لبنان
هجوم المستقبل على رئاسة الجمهورية يعرقل مبادرة بري..قرار "شورى الدولة" يشعل حرب الشعب مع المصارف
عرقلت حرب البيانات التي بدأها تيار المستقبل ضد رئاسة الجمهورية ومن ثم الرد عليها، مبادرة الرئيس نبيه بري، لتعود مساعي تأليف الحكومة إلى نقطة الصفر، إن لم نقل أنها تلقت ضربة قاضية، وعلى وقع ذلك الأمر، كان قرار مجلس الشورى تجميد العمل بتعميم سلامة الخاص بصرف الودائع الدولارية وفق سعر 3900 ليرة، يعيد اشعال الشارع مجدداً ضد المصارف.
"الأخبار": بيانات حرق الجسور: الحريري وباسيل يدفنان مبادرة بري
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إنه في أقل من 48 ساعة، أُسقِطَت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري ببيانات لاذعة متبادلة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، كذلك الوزير جبران باسيل. الرسالة المشتركة التي بعث بها الطرفان المتصارعان إلى عين التينة أنهما في حل من أي التزام بالمبادرة. أما في ما بينهما فكانت البيانات دليلاً على حرق آخر ما تبقّى من جسور.
ولفتت إلى أنه خيّمت أجواء السواد على مصير الحكومة العتيدة، وسطَ معطيات تبدو معها العقبات المتبقية لاستكمال التشكيلة مُستعصية على المعالجة. ذلك أن العقبات الأخيرة التي حُصِرت باسمين مسيحيين يُصرّ على تسميتهما الرئيس المكلف سعد الحريري وهو ما يرفضه النائب جبران باسيل، ليست سوى مخارِج للتغطية على السبب الرئيسي للعرقلة والذي باتَ معلوماً عند الجميع: «لا الحريري يريد تشكيل حكومة، ولا باسيل يقبل بأن يُشكّلها الحريري».
واشارت الصحيفة إلى أن واقِع الاتصالات والمشاورات كانَ يؤشّر إلى أن الولادة لم تعُد تحتاج إلا إلى أيام معدودة وبضعة اجتماعات، بعدَ التظاهر بأن ما توقفت عنده المشاورات هو العقد الحقيقية وليسَ وراء الأكمة ما وراءها من نيّات مستترة خلفَ حقائب وحصص. لكن مفاوضات اليومين الأخيرين أثبتت أن عملية تصفية حسابات سياسية تجري خلف الكواليس، بما يدفَع الحريري وباسيل الى التمادي في التعنّت، لكنها هذه المرة أتت «فاقعة»، وإن كانَ التيار الوطني الحر قد قدمها بمضمون سياسي أذكى ممّا فعله الرئيس الحريري.
على أي حال، أكدت مصادر معنية بالملف الحكومي أن الساعات الماضية لم تشهد أي جديد بارز على صعيد جهود التأليف، بل إنها أشارت إلى «ما يُشبه الصدمة من حرب البيانات التي اندلعت بينَ بيت الوسط وبعبدا، مروراً بالبياضة»، معتبرة أنها «بمثابة ردّ سلبي على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري وإدارة الظهر لها». وقالت المصادر إن «الاتفاق الأساسي كان ينصّ على أن يجيب باسيل بعدَ التشاور مع الرئيس ميشال عون على التشكيلة التي تقدّم بها الحريري وناقشها معه الخليلان في الاجتماع الأخير»، إلا أن «الحريري ارتكبَ خطأً فادحاً بأن فتحَ النار على رئيس الجمهورية. وبينما تقصّد باسيل بعدَ اجتماعه بالخليلين تسريب أجواء إيجابية، أتاه خطأ الحريري على طبق من ذهب لكي ينسحب من العملية برمتها، ويستغلّ إحراج الحريري للثنائي الشيعي باعتباره الأكثر تمسكاً به».
واعتبرت المصادر أن فداحة الخطأ الذي ارتكبه الحريري تكمن أولاً «في مسارعته إلى التصويب على رئيس الجمهورية، علماً بأنه كانَ بالإمكان حصرها بباسيل وترك المهمة لكتلة المستقبل، مع تحييد رئيس الجمهورية عن هذه المعركة»، ومن ثم في «بدء الهجوم عشية زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى بعبدا»، وهو ما لم يتنبّه له الحريري، «فالراعي مهما حاول الوقوف على الحياد بينَ الاثنين لن يقبل بالتهجّم على موقع ماروني»، وهذا الأمر «خدم الرئيس ولم يُتِح للراعي الوقوف على مسافة واحدة».
وذكرت "الأخبار" أنه وبحسب مطلعين على جو اللقاء، «عبّر عون عن غضبه من بيانات الحريري، وسأل الراعي عمّا إذا كانَ يقبل بإهانة موقع الرئاسة، كما أن الراعي نفسه كان مستاءً ولم يستطِع الدفاع عن الحريري، لا علناً ولا خلال الاجتماع». ثمّ إن هذه الردود، بحسب المصادر أيضاً، «ليست في صالح الحريري، لأنها تأتي في وقت كشف فيه البابا فرنسيس أنه سيجتمع في الأول من تموز مع قادة لبنان المسيحيين لمناقشة الوضع المقلق في البلاد»، في إشارة الى الحرص الشديد على الوجود المسيحي في لبنان. واعتبر الراعي بعد اللقاء أن «البلد يحتاج الى الإنقاذ لا إلى القواص المعنوي»، رافضاً «أن نهين بعضنا بالشخصي وانتهاك الكرامات ونحن مجروحون من لغة الإهانات»، ومتمنياً تأليف «حكومة أقطاب».
وفي هذا الإطار، قالت مصادر التيار الوطني الحرّ إن «الراعي حقق خرقاً كبيراً بالدعوة الى حكومة أقطاب، وهذا يعني تخلياً عن المبادرة الفرنسية»، مشيرة إلى أنه «قد يتناقش مع بري في هذا الأمر». وأضافت المصادر أن «الاتفاق كان على أن يمهد الحريري مع رئيس المجلس لزيارة الى بعبدا، لا أن يضع الاثنان تشكيلة حكومية لفرضها على عون، فالصيغة يجب أن تناقش مع رئيس الجمهورية لا مع أي طرف آخر».
ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل اللقاء، افتُتِح النهار ببيان للتيار الوطني الحر أسِف فيه أن «يواصل تيار المستقبل الردّ بسلبية على كل طرح إيجابي نتقدم به، لكن رغم ذلك فإن استخدامه لغة الشتائم المستفزّة لن ينحدر بنا الى هذا المستوى». ثم استكمل ببيانين: واحد لرئاسة الجمهورية يتّهم فيه تيار المستقبل باستخدام «الأضاليل والتعابير الوقحة» طوال الأسابيع الماضية، ويؤكد «أن استمرار هروب الرئيس المكلف من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، يشكل إمعاناً في انتهاك الدستور ووثيقة الوفاق الوطني». واتهم البيان الحريري بأنه «يصرّ على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية»، وبأن «المستنقع» الذي يدّعي بيان المستقبل أن البلاد غارقة فيه، هو من إنتاج منظومة ترأسها تيار «المستقيل» وتسلّطت على مقدرات البلاد». ورداً على البيان، أكد «تيار المستقبل» أنه «ثبت بالوجه الشرعي والسياسي والدستوري أن رئاسة الجمهورية تقع أسيرة الطموحات الشخصية لجبران باسيل، وأن فخامة الرئيس عون مجرد واجهة لمشروع يرمي إلى إعادة إنتاج باسيل في المعادلات الداخلية».
واضافت الصحيفة "أما خاتمة النهار، فتولاها رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي تلا بيان «الغرق»، داعياً اللبنانيين إلى الصبر على أي قرار قد تأخذه أي جهة ويزيد معاناتهم». وحضّ القوى السياسية على «تقديم التنازلات، وهي صغيرة مهما كبرت، لأنها تخفف عذابات اللبنانيين»، قائلاً إن «لبنان في قلب الخطر الشديد، فإما إنقاذه الآن قبل فوات الأوان وإلا فلن ينفع الندم».
هذا وقالت الصحيفة، أنه منذ أن تركت السلطة السياسية والتشريعية القرار المالي والنقدي والاقتصادي بيد رياض سلامة، باتت البلاد خاضعةً تماماً لاحتلال المصارف وأصحابها، بقيادة حاكم مصرف لبنان. بشطبة قلم، يمكنه تفجير المجتمع. وبشطبة قلم أخرى، يمكنه ابتزاز الدولة، بسياسييها وقضاتها، بعدما أخذ الناس، عموم الناس، رهينة له. كما قرار إقفال المصارف بدءاً من يوم 18 تشرين الاول 2019، المتّخذ حينذاك في واشنطن (هذه ليست نظرية المؤامرة، بل إن سلامة وممثلي أصحاب المصارف كانوا يومذاك في العاصمة الأميركية)، كذلك قرار أمس وقف دفع الودائع وفقاً لسعر المنصة (3900 ليرة للدولار الواحد)، المحدّد اعتباطياً، أو لأهداف لا يعرفها سوى سلامة وشركاه.
ولفتت إلى أنه ردّاً على قرار مجلس الشورى تجميد العمل بتعميم سلامة الخاص بصرف الودائع الدولارية وفق سعر 3900 ليرة - بما يفرض على المودعين اقتطاعاً من قيمة أموالهم بنسبة تتجاوز الثلثين - قرر حاكم المصرف المركزي إبلاغ المصارف الالتزام بقرار «الشورى». ما الذي فعلته البنوك؟ بالتأكيد، ستستمر في سرقة دولارات المودعين، عبر عدم تسديدها بالعملة الصعبة، كما عدم دفعها بالليرة وفقاً لسعر السوق. هي قررت إفراغ قرار الشورى من مضمونه. فهذا القرار يرى في تسعير الدولار بـ3900 ليرة إضراراً بالمودعين. وذلك يعني حُكماً أن تسعيره بأقل من 3900 ليرة يؤدي إلى إلحاق ضرر أكبر بأصحاب الدولارات المحتجزة في المصارف. لكن الأخيرة قررت العودة إلى سعر 1500 ليرة للدولار الواحد، كما لو أن في ذلك تحقيقاً لمقاصد قرار الشورى.
واشارت إلى أنه سريعاً، أتى ردّ الفعل في الشارع. تحركات لقطع الطرقات، دفعت برئاسة الجمهورية إلى التحرك، والتدخل بهدف العودة إلى تسديد أموال المودعين وفقاً لسعر 3900 ليرة للدولار الواحد. وبحسب مصادر بعبدا، سيُعلن اليوم عن اتفاق على مخالفة قرار «الشورى». باتت أحوال البلاد مزرية إلى حدّ أن أصحاب الدولارات المحجوزة في المصارف يطلبون الاستمرار في اقتطاع ثلثي قيمة ودائعهم (خدمةً لأصحاب البنوك وكبار المودعين)، لكونهم يدركون أن البديل هو العودة إلى سعر الـ1500 ليرة!
"البناء": الراعي يدعو من بعبدا لحكومة أقطاب
من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إنه "للمرة الأولى منذ خمسة عشر عاماً نجحت محاولة إخراج بنيامين نتنياهو من رئاسة الحكومة، بعدما أدّت جولة الحرب الأخيرة الى فتح الباب أمام مخاطر حرب إقليميّة، وتدخّلت واشنطن لمواجهة احتمال توريطها بخلق ظروف هذه الحرب عبر أخذ الوضع الى مزيد من التصعيد إذا بقي نتنياهو في الحكم، في ضوء التباينات الحاصلة بينه وبين واشنطن في عدة ملفات حساسة حول السياسات في المنطقة، خصوصاً توجّه ادارة الرئيس جو بايدن للعودة الى الاتفاق النوويّ مع إيران، ووفقاً لمعهد ستراتفور الأميركي المقرّب من وكالة المخابرات الأميركية فإنه “في أعقاب التصعيد الأخير في غزة، من المرجّح أن تركز الولايات المتحدة على إدارة التوترات الإسرائيلية الفلسطينية بدلاً من الانخراط بعمق في عملية سلام جديدة. ولكن مع عدم حل النزاع، من المرجّح أن يستمر ضعف الدعم من الحزبين في الولايات المتحدة لـ “إسرائيل” ما يؤدي إلى توتر دبلوماسيّ جديد وشكوك في العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وكان لافتاً تزامن إعلان الحكومة الجديدة برئاسة ثنائي نفتالي بينيت ويئير ليبيد وشراكة بني غانتس مع دعوة غانتس وزير الدفاع لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس بايدن، مع تسريبات صحافية عن مخاطر إقدام نتنياهو على افتعال عمل عسكري يستهدف ايران عشية توقيع واشنطن لقرار العودة للاتفاق النووي، وضرورة تحذير المستويات العسكرية في كيان الاحتلال للتنبه إلى أوامر من هذا النوع، بينما جاء انضمام منصور عباس رئيس الحركة الإسلامية الجنوبيّة الى الائتلاف ليزيد الإشارات الى الرعاية الأميركية للحكومة الجديدة، انطلاقاً من علاقته بالسفارة الأميركيّة وتنسيق مواقفه معها.
ولفتت الصحيفة إلى أنه وفقاً لمصادر دبلوماسية سيكون الوضع الإقليمي تحت المجهر خلال الأيام المقبلة، حيث سيكون أمام الحكومة الجديدة اثني عشر يوماً لنيل ثقة الكنيست، هي تقريباً الفترة المتوقعة ذاتها لاكتمال عقد تفاهمات فيينا في طريق العودة الأميركية إلى الاتفاق النووي، ولذلك تقول المصادر فإن المنطقة ستكون في هذه المرحلة الانتقالية أمام مخاطر مغامرات قد يقدم عليها نتنياهو، إضافة لمساعيه لتفكيك التحالف الجديد قبل وصول الحكومة الى الكنيست، بعدما بدأت ملامح ضغوط شعبية وسياسية يقف فريق نتنياهو وراءها تستهدف رموز الحكومة الجديدة.
واشارت إلى أنه رغم طغيان المشهد الحكوميّ في الكيان وتسارع التفاهم على العودة للاتفاق النووي مع إيران على الوضع الإقليمي، بقيت الحالة الشعبية التي حملتها الانتخابات الرئاسية السورية، موضوعاً لتعليقات ومواقف دوليّة، وتقارير تشير الى الانفتاح على سورية والاتجاه لفتح سفارات عربية وغربية قدّرتها مصادر دبلوماسية باثنتي عشرة سفارة قبل نهاية العام، وقد حضر هذا الانفتاح الخارجي على سورية في الكلام الصادر عن النائب طلال أرسلان بعد زيارته دمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد مهنئاً بنتائج الانتخابات.
أما لبنانياً، فقالت "البناء" إن مساعي تشكيل الحكومة الجديدة بدت قد أصيبت إصابات بالغة، ضاعفت من التعقيدات التي كانت تواجهها، بعدما اندلع سجال حادّ بين مصادر قصر بعبدا وبيت الوسط، تمّ خلاله تبادل الاتهامات بعرقلة تشكيل الحكومة وانتهاك الدستور واتفاق الطائف. وقالت مصادر مواكبة للملف الحكومي إن التعقيد يزداد رغم الإجماع على وجود خطر انهيار شامل، بينما أكدت مصادر ثنائي حركة أمل وحزب الله مواصلة الجهود لتقريب وجهات النظر، رغم التعقيدات الجديدة، فيما كان الجديد ما صرّح به البطريرك بشارة الراعي من بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، داعياً لتشكيل حكومة أقطاب مذكراً بما جرى في مطلع عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد السجال الناري على خط التيارين الوطني الحر والمستقبل، اشتعلت جبهة بعبدا – بيت الوسط، ما عزّز المناخ التشاؤمي لجهة اقتراب التوصل إلى حل للأزمة الحكومية وأوحى بأننا نقترب من نعي المبادرات والمساعي. لكن أوساط مواكبة لحركة الاتصالات لفتت لـ»البناء» إلى أن «المشهد ضبابي ومشاورات الأيام الماضية لم تحرز أي تقدم على مستوى العقدة الأساسية المتمثلة بتسمية الوزيرين المسيحيين، وأن مشاورات الأمس أيضاً لم تغيّر شيئاً في المشهد الحكومي، لكن الأبواب ليست مغلقة بالكامل، لا سيما أن المساعي مستمرة».
إلا أن مصادر ثنائي أمل وحزب الله أكدت لـ”البناء” أن “مبادرة الرئيس بري لا زالت مستمرة ولم تنتهِ كما يقال والمشاورات مستمرة مع مختلف الأطراف ولم تتوقف رغم عدم المراوحة والتصعيد في المواقف بين المستقبل والتيار الوطني الحر، لكن لا سبيل سوى الحوار للوصول إلى توافق”. وأشارت المصادر إلى “إصرار من قبل ثنائي أمل وحزب الله على متابعة الجهود والمساعي والعمل لإنجاح مبادرة بري لكونها تشكل المبادرة الوحيدة والفرصة الأخيرة للحل”، مضيفة أن “اللقاءات والمشاورات مستمرة وهناك أفكار واقتراحات جديدة ستطرح على المعنيين ومحاولات متكرّرة باتجاه النائب جبران باسيل لإقناعه بالتنازل في العقدة الأخيرة المتمثلة بالوزيرين المسيحيين في المقابل وكذلك حثّ الرئيس الحريري على التنازل أيضاً على هذا الصعيد”.
وفي ما كان مقرّراً أن ينعقد لقاء ثانٍ بين الخليلين وباسيل لاستكمال المشاورات، أكدت مصادر “البناء” أن “اللقاء لم يعقد لكن المشاورات مستمرّة وأن حرب البيانات أثرت سلباً على الأجواء الإيجابية وفرملت بعض اللقاءات والاتصالات بانتظار عودة جميع الأطراف إلى التهدئة لاستكمال الاتصالات”.
ويتم التداول بأن الثنائي بات أقرب إلى الحريري ويحمّل مسؤولية إفشال المبادرة لباسيل بعد اللقاءات الأخيرة معه، نفت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ”البناء” هذه المعلومات مشيرة إلى أن “الحزب لا يحمّل أي طرف مسؤولية التعطيل بل يعمل لحث الطرفين على التنازل للمصلحة الوطنية، كما يعتبر أن الحزب بأن رئيس الجمهورية ميشال عون تنازل بعدة نقاط ولم يعد هناك مبرر للحريري لعدم تقديم تشكيلة لعون”.
وأشارت مصادر قناة “أو تي في” إلى أن “المسؤولين الفرنسيين لم يلتقوا الحريري بزيارته الأخيرة الى باريس، وحرصوا على إبلاغ جميع من كلّموهم هذا الأمر، لأن البعض تحدث عن لقاءات للحريري مع مسؤولين فرنسيين في العاصمة باريس”. ولفتت مصادر أخرى للقناة نفسها إلى أن “الأجواء الأوروبية والغربية عموماً فاتحت أكثر من مسؤول لبناني بموضوع الانتخابات النيابية المبكرة في لبنان”.
ولفتت مصادر التيار الوطني الحر لـ”البناء” أن “الحريري لا يريد تأليف الحكومة، ولذلك يرفع سقف شروطه التي يعرف أن عون وباسيل لن يقبلا بها، وبذلك يرمي كرة التعطيل باتجاه بعبدا وباسيل ويظهر بمظهر المتعاون وفي الحقيقة هو لا يريد التأليف”. مضيفة أن “الحريري يرفع سقف خطابه وبياناته بهدف استفزاز عون وباسيل لافتعال سجالات تمهيداً لإفشال المساعي القائمة، لأن مبادرة بري وطروحات الحلول للعقد تُحرجه وهو يعرف بأنه لا يستطيع تأليف حكومة في الوقت الراهن لأسباب شخصية وسياسية عدة باتت معروفة”.
ولفتت الصحيفة إلى أن بعبدا بشدة حملت على بيت الوسط رداً على بيان المستقبل أمس الأول، وأكدت في بيان أن “استمرار هروب الرئيس المكلف سعد الحريري من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، يشكل إمعاناً في انتهاك الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وينم عن رغبة واضحة ومتعمّدة في تعطيل عملية تشكيل الحكومة وفقاً الى ما أشارت اليه رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب”. وتابع المكتب الاعلامي “يصرّ الرئيس المكلف على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقه الطبيعي في احترام الدستور من خلال اللجوء الى ممارسات تضرب الأعراف والأصول، وابتداع قواعد جديدة في تشكيل الحكومة منتهكاً صراحة التوازن الوطني الذي قام عليه لبنان. والأنكى من كل ذلك انه يلقي على رئيس الجمهورية تبعات ما يقوم به هو من مخالفات وتجاوزات تتنافى والحرص الواجب توافره في إطار التعاون بين اركان الدولة لما فيه مصلحة لبنان العليا، والثقة النيابية والشعبية الواجب توفيرها لأي حكومة في اطار التشكيل”. وأكد البيان أن “رئاسة الجمهورية التي لن تنحدر الى المستوى المتدني في اللغة السوقية المتبعة او في الأكاذيب والأضاليل والوقاحة المعتمدة، تكتفي بهذا القدر من التوضيح، ولن تقول أكثر كي تفسح في المجال، مرة أخرى، أمام المساعي الجارية لإيجاد معالجات ايجابية للأزمة الحكومية التي افتعلها الرئيس المكلف ولا يزال، على امل ان تصل هذه المساعي الى خواتيم سعيدة بتأليف حكومة في أسرع وقت ممكن للانكباب على الإصلاحات المطلوبة”.
ردّ المستقبل على البيان الرئاسي لم يتأخر، فأشار إلى أن “مَن يستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية يا فخامة الرئيس، هو مَن يتاجر بها ويضعها في البازار السياسي للبيع والشراء بها، ويستدرج العروض بشأنها، كما هو حاصل من خلال احتجاز التوقيع على تشكيل الحكومة كرمى لعيون الصهر”، آسفاً “أن يصبح موقع الرئاسة ممسوكاً من قبل حفنة مستشارين، يتناوبون على كسر هيبة الرئاسة وتلغيمها بأفكار واقتراحات وبيانات لا تستوي مع الدور الوطني المولج بها”، وداعياً رئيس الجمهورية الى العودة الى الدستور وتجنيب اللبنانيين “كأس جهنم”.
ولفتت إلى أنه كان التيار الوطني الحر، ردّ أمس على بيان المستقبل الأخير قائلاً: “مؤسف أن يواصل تيار “المستقبل” الردّ بسلبية على كل طرح إيجابي نتقدم به، لكن رغم ذلك فإن استخدامه لغة الشتائم المستفزة لن ينحدر بنا الى هذا المستوى، بل سنكرّر الدعوة الى تعاون الجميع من أجل كل اللبنانيين الذين تشد الازمة خناقها على أعناقهم”. وأضاف: “إننا من موقع الشعور بالمسؤولية، نحضّ تيار “المستقبل” على العودة إلى لغة العقل والمنطق والكفّ عن العراضات الكلامية لمواجهة التحديات الضاغطة على اللبنانيين”.
وقالت إنه إزاء هذا الواقع تحرك البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على خط الاشتباك الحكومي والسياسي لإنقاذ المساعي والمبادرات من السقوط وتساءل الراعي: “لماذا لا تشكّلون حكومة أقطاب؟ نريد حكومة إنقاذية تنتشل لبنان من الجحيم”. وسأل “اين دور المسؤولين؟ أين الخيّرون؟ البلد يحتاج انقاذا لا الى اطلاق نار معنوي”. وأعلن أننا “نعمل ونسعى لتقريب وجهات النظر، لكن لا يجوز انتهاك الكرامات”. واستطرد الراعي: “تمنيت وأتمنى يومياً جمع عون والحريري، وأين المشكلة بحكومة أقطاب “وإن كانت من السياسيين” مماثلة لحكومة عهد الرئيس فؤاد شهاب؟”. وتابع: “عون يريد حكومة الآن. لسنا بحاجة الى طاولة حوار واسعة نريد حلاً فنحن متنا ومن واجب عون والحريري أن يلتقيا حول طاولة لتأليف حكومة نسعى بكل ما أوتينا كي نقرّب بين المسؤولين من دون الدخول في التقنيات”.
وذكرت “البناء” أن الراعي شدّد خلال لقائه رئيس الجمهورية على أنه سيتابع اتصالاته مع الحريري بالتنسيق مع الرئيس بري لتقريب وجهات النظر”، وأكد “ضرورة توحيد الجهود والتزام الهدوء وعدم التصعيد لإنجاح المساعي”. كما علمت بأن “الراعي لم يتحدث مع عون بموضوع طرحه لأسماء الوزيرين المسيحيين”. وأوحت أجواء بعبدا لـ”البناء” أن “زيارة الراعي إلى رئيس الجمهورية تدعم بعبدا”.
وقالت "البناء" إنه كلما أقفل باب الحل يتعزز طرح تأليف حكومة انتخابات نيابية بحسب مصادر سياسية لـ”البناء”، على أن يتم تأليفها بموافقة مختلف القوى الأساسية من شخصيات مستقلة ووسطية ومصغرة ولديها مهمة وحيدة هي إجراء الانتخابات.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في غضون ذلك أطلق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب صرخة ودعوة للسياسيين للإسراع بتأليف الحكومة قبل الانهيار الكبير. ولفت في كلمة له أمس إلى أنه “بالرغم من مرور 300 يوم على استقالة الحكومة تستمر الحسابات السياسية بتجاهل مصالح لبنان ومعاناة اللبنانيين وتعرقل تشكيل الحكومة، وبسبب هذه الحسابات بات الفراغ قاعدة في البلد، بينما وجود الدولة ومؤسساتها هو الاستثناء”. وحذّر دياب أن “الظروف الداخلية على مشارف الانهيار الشامل الذي سيكون اللبنانيون ضحاياه، بينما ستعاود القوى السياسية النهوض لتقديم نفسها كمنقذ للناس والبلد”، معتبرًا أن “الانهيار، في حال حصوله، لا سمح الله، ستكون تداعياته خطيرة جداً، ليس على اللبنانيين فحسب، وإنما على المقيمين على أرضه أيضاً، وكذلك على الدول الشقيقة والصديقة، في البر أو عبر البحر، ولن يكون أحد قادراً على ضبط ما يحمله البحر من موجات”. ودعا دياب “القوى السياسيّة، إلى تقديم التنازلات، وهي صغيرة مهما كبرت، لأنها تخفف عذابات اللبنانيين وتوقف المسار المخيف. فتشكيل الحكومة، بعد نحو عشرة أشهر على استقالة حكومتنا، أولوية لا يتقدّم عليها أي هدف أو عنوان، فخافوا الله في هذا الشعب الذي يدفع أثماناً باهظة من دون ذنب”.
واعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حفل خطابيّ بمناسبة ذكرى رحيل الإمام الخميني “أننا في وضع متناه في القوة ونردع “إسرائيل” وهي تعلم أننا نزداد قوة يوماً بعد يوم من أجل أن نرفع راية التحرير في لبنان والمنطقة، وركّز الخميني معالم الوحدة بين المسلمين، ولم نكن نسمع عبارة الوحدة الإسلامية قبله، لكن اليوم نسمعها من المقاومين السنة والشيعة كلهم يقولون بالعودة الى الله تعالى من أجل كرامتنا وتحرير فلسطين”. تابع قاسم: “كل التطورات التي أتت بعد الثورة وجدنا أن الاحتلال تراجع بقدرته والانتصارات تقدّمت في لبنان وفلسطين، وآخر نتائج الانتصارات سيف القدس التي أعلنت أن فلسطين واحدة ولا يمكن أخذ أي جزء منها لإسرائيل أو غيرها، أما في لبنان، فقد انطلقت مقاومة حزب الله، ومن يذكر عام 1982 يعرف أن العدد القليل لأفراد حزب الله لا يحرّرون بلدة وليس الجنوب، لكننا أكملنا وانتصرنا على إسرائيل بتحرير عام 2000 ومن ثم في حرب تموز 2006”.
على صعيد آخر، برزت زيارة رئيس الحزب النائب طلال أرسلان أمس إلى سورية حيث التقى الرئيس السوري الدكتور بشّار الأسد، في قصر المهاجرين في دمشق، وعرض معه الأوضاع الراهنة إقليمياً ودولياً. وتقدّم أرسلان بالتهنئة للرئيس الأسد بعد الفوز الكبير الذي حقّقه في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، مؤكّداً أنّ “النتيجة الطبيعية التي تحقّقت في هذا الاستحقاق والناتجة عن إرادة الشّعب السّوري الذي حسم خياراته منذ اليوم الأوّل للمؤامرة الكونية على سورية، تُلزم دول العالم أجمع بالعودة إلى سورية، وهذا ما بدأنا نشهده في الأشهر الأخيرة من خلال اللقاءات العلنية منها والسّرية التي تحصل مع القيادة السورية”.
ولفتت إلى أنه بقي قرار مجلس شورى الدولة والقاضي “بوقف تنفيذ التعميم الأساسي الصادر عن حاكم مصرف لبنان بتاريخ 24/3/2021 تحت الرقم 13318 والمطعون فيه وكل ما يتصل به لعدم قانونيّته”، في دائرة اللغط القانوني لجهة مفاعيله وأثار امتعاض أصحاب الودائع بالدولار في المصارف. إلا أن المصرف المركزي قرّر أمس “تعليق العمل بالتعميم رقم 151 الذي يسمح للمودعين بسحب أموالهم من حساباتهم بالدولار على سعر 3900 ل.ل. للدولار، استناداً لهذا القرار الإعدادي الصادر عن مجلس شورى الدولة”.
وأوضح الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر في حديث تلفزيوني أن “قرار مجلس شورى الدولة بتعليق العمل بسعر 3900 للدولار هو قرار موقت وليس نهائياً يطلب إعادة المحاكمة”، لافتاً إلى أن “الذي يُعنى بهذا القرار هو المدعى عليه بالمراجعة وهو مصرف لبنان وعندما يتبلّغ الأخير وقف تنفيذ إجرائه هو مَن عليه أن يتخذ التدابير وأن يُبلّغ المصارف بأي تعديل سيقرّه”.
"النهار": حرب الرئاستين تشعل آخر المراكب
صحيفة "النهار" قالت من ناحيتها، إنه لم يكن مستغرباً ولا مستبعداً ان تؤول مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى مصير مماثل للمبادرة الفرنسية، أي الإخفاق في اختراق جدار تعطيل تأليف الحكومة الجديدة، بعدما تصاعدت بسرعة معالم "القنص" المبكر عليها من فريق العهد وتياره السياسي عبر طرح استباقي إجهاضي شعاره إقامة طاولة حوار في بعبدا. بيد أن الامر المفاجئ وغير المتوقع تمثل في السرعة الخاطفة التي طبعت اشتعال حرب الرئاستين بين بعبدا وبيت الوسط، وتفجّرها في مستويات غير مسبوقة تنذر هذه المرة، باشعال آخر المراكب بين الرئاستين والإطباق النهائي على كل محاولات احياء المبادرات والوساطات في ظل تحول الصراع السياسي المديد على الازمة الحكومية الى مبعث عداوة شخصية وسياسية في آن واحد.
واضافت أن ما جرى في الاشتعال الواسع في الساعات الأخيرة على جبهة رئاسة الجمهورية و"التيار الوطني الحر" من جهة و"تيار المستقبل" في جهة مقابلة، تجاوز آخر الخيوط الواهنة من الامال المتبقية على مبادرة الرئيس بري او على معطيات أخرى غير مرئية كان بعض الأوساط لا يزال يعتقد بإمكان تعويم محاولة تاليف الحكومة في ظلها خصوصا انها تتصل بالخشية المتعاظمة لدى دول عدة عربية وغربية من تسارع وتيرة الانهيارات اللبنانية في وقت وشيك وقيام هذه الدول بضغوط استثنائية لتأليف الحكومة التي ينتظرها المجتمع الدولي. لكن كل هذا إنهار بدوره بأسرع مما توقع معظم المعنيين، ولم يفسح الاحتدام الناري بين العهد وتياره من جهة، والرئيس المكلف سعد الحريري وتياره ورؤساء الوزراء السابقين من جهة أخرى، امام استنفاد ما تبقى من مهلة حددها الرئيس بري في نهاية الأسبوع الحالي لبت مصير مبادرته بعدما ثبت بما لا يقبل جدلاً ان رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل تعمد مساء الثلثاء الفائت اطلاق طرح استفزازي لبري اكثر منه للحريري في التلويح بطرح عقد طاولة حوار في بعبدا قبل ان يتبلغ منه بري بصراحة ووضوح موقفه من مبادرته.
ولفتت إلى أنه عند هذا المستوى من تصاعد التوتر والاحتقان السياسي بين الطرفين، بدا من الصعوبة تجاهل خطورة الانفجار الذي تفاعلت فصوله امس عبر سجالات بالغة الحدة والعنف عكست ما يخشى ان يشكل تثبيتاً لاستحالة نجاح أي محاولة جديدة للتعايش السياسي الإكراهي بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في تجربة الحكومة الموعودة خصوصا ان أي تفصيل كبير او صغير في مواقف العهد سيمر حكما بالنائب باسيل.
واشارت "النهار" إلى أنه في ضوء الانطباعات الموغلة في التشاؤم حيال أي امكان لردم الدمار السياسي الناشئ عن الازمة الحكومية، لم تر الأوساط المعنية والمواكبة للتطورات السلبية المتعاقبة أي امكان لترجمة ما طرحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد زيارته امس لقصر بعبدا من تشكيل حكومة اقطاب مصغرة على غرار تجربة الحكومة الرباعية في عهد الرئيس فؤاد شهاب، نظرا الى جملة عقبات جوهرية ابرزها استحالة التوافق الداخلي على حكومة كهذه والصدى السلبي لاعادة تشكيل حكومة ذات طابع سياسي مفرط لدى المجتمع الدولي الذي يشترط حكومة إصلاحية من المستقلين لمد لبنان بالدعم، ناهيك عن الاختلاف الجذري بين العهد الشهابي ورجالاته وأقطاب تلك الحقبة ومستوياتهم المميزة عن العهد والحقبة الحاليين بما لا تجوز معه ابدا أي مقارنة لئلا يقال اكثر.
اشتعال السجالات
وقالت "النهار" اما مجريات اشتعال حرب السجالات غير المسبوقة بعنفها فكانت بلغت ذروتها بإصدار رئاسة الجمهورية بيانا ناريا ردت فيه على البيان الذي أصدره "تيار المستقبل" اول من امس واتهمته "باستعمال عبارات وتوصيفات تدل على المستوى المتدني الذي وصلت اليه ادبيات القيمين على هذا التيار وسوق الاضاليل والتعابير الوقحة " كما اتهمت الرئيس المكلف سعد الحريري "بالاستمرار في الهروب من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، مما يشكل امعانا في انتهاك الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وينم عن رغبة واضحة ومتعمدة في تعطيل عملية تشكيل الحكومة".
وأضافت "يصر الرئيس المكلف على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقه الطبيعي في احترام الدستور من خلال اللجوء الى ممارسات تضرب الاعراف والأصول، وابتداع قواعد جديدة في تشكيل الحكومة منتهكا صراحة التوازن الوطني الذي قام عليه لبنان ".
ولفتت الصحيفة إلى أنه وعلى الفور رد "تيار المستقبل" على بعبدا ، فاعتبر ان "من يستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية يا فخامة الرئيس، هو من يتاجر بها ويضعها في البازار السياسي للبيع والشراء بها، ويستدرج العروض بشأنها، كما هو حاصل من خلال احتجاز التوقيع على تشكيل الحكومة كرمى لعيون الصهر"، آسفا "أن يصبح موقع الرئاسة ممسوكاً من قبل حفنة مستشارين، يتناوبون على كسر هيبة الرئاسة وتلغيمها بأفكار واقتراحات وبيانات لا تستوي مع الدور الوطني المولج بها"، وداعيا رئيس الجمهورية الى العودة الى الدستور وتجنيب اللبنانيين "كأس جهنم".
اما "التيار الوطني الحر"، فقال ان "استخدام تيار المستقبل لغة الشتائم المستفزة لن ينحدر بنا الى هذا المستوى، بل سنكرر الدعوة الى تعاون الجميع من أجل كل اللبنانيين الذين تشد الازمة خناقها على اعناقهم". وأضاف "إننا من موقع الشعور بالمسؤولية، نحضّ تيار "المستقبل" على العودة إلى لغة العقل والمنطق والكف عن العراضات الكلامية لمواجهة التحديات الضاغطة على اللبنانيين".
موقف الراعي
واشارت الصحيفة إلى أن زيارة البطريرك الراعي لقصر بعبدا امس برز من خلالها إفصاحه علناً عن استيائه من بيان "تيار المستقبل" اذ اعرب عن "استهجانه للاهانات التي توجه نحو الآخر واعتمادها لغة في التخاطب، وانتهاك الكرامة التي تعطّل ولا تساعد في الحل ... فهذا امر غير مقبول بأي شكل من الاشكال، وهو من خارج ثقافتنا اللبنانية. لذلك، نحن مجروحون". وحين سئل اذا كان يقصد بيان تيار "المستقبل" أجاب: "طبعاً".
ودعا الراعي الى قيام حكومة اقطاب.وشدد على انه ليس من شأنه تسمية الوزراء والمناصب التي سيتولونها، وانه يسعى لحصول اللقاء بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري، معتبراً انه من الواجب الوطني والضميري ان يلتقيا لتشكيل الحكومة، دون الحاجة الى طاولة حوار موسعة.
ولفتت إلى أنه قيل ان موعد الراعي في بعبدا كان بهدف اطلاع عون على زيارته للفاتيكان والتحضيرات للقاء رؤساء الطوائف المسيحية اللبنانية مع البابا ولكن أجواء التوتر السياسي الكبير طغت على لقاء عون والراعي الذي بدا مستاء ومنزعجا من السجالات الحاصلة وانعكاسها على الجهود المبذولة لتذليل تعقيدات تاليف الحكومة وسيجري الراعي إتصالات بالرئيس بري .