معركة أولي البأس

لبنان

تحرك قطري وفرنسي تجاه لبنان.. وفشل في أول أيام إنهاء الإقفال
09/02/2021

تحرك قطري وفرنسي تجاه لبنان.. وفشل في أول أيام إنهاء الإقفال

اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بالتحرك الفرنسي تجاه لبنان، ووصول مبعوث الرئيس الفرنسي نهاية الأسبوع لمتابعة مبادرة باريس بما يخص الملف الحكومي.
وفي سياق متصل، يصل اليوم إلى العاصمة اللبنانية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وسيعقد مؤتمراً صحافياً في القصر الجمهوري في بعبدا.
إلى ذلك سُجل فشل في أول أيام الفتح التدريجي للبلاد من الإقفال العام، الذي استمر اكثر من شهر ضمن المساعي لمواجهة أخطار انتشار فيروس كورونا، وكانت النتيجة أمس مخيفة لناحية عدم الالتزام بالاجراءات ونسبة الاكتظاظ أمام التعاونيات وزحمة السير في العديد من المناطق، ما يبشر بنتائج لا تحمد عقباها وبائيا.


"الأخبار": موفد ماكرون في بيروت نهاية الأسبوع... والتوافق الفرنسي - السعودي مفقود
يصِل الموفَد الفرنسي باتريك دوريل إلى بيروت نهاية الأسبوع. ثمة من يعوّل على هذه الزيارة باعتبار أن نتائجها ستكون حتماً إيجابية. حتّى الآن كل المعلومات تتقاطع حول أن الفرنسيين لا يحمِلون حلولاً جدية، فالعثرات الخارجية لا تقّل عن تعقيدات الداخل.

ولم يكُن ينقُص صورة الغموض الكبير الذي يكتنِف المساعي الدولية «لأجل لبنان» سوى تضاعُف المؤشرات الداخلية السلبية لدحض التعويل على حراك فرنسي، زُعِم أنه سيؤدي الى ولادة حكومية قريبة جداً، وذلك من خلال مؤشرات عديدة:
الأول، أن رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، الذي كانَت القوى السياسية تنتظِر أخباراً عن جولته خارِج البلاد، بدأ يتبيّن لها أنه خالي الوفاض. بعدَ مصر والإمارات، لن يتوجّه الحريري إلى باريس كما كانَ متوقعاً. وبحسب أكثر من مصدر، سيتوجّه الرئيس المكلف من أبو ظبي الى تركيا في غضون يومين، وزيارته هذه تتعلّق بملفات «مالية - شخصية» تتّصل بأعماله هناك. وهذا الأمر يعني أن ليس في جعبة الفرنسيين ما هو جديد لنقاشِه مع الحريري.

الثاني، هو الاتصالات التي أجراها الفرنسيون في الأيام الماضية مع القوى السياسية، تحديداً المعنية بملف تأليف الحكومة. من بعبدا الى عين التينة مروراً بحارة حريك. في حديثهم، لم يقدّم الفرنسيون أي فكرة، ولم يَظهر في كلامهم أن في جعبتهم ما يستطيعون من خلاله الضغط على اللبنانيين لتقديم التنازلات. بل على العكس، حاولوا استطلاع الأجواء بشأن إذا ما كانَ هناك ما يُمِكن القيام به!
والثالث، استمرار التعارك الداخلي، الذي تُوّجَ أخيراً بالهجوم المتبادل بينَ رئيسيّ الجمهورية ومجلس النواب عبرَ الإعلام. وإن كانَت خلفية هذا التعارك، ظاهرياً، هو ما صرّح به النائب أنور الخليل حول «الفصل السابع»، لكن يبقى الأصل في حزازات النفوس بين الرئيسين.

آخر المعلومات، بحسب ما أكدته مصادر لـ«الأخبار»، أن مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى، باتريك دوريل، سيحطّ في بيروت نهاية هذا الأسبوع. ثمة مَن يتعامَل في لبنان مع توقيت العودة الفرنسية، على أنها وثيقة الصلة بمناخ إقليمي مستجدّ أسّست له نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة، وأن هذا المناخ يتجّه بالمشهد اللبناني نحو مرحلة هدنة عبر تأليف حكومة ظرفية بـ«التراضي». غيرَ أن مسار الأمور في الخارج ليسَ أقلّ تعقيداً من الداخل، وتُعيقه أكثر من عثرة.

- بعدَ أن رأت باريس في تغيير الإدارة الأميركية فرصة للتعويض عن إخفاقها في الملف اللبناني، توجّهت الى واشنطن لتعويم مبادرتها من جديد. الواقع أن الأميركيين ليسوا إيجابيين في ما يتعلّق بالملف اللبناني، بعكس ما يحاول البعض التسويق. الأميركيون أولوياتهم في مكان آخر، ولبنان على آخر جدول أعمالهم، لذا فإن وضع الملف بأيدي الفرنسيين ليسَ تفويضاً مطلقاً، لكن ترك الأمر لهم للبحث عن حلول «إما أن يرفضها الأميركيون أو يقبلون بها في ما بعد».

- لم تنجَح باريس حتى الآن في استنساخ توافق فرنسي - سعودي، على غرار التوافق الفرنسي – الإماراتي. الإماراتيون كانوا أكثر انفتاحاً في ما يتعلّق بالأزمة اللبنانية، بينما الرياض لا تزال عند موقفها الرافض لأي تسوية مع إيران وحزب الله، وبالتالي لن يكون بمقدور الإمارات القيام بأي دور فعّال مستقلّ عن السعودية، كما لن يكون لدى الرئيس المكلف القدرة على تجاهل الفيتو السعودي لأي تسوية، حتى ولو كانَ الفرنسيون عرّابيها.

حاول الفرنسيون استطلاع الأجواء بشأن إذا ما كانَ هناك ما يُمِكن القيام به

- لا رأي واحداً داخل الإدارة الفرنسية بشأن الأزمة اللبنانية؛ ففيما يميل مدير وكالة الاستخبارات الخارجية برنارد إيمييه الى الحريري، بطبيعة الحال نظراً إلى كونه صديقاً قديماً لجماعة «ثورة الأرز»، يفضّل رجال الإليزيه تدوير الزوايا «على الطريقة اللبنانية».
وأخيراً والأهم، طغيان السقوف الداخلية على ما عداها. فلا أحد من الأطراف المتصارعين يجِد نفسه مضطراً الى التراجع. الحريري - في جولته خارج البلاد - سمِع كلاماً من قبيل أن الرعاية الإقليمية التي يبحث عنها هي مشروطة بعدم تنازله وبعدم العودة عن اللاءات التي سبقَ أن وضعها، بينما خلاصة كل حديث مع رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل مفادها «ما دامَ الحريري هو الرئيس المكلف، وما دام كل فريق يشترط حصته وأسماء الوزراء، فيحق لرئيس الجمهورية أن يطالب بحصة وازنة، وان يسمّي وزراءه».

 

"الديار": باريس أكثر واقعية وتخشى خسارة «الورقة» اللبنانية: لا لتدويل الأزمة

وينتظر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري نجاح الضغوط الفرنسية على رئيس الجمهورية ميشال عون لدفعه نحو القبول بشروطه الحكومية، ولا يزال على موقفه بعدم تقديم تنازلات، ولن يشكل حكومة «كيف ماكان» كما تشير اوساطه التي ترى ان الرئاسة الاولى تعيش اليوم تحت ضغوط كبيرة، داخليا وخارجيا. وفيما ينتظر الحريري موعدا من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل خطابه المرتقب في 14 الجاري في ذكرى استشهاد والده، تلقى جرعة دعم جديدة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهذه المرة عبر بيان لحركة امل فيه الكثير من المواقف الاتهامية للرئاسة الاولى بعرقلة تأليف الحكومة.
والخلاصة، بحسب مصادر مطلعة، انه لا شيء جدي وملموس يمكن الحديث عنه لتحريك حالة الاستعصاء الحكومي، وتوعد الحريري بخطاب مصارحة في ذكرى اغتيال والده لن يساهم في حلحلة العقد، بل سيزيد الامور تعقيدا. وربما لم يلتفت كثيرون الى كلمة «السر» التي مررها نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عندما اكد ان الحزب لن يضغط وغير مقتنع اصلا بالضغط على حليفه في قصر بعبدا، وهذا يعني صراحة ان لا حل الا بتسوية تقوم على تدوير الزوايا، لان الحزب ليس في نيته «كسر» الرئيس عون ولن يقدم التسهيلات في هذا الاطار. ووفقا لمصادر معنية بالاتصالات، فإن حصار بعبدا لن ينجح في دفع الرئيس الى تقديم تنازلات بات يعتبرها مصيرية لمستقبل حزبه السياسي، وكذلك مستقبل النائب جبران باسيل، ومجرد الرهان على اضعاف موقفه هو مضيعة للوقت، والمطلوب من الحريري مقاربة جديدة قبل فوات الاوان.

 اقتراحات رئاسية جديدة 

وبحسب تلك الوساط، لدى رئيس الجمهورية ميشال عون خطة عمل جديدة سيبلغها للمبعوث الفرنسي باتريك دوريل الذي يصل نهاية الاسبوع، اذا لم تنجح باريس في تحريك الملف الحكومي، ان باريس ليست بحاجة لانتظار حكومة جديدة كي تباشر تحفيز المجتمع الدولي على مساعدة لبنان، فالتحقيق مع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة قد بدأ، وهو أحد الشروط التي وضعها الرئيس الفرنسي إيمانوئيل ماكرون من أجل تجنيد الدعم المالي للبنان بعد الانفجار الذي وقع في ميناء بيروت في آب الماضي. ولهذا يمكن أن يقدم الدعم لحكومة تصريف الاعمال بعد «تعويمها». وبدلاً من أن ينتظر إلى حين تشكيل حكومة جديدة، يمكن تطبيق إصلاحات فورية لإقناع الدول المانحة بتحرير جزء من المبالغ التي تعهدت بها.

 فرنسا لا تريد التدويل؟ 

وما يدعم هذه الخلاصة، بحسب اوساط سياسية بارزة عدم وجود حماسة فرنسية للتجاوب مع طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي «تدويل الملف اللبناني»، من خلال عقد مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، وعلم في هذا السياق، ان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ابلغ شخصيات مقربة من بكركي ان باريس لا تشجع على المضي بهذا الطرح ولا نية لها بدعمه لان ظروفه غير ناضجة وسيؤدي الى زيادة التعقيدات على الساحة اللبنانية بدل حلحلة الامور، وتفضل الادارة الفرنسية في هذه الاونة تعزيز الاتصالات مع واشنطن على نحو ثنائي في محاولة لاحداث اختراق في الجدار، تحت «سقف» المبادرة الفرنسية.

لا رغبة «بالخسارة» 

ووفقا للمعلومات، لا ترغب فرنسا بخسارة «الورقة» اللبنانية من خلال ادخال شركاء على «الطاولة» وتسعى لحشد الدعم الاقليمي والدولي لمبادرتها، فالتدويل في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها المنطقة محفوف بالمخاطر، ولا تحتاج فرنسا الى اختبار جديد لقدرة تاثيرها في ملف تعتقد انها نجحت في التقاطه بعدما احجم الجميع عن التدخل فيه، وهي اليوم تتعرض لاختبار دقيق في الملف النووي الايراني بعدما رفضت طهران وساطتها مع واشنطن بعد تصريحات «مرتجلة» للرئيس ايمانويل ماكرون ادت الى «نقزة» كبيرة في ايران من الدور الفرنسي، وثمة خشية من انعكاس سلبي على دورها على الساحة اللبنانية، ولهذا تسعى باريس لإبقاء الملف بعيدا قدر الامكان عن جدول اعمال النقاشات الايرانية ـ الاميركية حول الاتفاق النووي حيث «الكباش» على اشده الان في «الامتار الاخيرة» قبل العودة الى «الطاولة».

 ماكرون والواقعية؟ 

وفي هذا السياق، يتجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى مزيد من الواقعية في مقاربته للملف الحكومي، وثمة اتجاه تبلور في باريس لتذليل العقبات من امام تشكيل الحكومة، بسقوف أدنى من السقوف السابقة الموضوعة لشروط تأليفها. وتربط اوساط مطلعة بين تبلور هذه الافكار بشكلها النهائي وبين استقبال ماكرون الحريري في باريس، فاذا ما توصلت الادارة الفرنسية الى صيغة نهائية يجري العمل عليها لكسر الجمود القائم، سيمنح الرئيس المكلف موعدا لنقاشها، يعود بعدها الى بيروت حيث يفترض ان يلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون الذي سبق وابلغ الفرنسيين انه لن يقف حجر عثرة امام تأليف الحريري للحكومة على الرغم من عدم رغبته الشخصية بوجوده على رأس السلطة التنفيذية، لكن ذلك ليس على حساب الغاء الذات والتفريط بصلاحيات الرئاسة الاولى.

 

"الجمهورية": البابا للحفاظ على لبنان.. الإنقسام يهدّد "المبادرة"
في موازاة المحاولات الفرنسية لفتح نوافذ في الجدار الحكومي المقفل توصل الى تشكيل حكومة المبادرة الفرنسية، يبدو أنّ ثمة إرادة داخلية لتفشيل هذا المسعى وسدّ كل مسارب الفرج، وإبقاء البلد في قبضة التعطيل، مع ما يترتب على ذلك من تفاقم خطير للأزمات التي تضرب كل مفاصله.

في هذه الأجواء، تمنّى البابا فرنسيس «أن يشهد لبنان التزامًا سياسيًا وطنيًا ودوليًا، يساهم في تعزيز الاستقرار، في بلد يواجه خطر فقدان هويته الوطنية والإنغماس داخل التجاذبات والتوترات الإقليمية».

وبحسب ما نقل موقع «فاتيكان نيوز»، فإنّ البابا شدّد في كلمة له أمام السلك الديبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي على «ضرورة أن تحافظ بلاد الأرز على هويتها الفريدة، من أجل ضمان شرق أوسط تعدّدي متسامح ومتنوع، يقدّم فيه الحضور المسيحي إسهامه ولا يقتصر على كونه أقلية وحسب».

وأكّد البابا فرنسيس، «أنّ إضعاف المكوّن المسيحي في لبنان يهدّد بالقضاء على التوازن الداخلي»، لافتاً أيضاً إلى أهمية معالجة المشاكل المرتبطة بحضور النازحين السوريين والفلسطينيين، كما حذّر من مغبة انهيار البلاد اقتصادياً. ودعا الزعماء السياسيين والدينيين إلى «وضع مصالحهم الخاصة جانباً والالتزام في تحقيق العدالة وتطبيق الإصلاحات، والعمل بطريقة شفافة وتحمّل نتائج أفعالهم».

توترات مفتعلة

وإذا كان الفرنسيون قد اخذوا على عاتقهم محاولة افادة لبنان من الفرصة الإنقاذية التي أتاحوها للبنانيين عبر المبادرة الفرنسية، واعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بأنّ فرنسا ستبقى الى جانب لبنان ولن تتخلّى عن شعبه، فإنّهم يُقابَلون من الداخل اللبناني بما قد يقطع عليهم حماستهم في التصدّي للملف اللبناني، عبر افتعال توترات سياسية في كل الاتجاهات، وقطع ما تبقّى من شعرات واصلة في العلاقات المهتزّة اصلاً، بين القوى السياسية، وهو الامر الذي يجعل من امكانية توفير مساحات مشتركة حول الملف الحكومي، تُبنى عليها حكومة توافقية ولمهمة إنقاذية، ضرباً من المستحيل.

المشهد الداخلي، وبما يعتريه من توترات، يشي بأنّ تأليف الحكومة خارج سياق الاولويات لدى بعض المعنيين بهذا الملف. ولعلّ ما يخشى منه المواكبون لهذا الملف وتعقيداته، وما استجد، ويستجد حوله من تسخين يبدو متعمّداً، لكل الجبهات السياسية، وإخضاعها للغة السجال العنيف وصبّ الزيت على نار الخلافات القائمة على كل العناوين والتفاصيل وكذلك المعايير، ان تصطدم المساعي الفرنسية بفشل جديد، يعيد الامور في البلد الى ما دون نقطة الصفر التي يقف عليها حالياً، ما ينذر بسيناريوهات كارثية لن يملك احد القدرة على احتواء تداعياتها.

فرز سياسي

وسط هذا الجو، وعلى ما تقدّر مصادر سياسية لـ»الجمهورية»، فإنّ المسعى الفرنسي مهدّد، كونه يتواكب مع واقع لبناني منقسم على ذاته، بين من يريد للمبادرة الفرنسية أن تسلك طريقها الى النفاذ، وبين من يريد أن يقطع عليها الطريق، وحتى ولو كانت قوة الدفع الفرنسية في اتجاه انجاح المبادرة أقوى هذه المرة مما كانت عليه، مع اعلانها آخر آب الماضي، فإنّ نقطة ضعفها او فضلها، تتجلّى في أنّها قد لا تجد من يتلقفها، في بلد يبدو الإنقسام فيه اقوى من كل الوساطات والمبادرات، وبات مفروزاً سياسياً بالكامل بين جبهات متصادمة، بدءاً بالصدام العميق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، ومن خلفها الاشتباك العنيف بين «لتيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، وكذلك بالعلاقة التي صعدت الى ذروة التأزم بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ومن خلفها الاشتباك السياسي الناري بين «التيار» وحركة «أمل»، إضافة الى العلاقات الصدامية للتيار مع «القوات اللبنانية» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» وتيار «المردة»، وصولاً الى العلاقة التي بدأت تشهد اهتزازاً وتفسّخاً ملحوظاً بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله».

ومن هنا، وبحسب المصادر، قد يستحيل على أي جهد او مسعى خارجي لتأليف الحكومة، أن يتمكن من عبور هذا الجو المقفل، خصوصاً أنّه ما زال آيلاً لأن يتفاقم أكثر، مع استمرار التراشق على اكثر من جبهة، وإصرار بعض الجهات الداخلية على توسيع مروحة الاشتباكات مع كل الاطراف. وهو امر يعني في هذه الحالة، أنّ تأليف الحكومة معلّق على خط التوتر العالي، ما ينذر بترحيله أشهراً إلى الامام، وهذا معناه بقاء البلد في حالة دوران في حلقة الازمات وتداعياتها الخطيرة.

الى الشارع

وتبعاً لهذا المشهد الملبّد بالغيوم السياسية الداكنة، بدأ الحديث يتصاعد في اوساط سياسية وحراكية، عن مرحلة صعبة سيُقبل عليها البلد في الآتي من الايام، والكلمة فيها ستكون للشارع، بتحركات نوعية وصادمة في وجه الطبقة الحاكمة التي تسدّ كل منافذ الحلول، وتمعن في الإصرار على نهجها الذي أضرم نار الأزمة. ولعلّ ما اشار اليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حول هذا الموضوع، يعكس نبض الفئات الشعبية التي فاض بها، ولم تعد قادرة على السكوت على الجريمة التي يرتكبها الحكّام بحق لبنان واللبنانيين.

وكشفت مصادر حراكية لـ»الجمهورية»، عن مشاورات ولقاءات تجري على اكثر من مستوى حراكي، تبحث في التحضير لحراك نوعي في وجه الفاسدين والمرتكبين، وقالت: «هذه المرة سيكون الغضب عارماً، واللبنانيون سينزلون الى الشارع لمحاسبة حكاّم السلطة، ولن يقبلوا ان يدفعوا ثمن سياساتهم بإفلاس اللبنانيين وافقارهم وقهرهم».

قلق على لبنان

الى ذلك، «علمت الجمهورية» أنّ الملف الحكومي، ومنذ اعلان الرئيس ماكرون عزمه على التحرّك تجاه لبنان، يخضع لمشاورات ديبلوماسية عربية واوروبية انطلاقاً من دعم المبادرة الفرنسية، مع التأكيد المتجدّد على القادة اللبنانيين بتلقف الفرصة التي تتيحها هذه المرة، وخصوصاً انّها تنطلق من رغبة فرنسية شديدة لتطبيقها، وبدعم اميركي أكيد لها، وتناغم عربي جدّي هذه المرة معها.

وقالت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية»، انّ الأجواء الديبلوماسية العربية والغربية ترسم علامات غير مشجعة حيال تعاطي بعض المعنيين بملف تأليف الحكومة، مع الجهد الخارجي، وتحديداً الفرنسي، لبلورة حلول للأزمة في لبنان. حيث لم يقدّم هؤلاء ما يؤكّد تجاوبهم حتى الآن، ونرى ذلك في مقاربتهم للملف الحكومي على قاعدة الشروط المتبادلة لتثبيت مواقع ومصالح، ومعايير لا ترقى الى حاجة لبنان الى الخروج من واقعه الصعب وتأليف حكومة سريعاً تباشر في مهمة الإنقاذ. وكل ذلك يعزز القلق على لبنان وانحدار وضعه الى صعوبات اكبر.

وبناءً على هذه الاجواء، كشفت المصادر الموثوقة، أنّ فرنسا لم تلمس بعد اشارات لبنانية متناغمة مع مسعى ماكرون، فيما مصر تدفع بكل ثقلها لئلا يدفع الشعب اللبناني ثمن الأزمة، والإمارات وغيرها من دول الخليج ترغب في المساعدة، انما الشرط الاساس لكل ذلك هو ان يبدي المسؤولون في لبنان دليلاً حسياً على انّهم يريدون فعلاً وبصدق، ان يساعدوا هذا البلد.

تحرّك قطري

وفي سياق متصل، أعلنت السفارة القطرية في بيروت، انّ نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن ال ثاني، سيزور لبنان اليوم، حيث سيعقد مؤتمراً صحافياً في القصر الجمهوري في بعبدا، بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

ووصفت مصادر ديبلوماسية عربية وغربية الزيارة، بأنّ لها نكهة خاصة في هذه المرحلة بالذات، فهي تأتي بعد انقطاع لفترة طويلة، تزامناً مع الغياب الديبلوماسي الخليجي عن لبنان، والذي قطعته زيارات وضعت تحت عناوين انسانية وطبية، بعد انفجار المرفأ في 4 آب الماضي.

وعلمت «القبس» من مصادر مطلعة، أن وزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبدالرحمن، سيحمل خلال زيارته المقررة إلى بيروت اليوم الثلثاء مبادرة لجمع الأطراف اللبنانية على طاولة حوار في الدوحة.

وأشارت المصادر إلى أن الجانب القطري لن يعلن عن مبادرته إلا بعد موافقة كل الأطراف اللبنانية على المشاركة في الحوار، مشيرة إلى تلقّي الجانب القطري موافقة مبدئية من غالبية القوى السياسية اللبنانية، لا سيما «حزب الله» وفريق الرئيس ميشال عون.

ولم تستبعد المصادر أن يتم الحديث عن تقديم دعم مالي إلى لبنان، الذي يعاني من أزمة سياسية حادة وأزمة مالية وإقتصادية زادت حدتها بفعل تداعيات وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت.

 

"البناء": يوم أول فاشل في تطبيق الخروج التدريجيّ من الإغلاق
وكان مشهد اليوم الأول من الخروج التدريجيّ من الإغلاق التام موضع الامتحان أمس، والنتيجة جاءت فشلاً ذريعاً تمثل بحجم الناس الذي غادروا الإقفال، وخرجوا بسيارتهم، وتخطّوا قواعد التباعد الاجتماعي في الأماكن التجارية، وغابت الكمامة عن وجوه أغلبهم، ما أعاد قرع جرس الإنذار لمخاطر خسارة كل العائدات الإيجابيّة لفترة الإقفال وقد بدأت تظهر نتائجه الإيجابية بتراجع عدد الإصابات منذ أسبوع الى النصف تقريباً مقارنة باليوم الأول للإقفال، وبدء تراجع عدد الوفيات تدريجياً منذ يومين، بعدما بلغت حافة المئة حالة، باعتبار الوفيات تعبر عن رقم الإصابات قبل شهر، فيما كان متوقعاً أن تسجل الوفيات انخفاضاً إلى مستويات أدنى خلال الأسبوعين المقبلين. وحذرت مصادر صحية من خطورة التفلت من الضوابط والإقفال داعية الجهات الأمنية الى المزيد من التشدد.

ودخلت البلاد أمس، مرحلة الفتح التدريجي، في ظل حركة سير لافتة وصلت إلى ازدحام في بعض المناطق لا سيما في بيروت مردها بحسب مصادر قوى الأمن الداخلي إلى فتح بعض القطاعات واستفادة المواطنين من ذلك للتبضّع والتموين، فيما منعت القوى الأمنية السوبرماركات والأفران من فتج ابوابها لدخول الزبائن اليها تحت طائلة المسؤولية. على أن تكون المرحلة الاولى محل رصد وتقييم تمهيداً للانطلاق الى المرحلة الثانية. فيما لوحظ انخفاض في عدد الإصابات فيما بقي عدد الوفيات مرتفعاً. وأعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 2063 إصابة جديدة بفيروس كورونا ما رفع العدد التراكمي للإصابات منذ بدء انتشار الوباء في شباط الفائت إلى 321980.

كما وسجّل لبنان 61 حالة وفاة ما رفع العدد التراكمي للوفيات إلى 3677.

ورأى رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي أن «من خلال مشاهدتنا لحالات «كورونا» في لبنان، فإن السلالة الإنكليزية منتشرة نسبياً في البلد وسريعة التفشي، ولكن لا نملك مختبرات تستطيع الكشف عما إذا كانت هذه السلالة منتشرة بسرعة كبيرة». وفي حديثٍ إذاعي قال «كان من النادر في السابق أن يلتقط الأطفال فيروس كورونا أما اليوم فيلتقطونه، وما جرى مع الطفلة التي توفيت أمس في «مستشفى رفيق الحريري» خير دليل، والحماية تكون عبر البقاء في المنازل».
 

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: لبنان