبنان. وإلا «قد يتوقف عمل المرفأ غداً بما يعنيه ذلك من تأثير على حياة المواطنين والمرضى والأطفال، علماً أن خدمة البريد الإلكتروني وحماية المعلومات توقفت ولم نتمكّن من تجديدها».
التصنيف «غير صالح»؟
يؤكد مصدر مطلع على عمل المرفأ أن تراجع الحركة بدأ منذ 17 تشرين الأول 2019، واشتدت نتيجة أزمة كورونا العالمية، وتضاعفت مع الحجز على الإيرادات. فبعدما كان يدخل إلى مرفأ بيروت ما لا يقل عن مليون ومئتي ألف مستوعب سنوياً، تراجع العدد حالياً إلى النصف. واليوم، ثمة بواخر تفضل أن تغير وجهتها بعد أن بدأ المرفأ يفتقد للمعايير العالمية النموذجية، ما سيحوّله سريعاً إلى مرفأ مماثل للمرافئ الصغيرة التي لا تدخلها سوى سفن محددة. فللبواخر الكبيرة جداول إبحار يشبه جدول إقلاع الطائرات وهبوطها، لأن الباخرة وحدة استثمارية بحدّ ذاتها ويفترض أن تكون منتجة دائماً خلال وجودها في عرض البحر. التأخير الحاصل في المرفأ، يضاعف رسومها ويؤخر عملها. الخطر اليوم إذا ما استمرت الأزمة، أن تصنّف شركات الملاحة المرفأ على أنه غير صالح للرسو فيه، فيخسر كل خطوطه المباشرة التي كان يتميز بها إلى أوروبا والشرق الأقصى وأفريقيا.
عودة إلى العمل «يدوياً»
تعاني شركة BCTC من ثلاث مشكلات:
1- اقتراب توقف الأنظمة الإلكترونية والتشغيلية terminal operating system التي تساعد في تحديد موقع المستوعبات المفترض تفريغها وتلك التي تُحمّل إلى وجهة أخرى، ذلك لأن البرنامج يحتاج إلى دفع ثمن تجديده بالدولار. توقف البرنامج يعني العودة إلى العمل يدوياً.
2- يمكن للباخرة أو المنشأة المرفئية أن تتعرض لحادثة ولا بدّ من التأمين البحري العالمي عليها. إلا أن التأمين متوقّف لأن الشركة تطالب بمستحقاتها
3- يعمل في محطة الحاويات أكثر من 600 موظف يطالبون كلهم بتقاضي رواتب بالدولار. وقد بدأ البعض يعتصم ويمتنع من مزاولة عمله، خصوصاً من يسكن في الجنوب والشمال ويتوجه يوميا إلى بيروت للعمل.
المرفأ بلا كهرباء ولا مولّدات
أزمة البنزين انعكست أيضاً على مرفأ بيروت، وبسبب النقص في تأمين هذه المادة تعذّر على الحرس القيام بدوريات على السفن لمراقبة أوقات وصولها ومغادرتها واحتساب الرسوم المترتبة عليها. لذلك بات العاملون يقدّرون ساعات العمل. كذلك يعاني المرفأ من أزمة الكهرباء التي باتت تنقطع لساعات طويلة، ما يعرّض المواد الغذائية والطبية الموجودة داخل البرادات لخطر التلف. فيما لا مازوت يكفي لتشغيل المولدات الأربعة التي يعاني بعضها من أعطال. والمشكلة الأكبر أن تلك المولدات لا يمكنها تشغيل أكثر من رافعتين ما يعني مزيداً من التأخير والخسائر.
"الجمهورية": التأليف نحو تشكيلة "رفع عتب"
وفي الوقت الذي تدل كل المؤشرات الى انّ مصير تكليف الرئيس سعد الحريري سيحسم نهائياً هذا الاسبوع تأليفاً او اعتذاراً، تصدّر موضوع رفع الحصانات كل العناوين السياسية في اعتبار انه يناقش نيابياً على وقع تصعيد ميداني لأهالي شهداء المرفأ مع اقتراب موعد الذكرى السنوية الأولى لانفجار 4 آب، هذه الذكرى الأليمة التي دخل لبنان من الآن في جوّها ومناخها، بدءاً من الاستعدادات الشعبية والسياسية لإحيائها، مروراً بملف التحقيقات الذي تسرّعت وتيرته في محاولة لتقديم جديد حول أسباب الانفجار تزامناً مع هذه المحطة، وصولاً إلى رفع أهالي الشهداء من منسوب حراكهم سعياً إلى حقيقة لا يبدو انّ معالمها ستظهر قريباً، الأمر الذي يؤكد انّ هذا الملف سيبقى في صدارة المشهد السياسي إلى ما بعد 4 آب المقبل. ووفق معلومات «الجمهورية» من مصدر رفيع فإنّ المواجهة ستشتد في الايام المقبلة بين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار والمدعوين الى التحقيق.
بالتوازي مع انفجار 4 آب يبقى المشهد الحكومي متصدراً كل المتابعات والأولويات، من زاوية انّ التأليف يشكل المدخل الوحيد لفرملة الانهيار المالي وتبديد قلق الناس وتهدئة النفوس المحتقنة وتبريد الاحتقان الاجتماعي. وعلى رغم إدراك الجميع لهذه الحقيقة، إلا ان أحداً من المعنيين بالتأليف لا يعمل بموجبها من خلال تقديم التنازل المطلوب الذي يفتح الباب أمام ولادة الحكومة، حيث ما تكاد تهدأ على خط الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل حتى تشتعل مجددا، وغالباً بلا مقدمات ولا أسباب موجبة، وكأنّ كل الهدف توجيه رسالة إلى من يعمل على خط التقريب بين الطرفين مفادها «ما تعذِّب حالك، فلا حكومة برئاسة الحريري».
وكانت معلومات قد تحدثت عن انّ الرئيس المكلّف في صدد تقديم تشكيلة حكومية جديدة لرئيس الجمهورية ميشال عون هذا الأسبوع، ولم يعرف ما إذا كان الهدف من التصعيد الأخير ثَنيه عن تقديم هذه التشكيلة، او الضغط للتفاوض حولها قبل تقديمها، او تذكيره بضرورة ان يأخذ في الاعتبار مطالب العهد، وفي مطلق الحالات لا يفيد في شيء تقديم تشكيلة جديدة على وقع إطلاق نار متواصل، لأن أي خطوة من هذا النوع يجب ان تتمّ في مناخات إيجابية وروح تعاون وليس على طريقة رفع العتب، إلاّ إذا كان الحريري يرمي من ورائها الى الاعتذار.
ولكن يستبعد ان يُقدم على الاعتذار وحتى على تقديم تشكيلة في الوقت الذي أعلن فيه عن اجتماع مرتقب للحريري مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومعلوم انّ القاهرة على غرار موسكو تشجعه على الاستمرار في مهمته لا الاعتذار، ولا شك في انّ هذا اللقاء سيمُدّ الحريري بجرعة دعم معنوية في اللحظة التي تحوّل فيها الملف اللبناني أولوية دولية في سياق مشاورات غربية وعربية مفتوحة ترمي إلى منع اي انفجار اجتماعي وتوفير المساعدات الانسانية اللازمة وفتح الباب لتأليف الحكومة.
في هذه الاثناء علمت «الجمهورية» انّ الحريري سيزور اليوم، على الارجح، رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا وسيسلمه تشكيلة وزارية جديدة، يُتوقّع ان تكون كناية عن تشكيلة رفع عتب او تبرئة ذمة قبل الإعتذار، أللهم الا اذا فاجأ عون الرئيس المكلف بالموافقة عليها او باعتبارها صالحة للنقاش.
وتحضيراً لمرحلة ما بعد الاعتذار المحتمل، يبدو أن المسعى مستمر في اتجاه الحريري لإقناعه بتغطية من سيكلّف بعده أو اقله للحؤول دون تحويل الاعتذار مادة مشتعلة، من شأنها تأجيج الاحتقان السياسي والطائفي، وهذا ما يشدد عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في مشاوراته. في وقت علم انّ الموفد الفرنسي باتريك دوريل سيزور بيروت غداُ في محاولة لإنقاذ ما تبقى من المبادرة الفرنسية والبحث في مصير تكليف الحريري.
فرصة أخيرة
وكانت محطة «إن بي إن» قد بثّت في نشرتها الرئيسية مساء السبت الماضي انّ الحريري سيقدم تشكيلة وزارية لعون خلال هذا الأسبوع، وصفتها بأنها يمكن ان «تكون فرصة أخيرة للإنقاذ». لكن مصادر «بيت الوسط» لم تؤكد لـ»الجمهورية» هذه الرواية، ودعت الى انتظار التطورات في الساعات المقبلة.
ورداً على سؤال عن إمكان أن تكون هذه الخطوة ترجمة للتفاهمات التي توصّل إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الحريري، قالت المصادر إن الاتصالات مفتوحة بينهما، واذا كان مصدر ما نشرته المحطة الناطقة باسم حركة أمل عين التينة، فإنّ ذلك لن يكون مستبعداً أو مستغرباً.
ورداً على الموقف الروسي الذي تبلغه الحريري الجمعة الماضي، اضافت المصادر لـ«الجمهورية» انّ هذا الموقف ليس مفاجئاً وهو ثابت ومعروف منذ زمن، وأي تفسير آخر قد يكون مزاجياً ويفتقر الى الدقة. فمنذ اللقاءات التي جمعت الحريري بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ابو ظبي قبل شهرين تقريباً وما شهدته موسكو من لقاءات منذ تلك الفترة، لم تخرج موسكو عن موقفها الداعم لحكومة يترأسها الحريري.
وعن حجم التعاون القائم بين موسكو والثلاثي الجديد الاميركي - الفرنسي ـ السعودي لفتت المصادر الى انّ موسكو «على تنسيق دائم مع الأطراف سواء مع باريس والرياض. اما بالنسبة الى واشنطن فإنّ المفاوضات، وإن تركزت في القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الاميركي جو بايدن، فقد أطلقت دينامية جديدة. وإن على المراقبين الإشارة إلى أهمية الاتفاق الذي تم التوصل إليه أخيرا حول بعض الخطوات الإنسانية في سوريا بخصوص المعابر البرية لنقل المساعدات لربما انسحَب تفاهماً على ما يجري في لبنان. فهناك عوامل مشتركة بين الأزمتين، ولا يمكن تجاهل ان يمتد اي تفاهم في شأن اي منهما الى الأخرى.
الى القاهرة
وفي الوقت الذي ما زال قادة تيار «المستقبل» يؤكدون انّ توجه الحريري ما زال ينحو الى الإعتذار، كشفت مصادر «بيت الوسط» عن زيارة للحريري إلى القاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس المقبل. وربطت المصادر عبر «الجمهورية» بين هذا اللقاء وبين اللقاء الذي كان قد انعقد بينهما في العاصمة المصرية قبل اسبوعين تقريباً، وانتهى الى اتفاق على التشاور في سبل مواجهة المرحلة الراهنة من الازمة اللبنانية وما يعوق تشكيل الحكومة والأزمة الاقتصادية والنقدية.
لقاء للثلاثي الجديد
وفي غضون ذلك، واستكمالاً للقاءات الرياض آخر عنقود اللقاءات التي عقدها الثلاثي الجديد الأميركي والفرنسي والسعودي على مستوى وزراء الخارجية والسفراء، قالت مصادر ديبلوماسية خليجية وغربية ان اجتماعاً سيعقد اليوم في مبنى السفارة السعودية في اليرزة يضم الى السفير السعودي وليد البخاري كلّاً من السفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو، بغية البحث في الإجراءات الواجب اتخاذها لترجمة ما تم التفاهم عليه في لقاءات السفيرتين في الرياض قبل ايام.
وكانت الأوساط الديبلوماسية حتى مساء امس تحتفظ بكثير من الغموض حول الخطوات العملية التي اتخذت وطريقة تنفيذ التعهدات التي قطعت في لقاءات روما وباريس والرياض في إطار الجهود التي يبذلها الثلاثي الجديد الداعم للبنان من خلال تلك التي ستشمل الدعم المخصص للجيش اللبناني والقوى العسكرية والأمنية، بعد ان تبلغت السفارة السعودية عبر الملحق العسكري فيها حاجات القوات المسلحة اللبنانية، على رغم أنّ الرياض لم تشارك في مؤتمر باريس الذي عقد إلكترونيّاً الشهر الماضي.
"البناء": عودة السجال السياسيّ حول المسار الحكوميّ
ووسط تقديرات واستنتاجات عن إقدام الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري على تقديم تشكيلة حكومية لرئيس الجمهورية تستند الى صيغة الـ 24 وزيراً قبل نهاية الأسبوع، تمهّد لاعتذاره، عاد السجال السياسي حول المسار الحكوميّ بين ثلاثي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحركة أمل، في ظل تراجع الوساطات والمساعي، مع تفاقم الأوضاع المعيشيّة وانهيار متزايد في سعر صرف الليرة، وتراجع تغذية الكهرباء، واستمرار طوابير الانتظار الطويلة أمام محطات البنزين، من دون وجود آفاق لحلحلة مقبلة، بينما يواصل سفراء الدول الأجنبية، وخصوصاً الثلاثي الأميركي والفرنسي والسعودي الحراك تحت عنوان البحث عن مخارج أو تخفيف وطاة الأزمة على الجيش والمؤسسات الأمنية.
وعلى خط الحراك الخارجي المتصل بالأزمة اللبنانية، يعقد اليوم اجتماع في السفارة السعودية في اليرزة يضم السفير السعودي وليد بخاري والسفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو لمتابعة وتقويم اجتماعات الرياض للسفيرتين الفرنسية والأميركية.
إلى ذلك، يتجه الرئيس المكلف سعد الحريري في الأيام المقبلة إلى مصارحة اللبنانيين بحقائق الأمور ووفق المعلومات التي تنقلها مصادر تيار المستقبل لـ «البناء» فإن الحريري فور عودته من مصر حيث سيلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فإنه سيحدد خياره خاصة أن الأمور تكون قد تبلورت في الداخل على صعيد الاتصالات، مشيرة الى ان الحريري لا يزال يحظى بدعم من روسيا ومصر لتأليف الحكومة فضلاً عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ابلغ الحريري أنه قد يقبل اعتذاره عن التأليف فى حال ذهب الأخير إلى تزكية شخصية سنية غيره ودعمها في عملية التشكيل، ولفتت المصادر إلى أن خيار اعتذار الحريري لا يزال مطروحاً بقوة علماً أن رؤساء الحكومات السابقين أسوة بالرئيس بري وحتى حزب الله يفضلون عدم اعتذاره. واعتبرت المصادر أن الحريري قد يُقدم في الأيام المقبلة على تقديم تشكيلة حكومية من 24 وزيراً إلى رئيس الجمهورية وعندها يكون قد وضع الطابة في مرمى بعبدا التي في حال رفضتها تكون مصرّة على سياسة التعطيل، وعندها لكل حادث حديث.
في المقابل تعتبر مصادر تكتل لبنان القوي لـ»البناء» أن ما يحصل من اتصالات خارجية وزيارات الى السعودية يؤكد المؤكد أن الرئيس المكلف ينتظر الضوء الأخضر السعودي لتأليف الحكومة، وبالتالي ثبت للجميع ان ما يحكى عن عرقلة عونيّة تعطل التشكيل ليس الا اتهام سياسيّ، معتبرة ان المشكلة هي في العامل الخارجي وليست في العوامل الداخلية التي يتم التذرع بها، مشيرة في موازاة ذلك الى ان هجوم حركة امل عبر وسائلها الإعلامية على العهد هو في اطار الخلاف السياسي الكبير في النظرة الى الاصلاح ومحاربة الفساد بيننا وبين الرئيس نبيه بري، قائلة هناك من يلقي الاتهامات جزافاً على وزراء التيار الوطني الحر في حين أنهم ويا للأسف يعلمون أين يكمن أصل المشكلة، مضيفة نحن أيضاً نستطيع نبش القبور، معتبرة أن إصرارنا على رفع الحصانات في قضية انفجار مرفأ بيروت أمر طبيعي ومنطقي ووطني وإنساني وبالتالي يفترض بالجميع تبني الموقف نفسه احتراماً لضحايا انفجار 4 آب، والاستجابة لطلب القاضي طارق البيطار.
وكانت محطة nbnشنت هجوماً عنيفاً على العهد في مقدمتها الاخبارية حيث أشارت كفاكم لفًا ودروانًا ونظرياتٍ، فأنتم في نظر مَن يريد دولة القانون منافقون وفق ما ثبت بالممارسة وبالوجه الشرعيّ.
وكما في ملف انفجار المرفأ الذي علمتم بوجود مسبّباته قبل أكثر من 15 يومًا من حصوله، كذلك في كل ملفات فسادكم التي دفعت الوطن والشعب من رأس جبلكم إلى أسفل وادي جهنم.
إلى الشعبويين الفاسدين اسمعوا جيداً نبيه بري أكد اليوم كما منذ أول يوم أنه لن يتهاون مع ملف انفجار المرفأ، لأن من حق أهالي الشهداء وكل اللبنانيين الوصول الى الحقيقة وعدم التغطية عليها، وقد أعلن أن مجلس النواب لن يسكت عن أي مرتكب أو مقصّر حيال هذا الملف من وزراء وغيرهم.
أما أنتم يا مدّعي العدالة فحاشيتكم العائلية فاسدة وبحكم مبرم منذ تلك الصفقات في الكهرباء وبواخرها، منذ السدود القاحلة كوجوهكم الكالحة مع تخطي دفاتر شروط المناقصات العمومية.
وفي خضم حرب التصريحات الإعلامية والاتهامات المتبادلة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل جدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الدعوة الى تنازل الفريقين من أجل تشكيل حكومة توقف الانهيار الحاصل والكارثة التي وصلنا اليها. وشدّد جنبلاط خلال جولة له على بلدتي بريح والفوارة الشوف على ضرورة عدم نبش الماضي والنظر الى المستقبل من خلال التعاون والتعاضد من دون تمييز بين تيار سياسي وآخر.
وأكد البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن «مطلوباً من الدولة اللبنانية وبإلحاح ملاقاة المجتمع الدولي من خلال تأليف حكومة تتمتع بالمواصفات الإصلاحيّة والحيادية. إن العالم يكرّر نداءاته، فيما المعنيون بتشكيل الحكومة يمتنعون عن القيام بواجباتهم الدستورية والوطنية حتى شكلياً. فرغم الانهيار الشامل لا يزالون يتبادلون الشروط المفتعلة قصداً لتأخير تأليف الحكومة. فلا عبارة الاتفاق مع الرئيس المكلف تعني تعطيل التشكيلات المقدّمة، ولا التكليف يعني تكليفاً أبدياً من دون تأليف حكومة. إن مصلحة الشعب تعلو على كل التفسيرات والاجتهادات الدستوريّة والحساسيّات الطائفيّة. لن نسمح، مع ذوي الإرادة الحسنة، بسقوط البلاد بين أطراف لا تريد حكومة وأطراف أخرى لا تريد دولة».
وقال: «إن الصداقات مع الدول شيء، والانحياز الاستراتيجيّ إلى محاور عربيّة وإقليميّة ودوليّة شيء آخر. لذلك، إن الحياد هو حل خلاصيّ للبنان، خصوصاً أنه لا يحول دون تعزيز العلاقات مع أي دولة وتقوية الصداقة معها لمصلحة لبنان، باستثناء تلك التي لا تكفّ عن استعدائنا».
أضاف: «نطالب الجماعة السياسيّة تسهيل عمل القضاء لأن الشعب لا يغفر لمن يعرقل مسار التحقيق أو لمن يسيّسه أو لمن يغطي أي شخص تثبت التهمة عليه. فلتكن نزاهة القضاء المشجع الأول للمثول أمامه من أجل الحقيقة. فلماذا تخافون إذا كنتم أبرياء؟ يجب التمييز بين الأذونات الإدارية لرفع الحصانة، والبحث القضائي عن الأدلة».
قضائياً، يمثل مدير المخابرات الأسبق العميد كميل ضاهر اليوم الإثنين أمام المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، كما يمثل العميد الركن جودت عويدات والعميد الركن غسان غرز الدين أمام القاضي البيطار غداً الثلاثاء.
"اللواء": التشكيلة «فلتة شوط» والاعتذار لم يسقط!
وتساءلت صحيفة "اللواء"، هل أسبوع ما قبل عيد الأضحى المبارك هو أسبوع التضحية السياسية لمصلحة البلد، أم أن حسابات فريق بعبدا، هو المضي بالخيار الخاطئ وهو التضحية بلبنان لمصلحة وهم الحقوق، أو عبارات الميثاق ووحدة المعايير؟
بعد حفلة عاصفة من السجال القاسي بين التيار البرتقالي، أي التيار الوطني الحر والازرق أي تيّار «المستقبل»، على خلفية نحر البلد، وذبحه وسائر المفردات ذات الصلة بالقلوب المليانة بين الطرفين، جنحت الأمور إلى التهدئة، وتقدم الكلام مجدداً عن مسار التأليف، وسط انفراجات جزئية، بعضها يتعلق باستئناف محطات المحروقات عملها، وبعضها الآخر يتعلق برهان على وعود مؤسسة كهرباء لبنان بزيادة طفيفة على ساعات التغذية، مع صعود خيالي لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، قرابة العشرين ألف ليرة لبنانية لكل دولار.
فرصة أخيرة أو ما قبلها؟
وعليه، لا تخفي مصادر معنية انتظار ما سيتمخض عنه هذا الأسبوع، ضمن حسم 3 نقاط في مسار الرئيس المكلف:
1 - تشكيلة جديدة، ينجم عنها زيارة إلى بعبدا، للإتفاق على مرسوم صدورها والانتهاء من المشكلة.
2 - زيارة مصر للاجتماع إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في إطار لقاءات تتعلق بمستقبل الوضع السياسي، في حال اتخذ قرار الاعتذار.
3 - كيف سيتم الإعتذار وما يكون مضمونه.
وأكدت مصادر تيار المستقبل ان الرئيس الحريري تلقى نصائح من دول صديقة بتقديم تشكيلة حكومية الى الرئيس عون، لذلك كان تركيز الثنائي الاميركي الفرنسي على اولوية تشكيل الحكومة وهو ما بدا واضحاً في ما صدر من بيانات من الطرفين حول تشكيل الحكومة بغض النظر عن جانب الدعم الإنساني. ما يعني ان نتائج الحراك الاميركي الفرنسي والروسي قد تظهر لاحقاً وربما في مواقف الحريري خلال المقابلة التلفزيونية المرتقبة له هذا الاسبوع والتي يتحدد موعدها تبعاً للظروف (الارجح ان تتم الخميس)، سواء لجهة تقديم صيغة حكومية جديدة تُمهّد للإعتذار اذا رفضها عون، او مزيد من التريث.
وأكّدت مصادر على صلة لـ«اللواء» يبقى قرار إعتذار الحريري عن التكليف، هو الخيار المتقدم حاليا على سائر الخيارات والتوجهات الاخرى.اما موعد الاعلان عنه فينتظر مواقف محلية واقليمية.
على ان العقبة، ما تزال هي العقبة: وتتعلق بما تسميه أوساط التيار البرتقالي بوحدة المعايير واحترام الميثاق، وكأن الرئيس المكلف يؤلف خارج هذه المعايير... أم ان لغة العراقيل تبقى هي الطاغية..
ولاحظت المصادر المتابعة لملف تشكيل الحكومة دخول لافت للديبلوماسية الروسية على المساعي والجهود المبذولة لحل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، بعد الاندفاعة الاميركية والفرنسية مع المملكة العربية السعودية، لتنسيق المواقف من هذا الملف والتفاهم على آلية التعاطي معه ولاسيما ما يتعلق بتقديم المساعدات الانسانية وغيرها. واعتبرت المصادر ان البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية، حدد بوضوح الموقف الروسي من التطورات اللبنانية الداخلية، وتكرار تأييد موسكو لتشكيل حكومة مهمة برئاسة سعد الحريري، الذي يتمتع بعلاقات ثقة مع الدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات المالية الدولية، المهتمة بدعم ومساعدة الحكومة الجديدة لكي تتمكن من حل الأزمة التي يواجهها لبنان حاليا. واشارت المصادر إلى ان التحرك الروسي لمساعدة لبنان على تاليف الحكومة الجديدة، لا يقتصر على الاتصالات المتتالية مع السياسيين اللبنانيين الذين تحرص موسكو على التواصل والالتقاء معهم للاطلاع على وجهات نظرهم والتشاور فقط،و تحثهم باستمرار على التفاهم فيما بينهم والالتقاء على القواسم المشتركة التي تجمعهم لحل الازمة التي باتت تهدد بلدهم، بل تشمل كذلك استعمال نفوذ روسيا بالمنطقة والاتصال مع الجانب الايراني على أعلى المستويات أيضا، وهذا ما حصل اكثر من مرة وذلك في سبيل المساعدة مع الاطراف التي تؤثر عليها بالداخل اللبناني وتحديدا حزب الله، لتسهيل عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.
من جهة ثانية، كشفت المصادر المذكورة نفسها ان الاتصالات غير المعلنة خلال الأيام الماضية، لم تؤد إلى حلحلة او تبريد حدة الاجواء التشاؤمية التي خيمت على عملية تشكيل الحكومة ،بل زادت حدة التشنج وتبادل التراشق السياسي، ما يعني ضمنا ان كل ابواب التشكيل مغلقة والجميع اصبح في طريق مسدود.
وذكرت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن ما يحكى عن زيارة سيقوم بها الرئيس الحريري إلى قصر بعبدا ليس بالأمر الجديد لكن ما هو مؤكد أن بعبدا تنتظر خطوة الرئيس المكلف وما إذا كان سيقدم تشكيلة وزارية وفق مبادرة رئيس مجلس النواب ام لا. وأوضحت المصادر أن السؤال المطروح هو أنه كيف يمكن أن تقدم تشكيلة بعض تفاصيلها لم تحل ولذلك لفتت هذه المصادر إلى أن هذه الزيارة قد لا تخرج بتأليف للحكومة وقد يكون المقصود تهيئة الجو أمام الخيار الذي درسه والقول أن المحاولات استنفدت.
ورأت المصادر إن هناك احتمالا آخر أي ان يعاد البحث في ما بقي من تعقيدات الملف الحكومي مشيرة إلى أنه في كل الأحوال لم يتظهر السيناريو أو المخرج المعد لولادة الحكومة وبالتالي الخشية تتكرر من تداعيات المراوحة أو الاعتذار وبقاء البلد من دون حكومة جديدة.