لبنان
اللبنانيون يترقبون وصول لودريان.. وخشية من مواقفه الحازمة بحق من يعطّلون تشكيل الحكومة
ركز الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على زيارة وزير الخارجية الفرنسي الذي يصل اليوم الى بيروت، علماً بأن التعويل عليها لا يبدو كبيراً لإنهاء الأزمة الحكومية.
وتبدو الأنظار شاخصة الى المواقف التي سيطلقها جان إيف لودريان بعدما قال في تغريدة له إنه "سنتعامل بحزم مع الذين يعطّلون تشكيل الحكومة، ولقد اتّخذنا تدابير وطنية، وهذه ليست سوى البداية".
والاستعصاء في الملف الحكومي لم يشهد جديداً سوى وضع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري خيار «التنحّي» جانباً.
"الأخبار": لودريان يهدّد والحريري يجمّد الاعتذار
بداية مع صحيقة "الأخبار"، ألتي رأت أنه بعدَ التلويح بالاعتذار، وضع الرئيس المكلف سعد الحريري هذا الخيار جانباً، مبدئياً، بينما تتجه الأنظار إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي الذي يصل اليوم الى بيروت، علماً بأن التعويل عليها لا يبدو كبيراً لإنهاء الأزمة الحكومية.
بالرسائِل عن بُعد، استبقَ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان زيارته للبنان، وبلغة لا تخلو من التهديد بمعاقبة المسؤولين بسبب سلوكهم المُشين بحق البلد، استكمل الزائر الذي سيحطّ اليوم في بيروت كلاماً سابقاً عن البدء بإجراءات منع الدخول إلى الأراضي الفرنسية، لشخصيات «نعتبرها معرقلة للعملية السياسية وضالعة في الفساد»، قائلاً في تغريدة له على وسائل التواصل «سنتعامل بحزم مع الذين يعطّلون تشكيل الحكومة، ولقد اتّخذنا تدابير وطنية، وهذه ليست سوى البداية».
من دون معرفة الأسباب، تأجّل سفر وزير الخارجية الفرنسي يوماً عن الموعد الذي كانَ مُقرّراً، علماً بأن ذلك لن يُقدّم أو يؤخر في حال الاستعصاء في الملف الحكومي الذي لم يشهد جديداً سوى وضع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري خيار «التنحّي» جانباً، بعدَ أن لوّح به أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة، وأبلغه لمن يهمه الأمر... لكن أحداً لم يهتم!
عدا عن ذلك، تستعر الحروب الصغيرة الدائرة في الداخل، ربطاً بما يجري في الإقليم. وفي انتظار اتضاح اتجاهات المنطقة، باتَ بعض الأطراف يتصرّف من منطلق المُنتصِر في المعادلة السياسية، إذ لم تتوقف منذ أيام حملات التبشير بقرب استقالة الحريري وهزيمته في وجه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ربطاً بالمعلومات التي تتحدث عن سحب المملكة العربية السعودية يدها منه، وعدم تمسّك الآخرين به، وتحديداً باريس.
وعزّز هؤلاء حملتهم بالحديث عن عدم إدراج الحريري على جدول لقاءات لو دريان وحصرها برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك بشارة الراعي وجهات من المجتمع المدني، علماً بأن معلومات تحدثت أمس عن «تعديل للمواعيد وعقد اجتماع مع الرئيس المكلف».
مصادر مطلعة، اعتبرت أن الزيارة تُعطى أكثر من حجمها، كما لو أنها الفرصة الأخيرة أمام لبنان، مشيرة إلى أن «الفرنسيين يحملِون عصا العقوبات بيد، وفي اليد الأخرى مبادرتهم التي فقدت تأثيرها، فكيف يريدون لأحد أن يتجاوب معهم؟». وقالت المصادر إن «صدى الصوت الفرنسي أكبر من الحجم الحقيقي لدولة تلعب دوراً في ظل غياب اللاعبين الأصليين، أي في الوقت الضائع، ولا قدرة لديها على فرض مشروع محدد، نظراً إلى أن سياستها تفتقِد الأدوات التنفيذية».
معلومات تحدثت عن تعديل للمواعيد وعقد اجتماع مع الرئيس المكلف
كذلك اعتبرت أوساط سياسية بارزة أن الزيارة ليست ذات أهمية، إلا في حال طرأت مفاجأة جديدة من شأنها خلط الأوراق، وهنا تحدثت الأوساط بكلام جرى التداول به، عن محاولات فرنسية لجمع الحريري وباسيل معاً، على اعتبار أنهما المعرقلان الرئيسيان لتأليف الحكومة، فإذا «تمكّن لودريان من جمعهما، فساعتئذٍ يمكن القول إن الزيارة حققت تقدماً ما». وبينما قالت الأوساط إن «خيار الاعتذار وُضع جانباً، مبدئياً»، اعتبرت أن الحديث عن «خاسر ورابح في الداخل سابق لأوانه، وأن المعادلات الإقليمية الجديدة لن تكون لها ترجمة قريبة وفورية، بل تحتاج إلى وقت». ولفتت إلى أن هناك عنصراً يجب عدم تجاهله، ألا وهو أن «الحريري لم يعتذر ولا يزال رئيساً مكلفاً وموجوداً في المعادلة الداخلية، ولا يزال أطراف أساسيون يفضّلونه على غيره»، ثم إن صعوبات الاتفاق على أسس المرحلة المقبلة أعقد من مسألة الاتفاق على اسم رئيس الحكومة، وبالإمكان أن يأخد وقتاً أكثر من أشهر التكليف، وهذا كله يُدفع من روزنامة «ما تبقّى من العهد»، وبالتالي خسارة الحريري لا تعني بالتأكيد فوز الآخرين.
"النهار": لودريان مهدداً: سنتعامل بحزم مع المعطّلين
بدورها صحيفة "النهار" اعتبرت أن حال الوصول المتأخر لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت الى ما بعد منتصف الليل الفائت دون تمكن الكثيرين من المعنيين الرسميين والسياسيين من تلمس بعض المعطيات الدقيقة التي تتضمنها زيارته التي توصف على نطاق واسع بانها ستكون حاسمة لمسار المبادرة الفرنسية في لبنان ابنة الثمانية اشهر وتاليا لمصير أزمة تشكيل الحكومة الجديدة .
ولكن لودريان نفسه لم يتأخر في استباق لقاءاته في بيروت، فأرسل مساء من خلال تغريدة عبر "تويتر" العنوان الأكثر تشددا لزيارته اذ كتب:"سأكون في لبنان يوم غد (اليوم) موجهاً رسالة شديدة اللهجة الى المسؤولين السياسيين ورسالة تعبر عن تضامننا التام مع اللبنانيين وسنتعامل بحزم مع الذين يعطلون تشكيل الحكومة . لقد اتخذنا تدابير وطنية وهذه ليست سوى البداية ". وأضاف: تؤكّد زيارتي أيضًا تضامن فرنسا في مجال التعليم والطبابة والآثار، ودعمها اللبنانيين الذين يبذلون قصارى جهدهم من أجل بلدهم" .
ووسط حبس الانفاس الذي يطبع المشهد الداخلي ترقباً للقاءات التي سيجريها لودريان اليوم، وما يمكن ان يشكل مفاجآت في برنامج الوزير الذي بقي سريا وغير مفصح عنه حتى بعد وصوله الى بيروت، أجمعت اكثر من جهة معنية بزيارة وزير الخارجية الفرنسي وباللقاءات التي سيجريها على ان البلد سيكون امام ساعات مفصلية، لأن مهمة لودريان لم تعد تحتمل الأجواء والانطباعات والمعلومات التي سبقت وصوله أي مواقف نصفية او تقديرات مبهمة. ففيما هو يحمل في يد الحوافز الفرنسية والأوروبية من اجل تشجيع اللبنانيين على الانخراط الحازم في ورشة انقاذية إصلاحية تتولاها حكومة المهمة الانقاذية، يحمل باليد الأخرى سيف العقوبات التقييدية لشخصيات لبنانية ستتهم بإعاقة الحل السياسي الإصلاحي، وتاليا تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة. كما ستتهم شخصيات أخرى بالتورط في الفساد. ولعل المفارقة اللافتة تمثلت في ان معظم المعطيات استبقت زيارة لودريان باستبعاد اختراق او انفراج جدي من شأنه ان يطلق عملية تشكيل الحكومة ويخرجها من نفق الابتزاز والتعطيل الا اذا كان في جعبة رئيس الديبلوماسية الفرنسية امر طارئ ما يبدد مجمل الانطباعات المتشائمة وينقذ في الوقت نفسه المبادرة الفرنسية نفسها من مصير سلبي يتهددها.
الاعتذار ليس حتميًا
وإذا كان من الطبيعي ان تتركز الأنظار بل والمخاوف على تنامي الكلام عن امكان اقدام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الاعتذار عن إكمال مهمته في تشكيل الحكومة، فان المعطيات التي تؤكّدها مصادر مسؤولة في “تيار المستقبل” لـ”النهار” تشير إلى أنّ الاعتذار لم يصبح أمراً حتميّاً بالنسبة إلى توجّهات “بيت الوسط”، باعتبار أن الحريري لم يتّخذ قراراً بالاعتذار عن عدم التأليف حتى اللحظة؛ لكن الاعتذار أضحى خياراً ممكناً ووارداً ومرتبطاً بجملة من الاعتبارات والظروف في حال استمرار الإغلاق الكامل على إمكان استيلاد حكومة اختصاص غير حزبيّة. وتلفت الى ان خيار الاعتذار كان مستبعداً في مرحلة سابقة، لكنّه بات قائماً ومبنيّاً على بعض المعطيات راهناً. وتقوم هذه المعطيات على اعتبار أنّه إذا لم تؤدِّ الضغوط الأخيرة في سبيل التأليف إلى نتائج على طريقة محاولة تحريك المياه الراكدة، فإنّ البلد لا يستطيع الانتظار أكثر في ظلّ المراوحة ما يعني الاتجاه نحو الانهيار الكامل. وتلفت المصادر إلى أنّ ما لا يمكن أن يقبله الحريري هو تصنيفه في خانة المعطّلين أو المعرقلين، موجّهةً أصابع الاتهام بالتعطيل باتجاه النائب جبران باسيل لكونه يستخدم الاستحقاق الحكومي لاعتبارات شخصية. وتفيد المعطيات بأنّ مجموعة أفكار بدأت تُبحث في حال سلوك طريق الاعتذار، ومن بينها العمل على تحصين استحقاق الانتخابات النيابية العامة 2022، من خلال الاتجاه إلى تمتين الوضع مع الحلفاء ومنع تأجيل الانتخابات، التي ستكتب عنوان المرحلة المقبلة من شدّ الحبال بين المحاور السياسية، علماً أن هذه الأفكار لا تزال في طور وضع الاحتمالات ولم تتحوّل إلى خريطة طريق حتى الآن.
في المقابل تشير الأوساط المطلعة على أجواء رئيس الجمهورية الى ان بعبدا لا تزال تترقّب وتنتظر ما يمكن أن يطرحه لودريان من أفكار، وإذا كان ثمّة من أسئلة تحتاج إلى ايضاحات في ملفات الساعة القابلة للتداول. وتقول إنّ رئيس الجمهورية يعتزم ايضاح كلّ التفاصيل المتعلّقة بالملف اللبناني، بما في ذلك موضوع الحكومة وموضوع ترسيم الحدود البحريّة. وترى الأوساط أنّ أحداً لا يستطيع الجزم في ما ستحمل معها زيارة لودريان، خلافاُ لما يتناقل على الصعيد اللبناني، وهو قد يحمل عتباً أو حلّاً أو مبادرة أو إنذارات، فيما الموقف الفرنسي المعلن واضح لناحية ضرورة تشكيل حكومة متخصّصة تساهم في تنفيذ الإصلاحات. ولا يعلّق فريق العهد على الخيارات التي يمكن أن يتّخذها الرئيس المكلّف في الأيام المقبلة، مع اعتبار خيار الاعتذار بمثابة شأن خاص وقرار يعني الحريري.
وفي هذا السياق دعا مجلس المطارنة الموارنة إلى تشكيل حكومة قادرة على إيقاف الانهيار، واكد على المعنيين ان يضعوا جانبا كل حساباتهم وغاياتهم الخارجة عن إرادة الإنقاذ، وناشد العواصم الصديقة القيام بمبادرات إنسانية عاجلة تساعد الشعب اللبناني على الصمود. ودان المجلس “بشدة التفلت المتمادي على المعابر الحدودية الشرقية والشمالية، كما في مرفأ بيروت ومطارها، التي باتت تستخدم جهارا لتهريب المخدرات، الأمر الذي كلف لبنان مزيدا من الحصار الاقتصادي شمل صادراته الزراعية إلى المملكة العربية السعودية وسائر بلدان الخليج.
مكافحة التهريب
وفي اطار الاستنفار الأمني لمواجهة ازمة التهريب اعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي بعد ترؤسه اجتماعا امنيا إلى أن “شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي قامت بأعمال مميزة في موضوع التهريب، وبتنسيق كامل، واضح وشفاف مع كل الدول الشقيقة والصديقة ولا سيما منها الدول الخليجية ومنها السعودية، وهناك احصاءات بهذا الخصوص”. ولفت فهمي، إلى أن “ما كنا نقوم به هو عمل باللحم الحي، فهناك ضعف بالمنظومة ككل، وهناك اسباب لوجستية، كما أن الهيكلية بحد ذاتها تحتاج تحسيناً. ونحن بدأنا العمل بهذا الموضوع، بالتالي سنرى خلال اسبوعين او ثلاثة كأقصى حد، تعديلاً بالمستوى العملاني بما خص التصدير، أما ما يتعلق بالمعدات، فالأمر سيأخذ وقتاً أطول”. كما أبدى استعداد لبنان “لتلقي أي مساعدة من أي دولة، وخصوصا الشقيقة، التي تحب مساعدة لبنان في الوقت الحالي خصوصا بالآلات الحديثة لكشف ما يمكن كشفه، واذا لا، نحن خلال مدة معينة سنؤمن أجهزة الكشف على كل المرافق التي يتم التصدير منها”.
وقد أفادت وزارة الداخلية انه من خلال التحقيق مع الموقوف حسن دقّو تبيّن أنه متورّط في تهريب أكبر شحنة مخدّرات في العالم والتي تقدّر بحوالى 94 مليون حبّة كبتاغون ضبطت في ماليزيا وكانت متوجهة الى المملكة العربية السعودية.
"البناء": موقف سعوديّ يُضعف المظلة الفرنسيّة… والحريري: خيارات مفتوحة وهوامش ضيّقة
أما صحيفة "البناء" أخذت تقول: رأت مصادر دبلوماسية في تجميد المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية، بعد جولة رد الاعتبار للمسار خطوة أميركية طبيعية، وضعت معادلة تأجيل الترسيم مقابل تأجيل المرسوم الذي توقف عند بوابة قصر بعبدا، وأن التحريك الذي نتج عن تلويح رئيس الجمهورية بالتوقيع لا يزال فاعلاً لمنع ذهاب كيان الاحتلال نحو بدء الاستثمار في حقل كاريش، بانتظار إعادة ترتيب الأوراق أميركياً، وهو ما لا يمكن توقعه قبل تبلور المشهد الإقليمي الجديد، سواء على مسار الاتفاق النووي مع إيران، أو العلاقات السعودية الإيرانية والسعودية السورية، وانعكاسها جميعاً على الوضع اللبنانيّ ومسار حكومته الجديدة من جهة، ومستقبل مسارات أنابيب الغاز في المتوسط العالقة بين واشنطن وموسكو، ومستقبل العلاقات الروسيّة الأميركيّة التي تنتظر قمة الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن، وبالتالي فإن التحريك قد يتم مجدداً لإبقاء الأمور على حالها حتى الصيف، حيث يمكن أن تكون الصورة قد تبلورت بما يتيح توقع امتلاك الجانب الأميركيّ مشروعاً للوساطة قابل للتداول كبديل عن خط هوف.
في الشأن السياسيّ ينتظر لبنان نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسيّة جان إيف لودريان الذي وصل منتصف الليل الى بيروت، بعدما ترك غموضاً حول لقاءاته خصوصاً لقاءه بالرئيس المكلف بتشكيل المكلف سعد الحريري، والكلام المتداول من فريق الرئيس الحريري بالتلويح بالاعتذار، فيما بدا أنه ربط للاعتذار باللقاء بلودريان، أو بالضغط الذي قد يحمله لودريان على الحريري للقاء رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تحت طائلة اعتبار الحريري مصدر تعطيل المبادرة الفرنسية، ورأت مصادر متابعة للملف الحكومي أن أصل الجو الفرنسي السلبي الذي تمثل بتراجع المظلة الممنوحة للرئيس الحريري مرتبط بضغط سعودي تداولته مصادر إقليمية عديدة، عنوانه رفض أي محاولة لاعتبار ترؤس الحريري للحكومة إلزاماً للسعودية بدعم هذه الحكومة. وقالت المصادر إن ما تصفه المصادر المقرّبة من الحريري بالخيارات المفتوحة، بين الاعتذار والنجاح بتشكيل حكومة، وبقاء الأمور على حالها، ليس تعبيراً عن شعور بالراحة السياسيّة بل بالهوامش التي تضيق أمام الحريري، خصوصاً إذا بقي على سقوف متشنّجة في مقاربة الملف الحكومي، الذي يمكن حلحلته ببعض المرونة المتبادلة، فيما يخص كيفية تسمية الوزيرين المسيحيين اللذين لا تشملهما تسمية المرجعيات النيابية والسياسية، لأن الاعتذار سيصيب الحريري أكثر من معارضيه الذين ينتظرون الاعتذار ويراهنون على انفتاح سعودي للمشاركة في تسمية البديل، وسيكون وضع الحريري صعباً، وسيكون أشد صعوبة إذا ذهب لتحريك شارعه في ظروف سيُتّهم فيها خارجياً وداخلياً بالمسؤولية عن أخذ لبنان إلى الفوضى، بينما إبقاء الوضع على حاله سيضعه في أزمة متصاعدة مع الفرنسيين، خصوصاً أن مخارج واقعية يمكن إيجادها وفقاً لمساعٍ فرنسية يتشارك فيها مع باريس رئيس مجلس النواب نبيه بري، لإقناع الحريريّ بالعقلانية والواقعية، وتحميل فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر مسؤولية الفشل إذا لم يتمّ التجاوب مع هذه الحلول.
وبقي المشهد الحكومي ضبابياً وتحت تأثير حملة التسريبات والمعلومات المتضاربة التي غرقت بها الساحة الإعلامية والسياسية حول ما سيحمله في جعبته وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان الذي يصل اليوم إلى بيروت إضافة إلى مصير التكليف الذي يحمله الرئيس المكلف سعد الحريري منذ ثمانية أشهر، وما إذا كان سيقلب الطاولة ويخلط الأوراق ويلجأ إلى الاعتذار في نهاية المطاف.
ولم ينتظر لودريان وصوله إلى بيروت للإدلاء بدلوه وإبلاغ المسؤولين اللبنانيين الرسائل المباشرة والحاسمة. بل استبق ذلك بتغريدة على تويتر قال فيها: «سأكون في لبنان غداً مع رسالة شديدة الحزم للقادة السياسيين ورسالة تضامن كامل مع اللبنانيين. الحزم في وجه الذين يعرقلون تشكيل الحكومة لقد اتخذنا إجراءات وطنية، وهذه مجرد البداية».
وأضاف: «تؤكّد زيارتي أيضًا تضامن فرنسا في مجال التعليم والطبابة والآثار، ودعمها اللبنانيين الذين يبذلون قصارى جهدهم من أجل بلدهم».
وفيما اعتصمت أوساط بيت الوسط بالصمت، أكدت مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» أن «لا قرار حتى اللحظة في بيت الوسط بالاعتذار وكل ما يُشاع من معلومات وتحليلات حول ذلك هي من نسج الخيال. والقرار الأخير بهذا الشأن ملك الرئيس الحريري وحده وهو لا يزال متمسك حتى اللحظة بتأليف حكومة جديدة كطريق وحيد للإنقاذ ضمن شروط المبادرة الفرنسية أي حكومة اختصاصيين ومستقلين لا ثلث معطل لأحد». لكن وبحسب الأوساط فإن «خيار الاعتذار وارد في حال وجد الحريري أن الأبواب مقفلة ولا يمكنه الاستمرار بهذه المهمة». ونفت الأوساط ما يُشاع عن تسوية خارجية لتكليف شخصية سنية أخرى كالرئيس نجيب ميقاتي وغيره. واضعة ذلك في إطار الماكينة الإعلامية التي تعمل للضغط على الحريري لدفعه للاعتذار.