لبنان
اجتماع بعبدا يحسم .. أرقام الحكومة هي الرسمية في مفاوضات صندوق النقد
طغى الشأن المالي على اهتمامات الصحف اللبنانية اليوم، لا سيما ما يتعلق بالمفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، وحسم رئيس الجمهورية لأن تكون الأرقام الواردة في خطة الحكومة الاصلاحية المالية هي المعتمدة رسميا، والذي جاء بعد اجتماع مالي أمس في بعبدا.
وتبرز اشكالية في المفاوضات بين مطلب الدولة اللبنانية بأن تصرف القروض من قبل الصندوق الدولي اولا ويليه تحرير سعر صرف الليرة، مقابل طلب معاكس من قبل صندوق النقد.
وفي وقت عاد الدولار للارتفاع متخطيا الـ4000 ليرة لبنانية، عكست أجواء عين التينة قلقا من أحداث يوم السبت الفائت، والتي رأت فيها "بروفة" لما هو أخطر.
"الأخبار": أيّهما أولاً القروض أم تحرير الليرة؟
صحيفة "الأخبار" رأت أن الحوار بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي يواجه إشكالية، تبدو حتى الآن غير قابلة للحل. كلا الطرفين ينطلق من ثابتة مرتبطة بالليرة اللبنانية لا يتزحزح عنها، ولا يتصرّف حيال الآخر بتساهل. طلب صندوق النقد تحرير سعر صرفها للفور، كي يتمكن من تقدير القروض التي يمكنه أن يقدمها للبنان من ضمن تصوّره للاصلاحات. في المقابل اجاب الوفد اللبناني المفاوض بمعادلة معاكسة، مفادها ان القروض التي يمكن ان يقدمها صندوق النقد تتيح للدولة اللبنانية تقدير موعد تحرير سعر صرف الليرة. الفريق الاول يربط القروض بتحرير سعر الصرف اولاً وللفور، بينما الثاني يضعه في مرحلة لاحقة للقروض التي يدرجها في رأس اولوياته.
اضافت وجهة نظر الوفد المفاوض اللبناني بلسان وزير المال غازي وزني، ان حصول لبنان على 10 مليارات دولار مقسّطة على ثلاث سنوات يجعل تحرير سعر صرف الليرة متاحاً عام 2021، لكن على مراحل، بحيث يصير الى تطبيقه بمرونة وتدرّج.
لا تزال الاشكالية هذه شائكة وقائمة، وإن لا تبدو وحدها عثرة في طريق تقدم المفاوضات بين الطرفين. الى تحرير سعر صرف الليرة، يطلب الصندوق شرطين مهمين آخرين، هما معالجة المالية العامة للدولة عبر عجزي الخزينة وميزان المدفوعات، ومباشرة اصلاحات بنيوية اساسية اولها الكهرباء والجمارك والتهرب الضريبي، ولا تنتهي برفع الدعم عن الخدمات الاساسية وفرض ضرائب صارمة.
على نحو كهذا يتواصل التفاوض بتقطع. تقني بحت يكتفي بلغة الارقام، في وقت تجري فيه مناقشات مسهبة في اوساط مسؤولين كبار عن الحاجة الى مواكبة التفاوض التقني بمظلة سياسية، لا تزال متعثرة الى الآن. بمقدار ما تكمن مشكلة الانهيارين النقدي والاقتصادي في ارقامهما، تقيم المشكلة السياسية في صلبهما، كون المرجعية الفعلية لهذين الانهيارين تتركز على التوالي على الطبقة الحاكمة ومصرف لبنان. ما يشترطه الصندوق من اصلاحات لتقديم القروض يُصوَّر لدى المتحمسين لدوره على أنه اشبه بمَن يمدّ يده الى ما اضحى قطاعات موزّعة على الطبقة الحاكمة: الكهرباء والاتصالات والمرافق والمعابر الحدودية. لذا سهل على اكثر من فريق تفسير مهمة الصندوق على انها تستهدفه هو بالذات لانتزاع هذا الامتياز، ما يفضي الى تعذر الخوض في سبل توفير المظلة السياسية للتفاوض التقني.
ما بات معلوماً ان المهمة المنوطة بحكومة الرئيس حسان دياب، بازاء التفاوض مع صندوق النقد، الاكتفاء بالدور التقني، فيما يُعزى القرار السياسي الى الكتل التي اتت بها. المشكلة نفسها يطرحها التعامل مع خطة ماكينزي. رغم ان حكومة الرئيس سعد الحريري ومن بعدها حكومة دياب تبنتاها، لما تزل حبراً على ورق، ولم يصر الى وضع آلية تطبيقية لها، على اهمية اقتراحاتها لولوج الاقتصاد المنتج، الملازم للاصلاحات البنيوية.
ما يشترطه صندوق النقد يمس قطاعات استولت عليها الطبقة الحاكمة
لم يكن الموقف المترجرج من سعر صرف الليرة الا احد اعراض الازمة المستعصية. في المسودة التي سُرّبت الى وسائل الاعلام قبل اسابيع، ودحضت حكومة دياب صحتها، ورد تحرير سعر صرف الليرة فوراً وفي هذه السنة بالذات، وهو الشرط الرئيسي لصندوق النقد الذي اقترن آنذاك بلفت المسؤولين اللبنانيين الى نجاح التجربة المصرية وضرورة الاقتداء بها. استجابت حكومة دياب لهذا الشرط ثم تخلت عنه، بعدما اعترض عليه الرئيس نبيه برّي، وخصوصاً استعجال اجرائه وتداعياته على الحياة اليومية للبنانيين في المرحلة الحالية. اخرجه وزير المال من الخطة الاصلاحية، فشُطب كي يصبح الموقف الرسمي للمفاوض اللبناني من تحرير سعر صرف الليرة رهن شرطين متلازمين: تحرير مرن متدرج على امتداد اشهر، والحصول سلفاً على قرض اول من صندوق النقد.
في تقدير المنادين، من بين المسؤولين الكبار، بمظلة سياسية موازية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي اسباب شتى:
1 - رغم الحاجة الى صندوق النقد واستمرار التفاوض معه، وهو في الاصل معتاد التفاوض الطويل المدى وإن بنتائج قليلة الاهمية، الا ان ثمة مَن بات يعتقد في الحكم انه لم يعد ممراً الزامياً، وإن بدا بالفعل انه حاجة المرحلة الحاضرة. ما يشترطه لتقديم قروض مالية اكبر من مقدرة اللبنانيين على احتماله، من غير ان تمتلك الحكومة اللبنانية خطة اصلاحية تحظى بأفضل - وليس اوسع - تأييد لها. في الفترة الاخيرة بدأت تعلو من داخل الحكم اصوات تتحدّث عن مزيد من الثغر فيها، الى حد ان الجولات الاخيرة للتفاوض مع الصندوق راحت تتجاوز الخطة، الى طرح اسس جديدة كما لو ان ثمّة تنصلاً متدرجاً منها. بات وزير المال، ممهِّداً لكل جولة تفاوض، يعقد اجتماعات مع الفريق المفاوض اللبناني لتوزيع الادوار في الافكار الجديدة الجاري طرحها.
2 - لا يكتم المنادون بالمظلة السياسية الموازية للتفاوض، يقينهم بأن لصندوق النقد اجندة سياسية لا يسعه التبرؤ منها، وإن بدا التفاوض قائماً على مناقشات تقنية بين موظفين يمثلونه وبين فريق الدولة اللبنانية. مع ان الحصة الاميركية في تمويل صندوق النقد لا تزيد عن 17% من موازنته - وهي الاعلى - لكنها كرقم في ذاته ليست حاسمة ومقررة، بيد ان احداً لا يتوهم انها لا تمثل الثقل الفعلي للاميركيين في الصندوق. نفوذ واشنطن فيه اقوى من حصتها، وكذلك تأثيرها في شركائها الآخرين فيه، كاليابان واوروبا والخليج العربي، يغلّب الحسابات السياسية على لغة الارقام.
لذا يبرر اصحاب هذا الرأي وجهة نظرهم بسلسلة وقائع ظهرت الى السطح في الاسابيع الاخيرة، مع انطلاق جولات التفاوض، لن يكون آخرها ما يثار عن تداعيات «قانون قيصر» على لبنان ومصير القوة الدولية في الجنوب واحياء الحديث عن القرار 1559، وايصاد الابواب دون وصول العملات الصعبة الى لبنان، فضلاً عن رزمة المطالب التي يصرّ عليها الصندوق.
3 - في اعتقاد المنادين بالمظلة السياسية للتفاوض، ان التجربة التي تقدم عليها الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي يمكن استنساخها لبنانياً، بفتح حوار سياسي - يصبح مظلة - مع قوى التجاذب الاقليمي المحيطة بلبنان، وخصوصاً الاميركيين والايرانيين والروس. على نحو ما فعله الكاظمي بمحاولة تحييد بلاده، الواقعة عند تقاطع نزاع الاميركيين والايرانيين، في وسع لبنان الحصول على فترة سماح له تخرجه من الاشتباك الدائر بين هؤلاء، وتجنّبه انفجاراً اقتصادياً واجتماعياً يستدرج انفجاراً امنياً، لم يكن بعض ما حدث السبت بعيداً من مؤشراته، وخصوصاً المذهبية والطائفية.
"اللواء": بعبدا تحسم الجدل في المفاوضات مع الصندوق والتشكيلات ومصير الحكومة!
وفي سياق متصل، أشارت صحيفة "اللواء" إلى أن الرئيس ميشال عون ترأس بعد ظهر أمس اجتماعاً في قصر بعبدا، بحضور الرئيس حسان دياب ضم وزير المالية غازي وزني، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، المدير العام للمالية الان بيفاني والمستشارين: شربل قرداحي وجورج شلهوب وهنري شاوول وطلال سلمان، واستكمل البحث في ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وتم خلال الاجتماع التداول بالارقام المتعلقة بالقطاع المالي والمصرفي. وتوافق المجتمعون على ان تكون الارقام الواردة في خطة الحكومة الاصلاحية المالية، منطلقا صالحا لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. (وفقاً للبيان الصادر عن قصر بعبدا)
وكشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الرئيس عون كان مصرا على توحيد الرقم لأن التفاوض مع الصندوق بأرقام مختلفة وبتوصيفات وخسائر مختلفة يضعف الموقف اللبناني كما ان صندوق النقد قد يستخدم ذلك حجة لفرض خلاصات او اجراءات معينه ولذلك كان تأكيد رئيس الجمهورية على ضرورة الاتفاق على رقم معين، وهو الرقم الذي حدّد في الخطة المالية، أي 122 ألف مليار ليرة.
وكشفت مصادر مواكبة لاجتماع بعبدا المالي النقاب عن انه لم يحصل اي نقاش تفصيلي حول التباين والاختلاف والفوارق الكبيرة بين خطة الإنقاذ الحكومية وبين ما تضمنته رؤية وتوجهات المصرف المركزي وجمعية المصارف لمعالجة الازمة المالية التي يواجهها لبنان حاليا.
وقالت: لم يحصل اي اتفاق لتوحيد الرؤية او تعديل بعض البنود الواردة في الخطة، بل بقي كل طرف على موقفه لاسيما وإن الكلام كان عموميا ولم تصدر أي مواقف جديدة وازاء استمرار الخلافات وتشبث كل طرف بمواقفه، تم التفاهم على ان تكون خطة الحكومة منطلقا صالحا لاستكمال الحوار مع صندوق النقد الدولي، وهذا يعني في خلاصة الامر فشل المساعي المبذولة لتوحيد الموقف الرسمي والحكومي في المفاوضات مع الصندوق، في حين ان اجتماع بعبدا لن يقدم او يؤخر باي تعديل او ملاحظات باعتبار ان الخطة تناقش حاليا باللجنة الفرعية بالمجلس النيابي تمهيدا لإدخال التعديلات اللازمة عليها في ضوء رؤية المصرف المركزي وجمعية المصارف المختلفة عنها.
ووفقاً لبيان صدر عن وزارة المالية، عقد الوفد المفاوض اللبناني برئاسة وزير المالية غازي وزني اجتماعه الحادي عشر مع صندوق النقد الدولي بحضور فريق من البنك المركزي. وتناول الاجتماع موضوع إطار تطبيق القواعد في المالية العامة، على أن تتابع المشاورات اليوم.
وتجدر الإشارة إلى أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ليست ملزمة بإطار زمني محدّد وستتم بأسرع وقت ممكن.
التشكيلات القضائية
وعلى هذا الصعيد، فإن مرسوم التشكيلات القضائية بات في عهدة الرئيس عون.
وفي المعلومات انه يعكف على درسه، من دون أي التزام بمهلة لتوقيعه، لأنه مرسوم عادي وسط معلوما تتحدث عن اتجاه لديه بعدم توقيعه.
واكدت معلومات لـ«اللواء» ان الرئيس عون يتجه إلى عدم توقيع المرسوم الذي وقعه الرئيس دياب ووزيرة العدل ماري كلودنجم برغم تحفظها على بعض التعيينات. وقالت المصادر ان المرسوم وصل الى رئاسة الجمهورية يوم السبت الماضي، وهو قام بدرسه ويتجه الى عدم توقيعه، ولكنه كتب الى رئيس الحكومة والى وزيرتي الدفاع والعدل عن ملاحظاته حول المرسوم، آخذاً باعتبار بالمعايير التي وضعها مجلس القضاء الاعلى بالاتفاق مع وزيرة العدل، اي لا محاصصة سياسية والاخذ بالنزاهة والاختصاص والكفاءة والجدارة والاقدمية والانتاجة، وكيف لم تُراعَ هذه المعايير، لكنه لم يقترح اي اسم ولم يطلب تغيير اي اسم.
واوضحت المصادر انه لا يوجد اي امر يجبر الرئيس على كتابة الرسالة او تبرير عدم توقيعه حسبما يخوله الدستور بعدم توقيع مرسوم عادي يختلف عن مرسوم صادر عن مجلس الوزراء، لكن احتراماً منه للقضاء كتب ملاحظاته طالباً الانتباه الى مراعاة المعايير ومكامن الخلل، وأشار الى امكانية الحل، حيث ان هناك ثلاثين قاضياً يفترض ان يتخرجوا الاسبوع المقبل من معهد الدروس القضائية ويُفترض تعيينهم في مناصب قضائية ويجب اخذهم بعين الاعتبار من قبل مجلس القضاء الاعلى في مرسوم التعيينات مع الاخذ بالمعاييراللازمة، وهذا الامر او الاقتراح هو من باب التسهيل لا التعجيز.
بالمقابل، قالت مصادر حقوقية ان هذه التشكيلات دخلت مرحلة جديدة من العرقلة والتعطيل بعدما رفض الرئيس التوقيع عليها واحاله الى رئاسة الحكومة مع ملاحظاته عليه ومخالفا بهذا التصرف النصوص الدستورية وصلاحيات رئيس الجمهورية باعتبار ان هذا المرسوم عادي ولايحق لرئيس الجمهورية رده اطلاقا فإما ان يوقع عليه او يرفض في حين انه بامكانه رد اي مرسوم يتخذ بمجلس الوزراء وإبداء ملاحظاته عليه في غضون خمسة عشرة يوما بموجب المادة ٥٦ من الدستور فقط. واعتبرت مصادر حقوقية ان رئيس الجمهورية من خلال تصرفه هذا برد مرسوم التشكيلات القضائية على هذا النحو يحاول ايجاد صلاحيات جديدة ليست واردة في اي نص دستوري.
التعيينات
من جهة ثانية، تتحضر الحكومة لإصدار رزمة من التعيينات في جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس لملء الشواغر العالقة في محافظة بيروت ورئاسة مجلس الخدمة المدنية والمديرية العامة للاقتصاد والمديرية العامة للاستثمار في وزارة الطاقة.
وعلمت «اللواء» انه لم يحصل توافق نهائي بعد على بعض المراكز، ففي حين أُفيد عن ان التوافق بات محسوماً بنسبة كبيرة لتعيين القاضي مروان عبود محافظاً لبيروت، وكذلك لتعيين مدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة من بين الثلاثة غسان نور الدين، علي زيدان، باسم شريف. بينما قد يطرح الرئيس نبيه بري اسماً آخر لمديرية الاقتصاد بعدما تردد انه بات محسوماً لـ محمد بو حيدر. بينما لا زال رئيس الحكومة حسان دياب يُصرّ على تعيين القاضية رندة يقظان لرئاسة مجلس الخدمة المدنية مقابل رفض اطراف اخرى تعيينها، ولذلك ربما تصدر التعيينات سلة واحدة وربما يُصار الى تعيينات جزئية اوتأجيلها كما يفضّل دياب لإصدارها سلة واحدة.
"البناء": اجتماع بعبدا لاعتماد أرقام الحكومة للتفاوض مع الصندوق
وأشارت "البناء" إلى اشتداد الضغوط المالية على سوريا، تحت عنوان قانون قيصر للعقوبات، الذي اعترف المبعوث الأميركي الخاص بسورية جيمس جيفري، في لقاء ببعض رموز المعارضة المحسوبين على واشنطن، بمسؤوليته عن تصعيد الأزمة المالية في سورية، معلناً أن واشنطن قدّمت عرضاً للرئيس السوري لتجاوز العقوبات والأزمة المالية، تحت عنوان الحل السياسي، الذي تريد واشنطن أن يضمن دوراً للجماعات المحسوبة عليها في مستقبل سورية، كاشفاً عن مضمون الطلبات الأميركية وما تتضمّنه من دعوة لإخراج قوى المقاومة من سورية، والقوات الإيرانية، والتي تعتبرها الدولة السورية سنداً لموقفها بعد الإعلان الأميركي بدعم قرار كيان الاحتلال بضمّ الجولان، ومقدّمة لمقاومة لتحرير الجولان ورفض توفير الأمن لكيان الاحتلال طالما بقي الجولان تحت الاحتلال، بما يعنيه قبول الطلب الأميركي بخروج قوى المقاومة وإيران من سورية من قبول ضمنيّ بالتسليم بضم الجولان وسلخه عن الجغرافيا السورية. وهو ما قالت مصادر متابعة إنه يعيد للذاكرة مطالب وزير خارجية أميركا عام 2003 كولن باول الذي حمل للرئيس السوري طلباً بإخراج قوى المقاومة، مقابل عدم مواصلة الحرب الأميركيّة نحو سورية، وكان الجواب المعلوم للرئيس السوري بالتمسك بكل مقاومة بوجه الاحتلال.
ورأت الصحيفة أن هذا التفاوض يفتح على الصفيح الساخن باب التفاوض اللبناني مع صندوق النقد الدولي، الذي يشكل تفاوضاً غير مباشر مع الأميركيين، الذين يبدو وفقاً للمعلومات الواردة من السفراء الغربيين، أنهم يتريثون لكشف أوراقهم، اعترافاً منهم بحساسية الوضع في لبنان لاتصاله مباشرة بأمن كيان الاحتلال في ظل وجود المقاومة ومقدرات سلاحها، ولذلك يفضلون استكشاف ما يجري على مسارات تفاوضية أخرى تواكبها الضغوط المالية، خصوصاً ما يتصل بإيران والعراق وسورية، ويكتفون في المرحلة الأولى بتمرير الرسائل غير المباشرة حول ترسيم الحدود البحرية للنفط والغاز كضرورة لضمان عائدات لبنانية تغطي لاحقاً مساهمات صندوق النقد الدولي، ما يعنيه ذلك من قبول المشروع الأميركي للترسيم وما يتضمّنه من تنازلات لبنانية لحساب كيان الاحتلال، ومثلها الرسائل حول وجود المقاومة في سورية وخط إمداد سلاحها تحت شعار المعابر غير الشرعية والحديث عن التهريب، ومثلها مباشرة حول السلاح كما أشارت الرسائل التي حملها التحرك الهزيل لجماعات تحركها السفارة الأميركية قبل أيام.
بالتوازي تسعى المراجع الرسمية اللبنانية لضمان حسن سير التفاوض مع صندوق النقد الدولي بترتيب أوراق الملف المالي، حيث عقد اجتماع في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحضور رئيس الحكومة حسان دياب ووزير المالية غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومدير عام وزارة المالية ألان بيفاني، وتم الاتفاق خلاله على اعتماد ارقام الحكومة كأساس للتفاوض مع صندوق النقد، وسحب تحفظات مصرف لبنان من التداول التفاوضي، بعدما أدى تباين الأرقام إلى إضعاف موقف لبنان التفاوضي وتسجيل ملاحظات من عدد من المراجع المالية والدبلوماسية حول ما تشير إليه ذلك من ضعف وتفكك وتحوله إلى عائق أمام التوصل إلى إطلاق التفاوض الجدّي بعيداً عن مماحكات الأرقام.
وعُقد اجتماع مالي في بعبدا أمس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس الوزراء حسان دياب ووزير المالية غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمدير العام للمالية ألان بيفاني وعدد من المستشارين.
واستكمل البحث في ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وبحسب بيان صدر عن المجتمعين فقد تم التداول بأرقام القطاع المالي والمصرفي وتوافق المجتمعون أن تكون الأرقام الواردة في خطة الحكومة منطلقاً واضحاً لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وسبق الاجتماع لقاء جمع الرئيسين عون ودياب بحث في المستجدات والاوضاع العامة.
وفيما لفتت مصادر «البناء» الى أن «توحيد الأرقام لدى الوفد اللبناني خطوة إيجابية وتحصّن الموقف اللبناني الرسمي وجاءت حصيلة وساطات ومشاورات بين الحكومة وحاكم مصرف لبنان لعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري دوراً محورياً فيها».
ولفت الخبير المالي والاقتصادي د. وليد أبو سليمان إلى أنّ «المفاوضات مع صندوق النقد تحتاج الى خمسة أشهر كحد أدنى لتظهر نتائجها العملية»، مشيراً لـ«البناء» الى أن «عامل الوقت ليس لمصلحة لبنان وسينعكس سلباً بسبب ضغط الأزمات المالية والنقدية المتفاقمة». وأوضح أن «مصرف لبنان لا يريد تحمل اتهام الحكومة له بالخسائر الفادحة في المصرف المركزي، فيما الحكومة ترفض تحمل كل الأعباء، والتشخيص من الجانبين ليس دقيقاً، فالخسائر الكبيرة يتكبّدها المودع اللبناني المقيم والمغترب، فالخسائر المقدرة بحوالي 80 مليار دولار هي خسائر المودعين».
وبرز تقرير «مجموعة الأزمات الدولية» بإشارته إلى أن «الأزمة الاقتصادية الراهنة التي يشهدها لبنان غير مسبوقة في تاريخ البلاد»، منبّهة إلى أن «لبنان يحتاج إلى مساعدات خارجية ملحّة لتفادي أسوأ العواقب الاجتماعية». وأوضحت أنه «من أجل الحصول على تمويل جديد وتجنب الأسوأ، يتوجّب على لبنان تسريع المفاوضات مع «صندوق النقد الدولي» بشكل عاجل»، لافتةً إلى أنه «إلى حين توفر دعم دولي أكبر، قد تحتاج الجهات المانحة الخارجية إلى زيادة مساعداتها الإنسانية لمساعدة اللبنانيين الأكثر تأثراً بالأزمة».
في غضون ذلك، تعرض الاتفاق بين الحكومة ونقابة الصرافين على خفض تدريجي لسعر صرف الدولار الى انتكاسة مع تسجيل ارتفاع في سعر الصرف أمس تجاوز الـ 4000 ل.ل وظهور السوق السوداء مجدداً للتحكم بالأسعار بعكس ما تم الاتفاق عليه بضبط السوق غير الشرعية وانشاء المنصة الالكترونية.
وأشار نائب نقيب الصرافين، إلى أنه «عندما عدنا الى عملنا بشكل طبيعي، عاهدنا الحكومة أن نسعّر الدولار بشكل واقعي ومنطقي، وتفاجأنا يوم الجمعة أن السوق السوداء عادت ودخلت الى الخط». وشدد على ضرورة «وجود مواكبة أمنية لردع السوق السوداء». وأمس اعلنت المديرية العامة لأمن الدولة في بيان ضبط أربعة صرافين في محلة شتورا: اثنان يقومان بتصريف الدولار بسعر 4300 ليرة لبنانية، وكان سبق أن تم إقفال محليهما بالشمع الأحمر، وآخران غير شرعيين.
وقال خبراء اقتصاديون إن «المنصّة الإلكترونية المزمع إطلاقها هي فقط لضبط التداول، وكل ما تحاول الحكومة القيام به هو لجم الطلب على الدولار بالقوة، لكن الطلب بمثابة نهر جارف تحاول التخفيف منه، وبالتالي لا يمكن السير بعكس الطبيعة والمنطق الذي يقول إنه كلما زاد الطلب حصل ضغط أكثر على الدولار»، ولفت الخبراء الى أن «الطريقة الوحيدة لتخفيض الدولار هي من خلال ضخ سيولة في السوق».
"الجمهورية": أجواء قلق في عين التينة مما حصل السبت الماضي
في هذا الوقت، تعكس اجواء عين التينة أجواء قلق مما حصل السبت الماضي، بالتوازي من خشية من ان تكون احداث السبت الماضي «بروفة» لِما هو أخطر. وهذا أمر يضع كل القيادات السياسية في لبنان امام مسؤولياتها في منع البلد من الانزلاق الى الفتنة القاتلة».
وتعكس هذه الاجواء تحذير رئيس المجلس النيابي نبيه بري من جرّ البلد الى هذا الدرك، ودعوته الشديدة الى نبذ كل من يساهم في هذه الفتنة، مؤكداً في الوقت نفسه «اننا سنتصدّى للفتنة ولن نسمح بها، سيفاجأ من يحاول أن يوقظها بمدى تَصدّينا لها».
وبحسب هذه الاجواء فإنّ أوجَب الواجبات هو التنبّه للفتنة التي تُحاك، ولمن يحيكها، هناك من ينسج خيوطها في غرف سوداء تحاول ان تجرّ البلد الى الفتنة العمياء، وهذا أمر يدفع ثمنه كل اللبنانيين خصوصاً في هذا الظرف الاقتصادي والمالي والمعيشي الاليم والموجع، علماً أنّ هَم اللبنانيين الاول في هذه المرحلة هو تجاوز محنتهم الاقتصادية وتوفير لقمة عيشهم، ومن غير المسموح ابداً الانتقال بهم الى هَم اكبر واخطر يتعلق بمصيرهم، ومصير البلد».
السرايا
بدورها، عكست مصادر السرايا الحكومي لـ»الجمهورية» جهوزية الحكومة في مواكبة ما يحصل، وما يتطلبه من إجراءات، الّا انّ المسؤولية تقع بالدرجة الاولى على القوى السياسية، وتتخذ إجراءاتها مع «ناسها» لمَنع انزلاق البلد الى فتنة خطيرة ومميتة، وهذا يتطلّب بالدرجة الاولى مبادرة هذه القوى الى رفع الغطاء عن كل من يحاول أن يثير النعرات ويزرع بزور الفتنة، فهؤلاء يجب ان يحاسبوا ويوضعوا في السجون، وكل واحد يجب ان يتحمّل مسؤولية عمله وما يقوم به».
وأكدت المصادر انّ الاجتماع الامني الذي عقد في السرايا الاحد كان حازماً في التأكيد على مواجهة الفتنة وملاحقة المُتسبّبين، وعدم السماح بالعودة الى الفوضى».
وقالت المصادر: الوقت ليس للاستثمار السياسي من قبل ايّ كان، علماً انّ هذا الاستثمار ليس في قاموس الحكومة او رئيسها، بل انّ الاستثمار الوحيد يجب ان يكون لمصلحة البلد. ومن هنا، فإنّ الخطر كبير جداً، واذا وقعت الفتنة لا سمح الله، لن يبقى بلد، كما لن يبقى اي شيء يمكن ان يتنافسوا عليه بالسياسة وغيرها، او لتسجيل نقاط على الآخر من خلاله. ما يجري يتطلّب وعياً وطنياً ومسؤولية كبرى، وان تتحمّل كل القوى السياسية مسؤوليتها الوطنية، لبنان لا يتحمّل أزمة اقتصادية واجتماعية ومالية متراكمة وموروثة، وفتنة طائفية ومذهبية تذهب بالبلد وبكل شيء».
دياب
وكان رئيس الحكومة حسان دياب قد أكد خلال لقاءاته في السرايا الحكومي أمس، انّ ما حصل السبت هو جرس إنذار للتوقف عن شحن النفوس، مشدداً على أهمية حفظ السلم الأهلي، ومعتبراً انّ ذلك مسؤولية وطنية لجميع القوى السياسية، وليس فقط الحكومة، لافتاً الى انّ افتعال الفتن هو بمثابة خيانة وطنية يفترض بالحريصين على البلد والناس مواجهتها وإسقاط جميع مشاريع الفتنة.
الليرة اللبنانيةصندوق النقد الدولي
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024