معركة أولي البأس

لبنان

عودة التهدئة السياسية بعد تراجع الخطاب التصعيدي..الأزمات تتراكم والاتحاد الأوروبي يحث على التأليف 
19/06/2021

عودة التهدئة السياسية بعد تراجع الخطاب التصعيدي..الأزمات تتراكم والاتحاد الأوروبي يحث على التأليف 

ركزت الصحف اللبنانية اليوم على عودة التهدئة إلى خط الرئاستين الأولى والثانية، إلا أنها وبحسب ما أشارت إليه مصادرها استبعدت تشكيل الحكومة في الوقت الحالي، فيما حث الاتحاد الأوروبي على ضرورة تأليف الحكومة لاحتواء الازمة الاقتصادية.

"البناء": عزل الشارع عن التجاذبات وتهدئة الخطاب

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "البناء" عن مصادر تواكب المسار الحكومي والعلاقات السياسية على مثلث بعبدا – بيت الوسط وعين التينة، قولها إن المساعي التي قادها حزب الله نجحت بالتفاهم على عزل الشارع عن التجاذبات عشية يوم الإضراب الذي دعا إليه الاتحاد العمالي العام وأيدته الأطراف الثلاثة، تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وحركة أمل، وأن الدعوات للتهدئة بدأت تظهر في تراجع الخطاب التصعيديّ الذي بلغ أعلى درجات السخونة أول أمس، بينما لا يبدو أن هناك جديداً على المسار السياسيّ حتى لو عادت مبادرة رئيس مجلس النواب الى التداول، وقالت المصادر إن الانفجار السياسي الذي شهده البلد كان نتيجة قناعة رئيس الجمهورية وفريقه أن فرصة اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري كانت قد لاحت، بعد تأكّدها من تلقيه نصيحة من ولي عهد الإمارات محمد بن زايد بعدم التورّط بتشكيل حكومة من دون الرضى الكامل لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهذا غير متوفر، وأن لا مصلحة بالدخول في رهانات تغيير موقف ابن سلمان بفرض أمر واقع قد يتسبب بإغضابه أكثر. وتقول المصادر إن الحريري كان على عتبة الإعلان عن الاعتذار قبل أن يتدخّل بري ويحمّله مسؤولية ما سيحدث بعد ذلك، لأن الاعتذار سيفتح باب الاستشارات وتسمية بديل لرئاسة الحكومة، ولن يكون مقبولاً من الحريري اعتبار الشراكة في ذلك استهدافاً له، فتراجع الحريري عن الاعتذار، وكان وقع الأمر صادماً في بعبدا التي شعرت أن «اللقمة وصلت الى الفم وضاعت»، لكن المصادر تقول إن الأمر انتهى الآن والحريري صرف النظر عن الاعتذار على الأقل مرحلياً، وتوقعت أن يعود رئيس التيار الوطني الحر للإعلان عن دعوة رئيس مجلس النواب لاستئناف مبادرته، لتشكيل حكومة برئاسة الحريري.

وقالت الصحيفة "يبدو أن الاتصالات التي نشطت بعيداً عن الأضواء على خط بعبدا – عين التينة نجحت باحتواء عاصفة التصعيد التي نشأت من حرب البيانات بين الرئاستين الأولى والثانية وما بينهما جبهة بيت الوسط التي سجلت أمس، موقفاً لافتاً أشبه بمقدمة للاعتذار إذا ما استمرّ باب التأليف موصداً بوجه الرئيس المكلف سعد الحريري".

وبحسب "البناء" فإن حزب الله وقبل إضراب الخميس الذي نفّذه الاتحاد العمالي العام لعب دوراً بين كافة الأطراف المتنازعة لخفض منسوب التوتر السياسي والإعلامي والحؤول دون انتقاله إلى الشارع التي تتحوّل شوارع بسحر ساحر، وتمنى الحزب على جميع الأفرقاء أقله إبقاء الخلاف تحت الإطار السياسي المضبوط وتجنب الشوارع إذا كان الاتفاق على تأليف الحكومة متعذراً وذلك للحفاظ على الحد الأدنى من الخطاب السياسي الهادئ والاستقرار الأمني في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتفجرة.

وغرّد الحريري على «تويتر»، قائلاً: «إنّ الأولويّة هي للتأليف قبل الاعتذار، الذي يبقى خياراً مطروحاً، وهو ليس هروباً من المسؤولية بقدر ما هو عمل وطنيّ، إذا كان يسهّل عمليّة تأليف حكومة جديدة، يُمكن أن تساهم في إنقاذ البلد». كان الحريري استقبل في بيت الوسط السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا في حضور الوزير السابق غطاس خوري والمستشار باسم الشاب وعرض معها المستجدات والأوضاع العامة.

وسجّل موقف لرئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على «تويتر» يصبّ في خانة التهدئة ويدعو للتسوية بقوله: «لا يمكن الاستمرار في هذه الحالة الانتظارية من قبل بعض المسؤولين وحالة البلاد تتراجع في كل يوم في غياب الحكومة. آن الأوان لجعل التسوية فوق كل اعتبار بعيداً عن الحسابات الشخصية الضيقة. ان مبدأ التسوية ليس بدعة بل أساس في الحياة وفي السياسة، وتذكّروا أن الحقد يقتل صاحبه أولاً».

وقالت "البناء" إنه إذ أطفأت عين التينة محركاتها على الصعيد الحكومي بانتظار وساطات تعيد إحياء المبادرة التي دخلت في العناية الفائقة بعد السجال بين الرئيسين نبيه بري وميشال عون، لم يسجل يوم أمس، أية لقاءات أو اتصالات وسط ترقب داخلي للتحرك الأممي لا سيما الأوروبي بزيارة المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الى بيروت اليوم، حيث سيلتقي المسؤولين اللبنانيين على مدى يومين، على أن يعقد مؤتمراً صحافياً مساء الاحد.

وأشارت مصادر مطلعة لـ"البناء" إلى أن «مختلف الأطراف سلمت بصعوبة تأليف حكومة في المدى المنظور أقله خلال الشهرين المقبلين، بسبب فشل القوى الداخلية في التوصل إلى تسوية سياسية بعدما كان الخارج يتدخل بشكل دائم لفرض التسوية. وهذا ما حصل في الطائف والدوحة وتسوية الـ2016، لذلك ينتظر الأفرقاء اللبنانيون تدخل القوى الخارجية بعد إنجاز الاتفاقات في الملفات الكبرى كالاتفاق النووي الإيراني والحل السياسي للحرب في اليمن وتأليف حكومة جديدة في سورية إضافة إلى ظهور نتائج الحوار السعودي الإيراني – السوري، وبالتالي انعكاس المشهد الإقليمي الجديد على لبنان».

وقالت الصحيفة إنه فيما اعتصمت عين التينة بالصمت ولم يخرج أي موقف منها في الملف الحكومي باستثناء تأكيد مصادرها لـ»البناء» بأن المبادرة مستمرة ولم تمت وستستأنف الاتصالات في الوقت الذي يراه الرئيس بري مناسباً، لوحظ أن قصر بعبدا أخذ استراحة محارب التزاماً بالهدنة الإعلامية، إذ غابت التصاريح واللقاءات، إلا أن مصادر بعبدا كررت موقفها لـ»البناء» بأن «رئيس الجمهورية منفتح على الحلول والمبادرات الخيّرة من ضمنها مبادرة الرئيس بري لتأليف حكومة وفق الأصول الدستورية والمعايير الموحدة». وأكدت أوساط متابعة لملف التشكيل الحكومي بحسب قناة أو تي في أن «أجواء بعبدا منفتحة وحاضرة للبحث في أي طرح ضمن إطار المعايير التي حددها رئيس الجمهورية، وهي حكومة وفق الثوابت المعروفة والميثاقية»، ولفتت إلى أن «معالم النسخة الثالثة من مبادرة الرئيس بري، لا تزال غير واضحة، وبالتالي يبقى الانتظار سيد الموقف»، معتبرة أن «الساعي إلى الحلحلة يجب أن يكون من موقع الوسيط وليس الطرف».

وفي سياق ذلك، أشارت مصادر رفيعة المستوى، لقناة «المنار»، إلى أن «رئيس الجمهورية سيطلق مواقف مهمة في الأيام المقبلة تتعلق بملف التأليف الحكومي»، موضحة أنه «لم يعرف بعد كيف سيتم الإعلان عن هذه المواقف».

واضافت "البناء" إنه إذ أفيد أن مراجع أوروبية أبلغت رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بأن العقوبات الأوروبية عليه وعلى شخصيات لبنانية أخرى قد اقتربت، يوجه باسيل كلمة صباح الأحد المقبل، وأشارت قناة أو تي في إلى أن «الخطاب لن يكون خطابًا عاديًا، وسيتضمن مواقف واضحة جدًا، وطروحات وصفت بالمتقدمة، والتي تضع المسؤولية أمام الجميع».

بدورها كشفت مصادر في فريق المقاومة لـ"البناء" إلى أن «حزب الله ينظر إلى المشهد اللبناني بواقعية وينتظر أن تتلاقى الإرادة الداخلية لدى المؤلفين مع الانفراجات الدولية – الإقليمية لتأليف حكومة جديدة تشكل المعبر الوحيد للإنقاذ، لذلك لا يملك تصورات أو حلولاً سياسية او مالية واقتصادية خارج إطار التوافق الوطني، فحزب الله لديه أولوية الاستقرار الأمني والاجتماعي وحتى الآن ضمن السقف المعقول». وأفيد في هذا الإطار عن اتصالات إقليميّة تجري مع أطراف داخلية للدفع قدماً بتأليف الحكومة.

واضافت الصحيفة إمخ في ظل فشل المساعي لتأليف الحكومة، بقيت الأزمات الحياتيّة المتفاقمة في واجهة المشهد الداخلي، لا سيما تصريح وزير الطاقة ريمون غجر عن رفع الدعم على المحروقات والذي أحدث صدمة سلبية لدى المواطنين وقلق كبير على المستقبل فيما لو رفع الدعم عن المحروقات من دون إقرار آلية لحماية الطبقة الفقيرة.

وأمس، زار رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر غجر الذي أوضح أن «ما تم تداوله أمس حول رفع الدعم الكلي عن المحروقات ليس دقيقاً، وأنه مع البطاقة التمويلية كمشروع بديل ومع رفع الدعم تدريجياً».

بدوره، أكد الأسمر بحسب بيان «ضرورة وجود البطاقة التمويلية أو أي مشروع بديل آخر واضح لدعم الموظفين والعسكريين والسائقين العموميين وذوي الدخل المحدود، ليتمكّنوا من الوصول الى أعمالهم في ظل غياب خطة نقل عام تفتقدها البلاد منذ عشرات الأعوام»، وطالب «بوقف التهريب الذي يبتلع أموال الدعم وأموال المودعين، وبإجراء حوار جدي ترعاه رئاسة الحكومة ويحضره المعنيون لوضع خطة مرحلية لحماية الشعب اللبناني مما ينتظره في حال رفع الدعم، لأن أي رفع دعم عن المحروقات بصورة عشوائية سيؤدي الى تباطؤ الحركة الاقتصادية أو انهيارها بصورة شاملة».

وفيما كشفت مصادر حكومية لـ"البناء" أن «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغ المعنيين من حكومة ووزارة المال وشركات استيراد المحروقات عدم قدرته على الاستمرار بسياسة الدعم بسبب نفاد الاحتياطيّ النقديّ ودعاهم الى إقرار مشروع البطاقة التمويلية بأسرع وقت ممكن»، أشارت أوساط مطلعة لـ"البناء" الى أن «أزمة طوابير السيارات أمام محطات الوقود مصطنعة ومفتعلة من قبل جهات نافذة معروفة لتحقيق أهداف سياسية تتعلق بالضغط على رئيس الجمهورية لتأليف الحكومة، ومالية لترويض المواطنين وإذلالهم أمام المحطات لفترة معينة لتخييرهم لاحقاً بين استمرار دعم المحروقات وإبقاء سعر صفيحة البنزين على سعرها الموحّد مع استمرار مسلسل الذل والمعاناة، أو تقبل المواطنين رفع الدعم وصفيحة بنزين بـ 60 ألف ليرة مع انهاء أزمة الطوابير والمعاناة، ما سيدفع المواطنين الى تقبل الخيار الثاني من دون ضجيج أو اعتراض واحتجاج شعبي».

ونفى ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الغعلام عن لقاء حصل بين الموزعين وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فيما اعتبر عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس في بيان أن «استعداد مصرف لبنان لفتح الاعتمادات المطلوبة لاستيراد المحروقات على أساس سعر صرف 3900 ليرة لبنانية لحين اقرار البطاقة التمويلية التي تمثل المدخل الإلزامي لبداية رفع الدعم عن مادة البنزين، خطوة إيجابية نحو حلحلة مؤقتة لموضوع شح المادة في الأسواق وعملية إنقاذ للموسم السياحي الذي نعول عليه لغنعاش الاقتصاد الوطني بعد ركود دام أكثر من سنة ونصف السنة». وتردّد أن أصحاب المولدات الخاصة سيتجهون الى رفع سعر الاشتراك الشهري فور رفع الدعم عن المحروقات.

ولم يدخل الاتفاق النفطي بين لبنان والعراق حيّز التنفيذ على أرض الواقع حتى الساعة لوجود عقبات تقنية ومالية بحسب ما علمت «البناء» يجري العمل على حلها. وأوضحت المعلومات أن «البحث يجري في خيارين: تكرير النفط العراقي الخام في الجزائر كمشتقات نفطية وفيول ونقله إلى لبنان، أو الاتفاق مع شركة عالمية يتمّ تسليمها النفط الخام ثم تسلّمه الى لبنان كمشتقات نفطية». وتشير المعلومات الى أن تنفيذ هذا الاتفاق النفطي يحل جزءاً كبيراً من أزمة الكهرباء والوقود.

وفي هذا السياق، عقدت اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجان النيابية المشتركة والمكلفة درس مشروع القانون الوارد بالمرسوم 7797 الرامي الى إقرار البطاقة التمويلية وفتح اعتماد اضافي استثنائي لتحويلها واقتراح قانون البطاقة الائتمانية التمويلية الالكترونية، جلسة في مجلس النواب برئاسة النائب ياسين جابر وحضور الوزراء المعنيين والنواب اعضاء اللجنة. كما حضر الجلسة نائب حاكم مصرف لبنان الكسندر ماراديان.

وقال جابر بعد الجلسة «النقاش تمحور اليوم حول التمويل. وكما تعلمون في موضوع البطاقة يوجد شقان كيف نموّل هذه البطاقة والشق الآخر كيف سنقوم بتطبيق وتنفيذ هذه البطاقة، بالتفاصيل والمعايير وعبر أية وسيلة. وقد عرض وزير المالية تصوّره لموضوع التمويل، هناك أفكار بالنسبة لموضوع نقل بعض قروض البنك الدولي من مشاريع لم يبدأ تنفيذها بعد للتمويل، وهناك إمكانية الحصول على قروض إضافيّة. وقد يُضطر للجوء الى الطلب من مصرف لبنان. وهذا ما يزال ضمن المناقشة».

ولفتت الصحيفة إلى أنه ليس بعيداً تتجه أزمة الدواء والمستلزمات الطبية الى مزيد من التأزم، إذ حذر نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة في مؤتمر صحافي من الأسوأ، وقال «مخزون مئات الأدوية وحليب الرضّع والأدوية المزمنة سينتهي بعد بضعة أسابيع وآلاف المرضى اللبنانيين لن يجدوا هذه العلاجات الضرورية لهم». وتابع جبارة «المخزون دقيق ويجب أن نستورد الأدوية بسرعة وإلا فالكارثة ستقع في تموز».

وقالت إنه لوحظ في عدد كبير من المناطق والأحياء رداءة وبطء خدمة الإنترنت بسبب التقنين القاسي بالتيار الكهربائي ما يدفع أصحاب شركات الانترنت الى إطفاء المولدات الخاصة لتخفيض الكلفة المالية التي يتكبّدونها. فيما تردّد أن بعض الشركات سترفع رسم الاشتراك الشهري لخدمة الإنترنت، إلا أن مدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية، أوضح في تصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن «لا تغيير في تعرفة الإنترنت إذ إن الصلاحية لاتخاذ قرار كهذا تعود حصراً لمجلس وزراء مجتمعاً وقائماً فأقله وإلى حين تأليف حكومة ونيلها الثقة واجتماعها تجاهلوا قوائم التعرفة الوهميّة والأهم تجاهلوا أصحابها الحقيقيّين فهم مَن يهوّلون عليكم وليس نحن».

على صعيد آخر، ضبطت شعبة مكافحة المخدرات في الجمارك، في مرفأ بيروت، كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون موضّبة في مستوعبين محمّلين بالحجارة، مُعدّة للتهريب إلى السعودية. كما تمّ توقيف بعض الأشخاص المتورطين بالعملية. على الأثر زار وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي المرفأ وطلب من المواطنين كافة أن يضعوا يدهم بيد القوى الأمنية من أجل المساعدة في إعادة الثقة بلبنان».

"اللواء": خراطيم التأليف ترتفع

صحيفة "اللواء" قالت من جهتها إن «سياسة التواصل» المحلي رفعت خراطيمها، وبات الوضع اللبناني، في مرحلة الرصد والاستطلاع الدبلوماسي الدولي، وعبر سفراء الدول المعنية، ليبنى على الشيء مقتضاه.

ولفتت إلى أنه وصل إلى بيروت مساء امس، الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الاوروبية جوزيب بوريل آتياً من تركيا مع وفد على طائرة خاصة في بداية زيارة رسمية للبنان تستمر ليومين يلتقي خلالها بعدد من المسؤولين اللبنانيين ويعرب عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع لبنان والشعب اللبناني. وقد استقبلته بالمطار وزيرة الدفاع والخارجية بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر وممثلون عن الاتحاد الأوروبي في لبنان.

ويلتقي بوريل عند العاشرة من صباح اليوم الرئيس ميشال عون والرئيسين نبيه برّي وحسان دياب، كما سيلتقي الرئيس المكلف، وتتركز محادثاته أيضاً على أهمية تشكيل الحكومة الجديدة الا ان معلومات ترددت بأنه سينقل توجه الاتحاد الأوروبي لفرض العقوبات علی السياسيين الذين يمعنون بتعطيل تشكيل الحكومة.

ويعقد بوريل مؤتمراً حقوقياً عصراً، يعلن فيه نتائج الزيارة.

وحسب المعلومات أن الموفد الأوروبي يحمل رسالة إلى المسؤولين تحذرهم من المس بما يؤدي إلى ضياع الاستقرار، ومنع السقوط في لعبة الفوضى.

وحسب معلومات «اللواء» يصل بوريل بيروت لاستطلاع المواقف والوضع الحكومي والعام في البلاد، ليرفع تقريره الى مسؤولي الاتحاد الاوروبي الذين يعقدون اجتماعا حول لبنان الاسبوع المقبل في بروكسل، كما يصل مرتكزاً الى عقوبات اوروبية على من تعتبرهم بعض دول أوروبا معرقلي تشكيل الحكومة سيتم بحثها خلال الاجتماع، وهو ما يضعه بين احد احتمالين: اما النجاح بمسعاه عبر هز عصا العقوبات، واما الفشل مجدداً اذا لم يكترث المعنيون بالعقوبات وبقوا على عنادهم وشروطهم. علماً إن العقوبات الاوروبية جاهزة وسيتم الاتفاق عليها والمباشرة في تطبيقها، بعد اجتماع مسؤولي الاتحاد الاوروبي في بروكسل.

ولفتت الصحيفة إلى أنه اختارت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا بيت الوسط لاستطلاع الوضع، لا سيما بعد مؤتمر دعم الجيش اللبناني في باريس، الذي عقد افتراضياً.

فقد استقبل الرئيس الحريري ظهراً السفيرة شيا في حضور الوزير السابق غطاس خوري والمستشار باسم الشاب وعرض معها آخر المستجات والأوضاع العامة.

وفي المعلومات أن السفيرة أعربت عن قلقها من الوضع الإنساني، وما يتعرض له الجيش اللبناني كمؤسسة معنية بالأمن والاستقرار بالبلد.

نومة أهل الكهف

وقالت "اللواء" إنه بالانتظار، نامت الاتصالات «نومة أهل الكهف» كما يقال. فلا أحد يتكلم مع الآخر، في وقت توارى فيه الوسطاء عن الأنظار. واكتفى الرئيس المكلف سعد الحريري بالإعلان «تويترياً» ان «الأولوية هي للتأليف قبل الاعتذار، الذي يبقى خياراً مطروحاً، وهو ليس هروباً من المسؤولية بقدر ما هو عمل وطني، إذا كان يسهل عملية تأليف حكومة جديدة، يمكن أن تساهم في إنقاذ البلد».

واشارت إلى أنه لم تسجل المصادر المتابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة اي مستجدات مهمة بملف التشكيل محليا، بالتزامن مع التزام الاطراف المعنيين بوقف السجالات والتراشق السياسي بعد مساعي بذلها حزب الله واكثر من طرف لهذه الغاية. ولكن المصادر المذكورة لاحظت تراجع الكلام عن إعتذار الرئيس الحريري او حتى تجاهله واستبداله بالموقف الذي اعلنه الحريري بتقديم عملية تشكيل الحكومة على الاعتذار،ومرده حسب المصادر الى جملة عوامل ابرزها:موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الرافض لاعتذار الحريري، المسمى من اكثرية النواب والذي يحظى بتاييد واسع بالداخل وبين السنّة تحديدا وبدعم من الخارج ولصعوبة إختيار البديل حاليا، ولان عملية تشكيل الحكومة دخلت في اطار التجاذبات السياسية ولم يعد هناك من مجال للتراجع.والعامل الآخر، رفض المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى بما يمثل دينيا وشعبيا إعتذار الرئيس المكلف بعدما تكشفت خلفيات وأهداف مبيتة باستهداف الدستور وصلاحيات رئيس الحكومة الدستورية وبالتالي أصبح هذا الخيار مستبعدا.

ورأت الصحيفة أنه يضاف الى ذلك دخول عوامل خارجية،تمثلت بجملة تحركات لافتة،منها تحرك السفيرة الفرنسية بلبنان بزيارات شملت الرئيسين بري والحريري والنائب باسيل،أكدت فيها حسب المصادر على تسريع الخطى لتشكيل الحكومة الجديدة استنادا للمبادرة الفرنسية، مع التشديد خلال لقائها مع الاخير على ضرورة إزالة كل العراقيل والتلويح بالعقوبات المحتمل فرضها من قبل الاتحاد الأوروبي في الخامس والعشرين من الشهر الجاري على معرقلي التشكيلة الوزارية. واستنادا الى المصادر المتابعة فان اتصالات جرت مؤخرا بين الديبلوماسية المصرية التي تولت نقل اهتمام مصر بالوضع اللبناني وتوضيح بعض الالتباسات بخصوص الاطراف التي تتولى تعطيل تشكيل الحكومة وضرورة الفصل بينها وبين الاطراف التي تسعى بكل جد لتشكيل الحكومة استنادا للمبادرة الفرنسية والدستور.

المبادرة مستمرة

على جبهة المبادرة، تتحدث المعلومات بحسب "اللواء" عن ان الرئيس بري ابلغ حليف التيار الوطني الحر، حزب الله، انه ليس على استعداد لاستئناف مبادرته ما لم يتبلغ رسمياً بأن فريق بعبدا والتيار الوطني الحر سيتلزم مندرجات المبادرة لإنجاحها.

ولفتت إلى أنه بعد جردة حساب «بائسة» للعهد القوي، الذي دمر البلد، لا تزال عين التينة على موقفها بأن المدخل لوقف الانهيار بحكومة عبر مبادرة الرئيس بري المستمرة.

بدورها مصادر مقربة من الرئاسة الأولى قالت لـ"اللواء" ان ما طرأ مؤخراً وأدى إلى تعليق الاتصالات الحكومية ستكون له انعكاساته على ايصال الملف إلى خواتيمه بمعنى آخر ان الامل مفقود بأي خرق بعدما باتت الصورة واضحة حول قراءة مسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري والحاجة إلى تحديد بعض النقاط، التي يتعين التركيز عليها. ولفتت إلى انه قد تكون هناك تحركات أخرى لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يكرر اهمية التسوية ويخشى من قادم الأيام.

جنبلاط على الخط

ولملء الفراغ «الاتصالي» بالإجراء المناسب، تحدثت المصادر عن توجه لدى الحزب التقدمي الاشتراكي بعد تغريدة لرئيسه النائب السابق وليد جنبلاط للقيام بمبادرة لصيغة حكومية على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، بالتزامن أو التسابق مع خطوة رئاسية ربما يؤشر على عناوينها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في كلمة له غداً.

وحملت تغريدة جنبلاط مؤشرات ورسائل عدّة، داعية للخروج من الانتظار، والذهاب إلى التسوية والإقلاع عن الحقد.

«فلا يمكن الاستمرار في هذه الحالة الانتظارية من قبل بعض المسؤولين وحالة البلاد تتراجع في كل يوم في غياب الحكومة. آن الاوان لجعل التسوية فوق كل اعتبار بعيدا عن الحسابات الشخصية الضيقة .ان مبدأ التسوية ليس بدعة بل اساس في الحياة وفي السياسة ،وتذكروا ان الحقد يقتل صاحبه اولا».

"النهار": الأزمة مجدداً امام الاستنزاف والقطيعة الشاملة

من جهتها، قالت صحيفة "النهار" إن أزمة تشكيل الحكومة عادت ومعها مجمل الوضع الداخلي الى دوامة الاستنزاف العقيم الذي يرتب مزيداً من التداعيات البالغة السلبية على مختلف المستويات والصعد المالية والاقتصادية والخدماتية والاجتماعية، وسط انطباعات واسعة تنظر بتشاؤم كبير وشكوك متعاظمة حيال أي احتمال إيجابي من شأنه إعادة احياء الآمال في تشكيل الحكومة الجديدة. 

واضافت أنه اذا كانت الساحة الإعلامية شهدت في اليومين الأخيرين هدنة غير معلنة بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب بعد حرب السجالات العنيفة التي انفجرت بينهما في منتصف الأسبوع، فان هذه الاستكانة لا تعني ان ثمة "انسحابات" متبادلة الى مواقع التهدئة تمهيداً لاعادة تعويم مبادرة رئيس المجلس نبيه بري التي باتت في أقل الأحوال مجمدة واقعياً بعد إصابة العلاقات بين بعبدا وعين التينة بعطب هو الأخطر والاكبر في تاريخ العلاقة المتوترة والكيمياء المفقودة بين الرئيسين عون وبري. 

واشارت الصحيفة إلى أنه ما ينطبق على بعبدا وعين والتينة ينسحب بقدر اكبر وأعمق على حالة الاشتباك الدائمة بين بعبدا وبيت الوسط حتى لو انكفأت في الفترة الأخيرة السجالات المباشرة بينهما وسط اشتعال جبهة الرئاستين الأولى والثانية. وتقدم أوساط سياسية معنية بكل مجريات الأسبوع المضطرب منذ نهاية الأسبوع الماضي حتى بداية عطلة نهاية هذا الأسبوع صورة بالغة القتامة حيال ما آلت اليه الازمة السياسية والحكومية من منطلق الأضرار العميقة التي اصابت آخر قناة داخلية كان يعول عليها كفرصة أخيرة لتشكيل الحكومة من خلال مبادرة بري. 

وبحسب الصحيفة فان هذه الأوساط تجزم تقريباً بان القطيعة الثلاثية بين كل من بعبدا وعين التينة وبيت الوسط لم تعد مسألة عابرة قابلة للمعالجة بوساطات محلية عادية بل ان ما نجم عن ثمانية اشهر من معارك التعطيل والمد والجزر والمماحكات واسقاط الوساطات والمبادرات تباعاً، ومن ثم اقتحام الازمة كل ما تبقى من عرى العلاقات بين المراجع والجهات المعنية بالتأليف والشراكة في التمثيل الحكومي العتيد. كل هذا أدى الى بلوغ الطريق المسدود فعلاً وواقعاً كما لم يحصل من قبل في الأيام الأخيرة. والاسوأ من ذلك في رأي هذه الأوساط، ان مجمل التقارير الدقيقة عن الوقائع اليومية للازمات الكارثية التي تحاصر اللبنانيين لا تدع أي مسؤول لا يدرك سلفاً ان البلد ذاهب بسرعة جنونية نحو الانهيار الكبير ومع ذلك سقطت آخر الرهانات على تدوير الزوايا ونزع الغام التعطيل من امام تشكيل الحكومة الجديدة التي يستحيل الكلام عن انقاذ لبنان واستدراك سقوطه في الانهيار الكبير الا من خلال تشكيلها كوسيلة وحيدة مسلم بها داخليا ودوليا لمهمة الإنقاذ.        
 
زيارة بوريل 

وقالت الصحيفة إنه وسط هذه المناخات تحديدا تأتي زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل لبيروت اليوم وغداً كمحطة مهمة وبارزة لهذا المسؤول الأوروبي الرفيع المستوى الامر الذي يعكس دلالات دقيقة جداً لجهة ما يمكن ان تتركه زيارته لاحقا من نتائج. فمعلوم ان زيارة بوريل تسبق اجتماعا للاتحاد الأوروبي مطلع الأسبوع المقبل سيبحث في الوضع اللبناني من جهة كفتي الميزان المتصلتين بتشكيل الحكومة وبالعقوبات الأوروبية التي تكمل العقوبات الفرنسية على مسببي التعطيل في لبنان .
 
في المعلومات الرسمية الأوروبية ان بوريل يقوم “بزيارته الرسمية الأولى لبيروت، في لحظة حرجة للغاية للبلاد التي تعاني من أزمات عدة، كما تأتي زيارته، في وقت يتعين فيه بإلحاح على القيادة السياسية اللبنانية تشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات رئيسية، وسيحمل بوريل رسائل أساسية للقيادة اللبنانية، ويعرب عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع الشعب اللبناني في هذه الأوقات البالغة الصعوبة”.
وتشير هذه المعلومات الى انه “خلال زيارته، سيعقد بوريل اجتماعات مع المسؤولين السياسيين والعسكريين اللبنانيين، وكذلك مع ممثلين عن منظمات من المجتمع المدني، وسيلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ووزيرة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ونائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع الوطني زينة عكر“.
 وتتوقع جهات محلية معنية ان ينهج بوريل المنهج الفرنسي إياه لجهة التلويح للمسؤولين الرسميين والسياسيين بضرورة تجاوز صراعاتهم بسرعة وتشكيل الحكومة والا فإن العقوبات الاوروبية جاهزة وسيتم الاتفاق عليها والمباشرة في تطبيقها، بعد اجتماع مسؤولي الاتحاد في بروكسيل الثلثاء المقبل. 
 
مواقف 
وفي المواقف الداخلية غرد رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر” قائلا: “لا يمكن الاستمرار في هذه الحالة الانتظارية من قبل بعض المسؤولين وحالة البلاد تتراجع في كل يوم في غياب الحكومة. آن الاوان لجعل التسوية فوق كل اعتبار بعيداً عن الحسابات الشخصية الضيقة. ان مبدأ التسوية ليس بدعة بل اساس في الحياة وفي السياسة، وتذكروا ان الحقد يقتل صاحبه اولا”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في التحركات المتصلة بالازمة الحكومية فالتقى الرئيس المكلف سعد الحريري امس في بيت الوسط السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا التي عادت من إجازة سريعة في بلادها. كما لفتت زيارة نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر لبكركي تلبية لدعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى مأدبة الغداء، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والتطورات في لبنان، لا سيما الأوضاع الإقتصادية والمعيشية في ظل الأزمة الراهنة والتي يرزح تحتها اللبنانيون بشكل عام والجيش اللبناني بشكل خاص. 
وأفادت مصادر مطلعة على الاجواء البطريركية ان الراعي مستاء جداً مما آلت اليه كل محاولات الانقاذ كما مبادرته ونداءاته المتكررة للمعنيين بتشكيل حكومة، وهو لا يتوانى عن التعبير عن غضبه واشمئزازه امام من يلتقيهم من الزوار، حاملا على المسؤولين الذين يعرقلون التشكيل.
 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل