لبنان
ألغامٌ تعيق التشكيل.. أزمةٌ في المصارف.. وأسبوع الحسم على الحدود
على أبواب شهر رمضان المبارك، لا يزال بحث اللبنانيين مستمر عن عراقيل تشكيل الحكومة، آملين في أن تحمل الأيام القادمة "الخير" بمساعي تعويم آخر المبادرات التي أطلقت ورست على حكومة من 24 وزيراً.
إستمرار الأزمة الحكومية يرافقها خناقٌ وتدهور مصرفي، وسط الحديث عن إقفال لحسابات المصارف اللبنانية وحسابات مصرف لبنان، ما يهدد مُشكلة إستيراد السلع والمواد الغذائية والأوليّة.
وفي قضية ترسيم الحدود، يعتبر هذا الأسبوع حاسماً، حيث أن قوى السياسية مطالبة بقرار واضح بتعديل المرسوم، ورسم خط جديد للحدود، وإعلان وجوب الدفاع عنه، لا استخدامه كورقة للتفاوض.
البطريرك يغطّي تحالف السلطة والمال.. و"أسبوع الحسم"
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي علقت على خطاب البطريرك بشارة الراعي الذي يستسيغ أن يأتيه المديح من عرب التطبيع. فيعيد ويكرر أن حياده صار على الأبواب. يتحمّس فيقول ما يُضمر. ليس الناس هم من يهتم لهم «الراعي الصالح»بل من جوّعهم. تماماً كسعد الحريري يتصرف البطريرك. يزايد عليه في تبنّي مطالب الثورة ثم يحمي رياض سلامة. يزايد عليه بالتمسك بالمبادرة الفرنسية ثم يتخلى عن أول بنودها. هذه المرة، حان دور التدقيق الجنائي: «سيدنا» ليس مرتاحاً لهذا التدقيق، ولذلك وجب إنهاؤه، أو على الأقل تأجيله، إلى حين وصول سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة. هذا تماماً ما يريده الحريري أيضاً. يصدف أن التقت الأهداف
وأضافت "الأخبار" أن خذوا الإشارة الأوضح من فم البطريرك بشارة الراعي. بدلاً من اللف والدوران وعرقلة التدقيق الجنائي كل يوم بهذه الحجة أو تلك من قبل جيش المتضررين الخائفين من فضح أنفسهم، حسمها الراعي بعدم جواز التدقيق في حسابات مصرف لبنان قبل تأليف الحكومة. هكذا ببساطة، قرّر الراعي مجدداً قلب الطاولة في وجه رئيس الجمهورية الذي «يخوض» حرب التدقيق في حسابات مصرف لبنان بوصفها «معركة تحرر» لا بد منها لمعرفة سارقي أموال الناس وفضحهم.
الراعي الذي يرفع الصوت مطالباً بتأليف الحكومة، وبحسب الصحيفة لم يعد يوارب في إعلان انتمائه السياسي، فلا يتردد في تحميل مسؤولية عرقلة التأليف للرئيس ميشال عون وحزب الله. وحتى لو اعتبر، من موقع «الحياد»، أنه «حريّ بجميع المعنيين بموضوع الحكومة أنْ يكُفّوا عن هذا التعطيل»، إلا أنه سرعان ما يصوّب سهامه في اتجاه واحد، داعياً إلى الكفّ عن «اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دُستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، وكل ذلك لتغطية العُقدة الأم، وهي أن البعض قدّم لبنان رهينةً في الصراع الإقليمي/الدولي». على المنوال نفسه غزل المفتي عبد اللطيف دريان في رسالته بمناسبة بداية شهر رمضان المبارك، معتبراً أن «هناك أيادي خبيثة تعمل في الخفاء على عرقلة الجهود العربية الشقيقة المشكورة، وعلى إفشال المبادرة الفرنسية، وتحاول القيام بعملية ابتزاز سياسي لا مثيل له».
هذا التموضع الذي يزداد وضوحاً، لا يستوي، بالنسبة إلى الراعي ورعاته الإقليميين والدوليين، من دون دعم واضح لرياض سلامة. وللتذكير، فإن البطريرك سبق أن رمى الغطاء الكنسي على سلامة، معلناً، قبيل انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول، رفضه القاطع المسّ به، لأن هذا الأمر سيسرّع الانهيار، داعياً إلى الإصلاح بدل التلهّي بشنّ هجمات على من يعمل لخدمة بلده و«زرع الطمأنينة لسنوات».
ورأت "الأخبار" أنه بعد مرور عامين، لم ينتبه الراعي المشغول بالحياد إلى أن الطمأنينة كانت وهماً، وأن من زرعها كشف عن وجهه. نيافة الكاردينال: من تحميه ومن جعلك تصدق أن الليرة بخير، سرق أموال الناس وخان الأمانة وفشل في حماية النقد. لكن مع ذلك، اكتشف الراعي أن «جدية طرح التدقيق الجنائي هي بشموليته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة». وهذا قول حتى «حركة أمل» لم تقله. علي حسن خليل نفسه عندما تحدث منذ يومين عن التدقيق الجنائي، أقرّ، في معرض إصراره على التوازي، بأن يبدأ التدقيق في مصرف لبنان. لكن الراعي عاد وجلّس خطابه، قائلاً: «أصلاً، لا تدقيق جنائياً قبل تأليف حكومة». وأن هذا الموقف «التاريخي» ردّ عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء أمس بجملة مقتضبة عبر صفحته على «تويتر»، من دون أن يسمّي البطريرك. قال عون: «الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به». وهو بذلك، شمل الراعي في بوتقة الفاسدين الساعين إلى تطيير التدقيق - بداية الحل الذي لا يمكن لحريص على أموال الناس وتعبهم أن يرفضه.
مرسوم الترسيم يحسم
"البناء" بدورها، أشارت إلى مرسوم الترسيم الجوال الذي حطّ عند وزير الأشغال ميشال نجار، قبل أن يعود الى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب موقعاً ليقوم بتوقيعه، ويرسله الى رئاسة الجمهورية لإنجازه وإصداره، شكّل موضوع نقاش في كواليس السياسة، حيث الاندفاعة نحو التوقيع بما تحمله من صون لحقوق لبنان وفق الخرائط الجديدة التي أعدّتها قيادة الجيش اللبناني، وقطعاً للطريق على قيام كيان الاحتلال بالتنقيب داخل الحدود التي ترسمها هذه الخرائط.
ويقابل ذلك تساؤل عما إذا كان صدور المرسوم في قلب المرحلة التفاوضيّة يعني نهايتها، وعما إذا كان التفاوض بعد صدوره وما قد يؤدي إليه من تعديل يشكل انكساراً معنوياً يجب تفاديه، وإحراجاً للمقاومة التي تعهدت بحماية الخط السيادي الذي تعتمده الدولة اللبنانية، لتبني الخط الموضع بموجب المرسوم أم الذي تنتهي إليه المفاوضات، ما طرح في التداول بدائل من نوع استبدال المرسوم بقرار حكوميّ يوقعه رئيسا الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال يفوّض وزير الخارجية بمراسلة الأمين العام للأمم المتحدة بتجميد لبنان العمل بالإحداثيات الواردة في مراسلته السابقة لترسيم الحدود البحرية واعتماده خرائط أقرها الخبراء اللبنانيون بالاستناد إلى القانون الدولي، طالباً من الأمين العام تقديم المؤازرة التقنية للبنان لتدقيق الخرائط المرفقة ومطابقتها للقوانين الدوليّة من جهة، وتحذير كيان الاحتلال من أي تنقيب داخل الحدود المتضمنة في الخرائط الجديدة، قبل البتّ بالحدود النهائية عبر المفاوضات، أو إعلان فشل المفاوضات واعتماد لبنان خرائط نهائيّة وتوثيقها من قبل الأمم المتحدة، ويعتبر أصحاب هذا البديل أنه يحقق الغرضين، بصون الحقوق ودعم الوفد المفاوض ومنع الاحتلال من التنقيب داخل الحدود التي ترسمها الخرائط الجديدة، ويبقي للتفاوض سقوفاً متاحة، ويتفادى منح الاحتلال فرصة الظهور كمنتصر عند أي تعديل تفاوضي للخرائط، كما يتفادى إحراج المقاومة بسقوف تعهدها بحماية الحدود السيادية.
وفي هذا السياق، رأى مصادر مطلعة لـ «البناء» أن اتفاق الإطار أُنجز وفق قاعدة التفاوض على مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً في البحر، وبالتالي فإن المطالبة بمساحة 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية دونها عقبات، وبالتالي فإن التراجع عنها سيضع لبنان في موقع المتنازل عن حقوقه فضلاً عن أن «إسرائيل» سوف تقابل ذلك بالتمسك بخط 310 والذي يعني الوصول الى البلوكات 5 و8 و9 و10.
وعلى الخط الحكوميّ، فإن كل المؤشرات بحسب "البناء" تدل على أن لا حكومة في المدى المنظور فلا يمكن ضرب أية مواعيد حيال ولادة الحكومة، فكل الاتصالات المحلية على خط تشكيل الحكومة لا تزال تراوح مكانها، ولفتت مصادر متابعة للاتصالات الجارية الى ان الأمور لم تحل بعد وأن أفكار الرئيس نبيه بري التي طرحها لا تزال تنتظر الموافقة عليها من دون أية شروط من المعنيين في التأليف، علماً ان المصادر نفسها رأت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان واضحاً في إطلالته عندما ركز على التدقيق الجنائي واستبعد الملف الحكوميّ، وكذلك الأمر خلال لقائه الوزير المصري سامح شكري الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مصير الحكومة في ظل الكباش الحاصل بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري حول التدقيق الجنائي.
ألغام الحك ومة
صحيفة "اللواء" تناولت الملف الحكومي حاملةً وصف "ألغام الحكومة"، حيث بقيت، مسألة التأليف في واجهة البحث عن خلفيات عدم التشكيل، والألغام التي تعترض هذه العملية، سواء كيفية توزيع الحصص داخل التشكيلة الجديدة، فضلاً عن «التدقيق الجنائي»الذي يتمسك به الرئيس ميشال عون، ويعارضه فريق سياسي، يرى أن الأولوية الآن ليست للسير بالتدقيق، بل إصدار مراسيم الحكومة.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن «الكربجة» الحكومية الحاصلة تقود إلى انعكاسات خطيرة على الوضع اللبناني ما لم يحصل اي مؤشر متحرك بمعنى اتصالات عاجلة للبدء من مكان ما، وأقله من طرح الـ24 وزيراً الذي لم يجهض بعد. ورأت هذه المصادر ان العمل الجاد حكومياً لم ينطلق ودعائمه بالتالي غير ثابتة بسبب اكثر من معطى لكن هذا لا يعني انه في لحظة مناسبة قد يتحرك الملف، مشيرة إلى ان الانهيار يتسارع والقدرة على بعض الانقاذ متوقفة على قرارات حكومية جديدة.
وأوضحت المصادر ان كل ورقة يتم قطعها من الروزنامة تؤشر إلى ان المعنيين اضاعوا هذا اليوم او ذاك كفرصة للقيام بخطوة معينة علماً ان التعويل على حكومة تصريق الأعمال لن يؤدي إلى اي نتيجة.
بالمقابل، كشفت مصادر نيابية لـ«اللواء» أن الرئيس نبيه بري يستعد للتحرك، في سبيل تعويم المبادرة التي اطلقها، ورست في الجانب المقبول منها على حكومة من 24 وزيراً.
وعلى الرغم من هذه الوضعية السلبية، يحضّر الرئيس المكلف إلى زيارة موسكو والى الفاتيكان، حيث تقرر موعد الزيارة في 22 نيسان الجاري. ولم يحدد موعد زيارة موسكو بعد.
واعتبرت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة ان ادعاء التيار الوطني الحر بان السبب وراء تأخر تأليف الحكومة الجديدة، هو محاولة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الحصول على النصف زائد واحد في التشكيلة الوزارية، انما يندرج في اطار مسلسل الاكاذيب والاضاليل التي يتلطى وراءها رئيس التيار النائب جبران باسيل لتبرير قيامه بالعرقلة المتواصلة لتشكيل الحكومة والتغطية على امعانه بالحصول على الثلث المعطل فيها، وبات الكل على معرفة بهذا المطلب التعجيزي الذي بات يقف حائلا امام التشكيل، برغم كل محاولات التهرب والتمويه.
إقفال حسابات المصارف اللبنانية
الديار تفرغت إلى مخاطر القطاع المصرفي بعد إقفال حسابات المصارف اللبنانية، موضحة أن هذا القطاع يتعرض في هذه الأيام إلى إقفال حساباته لدى العديد من المصارف المراسلة نظرًا إلى ارتفاع مخاطر الدولة اللبنانية. وأنه إذا ما أراد اللبنانيين تحديد العوامل الأساسية التي لعبت دورًا في ارتفاع المخاطر، فإن التخبّط السياسي وإعلان وقف دفع سندات اليوروبوندز تحتل الصدارة في ظل إستمرار تراكم الخسائر على الدولة اللبنانية.
الديار أضافت أنه بحسب كتاب وجّهه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى القاضي غسان عويدات، أقفل العديد من المصارف المراسلة حسابات مصرف لبنان على مثال مصرف WellsFrago الذي أقفل حساب المركزي بالدولار الأميركي، وHSBC الذي اقفل حسابه بالجنيه الإسترليني، وDanske الذي أقفل حسابه بالكورون السويدي، وCIBS الذي أوقف كل التعاملات مع المصرف المركزي!
وأشارت إلى وجّهة نظر المصارف المراسلة، فرأت أن تقييمها للوضع في لبنان أصبح سيئًا لدرجة أنها تُفضّل الخروج من السوق اللبناني وذلك للعوامل التالية:
أولا – إنخفاض ملاءة القطاع المصرفي نظرًا إلى شحّ الدولار وهو ما يرفع من المخاطر الإئتمانية في محفظة المصرف المراسل وبالتالي تُكبدّه خسائر مالية؛
ثانيًا – التخبّط السياسي الذي يمنّع الحلول الإقتصادية والمالية مما يخفّض توقّعات الناتج المحّلي الإجمالي ويرفع من الدين العام نسبةً إلى الناتج المحلّي الإجمالي؛
ثالثًا – تراجع سعر صرف الليرة مُقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء مع ارتفاع الـ volatility وهوما يضرب الثبات النقدي؛
رابعًا – التهجّم على القطاع المصرفي ورفع دعاوى قضائية ضدّه وهو ما يضع المصارف المراسلة في خطرّ تحمّل خسائر مالية نتيجة العلاقة التعاقدية والتشابك الناتج عن هذه العلاقة؛
خامسًا –الضغوطات السياسية الخارجية والتي تؤثّر على توافد الدولار إلى السوق اللبناني وتزيد من القيود على نشاط المصارف اللبنانية؛
مع إقفال المصارف المراسلة الواحد تلو الأخر لحسابات المصارف اللبنانية وحسابات مصرف لبنان، يظهر إلى العلن مُشكلة إستيراد السلع والمواد الغذائية والأوليّة بحكم أن عمليات الإستيراد تتمّ من خلال فتح إعتمادات لدى المصارف المراسلة. وبالتالي ففي حال إقفال المصارف المراسلة لحسابات المصارف اللبنانية، هناك مُشكلة إستيراد ستظهر إلى العلن وسيتمّ ترجمتها بنقص حاد في السلع والمواد الغذائية والأوليّة في السوق اللبناني!.
وأوضحت "الديار" أن هذا الأمر عمليًا يعني أن الأمن الغذائي للمواطن اللبناني أصبح في خطر كبير وهنا يأتي دور القوى السياسية في تحمّل مسؤوليتها بعد شلل الحكومة المُستقيلة. هذه القوى التي تُمعن في عملية تعطيل تشكيل الحكومة تُساهم بشكل أساسي في تدهور الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي والإجتماعي.وبالتالي هناك إلزامية للتعجيل في إيجاد حلول لتشكيل حكومة قادرة على مواجهة الأزمة لأن القطاع المصرفي أصبح عاجزًا عن مواجهة الأزمة وحيدًا.
وأكدت أنه ما إذا إستمرّ التخبّط السياسي على ما هو عليه أي أن القوى السياسية لم تستطع تشكيل حكومة، هناك تحدّيات ستواجه القطاع المصرفي وأخرى ستواجه الدوّلة اللبنانية:
على صعيد القطاع المصرفي، التحدي الأول يكمن في الحفاظ على مصرف مراسل على الأقلّ (JP Morgan) وذلك بهدف تأمين إستيراد السلع الغذائية والمواد الأولية بحدّها الأدنى. أما على صعيد الدّولة، فالتحدي يكمن في إيجاد دوّلة تقبل بالإستيراد لصالح لبنان وذلك من خلال فتح الإعتـــمادات لدى المصارف المراسلة لصالح إستيراد السلع والمواد الغذائية وهو ما سيزيد الكلفة طبعًا على لبنان. هذا الأمر يضع لبنان في مستوى الدول الأكثر فقرًا في العالم أجمع ويضعه تحت وصاية دولية إقتصادية ومالية وحتى نقدية.
كما أن هذا الأمر سيزيد من شلل الحكومة المستقيلة، إضافة إلى شلل قوى السلطة الحاكمة، مما يعني الانهيار الكامل للدولة والمؤسسات كافة. وبالتالي يجب على من يملك (إلى الآن) فرصة رفع هذه الكأس المرة أن يبادر قبل أن تخرج الأمور حقيقة عن السيطرة الكلية.