لبنان
"الكابيتال كونترول" في لجنة المال اليوم.. والانترنت مهدد بالانقطاع بعد الكهرباء!
تناولت الصحف الصادرة اليوم أزمة الكهرباء التي تبسط ظلمتها على مختلف المناطق اللبنانية والترجيحات بتفاقمها في المقبل من الأيام، وسط مخاوف من تشعب المشكلة لتطال قطاع الانترنت والاتصالات.
إلى ذلك، سجلت دعوى قضائية في باريس بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذ فتحت النيابة الوطنية في فرنسا تحقيقاً دولياً حول ثروته في أوروبا.
حكوميا، لم يطرأ أي جديد، ورغم ارتفاع السقف في البيانات بين بعبدا وبيت الوسط مؤخرًا، إلا أن المبادرة اليتيمة للرئيس نبيه برّي مستمرة، وهو يتابع مساعيه لمحاولة جمع الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عسى أن يخرق جدار التأليف.
على صعيد آخر، يُتوقع أن يصدر اليوم تعميم مصرف لبنان حول آلية وشروط تنفيذ قرار مجلسه المركزي بإلزام المصارف تسديد 400 دولار أميركي "فريش" شهريًا للمودعين، كما تعقد لجنة المال والموازنة النيابية جلسة أخيرة اليوم للبت باقتراح قانون "الكابيتال كونترول".
"الأخبار": "الحاكم" ينشر العتَمة: الدولارات للمازوت لا لكهرباء لبنان!
بحسب صحيفة "الأخبار"، الحكومة معلّقة. وكل المحاولات تصطدم بأزمة الثقة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. الطرفان صارا في قلب الانتخابات النيابية، والتعامل مع الملف الحكومي صار يقارب بمدى فائدته في حشد المناصرين. لكن إلى ذلك الحين، فإن البلد ينهار بشكل متسارع. «ترشيد الدعم» صار أمراً واقعاً، لكن ذلك يطال في طريقه الفيول الخاص بكهرباء لبنان، رغم أن القانون يوجب على مصرف لبنان فتح الاعتمادات للمؤسسة، بوصفه مصرف القطاع العام. لكن، مع ذلك، رياض سلامة لا يبالي بأن تنخفض التغذية إلى ساعتين يومياً. اللافت أنه يفضّل هدر الدولارات على دعم المازوت الخاص بالمولدات الخاصة، بالرغم من أن كلفة إنتاج الطاقة فيها أعلى، بما يزيد الأعباء على الاحتياطي وعلى المستهلكين الذين يدفعون زيادة تصل إلى عشرة أضعاف!
الأجواء الإيجابية التي تلت فترة حرب البيانات بين رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» من جهة وتيار «المستقبل» من جهة أخرى، تقتصر وظيفتها على التهدئة الإعلامية بين الطرفين. المطلوب الحد الأدنى من الهدوء، لكي يستمر الرئيس نبيه بري في مسعاه، هو الذي أكد أن «المبادرة التي أطلقها قائمة، ولن يتراجع عنها، بوصفها فرصة لن يكون مثلها، بل لن تتكرّر».
لكن هل فعلاً المبادرة قائمة؟ بحسب المعطيات المتوافرة، فإن تحركاً فرنسياً شهدته الأيام الماضية، حيث تواصل الموفد الفرنسي باتريك دوريل مع المعنيين بتشكيل الحكومة. لكن مصادر مطلعة أكدت أن اتصالاته كانت محصورة بالاستفسار عن التطورات، من دون أن يحمل أي اقتراح أو مبادرة جديدة. في المقابل، اتخذ رئيس المجلس، بالتعاون مع حزب الله، مجموعة من الخطوات لتفعيل مبادرته بعد تثبيت الهدنة بين التيارين الخصمين، من دون أن يعني ذلك زيادة التفاؤل بإمكانية إحداث أي خرق في المشهد الراهن. في الظاهر، فإن العقدة صارت محصورة بالوزيرين المسيحيين اللذين يفترض أن يكونا جزءاً من الثلث المحسوب على الحريري. كل الصيغ لتسميتهما وصلت إلى حائط مسدود، علماً بأن مصادر مطلعة أكدت أن البطريرك الماروني بشارة الراعي كان سمع من رئيس الجمهورية موافقة على صيغة تسمية الحريري لوزيرين يوافق عليهما الرئيس، لكن باسيل هو الذي رفض هذا الحل، على اعتبار أن في ذلك تثبيتاً للمثالثة التي يرفضها المسيحيون. وفي الإطار نفسه، كان نُقل عن بري عندما وصلته، عبر الخليلين (الوزير السابق علي حسن خليل، وحسين الخليل المعاون السياسي للسيد حسن نصر الله)، رسالة من الامين العام لحزب الله مفادها أنه لا يجوز ترك البلد على ما هو عليه هكذا، أبلغ الطرفين أنه سبق أن تجاوب الحريري مع مسعاه لكن باسيل لا يوافق على تسمية الحريري للوزيرين المسيحيين، طالباً العودة إلى التواصل معه مجدداً. وهو ما يفترض أن يحصل مع بداية الأسبوع.
يذكر أن باسيل كان وافق على توزيع الحقائب الذي اقترحه الحريري، باستثناء إيلاء حقيبة الطاقة إلى تيار المردة، التي أعطيت إلى حزب الله أو حركة أمل.
الأسبوع المقبل تنخفض التغذية إلى ساعتين يومياً
وعلمت «الأخبار» أن حزب الله تواصل مع كل من الحريري وباسيل، قائلاً للأول بضرورة حل مشكلة الحكومة مع عون، واعداً بأن الثنائي لن يعقّد الأمور وليس لديه مطالب غير حقيبة المال لحركة أمل، ولن تكون هناك مشكلة ببقية الأسماء. أما باسيل، فحضّه الحزب على التعامل بإيجابية مع مبادرة بري، إذ «يجب عدم ترك المناخات السلبية تتحكّم بالمشهد». من جهته، نُقِل عن بري قوله إنه أعطى «سعد وجبران مهلة أسبوع أخير، وبعدها سيكون لي حديث آخر». بدوره، وضع البطريرك الماروني بشارة الراعي مهلة 10 أيام لتأليف حكومة، قائلاً إنه يرفض أن يتحدث أحد باسمه، و«أنا لا أريد التدخل في التسميات ولن يكون لي أيّ مرشح».
وبالرغم من التهدئة الإعلامية، وبالرغم من استمرار مبادرة بري، إلا أنه بدا واضحاً بالنسبة إلى مطلعين على مسار التشكيل أن الحريري، كما باسيل، يتعاملان مع الملف الحكومي من منطلق تأثيره على الانتخابات النيابية لا من منطلق السعي جدياً إلى تشكيل الحكومة. فقد سلم الجميع بأن حكومة يرأسها الحريري في عهد ميشال عون لن تكون متاحة، بسبب أزمة الثقة التي تباعد بينهما وتجعل أي تعاون، حتى لو أُلفت الحكومة، بعيد المنال؛ بمعنى أن تأليف الحكومة حتى لو أنجز فلن يكون كافياً لتتمكن من العمل في ظل هذه الأزمة. وهذا يشير إلى أن المطلوب من الملف الحكومي حالياً هو تجميع الأوراق وصولاً للاستحقاق الانتخابي الذي سيجري في موعده، أي بعد نحو عام. الحريري يريد تعزيز شعبيته في الشارع السنّي، مقتنعاً بأن الطريق إلى ذلك هو استمرار التصعيد مع باسيل، والأخير يريد أن يعزز شعبيته في الشارع المسيحي، معتمداً على إبداء الحرص على الدور المسيحي وحماية المناصفة.
لكن هل يمكن للبلد أن يصمد لمدة عام؟ المؤشرات الأولية تشير إلى أن الانهيار الشامل الذي كثر الحديث عنه لم يعد بعيداً، وما رفع الدعم أو تقليصه إلا إحدى شراراته؛ علماً بأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قد بدأ عملياً تنفيذ ترشيد الدعم، لكنه بدأه بالمواد الأكثر أهمية، أي الدواء وفيول الكهرباء، بالتوازي مع اتفاقه وبري على تطيير قانون «الكابيتال كونترول»، ما يعني ترك حاكم مصرف لبنان متحكماً في مصير البلد والناس، من دون أي قيود قانونية.
وفيما لم تُحسم بعد مسألة فتح اعتمادات للأدوية التي دخلت إلى لبنان قبل أن يقرر تقليص الدعم، أدى رفض سلامة فتح اعتمادات لثلاث شحنات فيول لزوم معامل الكهرباء إلى كارثة على صعيد التغذية، حيث انخفضت التغذية خارج بيروت إلى ٥ ساعات، فيما لم تزد في بيروت على ٧ ساعات. وكانت المشكلة قد بدأت مع طعن نواب القوات اللبنانية في قانون الاعتماد الإضافي بقيمة ٣٠٠ مليار ليرة الذي أقرّه مجلس النواب لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، والذي أوقف المجلس الدستوري تنفيذه إلى حين بتّ الطعن. حينها، جمّدت عمليات شراء الفيول، باستثناء شحنة واحدة وافق مصرف لبنان على فتح اعتماد لها، بعدما تأمنت كلفتها بالليرة بالتعاون بين وزارة المالية وكهرباء لبنان. لكن منذ ٢٦ أيار الماضي، حين أصبح القانون نافذاً، حتى اليوم، لم يوافق مصرف لبنان سوى على فتح اعتماد باخرة واحدة من أصل أربع تم الاتفاق معها، هي باخرة فيول (Grade B)، ستكفي عملياً لتشغيل معملي الزوق والجية القديمين لنحو ١٥ يوماً. لكن في المقابل، فإن نقص الفيول (Grade B) والغاز أويل إدى إلى إعلان المؤسسة تخفيض معدل الانتاج في معامل الزوق والجية الجديدين والزهراني ودير عمار، بما أدى إلى تخفيض إجمالي الطاقة المنتجة على الشبكة حالياً إلى 720 ميغاواط، بعد أن جرى تخفيضها تدريجياً خلال الأسابيع الماضية. المشكلة أنه حتى هذا الحد لن تستطيع المؤسسة الحفاظ عليه، إذ أكدت مصادرها أن مخزون الفيول أويل (Grade B) لن يكفي لأكثر من أربعة أيام. بعدها ستكون مضطرة إلى إطفاء معملي الجية والزوق الجديدين، فيما مخزون الغاز أويل لن يكفي لأكثر من أسبوع. عندها، ستنخفض التغذية إلى حدود ٣٠٠ ميغاواط، أي ما يعني اقتصار التغذية على ساعتين يومياً، علماً بأن ذلك سيؤثر على ثبات الشبكة الكهربائية واستقرارها، حيث ستؤدي أي صدمة كهربائية تتعرض لها إلى خروج المعامل كافة عنها، وبالتالي الوصول إلى العتمة الشاملة.
عودة فرنسيّة للاستطلاع الحكومي… و«إنذاران» من برّي والراعي
اللافت أن البديل، أي المولدات الخاصة، بدأت تشكو من عدم قدرتها على تعويض الفارق، أولاً لأنها لا يمكنها أن تعمل لفترات طويلة، وثانياً بسبب شح المازوت. ولذلك، أعلن ممثل تجمع أصحاب المولدات عبدو سعادة عن توجه للتقنين لمدة ٥ ساعات يومياً. وهذا يعني أن اللبنانيين، في حال لم يقم مصرف لبنان فوراً بتحرير الاعتمادات الخاصة بالبواخر الموجودة حالياً، سيكونون حتى عير قادرين على تعويض النقص بالتغذية من المولدات الخاصة؛ علماً بأنه حتى لو أفرج مصرف لبنان عن الاعتمادات الخاصة بالشحنات الحالية، فإن استقرار التغذية لن يتحقق، إلا في حال كان لدى وزارة الطاقة خطة إمداد في الفيول على الأقل لشهرين، وهذا يحتاج إلى التزام واضح من مصرف لبنان بفتح الاعتمادات التي تحتاج إليها المؤسسة، خاصة أنه من أصل الـ٢٠٠ مليون دولار التي أقرّها مجلس النواب لها، لم يفتح المصرف اعتمادات سوى بقيمة ١٤ مليون دولار. مصادر معنية تصف ما يفعله مصرف لبنان بالتمرد على المؤسسات الدستورية؛ إذ إنه، بصفته مصرف الدولة والمؤسسات العامة، ليس لديه خيار لرفض أو الموافقة على فتح اعتمادات للمؤسسات العامة. فهذه الاعتمادات ليست جزءاً من الدعم، وبمجرد وجود قانون يغطيها بالليرة، وجب عليه أن يحولها إلى الدولار، لأن المؤسسات والإدارات العامة لا يمكنها الحصول على العملة الأجنبية إلا من مصرف لبنان.
كذلك تستغرب المصادر أن مصرف لبنان، بالرغم من الشح النسبي في مادة المازوت، لا يزال يؤمن حاجة السوق إليها، بما يسمح بتشغيل المولدات الخاصة، فيما يحجب الأموال عن كهرباء لبنان، التي يفترض أن تكون لها الأولوية، حتى من منطلق اقتصادي؛ أولاً لأن استهلاكها للفيول أكثر فاعلية بأضعاف من المولدات، ما يوفر في استهلاك الدولارات لديه، وثانياً لأن كلفة الكيلوواط على المستهلك بالنسبة إلى كهرباء الدولة هي ١٠٦ ليرات، فيما كلفة الكيلوواط لدى المولدات تخطّت الألف ليرة، بالرغم من أن المازوت لا يزال مدعوماً. وهذا يعني أمراً من اثنين، إما أن مصرف لبنان يريد أن ينفّع كارتيل المازوت حتى لو أدى ذلك إلى هدر الدولارات المتبقية، وإما يريد أن ينفّع كارتيل المولدات، وفي الحالتين فإن المتضرر هو المستهلك والاحتياطي على السواء.
أزمة الكهرباء لا تنعكس على المستهلكين تغذية أقل فقط، بل تنعكس على كل نواحي الحياة، ومنها قطاع الإنترنت الذي حذّر المدير العام لأوجيرو عماد كريدية، أمس، من أنه يمكن أن يتوقف عن العمل، من جراء انقطاع الكهرباء. فانخفاض التغذية يتسبب في ضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لأوجيرو، في ظل صعوبة تأمين الاستقرار في إمداد المحطات بمادة المازوت، التي ازداد الطلب عليها.
"الجمهورية": بري حصر العِقَد ويحاول جمع الحريري وباسيل
يرفض رئيس مجلس النواب نبيه بري الاستسلام للفراغ والتعطيل وإعلان وفاة مبادرته، ويصرّ على إبقاء هذه المبادرة على قيد الحياة، ويضُّخ فيها الأفكار الجديدة سعياً لإنعاشها، خصوصاً انّها المبادرة الوحيدة المتبقية وتحظى بتأييد داخلي وخارجي، وهذا ما يفسِّر العمل الجاري بتكتم، ليس فقط في الأفكار والمخارج المحتملة في العِقد المتبقية، إنما من خلال حركة الوسطاء المستمرة والبعيدة من الأضواء. فهل يمكن ان تشهد هذه المحاولة المتجدّدة خرقاً هذا الأسبوع، أم انّ مصيرها سيكون الفشل وسيضطر صاحبها في نهاية المطاف إلى إعلان وفاتها وإطفاء محركاته، كون الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون وخلفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من جهة، والرئيس المكلّف سعد الحريري من جهة أخرى، غير قابل للمعالجة؟
إبقاء بري الروح في مبادرته ساهم في ترييح الأسواق، وحافظ على الأمل في إمكانية الخروج من المأزق الحكومي، لأنّه في حال انتهاء هذه المبادرة يصبح التعايش مع الفراغ قدراً محتوماً، مع انعكاساته المالية والاقتصادية. ومن الواضح انّ رئيس المجلس يريد ان يستنفد كل المحاولات، بعدما نجح في حصر النقاط او العقِد الخلافية، وفي ظل وجود أفكار- مخارج عدة يعمل على تسويقها لدى الطرفين اللذين لا يبدو انّهما في وارد تحمُّل تبعات إفشال هذه المحاولة.
ولكن تجربة المبادرات والوساطات التي سبقت لا تطمئن، وتؤشر إلى عمق الهوّة التي تفصل بين الطرفين المعنيين بالتأليف، والتي يتداخل فيها السياسي والنظرة إلى الحكومة والشخصي. وهذا ما يفسِّر السعي إلى عقد لقاء يجمع هؤلاء المعنيين، في محاولة لإحياء التجربة القديمة المعروفة بلقاءات غسل القلوب التي كانت تحصل سابقاً، وتفي بالغرض المطلوب وتؤدي إلى الهدف المنشود، حيث يبدو أنّ مراسيم التأليف لن تصدر قبل عقد جلسة غسل قلوب تؤدي إلى صفاء النيات وفتح صفحة جديدة بين الفريقين.
فهل تنجح محاولة بري لجمعهما، في الوقت الذي لم تتمكن فرنسا من ترتيب لقاء من هذا القبيل لا في بيروت ولا في باريس؟ والأكيد حتى اللحظة، انّ هذا اللقاء ما زال مستبعداً، ولكن صاحب المبادرة لم ييأس، وهو ينطلق من مبدأ ان لا شيء مستحيلاً، خصوصاً انّ شكوى البعض في مطلع العهد كانت بسبب متانة العلاقة بينهما، وبالتالي، ماذا عدا مما بدا لتتحول هذه العلاقة عداوة، فيما من الواضح انّ المعبر للتأليف يكمن في عقد جلسة غسل القلوب، كخطوة ضرورية وإلزامية تمهِّد لإصدار مراسيم التأليف؟
في غضون ذلك، لاحظت اوساط سياسية مواكبة للمساعي الحكومية، انّ بري، مدعوماً من «حزب الله»، يكاد يكون الوحيد المتمسك بمبادرته والمصرّ عليها، وسط الاستنزاف الذي تتعرّض له من الجهات المعنية بها، والتي تدعمها في الظاهر لكنها لا تتجاوب بالمقدار الكافي مع متطلبات نجاحها.
واشارت هذه الاوساط، إلى أنّ مبادرة بري تواجه معاناة، لكن صاحبها لا يزال يتمسك بها، تاركاً أبوابها مفتوحة لملاقاة اي ردود إيجابية محتملة. واشارت، الى انّ مسعى بري هو الخيط الرفيع المعلّقة به الفرصة الأخيرة، واذا انقطع فهذا سيكون مؤشراً إلى اقتراب الوقوع في محظور الارتطام الكارثي.
وأبدت الاوساط نفسها، خشيتها من ان تكون القطبة المخفية التي تؤخّر ولادة الحكومة هي خارجية، على رغم كل التأكيدات بأنّ الازمة داخلية، معتبرة انّ لا شيء يمكن ان يفسّر على المستوى الداخلي المحض، العجز المتمادي عن التشكيل، على رغم تفاقم عوارض الانهيار.
هدنة بري
وفي الوقت الذي عبر الاسبوع من دون تسجيل اي جديد على جبهة التأليف الحكومي، تلاقت مصادر عدة على التأكيد لـ«الجمهورية»، أنّ بري ينوي تسريع اتصالاته مطلع الأسبوع الجاري بحثاً عن خرق ما، وهو لا يزال يبحث في طريقة إخراجه إلى العلن، محتفظاً بما يمكن اعتباره معطيات جديدة يمكن ان تزخّم مبادرته، متسلحاً بدعم خارجي غربي، وتحديداً فرنسي وعربي تتقدّمه مصر، التي باركت المبادرة وتسعى عبر اتصالاتها في الداخل والخارج الى تسهيل التأليف.
وقالت هذه المصادر، انّ بري بعدما حقق ما يمكن تسميته «هدنة اعلامية» بين طرفي النزاع، ابدى ارتياحه الى توقف سيل البيانات وكلام المصادر الذي اشاع جواً سلبياً كبيراً، بعدما خشي ان يكون مضمونه مؤشراً سيئاً الى مستقبل مبادرته، بعدما تجاوز ما كان مطروحاً للبحث.
بعبدا ترصد
وكشفت مصادر قريبة من قصر بعبدا لـ«الجمهورية»، انّ الاتصالات مستمرة، وانّ عون تلقّى حصيلة مقبولة للإتصالات الاخيرة، لم تشر الى اي تقدّم فعلي ولكنها تأخذ منحى ايجابياً. وتحدثت عن «مقترحات تروح وتجيء» في انتظار ان يقيّمها بري للانتقال الى مرحلة مقبلة.
ورفضت هذه المصادر الحديث عن توتر بين معاون بري النائب علي حسن خليل ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في آخر لقاء بينهما. ولفتت إلى انّ آخر اللقاءات لم يكن مقفلاً، وكل ما تبلّغته هو انّ للبحث صلة وانّ بري لن يألو جهداً في الإتجاه الذي يخدم مبادرته.
«بيت الوسط»: لا تقدّم
من جهتها، لفتت مصادر «بيت الوسط» عبر «الجمهورية»، إلى «انّ الاتصالات الاخيرة لم تأت بجديد كان يتوقعه الحريري، بعدما قدّم مزيداً من التسهيلات لخطة الرئيس بري، وخصوصاً تلك المتصلة بتشكيلة الـ 24 وزيراً وعملية توزيع الحقائب».
وقالت: «انّ المهم هو انّ نقدّم التنازلات على طاولة مبادرة الرئيس بري، وانّ ما يعبّر عنه بعض المتحدثين من مسؤولي «التيار الوطني الحر» لا يوحي بالارتياح، فكأنّهم يعيشون في زمن آخر وبلد آخر، وخصوصاً عندما يطلقون تصريحات تتجاهل ما نعرفه ويعرفه جميع اللبنانيين من حقائق».
لا زيارات سرية
وانتهت هذه المصادر الى التأكيد «انّ مبادرة بري ماضية إلى الأمام وليس هناك من شيء محدّد».
وعمّا إذا كان هناك موعد للحريري لزيارة عين التينة، قالت المصادر: «لا شيء معلناً، وإن حصلت هذه الزيارة لن تكون سرية كما يرغب البعض ان تكون زياراته سرّية وفي امكنة غير معلن عنها، في إشارة إلى مجموعة من اللقاءات التي عُقدت في مواقع رسمية كان يفترض ان تكون مخصصة للقاءات أخرى ومبادرات أخرى. فالبلد يتفكك وينهار، وهناك من يسعى الى مكاسب آنية لا تتناسب وحجم النكبة في البلاد».
"اللواء": الدعاوى ضد سلامة
في باريس، سجلت دعوى قضائية بحق سلامة، إذ فتحت النيابة الوطنية في فرنسا تحقيقاً دولياً حول ثروة حاكم المصرف في أوروبا.. من فرنسا إلى جنيف، مع التلميح إمكان حدوث تبييض أموال وتحويلات مشبوهة.
وسرعا ما ردّ محامي سلامة في فرنسا، معلنا: نحن الآن امام عملية إعلامية، بشكل رئيسي لا بل سياسية.
والسؤال ما الرابط بين وضع قرار المجلس المركزي لدى حاكمية مصرف لبنان والدعوى على سلامة؟ وهل ثمة صلة مع جلسة لجنة المال والموازنة النيابية للبحث بموضوع الكابيتال كونترول، والتي سيتلوها كلام مباشر لرئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان؟
وأشار وكيل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في فرنسا نقيب المحامين الأستاذ بيار-أوليفييه سور، في بيان، إلى أننا «علمنا صباح امس عبر الصحافة، عن فتح تحقيق أولي في فرنسا ضد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، عقب شكويين أثارتا ضجة إعلامية كبيرة، الأولى تقدمّت بها منظمة «شيربا»، والثانية «جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان»، واللّتان تبقى مصالحهما المباشرة وغير المباشرة في لبنان مجهولة».
واعتبر أننا «في هذه المرحلة امام عملية «إعلامية» بشكل رئيسي، لا بل سياسية، كما يتّضح من المصطلحات التي استخدمها المحامي بوردون ومحيطه، والتي ليس لها أي طابع قضائي للتحدّث عن «تحقيق ضخم» أو تحقيق «عالمي» يتعلق بـ «شخصية مكروهة» قد تبلغ ثروتها ملياري دولار – وهذا كمّ من المبالغات يُظهر مدى التلاعب».
ولفت إلى «أنّ شكوى منظمة «شيربا» تستند بشكل أساسي إلى عمل تحقيقي لمكتب محاماة انجليزي استنتج أنّه لا وجود لأي دليل قاطع (No smoking gun)، في حين أنّ الشكوى التي قدّمتها «جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان» ترتكز إلى تقرير مكتب تحقيق فرنسي يخضع لتحقيق أولي منذ نحو ستة أشهر لـتهمة «محاولة التحايل على القضاء» إثر دعوى تقدّمتُ بها أمام النيابة العامة في ليون بإسم سلامة».
إلى ذلك، أكّد مصرف لبنان ان المسودة المتعلقة بالتعميم الذي سيصدر عن مصرف لبنان والذي ينضم عملية دفع مبلغ ٨٠٠$ نصفهم بالدولار والنصف الاخر بالليرة اللبنانية على سعر منصة SAYRAFA، التي عممت في دقيقة وان التعميم سيصدر وينشر للجميع نهار الاثنين ٧ حزيران ٢٠٢١. و هو يختلف عن المتداول حاليا.
وتجتمع لجنة المال والموازنة اليوم لمتابعة البحث في مواد مشروع قانون الكابيتال كونترول، على ان يُنجز خلال جلسة أو أكثر، ويحال إلى اللجان المشتركة قبل اقراره، ثمّ ارساله إلى مجلس النواب.
الانترنت يلحق بالكهرباء
وسط ذلك، بدا ان قطع الكهرباء مرشّح لأن ينعكس مباشرة على الانترنت، وغرّد مدير عام هيئة «أوجيرو« عماد كريدية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنّ «الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لأوجيرو، كما زيادة الطلب على المحروقات التي باتت نادرة هي ايضا»، لافتاً إلى أن «استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جديا امكانية أوجيرو بتقديم الخدمات.. اللهم اني بلغت، اللهم فاشهد».
وعاد كريدية وأوضح أنّ «انقطاع الإنترنت أصبح جدياً، والهدف من كلامي إطلاق آخر جرس إنذار».
ميدانياً، نفذت مجموعات من الحراك المدني و«جبهة 17 تشرين» وقفة تحت عنوان «الشعب يقرر»، أمام مبنى الأمم المتحدة- الاسكوا، حيث دعا المعتصمون الشعب اللبناني وأهالي الشهداء والضحايا وأهالي المفقودين والمعتقلين وجميع القطاعات والنقابات والطلاب والمودعين الى «النزول الى الشارع وسحب الثقة من المنظومة الفاسدة».
وألقى وليد الأيوبي كلمة باسم المعتصمين، توجه فيها الى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، دعا فيها: «لما أصبح النظام السياسي اللبناني في عداد النظم السياسية الأكثر تخلفا، والشعب اللبناني في عداد الشعوب الأكثر معاناة، نتيجة إمعان الحكومات المتعاقبة في احتكار السلطة والثروة، وفي تقطيع أوصال الشعب من خلال استثارة الغرائز الطائفية والمذهبية اللصيقة بالجماعات المتخلفة، ونتيجة للصراعات الإقليمية والدولية التي ترخي بآثارها المدمرة على دورة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
"الديار": "الكابيتال كونترول" يُبتّ اليوم.. وثغرات فيه تؤدّي الى خسائر بمليارات الدولارات
ومن المتوقّع أن يصدر خلال ساعات اليوم، تعميم مصرف لبنان الذي يُحدّد آلية وشروط تنفيذ قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان والذي ينصّ على إلزام المصارف تسديد 400 دولار أميركي «فريش» شهريًا إضافة الى ما يوازيها بالليرة على سعر منصّة صيرفة للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الاول 2019. هذا الأمر هو بداية جيدة لإستعادة المودعين الصغار أموالهم من المصارف على أن يكون هناك خطوات أخرى تتبع وتذهب بإتجاه إستعادة الودائع لكل المودعين.
تسديد الودائع والإستقرار النقدي
التعميم المُتوقّع صدوره سيُحدّد آلية تطبيق قرار المجلس المركزي وبالتحديد المُستفيدين من هذا التعميم، وآلية الدفع، ومصادر التمويل. وبحسب البيان الصادر عن مصرف لبنان، سيستفيد من هذه العملية الحسابات التي كانت قائمة قبل تشرين الأول 2019 وكما هو الرصيد في أذار 2021. وبإعتقادنا يعود سبب تحديد تاريخ تشرين الأول 2019 للأرصدة القائمة إلى أن العديد من الحسابات تمّ تحويلها من الليرة إلى الدولار في الفترة التي إنطلقت من تشرين الأول 2021 عقب إقفال المصارف لمدة أسبوعين إذ بدأت فوضى تحويل الحسابات والإستنسابية في إعتماد سعر صرف التحويل بين الحسابات في حسابات المودعين لا سيما المحظيين منهم. وبالتالي، أدّى هذا الأمر إلى حصول الضغوطات على سعر صرف الدولار مُقابل الليرة مما شوّه السعر داخل المصرف الذي لم يعد يعكس الأسس الإقتصادية القائمة على الأرض. أضف إلى ذلك أن تجارة الشيكات راجت، أو أن شرارتها انطلقت مع انطلاق الاحتجاجات الى وقتنا الحالي، وبالتالي تمّ تحقيق أرباح تمّ تحميلها لحاملي الليرة اللبنانية والحسابات المصرفية القائمة.
وهنا يُطرح سؤال جوهري عن مصير حاملي حسابات بالليرة اللبنانية خصوصًا من وثقوا بالليرة والتي فقدت من قيمتها في السوق السوداء مُقابل الدولار الأميركي؟ في الواقع، الأمر مرهون بحجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية التي ستظهر نتيجة هذه العملية. فالمصرف المركزي يتوقّع أن ترتفع الكتلة النقدية ما بين 26 و27 تريليون ليرة لبنانية نتيجة هذه العملية وهو ما قد يزيد من التضخّم. هذه الكتلة النقدية آتية من الـ 400 دولار أميركي التي سيتمّ سحبها بالليرة اللبنانية على سعر صرف منصّة صيرفة. ومن المفروض أن يُحدّد التعميم المنوي إصداره إذا كان من المُمكن سحب هذه الليرات نقدًا أو سيتمّ إستخدامها فقط بواسطة وسائل الدفع الأخرى(بطاقة مصرفية، شيك...) التي تخفف وطأة تضخم الكتلة النقدية خصوصًا أن سحبها نقدًا سيدفع بالمودعين إلى الذهاب إلى السوق السوداء لتحويلها إلى دولارات وهو ما قد يزيد الضغط على الليرة اللبنانية أكثر فأكثر.
إلا أن هذا السيناريو يواجه مُشكلة جشع التجّار الذين لا يقبلون القبض إلا نقدًا! من هنا أهمية أن يتمّ فرض قبول وسائل الدفع الأخرى بالليرة اللبنانية على التجّار كي لا يتمّ تعويم السوق بالليرة وبالتالي زيادة التضخّم على أن تكون هناك إجراءات جزائية بحقّ من يرفض وسائل الدفع هذه. هذه الإجراءات قد تكون من خلال السياسة النقدية من جهة ومن القانونية من جهة أخرى.
في المُقابل فإن ضخّ الدولارات في السوق نتيجة دفع الـ 400 دولار أميركي بالعملة الصعبة نقدًا، سيؤدّي إلى لجم هذا التضخّم عملًا بمبدأ أن من يأخذ الـ 400 دولار أميركي سيعمد إلى تخزينها في المنزل أو صرفها (عدم احتمالية التحاويل الكبيرة راجع الى تدني المبلغ المجاز تحويله شهرياً). أضف إلى ذلك أن مصرف لبنان ومن خلال بيعه للدولارات على منصّة صيرفة (حيث السعر أقلّ من سعر السوق السوداء) يفرض دفع المبلغ بالليرة اللبنانية نقدًا وهو ما يؤدّي إلى إمتصاص جزء من السيولة بالليرة اللبنانية الموجودة في السوق.
تبلغ كلفة هذه العملية بحسب بيان مصرف لبنان 2.4 مليار دولار أميركي بالعملة الصعبة منها 1.2 من الإحتياطي الإلزامي (خفض الإحتياطي الإلزامي من 15% إلى 14%) و1.2 من المصارف وبالتحديد من السيولة المكوّنة عملا بالقرار الأساسي رقم 154 الذي فرض على المصارف زيادة رأس المال 20% وزيادة السيولة بنسبة 3% في المصارف المراسلة. وأما الدفع بالعملة الوطنية فستكون كلفته بين الـ 26 و27 تريليون ليرة لبنانية والتي سيتحمّلها كل الشعب على شكلّ تضخم وبالتحديد إذا ما تمّ السماح بسحب هذه الأموال نقدًا.
دخل القرار الأساسي رقم 154 حيز التنفيذ أخر شباط الفائت. وعلى هذا الأساس قامت لجنة الرقابة على المصارف بدراسة مُعمّقة لكل ملفات المصارف وكوّنت فكرة دقيقة عن الوضع المالي للمصارف. وبالتالي يأتي قرار المجلس المركزي بإلزام المصارف دفع 400 دولار أميركي كاش و400 دولار أميركي بالليرة اللبنانية على سعر صرف المنصة صيرفة، ليعكس الدراسة التي قامت بها الجهات الرقابية.
المصارف من ناحيتها، غير المُتحمّسة لهذا القرار، عبّرت من خلال جمعية المصارف عن «إستعدادها الكامل لبحث مندرجات التعميم المزمع إصداره من قبل مصرف لبنان بإيجابية تامة لما فيه المصلحة العامة». وبالتالي هذا يعني إلتزاما من قبلها مع محاولة تحسين شروط التعميم – أي سحب كمّية أكبر من الإحتياطي الإلزامي مع تخفيض النسبة التي ستدفعها المصارف من سيولتها لدى المصارف المراسلة.علمًا أن المصارف التي لن تلتزم بالتعميم الذي سيصدر، من المتوقع أن تختفي عن المشهد المصرفي من خلال وضع يدّ مصرف لبنان عليها.
بغض النظر عما ستكون عليه هيكلية التمويل، المُهمّ أن هذه الخطوة هي خطوة أولى وأساسية بإتجاه إستعادة المودعين أموالهم حيث من المتوقّع أن يحصل 800 ألف مودع (70% من المودعين) على أموالهم في العام الأول بحسب بيان المصرف المركزي. وبالتالي يتوجّب إستكمال هذه الخطوة بخطوات أخرى – أي قانون الكابيتال كونترول الذي سيُقرّ في المجّلس النيابي.
قانون الكابيتال كونترول والثغرات المُكلفة
نجاح عملية تسديد الودائع لصغار المودعين والحفاظ على الاستقرار النقدي، مرهون بوقف تحويل الدولارات إلى الخارج إلى غير المُستحقّين. لكن ماذا تعني عبارة غير المُستحقين؟وماذا عن الاقتصاد الحر؟
في الواقع مشروع الكابيتال كونترول الذي سيتمّ بتّه اليوم في اللجنة النيابية المولجة دراسته، يحوي على ثغرتين تُعاكسان مشروع مصرف لبنان الهادف إلى إعادة الأموال وتأمين الاستقرار النقدي:
أولا –التهريب: من الغريب أن مشروع قانون الكابيتال لم يأت على ذكر مُكافحة التهريب. هذا الأمر مُستغرب خصوصًا أن تعريف الكابيتال كونترول ينص على أنه مجموعة إجراءات مالية وغير مالية. وإذا كان البعض يظن أن التهريب هو مُخالف للقانون، فالواجب أقلّه إعادة التذكير بهذه المُخالفة التي تستهلك دولارات اللبنانيين بوتيرة تتراوح بين 3 و4 مليار دولار أميركي سنويًا (!) سواء في ذلك الدولارات المدعومة أو غير المدعومة.
ثانيًا – أموال التصدير: إن حجم التصدير السنوي يبلغ 3.5 مليار دولار أميركي. هذه الأموال تبقى بمعظمها في الخارج ويُحرم منها الاقتصاد مع العلم أن هذه الأموال أختصوا بها في هذه الأزمة لمصلحة المجتمع لا لمصالحهم الخاصة إذ هي غير متوافرة أو متاحة لجميع الناس! وكما يقال في فقه التشريع « ما جاز لعذر بطل عند زواله» ومعناه أنه لو لم تكن الغاية من وراء تأمين الدولار المدعوم للاستيراد لغاية تحريك عجلة الاقتصاد وتأمين مستلزمات المواطنين لما كانوا رأوا دولاراً واحدا من المركزي، لذا إن كانت الغاية من الاستيراد التهريب والاحتكار وفلتان الأسعار، فلا معنى لتمكينهم من الحصول على هذه الدولارات، وعندها يمكن مساءلة المصرف المركزي. هذا الأمر مثلاً لم يأتوا على ذكره في قانون الكابيتال لا من قريب ولا من بعيد وبالتالي فإن خروج الدولارات لشراء المواد الأولية هي خسارة للمواطنين وتُقوض إستحصالهم على ودائعهم بالدولار الأميركي.
ثالثًا – السوق السوداء: هذه السوق تُشكّل الساحة الأساسية التي يتمّ عليها المضاربة على الليرة اللبنانية وهو ما يتحمله المواطن اللبنانية على شكل تضخّم وأصحاب الودائع على شكل إنخفاض في قيمة الوديعة. وبالتالي لم يذكر قانون الكابيتال كونترول أي شيء حول موضوع مُكافحة هذه السوق التي يتمّ من خلال شراء الدولارات التي تذهب إلى خارج لبنان.
عمليًا مليارات الدولارات مرّ عليها مشروع قانون الكابيتال كونترول دون أن يذكرها وهي تُهدّد جوهريًا الوجود اللبناني خصوصًا إذا ما طالت الأزمة السياسية.
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024