لبنان
متحوّر "دلتا" رسميًا في لبنان.. وإطلاق مسار الملاحقات القضائية في قضية انفجار المرفأ
اهتمت الصحف الللبنانية الصادرة صباح اليوم بالمسار الذي اتخذه التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت، والخطوة التي أقدم عليها المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، حيث بدأ مسار الملاحقات القضائية في هذا الملف بعد الانتهاء من مرحلة الاستماع إلى الشهود.
إلى ذلك كانت الموضوع الصحي على موعد من تطور جديد، بإعلان وزير الصحة حمد حسن عن انضمام لبنان إلى عشرات الدول التي بات يوجد فيها إصابات من المتحوّر الهندي "دلتا" من فيروس كورونا، ما يضع البلاد أمام استحقاق جديد في ظل أوضاع أقل ما يمكن القول عنها أنها سيئة على كافة المستويات.
"الأخبار": "المتحور الهندي" يدخل لبنان: موجة ثالثة من "كورونا"؟
من ضهور الشوير، أعلن وزير الصحة العامة، حمد حسن، عن وصول المتحور الهندي «دلتا» من فيروس «كورونا»، إلى لبنان مع التثبت من وجود 7 حالات مصابة به... وإن كان الخبر يأتي متأخراً بعض الشيء، مع تأكيد مختبرات الجامعة اللبنانية أن المتحور «منتشر» في لبنان. مع ذلك، الخبر ليس مفاجئاً، ولكن ثمة خوف مضاعف اليوم من ذلك الوصول، لسببين أساسيين، أولهما سرعة انتشار «المتحور» وثانيهما بعد الطريق نحو المناعة المجتمعية، حيث لا يزال لبنان في بداية عملية التلقيح.
رسمياً، دخلت البلاد دوامة المتحور الهندي «دلتا» من فيروس كورونا، مع الإعلان أمس عن تسجيل 7 حالاتٍ مصابة بـ«دلتا»، ثلاث منها وافدة وأربع أخرى «محلية». هذا ما أعلنه وزير الصحة العامة، حمد حسن، استناداً للنتائج التي توصلت إليها مختبرات كورونا في الجامعة اللبنانية.
كانت تلك النتيجة منتظرة، مع الانتشار الهائل الذي سجله المتحور في معظم دول العالم، حيث تشير آخر البيانات إلى أنه بات موجوداً في أكثر من 66 دولة، بات اليوم لبنان من ضمنها. أضف إلى ذلك، كانت الأرقام الأخيرة لعداد كورونا اليومي تشير إلى إمكانية وجود المتحور، حتى قبل إعلان النتائج الرسمية، إذ إنه بعد «هدنة» طويلة نسبياً عادت الأرقام ترتفع تدريجاً، ومنها الأرقام الوافدة. والتي سجلت أمس 31 من أصل 210 إصابات. وهو ما كان قد تخوف منه الوزير حسن قبل أيام خلال اجتماعه مع مدراء المستشفيات الحكومية.
إلى ذلك، لن تكون الإصابات السبع هي النهاية... كما لم تكن هي «فاتحة» المتحور في لبنان، فبحسب أستاذ العلوم البيولوجية والمسؤول عن فحوص الـpcr في مطار بيروت الدولي، الدكتور فادي عبد الساتر، فإن هذه النتائج «هي حصيلة فحوص أمس التي بدأناها أمس للمرة الأولى في إطار فحص المتحور دلتا». واستناداً لتلك الفحوص «تم تثبيت 3 حالات وافدة، إضافة إلى 4 حالات تعود نتائج فحوصها الإيجابية (pcr) إلى منتصف شهر حزيران، وكنا قد وضعناها جانباً للتأكد علمياً من المتحور، وقد تأكدنا بالأمس». إلى ذلك، لفتت رئيسة دائرة الترصد الوبائي، الدكتورة ندى غصن في حديثٍ صحافي، إلى أن «الوزارة اتصلت بالمصابين لمعرفة من هم والمختلطين بهم وإجراء الفحوص اللازمة والتأكد من إجراءات الحجر، خصوصاً أنه يتوجب على الوافد الالتزام بالحجر الصحي إلى حين صدور النتيجة».
ماذا بعد ذلك؟ يبدو عبد الساتر أقرب إلى الجزم في ما يخص انتشار متحور دلتا في لبنان، مشيراً إلى أن «العدد المصاب بالمتحور الهندي أكبر من هيك بكتير». واستناداً إلى الفحوص والتجارب العلمية التي يقوم بها والفريق، يلفت عبد الساتر إلى أنه «يمكن القول إن أكثرية الإصابات في لبنان اليوم هي دلتا»، مدللاً على ذلك بالقول إلى أنه من «أصل 55 حالة إيجابية مثبتة الأسبوع الماضي، هناك ما لا يقل عن 49 حالة يبيّن الـprofile الخاص بها أنها إصابات بمتحور دلتا»، ومن المتوقع أن يثبت اليوم نهائياً هذا الأمر من خلال إجراء الفحوص لها. وبالتزامن، يجري عبد الساتر، ابتداء من اليوم فحوصاً لعينات إيجابية تعود تواريخها للأول من حزيران وحتى اللحظة الراهنة «لإعطاء صورة تقريبية عن نسبة انتشار المتحور الهندي في لبنان».
احتمال إعطاء جرعة من لقاح «فايزر» للذين حصلوا على الجرعة الاولى من لقاح «أسترازينيكا»
لا يستغرب عبد الساتر، كما غيره من المعنيين، هذا الأمر ولا يعدّه أيضاً مفاجأة، خصوصاً أن المتحور الهندي «بات اليوم هو الغالب على الإصابات في معظم دول العالم»، لافتاً من الجهة الأخرى إلى التراجع في وجود المتحورات الأخرى من البريطاني إلى البرازيلي وغيره. وهذا ما يجعل الساحة اليوم مفتوحة أمام «الهندي». لكن، ماذا عن النتائج المتوقعة؟ يلفت الأخير إلى أن البلاد اليوم أمام موجة جديدة «فمن المؤكد أن الإصابات سترتفع»، خصوصاً أن نسبة انتشار المتحور الهندي أسرع من غيره من المتحورات.
وفي هذا السياق، يشير رئيس لجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي، إلى أن «معدّل انتشار المتحور الهندي يصل إلى حدود 14 إلى 18 شخصاً تنتقل إليهم العدوى من كل مصاب، وهذا ما يجعله أكثر خطورة من غيره». أما بالنسبة لعداد الوفيات، فهو بحسب عبد الساتر، رهن بسير عملية التلقيح. وإلى الآن، لا تبدو المؤشرات «التلقيحية» مطمئنة، خصوصاً أن الوصول إلى المناعة المجتمعية «لن تكون قبل كانون الأول المقبل»، بحسب عراجي.
لا عودة إلى الوراء. اليوم، بات لبنان أمام تحدٍ جديد، وهذا ما يفرض «نوعية» إجراءات، خصوصاً في ما يتعلق بالقادمين عبر مطار بيروت الدولي، وهو ما أشار إليه الوزير حسن، على أن يكون ذلك بالتوازي مع خطة للتلقيح تعادل سرعة انتشار الفيروس. من هنا، دعا رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا، الدكتور عبد الرحمن البزري، المواطنين «إلى التسجيل عبر المنصة والإسراع في تلقي اللقاح، خصوصاً أن الكميات الواصلة من الآن حتى أيلول وافرة، وتصل إلى حدود مليون و200 ألف من لقاح فايزر، إضافة إلى مجموعة أخرى من اللقاحات». ويجري درس احتمال إعطاء جرعة من لقاح «فايزر» للذين حصلوا على الجرعة الاولى من لقاح «أسترازينيكا»، في حال أظهرت الدراسات أن هذا الخيار يمنح درجة أعلى من المناعة ضد «المتحوّر الهندي».
"البناء": القاضي طارق بيطار يطلق مسار الملاحقات القضائيّة في قضية انفجار مرفأ بيروت
طغى قرار المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق بيطار، على سائر الملفات الداخلية، بعدما وجه استدعاءات لكل من رئيس حكومة تصريف الأعمال، والوزراء السابقين نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، والقادة الأمنيين اللواء طوني صليبا واللواء عباس إبراهيم، والقاضيين مروان كركبي وجاد معلوف، والقائد السابق للجيش جان قهوجي ومدير المخابرات السابق العميد كميل ضاهر، وعدد من الضباط الذين تولوا مسؤوليات سابقة تتصل بالقضية.
قرار القاضي بيطار خلط الأوراق وتسبّب بصدمة سياسيّة وإعلاميّة، ترجمتها حالة الصمت التي سادت أوساط عدد من الذين صدرت بحقهم استدعاءات، من جهة، ومن جهة مقابلة مبادرة بعضهم للإعلان عن استعدادهم للمثول أمام بيطار، كما قال النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بمعزل عن ملف الحصانة، وتوقعت مصادر قانونيّة أن يتم تحريك المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بدعوة أعضائه لقَسَم اليمين أمام الهيئة العامة للمجلس النيابي، خصوصاً أن أعلى ثمانية قضاة رتبة يتقدّمهم رئيس مجلس القضاء الأعلى هم أعضاء حكميّون في المجلس، الذي ينعقد برئاسة أعلى القضاة رتبة، أي رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي سيترأس المجلس العدلي المعني بمحاكمة الذين يتهمهم المحقق العدلي بعد نهاية التحقيق، وفقاً لنص القرار الاتهامي الذي يصدره، وقالت المصادر إن توزيع المسؤوليات بين المجلس العدلي ومجلس محاكمة الرؤساء في قضية مطروحة أمام المجلسين بات ضرورياً، للبت بأمر جهة التحقيق وجهة النيابة العامة، مع الذين سيمثلون أمام المجلس الأعلى، وهي محدّدة بنصوص قانون إنشاء المجلس، لكنها غير مكتملة القوام، وتوقعت المصادر أن يسبق السير باستكمال إجراءات تكوين المجلس الأعلى قبل البتّ بطلب رفع الحصانة الموجّه الى مجلس النواب، طالما أن النواب المعنيين يلاحقون بصفتهم الوزارية، وليس بجرائم عادية.
أطلق المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، مسار الملاحقات القضائيّة في هذا الملف بعد الانتهاء من مرحلة الاستماع إلى الشهود، حيث حدّد موعداً لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، كمدّعى عليه في القضية، من دون أن يعلن عن هذا الموعد. ووجّه كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزيّة، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل، وزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجّه كتابين: الأول إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الإذن بملاحقة خليل وزعيتر لكونهما محاميين، والثاني إلى نقابة المحامين في طرابلس، لإعطاء الإذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، وذلك للشروع باستجواب هؤلاء جميعاً بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل وجنحة الإهمال والتقصير.
وفي السياق نفسه، طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا كمدّعى عليه، كما طلب الإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته. ووجّه القاضي بيطار كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية بحسب الصلاحية، طلب فيه إجراء المقتضى القانونيّ في حق قضاة. وشملت قائمة الملاحقات قادة عسكريين وأمنيين سابقين، إذ ادّعى بيطار أيضاً، على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، مدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، العميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، العميد السابق في المخابرات جودت عويدات.
وأصدر البيطار قراراً بتخلية سبيل الرائد في الأمن العام داود فياض والمهندسة نايلة الحاج المسؤولة في الشركة المتعهّدة لأعمال صيانة العنبر رقم 12 في حرم المرفأ. وقد حدّد بيطار تاريخ “استجواب المدعى عليهم بعد 10 أيام وسيتم تبليغهم بالمواعيد كي لا يكون هناك أية مماطلة فيما خصّ رفع الحصانة”.
وأوضح وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي في حديث تلفزيوني أنه بما أن طلب المحقق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار لملاحقة اللواء عباس إبراهيم راعى كل الأصول القانونية “لا يمكنني إلا أن أعطي إذن الملاحقة احتراماً للقانون”.
"اللواء": تحقيقات المرفأ تقتحم الحصانات: الإختبار الصعب!
قلب المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، مسار الملاحقات القضائية في هذا الملف بعد الانتهاء من مرحلة الاستماع إلى الشهود، وباشر استدعاء كبار المسؤولين حيث حدد موعداً لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، كمدّعى عليه في القضية، من دون أن يعلن عن هذا الموعد. ووجّه كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل، وزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجّه كتابين: الأول إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الاذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، والثاني إلى نقابة المحامين في طرابلس، لإعطاء الاذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، وذلك للشروع باستجواب هؤلاء جميعاً بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل وجنحة الإهمال والتقصير.
وفي السياق نفسه، طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا كمدّعى عليه، كما طلب الإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته. وقد اعطى الوزير فهمي الاذن بملاحقته. لكن الوزير زعيتر اعلن انه لم يتلق بعد اي اشارة او طلب للمثول امام القاضي بيطار، كما لم يصل الى المجلس النيابي أي طلب برفع الحصانة وعندما نتبلغ رسمياً نعلن موقفنا.
ووجّه القاضي بيطار كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية بحسب الصلاحية، طلب فيه إجراء المقتضى القانوني في حق قضاة. وشملت قائمة الملاحقات قادة عسكريين وأمنيين سابقين، إذ ادّعى بيطار أيضا، على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، ومدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، والعميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، والعميد السابق في المخابرات جودت عويدات.
وأصدر البيطار قرارا بتخلية سبيل الرائد في الأمن العام داود فياض، والمهندسة نايلة الحاج المسؤولة في الشركة المتعهدة لأعمال صيانة العنبر رقم 12 في حرم المرفأ.
وسألت «اللواء» نقيب المحامين ملحم خلف عن تأثيرات إجراءات القاضي بيطار على مسار القضية، فقال: «نحن كنقابة لدينا مكتب ادعاء يتابع القضية، ولكن قبل ان نتبلغ شيئاً رسمياً لا نستطيع ان نعطي راياً أو موقفاً، فهناك مسار قضائي ولا يجوز الاستنتاج في هذه المسألة».
وفي ما خص ملاحقة وزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس، أعلن نقيب اطباء الشمال محمد المراد أن مجلس النقابة سيعقد اجتماعاً لبحث اعطاء إذن ملاحقة الوزير السابق، مع العلم أن المهلة هي شهر لاتخاذ القرار الحاسم.
والخطوة هذه، سبق ان اقدم عليها المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان الذي ادعى على الرئيس دياب والوزراء خليل وزعيتر وفنيانوس، ولكن محكمة التمييز الجزائية في لبنان كفّت يد صوان عن متابعة النظر بالقضية، بعد مراجعة تقدم بها النائبان خليل وزعيتر امام محكمة التمييز الجزائية بحجة الارتياب المشروع.
وأبدى النائبان عن حركة امل (كتلة التنمية والتحرير) علي حسن خليل وغازي زعيتر استعدادهما، وقبل صدور الإذن من مجلس النواب للحضور أمام المحقق العدلي لاجراء اللازم وللمساعدة في الوصول للحقيقة وتحديد المسؤولية في الجريمة.
إذا، هذه الخطوة الجديدة، التي أتت بعد اكثر من اربعة اشهر من تنحي صوان، وتحقيقات وقرارات القاضي بيطار، كسرت طوق الحمايات، ولاقت ارتياحاً لدى اهالي الضحايا والحراك الشعبي، بانتظار الاجراءات المصيرية لمعرفة ما يحصل، لجهة أذونات الاستجوابات للمدعى عليهم، فضلاً عن اعطاء برفع الحصانة عن النواب خليل وزعيتر والمشنوق.
لا خطوات جديدة
حكومياً، أفادت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» ان ما من خطوات جديدة في المشهد الحكومي، وهناك اكثر من انكفاء مرده الى عدد من الاسباب، غير ان المصادر ابدت تخوفاً من اطالة المماطلة في الظروف الراهنة على انه من المؤكد ان لا مؤشرات تبعث بتفاؤل خجول حتى، مشيرة الى ان الملف كله مرتبط بخطوة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي لم يصدر عنه اي اشارة بعد.
وقالت هذه المصادر ان ما يحكى عن كلام ورد الى المعنيين حول اطالة لأمد تصريف الأعمال فان ذلك ضمن التوقعات المطروحة في حال تم الاعتذار وعدم ايجاد شخصية تكلف كما في حالات اخرى لافتة الى انه في كل الاحوال فان بقاء هذه الحكومة قد يحتم عليها التفكير بكيفية ادارة الازمة الراهنة وإلا فان الى مزيد من التأزم مع العلم انها غير قادرة على القيام بشيء وبعض الوزراء باتوا غائبين عن التصريف مع استثناء اخرين يمارسون مهامهم على اكمل وجه.
بينما غابت التحركات والاتصالات السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة عن المسرح بشكل شبه نهائي هذا الاسبوع بعد توقف لافت لوساطة حزب الله مع رئيس التيارالوطني الحرالنائب جبران باسيل، الذي ابدى عدم تجاوبه مع مساعي الحزب الداعمة لتنفيذ مبادرة الرئيس نبيه بري واعتراضه على جوانب مهمة فيها،ولم يبادر الحزب بعد ماتبلغه بهذا الخصوص، القيام بأية خطوة لاحقة تعبر عن ردة فعله او ما يمكن أن يقوم به لاحقا لاستكمال مساعيه. تترقب الاوساط المتابعة لملف تشكيل الحكومة، ماسيحمله البطريرك الماروني بشارة الراعي في جعبته من الفاتيكان لدى عودته اليوم الى بيروت. وتوقعت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان يطرح البطريرك الراعي في عظته يوم غد الاحد النقاط الاساسية للتحركات التي سيجريها مع القيادات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، استنادا لفحوى ما سمعه من البابا، وكيفية ترجمة هذه التوجهات الى وقائع ملموسة، تتكلل بحلحلة عقدة تشكيل الحكومة والانتقال فيما بعد للمباشرة بتنفيذ حل الأزمة المتعددة الاوجه التي يواجهها لبنان حالياً.
وفي مجال حكومي متصل، تخدثت مصادر دبلوماسية واخرى محلية لبنانية قريبة من اجواء «الثنائي الشيعي» أن ما حصل في طرابلس ليس امراً بسيطاً وعابراً، بل ربما مقدمة للذهاب الى حكومة عسكرية، باعتبار ان الاليزيه بالتنسيق مع الجانب الاميركي يفتح الباب امام قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي قام بزيارة ذات دلالة الى الشمال امس، لتشكيل سيناريو غير صدامي مع حزب الله لإمساك الجيش بالوضع في المرحلة الفاصلة عن اجراء الانتخابات النيابية.
وكشفت المصادر الدبلوماسية انه جرى التوافق خلال اللقاء الثلاثي بين وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن والفرنسي جون ايف لودريان والسعودي فيصل بن فرحان على ضرورة الضغط على السياسيين اللبنانيين للسير بحكومة تلتزم الخيارات الدولية، ومع استبعاد امكانية اتفاق العهد مع الحريري او غيره على تشكيل حكومة كهذه، فان لبنان وفقا للمصادر امام خيارين لا ثالث لهما «الحكومة العسكرية لتغيير الستاتيكو السياسي القائم او الفوضى».
وفي إطار جولة خارجية قادمة إلى مصر، حيث يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للتباحث في الوضع في لبنان والأسباب التي حالت دون تأليف حكومة حتى تاريخه، والمخارج الممكنة، ومن بينها احتمال الاعتذار..
وجددت السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا، في الاحتفال لمناسبة ذكرى استقلال بلادها الدعوة لأن يشهد العالم المقبل خطوات مسؤولة لإخراج لبنان من أزماته..
"الجمهورية": تحذيرات .. وطلب رفع حصانات
الأجواء الداخلية باتت مغطّاة بسحابة كثيفة من الأسئلة عما يُحَضّر للبنان في هذه المرحلة وإلى أين سيُقاد؟
كأنّه مكتوب على هذا البلد أن ينتقل من أزمة إلى أزمة أشد وطأة من سابقتها؛ وسلطة الإفلاس مستوطنة أبراجها عاطلة عن المسؤولية؛ لا ترى ولا تسمع ولا تفعل، تنشر العتمة في الأرجاء وتطفىء كل بارقة نور تؤشّر الى انفراج... أما المواطن اللبناني، فصار يتيمَ سلطة ترعاه وتحميه، صار للجوع والوجع عنواناً، صارت طوابير الإذلال بيته، ويومياته التسوّل لرزقه وقوت أبنائه وعائلته ودوائه ومدّخراته المسروقة. وهكذا وبكلّ وقاحة وفجور، تمضي السلطة في جريمتها بدم بارد حتى تقضي على آخر لبناني.
سيناريوهات وتحذيرات
الحديث يتزايد في كلّ الأوساط وعلى كلّ المستويات عن احتمالات وسيناريوهات خبيثة ومخيفة، بات لبنان على قاب قوسين او أدنى من أن يسقط فيها. تعزّزه مراسلات سرية تَرد من الداخل والخارج الى مستويات مسؤولة، على شكل تقارير أمنية، او ديبلوماسية، تتقاطع عند التحذير من افتعالات تفجيريّة سياسياً واقتصادياً ومالياً وعلى مستوى الأمن في الشارع.
في موازاة هذه الصورة المقلقة، تتبدّى حال من الارباك وانعدام الرؤية لدى كلّ المستويات، وخصوصاً لدى منظومة الإفلاس السياسي والتفليس المالي القابضة على الدولة والقرار.
أياد خفيّة!
الطافي على السطح الداخلي، عجزٌ عام عن فهم ما يجري، وما يُحَضّر لبلد يدور حول نفسه منذ أشهر طويلة. كأنّ «الأيادي الخفيّة» من الداخل او من الخارج تعبث بالبلد وأمنه واستقراره، وتستثمر على ملهاة الطبقة الحاكمة وحربها المفتوحة على بعضها البعض على حلبة التأليف وصراع الشريكين فيه الذي لا ينتهي، ولا يبدو أنه سينتهي، وعلى نار الأزمات المشتعلة اقتصادياً ومعيشياً ومالياً، وعلى إذلال المواطنين امام محطات المحروقات، وعلى الناعقين على الشاشات، بالشرّ الكبير والكارثة الكبرى التي لم تأتِ بعد!
مرجع يحذّر
وفي الوقت الذي ظلّ فيه الوضع في طرابلس في دائرة الحذر، سجّل إشكال وظهور مسلح في منطقة عكار العتقية.
وفي هذا السياق، قال مرجع أمني لـ»الجمهورية»: «إنّ الوضع في لبنان على جانب كبير من الخطورة»، كاشفاً عن «رصد تحرّكات مشبوهة ومحاولات للتخريب والإخلال بالأمن». وقال: «نشعر بقلق جدّي، فالوضع يتطلّب أعلى درجة من الإنتباه».
وأكد «أنّ الأمن خط أحمر، والأجهزة الأمنية والعسكريّة تقوم بواجباتها لحمايته، وهي في أعلى درجات اليقظة والجهوزية والتنسيق بين بعضها البعض، لإحباط أيّ محاولة للعبث في أمن البلد واستقراره، وهي لن تسمح لأيّ كان بأن يستغلّ وجع الناس لتخريب البلد.
قائد الجيش
وبالتوازي مع تأكيد المرجع الامني بأنّ الوضع في طرابلس دقيق، سجّل حضور لقائد الجيش العماد جوزف عون في المدينة في زيارة تفقدية، طمأنَ فيها الطرابلسيين، وتوجّه إليهم بكلمة من ثكنة بهجت غانم في القبة، قائلاً: «لأهلنا في الفيحاء العريقة، نحن منكم ووجعكم وجعنا، وأمنكم أمانة في أعناقنا واستقرار المدينة مسوؤليتنا جميعاً». وتابع: «من غير المسموح لأيّ كان المَسّ بأمن مدينة طرابلس، ولا تساهل أو تهاون مع مَن يعبث بالاستقرار كائناً مَن كان».
لا جديد حكوميّاً
على أنّ هذه المخاطر التي تتهدّد البلد، لا يبدو أنها ستحرّك سلطة الإفلاس في الاتجاه الذي يبدّد هواجس الناس ومخاوفهم. قداسة البابا فرنسيس أطلق صلاة من أجل لبنان وتضرّع الى الله لإنقاذه وعبّر عن قلقه البالغ على مصيره، وكل العالم يقول إنّ أولى خطوات خروج لبنان من أزمته تتمثّل في التعجيل بتشكيل حكومة، فيما السلطة تتحدّى كلّ العالم وتدوس ما يريده اللبنانيون، بإصرارها على أن يبقى هذا البلد مسكوناً بشبح التعطيل وبإرادة هدم الدولة ومؤسساتها والإبادة الجماعية لكلّ الشعب اللبناني.
كل تلك النداءات وحتى التوسّلات الخارجية، لم تتمكّن من ثَني معطّلي الحلّ في لبنان عن مسارهم القاتل للبلد وأهله، وحَملهم على حَرف هذا المسار في الاتجاه الذي يفتح الأفق المسدود ويكسر جريمة التعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومة، وكل يوم يمضي يوسّع المسافة الفاصلة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف، ويعمّق الخلاف بينهما أكثر.
صدمة
في هذا السياق، يؤكّد مرجع مسؤول لـ»الجمهورية» انه لا يرى أملاً لتفاهم او اتفاق بين الشريكين اللدودين عون والحريري على تشكيل حكومة، فكلاهما أخرجا كل ما يُضمرانه تجاه بعضهما البعض، والعلاقة التي تفسّخت بينهما لا تنفع معها تمنيات، بل انّ ذلك صار يتطلّب «صدمة» تفرض عليهما التفاهم. وما زلت أرى أملاً من الاجتماع الاخير بين وزراء خارجية الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية، ليؤسّس لمثل هذه الصدمة».
ورداً على سؤال عمّا يحكى عن أنّ الرئيس المكلف قد حسم خياره بالاعتذار عن عدم تأليف الحكومة، قال المرجع: أولاً، الرئيس الحريري أعلن أنه ملتزم بالمبادرة الفرنسية وبمبادرة الرئيس نبيه بري اللتين تؤكدان تشكيل حكومة برئاسته. وثانياً، لم يصدر عن الرئيس المكلف أي كلام مباشر من هذا النوع، فكل ما يُقال في هذا الاطار ليس سوى تحليلات وسيناريوهات تطلق من هنا وهناك وتقول انّ الرئيس المكلف قرر الاعتذار. لا اعتقد أنّ الرئيس المكلف أعطى سرّه لهؤلاء، بعض هذه التحليلات قد تكون بريئة وناتجة عن قراءة خاطئة لموقف الرئيس المكلف، ولكن في المقابل انا على يقين من أنّ هناك من يتعمّد الترويج لاعتذار الحريري عبر بعض المحسوبين عليه، بقصد استفزازه، فربما فعلها واعتذر. في الخلاصة، طالما انّ الحريري لم ينطق بالاعتذار فكل الكلام الذي يُقال حوله لا قيمة له على الاطلاق.
الخارجية الاميركية
وفي موازاة تعويل المرجع المسؤول على اجتماع وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن ووزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان ووزير الخارجية السعودية فيصل بن قحطان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إنّ المجتمع الدولي كان واضحاً في أنّ الإجراءات الملموسة تظل حاسمة من أجل إطلاق الدعم الهيكلي الطويل الأمد للبنان. وكل ذلك تمّت مناقشته في الاجتماع الثلاثي الذي جمع الوزير بلينكن ونظيريه الفرنسي والسعودي.
وأكد برايس «أنّ هناك مصلحة دولية مشتركة في تحقيق الاستقرار في لبنان، وتقديم الإغاثة الإنسانية للشعب اللبناني، وتأمين الحكومة التي يستحقها اللبنانيون، حكومة تخدم مصالحهم».