معركة أولي البأس

لبنان

ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية الى الواجهة مجدّدًا وهيل يطير الى لبنان للعرقلة
14/04/2021

ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية الى الواجهة مجدّدًا وهيل يطير الى لبنان للعرقلة

ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية الذي طغى على المشهد السياسي، بالتزامن مع وصول معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل الى بيروت قبل الموعد المحدد له، في محاولة لعرقلة توقيع المسؤولين اللبنانيين على المرسوم.

 وتوقعت مصادر أن تشتد الضغوط الأميركية على لبنان لتوقيف مسار المرسوم، متوقعة أن يتزايد الحصار الاقتصادي والمالي على لبنان لتأليف حكومة جديدة تتوافق مع المصالح والإملاءات الأميركية والإسرائيلية.

"الأخبار": الإعلام الغربي «يُشرّح» سلامة: التحضير لشكوى جديدة في باريس

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن الرغبة الفرنسية بوجوب عزل حاكم البنك المركزي رياض سلامة، تُترجم في الضغط المُشدّد ضدّه في الصحافة الأجنبية. ككلمة سرّ، انتشر أمس نصّ المراسلة السويسرية إلى القضاء اللبناني في ما خصّ اتهامات باختلاس وتبييض أموال ارتكبها سلامة. يتزامن ذلك مع قرار الرئيس ميشال عون عدم التراجع عن معركة إجراء التدقيق الجنائي.

يوجد قاسم مُشترك بين مُختلف الأفراد والمجموعات التي تخوض معركة قانونية بوجه حاكم البنك المركزي رياض سلامة، في الخارج، بأنّه «لا ثقة» بالقضاء اللبناني، ولا يُمكن التعويل عليه أو على السلطة السياسية في أي إجراء «عِقابي» ضد سلامة. نقلوا معركتهم إلى الملاعب الفرنسية والسويسرية والبريطانية، مُقرّرين أن يُضيّقوا الخناق قَدر المُستطاع على الرجل. ورقة القوّة التي يملكونها هي إدارة سلامة للسياسة النقدية التي أوصلت إلى سرقة أموال المودعين وتسخير المال العام لمراكمة ثروات شخصية وأسوأ أزمة في تاريخ لبنان. كما أنّهم مدعومون بقرار أوروبي ــــ فرنسي تحديداً ــــ بالإجهاز نهائياً عليه. رَجُل الولايات المتحدة الأميركية، والمصالح الغربية وتنفيذ الأوامر المالية، وُضع تحت المِجهر أخيراً. ما يلبث يستقبل دعوى قضائية، حتى تُعاجله شكوى من مكانٍ آخر، أو تقرير صحافي، أو موقف سياسي... وهو أمام كلّ هذه الأحداث يتصرّف كأنّه موجود في كوكبٍ آخر، مُصرّاً على التمسّك بمنصبه وعدم الاستقالة، حتّى لو أوصل بقاؤه في الموقع إلى تدمير ما تبقّى من نظام مالي ومصرفي محلّي.

منصّة الدولار تبدأ عملها الجمعة الأخبار

أمس كان «يوم سلامة» في صُحف فرنسية وسويسرية ولبنانية، كتبت جميعها أنّها «تَنفرد» بنشر نصّ مراسلة النيابة العامة السويسرية إلى القضاء اللبناني، ضدّ سلامة. الكتابة عن ملفات سلامة في الصحف تعدّ انعكاساً للموقف السياسي. والمراسلة السويسرية مؤلفة من 16 صفحة ــــ كانت «الأخبار» قد نشرت تفاصيلها في 3 آذار، تضمّ مُعطيات تُعزّز شُبهة اختلاس وتبييض الأموال التي قام بها سلامة بالتعاون مع شقيقه رجا، ومُساعدته ماريان الحويك، تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار. وقد «خُرقت» معلومات سلامة في سويسرا من العقد الموقّع بين مصرف لبنان بشخص الحاكم وشركة «Forry Associates LTD» بشخص رجا سلامة (مُسجلة في الجزر العذراء البريطانية). عقود «مشبوهة» موقّعة بين رجا سلامة ومصرف لبنان، وحسابات مصرفية عديدة في سويسرا، وشركات عدّة أسّسها سلامة، من بينها شركة «SI 2 SA» التي يضم مجلس إدارتها ابن شقيقة الحاكم. وقد أضافت صحيفة «Le Temps» السويسرية أنّ «مصرف جنيف تواصل مع السلطات السويسرية في آب 2020، بعد مقال عن سلامة نُشر في صحيفة «لوريان لو جور» اللبنانية. وفي 27 تشرين الأول، طلبت السلطات الجنائية بشكل مباشر تجميد الحسابات المصرفية. وقد طُبّق الإجراء نفسه على الحسابات المفتوحة في مصرفَي «كريديه سويس» و«UBS»». ويوجد اقتناع بأنّ سلامة «هو المُستفيد من حساب شركة «Red Street 10» في مصرف «UBS»». وتنقل صحيفة «Le Temps» عن المُدعي العام السويسري أنّ مدفوعات سلامة إلى «Red Street 10» استُخدمت لشراء عقارات. وبعد امتلاك أسهم في مبنى يقع ضمن البلدة القديمة في جنيف، تملّكت «Red Street 10» مبنى بقيمة تُقدّر بـ 10 ملايين فرنك». وقد ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أمس أنّها تواصلت مع المدّعي العام السويسري، فأكّد لها استمرار التحقيقات القضائية ضدّ سلامة، رافضاً الكشف عن تفاصيل إضافية.

الحديث عن فساد سلامة في الإعلام الغربي واللبناني، يواكبه إصرار الرئيس ميشال عون على إجراء التدقيق الجنائي، واتهام مُعرقليه بـ«الفاسدين». آخر هؤلاء كان البطريرك مار بشارة الراعي الذي زايد على كلّ المُنتفعين وأصحاب المصالح في حمايتهم لحاكم البنك المركزي، بـ«منعه» إجراء التدقيق قبل تشكيل الحكومة.
«صدفة» نشر المراسلة في كلّ هذه المنابر في التوقيت نفسه، لا يُمكن التعامل معها بسذاجة، بل هي رسالة إلى «الحاكم» والمسؤولين اللبنانيين بتسعير الضغوط القضائية على سلامة، في محاولةٍ لعزله من منصبه. الرجل أمّن الأجواء التي أدّت إلى «سرقة العصر»، وفق توصيف صحيفة «لو موند» الفرنسية له قبل أيّام. وواحد من شروط فرنسا في لبنان إجراء التدقيق الجنائي، ومُحاسبة حاكم البنك المركزي. وسبق للمسؤولين الفرنسيين أن أبلغوا المعنيين في لبنان، عدم اقتناعهم بوجود إمكانية لـ«إصلاحٍ» بوجود سلامة في مركزه. وسيُستكمل الضغط في الأيام المُقبلة، مع كشف صحيفة «لو فيغارو» أول من أمس عن شكوى يستعدّ المحامي أنطوان ميزونوف لتقديمها في باريس ضدّ سلامة، بتهمة تبييض الأموال. هي نفسها الصحيفة، التي نشرت أمس مقابلة «تبجيلية» بسلامة، وأفردت له مساحةً ليُعيد تكرار سرديته وتبرئة ذمّته، مُعتبراً أنّ «البنك المركزي هو العمود الأخير القوي في البلد».

فرنسا لا تهتم بمصلحة لبنان والمودعين، بقَدر ما تُريد بَسط سيطرتها النقدية على لبنان، وتعيين حاكم جديد، والتسويق لوضع مؤسسة المصرف المركزي تحت «رعايتها». سلامة حمى طوال السنوات الماضية مصالح كلّ الغرب في لبنان، لكنّه بشكلٍ خاص «وديعة» الولايات المتحدة الأميركية و«ثقتها». يعني ذلك أنّ قرار «التخلص منه سياسياً» لا يُتّخذ من باريس أو بروكسل (عاصمة الاتحاد الأوروبي) حصراً، بل من واشنطن أولاً. وهذه الأخيرة، لم تُصدر حُكمها النهائي، رغم أنّ سلامة نفسه عبّر ــــ حين رُفعت الدعوى السويسرية ضدّه ــــ عن خشيته من فقدان الغطاء الأميركي، واستبعاده أن تُقدم سويسرا على هذه الخطوة من دون موافقة أميركية. لكن، سريعاً أتاه الدعم الأميركي مجدداً بنفي ما ورد في وكالة «بلومبرغ» عن قرار واشنطن فرض عقوبات عليه، علماً بأن سلامة سيستقبل وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل خلال زيارته للبنان.

"البناء": رئيس الجمهوريّة يجمّد الترسيم بانتظار مجلس وزراء… وفرنجيّة: قائد الجيش استهدفنا 

بدورها صحيفة "البناء" أشارت الى أن ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية طغى على المشهد السياسي، بالتزامن مع وصول معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل الى بيروت، وكان الحدث المفاجأة بعد توقيع رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزراء الدفاع والخارجية والأشغال، عدم توقيع رئيس الجمهورية وإعلان بعبدا أن الأمر يحتاج اجتماعاً لمجلس الوزراء، وهو ما قال الوزراء الذين وقعوا إنهم لم يلقوا تجاوباً مع مواقفهم الداعية لتأجيل التوقيع بانتظار انعقاد مجلس الوزراء، وأنهم كانوا يتلقون المراجعات التي تحثهم على التوقيع من مواقع قريبة من رئيس الجمهورية، بلغت حدّ تحميلهم مسؤولية ضياع الحقوق اللبنانيّة. وجاء كلام الوزير السابق سليمان فرنجية، وتحميله لقائد الجيش مسؤولية الحملة التي استهدفت وزير الأشغال المحسوب على تيار المردة، في خدمة ما وصفه بالمشروع الرئاسيّ للعماد جوزف عون، ما طرح الأسئلة حول تجميد المرسوم في بعبدا مع فرضيّات تتصل بصعوبة انعقاد مجلس وزراء على مستوى حكومة تصريف الأعمال، وصعوبة إقرار المرسوم في مجلس وزراء على مستوى الحكومة الجديدة التي لا تزال بعيدة المنال.

وبقي تعديل مرسوم 6433 في واجهة المشهد الداخلي. أعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية أنه «بناء لتوجيهات فخامة الرئيس أرسلت المديرية العامة كتاباً للأمانة العامة لمجلس الوزراء تضمّن مشروع مرسوم تعديل مرسوم 6433 الذي يحتاج إلى قرار الحكومة مجتمعة وفقاً لرأي هيئة التشريع والاستشارات حتى مع حكومة تصريف أعمال نظراً لأهميته وللنتائج المترتّبة عليه». كما وأكدت الرئاسة أنه «لرئيس الجمهورية أن يحدّد ما يرتئيه الأفضل لحفظ سلامة الوطن. وهو مؤتمن على ذلك بالدستور والقسم، وهو يدعو اللبنانيين إلى الوثوق بقوة الموقف اللبناني ويقول لهم «تأكدوا بأن الأمور لن تجري إلا بما يؤمّن كامل حقوق لبنان براً وبحراً».

وكشفت مصادر «البناء» أن «زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد زيارة هيل إلى لبنان كانت محدّدة بين الأول والسابع عشر من أيار المقبل. لكنه قدّم زيارته إلى 13 نيسان في محاولة لعرقلة توقيع المسؤولين اللبنانيين على المرسوم»، وتوقعت المصادر أن تشتد الضغوط الأميركية على لبنان لتوقيف مسار المرسوم»، متوقعة أن «يتزايد الحصار الاقتصادي والمالي على لبنان لتأليف حكومة جديدة تتوافق مع المصالح والإملاءات الأميركية والإسرائيلية».

أما في ملف ترسيم الحدود البحرية مع سورية، فقد سلّم وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة سفير سورية لدى لبنان علي عبد الكريم علي مذكرة تتضمن تأكيد الموقف اللبناني من ترسيم مياهه الإقليميّة ودعوة السلطات السورية للتفاوض حول الترسيم من منطلق العلاقات الأخوية على أساس قانون البحار الدولي.

وبعد اللقاء الذي استمرّ أكثر من ساعة تمنى السفير السوري أن يجد لبنان مخارج حكوميّة لمواجهة كل التحديات التي يعاني منها. وقال «استمعت من الوزير وهبه الى شرح حول ما حدث في مفاوضات الحدود البحرية مع كيان العدو المحتل، وقد عبرت عن ارتياحي لما أنجز بالأمس وما يستكمل في رئاسة الحكومة وفي القصر الجمهوري مع فخامة الرئيس». وأعلن السفير السوري انه سينقل رغبة الوزير وهبه والقيادة في لبنان بما يخصّ التفاوض في كل الملفات ومن ضمنها الحدود البحرية، يعني التكامل والتنسيق والتفهم، وسورية ترحّب دائماً بأي تنسيق وهي حريصة على ذلك، وإن شاء الله ترفع العقوبات عن سورية ولبنان. وهذه العقوبات اصابت المصارف والاقتصاد والتنمية تقتضي رؤية تكاملية بين البلدين باتجاه الخليج والشرق والغرب معاً وباتجاه العالم».

وعلمت «البناء» في هذا السياق، أن «لا مشكلة بين لبنان وسورية في ملف الترسيم على الإطلاق وكل ما يساق من تحليلات ومعلومات من نسج الخيال». وأكدت المعلومات بأن «التوجه الرسميّ لدى لبنان وسورية هو التفاوض المباشر على ترسيم الحدود خلال وقت قصير، كي يصار الى استثمار كل بلد ثروته»، كاشفة أن «الوفد اللبناني الذي يتولى التفاوض حول ترسيم الحدود الجنوبيّة سيتولى التفاوض مع سورية بملف الترسيم».

كما حضر ملف النازحين على طاولة المباحثات، حيث نقل السفير السوريّ عن الوزير وهبه أن سورية ولبنان تعوّدا على التنسيق بين بعضهما البعض وأكد علي للوزير وهبه أن «سورية ترى في لبنان بلداً عزيزاً شقيقاً وما يؤذيه يؤذيها وعبء اللاجئين السوريين أكبر من طاقة لبنان، وسورية ترغب بعودة كل أبنائها وهي قدمت كل التسهيلات والتطمينات الممكنة لعودتهم. وهذا يتطلب تنسيقا بين القيادات المعنية في البلدين وعدم السماح لمن يريد الاستثمار في أزمة السوريين ومشاكلهم».

وفي سياق ذلك، اعتبر نائب ​وزير الخارجية​ السوري ​بشار الجعفري​ أن «سورية​ لم تقدم يوماً مساعدات للبنان​ أو لأي دولة عربية للحصول على مقابل، وما زلنا حتى الآن نزوّد لبنان بالكهرباء​، وأن سورية بالاتفاقيات المائية ذهبت الى ما تصب مصلحة لبنان، بالإضافة الى أن هناك الكثير من السوريين استشهدوا في لبنان دفاعاً عن لبنان».

وأضاف الجعفري في حوار مع برنامج بدبلوماسية على قناة «أو تي في»: «هناك ظلم عندما نقزّم العلاقة بين البلدين الى مسألة ​الدولار​، والجميع يعرف أن كثيراً لديهم ودائع بالعملات الصعبة في ​المصارف اللبنانية​، وعندما نقول إن ​الأزمة​ اللبنانية تضرّر منها السوريون وخسروا مليارات الدولارات لا يمكن أن نشكك بذلك، لأن الأموال تبخّرت بالفعل في المصارف اللبنانية، وعندما يربح لبنان تربح سورية وعندما يخسر أحد البلدين يخسر الآخر بسبب الجغرافيا والثقافة والحدود المشتركة والشعبين المتداخلين، وحتى التعاون العسكري قائم منذ سنوات. وهناك ضباط لبنانيون يدرسون في الأكاديمية العسكرية السورية».

"النهار": بعبدا تعلّق تعديل الحدود: ضغط أم تخوّف؟

أما صحيفة "النهار" اعتبرت أنه لم يكن المشهد الداخلي أمس تحديداً، في 13 نيسان الذكرى الـ 46 لاندلاع الحرب في لبنان، في حاجة الى إبراز أي دلالات مفعمة بالأسى والصدمة حيال واقع لبنان اليوم الذي ربما كان لسان حال أبنائه جماعياً ان الحرب نفسها بكل دمارها وويلاتها لم تبلغ الحد الكارثي الذي انزلق اليه لبنان اليوم. ولعل الأكثر إثارة للصدمة في هذه الذكرى تمثل في ان اللبنانيين مهما تشتت اتجاهاتهم وانقسمت مواقفهم وتوزعت ولاءاتهم، شعروا ويشعرون جميعا، بانهم يتامى من دولة حامية وعادلة وحديثة طالما انتظروا قيامتها للقول فعلا مرة لكل المرات في ذكرى 13 نيسان “تنذكر ما تنعاد”، فاذا كان الرهان الأكبر صار اليوم على مناعة اللبنانيين ضد الحرب، فان الصدمة الكبرى هي في سقوط الرهان على تلك الدولة التي كان يفترض ان تبني الحاضر والمستقبل المزدهر، واذا بها تتسبب باخطر انهيار عرفه لبنان في تاريخه.

وسط هذه الانطباعات القاتمة ووسط انسداد سياسي قطع الطريق على أي امل وشيك بتشكيل الحكومة الانقاذية المنتظرة، سيملأ وكيل وزارة الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل اليوم وغدا المشهد السياسي في لبنان في ظل اللقاءات الكثيفة التي سيجريها مع المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين بالإضافة الى مجموعات من جماعات الناشطين في حركة الاحتجاجات المدنية. ولن يكون ضروريا الاطلاع على جدول اعمال ولقاءات المسؤول الأميركي الخبير في الشؤون اللبنانية في زيارته الوداعية لبيروت، اذ ان الملفين الأشد إلحاحاً اللذين سيفرضان “حضىورهما” واخطارهما ودلالاتهما على محادثات هيل مع المسؤولين والسياسيين اللبنانيين الذين حددت مواعيد للقاءاته معهم، هما الوضع السياسي والكارثي العام في لبنان في ظل الانسداد الذي يواجه تاليف الحكومة، معطوفا على الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة، وملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل الذي طرأت عليه خطوات لبنانية جديدة في اليومين الأخيرين بدت كأنها استباق لوصول هيل ووضعه وادارته امام محك اختبار شديد الجدية والتعقيد والخطورة. ولكن السلطة بدت قبيل ساعات من شروع هيل في لقاءاته الرسمية والسياسية على جانب واسع من التخبط حتى في ملف اتخذت فيه جانب المبادرة مذ قررت توسيع حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وإبلاغ الأمم المتحدة رسميا بالخط الحدودي البحري الجديد الذي قرر الجانب اللبناني استكمال المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل على أساسه.

الفرملة المفاجئة
وطبقا لما أوردته “النهار” امس، ترجم التريث والتخبط الذي ظهر ليل الاثنين حيال ملف تعديل الحدود في الفرملة المفاجئة التي اعتمدها رئيس الجمهورية ميشال عون لاستكمال خطوات اصدار مرسوم تعديل الحدود، فلم يوقعه واعاده الى رئاسة الحكومة بعدما “استفاق” على ان الخطوة ستكون عرضة للتشكيك والطعن بدستوريتها لان إقرار اجراء مهم وبارز ومفصلي كهذا يحتاج الى مجلس الوزراء ولا يمكن حصر التصرف به بتواقيع رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيلة ووزيرين.
وقد اصدرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بيانا في هذا السياق أعلنت فيه انها بناء لتوجيهات الرئيس، أرسلت كتابا للأمانة العامة لمجلس الوزراء تضمن مشروع مرسوم تعديل مرسوم 6433 “الذي يحتاج الى قرار الحكومة مجتمعة وفقا لرأي هيئة التشريع والاستشارات حتى مع حكومة تصريف اعمال نظرا لاهميته وللنتائج المترتبة عليه”. واضافت “لرئيس الجمهورية ان يحدد ما يرتأيه الافضل لحفظ سلامة الوطن وهو مؤتمن على ذلك بالدستور والقسم، وهو يدعو اللبنانيين الى الوثوق بقوة الموقف اللبناني ويقول لهم تأكدوا بأن الأمور لن تجري الاّ بما يؤمّن كامل حقوق لبنان براً وبحراً”.

غير ان بعض الأوساط المعنية بمراقبة هذا الملف لفتت الى امكان ان يكون وراء امتناع عون عن توقيع المرسوم وإرساله تاليا الى الأمم المتحدة واحدا من هدفين: اما الضغط من جانب عون وفريقه على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسن دياب لحمله على الانصياع لعقد جلسة لمجلس الوزراء بحجة تمايز ملف ترسيم الحدود عن سائر الملفات، باعتبار ان الضغوط السابقة التي مارسها العهد على دياب لم تجد نفعا في حمله على التسليم بعقد أي جلسة لحكومة تصريف الاعمال، وإما التمهل في الخطوة لاستمزاج ديفيد هيل حيال هذه الخطوة التي تثير احتمالا خطرا لجهة سحب الإدارة الأميركية وساطتها ورعايتها للمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

ولفت في هذا السياق تزامن تجميد مرسوم تعديل الحدود البحرية الجنوبية مع تسليم وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه سفير سوريا لدى لبنان علي عبد الكريم علي مذكرة تتضمن “تأكيد الموقف اللبناني من ترسيم مياهه الإقليمية ودعوة السلطات السورية للتفاوض حول الترسيم من منطلق العلاقات الاخوية على اساس قانون البحار الدولي”.

الحريري الى موسكو
وسط هذه التطورات يقوم الرئيس المكلف سعد الحريري اليوم بزيارة لموسكو تكتسب دلالات بارزة لجهة دعم روسيا للحريري اذ سيستقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ووزير الخارجية في محادثات ستتجاوز الوضع الحكومي الى طلب الحريري مساعدات روسية للبنان خصوصا في قطاع الكهرباء.

وصرح جورج شعبان، الممثل الخاص في روسيا للرئيس سعد الحريري، ان “الحريري سيناقش خلال زيارته موسكو، مسألة المساعدة الروسية في مسائل تشكيل الحكومة والخروج من الأزمة الاقتصادية، وتأمين اللقاحات المضادة لكورونا”. وقال شعبان لوكالة “سبوتنيك” :” لبنان منذ 17 تشرين الاول 2019 تاريخ بدء الاحتجاجات يعيش بأزمة سياسية، ويحتاج إلى مساعدات اقتصادية وسياسية، ولهذا يزور رئيس الوزراء الحريري، لأنه يعلم أن لروسيا علاقات جيدة مع كل القوى السياسية اللبنانية، وكذلك مع الدول الإقليمية والدولية التي لها تأثير على الوضع اللبناني. كما سيطلب المساعدة الروسية باللقاحات كمساعدة من روسيا وكذلك حجز كمية من اللقاحات للحكومة اللبنانية ، حيث أن كورونا ينتشر بلبنان ونحتاج إلى تطعيم أغلبية السكان، وبما أن اللقاح الروسي “سبوتنيك في” يعتبر من افضل اللقاحات”.

ترسيم حدود لبنان

إقرأ المزيد في: لبنان