لبنان
أزمة البنزين تنفرج جزئيًا ولا تُحلّ.. وحراك دوليّ إقليميّ يقترب من لبنان
فيما يستمر الدولار بالارتفاع مقابل الليرة، كانت أزمة البنزين بالأمس تشهد بعض الحلحلة، وانحسرت قليلًا زحمة الشوارع التي باتت مواقف كبيرة للسيارات التي تنتظر في الطوابير أمام محطات المحروقات، إلا أن الأزمة أخذت استراحة ستعاود ذات المشهد بعد أيام إن لم يكن هناك حلّ جذري لها.
حكوميًا، بقيت الأمور مجمّدة عند مبادرة الرئيس نبيه برّي، والتي تمثل الشعرة الوحيدة التي يمكن التمسك بها لمحاولة الوصول إلى ولادة حكومية غير معروف وقتها حتى الآن، ويأتي ذلك في وقت باتت تقترب فيه التأثيرات الإقليمية والدولية على الملف اللبناني، في ظل المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني والقمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي والروسي غدًا.
"الأخبار": "انفراجة" لا حلّ في أزمة البنزين: برّي يستمهل الحريري 3 أيام
وصل البنزين الى المحطات أمس من دون أن يغيّر ذلك في مشهد الطوابير الطويلة الممتدة أمامها، وما رافقها من زحمة سير خانقة، علماً بأن انحسار الأزمة، على ما يقول المعنيون، لن يبدأ سوى بعد يومين، مع ترجيح إعادة تجددها في آخر الشهر الجاري. في غضون ذلك، لا يزال الجمود الحكومي هو الطاغي، فلا اتصالات أو لقاءات، بل حرب بيانات مستمرة واتهامات متبادلة. رغم ذلك، لا يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري مصرّاً على «نفح الروح» في مبادرته.
كان مفترضاً، عقب إعلان مصرف لبنان الخميس الماضي استمراره في منح أذونات للمصارف لفتح اعتمادات استيراد محروقات، شرط عدم المس بالتوظيفات الإلزامية، أن تبدأ أزمة المحروقات بالحلحلة، ولا سيما مع تسليم الشركات المستوردة 12 مليون ليتر من البنزين الى المحطات أمس. لكن ذلك لم يحل دون امتداد طوابير طويلة من السيارات أمام هذه المحطات، من الشمال الى الجنوب، متسبّبة في ازدحام خانق، ومن دون أيّ تحسن ملموس، وهو ما عزاه ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا الى أن «توزيع البنزين يتم حسب قدرة كل شركة وحسب البضاعة المتوفرة وحسب الاتفاقيات»، مؤكداً أن «الأزمة لن تحلّ كليّاً اليوم (أمس)، لكن البنزين متوفر في الأسواق»، ما يعني أن قرار المركزي يساهم في التخفيف من الأزمة، لكنه لن ينهيها. والحلّ، برأي أبو شقرا، يكون «بحسم الدولة أمرها إمّا برفع الدعم أو الترشيد. فلتتخذ القرار الذي تراه مناسباً لننتهي من مشاهد الطوابير».
وعلى المنوال نفسه، أتى بيان عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس الأحد الماضي الذي دعا السلطة السياسية الى حسم أمرها في شأن الدعم وتأمين الدولارات لشركات الاستيراد حتى لا تتكرر الأزمة كل أسبوعين. وأوضح البراكس لـ«الأخبار» أن الكمية التي تم توزيعها أمس «أكثر من كافية، ولكن التحسن لا يتحقق في يوم واحد. ويفترض أن يبدأ من اليوم». لكنه شدّد على أن حلّ أزمة الطوابير مرتبط بشكل مباشر ورئيسي بضرورة تحرك وزارة الاقتصاد للحرص على وصول المحروقات الى المحطات. فمع توزيع كل الكمية، سينخفض التقنين تدريجياً، لافتاً الى أن «هذه الكميات ربما تكفي حتى نهاية الشهر الجاري فقط».
صفيّ الدين: البعض مخطئ إن رأى أن تمسّكنا الدائم بالمبادرات يعطيه متّسعاً من الوقت
ولا يمكن فصل مشكلة البنزين والقرار برفع الدعم أو ترشيده عن غياب أي دور فاعل لحكومة تصريف الأعمال، وانحسار الآمال بتشكيل حكومة جديدة. فمنذ يوم الجمعة الماضي، توقفت كل الاتصالات ولم يبق من مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري سوى حرصه على عدم اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري قبل «تأمين البديل».
وعلمت «الأخبار» أن بري استمهل الحريري 3 أيام يسعى فيها الى الوصول الى حلحلة ما، رغم معرفته المسبقة بأنها باتت مستحيلة، وخصوصاً بعد حرب البيانات بين الوزير السابق علي حسن خليل ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. فلا بري سيقبل بانصياع الحريري لشروط باسيل، فيما الأخير يرفض المشاركة في حكومة يرأسها الحريري. وبالتالي كل الطرقات مسدودة أمام المبادرة، وما يحصل فعلياً اليوم هو شراء بري للوقت لتأخير اعتذار الحريري. وبين هذا وذاك، لا تزال الردود والردود المضادة والاتهامات المتبادلة بين صاحب مبادرة الحلّ (بري) وأحد أركان التفاوض (باسيل) على وتيرتها العالية. وأمس، غمز بري من قناة كل من باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون قائلاً في حديثه إلى تلفزيون «الميادين» إن «تمسك البعض بشروط تعجيزية سيزيد في تعقيد الأمور وليس انفراجها»، وإنه «من موقعي كرئيس لمجلس النواب، حريص جداً على احترام الدستور وتطبيقه ولن أسمح باستهدافه أو تجاوزه أو خرقه تحت أيّ مسمّيات». وهو ما يعدّ وفق مصادر عونية «نسفاً للمبادرة، لا بل دليل واضح على أن لا مبادرة في الأساس، بل مجرد محاولة لتغليب كفة على أخرى مع تعمّد تصويرها كحلّ حتى يظهر جبران باسيل كمعرقل ولتسجيل نقاط سياسية».
إلا أن اللافت في هذا المشهد، دخول حزب الله على الخط عبر كلمة لرئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، وصف المشكلة بأنها «ليست في النقاط التي يقال إنها محل خلاف، المشكلة أننا نواجه بعض السياسيين الذين يريدون أن يتوصلوا الى تحقيق مآرب شخصية عادية لهم، لم يتمكنوا من تحقيقها في الأيام الطبيعية ويتوسّلون عذاب الناس وألم الناس من أجل تحقيق هذه المصالح، وهذا بعض الحقيقة». وتابع في احتفال تأبيني: «حينما نتحدث عن المبادرات، وتحديداً المبادرة التي يصرّ عليها الرئيس بري وحزب الله ومعهم كل الحريصين على إخراج البلد من مأزقه، البعض يدفع باتجاه التيئيس ونحن ندفع باتجاه الأمل (...) والبعض ربما لا يدرك أن رهاناته التي يعتمدها ستغرقه وتغرق البلد معاً». ورأى صفي الدين أن «البعض مخطئ إن رأى أن تمسّكنا الدائم بالمبادرات يعطيه مزيداً ومتسعاً من الوقت. فالمسارعة هي الحل الى تلبية الاحتياجات الضرورية والتي هي أكبر من أي فكرة شخصية أو طائفية أو مذهبية أو سياسية لجهة خاصة».
ونبّه من «كثرة التلاعب بالمناورات السياسية والشروط والشروط المضادة من هنا أو هناك» مشيراً الى ضرورة أن يعرف «هؤلاء أنهم يتلاعبون بكرامة اللبنانيين والمصالح الوطنية». كلام صفي الدين بما يمثّله، أثار موجة من التحليلات التي تصبّ جميعها في خانة أن المقصود في هذا الخطاب كان رئيس التيار الوطني الحر، حتى إن العونيين أنفسهم وضعوه في إطار الهجوم على باسيل.
"البناء": الحراك الدوليّ الإقليميّ يقترب من لبنان
صحيفة "البناء" قالت إن اللبنانيّين العالقين في الأزمة الحكوميّة ومتفرعاتها التي تزداد حضوراً في مجالات سعر الصرف والمحروقات والدواء والغلاء، شهدوا مزيداً من التصعيد السياسي بين الطرفين الرئيسيين الرئاسيين، وكان لافتاً في مواجهة الوقت المستهلك في التعامل مع المبادرات، التي يقودها رئيس مجلس النواب ويدعمها حزب الله كلام رئيس المجلس التنفيذي للحزب السيد هاشم صفي الدين بقوله، مخطئ من يتصور أن المبادرات تمنحه وقتاً مفتوحاً بينما تتزايد معاناة الناس، داعياً للإسراع بوضع المصلحة العليا فوق المصالح الخاصة.
مصادر متابعة للملف الحكومي قالت لـ«البناء» إن رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة حزب الله على تواصل مستمر لتقييم الموقف ويتداولان بما يجب فعله إذا استمر الدوران في حلقة مفرغة، ورأوا بكلام السيد هاشم صفي الدين تبدّلاً في نبرة التعامل مع المواقف على ضفتي تأليف الحكومة، مؤشراً لتوجه أكثر حزماً في التعامل مع الخلافات حول الملف الحكوميّ، ربما ينتج نسخة من مقترحات يبني على أساسها «الثنائي» موقفاً من الطرف الذي يرفضها أو يتعمّد المناورة في التعامل معها.
المصادر رأت أن المناخات الدولية والإقليمية تقترب من التأثير على لبنان، سواء بما يمثله إنجاز الاتفاق النووي من مناخات إيجابية في المنطقة، مع تقدم الحوار السعودي الإيراني، والاقتراب من صياغة تسوية تنتج وقفاً للنار في اليمن، وما تتوقعه بعض الأطراف الأوروبية من نجاح قمة بايدن بوتين بإنتاج مبادرة نحو حلّ في سورية، تريح الأميركيين من عبء البقاء في سورية والعراق، وتنهي التأزم في العلاقة الأميركيّة التركيّة حول الملف الكردي، وتمنح روسيا وحليفيها في سورية وإيران فرصة تحقيق إنجاز إنهاء الحرب بشروطهم. وسجلت المصادر كمؤشرات على اقتراب المناخات الدولية الإقليمية من الملف اللبناني والتأسيس لمقاربات تحاكي الحلول، عودة الموفد الأميركي لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية الى لبنان وتحركه لاستئناف التفاوض، والزيارة المرتقبة لمفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل للبنان قريباً، والتحرك الذي يقوم به البنك الدولي لتوسيع شبكة الأمان المالية للعائلات الفقيرة عبر مباحثات تهدف لنقل قرابة مليار دولار من قروض مخصصة للبنى التحتيّة الى تمويل البطاقة التمويلية.
ولم يبرز أي جديد في الملف الحكومي في ظل شبه جمود للاتصالات والمشاورات منذ منتصف الأسبوع الماضي ما يضع مبادرة الرئيس بري أمام امتحان صعب مع تكرار الحديث عن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري. وبانتظار أن تثمر محاولات ربع الساعة الأخير التي يقوم بها بري والبطريرك الماروني في التوفيق بين بعبدا وبيت الوسط، رجّحت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «يزور الحريري اليوم عين التينة لعقد اجتماع مهم مع الرئيس بري ولإطلاعه على اجتماعاته ومشاوراته الأخيرة لا سيما مع المجلس الإسلامي الشرعي ورؤساء الحكومات السابقين». وإذ لفتت معلومات «البناء» إلى أن الاتصالات متوقفة منذ أيام إذ لم يعقد اي لقاء أو اتصالات في عطلة نهاية الأسبوع، أكدت أوساط عين التينة لـ«البناء» أن «مبادرة رئيس المجلس لم تنته حتى الساعة ولا زالت قائمة ومستمرة وبري لم يفقد الأمل بإحداث خرق ما في جدار الأزمة الحكومية»، وشددت الأوساط على «أن المبادرة هي الفرصة الأخيرة للوصول إلى حكومة إنقاذيّة أصبحت حاجة وضرورة وطنيّة لحماية الوطن من الانهيار النهائي الذي يجرف معه كل شيء». واستبعدت الأوساط أن يُقدِم الحريري على الاعتذار في الوقت الحاضر لأسباب عدة لا سيما أن الرئيس بري لا يحبّذ اللجوء إلى هذا الخيار في ظل عدم توافر البديل والانقسام السياسي الحاد الذي قد يحول دون التوافق على تكليف رئيس جديد وربما عدم حصول الاستشارات النيابية».
وقالت مصادر سياسية لـ«البناء» إن «لا أحد من القوى السياسية حتى المعارضة للحريري تملك تصوراً للمرحلة المقبلة فيما لو اعتذر الحريري عن متابعة التأليف، ومن الصعب إيجاد بديل عن الحريري في ظل الانقسام الطائفي والحشد السني الذي تظهّر حول الحريري بعد اجتماعه بالمجلس الشرعي الإسلامي ونادي رؤساء الحكومات السابقين وكتلة المستقبل إلا بالاتفاق مع الحريري نفسه على تكليف رئيس آخر لتأليف حكومة للحدّ من الانهيار ولاجراء انتخابات في ايار المقبل».
وفيما تتهم مصادر المستقبل رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل بجرّ الحريري الى مستنقع التعطيل لإحراجه فإخراجه من المعادلة الحكومية للسيطرة على الحكومة عبر تكليف رئيس جديد حليف له أو السعي للفراغ في السلطة التنفيذية، لفتت المصادر لـ«البناء» الى أن «الحريري ستنتظر آخر محاولات الرئيس بري لإقناع عون وباسيل بالتنازل عن شروطهما التعجيزية التعطيلية، وبعد ذلك سيتخذ الموقف المناسب بالتشاور مع رئيس المجلس وكتلة المستقبل ومن ضمن الخيارات الاعتذار». وتحدّث نائب رئيس تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، في تصريح تلفزيونيّ عن مسعى بري لكنه عبر عن تشاؤمه من الوضع، مشيراً الى أن «اعتذار الحريري وارد».
وأفادت مصادر متابعة لملف التأليف لقناة المنار أن «اعتذار الحريري عن التّأليف استُبعد حالياً، فهو لن يقدِم على ما سيعرقل أي محاولة للحل من جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولن يُقدِم على خطوة تؤثّر سلباً على مبادرة الأخير». وأكدت المصادر أن «الحريري حدّد ما يريده أي تسمية الوزيرين المسيحيين والحصول على ثقة تكتل لبنان القوي». ولفتت الى أن «باسيل يرى أنّه طرح ما يستطيع أن يقدّمه أي توافق على توزيع الحقائب كما توافق على تسمية الوزيرين المسيحيين العقدة، وبعد بت هاتين النقطتين، البحث في منح التيار الوطني الحرّ الثقة لحكومة الحريري».
في المقابل أفادت مصادر بعبدا بحسب قناة أو تي في أنه «لا يمكن بقاء حال المراوحة ورئيس الجمهورية ينتظر تشكيلة الحريري والأساس هي الميثاقية». وأوضحت مصادر أخرى مطلعة بحسب القناة نفسها أن «العقدة الحكومية لم تعد متمثلة بالحقائب والوزيرين المسيحيين بل بثقة التيار بحكومة الحريري، فلننتظر ما في جعبة بري والأكيد أن الحريري لن يعتذر في اليومين المقبلين».
وحذر المكتب السياسي لحركة أمل من النتائج الكارثية لتعطيل (مبادرة لبنان) التي بناها الرئيس نبيه بري على ركائز المبادرة الفرنسيّة لتكون بوابة حكومة إصلاح تنقذ البلد وتضعه على سكة الخروج من أزماته. واعتبر ان «البعض لا يزال يمعن في ضرب القواعد الدستورية بمحاولة خلق أعرافٍ جديدة تمس أسس التوازنات الوطنية والمرتكزات التي أرساها اتفاق الطائف مما يعطّل قبول مهمة فيها نسف للأصول والأعراف، وتضع البلد في مواجهة مخاطر جمّة وتعطل أداء المؤسسات».
من جهته قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي: «أصعب محنة يعيشها شعبنا بسبب إهمال كامل من المسؤولين في الدولة أدّى ويؤدي إلى تعطيل السلطة الإجرائيّة المتمثلة بالحكومة، وبعدم تأليفها تتعطل مقدرات الدولة الاقتصادية والمالية».
"اللواء": الأليزيه لبري والحريري: استمرار المبادرة والتكليف
وفي ذات السياق، قالت "اللواء" إن الرئيس نبيه برّي دفع بمبادرته إلى واجهة التحدي، فأعلنت اوساطه ان المبادرة لن تتوقف، وهي مستمرة، وان الرئيس برّي لن يسمح بالعبث بالدستور أو الإخلال بالتوازنات.
وهو يستند في عزمة على ان المبادرة أصبحت الخيار الوحيد المتاح، وهي تخطت البعد المحلي، إلى موافقة على آلياتها، عربية وإقليمية وأوروبية ودولية.
وفي هذا الإطار، علمت «اللواء» من مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، ان فريق الأزمة في الاليزيه، أجرى أمس الأوّل، جملة اتصالات تركزت بصورة خاصةمع رئيس المجلس والرئيس المكلف، من زاوية الحاجة إلى استمرار المبادرة وعدم الذهاب إلى الاعتذار، نظراً لتداعياته غير المحسوبة.
ووفقاً لمصادر معنية، فإن التيار الوطني الحر، الذي احبط رئيسه النائب جبران باسيل عدّة صيغ لإصدار مراسيم الحكومة، ماضٍ بسياسة «عيني فيها وتفوه عليها» فهو يريد الحصة المسيحية، ولا يريد إعطاء الثقة للحكومة، للبقاء في ساحة العرقلة، وتحميل الرئيس المكلف أي تعثّر..
ويسجل التيار العوني انتقاداً مباشراً لرغبة الرئيس برّي بتمثيله بالحكومة، تمهيداً لاعطائها الثقة، لتتمكن من العمل، بقوة غالبية نيابية وازنة.
لكن أوساط عين التينة تسأل: كيف تؤدي طروحات باسيل وشعاراته الشعبوية، لبناء البلد، أو حل مشكلات الغلاء والدواء؟!
واستناداً إلى ما رشح، فإن النائب باسيل، يغمز في مجالسه الخاصة من قناة الـ«3 ثمانات» معتبراً هذا الأمر «مثالثة مقنعة» مثلها رئيس المجلس بالوقوف وراء ذلك، مع العلم ان اقتراح الـ24 وزيراً تقدّم به فريق بعبدا، لاحداث توازن، وتمثيل النائب طلال أرسلان بوزير درزي، لئلا يقتصر التمثيل الدرزي على الحزب التقدمي الاشتراكي، فضلاً عن تمثيل الكاثوليك والارمن.
وتطالب الأوساط الحريري، بالمقابل، بالتوجه إلى بعبدا، ومعه حكومة من 24 وزيراً، مناصفة، للبحث مع رئيس الجمهورية في ما لها وما عليها.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ما ظهر من المواقف التي سجلت في الساعات الماضية يؤشر إلى أن المراوحة طويلة في الملف الحكومي لا سيما بعدما برزت مؤشرات حول عدم عودة الحراك الحكومي أو بالأحرى التريث في معاودة اي حركة.
ولفتت هذه المصادر الى ان الحديث عن امكانية دخول عناصر جديدة ليس إلا كلام في الهواء لأن المشاورات حاليا متوقفة واللقاءات فرملت حتى أن ما من بوادر مشجعة تحمل على استئنافها.
وكشفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان خيار الرئيس الحريري بالاعتذار لم يطو نهائيا، ومايزال مطروحا، برغم الرفض السياسي والشعبي لوضعه موضع التنفيذ الفعلي خشية تداعياته ومضاعفاته السلبية.
واشارت المصادر الى ان البت نهائيا بمصير الاعتذار يتوقف على نتائج اللقاء المرتقب بين الرئيس المكلف والرئيس بري للاطلاع على كيفية مسار مبادرة الاخير ومدى التجاوب معها ولاسيما من قبل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي ومعرفة الموقف الحقيقي لحزب الله من تصرفات ومواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من هذه المبادرة وعما اذا كانت الجهود المبذولة معه جدية وضاغطة لتسريع عملية التشكيل، ام انها شكلية وليست مؤثرة لتجاوز ممارسات تعطيل التشكيل.
وشددت المصادر على ان الحريري بذل كل الجهود الممكنة وتجاوز الاساءات العديدة التي وجهت اليه، في سبيل تشكيل الحكومة الجديدة. ولكن ووجهت مهمته بعراقيل متعددة، ولم تمارس الضغوط لتجاوزها ووضع حد لها. ولذلك لايمكن أن يستمر الحريري بمهمته وكأن شيئا لم يحصل.
وعليه، فأمام البلاد ايام قليلة قبل حسم موضوع تشكيل الحكومة، بينماهي تغرق كل يوم في الازمات، فيما يتولى الاوروبيون انقاذ ما امكن من مؤسسات الدولة المنهارة عبر المؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي يعقد في باريس يوم 17 الشهر الحالي، والذي يركز عليه الفرنسيون. فيما يصل الى بيروت يوم 18 حزيران المفوض السامي للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزف بوريل ويباشر لقاءاته في اليوم التالي، حاملاً مقررات وتوصيات مؤتمر باريس لدعم الجيش، ويضع المسؤولين في التحضيرات للقمة الاوروبية التي تعقد في 24 الجاري في بروكسل وتناقش ملف الازمة اللبنانية.
اما حكومياً، فترددت معلومات مفادها ان الرئيس الحريري قد يزور الرئيس بري في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم للبحث في الافكار الجديدة لدى رئيس المجلس، وانه يحضّر تشكيلة حكومية من 24 وزيراً سيرفعها للرئيس ميشال عون ون التشكيلة التي سيقدمها الحريري ستتضمن اسمي الوزيرين المسيحيين بحيث يحصل هو على وزارة الداخلية ورئيس الجمهورية على وزارة العدل وهما الوزيران المسيحيان المختلف على تسميتهما. لكن مصادرقيادية في التيار الوطني الحر اكدت ان الرئيس عون لن يقبل بفرض اسماء الوزراء المسيحيين عليه.
في المواقف الجديدة، اعرب الرئيس بري «عن انزعاجه الشديد من الاوضاع الراهنة، ووصف استمرار حال التردي بأنه «سيؤدي الى خراب كبير لا تحمد عقباه»، مؤكداً أنّ «مبادرته في نسختها الثالثة للحل والخروج من المأزق السياسي والحكومي الحالي، تحظى بموافقة عربية واقليمية ودولية وغربية، بما فيها فرنسيا».
سياسياً، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مفتتحا اعمال السينودس امس: هي إياها اليوم مسيرة «كفاح الرجاء» الذي نساعد به، روحياً ومادياً ومعنوياً، شعبنا على الصمود في وجه أصعب محنة يعيشها بسبب إهمال كامل من المسؤولين في الدولة أدى ويؤدي إلى تعطيل السلطة الإجرائية المتمثلة بالحكومة، وبعدم تأليفها تتعطل مقدرات الدولة الاقتصادية والمالية، ويتفشى الفساد في إداراتها العامة، ويحتضن التهريب عبر معابرها الشرعية واللاشرعية بل وفي مرافقها من مطار ومرافئ. هذا الواقع أفقر نصف الشعب اللبناني، وقضى على الطبقة الوسطى، وأتاح لقلة أن تصبح أكثر ثراء، وهجر خيرة قوانا الحية»..
"الديار": علامات استفهام حول الاندفاعة الدولية والاقليمية «لانقاذ» المؤسسة العسكرية؟
صحيفة "الديار" تحدثت عن ثلاثة عوامل حاسمة، دفعت المجتمع الدولي، بدفع اميركي، لزيادة الاهتمام بالجيش اللبناني، العامل الاول ان المؤسسة العسكرية التي تم تخفيض ميزانيتها بحدود 80 بالمئة، باتت مهددة بالانهيار من الداخل في ظل العجز عن القيام بالمهام الروتينية وبات القلق كبيرا من توترات امنية غير محدودة في الزمان والمكان قد لا تستطيع المؤسسة العسكرية من السيطرة عليها، وهذا ما سرع في تنشيط عمليات الدعم اللوجستي والمالي. اما العامل الثاني والاهم، فاشارت اليه مصادر دبلوماسية نافذة تروج لإسناد مهمة «استثنائية» إلى قائد الجيش اذا استمر تعذر حصول تسوية تعيد انتاج سلطة سياسية قادرة على قيادة عملية الانقاذ، وليس واضحا بعد طبيعة هذا الدور الذي يرسم للعماد جوزاف عون «لملء الفراغ» المحتمل في البلاد والمرجح ان لا يكون على «البارد»، في ظل توقعات بحدوث فوضى عارمة في لبنان خلال الاشهر القليلة المقبلة، وستكون المؤسسة العسكرية وحدها المؤهلة لاستلام زمام المبادرة.
الاستحقاق الرئاسي
لكن يبقى السؤال المحوري بعد دخول البلاد زمن الاستحقاقات الرئاسي، عما اذا كان قائد الجيش العماد جوزاف عون يرغب بان يصبح رئيسا للجمهورية ؟ وهنا يدخل العامل الثالث الى «الحلبة» بقوة خصوصا أن أربعة من قادة الجيش سبق ووصلوا إلى سدّة الرئاسة في السنوات 1958 و1989 و 1998 و2008، فهل تبحث واشنطن عن تحديد هوية الرئيس مبكرا، تسأل اوساط سياسة بارزة، وتريد من وراء دعم خيار قائد الجيش ارسال «رسالة» الى ايران باعتبارها الطرف الاقليمي الاكثر تاثيرا في هذا الاستحقاق، بانها مستعدة للذهاب الى تفاهمات «وسطية» على هذا المنصب تزامنا مع المفاوضات النووية في فيينا، باعتبار ان الجنرال جوزاف عون قد اثبت انه شخصية غير صدامية وعمل على تنظيم العلاقة مع حزب الله دون الاخلال بالتوازنات المتعارف عليها في علاقة الطرفين...؟ خصوصا ان حزب الله لطالما اكد ان العلاقة مع قائد الجيش جيدة جدا والتعاون وثيق في الكثير من الملفات.
الجيش وحزب الله؟
في هذا السياق، اكدت مصادر متابعة لملف العلاقات الامنية والعسكرية الاميركية- اللبنانية ان قائد الجيش جوزاف عون يفترض ان يقوم بزيارة «روتينة» الى واشنطن في وقت لاحق هذا العام، لكنه لن يحيد عن تمسكه باستراتيجية «المساكنة» المستمرة منذ سنوات مع حزب الله ، وبموافقة اميركية «صامتة»، لاعتبارات ترتبط بعدم رغبة واشنطن باضعاف المؤسسة العسكرية غير المهيأة للدخول في مواجهة مع الحزب، حيث تتعاظم المخاوف من انقسامات مذهبية مرجحة داخل الجيش في غياب اي ضمانات بعدم تكرار تجربة التشرذم الذي حصل ابان الحرب الاهلية... والاهم من كل ذلك انه لا يوجد خيارات متاحة امام واشنطن للتعاون مع اطراف سياسية لبنانية وازنة خصوصا بعد الاقرار بالفشل في تمويل الحملات الاعلامية والسياسية لقوى مناهضة لحزب الله، وهذا ما يضيق هامش الخيارات دون ان تكون النتائج مضمونة.
خيارات قائد الجيش؟
من جهتها اكدت مصادر مطلعة ان قائد الجيش يدرك تعقيدات الظروف الراهنة التي تعانيها البلاد، ويدرك ايضا ان الانخراط في «لعبة» السلطة غير مامون الجانب، ويدرك أيضاً أن الوصول الى سدة الرئاسة مرهونة بشروط كثيرة ليس اقلها استقرار الوضعين السياسي والأمني... واذا كانت المصادر العسكرية في بيروت تنفي وجود اي طموحات رئاسية لقائد الجيش وتحصر تحركاته الخارجية بمحاولة انقاذ المؤسسة العسكرية التي تتعرض لضغوط اقتصادية خطيرة، فان الامور تبقى مفتوحة على كافة الاحتمالات في بلد بات في «الهاوية» ويقترب من «الارتطام» الكبير دون وضوح في الرؤية حول كيفية البدء بعملية انقاذ شاملة في ظل غياب واضح للبنان عن سلم الاولويات، حيث تعتقد الدول الغربية ان الجيش وحده مؤهل «لملء الفراغ» الامني والسياسي في البلاد؟
الترسيم «ليونة» وتمسك بالحقوق
في هذا الوقت، واشنطن المهتمة بالساحة اللبنانية من «بوابة» الجيش، اعادت احياء ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي، وفيما ابلغ رئيس الجمهورية ميشال عون، الوسيط الأميركي لعملية التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، السفير جون دوروشيه،الذي التقى ايضا الوفد العسكري المفاوض وقائد الجيش جوزاف عون، «رغبة لبنان في استمرار المفاوضات غير المباشرة في الناقورة بوساطة أميركية واستضافة دولية، وذلك بهدف الوصول إلى تفاهم حول الترسيم، على نحو يحفظ حقوق الأطراف المعنيين بالاستناد إلى القوانين الدولية، داعيا وشنطن الى لعب دور الوسيط النزيه والفاعل».
وتحدثت اوساط مطلعة ان الرئيس عون شدّد على «انفتاح لبنان على الأفكار المطروحة ضمن إطار السيادة اللبنانية الكاملة براً وبحراً»، لافتاً إلى أن «لدى لبنان خيارات عدة في حال عدم تجاوب الإسرائيليين مع الجهود المبذولة لتحريك المفاوضات.
هل تم التخلي عن «كاريش»؟
هذا الانفتاح اللبناني وجد تفسيرا في تسريبات لمصادر دبلوماسية اميركية في بيروت تحدثت عن عدم تمسك لبنان بمفاعيل الخط 29 والاتجاه هو الى ابداء ليونة في التفاوض من خلال التخلي عن اي حصة مفترضة في حقل «كاريش»... وهو امر لم يؤكده اي مصدر رسمي لبنان؟!
وخلال اللقاء في قصر بعبدا، طلب عون من الوسيط الأميركي ممارسة دوره للدفع نحو مفاوضات عادلة ونزيهة، ومن دون شروط مسبقة، لأن ذلك يضمن قيام مفاوضات حقيقية مستندة إلى الحق الذي يسعى لبنان إلى استرجاعه وأعرب عن أمله في أن «تلقى المساعي التي سوف يبذلها دوروشيه مع المسؤولين الإسرائيليين، نتائج إيجابية، آخذين في الاعتبار وجود حكومة جديدة في إسرائيل الأمر الذي يتطلب ربما جهداً إضافياً لعدم حصول المزيد من التأخير في المفاوضات، التي لا يمكن لإسرائيل أن تفرض وجهة نظر أحادية على مسارها.
لا تفاوض قبل نهاية الصيف؟
تجدر الاشارة الى ان دوروشيه سيزور اسرائيل لعقد لقاءات مع القيادة الاسرائيلية المنتخبة حديثا، وسيكون هذا الملف على «طاولة» البحث مع رئيس الحكومة الجديدة نفتالي بينيت المعروف بتطرفه وتشدده، وسط مخاوف من مزايدات سياسية قد تؤدي الى تأخير انطلاقة المفاوضات مرة جديدة اقله لنهاية الصيف!
المحروقاتسعد الحريريترسيم حدود لبنان