لبنان
الأزمات تتزاحم وآخرها الخبز والدواء.. والحريري عاد لبيروت فهل يعتذر؟
تتوسع رقعة الأزمات في لبنان لتلامس الخبز اليومي للمواطنين والأدوية، حيث ارتفعت صرخة الأفران بسبب عدم الحصول على المازوت الكافي لصناعة الرغيف، الذي زاد سعره وتقلّص وزنه بعد رفع الدعم جزئيًا عن المحروقات.
حكوميًا، يكثر الحديث عن قرار الرئيس المكلف سعد الحريري بالاعتذار، بعد عودته أمس إلى البلاد قادمًا من الإمارات، وسيكون مصير الحكومة بعد لقاء مرتقب مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
يأتي ذلك وسط وضع صحي خطير بعد اكتشاف عشرات الحالات المصابة بفيروس كورونا المتحور "دلتا"، لا سيما مع استمرار تدفق المسافرين إلى مطار بيروت الدولي بأعداد كبيرة في موسم الصيف، وبعد غياب الإجراءات الوقائية من قبل المواطنين إثر انخفاض عد الإصابات مؤخرًا.
"الأخبار": أزمة المحروقات مستمرة... وتتمدّد إلى الأفران
قالت صحيفة "الأخبار" إن إحصاء الأزمات التي يعاني منها الناس في لبنان صار أمراً شاقاً. الطوابير تحوّلت إلى عادة، ولذلك بعد فشل ترقيع أزمة البنزين، يخشى أن تنتقل الطوابير إلى الأفران. القطاع الاستشفائي يتنفس بصعوبة والكهرباء مقطوعة والجوع يزداد، لكن الخبر اليوم هو «زيارة» الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، وتسبقه أخبار ممجوجة من نوع: أسبوع حاسم، هل يعتذر أم يطرح تشكيلة جديدة على رئيس الجمهورية؟
تتزاحم الأزمات التي تؤدي جميعها إلى الانهيار. صامت السلطة لأسابيع، ثم نطقت كفراً. الحل الذي خرجت به لأزمة البنزين، لم يؤد سوى إلى رفع السعر. أما الزحمة والانتظارات الطويلة على المحطات، فلا تزال قائمة وتشكل معاناة للآلاف، وسط تزايد سيطرة السوق السوداء، التي لا يُعفى أحد من المسؤولية عنها، من الشركات إلى الموزعين إلى المحطات... وحكماً المستهلكين، الذين ولد بينهم بائعو الغالونات. سعر الصفيحة تخطى في السوق السوداء الـ200 ألف ليرة، وهو ما يعني، إذا استمر الشح في البنزين، انتفاء الغاية من التهريب، طالما أن السعر في لبنان لم يعد بعيداً عن السعر في سوريا.
إضافة إلى طوابير البنزين، بدأ أصحاب الأفران يحذرون من طوابير الخبز. وحتى بعدما زادوا الأسعار وقلّصوا وزن الربطة، صاروا يحذرون من إمكانية توقف المخابز عن العمل. حجتهم أنهم لا يجدون المازوت الكافي لتشغيلها.
المستشفيات، بدأت تحذر من التوقف عن العمل أيضاً، بسبب فقدان المازوت. نقيب أصحاب المستشفيات طالب بإعطاء الأولوية لها، داعياً أيضاً إلى تخصيص المستشفيات بدعم المازوت على سعر 1500 ليرة.
وفيما تحولت الأدوية إلى أثر بعد عين، بدأت مظاهر التضامن الاجتماعي تنتج مبادرات لشراء الأدوية من الخارج لمن يحتاجها، لكنها مبادرات لا يمكن أن تعوض النقص الهائل، والذي يطاول أدوية لا يمكن الاستغناء عنها، مثل أدوية الأمراض المزمنة. المشكلة أنه مقابل المبادرات المحدودة، بدأت تظهر مؤشرات إلى دخول صيادلة على خط البيع في السوق السوداء. ومن بوابة السعي إلى مساعدة المريض الذي لا يجد دواءه، صار بعض الصيادلة يعرض تأمين هذا الدواء أو ذاك بأسعار مضاعفة وبالدولار، بحجة أنها مستوردة.
«ألفاريز» توافق على قبض مستحقاتها على ثلاث دفعات
كل ذلك، يضاف إلى أزمة الكهرباء المستمرة. القطاع انهار تماماً. وحتى في بيروت بالكاد تصل الكهرباء إلى المنازل لساعتين يومياً. أما المولدات، فإن كان بعضها لا يزال قادراً على تعويض الفارق، إلا أن أغلبها بدأ تقنيناً قاسياً لعدم توافر المازوت ولعدم قدرة المولدات على تحمّل الضغط. وحتى المعلومات التي تشير إلى أن مصرف لبنان سيفتح اعتماد باخرة الفيول المتوقفة في مرفأ بيروت منذ 28 حزيران الماضي، فإن ذلك لن يكون سوى تأكيد أن الانهيار لا يعالج بالمفرق. جل ما سيحصل هو زيادة 150 ميغاواط إلى الإنتاج بما يعني بالكاد زيادة ساعة على التغذية.
الواقع يشير إلى أن المؤسسات كلها سقطت. الجلسة العامة لمجلس النواب نموذجاً. نقاشات قد تجري بين مجموعة من المخلوقات القادمة حديثاً من كوكب آخر، لكنها حكماً لا تمت إلى الواقع اللبناني بصلة. غرق في تفاصيل لا تسمن ولا تغني من جوع (حرفياً). ذلك الجوع الذي يجتاح كل المناطق، بأرقام صادمة لن تكفي المساعدات الانتخابية - الاجتماعية، لتخفيفها.
أما حكومة تصريف الأعمال، فـ «لا تندهي ما في حدا». بالكاد يتحدّث الوزراء مع رئيس حكومتهم. الخلافات الشخصية تسهم في عدم التعاون بين الوزارات أو بينها وبين رئاسة الحكومة. كلٌ يغني على ليلاه، وكل يعطي الأولوية المطلقة لحساباته الشخصية. وزير يعد نفسه برئاسة الوزراء، وآخر بدأ جولاته الانتخابية، وزميل له يغلق باب مكتبه على نفسه ولا يفتحه إلا عندما يغادر، فيما آخرون بالكاد يزورون وزاراتهم. كل ذلك يضاف إلى إصرار من رئيس الحكومة على رفض كل الدعوات لتحمّله المسؤولية، فقط لأنه لم يتخط بعد كيف أن الطبقة السياسية قد «استقالته» في ليل، ولأنه يرفض أن يكون كبش فداء لها، ولرياض سلامة الذي يتجاهله.
كل ما سبق في كفّة، وتشكيل الحكومة في كفّة. الخبر اليوم هو عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت. الخبر الأدق أن الحريري «يزور» بيروت. فهو منذ كلف تشكيل الحكومة لم يقم في بيروت بقدر ما أقام خارجها. وطبعاً السبب دائماً هو مصلحة لبنان التي يدور على عواصم العالم لضمانها، متناسياً أنه عندما تسلّم التكليف كان الدولار بسبعة آلاف ليرة، وها هو يقفز عشرة آلاف إضافية بمعيّة مساعيه إلى ضمان الدعم الدولي - السعودي فعلياً، قبل تشكيل الحكومة. لكن على الطريق، ولتمويه نبل مسعاه، لم يكن أمامه سوى أن يفتعل معارك وهمية، لا وظيفة لها سوى شراء الوقت، ريثما يصل الوحي السعودي، تشكيلاً أو اعتذاراً أو حتى تحيةً. من يريد أن يُشكّل فعلاً، ومن يعتقد أن خصوم اليوم حلفاء الأمس يعرقلون مسعاه، ما عليه إلا أن يحاول، ليل نهار، ابتداع الحلول وتفكيك العقد، حتى لو اضطره الأمر إلى المرابضة في قصر بعبدا.
اجتماع اليوم للجنة الوزارية المكلفة وضع معايير المستفيدين من البطاقة التمويلية
هكذا يبقى التشكيل معلقاً على مصالح شخصية، وعلى أخبار من نوع «أسبوع حاسم في ملف التشكيل»، أو «هل يعتذر الحريري؟»، فيما الناس لم تعد قادرة حتى على إحصاء أزماتها، التي تأتي البطاقة التمويلية لتلعب دور المخدّر فيها، علّها تشفع في تأخير الانفجار الاجتماعي. ولما أصدر مجلس النواب القانون، وترك آليات التنفيذ للجنة حكومية، فقد دعا الرئيس حسان دياب وزراء المالية والشؤون الاجتماعية والاقتصاد إلى جلسة تعقد لهذه الغاية، علماً أنه صار معلوماً أن معايير الحصول على البطاقة ستؤدي إلى استثناء غالبية الشعب اللبناني، فيما كانت الغاية منها قبلاً، على ما اقترح حاكم مصرف لبنان، أن تكون حقاً لكل اللبنانيين، بما يؤدي تلقائياً إلى استثناء اللاجئين السوريين والفلسطينيين، بحجة أنهم يستفيدون من برامج دعم أخرى. ومع افتراض أن نحو 20 في المئة من اللبنانيين لن يتقدموا إلى البطاقة، تكون النتيجة حصول ثلثي اللبنانيين على بطاقة هي، للتذكير، ليست مخصصة للأكثر فقراً، بل هدفها تعويض الارتفاع الهائل في الأسعار، بعد تخلي مصرف لبنان عن تمويل الاستيراد على السعر الرسمي. بما يعني بالتالي، أن البطاقة ليست دعماً بمفهوم الدعم الاجتماعي، بل هي خطوة تريد منها السلطة النقدية وقف تسرّب الدولارات، بعدما كانت هي نفسها تصر على دعم المحتكرين وكبار التجار والمهرّبين، فيما تحجب هذا الدعم عن القطاع العام على سبيل المثال.
إلى ذلك، لا يزال مصرف لبنان متحرراً من أي تدقيق في حساباته، بالرغم من أن القرار اتخذته الحكومة في آذار 2020، لكن من دون أن تتمكن من تنفيذه، بسبب الكم الهائل من العراقيل التي وضعت في طريقه.
المتابعون للملف والذين لم يكفّوا عن بث التفاؤل، يتوقّعون أن تصل هذه العراقيل إلى نهايتها هذا الأسبوع، على أن يُتوّج ذلك بتوقيع عقد جديد مع شركة «ألفاريز ومارسال». فبعدما كانت هيئة التشريع والاستشارات قد دعت وزارة المالية إلى التفاوض مع الشركة مجدداً، في ما يتعلق بالتعديلات التي طلبتها، وأبرزها طلبها دفع قيمة العقد كاملاً عند التوقيع، يبدو أنها تراجعت عن هذا الشرط. وبحسب مصادر وزارة المالية، وافقت الشركة على الحصول على مستحقاتها على ثلاث دفعات. وفيما لم تشر المصادر إلى توزيع النسب، أكدت أنها تسعى للحفاظ على نسب العقد السابق، أي 40 في المئة عند بدء نفاذ العقد، ثم دفعتين كل منهما 30 في المئة. وفيما يفترض أن ترسل الوزارة المسودة الأخيرة من العقد إلى هيئة الاستشارات اليوم، رجحت المصادر أن لا يتأخر الوزير بتوقيع العقد، فور ورود رأي هيئة الاستشارات. فهو لم يعد بحاجة إلى قرار من الحكومة، بعدما حصل على قرار استثنائي يطلب منه التفاوض مع الشركة وتوقيع العقد. هل هذا يعني أن التدقيق سيسير نحو التنفيذ بعد أكثر من سنة على إقراره وبعد ستة أشهر على إقرار قانون رفع السرية لغاية التدقيق الجنائي؟ تشير مصادر متابعة إلى أن لا شيء تغيّر في موقف المنظومة الحاكمة، وهي ليست مستعدة لإطلاق النار على نفسها، من خلال التدقيق الجنائي. وعليه، يدعو المصدر إلى انتظار أرانب جديدة تفرمل «حلم التدقيق».
"البناء": أزمة المحروقات والدواء تتصاعد
إلى ذلك استمر فقدان المحروقات والدواء من الأسواق وسط تصاعد الغضب الشعبيّ، وتنامت مخاوف تحدّثت عنها تقارير مالية من أن يكون المصرف المركزي يشتري دولاراته من السوق، متسبباً برفع السعر، ومفسّرة بذلك الارتفاع الأخير، وأن هذا هو السبب بتباطؤ المصرف المركزي في الإفراج عن المستحقات التي وعد بتحريرها لتأمين تفريغ بواخر المحروقات، وتسديد فواتير الأدوية المستوردة. وقالت المصادر إن كلام المصرف عن أن سقف ما لديه من مخزون من العملات الصعبة هو 400 مليون دولار، يؤكد هذا الاستنتاج، بحيث يصير المصرف المركزي يطبع الليرات ويضخّها في الأسواق لشراء الدولارات، ما ينذر بانهيار سريع لسعر الصرف، وينبئ بكارثة وشيكة في سعر الليرة، ويكشف كذبة الدعم الوهميّ.
في الشأن السياسيّ تتجه الأنظار نحو عين التينة، لترقّب كيفية تعامل رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الملف الحكوميّ بعد عودة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وما إذا كانت هناك آفاق لمواصلة مساعي الوساطة التي تجمّدت بسفر الحريريّ، أم أن اعتذار الرئيس المكلف سيعود كخيار إلى واجهة المشهد السياسي، ومن عين التنية أيضاً ينتظر الوسط السياسي والقضائي معرفة موقف الرئيس بري من استدعاءات القاضي طارق بيطار، وطلبات رفع الحصانة عن ثلاثة نواب، بينما كانت الاستدعاءات قد ترافقت مع حملة تسريبات وشائعات استهدفت المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قال المحامي كريم بقرادوني بوكالته عن اللواء إبراهيم إنه سيتم الادعاء على مطلقيها، بينما نقلت قنوات تلفزيونيّة عن القاضي بيطار وصفه لمقربين منه ما ينقل عنه أنه “معيب ومسيء ومفبرك”.
في الشأن الإعلامي ينعقد بعد ظهر اليوم المؤتمر الإعلامي المخصص لتجديد الخطاب الإعلامي بحضور شخصيات إعلامية وأكاديمية، ويفتتحه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بكلمة ينتظر أن تتضمّن مواقف ورؤى لخوض المعركة الإعلاميّة في مواجهة الآلة الإعلاميّة المناوئة لمشروع المقاومة والموزعة بين داعمي كيان الاحتلال ودعاة التطبيع، في ضوء الوقائع التي أرستها معركة سيف القدس.
أمّا وقد عاد الرئيس المكلّف سعد الحريري الى بيروت، فإن حركة سياسية واسعة سوف يشهدها لبنان في الساعات المقبلة، حيث سيجري جولة مشاورات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورؤساء الحكومة السابقين قبل حسم مسألة اعتذاره أو طرح تشكيلة حكومية جديدة على رئيس الجمهورية ميشال عون. وبحسب المعلومات لا موعد محدّد حتى الآن مع بري الذي ما يزال يصرّ على عدم اعتذار الحريري، في حين أشارت مصادر عين التينة لـ «البناء» الى ان المساعي الحاصلة تفرض تشكيل حكومة وفق مبادرة الرئيس بري، مشيرة إلى أن الرئيس بري خلال لقائه الحريري سوف يطرح عليه النتائج التي توصل اليها حزب الله من لقاء مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، معتبرة أن الرئيس بري على موقفه من أهمية ترؤس الحريري للحكومة العتيدة وفق المبادرة الفرنسية، مشيرة الى ان بري مقتنع بأن الوقت لا يحتمل المكابرة وأن سقوط البلد لن ينجو منه احد. ورأت أوساط عين التينة أن ما يهم الرئيس بري المحافظة على التوازنات والميثاقية والشراكة ومبادرته تصبّ كلها في هذا الإطار.
وأشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى ان الرئيس بري قد يقبل باعتذار الحريري شرط أن يسمّي الأخير شخصية سنية تحظى بتأييد وقبول من الأطراف السياسيّة الأساسيّة ومن المرجعية السنية، وصولاً الى حصوله على تعهّد من القوى السياسية كافة وعلى وجه الخصوص مَن عطّل التأليف لحسابات شخصية، تسهيل عملية التأليف. وفي هذا الإطار تشير المصادر الى ان الصورة لا تزال سوداوية وهناك شبه اقتناع أن لا حكومة في الأفق وان هناك اتجاها بدأ يتضح أكثر يوماً بعد يوم ويدعو إلى إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال.
الى ذلك انعكس لقاء روما على عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي اعتمد يوم أمس في كلمته لغة هادئة، خاصة أن بعض المعلومات اشارت الى ان البابا فرنسيس لم يكن على الخط نفسه مع البطريرك الراعي ولم يؤيده في الكثير من أفكاره التي طرحها، لا بل اكثر من ذلك فقد كان البابا فرنسيس أكثر ميلاً الى طروحات البطاركة يوحنا العاشر يازجي ويوسف العبسي وأمام الأول كيشيشيان معتبراً إياها أكثر واقعية ومنطقية وتثبت المسيحيين في لبنان.
وأكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن كلمة قداسة البابا فرنسيس في ختام يوم التفكير بشأن لبنان، والصلاة من أجل السلام فيه، ونداءاته تشكل لنا جميعاً خريطة الطريق للخروج من مختلف الأزمات التي نعاني منها.
واعتبر أن مسار حلّ القضية اللبنانية، ومصير الوطن الرسالة، يمرّ حتماً بلقاء اللبنانيين على وحدة دولة لبنان في ظلّ الديمقراطيّة والتعددية واللامركزية والحياد الإيجابي الناشط ووحدة القرار الوطني والانتماء العربي وتنفيذ جميع القرارات الدوليّة. وصار واضحاً مدى حاجة لبنان في ظل هذا التمزّق والانهيار إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء عبر مؤتمر دولي يُخرج لبنان من أزمته المصيرية. لقد وجّه قداسة البابا فرنسيس نداءات بصيغة الواجب، بالتوالي: «إلى كل من بيده السلطة: أن يضع نفسه نهائيا وبشكل قاطع في خدمة السلام، لا في خدمة مصالحه الخاصة. كفى أن يبحث عدد قليل من الناس عن منفعة أنانية على حساب الكثيرين! كفى أن تسيطر أنصاف الحقائق على آمال الناس! كفى استخدام لبنان والشرق الأوسط لمصالح ومكاسب خارجيّة! يجب إعطاء اللبنانيين الفرصة ليكونوا بناة مستقبل أفضل، على أرضهم ومن دون تدخلات لا تجوز. ودعا القادة السياسيين لإيجاد حلول عاجلة ومستقرة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحالية».
وكتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»: «كفى الهروب من ضرورة تشكيل الحكومة التي وحدها تستطيع وقف التدهور ومعالجة المشاكل وفي مقدّمها التفاوض مع المؤسسات الدولية. الباقي هروب إلى الأمام وتنظيرات مدمّرة للوطن. أما الانتخابات فمن الأفضل صرف الأموال المرصودة لجمعيات المجتمع الأهلي وللمستشفى الحكومي وللجيش ولمؤسسات معروفة».
وأضاف في تغريدة ثانية: «وكي لا تفسّروا موقفي أنه ضد الانتخابات أوضح بأنني سمعت بأنّ دولاً ستصرف مليار دولار على أندية المجتمع المدني المتعددة. أفضل إعطاء هذا المال للمستشفيات الحكوميّة وللجيش وقوى الأمن وللمؤسسات المعروفة مثل المقاصد، عين وزين، الجامعة الأميركية وغيرها من المؤسسات التربوية والاستشفائية».
الى ذلك يعقد اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان بعد غد الأربعاء، لدرس قيمة الدعم للدواء، بعدما أبلغ حاكم المصرف رياض سلامة المسؤولين في بعبدا ان كل ما يملكه لدعم المواد الاولية، ومن ضمنها الادوية 400 مليون دولار.
وقالت نقابة مستوردي الأدوية في لبنان إن البنك المركزي لم يفِ بتعهداته بتوفير المبالغ المالية بالدولار لتسديد قيمة المستحقات المتراكمة والمترتبة لصالح الشركات المصدّرة للأدوية، والتي تجاوزت 600 مليون دولار منذ كانون الأول، وإن المستوردين لا يستطيعون فتح اعتمادات جديدة.
في موازاة ذلك، لا تزال أزمة المحروقات على حالها تدور في مراوحة بين أصحاب المحطات والشركات المستوردة ووزارة الطاقة، الأمر الذي انعكس استمراراً لطوابير السيارات على المحطات رغم التسعيرة الجديدة للمحروقات، علماً أن نقيب موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، طمأن أن اليوم سيحمل معه حلولاً جزئية، قائلا ثلاث بواخر أفرغت حمولاتها من المحروقات، والسوق ينتظر أن تفرغ البواخر الثلاث المتبقية مخزونها.
"اللواء": أسبوع القرار: التأليف والإعتذار على طاولة برّي - الحريري غداً
ومن المرجح، وفقاً لمصادر معنية بملف التأليف، ان يبين هذا الاسبوع الخيط الابيض من الاسود على هذا الصعيد. ذلك لأن الاستمرار في المنطقة الرمادية من شأنه ان يدفع الامور من تدهور إلى آخر، بانتظار نقطة اللارجوع من انهيار لا يمكن بعده الخروج، وفقاً لما هو مطروح من الازمة الخطيرة والمدمرة.
وحسب صحيفة «اندبندنت» في تقرير حديث لها عن الاثار المروعة للأزمة، والتي «لا يمكن للعالم تجاهلها» والتي وصفها البنك الدولي بأنها أسوأ أزمة مالية في تاريخ لبنان، واصفاً الأزمة بأنها «كساد مقصود»، محملاً النخبة الحاكمة المسؤولية، بعدما فقدت الليرة 90% من قيمتها، وتجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء 17700 ليرة لبنانية.
ولم تغفل الصحيفة الاشارة إلى ان التوترات تزداد عندما تصبح الحياة صعبة بشكل يهدد باندلاع حرب جديدة.
واذا كان العالم لا يدير ظهره بالكامل للوضع في لبنان، وفقاً لصلاة الفاتيكان، ومشروع الاتحاد الأوروبي، بدءا من فرنسا بفرض عقوبات على شخصيات لبنانية، بدءا من عدم اعطاء «فيزا شينغن» أو سحبها، فإن الانظار تتركز على الداخل، بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري، وانتظار ما سيقدم عليه وسط تأكيدات على ان علاقته بالرئيس نبيه بري خط احمر.
وتوقعت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان ينطلق الحراك السياسي ابتداء من اليوم، لاعادة تفعيل الاتصالات والمشاورات لتشكيل الحكومة من جهتين، الأولى مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت، حيث من المرتقب ان يجري سلسلة لقاءات واتصالات لهذه الغاية، تشمل لقاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رجحت المصادر موعده يوم غد الثلاثاء ولقاء مع رؤساء الحكومات السابقين ونواب كتلة «المستقبل» وسفراء وشخصيات، يتركز البحث خلالها على موضوع تشكيل الحكومة، والخيارات المطروحة لايجاد حل لازمة التشكيل المعقدة. وتوقعت المصادر ان يتناول اللقاء مع بري، نتائج الاتصالات التي اجراها حزب الله مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بخصوص تنفيذ مبادرة بري والاستفسار عن اسباب عرقلة هذه المبادرة وكيفية تجاوزها، لتسريع الخطى لتشكيل الحكومة. لانه لم يعد بالامكان بقاء لبنان من دون حكومة جديدة تتولى مهمة انقاذ البلد مما يتخبط فيه من أزمات ومشاكل.
وتوقعت المصادر ان تؤشر نتائج اللقاء المرتقب مع بري الى الاتجاهات التي يسلكها ملف تشكيل الحكومة، والخيار الذي سيعتمده الرئيس المكلف بهذا الخصوص. اما من الجهة الثانية، تتركز الانظار على التحرك الذي سيباشره، البطريرك الماروني بشارة الراعي نحو كبار المسؤولين والزعماء السياسيين المعنيين بعملية تشكيل الحكومة كما اعلن من روما، والافكار والتوجهات التي سيبلغهم اياها، في ضوء زيارته الفاتيكان وما تبلغه من البابا فرنسيس عن نتائج اللقاءات التي عقدت في روما بين وزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والسعودية بخصوص لبنان. واذ تجنبت المصادر الكشف عن الخيار الذي سيتخذه الحريري من عملية التشكيل، اوضحت ان أي خيار يرسو عليه توجه رئيس الحكومة المكلف، ينطلق من المصلحة العامة للبلد وليس لمصالح شخصية، كما هي خيارات بعض الاطراف ولاسيما الفريق الرئاسي الذي يمعن بوضع العراقيل والشروط والمطالب اللامعقولة لتعطيل التشكيل.
واشارت ان الترويج عن توجه الرئيس المكلف للاعتذار عن تشكيل الحكومة بعد عودته الى بيروت، مصدره الفريق المذكور للايحاء بأن سبب الازمة الحالية ومتفرعاتها رفض الرئيس الحريري الاعتذار خلافا للواقع والحقيقة، ومحاولة ممجوجة ومكشوفة للتهرب من مسؤولية التعطيل المتعمد لتشكيل الحكومة التي اصبحت متلازمة وحتى من اساسيات الممارسة السياسية للفريق الرئاسي ومعروفة من الجميع بالداخل والخارج معا. وذكّرت المصادر انه في اعقاب استقالة حكومة الرئيس الحريري بعد أحداث ١٧ تشرين الاول عام ٢٠١٩، ثم اعتذاره بعد ذلك عن تشكيل الحكومة اللاحقة، اطلقت يد الفريق الرئاسي المذكور مع حزب الله بتشكيل حكومة حسان دياب المستقيلة، بامها وابيها، وتساءلت ماذا كانت النتيجة؟ الفشل الذريع وحالة الخراب والانهيار وتفكك المؤسسات وتحلل الدولة. وختمت المصادر بالدعوة الى التوقف عن مسلسل الأوهام والاكاذيب التي لا توصل الى تشكيل حكومة اخصائيين غير حزبيين، بل إلى استفحال الأزمات التي تضغط على اللبنانيين بقوة.
دولياً، ما تزال فرنسا بشكل خاص وبعض دول الاتحاد الاوروبي بشكل عام تتحدث عن ضرورة إحداث تغيير ما في العملية السياسية اللبنانية وإن امكن في النظام السياسي ككل، وذلك عبر طرق ديموقراطية اولها واهمها الانتخابات النيابية، لكنها في الوقت ذاته تلوّح بشدة بفرض عقوبات على من تصفهم معرقلي العملية السياسية والحلول.
وقد قال سفير الاتحاد الاوروبي في مصر كريستيان برجر امس الاول في حديث تلفزيوني: «لقد بدأنا مساراً قانونياً لفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية في لبنان، والعقوبات وسيلة لتحسين الاوضاع وهدفها المساعدة وليس مجرّد العقاب».
واضاف: ان النظام السياسي في لبنان بحاجة ماسة إلى شرعية جديدة. وأكدت مصادر فرنسية ان الاليزيه لم يسقط من حساباته تأليف الرئيس الحريري للحكومة، وإلا فلا بد من الاتفاق معه على تسمية شخصية مقبولة لأنه من غير الممكن الاستمرار على هذا النحو.
"الجمهورية": عون ينتظر الحريري.. وبرّي ينشّط مساعيه
صحيفة "الجمهورية" تحدثت عن تطورين بارزين أرخيا بظلهما في نهاية الأسبوع الماضي على الحياة السياسية اللبنانية، ويُتوقع ان تمتد مفاعيلهما إلى الأسابيع المقبلة: التطور الأول يتعلّق باللقاء الروحي في الفاتيكان، الذي أخذ فيه البابا فرنسيس على عاتقه متابعة متمماته الديبلوماسية على أرض الواقع، في ظلّ قلقه على الوضع اللبناني وسعيه لإخراج البلد من أزمته، ما يعني انّ المرحلة المقبلة ستشهد اتصالات في أكثر من اتجاه، ترجمةً لمساعي الفاتيكان. اما التطور الثاني، فتمثّل في القرار الذي أصدره المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار، وقضى باستدعاء مسؤولين سياسيين وأمنيين وعسكريين الى التحقيق. وفي انتظار معرفة طريقة تعامل المعنيين مع هذا التطور، لناحية طلب رفع الحصانات وأذونات الملاحقة التي وجّهها المحقق العدلي، فقد تجدّدت المخاوف من إحباط المنحى الذي اعتمده بيطار، خصوصاً مع الترويج المتعمّد من انّ خطوته هدفها امتصاص نقمة الضحايا والناس، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لهذا الانفجار الرهيب، وانّها ستبقى ضمن حدود «القنبلة» الدخانية لا الفعلية، وهذا طبعاً يندرج في سياق ما يتمناه البعض رفضاً للعدالة والحقيقة.
وما بين هذين التطورين، ما زال الملف الحكومي يراوح، والأزمات المعيشية تتفاقم، وإذلال الناس يتواصل، والأوضاع حافظت على وتيرة تراجعها من السيئ إلى الأسوأ، وتحوّل حديث الساعة حديثاً انتخابياً ربطاً باستحقاق الانتخابات النيابية في ربيع السنة المقبلة، أكثر منه إلى الكلام الحكومي الذي يستدعي استئناف الوساطات لتأليف الحكومة، لأنّ من الصعوبة بمكان ان يتمكّن لبنان من الصمود مالياً ومعيشياً واقتصادياً واجتماعياً حتى موعد تلك الانتخابات، خصوصاً وانّ الاحتقان الشعبي بلغ الذروة.
وفي هذا الوقت، عاد الكلام عن احتمالات اعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي عاد من الخارج امس، ولكن لا شيء محسوماً على هذا الصعيد بعد، إنما من الثابت هو انّ الوضع لم يعد يحتمل، وأنّ الحكومة هي المعبر الأساس لفرملة الانهيار، إلّا انّ الجديد على هذا المستوى يكمن في اللقاء الفاتيكاني الذي أعاد تزخيم حركة عواصم القرار وضغوطها على المسؤولين المعنيين بالتأليف، بغية إخراج الحكومة من عنق الخلافات والتجاذبات، وتجنيب لبنان والشعب اللبناني الأسوأ الذي ينتظرهما في حال لم تتألف الحكومة سريعاً.
عودة الحريري
وفي هذه الاجواء، عاد الحريري الى بيروت عند الاولى النصف من بعد ظهر امس قادماً من ابو ظبي، بعدما امضى فيها اسبوعين بالتمام والكمال تخلّلتهما زيارتان، واحدة إلى أنقرة التقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والى القاهرة حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مستعرضاً آخر التطورات الإقليمية وانعكاساتها على الساحة اللبنانية.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ العودة هذه المرة قد تكون مختلفة عن بقية المحطات التي أمضاها في بيروت، في إطار الجولات المكوكية التي امتدت طيلة الأشهر الثمانية الماضية بين بيروت وبعض العواصم العربية والغربية. فهو بات على قاب قوسين او أدنى من اتخاذ قرار ما في الايام القليلة المقبلة، لكسر المراوحة القائمة بين التأليف والإعتكاف والإعتذار.
خيارات على جدول أعمال الحريري
وفي جدول أعمال الحريري لقاء لا بدّ منه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، في محطة تتزامن مع لقاءين مهمين، الأول سيكون مع رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة، الذي من المحتمل ان يُعقد بعد ظهر اليوم، على ان يرأس اجتماعاً لكتلة «المستقبل» والمكتب السياسي لتيار «المستقبل» للبتّ نهائياً بالموقف الجدّي من مسألة التأليف والتكليف وإما الإعتذار.
وما بين الخيارين اللذين لا ثالث لهما، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّه حتى هذه الساعة لم يظهر انّ مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أنتجت صيغة ما، في ظلّ الغموض الذي لفّ الحركة التي قادها «حزب الله» بين بري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، على الرغم من الحديث عن استعداد بري لإحياء حركته السياسية في الساعات المقبلة تزامناً مع عودة الحريري الى بيروت.
والى تلك اللحظة، نفت مراجع قريبة من بيت الوسط لـ«الجمهورية»، الحديث عن اعتذار مؤكّد ونهائي. وقالت انّ الخيارات ما زالت مفتوحة على أكثر من احتمال، وان بقي الامر في عهدة الحريري، فإنّه كان يمكن ان يعتذر منذ فترة طويلة. فما تعرّض له من «امتحانات» لا يحتملها إلاّ من صبر على كل أشكال التحامل التي عاشها في الفترة الاخيرة.
وأضافت هذه المصادر: «لقد انهارت معظم الجهود التي بذلها في الداخل والخارج لتوليد حكومة تحدثت عنها المبادرة الفرنسية، قبل ان تتحول مبادرة اوروبية تحظى برزمة من المواقف العربية والغربية المؤيّدة لها، في وقت رحّب بها الفاتيكان ايضاً، وسعى الى توفير ما يؤدي الى تطبيقها، في وقت لا يبدو انّ هناك من نوى ان يلاقي الرئيس المكلّف في استثمار الجهود الدولية والاقليمية التي بُذلت ليكون للبنان حكومة بكامل مواصفاتها الدستورية يطالب بها المجتمع الدولي والدول والمؤسسات الصديقة والمانحة للبنان، وتستطيع ان تطلق مسيرة الإصلاحات والتعافي والإعمار.
بعبدا تترقّب
وفي بعبدا، لم تُسجّل عطلة نهاية الاسبوع اي جديد بالنسبة الى ملف تشكيل الحكومة، فيما عادت حركة الترصّد والترقّب امس، مع الاعلان عن عودة الرئيس المكلّف الى بيروت. ولفتت المصادر، الى انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان ينتظر مبادرة ما من الحريري للوقوف على آخر الصيغ الحكومية ليُبنى على الشيء مقتضاه.
وتترقب الاوساط السياسية مواقف يُنتظر ان يطلقها الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بعد ظهر اليوم في مؤتمر «فلسطين تنتصر» الذي سيُعقد في مطعم الساحة، وسيبحث في «تجديد الخطاب الاعلامي وادارة المواجهة». ويُنتظر ان يتناول نصرالله في جانب من خطابه التطورات المتعلقة بالاستحقاق الحكومي والمساعي التي يبذلها «حزب الله» مع الافرقاء المعنيين لتأمين تأليف الحكومة.
المحروقاتسعد الحريريالخبزالدواء
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024