معركة أولي البأس

لبنان

العدو يقرر التنقيب قرب
29/06/2020

العدو يقرر التنقيب قرب "البلوك9".. والخارجية تستدعي سفيرة واشنطن

مرّت أزمة رغيف الخبز منذ يومين وأعطت صورة عما يمكن أن يكون عليه المشهد اليومي في حال انقطاع الخبز، حيث طوابير المواطنين التي تجمعت أمام الأفران بعد توقيف الأخيرة للتوزيع يوم السبت، على أن يعقد اليوم اجتماع بهذا الخصوص بين المعنيين لمحاولة الوصول إلى حل.
وفي ظل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار وما يترتب عليه من أزمات اقتصادية واجتماعية ومعيشية، برز حدثان على الساحة، الأول تمثل بقرار القاضي محمد مازح بحق السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا على خلفية تدخلاتها بالشأن المحلي، وما تبعه من ردود أفعال وتداعيات، على ان تحضر شيا اليوم إلى وزارة الخارجية بعد ان استدعاها الوزير أمس.
أما الحدث الآخر فهو قرار حكومة العدو الصهيوني باعطاء التراخيص للبدء بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الحدودية مع البلوك رقم 9، في إشارة واضحة للضغط على لبنان من أجل الذهاب إلى التفاوض تحت الحصار لتقديم تنازلات لصالح الكيان.

 

"الأخبار": التنقيب على حافة الحدود

فيما الضغط الأميركي مُستمر ولا يقبَل العودة عن هدف القضاء على المقاومة، داهَم المشهد اللبناني أمس قرار الحكومة «الإسرائيلية» (نقله موقِع «إسرائيل ديفنس»)، عن منح تراخيص للتنقيب عن الغاز في بلوك «ألون د»، الذي يقَع في مُحاذاة البلوك 9 في الجانب اللبناني. تقنياً (وبحسب الخرائط) لا يُمكِن اعتبار القرار بمثابة اعتداء على لبنان، لكون الموقِع المذكور لا يدخُل ضمن نطاق المنطقة المتنازَع عليها. سياسياً، الأكيد أن «لا حرب»، ولكن «ضغط في اتجاه جرّ لبنان إلى التفاوض من جديد تحتَ الحصار» على ما تقول مصادِر مطلعة.

منذ اكتشاف الثروة النفطية في البحر، تحوّلت الحدود اللبنانية البحرية مع فلسطين المحتلّة إلى جبهة جديدة، في ظلّ محاولة «إسرائيل» السطوَ على مساحة كبيرة من المياه اللبنانية، إلى أن تقرّر الشروع في مفاوضات غير مباشرة برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة ووساطة أميركيتين لم تصِل إلى خواتيمها. تجمّد الملف منذ نحو عام، إذ لم يستكمِل مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر تذليل العقبات التي توقفت عندها المباحثات التي قادها سلفه ديفيد ساترفيلد، وأبرزها تلازم الترسيم بينَ البرّ والبحر، وهو ما رفضته «إسرائيل» وأميركا.

في لبنان كانَ ثمة من يُجاري أميركا في وجهة نظرها: الذهاب الى الترسيم البحري وترك البرّ إلى وقتٍ لاحق، والاستفادة من هذا الاتفاق بحجة أنه «سيعود بالخير على لبنان». تكفّل رئيس الحكومة السابِق سعد الحريري بتسويق الفكرة بعدَ لقاءات جمعته بمسؤولين أميركيين، عادَ بعدها ليحاول إقناع الداخل بسحب ملف التفاوض من رئيس مجلس النواب نبيه بري ليكون في عهدة حكومته. تحدّث الحريري إلى حزب الله أكثر من مرة، مؤكداً أن «صديقه جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعده بعوائد مالية، وهو يريد أن يقدّم له هدية في المنطقة». لم تحظَ هذه الفكرة بأي فرصة عند حزب الله الذي أكد للحريري أن «الملف كان وسيبقى في عين التينة». فشِل انتداب الأميركيين للحريري بهذه المهمّة، لكنهم عادوا ليستكملوها مع آخرين.

حملَت الأسابيع الأخيرة المزيد من كشف الأوراق حيال الحصار الذي تشنّه أميركا على لبنان، والتي تكشّفت أكثر فأكثر على لسان مسؤوليها، من وزير الخارجية مايك بومبيو ومساعده شينكر، وصولاً إلى السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، وصبّت جميعها في الإطار نفسه: رفع الحصار مرهون بقبول لبنان بالشروط الأميركية، المُعلن عنها هو الانقلاب على حزب الله. لكن ما لم يُحكَ في العلن حتى الآن، ورد في الملف الذي حملته شيا معها في لقاءاتها مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، تحديداً إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل (راجع «الأخبار»، 18 حزيران 2020)، وكانت شيّا صريحة في قولها بأن «حلّ الملف أو إعادة إحياء التفاوض سينعكس ايجاباً على البلاد وسيخفّف الضغط عنها». وكانَ لافتاً، بعدَ جسّ النبض الذي قامت به السفيرة شيا، تحرّك من بعبدا في اتجاه عين التينة يحمِل رسالة نقلها عدد من الوسطاء، من بينهم المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، تتضمّن رغبة الرئيس عون في استرداد ملف التفاوض وإدارته بنفسه، لأن «الدستور خصّ رئيس الجمهورية بحق التفاوض مع الدول الأجنبية». وكانَ جواب بري أقرب إلى «سنرى».


"البناء": نفي حكومي للاعتذار من «السفيرة» …وحتّي استدعاها ‏للاحتجاج
على صعيد آخر، خطف قرار قاضي الأمور المستعجلة في صور ​محمد مازح​ الأضواء، وقضى القرار بـ«منع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم إلكترونية، من إجراء أي ​مقابلة​ مع ​السفيرة الأميركية​ أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة».

وفي وقت أفيد بأنّ التفتيش القضائي سيستدعي القاضي مازح لاستجوابه حول قراره، أعلن مازح أنه سيقدم استقالته من منصبه، في حال تمّ استدعاؤه. وقال: «لن أقبل بالمثول أمام ​هيئة التفتيش القضائي​»، مشيراً الى أنّ «بيان الاستقالة جاهز وسأعلنه فور إبلاغي بالمثول أمام هيئة التفتيش القضائي​​​​​​​». إلا أنّ مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات نفى ذلك، موضحاً أنّ الأمر سيُبحث في مجلس القضاء الأعلى لاتخاذ الموقف المناسب.

وأشار القاضي مازح لـ»البناء» إلى أنّ القضية اتخذت أبعاداً أكثر مما تحتمل وأكثر من الهدف المرجو منها. ونفى مازح ما تمّ تداوله عن تسلُّمه كتاباً من التفتيش القضائي لاستدعائه بسبب قراره، وشدّد على أنّ «القرار قانوني ولا يشوبه أي خطأ»، وقال: «إنني  لستُ ضدّ السفيرة الأميركية ولا ضدّ الشعب الأميركي، بل إنّ الموضوع قضائي بحت ولم أمنع السفيرة الأميركية من التصريح ولا يحقّ لي ذلك في القانون، بل منعت وسائل الاعلام من نقل أي مقابلة لها يمكن أن تؤدي إلى وقوع فتنة»، مضيفاً: «يحق لقاضي الأمور المستعجلة اتخاذ قرار أو تدبير درءاً للفتنة». وأوضح القاضي مازح أنّ «هذا القرار هو تدبير مؤقت وإذا توقّفت السفيرة الأميركية عن التصريح والتدخل في الشؤون اللبنانية، من الممكن الرجوع عن القرار». وقال: «لو أنّ أي سفير من طرف آخر أساء إلى السلم الأهلي سأتخذ القرار نفسه من منطلق وطني وقانوني».

وجاء قرار القاضي مازح بعد سلسلة من التصريحات الاستفزازية للسفيرة الأميركية التي شكلت تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية اللبنانية وخرقاً للسيادة. في حين أجرى مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي اتصالاً بالسفيرة الأميركية موضحاً لها أنّ القرار الصادر عن القاضي مازح قضائي وليس بإيعاز سياسي رسمي. وخلال الاتصال، أبلغ جريصاتي السفيرة الأميركية أنّ لبنان ملتزم معاهدة فيينا لسنة ١٩٦١ التي ترعى التبادل الدبلوماسي بين الدول، وأنّ أي قرار رسمي يُبلغ لأي سفير عبر وزير الخارجية والمغتربين، حسب الأصول الدبلوماسية المرعية في العلاقات بين الدول.

ولم تنفِ مصادر بعبدا أو تؤكد اتصال الوزير جريصاتي بشيا، مشيرة لـ»البناء» إلى أنه وإن حصل اتصال من الوزير جريصاتي والسفيرة الأميركية فيوضع في خانة التوضيح لها في موضوع قرار القاضي وليس من باب الاعتذار، لكن لم يصدر أي موقف رسمي من القصر الجمهوري حول هذا الأمر. ولفتت المصادر إلى أنّ «استيضاح السفيرة الأميركية من صلاحية وزارة الخارجية ضمن الأصول الدبلوماسية بين الدول، لكن هذا لا يمنع أن تكون هناك مبادرة من قصر بعبدا».

وفيما نفت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد أن تكون الحكومة قد اعتذرت من شيا وذلك بعد اتصالها برئيس الحكومة حسان دياب، كانت لافتة كثافة التصريحات الإعلامية للسفيرة الأميركية​ في ​​لبنان​​ بعد القرار القضائي بحقها، ما فُسِّر على أنه تحدٍّ للقضاء وللدولة اللبنانية.​ واعتبرت شيا في حديث تلفزيوني، أنّ وزيرة الإعلام لا تملك معلومات و​السفارة​ ستدعو الحكومة لتتحدث عن نفسها»، مؤكدة أنها «تلقت ​اتصالاً​ هاتفياً من مسؤول رفيع المستوى في ​الحكومة اللبنانية، وقدم اعتذاراً عن الحكم غير الملائم، وأكدت أنّ الحكومة ستتخذ الخطوات المناسبة لإبطاله».

وقالت شيا: «عندما ذكرت في إحدى المقابلات التلفزيونية أنّ كلام أمين عام ​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ تهديد غير لائق وهجومي ربما شعر الحزب أنه مهدّد لأنني سلطت ​الضوء​ على أفعاله التي أثّرت على لبنان».

وفي حين أعلنت وزارة الخارجية أنها ستسدعي شيا اليوم إلى وزارة الخارجية لاستيضاحها حول القضية، دعت مصادر نيابية وزير الخارجية إلى إبلاغ شيا رسالة إنذار لكي لا تكرّر تصريحاتها المستفزة بحقّ الشعب اللبناني وتدخلها الدائم في الشؤون اللبنانية». وأيّدت المصادر القرار القضائي، ولفتت لـ»البناء» إلى «أنّ السفراء لديهم حرية الحركة والتنقل في البلد المضيف لكن ضمن ضوابط حدود السيادة». وأوضحت «أنّ هذا التدخل الأميركي يثير نعرات طائفية وسياسية وتحريض فئات من الشعب على أخرى، ويشجع على أعمال العنف من خلال تحميل فريق لبناني سياسي مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلد».

واعتبرت المصادر عينها أنّ «قرار القاضي مازح لم يتجاوز حدوده، ولم يوجه إلى السفيرة الأميركية، بل هو محصور بالموضوع الإعلامي، لكي لا يكون الإعلام أداة للفتنة». وسألت المصادر «الذين يتحدثون عن استقلالية القضاء وهم يقاربون الموضوع في ظل المعايير المزدوجة».

وكان لافتاً تنطُّح الأدوات الأميركية في لبنان للدفاع عن شيا والهجوم على القرار القضائي، ما يفضح خضوع هؤلاء للإملاءات الأميركية، فيما يدّعون السيادة والاستقلال ليلاً نهاراً. كما برز موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي في الدفاع عن السفيرة الأميركية وانتقاد القرار القضائي، في حين لم ينطق ببنت شفة حيال خرق السفيرة السيادة اللبنانية!.


"الجمهورية": دولار ومحروقات وخبز

إقتصادياً ومالياً، يفتتح الاسبوع على أزمات ومشكلات تراكمت في الايام القليلة الماضية، ووصلت الى حد الانفجار. من أزمة استمرار انهيار الليرة، وقد تجاوزَ سعر صرف الدولار الـ7 آلاف ليرة ولامَس عتبة الـ8 آلاف في عطلة نهاية الاسبوع، مروراً بأزمة الخبز التي أدّت الى تهافت المواطنين على الافران في موقف إذلال جديد يتعرضون له، وصولاً الى أزمة البنزين والمازوت، وهي أزمة قائمة منذ فترة، مرّة يشحّ البنزين، وأخرى يشحّ المازوت ويُرفع سعره بطريقة غير شرعية، ومرة تُفقد المادتان من السوق بذرائع وحجج متعددة، ولو انّ النتيجة واحدة.

وفي موازاة متابعة كل هذه الملفات، سيكون سعر الدولار هو نجم الاحداث، خصوصاً بعد الاجتماع الطارئ للحكومة، والذي صدرت عنه مقررات تَشاركَ في تلاوة تفاصيلها كل من وزير الاقتصاد راوول نعمة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.

وتتخوّف أوساط مالية متابعة من تعرّض مصرف لبنان لضغوط سياسية إضافية تُجبره على ضَخ مزيد من احتياطه من العملات الصعبة في السوق الذي سيلتهمها بلا نتيجة تُذكر. وما زاد في المخاوف، هو الاعلان عن قرارٍ بدعم لائحة طويلة من المواد الاستهلاكية قد تصل الى 200 صنف. صحيح أنّ هذا القرار من شأنه أن يوقِف ارتفاع اسعار هذه السلع، ويوقِف تدحرج القدرة الشرائية للمواطن، لكنّ تمويل دعم لائحة من 200 صنف استهلاكي قد يحتّم لجوء مصرف لبنان المركزي الى استخدام مزيد من احتياطي الدولار لديه. وهذا الوضع يُسرّع في نفاد هذا الاحتياطي الذي يُفترض أن يكفي البلد الى حين تكون خطة الانقاذ قد أقلعت.

لا محاولة اغتيال
من جهة ثانية شرحت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» ملابسات الحادث الذي كشفت عنه قناة «العربية ـ الحدث»، والذي وقع بالتزامن مع الزيارة الأخيرة للرئيس سعد الحريري الى البقاع، ولقائه مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس.

ووفق رواية هذه المصادر فإنّ ما حصل لا يندرج في إطار محاولة اغتيال لرئيس تيار «المستقبل»، «بل انّ السيناريو الأرجح، والمُستند الى تقاطع معلومات، هو أن مسيّرة إسرائيلية كانت تحلّق في الاجواء حينها حيث جرى إطلاق صاروخ من الارض في اتجاهها لكنه لم يصبها، وذلك بالترافق مع مرور موكب الحريري في المنطقة».

وصدر مساء أمس عن المكتب الاعلامي للحريري البيان الآتي:

«تعليقاً على ما أوردته قناة «الحدث» في شأن زيارة الرئيس الحريري الى البقاع قبل 11 يوماً، انّ المعلومات التي وردت في التقرير صحيحة اجمالاً، الّا انه ومنعاً للتأويل الجاري، خصوصاً على منصّات التواصل الاجتماعي، يهمّ المكتب الاعلامي ان يوضح ما يلي: لقد تبلّغ الرئيس الحريري من الاجهزة الامنية المعنية بحصول انفجار في المنطقة في اليوم نفسه، الّا انه بما انّ الموكب لم يتعرض لأيّ اعتداء، ومنعاً لأي استغلال في ظل التشنج السائد، كان قراره التكتّم على الأمر وانتظار نتائج تحقيقات الاجهزة الامنية المختصة».

وليلاً، أصدرت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بياناً أوضحت من خلاله أنّه «بتاريخ 17 الحالي، وتزامناً مع وجود الرئيس سعد الحريري في منطقة البقاع الأوسط، شاهَد أحد المواطنين انفجار جسم غريب في الجو وسقوطه على الارض، فعمد الى الابلاغ عن ذلك.

وبناء عليه، تم اتخاذ الاجراءات العملانية المباشرة بحيث بدأت شعبة المعلومات التحقيقات بإشراف القضاء المختص وبسرية تامّة حرصاً على عدم استغلال الحادث بسبب الاوضاع السائدة في البلاد، كونه قد تَبيّن انّ موكب الرئيس سعد الحريري لم يتعرّض لأيّ حادث مباشر أثناء تواجده في المنطقة التي كان يقوم بزيارتها. ومنذ تاريخ حصول الحادث ما زالت التحقيقات مستمرة وبسرية تامة تَوصّلاً لبيان كل المعطيات المحيطة بما جرى في المنطقة في ذلك الحين. وعليه، تطلب هذه المديرية من وسائل الاعلام تَوخّي الدقة والحذر وعدم تبنّي أي روايات قبل التوصّل الى نتائج نهائية في التحقيقات.


"الديار": أربعة تريليون ليرة لبنانية عجز الخزينة في الأشهر الخمسة الأولى من 2020

على الصعيد المالي، بلغ عجز الموازنة في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2020 ما يوازي 4000 مليار ليرة لبنانية (منها 1360 مليار ليرة في شهر أيار فقط) مقارنة بـ 3597 مليار ليرة لبنانية على الفترة نفسها من العام الماضي! وبالنظر إلى تفاصيل الإنفاق في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2020 (كانون الثاني إلى نيسان)، نرى أن الإنفاق العام إرتفع إلى 7380 مليار ليرة مقارنة بـ 7279 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام 2019! أمّا الإيرادات فقد تراجعت من 5217 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام 2019، إلى 4740 مليار ليرة في العام 2020. وهنا تُطرح الأسئلة الجوهرية التالية: ما هي قيمة عجز الموازنة في نهاية هذا العام؟ وكيف ستمّول الحكومة هذا العجز؟

بالتزامن مع تسجيل هذه الأرقام الكارثية، كان مُلفتًا تصريح رئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا من أنه «لا يوجد سبب بعد لتوقّع حدوث إنفراج في الأزمة الإقتصادية في لبنان». هذا الكلام الذي أتى بعد إنقضاء ثمانية عشر جولة من المفاوضات بين الدولة اللبنانية والصندوق، يعني أن المفاوضات هي أمام حائط مسدود ومن المتوقّع أن يكون للبعد السياسي تأثير كبير في هذه المفاوضات خصوصًا أنه من الظاهر أن الحكومة لا تملك التوكيل من القوى السياسية الداعمة لها للقيام بهذه المفاوضات.

 عجز الموازنة وعجز الحكومة

كان من المنتظر من الحكومة أن تعمد في ظل تقاطع خمسة أزمات (صحية، مالية، نقدية، إقتصادية وسياسية) أن تعمد إلى خفض الإنفاق العام خصوصًا أن التعبئة العامّة التي أعلنتها والتي أدّت إلى وقف النشاط الإقتصادي قلّلت من إيرادات الخزينة. إلا أنه وبحسب الأرقام بلغ الإنفاق العام في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2020، 7380 مليار ليرة مقارنة بـ 7279 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام 2019 أي بزيادة 1.4%! هذا الأمر لا يُمكن تفهمه نظرا إلى أن حكومة الرئيس حسّان دياب تشكّلت في 21 كانون الثاني 2020 وأخذت الثقة في 11 شباط 2020، مما يعني أنه في أسوأ الأحوال كان على الحكومة خفض الإنفاق في الأشهر التي تلت! وبالنظر إلى الإنفاق الشهري في شباط، أذار ونيسان من العام 2020 نرى أن الإنفاق إنخفض بنسبة قليلة جدًا (148 مليار ليرة في شباط، 59 مليار ليرة في أذار، 425 مليار ليرة في نيسان). وهنا نطرح السؤال: أين تمّ إنفاق هذه الأموال في حين أن البلد كان في حال تعبئة عامّة بدأت في 15 أذار 2020؟

لذا نستنتج من هذه الأرقام أن الإجراءات الحكومية للجم الإنفاق لم تكن على المستوى المطلوب لا بل على العكس أسهمت الحكومة في زيادة العجز منذ حصولها على الثقة من المجلس النيابي وعلى هذا المُعدّل يُتوقّع أن يصل العجز في أخر هذا العام إلى 9600 مليار ليرة لبنانية (9.6 تريليون ليرة) أي أنه سيبلغ 12.2% من الناتج المحلّي الإجمالي المُتوقّع في الخطة الحكومية للعام 2020 (87.7 تريليون ليرة لبنانية)!

ويبقى السؤال الأساسي: من أين ستموّل الحكومة اللبنانية هذا العجز؟ في الواقع من يموّل هذا العجز هو مصرف لبنان. نعم مصرف لبنان يموّل الدولة اللبنانية وإنفاقها لأنه لا توجد أية خيارات ثانية أمام الحكومة وهي العاجزة عن إيجاد مخرج للأزمة الحالية. وبحسب الأرقام المتوافرة، يخرج من مصرف لبنان ما بين 1.5 إلى 2 تريليون ليرة لبنانية شهريًا لتغذية عجز الحكومة وفي نفس الوقت تلبية طلب المودعين. هذا الرقم مخيف ويزيد من الضغط على الليرة اللبنانية بشكل غير مسبوق.

وزارة الخارجية اللبنانيةدوروثي شيا

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة