لبنان
عون يحذّر من إسقاط التدقيق الجنائي.. وباريس على خط الحكومة مجددا
اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم بالتحذير الذي أطلقه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عشية اجتماع وزير المال وحاكم مصرف لبنان مع شركة ألفاريز أند مارسال، لحسم مسألة التدقيق الجنائي.
كما كان للشأن الحكومي نصيب وافر من اهتمام الصحف، مع محاولات فرنسية جديدة وحديث عن زيارة مرتقبة للنائب جبران باسيل إلى باريس، إضافة لذهاب الرئيس المكلف إلى الفاتيكان، إلا أنه لا شيء فعليا على الأر ض حتى الآن.
"الأخبار": عون «يهدّد» وزني وسلامة: حذارِ إسقاط التدقيق الجنائي
يعقد كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المال غازي وزني، اليوم، اجتماعاً افتراضياً مع الشركة المكلفة بالقيام بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والمصارف «ألفاريز اند مارسال»، وهي جلسة من المفترض أن تكون مفصلية في ما خصّ عودة الشركة إلى استكمال التدقيق أو اعتذارها نهائياً. قرار إجراء التدقيق من عدمه مرتبط بمدى تجاوب سلامة مع طلبات الشركة، وهو ما كان رفضَه سابقاً تحت عدة حجج، أهمها السرية المصرفية. واستباقاً لأي مسعى من الحاكم بضرب التدقيق، نشر رئيس الجمهورية ميشال عون تغريدة مساء أمس حذّر فيها «الجانب اللبناني، وتحديداً وزارة المال والمصرف المركزي، المجتمعين غداً (اليوم) مع شركة التدقيق الجنائي من أي محاولة لتعطيل التدقيق الجنائي، وأحمّلهما المسؤولية باسم الشعب اللبناني».
معركة التدقيق بالنسبة الى عون هي بمثابة «معركة تحرير»، وبالتالي مصير النقاشات اليوم سيكون له تأثيره على تأليف الحكومة، ولا سيما مع حديث مصادر مطلعة عن مجموعة كبيرة من القوى السياسية، وعلى رأسها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، تبذل جهداً استثنائياً لمنع التدقيق وإفراغه من مضمونه. وعليه، باتت هذه المسألة جزءاً من الأزمة السياسية المطروحة، ويربطها عون بمدى تعاونه مع الحريري، فيما الجزء الآخر يرتبط بشدّ الحبال القائم حول التشكيلة الحكومية بين الاثنين. ينتظر عون اتصالاً من الحريري لإبلاغه بـ«احترام الدستور»، فيما ينتظر الحريري اتصالاً من عون ليسمع منه موقفاً واضحاً حول مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري (وفق معادلة 8-8-8). وسط هذه الدائرة المفرغة، جرى الحديث عن توجه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى باريس اليوم، وفق مبادرة قام بها المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم لحجز موعد له مع الرئيس الفرنسي، حيث سرت توقعات حول جمعه بالحريري.
لكن مصادر التيار نفت ذلك، مشيرة الى ثلاث نقاط أساسية:
1- لم يطلب باسيل موعداً من فرنسا، وإذا دُعيَ فسيلبي إذا كان في ذلك مصلحة للبنان، لكن حتى الساعة ليس هناك أيّ دعوة.
2- لا يحتاج رئيس التيار إلى أي وسيط حتى يتواصل مع الجهات الفرنسية، فهو على تواصل دائم معهم منذ لقاء قصر الصنوبر، وهناك اتصالات دورية بينه وبين مستشار ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل، وبشكل شبه دوري بينه وبين ماكرون. 3- ما نشر في الإعلام أقرب الى التخيلات، أما السؤال الأهم فهو هل يلبّي الحريري الدعوة الى الحوار في فرنسا بعد انكساره في مسألة الـ18 وزيراً، وما يمكن أن يتسبّب فيه لقاؤه باسيل قبيل تأليف الحكومة، هو الذي صرّح بأنه لن يلقاه سوى بعد التأليف؟ فرئيس الحكومة المكلف يعرف أنه غير قادر على تأليف حكومة في غياب كل المسيحيين، حلفاءَ وأخصاماً. وهذا موقف تبلغه حتى من الرئيس نبيه بري، وبطبيعة الحال من حزب الله. ثمة معلومات في هذا الصدد تشير الى أن الحريري لم يُبد تجاوباً إزاء لقاء باسيل، وقد استعاض عن زيارته فرنسا بإعلانه زيارة الفاتيكان في اليومين المقبلين. تضاف الى الأجواء غير الإيجابية، أن الحريري لم يتصل بعون ليعايده بالفصح.
في سياق آخر، برزت حرب بيانات أمس بين وزير الاقتصاد راوول نعمة ووزير المال غازي وزني. نعمة أكّد أن «بعض القوى السياسية في لبنان لا يريد الكابيتال كونترول» مشيراً الى أن «مجلس النواب يتحمل جزءاً من المسؤولية، إضافة الى أن وزني أسقطه من خلال تقديمه ومن ثم سحبه من على طاولة الحكومة، وفق تعليمات من رئيس المجلس نبيه بري». وردّ وزني ببيان مضاد قال فيه إنه «أول من قدّم مشروع «الكابيتال كونترول» والكل يعلم أن المناقشات يومها شوّهت الاقتراح وجردته من مضمونه، ما أدى الى إسقاطه في مجلس الوزراء، ويجري درسه الآن في لجنة المال لإقراره»، وذلك علماً بأنه عندما مناقشة قانون فرض الضوابط على التحويلات المالية المصرفية والسحوبات النقدية في 12 تشرين الأول 2020، سحب بري الاقتراح بسبب وجود ملاحظات من حاكم مصرف لبنان وصندوق النقد، ثم حوّله الى لجنة المال والموازنة (راجع «الأخبار»، 13 تشرين الأول 2020).
"البناء": مبادرة برّي المعدّلة بدعم بكركي وجنبلاط وحزب الله تقطع نصف المسافة
عشية الاجتماع الافتراضي بين شركة التدقيق الجنائي «الفاريز اند مارسال» وكل من وزارة المال ومصرف لبنان المركزي، حذر الرئيس ميشال عون الوزارة والمصرف من التعطيل للتحقيق في حسابات المصرف المركزي، تحت «طائلة تحميلها المسؤولية باسم الشعب اللبناني»، بالتزامن كانت الأنظار تتجه إلى اجتماعات تعقد في الاليزيه بين الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي أطلق مبادرته، التي لا تزال «تجرجر» منذ 3 أيلول 2020، وها هي تدخل شهرها السابع، من دون بروز معالم ولادة «حكومة مهمة» معروفة البرنامج، والفريق اللبناني المعطل وفقاً للتقييم الفرنسي، والذي يتمثل برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي التقاه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ووضعه في أجواء اللقاء وترتيباته والامكانيات المتاحة لانضمام شخصيات لبنانية إليه، على سبيل الشهود، على ما يتم الاتفاق عليه، بعد التوصّل إلى تفاهم غير معلن، أو موثق بأن لا مشكلة في حكومة من 24 وزيراً بدل 18 وزيراً.
وتتجه باريس، وفقاً لمعلومات تبلغها مسؤولون كبار إلى عقد ما يشبه «سان كلو» على نطاق محدود، ومداورة، على طريقة المشاورات التي كانت تجري في دمشق، عندما تتعقد عمليات تأليف الحكومات، في الفترة التي سبقت العام 2004..
لذا يمكن ان يوجه ماكرون الدعوة إلى ممثّل أكثر من جهة، بما في ذلك ممثّل للرئيس نبيه برّي، الشريك المباشر في تجديد البحث عن انعاش للمبادرة الفرنسية.
في هذا الوقت بالذات، من غير المستبعد ان يلبي الرئيس المكلف سعد الحريري دعوة البابا فرنسيس الأوّل لزيارة الفاتيكان، واجراء محادثات حول سبل تجاوز أزمة تأليف الحكومة.
وايا تكن الحسابات الفرنسية والإقليمية والمحلية المتصلة بالالتقاء حول تأليف حكومة، فإن المعطيات التي تعني النائب باسيل، تتصل بحسابات لديه سواء في ما خص تطويق الرئيس المكلف، بالدخول مباشرة إلى العواصم التي زارها الرئيس الحريري، والالتقاء مع الشخصيات نفسها، في معرض احراج الرئيس المكلف ومساجلته في «عقر داره الخارجي» إذا صح القول، اما مسألة الحكومة، فتأتي في المحل الثاني أو الثالث في حسابات الرجل، الطامح، إلى الزعامة المسيحية، والخروج من سجن «العقوبات الأميركية»، الذي ما يزال رهينته، على الرغم من تغير الإدارة الأميركية.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الأجواء الحكومية لا تزال ملبدة ببعض الغيوم والانقشاع المطلوب للسير بوضوح في هذا الملف قد يتضح في الأيام المقبلة في ضوء تحركات داخلية وخارجية لافتة إلى أنه ربما تفسر هذه التحركات خطوة جديدة في هذا الملف في ضوء سلسلة تطورات سجلت أبرزها المحادثات الفرنسية السعودية حيث حضر الملف اللبناني فيها.
وأوضحت المصادر أن الأفكار المتداولة في شأن طرح الـ٢٤ وزيرا قد يناقش عندما يتم الاتفاق على بعض التفاصيل لاسيما إذا كان مطلوبا أن تكون هناك سلة متكاملة عن برنامج الحكومة ومهمتها وتسمية الوزراء وتوزيع الوزراء وغير ذلك مشيرة إلى أنه لا بد من ترقب الحراك الحكومي ومدى فاعليته وما إذا كان يحمل من بركة.
إلى ذلك رأت المصادر نفسها أن عنوان لقاء رئيس الجمهورية مع البطريرك الماروني حمل عنوان ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة كمدخل أساسي للحل.
وفي حال صدقت المعلومات عن زيارة الحريري وباريس بالتزامن نفسه بدعوة من السلطات الفرنسية، فهناك إحتمال لحصول لقاء بينهما برعاية فرنسية، اولاً لكسر الجدارالسميك بينهما، ولمناقشة الافكار الجديدة المطروحة وبرنامج الاصلاحات المنوي تنفيذه.علماً ان معلومات اخرى افادت ان فرنسا قد توجه دعوات لشخصيات اخرى من بينها الرئيس نبيه بري او من ينتدبه.
لكن مقربين من النائب باسيل اكدوا تعليقاً على المعلومات المتداولة عن توجّهه إلى فرنسا للقاء المسؤولين الفرنسيين بعد وساطة من اللواء عباس ابراهيم، «أن التواصل مع الفرنسيين قائم ودائم ومباشر ولا حاجة لوسطاء، مشيرين إلى أن الزيارة الى باريس واردة ولكن ما يحكى في الاعلام حتى الآن ليس إلا تكهنات اعلامية».
واضاف المقرّبون: إن باسيل لم يطلب أي موعد من الفرنسيين، ولكن التطورات اذا كانت ايجابية قد تفتح الباب على احتمال انفراجات.
توزيعة الـ 24
إلى ذلك، ذكرت مصادر المعلومات حول صيغة الـ24 وزيراً الجديدة التي يجري التداول بها والحصص المسيحية فيها: ان التوزيعة المقترحة لا مشكل فيها بالتمثيل السني والشيعي والدرزي انما بالتمثيل المسيحي. ولا شيء محسوماً بعد، هل يكون للرئيس عون ستة وزراء مسيحيين ووزير ارمني ام سبعة ووزير ارمني؟ لأن البعض يطرح ستة وزراء لرئيس الجمهورية عدا الوزير الارمني، مقابل وزيرين لتيار المردة ووزير للحريري ووزير للحزب القومي ويبقى وزير واحد مسيحي بمثابة الوزير الملك. وثمة من يقول ان البطريرك الراعي يسميه واخرون يقولون انه مشترك بين عون والراعي، وهناك من يقول انه بين الراعي والحريري، او وزير تقترحه فرنسا هو وزير الطاقة المقترح جو صدّي. لكن الرئيس عون يرفض منحه ستة وزراء ويطلب سبعة عدا الوزير الارمني.وانه في حال حصل الحريري على وزير مسيحي فعون يطالب بوزير سني. علما ان حقيبة الداخلية باتت محسومة للرئيس عون، ويقترح لها اسما مشتركاً بينه وبين البطريرك الراعي يوافق عليه الحريري.
وفي هذا الصدد، قالت مصادرمطلعة على موقف الحريري، انه قدّم تنازلات كثيرة منها الموافقة على ان تكون حقيبة الداخلية لغير وزير سنّي، برغم الضغوط عليه لعدم التنازل عن هذه الحقيبة، لكنه يشترط مقابل التنازل عنها ان يكون الوزير المسيحي الذي سيتسلمها متفق عليه بينه وبين البطريرك بشارة الراعي ولا يزعج الرئيس ميشال عون، وليس من حصة عون وحده، لأن حقيبة العدل ايضاً ستكون من حصة رئيس الجمهورية.
واوضحت المصادر ان الرئيس الحريري تنازل عن الحقائب السيادية كما قد يتنازل الرئيس عون عن حقيبة الدفاع مقابل حقائب اخرى اساسية، لكن يُفترض ان يتم التوافق بين الرئيسين على الوزراء الذين سيتسلمون هذه الحقائب السيادية لا أن يتفرّد بهم رئيس الجمهورية، والأهم ان يكونوا حياديين.لا ملتزمين او مقربين من التيار الوطني الحر كما يسعى النائب جبران باسيل، وان لا يكون هناك ثلث ضامن لأي طرف.
"الجمهورية": الداخل مقفل سياسياً وحكومياً.. وباريس لا تستبعد كل الاحتمالات
المناخ الايجابي الذي أشيع ما قبل عيد الفصح، اصطدم بلا جديّته، وبقيت الحكومة ضائعة في دهليز العناد السياسي والمعايير المتصادمة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. وبالتالي رحّلت الأزمة الحكوميّة المستعصية إلى ما بعد العيد، لعل عاملاً ما يطرأ، ويفرض التقاء الرئيسين على مساحة مشتركة تبنى عليها إيجابيات جديّة تسرّع في ولادة الحكومة.
حتى الآن، ليس في الإمكان المجازفة في الحديث عن تحوّل في مواقف الرئيسين، ذلك أنّ كلاً منهما ثابت على «قاعدته» التي يريد بناء الحكومة عليها، وكلاهما يضع كرة تسهيل التأليف في ملعب الآخر ويلقي عليه مسؤولية التعطيل. وبالتالي، كلّ ما جرى الحديث عنه قبل الفصح، من افكار توفيقيّة لتضييق هوّة الخلاف العميقة بينهما، وجهود متعدّدة المستويات والجهات لاستيلاد الحكومة، اصطدمت بالشروط المعطّلة ذاتها، وفي مقدمها الإصرار على الثلث المعطل في هذه الحكومة.
حراك متجدد
عطلة عيد الفصح، برّدت الحراك الذي كان قائما، وجمّدت مؤقتاً تسويق افكار التوفيق، ولكن من دون ان تقطع خطوط التواصل بين المستويات المعنية حول الملف الحكومي، حيث بقي هذا الملف حاضرا في المعايدات التي جرت على اكثر من خط، ولكن، ضمن إطار التمنّيات في بلورة تفاهم سريع على حكومة. إلّا ان الاجواء المحيطة بهذا الملف، تعكس توجها جديا لتزخيم الاتصالات حوله، وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، فإنّ المعنيّين بتلك الأفكار التوفيقيّة بين عون والحريري، قد أعدوا العدّة لإطلاق حراك متجدّد وسريع يواكب عودة الرئيس المكلف إلى بيروت، لكسر حلقة الشروط المعطلة، وصولا الى تشكيل حكومة متوازنة تلبّي متطلبات المبادرة الفرنسيّة جملة وتفصيلاً.
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق هو أنّ المعنيّين بالأفكار الرامية الى استيلاد «حكومة متوازنة لا ثلث معطلا فيها لأيّ طرف»، يُحاذرون الحديث مسبقاً عن ايجابيات، بل يؤكّدون انه كما ان النجاح في ان تلقى هذه الافكار تجاوبا مع تلك الافكار هو احتمال ممكن، فكذلك الفشل وارد ايضا، ذلك ان الامور لم تتقدم اي خطوة الى الامام برغم المناخ الايجابي الذي جرى الحديث عنه في فترة ما قبل عيد الفصح.
ويؤكّد هؤلاء ان جوهر الحراك هو إحداث خرق نوعي يرتكز على ليونة جدية في ما خص حجم الحكومة سواء اكانت من 18 او 20 او 22 او 24 وزيرا، وكذلك في ما خص حجم تمثيل كل طرف، اضافة الى نوعية الوزارات التي ستسند لهذا الطرف او ذاك، وصولا الى بلوغ حكومة بلا ثلث معطل لأي طرف. وتبعا لاجواء الرئيسين عون والحريري، فإنّ القائمين بهذا الحراك أمام مهمّة صعبة لا بل شاقة، بالنظر الى التعقيدات والصعوبات الكثيرة التي تواجهها.
وتؤكد المعلومات الموثوقة أنّ المعنيين بالحراك قد وضعوا في حسبانهم الفشل المسبق، إن بقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ثابتين على مواقفهما المتصادمة والتصلب الذي يبديه كلاهما تجاه الآخر، ما يعني ان حظوظ النجاح، كما يؤكد هؤلاء المعنيون أقل من حظوظ الفشل، الا اذا كانت عطلة عيد الفصح قد شكلت فرصة للمختلفين لإجراء مقاربة موضوعية لواقع البلد، ووضع الناس، ولقراءة متأنّية وموضوعية لمجموعة العوامل الداخلية والخارجية المعجلة في تشكيل الحكومة، بدءاً بالصرخة التي أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي (الذي سيلتقي السفيرة الاميركية دوروثي شيا اليوم، وعددا من الشخصيات السياسية والوزارية) ودعوته الى الافراج عن الشعب والحكومة، وكذلك في الموقف الفرنسي الذي ارتفع الى وتيرة عالية في حدته وصولاً الى الموقف السعودي البالغ الدلالة والاول من نوعه وصراحته حيال الملف الحكومي في لبنان.
الثلث
إلى ذلك، أكد عاملون اساسيون على خط تسهيل تأليف الحكومة لـ»الجمهورية» ان المناخ الذي أُشيع في الايام الاخيرة، وحُمّل ما سمّيت ايجابيات، لم يكن اكثر من مناخ وهمي، ذلك أنّ الامور ما زالت تحت الصفر، وأفق التأليف ما زال مقفلاً بالكامل ولم تبرز فيه اي علامة تؤشر الى اي انفراج، وكل الافكار التي طرحت في الايام الاخيرة قد وجدت في المقابل صدّاً مانعاً لها، ما أبقى العقدة القابضة على الحكومة في مكانها، هي عقدة واحدة، وموجودة في مكان واحد، وتتمثل بالاصرار على الثلث المعطل لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي. وثمة طرح جديد - قديم حمله الوسطاء الى المعنيين بالثلث المعطل، ويقول ما حرفيّته: «اخرجوا الثلث المعطل من الطريق، فتولد الحكومة فوراً».
واذا كان الرئيس نبيه بري قد وسّع مروحة مشاوراته في الآونة الاخيرة سعياً لبلورة مخارج تنزع من امام الحكومة ألغام تعطيل تأليفها، الا انه برغم انسداد الافق حتى الآن، ما زال يؤكد ان لا مفر للجميع في نهاية الامر من التفاهم على حكومة متوازنة (بصرف النظر عن حجمها) بمهمة اصلاحية وانقاذية وفق المبادرة الفرنسية، ولا ثلث معطلا فيها لأي طرف. وبالتالي، لا يرى ما يوجب التأخير اكثر من الوقت الذي جرى اهداره على حساب البلد واهله، وأدخلهم في وضع كارثي على كلّ المستويات بات يهدد بمصير اسود للبلد وغرق الجميع من دون استثناء.
النتيجة صفر
هذه الأجواء التشاؤمية عكستها لـ»الجمهورية» ايضا شخصية ناشطة على الخط الحكومي، وقالت: النتيجة حتى الآن صفر، كل طرف يلعب اوراقه السلبية في وجه الآخر، ويرمي المسؤولية عليه، وهذا يؤشر الى ان المسألة مفتوحة. ثمة نفور لا سابق له بين الرئيسين عون والحريري، وكل يوم يمرّ وسط هذا الجو، تصبح إمكانية التوفيق بينهما اصعب، وتقترب من حد الاستحالة، وهذا معناه دخول البلد في مراوحة شديدة السلبية في ملف التأليف طويلة الامد، علماً انّ الواقع اللبناني يقترب من ان يطل على استحقاقات حساسة، سواء الاستحقاق النيابي او الاستحقاق الرئاسي، وكلما تقدمنا نحو تلك الاستحقاقات تصبح الشروط اكثر تعقيدا وتربط حتماً بتلك الاستحقاقات وما يحيط بها من طموحات لهذا الفريق او ذاك».
زيارة باريس!
وسط هذه الاجواء، وفيما ينتظر ان يصل الى بيروت بعد غد الخميس الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، شاعَ في الساعات الاخيرة انّ الملف الحكومي سيشهد محطة له في باريس خلال الاسبوع الجاري مع زيارة يقوم بها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى العاصمة الفرنسية، وأدّى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم دوراً اساسياً في التحضير لها.
وبحسب ما أشيع، فإنّ باسيل سيغادر الى باريس (اليوم)، وسيلتقي خلالها مسؤولين فرنسيين، وقد يستقبله غدا الاربعاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وثمة من ذهبَ أبعد من ذلك بافتراض حصول لقاء بين الرئيس المكلف وباسيل برعاية ماكرون.
وفيما لم يصدر تأكيد للزيارة او نفي لها من قبل الجانب الفرنسي، وتجنّبت السفارة الفرنسية مقاربة هذه الزيارة بالنفي أو بالتأكيد تاركة هذا الامر للسلطات الرسمية «إن كان الأمر مؤكداً». برز ما نقل مساء امس، عن مصادر مقرّبة من باسيل عن أنّ «رئيس التيار الوطني الحر» ليس بحاجة إلى أي وساطة أو وسيط لزيارة باريس ولقاء المسؤولين الفرنسيين، فهو أولاً على تواصل دائم مع موفد الرئيس ماكرون الى لبنان باتريك دوريل، وثانياً فإنه لم يطلب اي موعد لزيارة فرنسا لكن ان وجهت اليه الدعوة فإنه يلبّيها بما ينسجم مع مصلحة لبنان».
الاحتمالان واردان
وفي السياق نفسه، أبلغت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية الى «الجمهورية» قولها إنّ زيارة النائب باسيل الى باريس في دائرة الاحتمالات الممكنة، حيث قد تحصل هذه الزيارة في اي وقت، سواء اخذت طابعا رسميا او اخذت طابعا شخصيا خاصا، ولكن في ما خص ما يحكى عن زيارة وشيكة للنائب باسيل الى باريس ولقاء محدد له مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فلا تأكيد رسميا من قبل الايليزيه لأي موعد من هذا القبيل حتى الآن (مساء امس). كما لا تأكيد رسميا ايضا من قبل المستويات الرسمية الفرنسية الاخرى حول لقاء بين باسيل والرئيس المكلّف برعاية الرئيس ماكرون.
إلا أنّ المصادر نفسها تلفت الانتباه الى ان باريس لا تعمل في الخفاء حيال الملف اللبناني، ولن يطول الوقت حتى تتوضح الصورة في الجانب المتعلق بالزيارة، فلننتظر ساعات قليلة، وبالتالي قبل ذلك لا نستطيع ان نستبق الامور لا بنفي حصول الزيارة أو بتأكيدها، حيث لا توجد معطيات أكيدة حول الأمرين.
وردا على سؤال، قالت المصادر الديبلوماسية من العاصمة الفرنسية: ان باريس على بيّنة تامة من حقيقة الوضع اللبناني وكل ما يتصل بملف تأليف الحكومة، خصوصا ان الملف اللبناني لم يغب عن اجندة الاولويات الفرنسية، والرئيس ايمانويل ماكرون يقارب هذا الملف كطبق رئيسي على مائدته السياسية، وفي محادثاته التي يجريها لحشد الدعم للبنان مع قادة الدول، وآخرهم قبل فترة قصيرة اتصاله المطوّل مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
ولفتت المصادر الى ان باريس ابلغت موقفها من تعطيل الحكومة الى القادة في لبنان، سواء عبر الرئيس ماكرون واتصاله قبل اسابيع بالرئيس عون، وكذلك في اتصال وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان بهؤلاء القادة، فباريس تعرف المعطلين باسمائهم، وهي تدرك الدور الاساس الذي يلعبه جبران باسيل في هذا المجال، وهذا الكلام باتت المستويات الفرنسية تصرّح به بصورة علنية، كما بات مؤكدا ان المسؤولين لا يماشون طرح الثلث المعطل في الحكومة، خصوصا وانه يناقض بصورة جذرية المبادرة الفرنسية ومندرجاتها الرامية الى حكومة مهمة اصلاحية متوازنة.
وكشفت المصادر الديبلوماسية ان إنجاح المبادرة الفرنسية هي الاولوية المتقدمة حاليا لدى الرئيس ماكرون، وثمة اشارات تتوالى مصدرها الايليزيه تجدد التأكيد على كل المستويات السياسية في لبنان على وجوب احداث خرق ايجابي على المستوى الحكومي في لبنان، والشرط الاساس لذلك هو ان يبادر هؤلاء الى ان يوفوا بالتزاماتهم، ويزيلوا الموانع المعطلة للحكومة. وهذا الخرق إن حصل، فلدى الرئيس ماكرون اجندة تحرّك وبزخم في اتجاه حشد الدعم الدولي اللازم للبنان ومساعدته على تجاوز محنته.
وعن استمرار تعطيل تشكيل الحكومة وما اذا كانت باريس بصدد اتخاذ خطوات واجراءات ضاغطة على المعطلين، قالت المصادر الديبلوماسية من العاصمة الفرنسية: لقد نفد الوقت، وكل الاحتمالات واردة.