معركة أولي البأس

لبنان

مفاوضات الحكومة بانتظار عودة الحريري..ومساعي الرئيس بري هي الفرصة الأخيرة 
29/05/2021

مفاوضات الحكومة بانتظار عودة الحريري..ومساعي الرئيس بري هي الفرصة الأخيرة 

ركزت الصحف اللبنانية اليوم على أن المساعي التي يديرها رئيس مجلس النواب نبيه بري هي الفرصة الأخيرة لولادة الحكومة في ظل توافر المؤشرات الإيجابية الداخلية واستعداد الجميع للحل وإلا فالأزمة مفتوحة على كافة الاحتمالات.

"الأخبار": رئيس المجلس ينتظر مَن ليس يُنتَظر

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن البلاد تدور في حلقة مفرغة. لا أحد من الافرقاء خارجها. المشتغلون في تأليف الحكومة، كما المتفرجون عليه، والهامشيون. جميعهم داخلها محاصرون، مذعورون، ضائعون، من غير ان يملك اي منهم مفتاح كسر دورانها والخروج منها، والنجاة بنفسه على الاقل

ولفتت الصحيفة إلى أن الجميع ينتظر الجميع: الرئيس نبيه برّي ينتظر الرئيس سعد الحريري الذي ينتظر بدوره تراجع الرئيس ميشال عون الذي ينتظر عودة الرئيس المكلف الذي ينتظر الرياض التي لا تنتظر الذين ينتظرونها كباريس. حزب الله ينتظر ما يجري من وراء الحدود لا في الداخل، شأن وليد جنبلاط الذي ينتظر ان يفيق من هذا الكابوس.

واشارت إلى أنه في زيارتها الاخيرة رئيس البرلمان (26 أيار)، قالت له السفيرة الاميركية دوروثي شيا عبارة غير مألوفة: تأخير تأليف الحكومة يذهل عقولنا، ولا يمكننا تفسيره. اضافت انها تلاقيه في وجهة نظره، ان المشكلة داخلية وليست خارجية، لبنانية - لبنانية مئة في المئة، مع وقوفها الى جانب مساعيه.

وقالت "الأخبار" إن ما لا يمكن تفسيره في هذا اللغز العصيّ على الفهم، ان الخلاف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بات يشكل حائطاً عالياً من الكره والبغض المتبادل، الشخصي، ما بينهما ضاعفت رسالة عون ثم رد الحريري عليه في مجلس النواب في تفاقمه. لم يعد احد قادراً على ايجاد حل لتسمية الوزيرين المسيحيين الاثنين الاخيرين، بعدما ساد اعتقاد بأن تسميتهما هي العقبة الاخيرة. مع ذلك لا يلتقي الرجلان، ولا يجد برّي طريقة للتوسط بينهما على اتفاق عليها.

واضافت أن كل ما هو معروف الآن في المأزق، ان عون لا يريد بأي ثمن الحريري الى جانبه في ما تبقى من ولايته، مقدار ما لا يريد الرئيس المكلف من تكليفه سوى وضع هذا الامتياز في جيبه، من جراء عجزه عن تأليف حكومة ترضى عنها الرياض وتفتح له ابواب الدعم المالي من دول الخليج، ولا تغضب في الوقت نفسه حزب الله وتضعه قبالته وتجرده من الغطاء الشيعي، آخر المظلات التي يتعلق الحريري بحبالها. اهون الشرّين ان لا يعوّل على اي منهما دون الآخر، واكتفاؤه بالهروب من المشهد اللبناني برمته، وادارة الظهر له، ما دامت الورقة الثمينة في جيبه.

وتابعت أنه ليس ذلك وحده الاسوأ في المشكلة. ما ان انتهت جلسة مجلس النواب، السبت المنصرم (22 ايار) في الاونيسكو، حتى غادر الحريري الى ابوظبي. هناك انقطع اثره ولم يعد في الامكان اقتفاؤه. لا يُعلم إن كان يعقد اجتماعاً مع احد، او يتحرك من اجل البلاد كما يُسوّق المحيطون به، ولا يُعرف متى يعود، وماذا يحمل ولا يحمل. في كل يوم ينتظر برّي عودته في ضوء ما يُوعَد به. مع ذلك لم يصل بعد الى المحطة الاخيرة في علاقته معه، وهي ان الرئيس المكلف يخدعه. ليس برّي في احسن الاحوال ممّن ينامون على خدعة.

ولفتت الصحيفة إلى أن العصيّ على الفهم ايضاً ما حدث على هامش جلسة الاونيسكو السبت. بارفضاضها، اجتمع برّي والنائب جبران باسيل ربع ساعة وقوفاً، ابصرهما خلالها الحريري، فسارع الى الخروج من القاعة الى المرأب المغلق للمبنى المقصور على سيارتي رئيس المجلس والرئيس المكلف. في المرأب انتظر مع مرافقيه وشرطة مجلس النواب ربع ساعة، قرب سيارته، ينتظر خروج برّي كي يطّلع منه على ما دار بينه وبين باسيل، الى ان فقد الامل وهو ينتظر خروج رئيس المجلس، فركب سيارته وسافر للتو.

وقالت الصحيفة إنه ليس في المعلومات المتصلة بجهود برّي ان الفرصة فاتته. لا يزال، بحسب المطلعين، على موقفه، يعتقد بأن البلاد امام الفرصة الاخيرة فعلاً، وهي الاسبوعان المقبلان فقط. بعد ذلك يخرج التسيّب والفوضى من ايدي الجميع. لذا يُسمع برّي يقول ان لا بديل من تأليف حكومة. ما يقوله لا تفسّره سوى عبارة ان العروس لا تحضر إن لم يحضر العريس الضائع الاثر. الذي يريد ولا يريد.

واشارت إلى أنه ليس سرّاً تدليع رئيس المجلس الرئيس المكلف ما دام - كحزب الله - يُعوّل على وجوده على رأس الحكومة بغية ضمان الاستقرار الداخلي بشقيه، السنّي - الشيعي والوطني العام. دلّعه اولاً عندما استجاب لإصراره على تلفزة جلسة السبت الفائت، ما اتاح له على نحو غير مسبوق، من منبر المجلس بالذات لا عبر وسائل الاعلام، شن هجوم عنيف على رئيس الجمهورية اقرب الى مضبطة اتهام، الى حد اتهامه بمخالفة الدستور. سابقة لا نظير لها منذ اتفاق الطائف على الاقل.

ولفتت إلى أنه دلّعه ثانية عندما لم يطلب رئيس المجلس شطب العبارة تلك من محضر الجلسة، على جاري ما اعتاده في حالات اقل اهمية، خصوصاً وان احكام النظام الداخلي ترعى مقام رئيس الدولة وتبعده عن اي اتهامات او التعرض له او اهانته، ما لم يكن ثمة اتهام ترعاه اصول دستورية قاسية ونصاب موصوف.

وقالت إنه ربما فات المحيطين بالحريري تذكيره بما حدث لوالده، يوم استخدم عبارة مماثلة قال فيها ان رئيس الجمهورية يخالف الدستور، وبالكاد انقضت ثمان واربعين ساعة على اداء الرئيس اميل لحود اليمين الدستورية. في اليوم الثاني للاستشارات النيابية الملزمة حينذاك، الجمعة 27 تشرين الثاني 1998، لم تعجب الرئيس رفيق الحريري نتائجها (62 نائباً سمّوه)، والتفويض الكبير الذي اعطاه النواب الى الرئيس المنتخب لتوّه (31 نائباً). أبدى انزعاجه، ورغب في رفض تكليفه دونما اصداره بياناً رسمياً بذلك. استمهله الرئيس يومين، الى مطلع الاسبوع، فيلتقيان وتكون خواطر الحريري الأب هدأت بعد تجيير لحود الاصوات له. بمرور يومين، كشف الحريري الاب لوسائل اعلام ومحطات تلفزة اجنبية، مساء السبت 29 تشرين الثاني، انه اعتذر عن عدم قبوله ترؤس الحكومة من جراء ما عدّه مخالفة دستورية ارتكبها رئيس الجمهورية. صباح الإثنين 30 تشرين الثاني، في طريقه الى قصر بعبدا، سمع الحريري في سيارته من الاذاعة بيان رئاسة الجمهورية يعلن قبول لحود اعتذاره عن عدم تأليف الحكومة الجديدة.

واضافت الصحيفة أنه دلّعه ثالثة في الموقف الذي اتخذه البرلمان في جلسة السبت، بناءً على اقتراح برّي وإن بإجماع الهيئة العامة، لم يساوِ في تعاملها مع وجهتي نظر الرئيسين، صاحب الرسالة وصاحب الرد عليها. لم تتبنَّ ما قاله عون فيها عن «عجز» الحريري، ولم توجّه في المقابل الى الرئيس المكلف اي لوم حيال تأخره في تأليف الحكومة والاتفاق مع رئيس الجمهورية، وخصوصاً أن الموقف المصوَّت عليه ابقى المشكلة تراوح مكانها، على نحو ما هو حاصل منذ سبعة اشهر، وهو ان التأليف يُبنى على اتفاقهما. بعد انقضاء اسبوع على الجلسة تلك وتوصية المجلس، ساءت حال التأليف اكثر من ذي قبل: لا عروس ولا عريس.

ولفتت إلى أنه الى ان يعود من ابو ظبي، ليس ثمة ما يبعث على الاعتقاد بأن تأليف الحكومة وشيك. منذ السبت الفائت، يراهن الحريري والمحيطون به على مستجد وحيد لا علاقة له بالاستحقاق المعلّق، هو احياؤه بنجاح ما يحتاج اليه في كل حين، وسيعوزه اكثر في الاشهر المقبلة على ابواب الانتخابات النيابية: شدّ العصب السنّي، وتصويره اي محاولة لإرغامه على الاعتذار انكساراً جسيماً لطائفته، لا خسارة شخصية ناجمة عن رياضة الاخفاق التي اعتادها.

"البناء": تفاؤل بنتائج إيجابيّة على المسار الحكوميّ

من جهتها، قالت صحيفة "البناء" إن "المشهد السوري الذي أفرزته المشاركة الاستثنائية اللافتة، لا زال موضع اهتمام وقراءة في عواصم العالم، حيث شكل إصرار الدولة السورية على السير بالاستحقاق الدستوري ورفض كل دعوات التأجيل لربطه بتفاهمات سياسيّة مع عواصم الحصار والعقوبات، ترجمة لقرار سيادي لاقاه الشعب السوري بحضور فاجأ الصديق والعدو، بصفته ثورة عارمة على التدخلات الخارجيّة، وثورة على السياسات الظالمة التي تستهدف سورية بالعقوبات والحصار، وإعلان تمسّك بقيادة الرئيس بشار الأسد الذي فاز للسوريين بالنصر العسكري، ليفوزوا معه بالنصر السياسي، وقد عبّر الرئيس بشار الأسد عن مضمون ما قاله السوريون بكلمة مقتضبة وجّهها للشعب السوري بعد إعلان نتائج الانتخابات، شاكراً لهم تضحياتهم وحضورهم، قائلاً أنهم الثورة الحقيقية أمام مشهد المرتزقة الذين لوّثوا اسم الثورة والثوار، مضيفاً أن رسالة السوريين ستخترق كل الحواجز والدروع".

وتلقى الرئيس الأسد رسائل التهنئة من عدد من دول العالم، ومن لبنان كانت رسالة تهنئة من رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن حزب الله، فيما وجّه رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان رسالة تهنئة أكد خلالها أن تضحيات السوريين أرست لسورية بصمودها دوراً وحضوراً في ظل قيادة الرئيس بشار الأسد، لتكون سورية قوة حاسمة في معادلات المنطقة والعالم.

وتطرقت البناء إلى الشأن الحكومي، وقالت "ينتظر المعنيّون وفي طليعتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري كيفية تفاعل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري مع الفرصة التي يعتقد بري أنها باتت متوافرة للإقلاع بالمسار الحكومي، بعدما وضعت بين يديه مجموعة من الاستعدادات من فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قام بري بتحويلها الى أفكار عملية لتذليل العقد التي تعترض تأليف الحكومة، سواء لجهة توزيع الحقائب، أو لجهة كيفية تسمية الوزيرين المسيحيين الأخيرين في حكومة من 24 وزيراً لا يملك فيها أحد ثلثاً معطلاً"، وتوقعت مصادر على صلة بالمسار الحكومي أن تكون عودة الحريري المتوقعة خلال ساعات نقطة البداية في مفاوضات يفترض أن تتوّج بلقاء الحريري برئيس الجمهورية لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكوميّة، إذا سارت الأمور كما يفترض، وقالت المصادر إن الاستعدادات التي عبّر عنها باسيل خلال اجتماعه والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، تجيب على أسئلة بري بشكل كافٍ للبدء بالحوار مع الحريري، الذي يواجه امتحان إثبات جديته بتشكيل الحكومة في ظل تشكيك خصومه بقدرته على السير جدياً بالتأليف، انطلاقاً مما بات معلوماً عن أسباب سعودية يُنكر الحريري وجودها، أو على الأقل تأثيرها على قراره. وتقول المصادر إن فريق رئيس الجمهورية ينتظر من ثنائي حركة أمل وحزب الله موقفاً من الحريري إذا تهرّب من مسؤولية تأليف الحكومة بذرائع جديدة، بعدما تمّ توفير ما يكفي من عناصر لحل العقد القائمة.

واضافت الصحيفة إنه في غضون ذلك بقيت مساعي الرئيس بري على الخط الحكوميّ في دائرة الاهتمام الرسميّ وتترقب الأوساط الشعبية وكافة القطاعات الاقتصادية والتجارية والصحيّة والعماليّة هذه الجهود لتأليف حكومة تنقذ هذه القطاعات والبلد من الانهيار، لا سيما على الصعيد الاستشفائي والدوائي في ظل الأزمة الحادة التي تضرب هذا القطاع والخلاف الحاصل بين وزارة الصحة ومصرف لبنان الذي أعلن بوضوح بأنه لم يعُد يستطيع دعم كل حاجات القطاع الدوائي من الدولار ما سيهدّد الأمن الصحي والاستشفائي بحسب مصادر “البناء”.

ولفتت إلى أنه فيما ينتظر الرئيس بري عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت وسط تساؤلات عن سبب تأخره في العودة طالما هناك مساعٍ جديدة وإعلان كافة الأطراف نياتها الإيجابية لتأليف الحكومة، تكثفت الاتصالات خلال اليومين الماضيين على الخطوط كافة، كانت عين التينة محورها مع بعبدا واللقلوق وبيت الوسط عبر الرئيس فؤاد السنيورة نيابة عن الحريري ولعبت حارة حريك دوراً بارزاً فيها، وأكدت مصادر مطلعة لـ”البناء” حصول لقاء ليل الأربعاء الخميس بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومعاون الرئيس بري النائب علي حسن خليل بحث مقترحات رئيس المجلس لتذليل العقد أمام تأليف الحكومة كما حصلت اتصالات عدّة بين باسيل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا”. وأكدت مصادر باسيل لـ”البناء” أن الاجتماع مع خليل كان إيجابياً حيث أكد باسيل استعداده للانتفاح والتجاوب مع أي مقترح لتسهيل التأليف يُراعي المعايير الموحّدة والأصول الدستورية والتوازنات السياسية”.

وأوضح مصدر مقرّب من رئيس الجمهورية والنائب باسيل لـ”البناء” أن “الرئيس عون بانتظار الحريري لتقديم تشكيلة كاملة للبناء على الشيء مقتضاه، لأنه لم يعد بإمكان الرئيس المكلف الاستمرار بالجمود الحاصل، فالمدة الزمنية أمامه ليست مفتوحة”. ولفت المصدر إلى أن “عون لن يقف مكتوف اليدين أمام مسار التعطيل الحاصل من قبل الرئيس المكلف وهو بصدد اللجوء إلى خطوات دستوريّة وسياسيّة وشعبيّة مفاجئة للدفع لتأليف حكومة جديدة، والخطوة الأولى هي الرسالة الرئاسية إلى المجلس النيابي كحق دستوري له”. مشيراً إلى أن “الرئيس عون لم يتجنَ على الحريري عندما اتهمه بالمماطلة وعدم قدرته على التأليف، لأنه لم يُقدّم تشكيلة كاملة حتى الساعة”، ولذلك سأل المصدر: “هل قدّم الحريري تشكيلة كاملة لعون؟ وهل أطلع عليها الرئيس بري أو البطريرك الراعي او أي أحد عليها؟ وهل يريد الحريري أن يوقع عون على نصف تشكيلة؟”.

ويضيف المصدر: “إذا كان الجميع متفقين على توزيع الحكومة وفق قاعدة 8-8-8 اي 8 لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والطاشناق والحزب الديموقراطي، و8 للحريري وحلفائه و8 لثنائي أمل وحزب الله وحلفائهما من المردة والقومي، فكيف يكون عون نال الثلث المعطل؟ إلا إذا أراد الحريري وضع اليد على الوزيرين المسيحيين الأخيرين ويعتبر نفسه رئيس حكومة كل لبنان وليس للسنّة فقط، لكن أليس رئيس الجمهورية أيضاً رئيس كل لبنان وله الحق بتسمية وزير سنيّ؟ هل يقبل الحريري بهذا التبادل أم يمنح لنفسه هذا الحق وينكره على غيره؟ علماً أن الحريري نفسه يملك الثلث المعطل لكونه رئيس حكومة من جهة وبتحالفه مع الرئيس بري ورئيس المردة سليمان فرنجية ورئيس الاشتراكي وليد جنبلاط من جهة ثانية، ما يمكنه من نسف الحكومة كحد أقصى وتعطيل أي قرار بورقة الثلث كحد أدنى”.

 وردّ المصدر المذكور على كلام تيار المستقبل بأن “الرئيس عون ليس جاهزاً لتأليف الحكومة ويهدف مع باسيل إلى تهشيل الحريري، بالقول: “فليدق الحريري باب رئيس الجمهورية وفق الأصول وسيسمع الجوابط. وذكر المصدر بكلام باسيل في المجلس النيابي الذي شجّع الحريري على التعاون مع رئيس الجمهورية لتأليف الحكومة، لكن لا يمكن أن نسير بالشروط التي يطرحها الحريري”.

وحذر المصدر من أنه “في حال وصلنا إلى نتيجة بأن هدف الحريري المماطلة والمناورة لاستنزاف العهد وتعطيله وإفشاله لضرب التيار وإضعافه في الانتخابات النيابية المقبلة، فلن نقبل بإلغاء دورنا وموقعنا السياسي، وبالتالي سنلجأ إلى الاستقالة من المجلس النيابي وإجراء انتخابات نيابية جديدة تفرز واقعاً سياسياً جديداً”.

في المقابل تشدّد أوساط المستقبل لـ”البناء” أن “الحريري سيعود الى بيروت ويقوم بالخطوات المناسبة وهو مستعدّ للنقاش والتشاور ومنفتح على أي مقترح يتوافق مع المواصفات التي حددها الرئيس المكلف وفق المبادرة الفرنسية وهي حكومة اختصاصيين وبلا ثلث معطّل لأحد لأن تعطيل قرارات الحكومة يعني العودة الى المراحل السابقة وهو الأمر الذي لن يقبل به الحريري”. وفي سياق ذلك، أوضح نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش أننا “لم نسمع بوضوح قبول الرئيس عون الذهاب بحكومة مستقلين ومن دون ثلث معطل والأمور لا تزال في مكانها ولا شيء تغير في مواقف الرئيس عون، وإلا لكان تبلغ بها الحريري الذي لا يزال على منطقه وكلامه”.

وأكدت مصادر ثنائي أمل وحزب الله لـ "البناء" ان مساعي الرئيس بري هي الفرصة الأخيرة لولادة الحكومة في ظل توافر المؤشرات الإيجابية الداخلية واستعداد الجميع للحل وإلا فالأزمة مفتوحة على كافة الاحتمالات كاعتذار الحريري وحصول استقالات من مجلس النواب من عدة أطراف لذلك على عون والحريري تلقف الأجواء الإيجابية والوقوف خلف مساعي بري لإنجاحها وإنقاذ البلد”.

وقالت إنه فيما أفيد أن جنبلاط سيزور روسيا في الأيام المقبلة، أشارت أوساط مطلعة على الموقف الروسي وشاركت في أغلب اجتماعات المسؤولين اللبنانيين والروس خلال الزيارات اللبنانية الأخيرة إلى روسيا، أن “كل ما تمّ تداوله في الإعلام اللبناني حول تحميل المسؤولين الروس الرئيس عون والنائب باسيل مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة من نسج الخيال ولا صحة لها”. أكدت الأوساط لـ”البناء” أن “روسيا لا تزال داعمة لعملية تأليف الحكومة برئاسة الحريري طالما أنه مكلف رسمياً من المجلس النيابي اللبناني لا سيما أن ما حصل في المجلس ثبت هذا الأمر، لذلك تدعم روسيا تأليف الحكومة وفق المعايير الموحّدة والأصول الدستورية اللبنانية”. وكشفت الأوساط أن “باسيل وخلال زيارته الأخيرة إلى موسكو شرح بشكل تفصيلي هذه المعايير وأهميتها في تأليف حكومة قوية قادرة على الإنقاذ على الحياة، وهي نفسها التي شرحها في كلمته في جلسة المجلس النيابي الأخيرة”. لذلك فالروس بحسب الأوساط “لا يفرضون شيئاً بل يدعمون ما يتفق عليه اللبنانيون وحتى لو كلفوا شخصية أخرى لتأليف الحكومة، وهذه الحسابات الروسية منفصلة عن العلاقات الشخصية التي تربطهم بالحريري أو بباسيل وبأي شخصية لبنانية أخرى”. فروسيا بحسب الأوساط تنطلق بعلاقاتها ورؤيتها من منطلق واضح واقعي وعقلاني ولا تتدخل بالتفاصيل الداخلية اللبنانية، لكنها في الوقت نفسه تسعى لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وتسعى لمنع أي توتر على المستوى الأمني لئلا ينعكس على استقرار وأمن لبنان وبالتالي على أمن واستقرار سورية”.

واضافت الصحيفة أنه حتى تبيان الخيط الأبيض في مساعي الرئيس بري من الأسود، تستمر معاناة اللبنانيين اليومية جراء الأزمات الحياتية والاقتصادية لا سيما أزمة القطاع الصحي والكهرباء والمحروقات، وفيما أفيد أن مخزون وزارة الطاقة من المحروقات يكفي لأسبوع واحد فقط، وقع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال 4 اعتمادات بقيمة 62 مليون دولار لشراء الفيول و”الغاز أويل” لمؤسسة كهرباء لبنان. وهذه الاعتمادات سترسل تباعاً إلى مصرف لبنان للبتّ النهائي بدفعها.

واشارت إلى أنه في غضون ذلك استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، السفير السعودي في لبنان وليد بخاري. وتمنّى بخاري “تغليب المصلحة الوطنية العليا في لبنان على اي مصلحة فردية تحول دون إيجاد الحلول الناجعة التي تعيد للبنان الاستقرار والأمن والازدهار”. وشدد البطريرك الراعي على “ضرورة الحفاظ على حسن العلاقات مع السعودية”، متمنياً “إعادة النظر في القرار الذي اتخذته في ما يتعلق بتصدير المنتوجات الزراعية اللبنانية الى السعودية”. واكد بخاري انه “يتمّ العمل على تذليل الأسباب التي ادت الى اتخاذ هذا القرار”.

"النهار": الدعم الاميركي الفرنسي للجيش يسابق الأزمة

صحيفة "النهار" من ناحيتها قالت "مع ان أي جديد لم يسجل في المشهد الداخلي خلال الساعات الأخيرة من شأنه ان يحمل مؤشرات معينة حيال أي تحرك لحلحلة الازمة الحكومية المستعصية، فان هذا الجمود الظاهري لم يعكس كما يبدو حقيقة الاستعدادات الجارية التي بدأت في اختبار جديد على مسار تذليل التعقيدات التي عطلت عملية التأليف وشلتها تماماً". 

واشارت إلى أنه اذا كانت المعطيات الماثلة في هذا الصدد تتوقع ان ينطلق الاختبار الجدي والأخير لاعادة تحريك عملية تأليف الحكومة بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت في الساعات المقبلة، فان ما استرعى اهتمام المراقبين والقوى السياسية الداخلية تكثيف المبادرات والدلالات والرسائل  الأميركية والفرنسية على نحو متزامن وغير مسبوق في شأن دعم الجيش اللبناني، الامر الذي يدفع هذا التطور الى الواجهة نظرا الى ما ينطوي عليه من خلفيات بارزة ان بالنسبة الى تعاظم خشية المجتمع الدولي على الاستقرار في لبنان، وان بالنسبة الى انهيار الثقة الدولية انهياراً مبيناً وشاملاً بالسلطات السياسية اللبنانية.      
 
واضافت أنه اتخذ هذا البعد مداه العميق أولا من خلال الاصداء التي اثارها استقبال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقائد الجيش العماد جوزف عون، ومن ثم من خلال أهمية اعلان السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا امس عن رزمة المساعدات والدعم الكبيرة التي خصصتها الإدارة الأميركية للجيش اللبناني والتي يجري تسليمها اليه تباعاً. وجاء اعلان السفيرة شيا في ختام "التمرين المشترك" وهو احد اكبر المناورات السنوية للجيش الأميركي مع الجيش اللبناني والذي استمر أسبوعاً فتحدثت عن "ثلاثة إعلانات إضافية تمت مؤخراً عن تمويل من الحكومة الاميركية للجيش اللبناني: أولا، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها تحويل مبلغ 120 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي الى الجيش اللبناني للسنة المالية 2021. 

واشارت الصحيفة إلى أن هذه الهبة العسكرية سوف تزود الجيش اللبناني بأنظمة وخدمات وتدريبات دفاعية بالغة الأهمية. وهي تمثل زيادة قدرها 15 مليون دولار عن السنوات السابقة.  وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستقدم العام المقبل للبحرية اللبنانية ثلاثة زوارق خفر سواحل أميركية للدوريات من طراز Protector-class. هذه القوارب ستعزز قدرات الدوريات البحرية اللبنانية إلى حد كبير. وأخيرا، بدأت وزارة الدفاع الاميركية بتحويل 59 مليون دولار إلى الجيش اللبناني، والتي ستستخدم لتعزيز قدرات الجيش الأمنية على الحدود الشرقية". وقالت شيا: "الولايات المتحدة تواصل النظر بسلطات إضافية يمكن للولايات المتحدة من خلالها، بموجب القانون الأميركي، تقديم مساعدات استثنائية للجيش اللبناني. وأود أن أذكر الجميع هنا، مرة أخرى، بالالتزام الطويل الأجل للولايات المتحدة تجاه لبنان والجيش اللبناني".   
 
لقاءات تمهيدية 

وقالت "النهار" إنه في غضون ذلك، وعلى الصعيد السياسي، أفادت معلومات ان اجتماعا عُقد اول من امس بين رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ومعاون رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب علي حسن خليل، في اطار المساعي لتسهيل مبادرة بري الحكومية. كما افيد ان اتصالات جرت بين باسيل ومسؤولين في "حزب الله".
 
ولفتت "النهار" إلى أنه في انتظار عودة الحريري لفت اعلان نائب رئيس "تيار المستقبل" مصطفى علوش انه "كانت هناك جرعات وافرة من التفاؤل في كلام المسؤولين لكن يبدو أن الكلام كان من باب الإستهلاك فقط،  بدليل أنه لم تصدر أية بوادر تبشر حقيقة بتسهيل ولادة الحكومة عند المسؤولين الذين أداروا محركات التأليف. ولم نسمع بوضوح قبول الرئيس عون الذهاب بحكومة مستقلين ومن دون ثلث معطل. وبذلك صار التفاؤل وراءنا". واضاف: ان "ما شهدته عطلة العيد من حراك على جبهة  حزب الله والتيار الوطني الحر حمل المزيد من الأفكار الجديدة الإيجابيّة أضف إليها خطاب السيد حسن نصرالله في ذكرى التحرير والذي أعطى زخما لتحريك ملف تشكيل الحكومة، لكن كل الأمور لا تزال في مكانها لا شيء تغير في مواقف الرئيس عون، وإلا لكان تبلغ بها الحريري الذي لا يزال على منطقه وكلامه. حتى المساعي التي يقوم بها الوسطاء على جبهة الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط لم تحمل أي معطى جديد فعلى أي أساس سيتوجه الحريري إلى القصر؟ وإذا صح أن هناك بوادر إيجابية فلتوضع على الطاولة".
 
بخاري في بكركي 

الى ذلك، قالت "النهار" إنه برز امس استقبال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري حيث جرى عرض لعدد من المواضيع المحلية والاقليمية والعلاقات الثنائية.  وتمنى بخاري "تغليب المصلحة الوطنية العليا في لبنان على اي مصلحة فردية تحول دون ايجاد الحلول الناجعة التي تعيد للبنان الإستقرار والامن والإزدهار"، مشددا على "دور البطريرك الراعي الضامن في الحياة اللبنانية الوطنية، المنعكس في جهوده الحثيثة لمصلحة لبنان في هذه الأوقات".  وشدد البطريرك الراعي على "ضرورة الحفاظ على حسن العلاقات مع المملكة العربية السعودية"، متمنياً "اعادة النظر في القرار الذي اتخذته في ما يتعلق بتصدير المنتوجات الزراعية اللبنانية الى السعودية".
 
تداعيات الاحتياطي الإلزامي  

ولفتت الصحيفة إلى أنه غداة بيان مصرف لبنان الذي طالب فيه السلطات المعنية بالتحرك لانه سيبدأ استخدام اموال الاحتياط الالزامي في الدعم، الامر الذي لا يريده، رفعت القوى السياسية المعارِضة لاداء الحكومة الصوت. وفي هذا السياق،  قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "بدأ بعض أوساط السلطة حملة يطرح فيها معادلة إما لا بنج ولا دواء ولا مستلزمات طبية، وإما استخدام الاحتياط الإلزامي في تكرار للمعادلة نفسها التي استخدمت في موضوع الكهرباء: إما العتمة وإما الاحتياط الإلزامي ولا تكتفي هذه السلطة بأن تكون سلطة جائرة وفاسدة وفاشلة، بل تصرّ أيضا على ان تكون سلطة وقحة وفاجرة وسارقة إلى  أبعد الحدود، لأن من الجريمة بمكان وضع المواطنين باستمرار امام الأسوأ".
 
كما ان الحزب التقدمي الإشتراكي اكد بدوره انه "إزاء هذا الواقع الخطير الذي بلغته الأمور مع إعلان المصرف المركزي أن أي دعم جديد للمواد الطبية والأدوية وحليب الاطفال يعني المس بالتوظيفات الإلزامية للمصارف، فإن الحزب التقدمي الإشتراكي يؤكد أن ما يحصل هو جريمة مزدوجة تُرتكب بحق الناس، مرة بحرمانهم من الدواء والمستلزمات الطبية وحليب أطفالهم، ومرة بالاستيلاء على ما لديهم من ودائع. ويحمّل الحزب المسؤولية المباشرة عن هذه الجريمة الموصوفة للحكومة الحالية قبل استقالتها وبعدها ".

إقرأ المزيد في: لبنان