لبنان
لبنان أمام رفع تدريجي للدعم وتنبيهٌ من نفاد مخزون البنزين والمازوت هذا الأسبوع
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم، على الوضع الإقتصادي المتدهور بدءًا من رفع التدريجي للدعم والبطاقة التمولية، كما سلّطت الضوء على المراوحة في الملف الحكومي، فيما لايزال مؤتمر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يلقى صداه في الأوساط السياسية.
كذلك تناولت الصحف قضايا السلع المدعومة من جوانب مختلفة، انطلاقاً من رفع سعر ربطة الخبز إلى الحديث عن فقدان مادة البنزين الاسبوع المقبل والتوجه لرفع الدعم عنه، وتهريب الأموال إلى دول أوروبية.
الأخبار: الدولة تستبدل الدعم بـ 93 دولاراً للأسرة
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنه لا صلة لما يجري في البلاد، منذ عام 2019 حتى اليوم، بما يُسمّى زوراً «فشل السلطة». «السلطة»، بأجنحتها السياسية والتشريعية والمصرفية مدعومة من السلطة الدينية والغالبية العظمى من وسائل الإعلام تُدرك تماماً ما تفعله، وتنجح في تحقيقه. هي ببساطة تدافع عن امتيازاتها، وترفض أن تدفع جزءاً ولو يسيراً من الخسائر التي لحقت بالاقتصاد والناس.
واستدلت الصحيفة بذلك من خلال المفارقة الكبرى التي ظهرت أمس: فيما كانت لجنة نيابية تبحث في منح جزء من العائلات الفقيرة بطاقة تمويلية تحوي كل منها على ما متوسطه 93 دولاراً شهرياً كـ«تعويض» ضحل عن رفع الدعم عن الدواء والوقود، كشف المصرف المركزي السويسري أن مصارف سويسرا تلقّت عام 2020 ودائع إضافية من لبنان بلغت 2.6 مليار دولار، ليصبح مجموع ودائع اللبنانيين في المصارف السويسرية أكثر من 7 مليارات دولار.
وأضافت الصحيفة أن المنعطف الجديد اسمه رفع الدعم، وبحث إقرار «بطاقة تمويلية»، تُمنح لجزء من العائلات اللبنانية، لإعانتها على مواجهة تبعات قرار خفض دعم استيراد البنزين والمازوت والغاز والأدوية، بنسب متفاوتة.
وبعد أكثر من سنة و8 أشهر على بدء ظهور نتائج الانهيار، وبعد تأليف الكثير من اللجان، وجلسات وزارية ونيابية ومصرفية، أنهت اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة، أمس، عملها بشأن «البطاقة» التي تُقدّم بصفتها منقذةً للبنانيين من تبعات إلغاء الدعم أو خفضه أو ما يُسمّى «ترشيده».
ونيابة عن السلطة، اقترحت اللجنة الآتي:
- العائلات الأكثر فقراً، التي تستفيد من قرض البنك الدولي الذي لم يبدأ توزيعه بعد، ستُمنح ما قرره لها البنك الدولي. بوضوح أكثر، اللبنانيون القابعون في حالة فقر مدقع، وكانوا قبل الانهيار يقفون على حافة الجوع، لن تلتفت إليهم السلطة، بل قررت ترك أمرهم إلى قرض من البنك الدولي يمنحهم عشرات الدولارات شهرياً.
- باقي العائلات التي «تستحقّ دعماً»، والتي لم يُعرف عددها بعد، ستُمنح شهرياً ما معدّله 93 دولاراً أميركياً للعائلة الواحدة.
- كل عائلة يملك أحد أفرادها حساباً مصرفياً يفوق الألف دولار ويقلّ عن الخمسين ألف دولار، لن تحصل على أي دعم. سيُقَر قانون يُلزم المصارف بدفع مبلغ 100 دولار شهرياً (مئة دولار أميركي فقط لا غير)، لتلك العائلة، من وديعتها. بوضوح أكثر، فإن أي فرد جمع ألف دولار على مدى سنوات، وكان حظه عاثراً إلى درجة إيداع «ثروته» في مصرف، سيكون محروماً من الدعم، ويُعتبر ماله المحجوز تعويضاً له أقرّته الدولة!
هذه الإجراءات هي كلّ ما ستواجه به السلطة حالة الانهيار التي تحققت، وتلك التي لم تبدأ بعد. كان لديها من الوقت ما يكفي لإقرار خطة نقل عام، تسمح بخفض كلفة استيراد المحروقات، كما تتيح للسكان التنقل من دون استخدام سياراتهم... وكان لديها ما يكفي لعقد اتفاقيات من دولة إلى دولة لاستيراد الغاز المنزلي بأسعار معقولة... وكان لديها من الوقت ما يكفي لعقد اتفاقيات استيراد الأدوية بأسعار «منطقية»... وكان لديها ما يكفي من الوقت لوضع خطة تحفيز للاقتصاد ودعم التصنيع المحلي وإعادة إطلاق العمل المصرفي بما يخدم الاقتصاد... وكان في النهاية يمكنها دفع مبالغ مالية مجزية للعائلات اللبنانية، لدعمها على تحمّل تبعات الانهيار، قبل تبعات رفع الدعم... كان يمكنها فعل الكثير في سنة و8 أشهر، لكنها فضّلت إهدار كل ذلك الوقت، لفتح الباب واسعاً أمام تهريب الأموال إلى الخارج، وتحميل عموم السكان الجزء الأكبر من الخسائر، بدلاً من أن يتحمّل الجزء الأكبر منها أولئك الذين تمنحهم ثرواتهم القدرة على دفع بدل الخسائر من دون أن يُسحقوا.
ثمة مفارقة إضافية تُضاف إلى ثنائية الـ«93 دولاراً للعائلة اللبنانية في مقابل 2.6 مليار دولار مهرّبة إلى سويسرا وحدها، في عام 2020 وحده». المفارقة الإضافية أن اللجنة النيابية، ونيابة عن عموم السلطة، قررت تمويل جزء من كلفة البطاقة المقترحة، عبر استخدام قرض من البنك الدولي مخصص لمشروع النقل السريع. مشروع للنقل العام، يربط العاصمة بالمناطق، بواسطة باصات سريعة، يخفض كلفة استيراد البنزين وكلفة التنقل التي يدفعها السكان. وبدلاً من الإسراع في تنفيذه، قررت السلطة دفنه واستخدام أمواله كـ«إبرة بنج» مؤقتة بعد إلغاء الدعم، وترك السكان ليستمروا بخدمة ثروات مافيا المحروقات.
هذا ومرّت نصف المهلة التي ينص عليها قانون تعليق أحكام السرية المصرفية في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، من دون أن يبدأ التدقيق. مفاوضات لا تنتهي تجري على خطوط متعددة، تشمل وزارة المالية وشركة «ألفاريز ومارسال» ومصرف لبنان، بمتابعة لصيقة من رئاسة الجمهورية.
المماطلة فصل أساسي من هذه المفاوضات، لكنها صارت معتادة لكل من يعمل على الملف. ثمة جهات ترفض التدقيق من أساسه، ولا تيأس من وضع الألغام في طريقه. مصرف لبنان في طليعتها، هو الذي رفض تسليم المعلومات المطلوبة بحجج مختلفة، لكن ذلك لا يعفي معظم من أقرّوا القانون في مجلس النواب من السعي للالتفاف عليه.
مع ذلك، فإن هذه العقبات نُحّيت جانباً حالياً، وصار التركيز على السعي إلى إعادة إحياء العقد الموقّع معها. وزير المالية، غازي وزني، يرفض تحمّل المسؤولية عن أي قرار يتعلق بالتدقيق، وهو لذلك يطلب تكراراً موافقة رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية على كل خطوة.
وبعدما حصل على موافقة استثنائية لتفويضه التفاوض مع شركة التدقيق على التعديلات المقترحة من قبلها، ونتيجةً لهذا التفاوض، أصرّت الشركة على الخطوات التالية:
- أن تدفع الدولة اللبنانية 150 ألف دولار أميركي بدل إنهاء العقد السابق الموقّع في 31 آب 2020.
- أن تدفع الدولة 100 ألف دولار تحتفظ بها الشركة لضمان تنفيذ العقد.
- تدفع الدولة كامل قيمة العقد، أي 2 مليون و740 ألف دولار بدل أتعاب ومصاريف عند توقيع العقد بما فيها المئة ألف دولار.
- تأكيد مصرف لبنان جاهزية المعلومات المطلوبة منه من قبل الشركة بموجب قائمة المعلومات (IRL) وبالشكل المتفق عليه.
- أن تقدم الشركة تقريرها الأولي في غضون 12 أسبوعاً من تاريخ بداية تقديم الخدمات.
لكن وزير المالية لم يبتّ هذه المطالب، لأن العقد سبق أن أحيل على هيئة التشريع والاستشارات، فقد طلب منه إعادة تحويل العقد الجديد إليها، لأخذ رأيها، علماً بأن مصادر مطّلعة كانت أشارت إلى أن وزير المالية سيطلب موافقة استثنائية جديدة على العقد، لما يتضمنه من التزام مالي ليس بصدد تحمّل مسؤوليته منفرداً، علماً بأنه كان أشار في كتابه الموجه إلى الهيئة، في 9 حزيران الجاري، والذي يطلب فيه رأيها في التعديلات تمهيداً لإبرام العقد، أن رئاسة الجمهورية وافقت على هذه التعديلات، فيما طلبت رئاسة مجلس الوزراء إرسال الملف إلى الهيئة لإبداء رأيها.
وأنجزت رئيسة هيئة الاستشارات القاضية جويل فواز الاستشارة، وحوّلتها إلى وزارة المالية في 14 حزيران، مركّزة على عدم جواز دفع قيمة العقد مسبقاً.
فقد استغربت الهيئة كيف تلجأ شركة، مطلق أي شركة، إلى أن تفرض على الدولة أن تسدد لها كامل أتعابها قبل قيامها بالمهمة المطلوبة منها، والتي يراد التعاقد معها لإتمامها. لذلك، أوضحت الهيئة أنها لا توافق على هذا التعديل، مقترحة أن يصار إلى دفع نسبة من الأتعاب عند اتخاذ قرار بدء العمل (بعد تسليم مصرف لبنان كل المعلومات) لا تتجاوز بأحسن الأحوال نسبة 40 في المئة التي كان متفقاً عليها في العقد الأساسي، ولا سيما أن الشركة تكون قد حصلت مسبقاً، وقبل أن تبدأ بمراجعة المستندات والمعلومات المسلّمة إليها من مصرف لبنان، على 100 ألف دولار، يحق لها الاحتفاظ بها في حال إنهائها الاتفاق إذا لم تتمكن من اتخاذ قرار بدء العمل، لعلّة تسليمها المعلومات المطلوبة بشكل غير ملائم.
الديار: الازمة تستعر: رفع سعر ربطة الخبز والبنزين ينفد نهاية الاسبوع
بدورها، أشارت صحيفة الديار إلى أنه كما كان متوقعا، تتسارع مراحل الانهيار الكبير ما يقرب اللبنانيين اكثر من اي وقت مضى من الارتطام.. كل ذلك في وقت تواصل القوى الحاكمة سياسة النكد والنكايات غير آبهة بمصير البلاد والعباد، وآخر المستجدات على هذا الصعيد اعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري صراحة ان لا حكومة ولا اعتذار، اضافة لاصرار رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على قيام حكومته بالحد الادنى من واجباتها رغم الظروف الاكثر من استثنائية التي تمر بها البلاد، ما يثير غضبا عارما شعبيا وسياسيا.
وبحسب الصحيفة، فإن مؤشرين يؤكدان أن مستوى الانهيار بلغ مستويات غير مسبوقة، اولهما تنبيه المعنيين من نفاد مخزون البنزين والمازوت نهاية الاسبوع، والثاني رفع سعر ربطة الخبز ليبلغ ٣٠٠٠ ليرة.
حذر أمين سر نقابة موزعي المحروقات في لبنان، حسونة غصن يوم أمس من «نفاد مخزون المحروقات في لبنان»، لافتاً إلى أنه «اعتبارا من اليوم (أمس الثلاثاء) ستتضخم أزمة البنزين بلبنان، في وقت كان يفترض به السير بخطة وزير الطاقة ريمون غجر برفع اعتماد شراء المحروقات من دولار 1500 إلى دولار 3900 حسب الاتفاق الذي تم مع حاكم مصرف لبنان ، وإلا سنكون أمام رفع الاعتمادات ونفاد المخزون». وناشد غصن، في بيان، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب «الطلب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حل المشكلة».
هذا ورفعت وزارة الاقتصاد والتجارة في الساعات الماضية، سعر ربطة الخبز، وأصدرت الوزارة الجدول الأسبوعي لسعر مبيع دقيق القمح، موضحةً فيه أن هذا الارتفاع أتى نتيجة «توقف مصرف لبنان عن دعم مادة السكر في الأسواق اللبنانية، واستناداً إلى سعر القمح في البورصة العالمية، وإلى سعر صرف الدولار، واستناداً إلى سعر المحروقات، ونظراً للظروف الاقتصادية الضاغطة والقدرة الشرائية المنخفضة التي يعاني منها المواطنون».
وتناولت الصحيفة ما كشفه امس موقع «فاي نيوز» السويسري، عن أن «العملاء اللبنانيين جمعوا أموالاً في سويسرا أكثر من أي وقت مضى العام الماضي، ويأتي ذلك على خلفية التحقيقات الفرنسية والسويسرية في المخالفات المحتملة في المصرف المركزي اللبناني».
وكشفت بيانات «البنك الوطني السويسري»، بحسب الموقع، أن «أزمة البلاد تسببت في هروب رؤوس الأموال إلى سويسرا. حيث ارتفعت الأموال المودعة في سويسرا نيابة عن العملاء اللبنانيين في عام 2020 بنحو الثلثين، أو 2.5 مليار فرنك سويسري أي 2.7 مليار دولار ، لتصل إلى 6.46 مليار فرنك»، مؤكدةً أن «هذا يمثل أعلى مبلغ منذ أن بدأ البنك الوطني السويسري في إصدار البيانات في عام 1996».
حكومياً بقي التأزم سيد الموقف، فالمواقف التي اطلقها بري اخيرا معلنا فيها ان لا مؤشرات على تشكيل قريب للحكومة ولا اعتذار للحريري، اكدت ان لا وجود لاي افق حل، بل بالعكس الامور تتجه للمزيد من التصعيد.
ولفت ما قالته مصادر نيابية في «المستقبل» لـ «الديار» عن ان «الرئيس بري بموقفه هذا يحرج الرئيس الحريري الذي حسم امره بالاعتذار لكنه بات مترددا كي لا يبدو وكأنه يعاند رئيس البرلمان الذي يقف جنبه وحيدا والذي يشكل الداعم الاول والابرز له».
واضافت المصادر «الرئيس الحريري بات على يقين بأن لا امكانية لتحقيق اي خرق في ظل المعطيات الراهنة ولا يريد ان يكون في صدارة الصورة عند حصول الارتطام، اضف انه بات مقتنعا انه حتى لو شكل الحكومة في الظروف الراهنة فلن يتمكن من تحقيق الاهداف التي كان قد وضعها حين قبل تكليفه قبل ٨ اشهر.. اليوم كل شيء تغير والافضل ان نتنحى بانتظار مرور العاصفة».
وفي المقابل، لا يبدو ان رئيس الجمهورية و «التيار الوطني الحر» سينتظران طويلا قبل «الانتفاضة» خاصة انهما وبحسب مصادرهما لا يتوقعان جوابا شافيا وحاسما على ما كان قد تقدم به النائب جبران باسيل لجهة طلب مبادرة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بالملف الحكومي. وتقول المصادر لـ «الديار»: «مبادرة الرئيس بري اصبحت من الماضي ويبدو واضحا انه يصر على المكابرة كما ان حزب الله لن يقلب الطاولة بوجه حليفه الشيعي، لذلك سيكون علينا ان نلعب ما تبقى من اوراق بين ايدينا لاننا لن نقبل بأن نتفرج على انهيار الدولة من دون ان نحرك ساكنا»، مؤكدة ان اللبنانيين سيكونون على موعد مع خطوات جديدة قريبا جدا.
البناء: حزب الله يستكشف «تنازلات باسيل الحكوميّة» لمطابقتها مع مبادرة برّي قبل بحث منح الثقة
من جهتها، لفتت صحيفة "البناء" إلى مواصلة حزب الله التحرّك نحو تثبيت التهدئة السياسية والإعلامية، فيما عقد قادة الحزب أكثر من اجتماع مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بعد كلمته الأخيرة، في محاولة لفصل ما يمثل مواقف صالحة للنقاش المستقبلي حول صيغة النظام السياسي، وما يتصل بالتشكيلة الحكومية وعروضه الخاصة لحل عقدها، واستكشاف دقة ما وصفه بالتنازلات، ومقارنته بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، خصوصاً بعدما قال إنه موافق على أن يشارك الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية في اختيار الوزيرين المسيحيين موضع الخلاف، على أن يجري الفصل بين تصور تشكيل الحكومة وبين قضية منح الثقة بها من قبل نواب التيار، التي تعتقد مصادر معنيّة بالملف الحكومي ان باسيل وضعها في عهدة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، على قاعدة نقبل ما تقبله لنفسك، والتي يمكن البحث بعد حسم أمر قواعد تشكيل الحكومة بكيفية حلها، باعتبارها شأناً قابلاً للتداول بالتكافل والتضامن بين الحليفين، من خلال الحصول على تأكيدات يضمنها حزب الله للتيار بالتزام الحكومة ورئيسها ببعض البنود الإصلاحيّة التي تمثل خطوطاً حمراء بالنسبة للتيار ورئيسه ورئيس الجمهورية.
وتتجه الأنظار إلى قصر بعبدا الذي يعد العدّة لمرحلة جديدة من المواجهة بحسب ما يسوق نواب التيار الوطني الحر، وذلك عبر مجموعة من الخطوات يعتزم رئيس الجمهورية طرحها في التداول. لكنه ينتظر ردّ حزب الله على مبادرة النائب جبران باسيل الذي وضع الملف الحكومي في عهدة السيد حسن نصرالله.
النهار: تحت وطأة الاختناقات والرفع التسلسلي للدعم
أما صحيفة "النهار" فكتبت "تعود الدوامة الجهنمية إياها لتطبق حصارها الخانق على اللبنانيين وسط فكي كماشة الانسداد السياسي التام وتفاقم الازمات الحياتية على اختلافها. ما بدأ يتصاعد بقوة جارفة من أزمات الخدمات والغلاء وفقدان مواد حيوية وأساسية بدءاً بالأدوية بلوغاً الى المحروقات مجدداً وحتى الخبز والبن، وينذر بكثير من الاخطار الاجتماعية في حين تضغط هذه الازمات او يجري توظيفها للضغط لتطيير الدعم للمواد الاستراتيجية وسط مراوحة قاتلة في إقرار البطاقة التمويلية التي يفترض ان تخفف الوطأة الثقيلة لتفلت الأسعار بعد رفع الدعم".
فليس خافياً ان الكثير من الجهات المعنية بدأت تكشف معطيات بالغة الجدية والخطورة حيال الاتجاهات التي قد تسلكها الأمور في الأسابيع المقبلة اذا مضت دوامة الإفلاس السياسي والعجز التام عن اجتراح مخرج للازمة الحكومية المستعصية على الحل بعدما جرى تباعاً اسقاط الوساطات والمبادرات الداخلية والخارجية المتعاقبة. ولم يكن التفاقم الواسع الذي طبع تلاحق الازمات الخدماتية والمعيشية والمالية في الأيام الأخيرة سوى انعكاس للتدهور السياسي الحاد الذي عاد يطبق على الازمة الحكومية، الأمر الذي فتح الأبواب على مصاريعها امام تفاقم الازمات في معظم القطاعات الخدماتية والاجتماعية واثار ذلك الخشية الكبيرة من ان تكون حقبة جديدة من التراجعات البالغة الخطورة قد بدأت مع شيوع الانطباعات المتشائمة حول استحالة التوصل الى حل يفتح الباب امام تشكيل حكومة انقاذية.
ولم تكن هذه الانطباعات في حاجة الى اثبات ما دامت كل الجهود المبذولة لإحداث خرق في الازمة الحكومية منيت بإخفاق مدو عقب تجميد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري على يد رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. واذا كانت حركة التواصل ما بين "حزب الله" وباسيل استعادت زخمها امس تلبية لدعوة باسيل السيد حسن نصرالله لمعالجة الازمة.
واحتل المشهد الداخلي عوارض تدهور متسع غير مسبوق لاشتداد الازمات المعيشية في كل الاتجاهات. وكان أسوأ نذر الزلزال الخدماتي المتفاقم ما أُعلِن امس من أنه مع نهاية هذا الاسبوع سيكون لبنان أمام أزمة نفاد مادتي المازوت والبنزين. ووسط عودة ازمة الاختناقات امام محطات المحروقات افادت المعطيات النفطية المعنية أنه لم يحدد بعد موعد لفتح مصفاتي طرابلس والزهراني لتسليم مادة المازوت لهذا الاسبوع. اما البنزين فإن مصرف لبنان كان فتح اعتمادات لخمس بواخر منذ 15 يوما والكمية التي أفرغت بدأت تنفد من الشركات والمحطات وهذا ناتج عن عدم فتح الاعتمادات بسبب عدم وضع آلية جديدة لكيفية الدعم من خلال منصة 3900 للدولار. ورفعت على نطاق واسع معادلة "إما رفع الدعم وإما لا بنزين في نهاية الأسبوع" في ما اثار الريبة الكبيرة حول مجريات عودة هذه الازمة بهذا الشكل الحاد علما ان ملاحقات قضائية واسعة سجلت امس في بيروت وبعض المناطق بحق عدد من المحطات التي كانت تمتنع عن بيع المادة وثبت انها تحتفظ بمخزونات من البنزين . وتحدثت المعلومات عن ان هناك نقصا بنسبة 60 في المئة في المخزون الحالي من البنزين والذي قد ينفد بحلول الإثنين المقبل على أبعد تقدير.
وفي موازاة ازمة المحروقات برزت ازمة خبز اذ رفعت وزارة الاقتصاد والتجارة اليوم، سعر ربطة الخبز، وأصدرت الوزارة الجدول الأسبوعي لسعر مبيع دقيق القمح، موضحةً فيه أن "هذا الارتفاع أتى نتيجة توقف مصرف لبنان عن دعم مادة السكر في الأسواق اللبنانية، واستناداً إلى سعر القمح في البورصة العالمية، وإلى سعر صرف الدولار، واستناداً إلى سعر المحروقات، ونظراً للظروف الاقتصادية الضاغطة والقدرة الشرائية المنخفضة التي يعاني منها المواطنون".