لبنان
عون يضغط بوجه هيل لحفظ الحقوق..بوتين يهاتف الحريري ومشاورات تأليف الحكومة معلقة
ركزت الصحف اللبنانية اليوم على ملفات عدة، كان أبرزها زيارة معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل إلى لبنان، ودفع رئيس الجمهورية الموقف الأميركي نحو قبول الطلبات اللبنانية فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية. ومن ناحية أخرى تطرقت الصحف إلى زيارة الحريري إلى موسكو واكتفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاتصال به دون اللقاء المباشر.
"الأخبار": هيل يعرض استئناف المفاوضات وفق «الأسس السابقة»
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن واشنطن تريد إقفال ملفّ تعديل مرسوم ترسيم الحدود البحرية، مفترضة أن هذا الإقفال تليه العودة إلى طاولة المفاوضات على الأسس السابقة، وفق ما أعلن ديفيد هيل. لكن في المقابل، انتزع رئيس الجمهورية موافقة الوسيط الأميركي على الاستعانة بخبراء دوليين لترسيم الحدود، وهو ما كان يرفضه العدو الإسرائيلي. من جهة أخرى، قررت قطر خرق الحظر العربي المفروض على رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، واستقباله الأحد المقبل.
واضافت الصحيفة "إلى أجل غير مسمى، طُوي ملف تعديل مرسوم الحدود البحرية. هذه المرة، كان الدور الأميركي في الدفع نحو هذه النتيجة علنياً ومباشراً، من خلال الفيتو الذي عبّر عنه مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل شخصياً على أي تعديل في أسس التفاوض. لكن مع ذلك، لم تعلن رئاسة الجمهورية موت المشروع نهائياً. استبدلته بخطوات متدرجة تتوقع أن تؤدي إلى النتيجة نفسها، أي إلى حفظ حق لبنان في مياهه، والأهم منع العدو الإسرائيلي من التنقيب في حقل «كاريش»، الذي يدخل في المنطقة التي يرى الجيش أنها مياه لبنانية. وعلى ما أعلن وزير الخارجية شربل وهبي، فإن الخطوة الأولى تتمثل في زيارة اليونان وتحذيرها من خطورة عمل شركاتها في تلك المنطقة. الأهم، بحسب ما تشير مصادر معنية، هو انتزاع موافقة الجانب الأميركي على الاستعانة بخبراء دوليين لتحديد الحدود، وهو ما كان يرفضه العدو بشكل كامل".
ولفتت الصحيفة إلى أنه بناء على ما تقدم، وبعد تأكيد هيل ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات، يبدو أن هذه المفاوضات لن تتأخر قبل الانطلاق، من دون أن يعرف كيف سيتعامل الوفد المفاوض مع التطورات الجديدة. هل يكمل من حيث بدأ، أي من خلال المطالبة بـ 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية إلى المنطقة اللبنانية المحددة بموجب المرسوم 6433 أم يتراجع عنه للمطالبة بالـ 860 كيلومتراً التي تصرّ «إسرائيل» على تقاسمها مع لبنان؟
من ناحيته، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أهمية استمرار المفاوضات، واستكمال الدور الأميركي «من موقع الوسيط النزيه والعادل». وفي الوقت نفسه، ترك عون الباب مفتوحاً على إمكانية العودة إلى تفعيل مسألة المرسوم، مشيراً الى أنه «يحقّ للبنان أن يطوّر موقفه وفقاً لمصلحته وبما يتناسب مع القانون الدولي ووفقاً للأصول الدستورية».
أما هيل، فقال بعد لقائه عون، أمس، إن «أميركا تقف على أهبة الاستعداد لتسهيل المفاوضات بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل على الأسس التي بدأناها في هذه المباحثات».
ولاحقاً، أصدرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بياناً تلاه المستشار الإعلامي والسياسي لعون، أنطوان قسطنطين، وفيه تأكيد من رئيس الجمهورية على نقاط ثلاث:
1- هو مؤتمن على السيادة والحقوق والمصالح ولن يفرّط بها.
2- تجنيب لبنان أيّ تداعيات سلبية قد تتأتّى عن أيّ موقف غير متأنٍّ.
3- بذل كل الجهود ليكون ترسيم الحدود موضع توافق بين اللبنانيين وليس موضع انقسام بهدف تعزيز موقف لبنان في المفاوضات.
الحريري ــــ بوتين: اتصال لا لقاء
من ناحية أخرى، قالت الصحيفة إنه "كان لافتاً أن زيارة سعد الحريري لموسكو لم تتوّج بلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل تم الاكتفاء باتصال هاتفي أجراه الحريري من مقر إقامته في قصر الضيافة التابع لوزارة الخارجية الروسية. لكن مستشار الحريري جورج شعبان أوضح في اتصال مع «الجديد»، أن ذلك لم يكن مفاجئاً، وكان الوفد على علم به، وهو يعود إلى الإجراءات التي يتّبعها الكرملين للوقاية من فيروس كورونا. كما ذكر أن الحريري استُقبل رسمياً بصفته رئيس حكومة لبنان.
وكان لافتاً أن البيان الرسمي الصادر عن مكتب الحريري، استناداً إلى ما وصفه بـ«مصادر الوفد اللبناني»، أشار إلى أن الاتصال، «الذي استمر لخمسين دقيقة، كان ممتازاً. وتركّز على الأزمة الحكومية في لبنان، حيث تم التشديد خلاله على ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة في أسرع وقت ممكن. كما تطرق البحث إلى آفاق التعاون بين لبنان وروسيا في مجال مكافحة جائحة كورونا وإمكانية تزويد روسيا للبنان بكميات من اللقاح اللازم. وتم التفاهم على مواصلة البحث بين الجانبين الروسي واللبناني للاستفادة من الدعم الروسي للبنان في مختلف المجالات وتسهيل الأرضية أمام الشركات الروسية للاستثمار في لبنان والشركات اللبنانية للاستثمار في روسيا».
من جهته، أفاد بيان صادر عن الكرملين بأن «الحريري أطلع بوتين على تطورات الوضع الداخلي في لبنان، كما على الإجراءات المبدئية من أجل تشكيل الحكومة الجديدة وتخطّي الأزمة الاقتصادية». وتم التأكيد من قبل الجانب الروسي على موقف روسيا المبدئي في دعم سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه.
واشارت الصحيفة إلى أنه في سياق متصل، أجرى الحريري محادثات مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في مقر رئاسة الوزراء الروسية، تناولت آخر التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وقال الحريري لمضيفه إن «صعوبة الوضع الآن هي في تشكيل حكومة من الاختصاصيين لكي نقوم بكل الإصلاحات المطلوبة. ولكن حين نشكل الحكومة ونجري الإصلاحات اللازمة، نريدكم أن تعلموا أننا نرغب في رؤية كل الشركات الروسية تأتي إلى لبنان لكي تستثمر فيه في المرافق الموجودة، سواء الكهرباء أو المرافئ أو الطرقات أو كل ما يتعلق بالبنى التحتية».
دياب إلى قطر: لن أرفع الدعم
ومن جهة أخرى، قالت "الأخبار" إنه فيما كان الحريري يجري محادثات رسمية بصفته رئيساً للوزراء، كان الرئيس حسان دياب يترأس اجتماعاً حول موضوع أزمة المحروقات، حضره وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، إضافة إلى عدد من المديرين العامين وأصحاب شركات النفط.
وبعد الاجتماع، قال وزير الطاقة: «تبيّن لنا أن السبب الأساسي لأزمة البنزين هو التهريب إلى خارج الأراضي اللبنانية بسبب الفرق في الأسعار بين لبنان وسوريا. فسعر صفيحة البنزين في لبنان 40 ألف ليرة لبنانية، أما السعر الرسمي في سوريا فيصل إلى 140 ألف ليرة، وفي السوق السوداء إلى 240 ألف ليرة». وقال إن الحل هو بضبط سعر هذه المادة، ولن يرفع الدعم قبل اعتماد البطاقة التمويلية من ضمن خطة الترشيد. ودعا غجر المواطنين إلى عدم التهافت على شراء البنزين وتخزينه لأن الحكومة لن ترفع الدعم خلال وقت قريب.
في اللقاء، أعاد دياب تأكيده أنه في ظل حكومة تصريف الأعمال لن يرفع الدعم، إلا إذا أقرّ مجلس النواب قانوناً يغطي اعتمادات البطاقة التمويلية.
ولفتت الصحيفة إلى أن دوائر رئاسة الحكومة لم تتبلّغ من نظيرتها العراقية موعداً لدياب لزيارة بغداد، بدلاً من موعد 17 نيسان الذي أرجئ سابقاً من قبَل الجانب العراقي، من دون شرح الأسباب ولا تحديد موعد بديل. وفي الوقت عينه، علمت «الأخبار» أن دياب سيزور العاصمة القطرية الدوحة، يوم الأحد المقبل، على أن يكون يوم الثلاثاء. ولن يرافق دياب إلى الدوحة أحد من الوزراء، إذ يقتصر الوفد على دياب ومستشاره خضر طالب، ومدير المراسم في رئاسة الحكومة لحود لحود، والباقي أمنيون. ولا يزال دياب يحيط خبر الزيارة بطوق من السرية، علماً بأنها ستكون الأولى له إلى الخارج منذ تولّيه رئاسة الحكومة، بعد إلغاء زيارته إلى القاهرة قبل أشهر، ومن دون معرفة مصير زيارته المرجأة إلى بغداد.
"البناء": عون يحوّل توقيعه المرسوم ورقة ضغط بوجه هيل لمفاوضات تحفظ الحقوق
من ناحيتها، صحيفة "البناء" قالت إنه لا تزال زيارة معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل في الواجهة، مع كلام حكومي لهيل بدا في منتصف الطريق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وهو ما قالت مصادر متابعة للزيارة إنه يرتبط بالطريقة التي أدار من خلالها رئيس الجمهورية ملف مرسوم ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان، بحيث بات مشروع المرسوم، “نصف مرسوم”، فهو قابل للتحوّل الى مرسوم ملزم يصعب تعديله من أية حكومة مقبلة من دون أزمة وطنية كبرى تتهم خلالها، أي حكومة تسعى لتعديله بالتنازل عن الحقوق الوطنيّة، ولا ينقص ليحدث ذلك سوى توقيع رئيس الجمهورية، الذي أبلغ هيل أنه سيمتنع عن التوقيع إذا ضمن عودة المفاوضات بضمانة وساطة أميركيّة منصفة، وامتناع كيان الاحتلال عن البدء بالتنقيب في حقل كاديش الواقع في قلب المنطقة التي تحدّدها الخرائط اللبنانية الجديدة، طالباً معونة أمميّة تقنية للمساعدة في مطابقتها مع القواعد التقنيّة والقانونية الدولية. وتعتبر المصادر أن تصرف رئيس الجمهورية نجح في دفع الموقف الأميركي نحو قبول الطلبات اللبنانية، لكنه ترك تأثيراً على التعامل الأميركي مع موقع رئيس الجمهورية من تشكيل الحكومة، بعدما تحسّن موقع رئيس الجمهورية موضوعياً بسبب إمساكه بورقة المرسوم، خصوصاً أن متابعة المفاوضات تحتاج إلى تسريع ولادة حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري من وجهة النظر الأميركيّة، ومن وجهة نظر الفريق المناوئ لرئيس الجمهورية، ما بات يستدعي مسارعة الرئيس الحريري لملاقاة رئيس الجمهورية في منطقة وسط لتسريع تشكيل الحكومة.
وقالت الصحيفة إنه في هذه الأثناء، كان الرئيس الحريري في موسكو يتابع لقاءاته مع كبار المسؤولين الروس، ويتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدلاً من اللقاء الذي كان متوقعاً بين الحريري وبوتين، وقال بيان صادر عن مكتب الحريري إن الاتصال مع بوتين استمر خمسين دقيقة وإن الحريري عومل كرئيس حكومة خلال زيارته، بينما كان لافتاً كلام الحريري بحضور رئيس الحكومة الروسية عن دعوة الشركات الروسية إلى المشاركة في الأعمال في لبنان، فيما قالت مصادر روسية إن موسكو مهتمة بمشروع إعمار واستثمار مرفأ بيروت وبمشاريع توليد الطاقة الكهربائيّة، ولها اهتمام خاص بملفات التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية.
واشارت "البناء" إلى أن ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية تصدّر محادثات وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل لا سيما خلال لقائه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا. وإذ كرّر هيل المطالبة بالإسراع في تأليف الحكومة، أعلن استعداد بلاده للمضي قدماً في وساطتها بين بيروت والكيان الإسرائيلي.
ووفق بيان المديرية العامة لرئاسة الجمهورية شدد عون خلال المحادثات مع الوفد الأميركي برئاسة هيل، على «أهمية الاستمرار في مفاوضات ترسيم الحدود واستكمال الدور الأميركي من موقع الوسيط النزيه والعادل. وأكد الرئيس عون على أنه «يحق للبنان أن يطور موقفه وفقاً لمصلحته وبما يتناسب مع القانون الدولي ووفقاً للأصول الدستورية». وطالب عون: أولاً، «باعتماد خبراء دوليين لترسيم الخط وفقاً للقانون الدولي. ثانياً، التزام عدم القيام بأعمال نفطية أو غازية وعدم البدء بأي أعمال تنقيب في حقل كاريش وفي المياه المحاذية». كما أكد عون «أنه مؤتمن على السيادة والحقوق والمصالح ولن يفرط بها، وثانياً تجنيب لبنان أي تداعيات سلبية قد تتأتى عن أي موقف غير متأنٍّ. ثالثاً بذل كل الجهود ليكون ترسيم الحدود موضع توافق بين اللبنانيين وليس موضع انقسام بهدف تعزيز موقف لبنان في المفاوضات».
وقالت الصحيفة إنه كان لافتاً تصويب هيل على حزب الله من بعبدا، ما يدعو للتساؤل إذا ما كان ذلك رسالة الى المعنيين بتأليف الحكومة لعدم تمثيل حزب الله في الحكومة. فأشار هيل إلى أن «حزب الله والنشاطات غير الشرعيّة يمنعان قيام دولة سليمة كما أن إيران تموّل ذلك»، مضيفاً «أميركا لن تترك أصدقاءها ولبنان ونحن مستعدون لتسهيل المفاوضات على الحدود البحرية التي ستكون لها منافع اقتصادية لمعالجة الأزمة».
واشارت "البناء" إلى أنه من بعبدا، انتقل هيل الى السراي الحكومي والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وتمّ البحث في الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان. وأكد دياب حاجة البلاد إلى تشكيل حكومة لمعالجة مختلف الأزمات، والشروع بورشة إصلاحات، انطلاقًا من الخطة التي وضعتها حكومته.
وسأل هيل دياب، بحسب معلومات "البناء" عن رؤية الحكومة وأدائها تجاه الشعب اللبناني في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، فكان ردّ رئيس الحكومة بالتأكيد بأن الحكومة تقوم بواجباتها للحد من الأزمات قدر الإمكان، ضمن الإطار الذي يسمح به الدستور لتصريف الأعمال.
وأوضحت أنه حضر الملف اللبناني بشقيه الحكومي والسياسي والاقتصادي في لقاءات ومباحثات رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في موسكو. وجرى اتصال هاتفي بين الحريري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولفتت إلى أنه تركز الاتصال الذي وصفته مصادر الوفد اللبناني بالممتاز على موضوع الأزمة الحكومية في لبنان. وتمّ التفاهم على مواصلة البحث بين الجانبين الروسي واللبناني للاستفادة من الدعم الروسي للبنان في مختلف المجالات وتسهيل الأرضية أمام الشركات الروسية للاستثمار في لبنان والشركات اللبنانية للاستثمار في روسيا. وأفاد بيان صادر عن الكرملين «أنه تم التأكيد من قبل الجانب الروسي على موقف روسيا المبدئي في دعم سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. كذلك تناول البحث المسائل الإقليمية الملحّة واستعداد الجانبين للعمل المشترك من أجل تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين في لبنان”. أضاف البيان أن “الجانبين تطرقا الى عدد من قضايا التعاون المشترك مشددين على ضرورة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وتفعيل الاتصالات بين الهيئات المختصة في مجال مكافحة عدوى فيروس كورونا بما في ذلك تزويد لبنان بلقاحات روسية”.
واشارت إلى أنه كان لافتاً ما صرّح به مستشار الحريري جورج شعبان بأن “التعاطي مع الحريري في روسيا كان على أساس “رئيس حكومة” وهذا ما أظهرته البيانات الرسمية للكرملين ووزارة الخارجية”.
في المقابل لفت رئيس تيار المرده سليمان فرنجية أن “الحكومة وترسيم الحدود والشؤون السياسية والاقتصادية والتطورات الاقليمية والدولية كانت موضوع اللقاء مع ديڤيد هيل”.
ولفتت أوساط سياسية لـ”البناء” إلى أن “الجهود الدولية الرامية لتأمين توافق حول تأليف الحكومة في لبنان مستمرة ولم تتوقف، لكنها لم تصل الى خواتيم إيجابية حتى الساعة”، ورأت أنه “رغم الحراك الدولي لكن الظروف لم تنضج بعد بانتظار جملة ملفات واستحقاقات من المتوقع أن تنعكس على الساحة اللبنانية كالمفاوضات الأميركية الغربية – الايرانية حول الملف النووي، ومفاوضات إنهاء الحرب المستمرة في اليمن والحل السياسي في سورية والانتخابات الرئاسية السورية في ظل استمرار الحصار المالي والاقتصادي المفروض على دمشق من خلال قانون قيصر الذي يصيب لبنان أيضاً ويحول دون انفتاحه الاقتصادي على المحيط الجغرافي العربي”، مشدّدة على أن لبنان لن يخرج من أزمته في ظل استمرار هذا الحصار الخارجي والأميركي تحديداً على سورية ولبنان.
وقالت إنه في هذا السياق، توافد العديد من الشخصيّات والفاعليات وممثلي الأحزاب والقوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية ورجال الدين وممثلي الجمعيات والاتحادات الطالبيّة، ووفد من قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى باحة مقر الأمم المتحدة في بيروت ـ “الاسكوا” لتنفيذ وقفة تنديداً بالحصار الجائر على سورية وللمطالبة بوقف كلّ الإجراءات القسريّة والقهريّة التي تنتهك الحقوق والقيم الإنسانية.
وقالت إنه في غضون ذلك، حضرت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لا سيما المحروقات والرغيف، في اجتماعات الرئيس دياب في السراي الحكومية حيث ترأس اجتماعاً ضمّ الى جانب وزير الاقتصاد راوول نعمة رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، وممثلين عن نقابة صناعة الخبز في لبنان، على أن يعقد وزير الاقتصاد اجتماعات لاحقة مع رؤساء النقابات لوضع آليات للحلول.
وذكرت "البناء" أن الاجتماع لم يتوصل الى حل لأزمة الخبز والخلاف لا يزال سيد الموقف بين النقابة ووزارة الاقتصاد، فيما يحمّل وزير الاقتصاد النقابات مسؤوليّة التمنّع عن تسليم الافران الخبز، تفيد نقابة الافران لـ”البناء” أن “سبب الأزمة هو ارتفاع كلفة صناعة الخبز بعد ارتفاع أسعار المواد الأوليّة التي تنتج الخبز مثل الخميرة والأكياس والسكر”، موضحة أن “من أوقف التوزيع على السوبرماركات ليس الأفران بل الموزعون بسبب ارتفاع الكلفة”.
على صعيد موازٍ، سجل سعر صفيحة البنزين 95 أوكتانا ارتفاعاً 100 ليرة لتصبح بـ 38800 ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان لتصبح بـ 40000 ليرة، ترأس دياب اجتماعًا حول موضوع أزمة المحروقات، حضره وزير الطاقة والمياه ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وعضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس، وممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا.
وأكد غجر أن “السبب الأساسي للشح الحاصل هو التهريب إلى خارج الأراضي اللبنانية بسبب الفرق في الأسعار بين لبنان وسورية”، وطمأن المواطنين بأن الحكومة لن ترفع الدعم عن المحروقات خلال وقتٍ قريب وبالتالي لا داعي للهلع وتخزين البنزين. وطالب غجر من القوى الأمنية ومن الجيش اللبناني تفعيل الرقابة على الحدود الرسميّة وغير الرسميّة للحد من التهريب.
وذكرت "البناء" أن “عمليات تهريب المحروقات الى سورية تزايدت الى حد كبير في الآونة الأخيرة ولم تنفع كل المحاولات للحد منها، إذ أن عمليات التهريب تحصل بالاتفاق بين المهرّبين من لبنانيين وسوريين مع عدد كبير من شركات استيراد النفط والموزعين وتقاسم الأرباح فيما بينهم”، وقد طرحت بعض الحلول في الاجتماع لكن مصادر مطلعة على الملف لفتت لـ”البناء” إلى أنه رغم كل الحلول المطروحة فإن لا حل لأزمة المحروقات والبنزين تحديداً إلا برفع الدعم كي تقف عمليات التهريب وتقنين استخدام مادة البنزين مع اعتماد البطاقة التمويلية وحصر الدعم بالعائلات الأكثر فقراً وبالتالي تخفيف حجم استيراد هذه المواد ما يؤدي الى تخفيف الضغط على الدولار في مصرف لبنان”.
"النهار": "نافذة" أميركية على الترسيم والحكومة حرف جامد!
أما صحيفة "النهار" فقالت إنه "لعلها مفارقة لافتة وبرزت امس في خلفية المشهد السياسي الداخلي، ولم تحظ بالتدقيق الذي تستحقه، وتمثلت في ان واشنطن وموسكو الغارقتين في صراع ديبلوماسي واستخباراتي واعلامي تصاعدي حاد بينهما يذكر بالحرب الباردة، لم تبخلا على لبنان بفسحة اهتمامات ارتسمت عناوينها بين اليوم الثاني والاخير لزيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل لبيروت وزيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في يومها الثاني لموسكو. هذا "الامتياز" اللبناني على جانبيه الأميركي والروسي اثار واقعياً نفحات جديدة من الرهانات على تحريك المسار المقفل لتشكيل الحكومة على أمل ان تفعل الضغوط الدولية، التي بلغت ذروة غير مسبوقة، فعلها في جعل الافرقاء اللبنانيين ولا سيما منهم المنخرطين في تعطيل تشكيل الحكومة يعيدون حساباتهم ويستجيبون لارادة المجتمع الدولي في استيلاد الحكومة العتيدة".
واضافت "مع ذلك فان مجريات لقاءات هيل في بيروت والحريري في موسكو ستخضع لفترة رصد وتدقيق لمعرفة مدى تآثيرها على حسابات المعطلين بدفع المسار الحكومي الى التحرك مجددا. ولا يمكن وفق المعطيات المتوافرة اسباغ تفاؤل متسرع حيال أي اختراق جدي ووشيك في الانسداد السياسي، اذ ان الموفد الأميركي ابلغ المسؤولين والقادة السياسيين موقف الإدارة الأميركية من استعجال حكومة فهم انها تتقارب تماما مع مواصفات المبادرة الفرنسية، كما من إعادة مفاوضات ترسيم الحدود وفق المنطلقات الأساسية التي انطلقت على أساسها ناهيك عن الموقف الثابت من حزب الله ولم ينتظر أجوبة الحكم والسياسيين لانه أدى مهمته ولم يطرح مبادرة او وساطة".
ولفتت الصحيفة إلى أن "التطور الاساسي في حصيلة جولة هيل في اليوم الثاني لزيارته برز عبر مواقفه في قصر بعبدا من ملف الحكومة والوضع المأسوي للبنان عموما كما من ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية الذي وان لم يقفله هيل على إعادة حضور الرعاية الأميركية، الا ان موقفه اتخذ دلالات بارزة لاقترانه بالموقف الأميركي التقليدي الحاد والصارم منذ أيام إدارة ترامب من حزب الله". وبحسب "النهار" فإنه إذا كانت معلومات تشير الى ان رئيس الجمهورية ميشال عون استشعر بعلامات إيجابية ومريحة له من موقف هيل حيال عدم امتناع ادارته عن المضي في رعاية مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، كما من عدم ممانعته الاستعانة بخبراء دوليين، فان ذلك لم يخف معالم الحرج الذي استشعرته بعبدا وحلفائها جراء الهجوم العنيف الذي خص به هيل "حزب الله " من بعبدا بالذات بما فسر بانها رسالة أميركية مزدوجة لعون والحزب معاً. كما ان الحرج نفسه برز في ملف الحكومة اذ رغم تخصيص هيل معظم بيانه لاعادة تحديد موقف بلاده الصارم من تشكيل حكومة تطلق المسار الإصلاحي، فان بيان بعبدا انحصر بموضوع المفاوضات وتجاهل تماما أي ذكر لملف تشكيل الحكومة.
ملف المفاوضات
وقالت إنه وفق بيان المديرية العامة لرئاسة الجمهورية شدد رئيس الجمهورية على "أهمية الاستمرار في مفاوضات ترسيم الحدود واستكمال الدور الأميركي من موقع الوسيط النزيه والعادل ومع تأكيد أسس انطلاق المفاوضات، اعتبر عون أنه يحق للبنان أن يطور موقفه وفقا لمصلحته وبما يتناسب مع القانون الدولي ووفقا للأصول الدستورية. وطالب باعتماد خبراء دوليين لترسيم الخط وفقا للقانون الدولي والتزام عدم القيام بأعمال نفطية أو غازية وعدم البدء بأي أعمال تنقيب في حقل كاريش وفي المياه المحاذية".
واشارت إلى أنه إذ حرص هيل على إعادة تكرار دعوته الى تشكيل "حكومة مستعدة وقادرة على العمل على عكس مسار الانهيار الجاري". اعلن بوضوح ان "اولئك الذين يواصلون عرقلة تقدم أجندة الإصلاح، يغامرون بعلاقتهم مع الولايات المتحدة وشركائها ويعرضون أنفسهم للاجراءات العقابية أما الذين يعملون على تسهيل التقدم، فيمكنهم الاطمئنان لدعمنا ". واعلن أن "تكديس حزب الله للأسلحة الخطرة والتهريب والأنشطة غير المشروعة والفاسدة الأخرى يقوض مؤسسات الدولة الشرعية... وإيران هي التي تغذي وتمول هذا التحدي للدولة وهذا التشويه للحياة السياسية اللبنانية " .وفي موضوع المفاوضات قال" أن أميركا تقف على أهبة الاستعداد لتسهيل المفاوضات بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل على الأسس التي بدأناها في هذه المباحثات... ويمكن، عند الاقتضاء، استقدام خبراء دوليين للمساعدة في اطلاعنا جميعا".
وقالت إن هيل التقى لاحقا رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ورئيس حزب القوات اللبنانية سميرجعجع في معراب والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل في السفارة الأميركية وختم زيارته مساء بتلبية دعوة رئيس "حركة الاستقلال" ميشال معوض الى مأدبة عشاء في حضور شخصيات. وأفادت معلومات ان هيل استمع من البطريرك الراعي الى شرح مفصل حول طرحه للحياد والمؤتمر الدولي وضرورة الا تأتي الحلول نتيجة المفاوضات في المنطقة على حساب لبنان ، كما سلم الى هيل مذكرة تضمنت هذه المواضيع بالإضافة الى موضوع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين .
الحريري وبوتين
من جهة أخرى قالت إنه في المقابل حضر الوضع في لبنان والمنطقة في الاتصال الهاتفي الذي حصل بين الرئيس سعد الحريري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مقر الضيافة التابع لوزارة الخارجية الروسية عبر تقنية الترجمة الفورية واستمر خمسين دقيقة. وتركز الاتصال الذي وصفته مصادر الوفد اللبناني بالممتاز على موضوع الأزمة الحكومية في لبنان، وتم التشديد خلاله على ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن. كما تطرق البحث إلى آفاق التعاون بين لبنان وروسيا في مجال مكافحة جائحة كورونا وإمكانية تزويد روسيا لبنان كميات من اللقاح اللازم. وتم التفاهم على مواصلة البحث بين الجانبين الروسي واللبناني للاستفادة من الدعم الروسي للبنان في مختلف المجالات وتسهيل الأرضية أمام الشركات الروسية للاستثمار في لبنان والشركات اللبنانية للاستثمار في روسيا.
ولفتت إلى أن الحريري اجرى بعد الظهر محادثات مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في مقر رئاسة الوزراء الروسية اكد خلالها رئيس الوزراء الروسي "استعدادنا للقيام بما يلزم لتطوير العلاقات في مختلف المجالات في المرحلة المقبلة، بما يخدم مصلحة شعبينا".