لبنان
الشيخ الخطيب: سلاح المقاومة لتحرير أرضنا المحتلة ولردع العدو عن أطماعه
اعتبر نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى، الشيخ علي الخطيب، أن الإمام الحسين عليه السلام أصبح رمزا لكل قضية عادلة ولكل شعب ثائر.
وفي كلمنة له في ذكرى عاشوراء، استغرب الشيخ الخطيب كيف يطالب البعض بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني وهم في نفس الوقت يطلقون النار على أفراده الجيش ويعتدون على أرزاق الناس.
الشيخ الخطيب أكد أن المقاومة تحمل السلاح من أجل قضية محقة، وهي تحرير ما تبقى من أراض لبنانية تحت الاحتلال الصهيوني، وهذا السلاح لردع هذا العدو عن أطماعه في المياه والأراضي اللبنانية.
نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى أشار إلى أن اليعض في الداخل والخارج يريد طمس هذه الحقيقة وتصوير سلاح المقاومة أنه المشكلة، لافتا إلى أن هذه المحاولات ليست جديدة، وأن كل مقاومة للعدو توصف بأنها المشكلة، فكما اتهم الفلسطينييون لأنهم يدافعون عن أرضهم ويعملون على تحريرها، يتم اعتماد نفس الأسلوب اليوم ضد المقاومة في لبنان.
كما لفت الشيخ الخطيب إلى أن البعض في الداخل يحاول توريط المقاومة في فتن داخلية ويدفعها للمواجهة مع شعبها، مضيفا في هذا الاطار أن البعض في الداخل يحنّ لأيام المتصرفية والقائمقاميتين.
الشيخ الخطيب ذكّر بأن المقاومة أهدت الانتصارات لكل اللبنانيين، مضيفا أن انجازات المقاومة قوبلت بالاساءة إليها ولجمهورها من قبل البعض، وتابع قائلا في كل تاريخنا لم نوجه الاساءة لأحد وكان خطابنا لتقريب وجهات النظر بين الجميع.
النص الكامل لكلمة سماحته:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلّى اللّه على سيدنا محمد و آله الطيبين الطّاهرين.السّلام عليك سيدي ومولاي يا ابا عبداللّه وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك واناخت برحلك، عليك مني سلام اللّه ابدا ما بقيت وبقي اللّيل والنّهار ولا جعله اللّه آخر العهد مني لزيارتكم.السّلام على الحسين وعلى عليّ بن الحسين والسّلام على أبي الفضل العبّاس قمر بني هاشم وعلى الحوراء زينب بطلة كربلاء وعلى أنصار أبي عبد اللّه الذّين بذلوا مهجتهم في الدّفاع عن الحسين وآل بيته (ع).
يشكل اليوم العاشر من المحرم منعطفاً مهماً في تاريخ الإسلام وأسست ثورة الإمام الحسين(ع) لمسار جديد لهذا التاريخ. فبينما استطاع الأمويون إحداث إختراق خطير في جسم الأمة وانقلاب على مسار الرسالة في محاولة لإعادة الأمور جاهلية، تصدى الإمام الحسين(ع) لهذا الإنقلاب مقدماً نفسه وأهله وخيرة بنيه قرباناً في سبيل الدين وقد استطاع إلى حد كبير إحباط أهداف هذا الإنقلاب. لقد شكل اليوم العاشر نقطة الصدام العنيف بين هذين المشروعين نتيجة التصميم الأموي على إكمال مشروع الإنقلاب بإجبار الإمام الحسين (ع) على المبايعة ليزيد أو قتله. وهذا التصميم كشفه كتاب يزيد الذي حمله مروان بن الحكم لوالي المدينة "أن خذ البيعة من الحسين وإن أبى فاضرب عنقه". قابله تصميم آخر من الإمام الحسين(ع) في المواجهة والدفاع عن الإسلام وقيمه. لقد عبّر يزيد عن هذا النهج في الإنقلاب على الإسلام والإنتقام من بني هاشم بشكل واضح وصريح عندما انشد:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا القرم من ساداتكم وعدلنا ميل بدر فاعتدل
فأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تسل
لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
واردف سماحته...لقد استطاعت السلطة الأموية، بالإحتيال تارة وبالعنف أخرى، أن تذهب بعيداً في تحقيق هذا المأرب وأن تحرف المجتمع عن تعاليم الإسلام وأن تفسد ضمائرهم وتشيع المنكرات وتسكت أصوات المعارضة وقدمت أهل الفسق والإنحراف من سفلة المجتمع وأبعاد الصالحين وقتلهم وتشريدهم وقد عبر الإمام الحسين (ع) عن هذا الواقع في بيانه لمبررات ثورته "ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله". وقد بلغ الأمر بهم أن يخيروا الإمام الحسين (ع) بين السلة والذلة "ألا وإن هؤلاء قد ركزوا بين اثنتين بين السلة والذلة " فإما أن يبايع ويعطي المشروعية لهذا الإنحراف أو يعرض نفسه وأهله للقتل، والمبايعة مما يعني التسليم لبني أمية أنه لا خبر جاء ولا وحي نزل.
وقال: ان هذا التصميم من السلطة قابله التصميم من الإمام الحسين (ع) على الرفض فالمسألة مسألة إنتقام لبدر وحنين وهذا ما يفسر هذه الوحشية في التعامل مع آل البيت في كربلاء حيث ينادي المنادي لا تبقوا لأهل هذا البيت من باقية. وهذا هو الفرق بين منطقهم ومنطق الإمام الحسين (ع)، منطق الدعوة إلى الحق وبيان فداحة ما يرتكبونه في حق الإسلام والدين والأمة وصفات يزيد وبني أمية و إنحرافهم وارتكابهم للمحرمات والمنكرات.وعدوانهم على الناس واستضعافهم لهم وتصرفهم بمقدرات الأمة حسب أهوائهم وشهواتهم. لقد بلغت الأمور مرحلة اللاعودة وإن المعركة واقعة لا محالة. فالمعركة كانت بين قيم الإنسانية والدينية وبين قيم الجاهلية. لقد انتصر الجيش الأموي في هذه المعركة بباطله مؤقتاً وظاهراً ولكن النصر الحقيقي كتب لهذه القيم التي ضحى الإمام الحسين (ع) من أجلها لتكون درساً للحياة.
وتابع.... إن قضية الحسين(ع) هي قضية الحق، قضية الإنسان، قضية الكرامة الإنسانية وبهذه الشهادة الفريدة أصبح الإمام الحسين(ع) رمزاً لكل قضية عادلة ولكل شعب ثائر يريد أن يتحرر من الظلم يستمد منها القوة والعزيمة في صراعه مع الظالمين. وهنا أسأل ما هي القضية العادلة التي تحمل بعض الجماعات السلاح من أجلها. الذي ظهر أنّ هذا السلاح هو من أجل التخريب ومن أجل جر البلاد إلى الفتنة وتهديد السلم الأهلي. بعض الذين يدَّعون أنهم يريدون حصر السلاح بيد الدولة وبالأخص الجيش اللبناني، كيف يخرجون ويطلقون الرصاص بوجه عناصره تحت شعارات مذهبية ويهاجمون الآمنين في بيوتهم وينتهكون حرماتهم ويحرقون محلاتهم وبيوتهم. هذا غير مقبول على الإطلاق. من الذي يعوِّض على هؤلاء الذين إحترقت متاجرهم وبيوتهم. كل شيء يمكن أن يتسامح معه إلا كرامات الناس و أرزاق الناس وأمن الناس. الصرخة يجب أن توجه نحو هذا السلاح المتفلت بأيدي قطَّاع الطرق لا أن توجه إلى سلاح المقاومة.
واكد سماحته ان المقاومة تحمل السلاح من أجل قضية محقة ومهمة محقة من أجل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية لا زال يحتلها العدو ومن أجل ردع هذا العدو عن الإعتداء على سيادة لبنان الذي لم يتخل عن أطماعه بالمياه والأراضي اللبنانية. يريد بعض الداخل والخارج طمس هذه الحقيقة وتصوير سلاح المقاومة بأنه المشكلة وهذه المحاولات ليست جديدة وإنما مستمرة منذ أن وجد الإحتلال لفلسطين ووجدت مقاومة له. فكل مقاومة تُوَصَّفْ من قبل هذا العدو ويطلق عليها بأنها إرهاب. لقد إُتهم الفلسطينيون المقاومون بأنهم إرهابيون لأنهم يدافعون عن أنفسهم وعن أرضهم ويعملون من أجل تحريرها. وهو نفس الأسلوب يستخدم اليوم في لبنان وللأسف دائماً هناك في الداخل من يرفع نفس الشعار ويوجه الإتهام إلى المقاومة ويختلق معها معارك وهمية. ويحاول توريطها بمشاكل وفتن في الداخل مع بيئتها ومع شعبها ومع كل اللبنانيين لأن إنتصار المقاومة يقضي على أحلام البعض من أمراء الطوائف الذين يحنون إلى أيام المتصرفية والقائمقاميتين فوجود إسرائيل يحقق لهم هذه الأحلام وإلا فليعطونا مبرراً واحداً وسبباً حقيقياً لهذا العداء ولهذا التجييش ضد المقاومة التي أهدت إنتصاراتها لجميع اللبنانيين ولم تستثمر ذلك في الداخل ومع ذلك قوبلت إنجازاتها بالإساءة إليها وإلى شهدائها وإلى رموزها الدينية واستفزاز جمهورها، وعمل البعض وبشكل ممنهج وغير مألوف على إيجاد حالة من الحقد والعداء بين جمهوره بشكل غير مبرر دون أن تسيئ المقاومة لأحد ولا لمقدسات أحد ليس الآن فقط بل وفي كل تاريخنا لم نسء لأحد على الإطلاق ولم نشترك في حرب داخلية ضد أحد ولم نقبل بعزل أحد وكان خطابنا دائماً خطاب محبة وتقريب وجهات النظر والبحث عن خطاب جامع على كلمة سواء وأعيدكم إلى خطاب الإمام موسى الصدر بالدعوة إلى التآلف وإلى التعاون وعدم التفريط بالعيش المشترك وعدم الإنجرار إلى الإقتتال الداخلي وعبارته المشهورة "سلام لبنان الداخلي أفضل وجوه الحرب مع إسرائيل".ومن أجل ذلك تآمر عليه أعداء لبنان واختطفوه من ساحة جهاده.
واردف...هذه أيها الأخوة هي حقيقة المشكلة اللبنانية وهي مستمرة منذ زمن وكلما فشل البعض في تحقيق أحلامه يؤجل الأمور بحلول مؤقتة ليستعيد فيها أنفاسه لفرصة أخرى، فإذا لاحت هذه الفرصة أعاد المشكلة من جديد وهو ما يحصل اليوم ولذلك لا يتم البحث عن حلول دائمة للمشكلة اللبنانية وإنما يصار إلى ترقيع هذا النظام وإيجاد صيغ قابلة دائماً للتفجير وهو مقصود من أطراف النظام ذاته بالإتفاق مع القوى الخارجية التي هي شريكة في وضع هذه الصيغ.
وختم بالقول...ان التفسير الوحيد هو الذي قلناه أن المطلوب هو تحقيق صفقة القرن التي سميت كذلك للإيهام بأنها صيغة جديدة، والحقيقة أن هذا ما رسم منذ تقسيم المنطقة واغتصاب فلسطين والعمل كان دائماً لإيجاد المحيط الآمن لما يسمى بإسرائيل بتشكيل مجموعة من الدويلات الطائفية تُؤمِّن الحماية لهذا الكيان وتحتمي هي بدورها به، يعني مصالح متبادلة. هذا هو المشروع القديم الجديد. وكل الحروب الداخلية يتم إيجاد أسبابها من داخل هذا النظام للوصول إلى هذا الهدف وإعطاء مبرر للتدخل الخارجي بتصوير اللبنانيين شعوباً لا يمكن أن تتعايش معاً وأن الحل الوحيد هو التقسيم وهذا ما نعتبره من أعظم المحرمات ولا يمكن القبول به أبداً.لذلك نحن نأمل من هذه التحركات السياسية والمحاولات الداخلية والخارجية لجمع اللبنانيين واخراجهم من هذا الوضع الذي اصبح عليه البلد، أن يتم التوافق على صيغة دائمة تطمئن جميع اللبنانيين وتقطع الطريق بشكل نهائي على أي محاولة لإعادة الأمور إلى نقطة البداية.أعظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب ابي عبدالله الحسين (ع) وتقبّل الله أعمالكم والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024