لبنان
الجيش يقضي على خلية لـ"داعش" شمالا.. وماكرون: المبادرة مستمرة
تناولت الصحف الصادرة صباح اليوم أبرز المواقف التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمره الصحفي مساء الأمس، والذي جدد فيه مبادرته المتعلقة بتشكيل حكومة لبنانية، مطلقا عدة مواقف من القوى السياسية اللبنانية، ويصوّب على حزب الله.
كما اهتمت الصحف بالحدث الأمني الذي شهده الشمال، حيث تمكن الجيش اللبناني والقوى الأمنية من القضاء على خلية تابعة لتنظيم "داعش" متعلقة بجريمة كفتون، إضافة لإفشال هجوم على مركز عرمان في المنية، سقط فيه شهيدان للجيش.
"الأخبار": هكذا فُكِّكت خلية كفتون: «داعش» تعتمد أساليب جديدة
أُبيدت «خلية كفتون». قُتِل أمير المجموعة محمد الحجّار مع ثمانية أفراد. وقُتِل يوسف خلف وعمر ابريص فيما أوقف أحمد الشامي. وهؤلاء الأربعة هم من نفّذوا جريمة كفتون على متن سيارة استعاروها من خالد التلّاوي (قُتل أيضاً) في ٢١ آب وقتلوا ثلاثة من أبناء البلدة. جميعهم أُجهِز عليهم باستثناء الشامي الذي أوقفته استخبارات الجيش قبل يومين. ووحده من يملك الحقيقة حيال ما كانت تنوي المجموعة تنفيذه في بلدة كفتون تلك الليلة، سواء بتأكيد المعطيات المتوافرة عن التخطيط لتنفيذ عمليات سرقة لتمويل أعمال إرهابية، أو تقديمه معطيات جديدة. وإلى أن تتكشّف الرواية الحقيقية، فإنّ تفاصيل هذه العملية تضع لبنان أمام سيناريو مغاير لجهة التحوّل في أسلوب عمل تنظيم داعش. إذ أنّ التدقيق في عدد أفراد الخلية يُظهر أنّها كبيرة مقارنة بالخلايا السابقة. فلدى استخبارات الجيش ١٦ موقوفاً وقتيلان (بريص والتلّاوي).
بينما لدى فرع المعلومات تسعة قتلى وخمسة موقوفين (ثلاثة منهم أساسيون بينهم اثنان كانا يعاونان المجموعة لوجستياً). أي ما مجموعه ٣٢ شخصاً. هذا في الشكل. أما في الأسلوب فقد كان لافتاً أنّ جميع أفراد الخلية رفضوا الاستسلام وقاتلوا حتى الموت. وما حصل ليل أول من أمس يجدر التوقّف عنده. إذ إنّ قوة كبيرة من فرع المعلومات حاصرت منزلاً نائياً تتحصّن فيه المجموعة المتشددة. طُلِب إلى أفرادها الاستسلام، إلا أنّهم رفضوا ليبدأ إطلاق النار. قاوم أفراد المجموعة بشراسة، وأطلقوا صاروخ لاو وقذائف أر بي جي باتجاه القوّة المهاجمة، وكانوا جميعاً يرتدون أحزمة ناسفة. وقد قامت القوة المهاجمة بتدمير قسم من المنزل على رؤوس المتحصّنين فيه، بعدما قنصت عدداً منهم. وإثر رفع الركام تبيّن أنّ عدد أفراد المجموعة الذين قُتلوا كانوا تسعة.
طبيب ومهندس بين أفراد خلية كفتون
وبالعودة إلى مسار العملية، فقد انقسم العمل إلى قسمين. الأول تولاه فرع المعلومات إثر ارتكاب جريمة كفتون في ٢١ آب الماضي. يومها لم تكد تمرّ أيام قليلة حتى تمكن الفرع من توقيف ثلاثة أشخاص، هم الفلسطيني إيهاب شاهين من مخيم البداوي ولبنانيان هما طبيب (أ. اسماعيل) ومهندس ميكانيك (ع.ب). الثلاثة كانوا طرف الخيط الذي قاد محققي المعلومات إلى باقي أفراد الخليّة. وقد حُدّد مجموعها بـ ١٨ شخصاً من جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية، ويوجد بحق ١٣ منهم أسبقيات بجرائم انتماء الى تنظيمات ارهابية وسبق أن أوقفوا بهذه التهمة. واعترف هؤلاء بتحضير عبوات واحزمة ناسفة اضافة الى شراء اسلحة خفيفة ومتوسطة وذخائر وقنابل يدوية بهدف التحضير لتنفيذ عمليات ارهابية تستهدف بعض المناطق اللبنانية، اضافة الى الجيش اللبناني والأجهزة الامنية والمخبرين العاملين لصالحهم. واعترف شاهين بأن أمير المجموعة نفّذ عمليات سلب لتغطية مصاريف الخلية وانه عَلِمَ بأن توجههم الى كفتون كان لهذه الغاية، وقد ساعدهم في ازالة لوحات السيارة قبل التوجه الى البلدة. كما تبين ان الموقوف نقل اعضاء المجموعة الى منطقة وادي خالد بعد الجريمة بناء لطلب من اميره محمد الحجّار. فيما اعترف الموقوف ع. ب. بأنه بايع تنظيم داعش وساعد في تصنيع الاحزمة الناسفة.
وفي 28/8/2020 ، نفّذ فرع المعلومات مداهمات في محلة حنيدر - وادي خالد، شملت ثلاثة منازل ومنشرة عائدة لأربعة من اعضاء الخلية من دون العثور عليهم، في حين صودرت كمية من الاسلحة الحربية والذخائر وألغام ارضية ومواد تستعمل في صناعة المتفجرات. وبحسب بيان قوى الأمن، بوشر بإجراء التحريات المكثفة من النواحي الاستعلامية والميدانية، وتبين بنتيجتها ان القسم الاكبر من اعضاء المجموعة، من بينهم اربعة من محلة وادي خالد، موجودة برفقة اميرها في امكنة مجهولة في المحلة المذكورة في حين ان قسماً منها يتواجد في امكنة سرية تقع في المناطق التي يقيمون فيها. أول من أمس، أوقف شخصان من منطقة وادي خالد صباحاً كانا تحت المراقبة لوجود معلومات بتأمينهما الدعم اللوجيستي لأعضاء المجموعة في المنزل الذي يتحصنون داخله. وبالتحقيق معهما تم التأكد من وجود اسلحة خفيفة ومتوسطة بحوزة افراد المجموعة إضافة الى كمية كبيرة من القنابل اليدوية وصواريخ لاو (LAW) واحزمة وعبوات ناسفة. وإثر ذلك، نفّذت القوة الضاربة في فرع المعلومات المداهمة.
تزامن ذلك مع تحقيق بدأته استخبارات الجيش تمكن من الوصول إلى من كان يُعتقد أنّه أمير المجموعة وهو خالد التلّاوي، قبل أن يتبين أنّ الأخير كان قد بايع الحجّار. وبحسب المصادر الأمنية، فإنّ مجموعة التلاّوي كانت مستقلة عن المجموعة الرئيسية، على اعتبار أنّه كان صلة الوصل. غير أنّ التحقيق مع الموقوف الشامي بيّن أنّه كان يعرف الحجّار. وعلمت «الأخبار» أنّ مصدراً بشرياً أوصل استخبارات الجيش إلى التلّاوي إثر ظهور السيارة التي نّفِّذت فيها جريمة كفتون على وسائل الإعلام. أما بريص، فقد هاجم على متن دراجته النارية مركز عرمان بالتزامن مع حصار المجموعة التي ينتسب إليها. وقتل عسكريين ولدى محاولته الدخول أُردي قتيلاً.
"البناء": ماكرون: لن نترك لبنان
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استمرار المبادرة الفرنسية تجاه لبنان والتي سبق وأعلنها في الأول من أيلول، وحمّل كل القوى السياسية بمن فيهم الرئيس سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقين مسؤولية فشل تشكيل الحكومة الجديدة، لأنها برأيه «فضّلت مصالحها الشخصية على مصالح لبنان وشعبه». وكشف أنه سيعمل على ترتيب مؤتمر جديد مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين للاستفادة من المساعدات الدولية للشعب اللبناني وفي قطاعات الصحة والغذاء والتعليم والمأوى.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس، للحديث عن الوضع اللبناني: «اعتقدوا أن باستطاعتهم فرض شروط حزب الله وشروط حزبهم لتشكيل حكومة تتعارض تماماً مع الالتزامات التي قطعوها في أول ايلول ورفضوا أي تسوية. وحزب الله ليس باستطاعته ان يكون جيشاً يحارب «إسرائيل» وميليشيا في سورية، وأن يكون في الوقت ذاته حزباً محترماً في لبنان، وهو أظهر العكس، وعليه أن يفهم أنه يخسر لبنان بأسره».
اضاف: «لكل هؤلاء أقول إن احداً لا يستطيع أن ينتصر على الآخرين، وأكرر انه كانت هناك خيانة جماعيّة لالتزام المسؤولين اللبنانيين بالعقد الذي تعهّدوا به، ويجب أن يتحملوا المسؤولية كاملة وهي ستكون ثقيلة، وعليهم أن يجيبوا الشعب اللبناني على ذلك».
وقال: يجب تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن لكن الإصلاحات ضرورية وهي الشرط الأكيد ليتمكّن لبنان من الحصول على المساعدة الدولية اللازمة.
اضاف: «من الآن وحتى نهاية تشرين الاول كما التزمت سابقاً، سنرتّب مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين مؤتمراً جديداً للاستفادة من المساعدات الدولية للشعب اللبناني وفي قطاعات الصحة والغذاء والتعليم والمأوى أيضاً. وهو التزام تجاه الشعب اللبناني وغير مشروط».
ورداً على سؤال قال ماكرون: «اعتقد أن الرئيس سعد الحريري أخطأ حينما أضاف معياراً طائفياً في توزيع الوزارات. وهذا الشرط الذي وضعه لم يكن جزءاً من خريطة الطريق الموضوعة وأضعف ايضاً الآلية الموضوعة، وطريقة العمل التي اختارها كانت غلطة، لكنه عاد وتراجع عن هذا الشرط ووافق على التسوية، حيث لم تكن هناك أي شروط طائفية في توزيع الحقائب الوزارية. كما ان امل وحزب الله تمسكا بتسمية وزرائهم وهذا أدى الى عدم التوصل الى التسوية والى عدم احترام المبادرة التي تعهّدوا بها. لكننا سنسعى مجدداً، واذا حصل فشل سيكون فشلهم وليس فشلي أنا».
معادلة منع الانهيار
وإذ ربط ماكرون تأليف الحكومة بالانتخابات الأميركية بشكل غير مباشر عبر تحديد مهلة إضافية خلال ستة أسابيع أي متزامنة مع توقيت الانتحابات الأميركية، علقت مصادر في فريق المقاومة على كلام ماكرون منتقدة أسلوبه وكأنه «مندوب سامي» على لبنان يوزع المسؤوليات ويوجّه الوصايا ويطلق التهديدات بما يشبه الانتداب الجديد، متوقفة عند التهديدات التي وجّهها الى الثنائي الشيعي بوضعهم امام خيارين اما التنازل في الملف الحكومي واما تحمل مسؤولية تدمير البلد، لكن بحسب ما تقول المصادر لـ«البناء» فإن ماكرون حاول أن يظهر بموقع الوسطي بين القوى السياسية ليبقى وسيطاً مقبولاً من الجميع وفي الوقت نفسه حاول إرضاء الأميركيين بانتقاداته لحزب الله ودوره ضد «اسرائيل» وفي سورية.
ولاحظت المصادر تغيراً في خطاب ماكرون تجاه حزب الله في زيارته الأولى والثانية الى لبنان حيث حاول استمالة الحزب بكلام ودي، وبين خطاب الأمس، واضعة هذا التغير في إطار الضغوط الاميركية على لبنان والموقف السعودي الأخير وإفشال الحزب وحلفاءه لحكومة «الخديعة» التي كان هدفها إقصاء الحزب والحلفاء والسيطرة على لبنان وقراره السياسي والمالي والاقتصادي.
وأكدت المصادر أن حزب الله وأمل لن يتنازلا عن حقهما في التمثيل في أي حكومة مقبلة وبالشراكة الميثاقية والدستورية في البلد مهما بلغت الضغوط ولن يسمحا بتسليم لبنان للخارج.
ورأت أن كلام ماكرون عن استمرار مبادرته الوحيدة المقبولة دولياً كما قال هي تعبير عن معادلة ستحكم لبنان حتى الانتخابات الاميركية وربما أكثر – مساعدات مالية لمنع الانهيار المالي والاقتصادي والفوضى الأمنية. وتوقعت استمرار الفراغ الحكومي لأشهر طويلة إذ لا مؤشرات او متغيرات تساهم في تسهيل التأليف بل الشروط نفسها في حال تمّ تكليف رئيس جديد. فالمسألة لا ترتبط بالشخص بل بأسلوب التأليف وشكل الحكومة وتوازناتها والمعادلة الحاكمة للبنان. علماً أن مصادر رئيس الجمهورية تشير لـ«البناء» الى أن «لا استشارات جديدة ولا تكليف بلا الاتفاق على سلة كاملة للحل من آليتي الاختيار وشخصية الرئيس وشكل الحكومة واسماء الوزراء والبيان الوزاري وإخراج رؤساء الحكومات السابقين من دائرة التأثير وإلا فخيار حكومة تصريف الاعمال ستبقى حتى نضوج التسوية الجديدة».
"اللواء": مأزق ما بعد اعتذار أديب
وبعد إعتذار الرئيس اديب عن تشكيل الحكومة للأسباب المعروفة، انكفأت القوى السياسية لمراجعة حساباتها وتحديد خياراتها للمرحلة المقبلة، حيث من المفروض العودة الى الاستشارات النيابية الملزمة بعد فترة قصيرة لتكليف شخصية اخرى تشكيل الحكومة. وستكون تجربة مصطفى اديب محل تقييم سياسي لدى الاطراف كافة.
وثمة من اقترح في الدائرة المقربة من الرئيس عون ان تجري عملية الاستشارات الاسبوع الحالي في ابعد تقدير، على ان يحصل لقاء مسبق بين عون والشخصية التي يتم الاتفاق على تكليفها من اجل تحديد التوجهات الكبرى للحكومة شكلاً ومضموناً، ويتم الاتفاق عليها مع الرئيس نبيه بري والقوى السياسية الاساسية، ليمر التكليف والتأليف بسلاسة. ولكن يبقى السؤال عن موقف الرئيس سعد الحريري وكتلته النيابية، والى اي حد سيتجاوب مع الرغبة في التسهيل والتراجع عن الشروط التي وضعت خلال اتصالات تشكيل حكومة الرئيس المعتذِر.
وقال مصادر سياسية لـ«اللواء» ان هناك وقتا اضافيا او تمديدا ان جاز القول للمبادرة الفرنسية لكن ذلك لا يعني الى ما شاء الله مؤكدة ان المسألة اضحت تتعلق بتعاطي الأطراف السياسية حيالها قبل نفاذ ذلك الوقت ورأت ان الاسابيع المقبلة كفيلة بتوضيح الصورة.
واعتبرت ان السعي لحكومة مهمة لا يزال الأساس او السقف الذي يتحكم بتأليف الحكومة. واوضحت ان تحديد موعد الأستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة يكلف تأليف الحكومة الجديدة ينتظر مشاورات الكتل والاتصالات الجديدة.
8 آذار: لحكومة سياسية
واشارت مصادر سياسية نافذة في فريق 8 آذار لـ«اللواء» انها، وبعد تقييم الموقف منذ تكليف السفير مصطفى اديب تأليف الحكومة الى لحظة اعتذاره، وما رافق ذلك من ملابسات، وتعقيدات، وخلصت الى ما يلي:
1 - التمسك بتشكيل حكومة سياسية بالكامل، وليس حكومة تكنوقراط او اخصائيين.
2 - عدم التمسك باعادة تكليف سعد الحريري الا بشروط واضحة.
3 - الاصرار على اعادة تفعيل حكومة تصريف الاعمال، حتى التوافق على شخصية لتأليف الحكومة تكون مستقلة.
4 - عدم الاستعداد لاعادة تجربة السفير اديب.. بأي شكل من الاشكال..
ورشح الرئيس نجيب ميقاتي مجددا الرئيس سعد الحريري لتأليف حكومة سياسية- تقنية، قوامها 20 وزيرا، 6 وزراء يمثلون الطوائف سياسياً، و14 وزيراً اخصائياً.
وحمل د. سمير جعجع «الثنائي الشيعي» مسؤولية اعتذار الرئيس مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة، وعرقلة المبادرة الفرنسية.
وتمنى جعجع على تيار «المستقبل» من جهة والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة اخرى، واي نائب للاستقالة من مجلس النواب من اجل الذهاب باتجاه انتخابات نيابية مبكرة، وعندها ستظهر الحقيقة على نصاعتها.
الحراك في الشارع
واستبق الناشطون المؤتمر الصحفي لماكرون، بقطع الطريق في جل الديب، في اشارة تضامني مع شهداء الجيش اللبناني والقوى الامنية الذين سقطوا في وادي خالد والمنية.. كما قطع شبان الاوتوستراد الشرقي في صيدا بالاطارات المشتعلة، ومستوعبات النفايات احتجاجاً على الوضع الاقتصادي والمعيشي.
"الجمهورية": إعـتذار أديب يعزّز المبادرة الفرنسية
وكان أديب فعلها واعتذر السبت الماضي لدى زيارته عون، فيما كل مسار التأليف كان ينبئ بهذه الخطوة خصوصا بعد تجاوز مهلة الأسبوعين ومراوحة العقد نفسها، فوصل إلى الحائط المسدود الذي دفعه إلى الاعتذار تجنبا لتكليف مفتوح على غرار ما كان يحصل دوما في تشكيل الحكومات.
وخلافا لكل السيناريوهات السلبية المتداولة بسبب الاعتذار، فإن هذه الخطوة يمكن ان تشكل دفعا للمبادرة الفرنسية، التي أعلنت كل القوى التمسك بها والالتزام بروحيتها في ظل غياب أي أفق آخر، ومرد هذا الدفع عائد إلى ثلاثة اعتبارات أساسية:
ـ الاعتبار الأول لكون الاعتذار وضع جميع القوى السياسية أمام الأمر الواقع الذي يقع في منزلة بين منزلتين: إما الانهيار وإما الإنقاذ، فيضطر كل فريق إلى إضافة بعض الماء على نبيذه؛
ـ الاعتبار الثاني لكون فرنسا صاحبة المبادرة ليست في وارد التراجع عنها، وقد زادها الاعتذار تمسكا بالمبادرة وسعيا إلى ترجمتها على أرض الواقع؛
ـ الاعتبار الثالث لكون جميع المعنيين بالتأليف سينطلقون من النقطة التي وصلت إليها الأمور عشية الاعتذار، حيث أصبحت العقد معلنة لا مضمرة، وبالتالي إمكانية حلها وتدوير الزوايا تصبح أسهل.
ولا شك انه ستنطلق من اليوم المشاورات السياسية التي تسبق دعوة رئيس الجمهورية إلى استشارات التكليف في ظل الحديث عن دعوة رئاسية الى لقاء حواري في بعبدا حول شكل الحكومة العتيدة وطبيعتها، ولم يعرف بعد ما إذا كان مسار التكليف الذي اعتمد مع تكليف أديب سيعاد اعتماده هو نفسه من خلال اختيار نادي رؤساء الحكومات لائحة بالمرشحين ليتم الاختيار من ضمنها، ولكن الأكيد ان لبنان ما زال يحظى بالغطاء الفرنسي وقوة الدفع الفرنسية لتأليف الحكومة العتيدة.
وقالت مصادر مشاركة في الاتصالات بان باريس لو تخلت عن مبادرتها لكانت بيروت في ورطة كبرى بسبب حدة الأزمة المالية وغياب اي أفق للحلول الداخلية، ولكن مع وجود الوسيط الفرنسي يمكن توقع تجاوز عراقيل التأليف وتعقيداته، إن كانت بطابع محلي او خارجي، حيث أبقت الإدارة الفرنسية خطوطها مفتوحة مع جميع المعنيين بتأليف الحكومة في لبنان، أكانوا قوى محلية أم خارجية، ولذلك لا يمكن القول ان الأمور مقفلة على رغم غياب الحلول للتعقيدات الثلاثة التي دفعت أديب إلى الاعتذار:
ـ التعقيد الأول المتمثِّل بالمداورة الشاملة والتي يؤدي كسرها في اي حقيبة إلى كسرها في كل الحقائب.
ـ التعقيد الثاني المتعلِّق بتسمية الكتل النيابية للوزراء في ظل وجهة نظر تقول ان التسمية تعني استنساخ الحكومة المستقيلة، وان مصير الحكومة العتيدة سيكون الفشل، فيما وجهة النظر الأخرى ترفض تسمية الوزراء من خارج المكون الممثل لها خشية من تحويل الاستثناء إلى قاعدة.
ـ التعقيد الثالث المتصل بحجم الحكومة في ظل مراوحة الخلاف بين من يريدها مصغرة من ١٤ وزيرا، وبين من يتمسك بحد أدنى من ٢٠ إلى ٢٤ وزيرا.
وفي انتظار ان تنطلق المشاورات السياسية بصورتها العملية تتصاعد المخاوف من انفلات السوق وخروج الدولار عن السيطرة وبما يؤدي إلى غضب شعبي وانفجار اجتماعي، ولذلك يجب الإسراع في إعطاء كل التطمينات بان الحكومة ستشكل قريبا من أحل ترييح الناس والأسواق، فيما التمسك بالمبادرة الفرنسية يشكل خطوة في هذا الاتجاه.
وفي موازاة النكسة الحكومية والنكسات السياسية والمالية تبقى القوى الأمنية وحدها الضمان للاستقرار الأمني الذي من دونه ينزلق لبنان إلى الفوضى، وعلى رغم من انها تتحرك وسط ظروف صعبة جدا، فإنها تحقق الانتصار تلو الانتصار على الإرهاب دفاعا عن لبنان واستقرار اللبنانيين.
جمود ما بعد الاعتذار
وعلى اثر اعتذار اديب لم تسجل اي لقاءات خلال عطلة نهاية الاسبوع. وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان القوى السياسية كافة انكفأت الى تقويم المرحلة التي طواها هذا الاعتذار وقراءة التطورات الجارية وانعكاساتها الداخلية والخارجية لتحديد مكامن الخلل في تصرفاتها وللفصل بين ما سجل على لائحة الربح أو الخسارة.
وفي بعبدا تابع رئيس الجمهورية ميشال عون رصد المواقف والنتائج التي افضت اليها مجمل الافكار التي رافقت مهمة اديب والاسباب التي قادت الى اعتذاره. ولفتت مصادر مطلعة الى ان عون باشر درس كل الخيارات التي يمكن ان يتخذها استعدادا للاستشارات النيابية الملزمة التي سيدعو اليها بعد اعتذار اديب.
وقالت المصادر لـ«الجمهورية» ان عون تتبع بالدقائق العملية التي نفذها الجيش والقوى الامنية في الشمال و»كانت ناجحة ونظيفة بكل المعايير الامنية والعسكرية واللوجستية».
على صعيد آخر علمت «الجمهورية» ان الرئيس عون الغى بعض اجتماعاته الموسعة اليوم ومنها اجتماع كبير كان سيجمع عشرات المسؤولين وكان مخصصا للبحث في الظروف التي ادى اليها انتشار جائحة الكورونا في البلاد.