لبنان
انفلات مالي في سعر الصرف وغلاء الأسعار
ركّزت الصّحف اللبنانية الصّادرة صبيحة اليوم من بيروت على غلاء الأسعار الذي أخذ يشمل كل شيء بأضعاف مضاعفة، ولا يبررها ارتفاع سعر الدولار، وكان لافتاً ارتفاع أسعار الخضروات والحمضيات عشية شهر رمضان بمعدل ثلاثة أضعاف وأربعة اضعاف، رغم كونها منتجات زراعية محلية، وسط غياب لوزارة الاقتصاد ومراقبيها والأجهزة الأمنية والقضائية عن التدخل للجم هذا التفشي.
وترافق مناخ السيطرة على تفشي كورونا فلتان مالي بعدما تخطى سعر الدولار عتبة الـ 3500 ليرة، مع غياب للدولة عن أي مسعى للسيطرة على انفلات الوضع المالي الذي يتحكم به ثلاثيّ مصرف لبنان والمصارف والصيارفة.
"الأخبار": الحكومة اليتيمة
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنه مرة جديدة، تصطدم الحكومة بالفريقين: الفريق الذي كلّفها وتبنّاها، والفريق المعارض لها والناقم عليها. أحد النّواب يصف الحكومة بأنها «يتيمة» ووزراءها أيتام، (بعضهم طبعاً). فهي من جهة تتحمّل أعباء الماضي بشكل مباشر بثلاثة عقود من الحكم، وأعباء الحاضر بالانهيار الحاصل ومصيبة كورونا التي أرهقت دولاً صلبة، والمستقبل لأنها مطالبة من الناس ومسؤولة أمامهم للإنقاذ والتغيير ومكافحة الفساد و و و... لكنّها من جهة ثانية، مكشوفة بين تجاذب الكتل التي سمّتها ونقمة الكتل التي تعمل على إفشالها، وأسيرة التوازن الطائفي.
ومع ذلك، فالحكومة هي أقوى مما يعتقد الجميع. فهل يوجد مسؤول واحد اليوم يجرؤ أمام اللبنانيين أن يبرّر إسقاط هذه الحكومة مهما كانت الأسباب والانتقادات، بعد تجارب الحكومات التي قُدّمت على الأقل في الـ 15 عاماً الأخيرة؟ هل يضمن أحد، أيّ أحد، أنه إذا سقطت هذه الحكومة التي تشكّلت بـ«أعجوبة»، فسينجح مرة ثانية في تشكيل حكومة في لبنان وأن تبقى سلطة قائمة، في ظلّ الانهيار الاقتصادي والمالي وتحدّي كورونا والتداعيات الأمنية والسياسية والاجتماعية المتسارعة؟ الجواب هو «لا»، عند الكتل الداعمة للحكومة، حزب الله والتيار الوطني الحرّ وحركة أمل. حتى النائب السابق وليد جنبلاط، يصوّب على الحكومة من باب الابتزاز، وهو يعرف ثمن سقوطها جيّداً على الجميع، ومثله القوات اللبنانية. وحده سعد الحريري كل يوم يمرّ على وجود الرئيس حسان دياب في السرايا الحكومية يبعده أكثر عن «وظيفته» السابقة.
وإذا كان الصدام بين دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة مفهوماً، فإن ما حصل بين دياب ورئيس المجلس النيابي أمس في البند المتعلّق بمساعدات بقيمة 1200 مليار ليرة، جاء صادماً وملتبساً. فبرّي كان من أبرز الداعمين طوال الشهرين الأخيرين لضرورة دفع مساعدات للمواطنين والمؤسسات، وهو لم يردّ يوماً على الحريري بالحدّة التي ردّ بها على دياب في الجلسة البرلمانية. في الاتصالات الليلية أمس، كرّر برّي وفريق معاونيه التأكيد أن موقف الرئيس سببه الطريقة التي تم بها تقديم الاقتراح، وأن الموقف تقني وليس هناك أي خلفية سياسية. وبحسب المعلومات، فإنه تمّ الاتفاق على إعادة طرح الأمر على مجلس النواب مع إيضاحات في أسرع وقت ممكن لإقراره. أما معاون برّي النائب علي حسن خليل، فكتب على تويتر أن أولوية رئيس المجلس هي دعم الحكومة.
ولعلّ الكلام الأبرز لدياب، كان في ردّه على تعاميم سلامة ومصرف لبنان، التي أكّد أنها لا تتوافق مع سياسات الحكومة وأنه لم يتم استشارتها بالموضوع. وتوعّد دياب بأن يكون هناك «مواقف متشددة من قبل الحكومة يوم الجمعة وما بعد الجمعة».
"النهار": انفجار عبثي شهدته الجلسة الثالثة لمجلس النواب
بدورها صحيفة "النهار"، رأت أنه وسط انفجار عبثي شهدته الجلسة الثالثة التشريعية لمجلس النواب عاكسة الفوضى السياسية والتخبط الواسع الذي يطبع الواقع السلطوي والسياسي الداخلي في مواجهة اعتى الازمات واشدها خطورة، بدا لافتا ان يجد لبنان فسحة من اهتمام أميركي بأوضاعه راهنا من باب ازمة كورونا كما من منظار رؤية الإدارة الأميركية اليه.
وفي هذا السياق تحديدًا اكد وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو للزميلة روزانا بو منصف التي شاركت عن “النهار” في طاولة مستديرة من بعد، حول تداعيات وباء كورونا ان ”لبنان يشكل بصراحة تحديا كبيرا في الشرق الاوسط. وقد طلبنا من الحكومة اللبنانية ان تحترم ارادة الشعب اللبناني فيما ان المساعدة الانسانية التي تقدمها الولايات المتحدة هي من اجل دعمه”.
وبالعودة الى المشهد الداخلي اكتسبت النهاية المبكرة للجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب الثلاثاء والأربعاء في قصر الاونيسكو دلالات معبرة ليس اقلها انها عكست حال التفكك الواسع التي تضرب مختلف القوى السياسية والكتل النيابية، بل لعلها كانت اقرب الى واقع الدولة كلا التي لا تملك الحد الأدنى من تصورات متوافق عليها على الأولويات التشريعية والتنفيذية لإنقاذ البلاد من أخطر التحديات التي تتهددها والتي لم تعرف مثيلا لها في تاريخ لبنان. اذ ان الجولة الثالثة من الجلسة التشريعية انتهت بسرعة فائقة وبفعل فقدان البورصة العامة على مواجهة الأولويات الأكثر الحاحًا واستعجالاً لحاجات الناس في زمن المحنتين الصحية والمالية الى حلبة ملاكمة ومصارعة مفتوحة تبادلت عبرها الكتل تسديد اللكمات من خلال اسقاط متعاقب وكثيف للمشاريع واقتراحات القوانين الأساسية التي كانت معظم الكتل تتباهى بإعدادها وتقديمها وتعد النفس بجعلها هدايا للقواعد والمواطنين كإنجازات، فاذا بالصراع ينفتح على الغارب وراحت المشاريع تتساقط تباعًا من خلال نزع صفة المعجل عنها او إعادة إحالتها على اللجان بما يعني إعادة النقاش حولها الى نقطة الصفر الى حين توافر مخارج تسووية وتوافقية لاقرارها بعد تعديلها.
ولعل العناوين الكبيرة لبعض ابرز المشاريع والاقتراحات التي تساقطت بفعل تبادل اللكمات وتسجيل الردود تكفي لإظهار ما افضت اليه الجلسة من تظهير للتفكك التصاعدي الذي يعتري وضع معظم الطبقة السياسية في حين عادت الى الشارع بقوة معالم التعبير عن الانتفاضة الشعبية التي استعانت على يقظتها في زمن كورونا بالتظاهرات السيارة ولو من ضمن النظام الذي فرضته وزارة الداخلية للوحات باعتماد نظام التناوب بين المفرد والمزدوج. وإذ شهدت بيروت والعديد من المناطق يوما ثانيا امس للتظاهرات بالسيارات اندلعت على المسرح الكبير لقصر الاونيسكو جولات متواصلة من المشاحنات والسجالات الحادة في مواكبة ظاهرة اسقاط صفة العجلة وإعادة المشاريع الى اللجان او اسقاطها بالتصويت عن المشاريع والاقتراحات الأساسية والتي كان من ابرزها اقتراح تعديل دستوري برفع الحصانة عن الوزراء ومشروع تقصير ولاية مجلس النواب واقتراح رفض التنازل عن سندات الاوروبوند الى الخارج واقتراح تحديد الفائدة المرجعية لدى مصرف لبنان واقتراح وقف سائر الاعمال والأشغال في سد بحيرة بسري.
ولم يمر من خروم شبك هذه المعركة الضارية سوى مشاريع قليلة مهمة مثل اقتراح قانون فتح اعتماد إضافي في الموازنة بـ 450 مليار ليرة لمستحقات المستشفيات. وإذ برزت في المناقشات ضجة واسعة حول التعاميم التي يصدرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بدا لافتا ان رئيس الحكومة حسان دياب توعد بتشدد حكومي في موضوع صرف الدولار والتعاميم محددا موعدا لذلك بعد جلسة مجلس الوزراء غدا الجمعة. وجاء ذلك فيما كشفت نهاية الجلسة أجواء احتقان خفية بين دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري واكبت فقدان النصاب في الجلسة الذي ربما كان متعمدا. فقبيل نهاية الجلسة طرح مشروع القانون الرامي الى فتح اعتماد إضافي في الموازنة بقيمة 1200 مليار ليرة مخصصة لشبكة الأمان الاجتماعي ودعم المزارعين والصناعيين وهو المشروع الذي بادر دياب الى وصفه في الجلسة بانه اهم القوانين مؤكدا “ان الظروف تستدعي عقد جلسة مسائية لإقراره”. وقد أغاظ كلام دياب الرئيس بري الذي سارع الى الرد بقوله “لا احد يفرض على المجلس شيئا”. ثم رفع الجلسة وغادر القاعة.
واعلن دياب بعد الجلسة انه ستكون له كلمة بعد جلسة الجمعة لمجلس الوزراء حول موضوع سعر صرف الليرة معترفًا بان التنسيق بين السلطة التنفيذية ومصرف لبنان يجب ان يكون افضل، كما اكد ان الحكومة ستنجز الأسبوع المقبل الخطة المالية والاقتصادية. ولم تقف المواجهة بين رئاستي مجلس النواب والحكومة عند النهاية الصدامية للجلسة بل أصدرت لاحقا الأمانة العامة لمجلس النواب بيانا قالت فيه “على الحكومة ان تتعلم كيفية إرسال مشاريع القوانين الى مجلس النواب قبل التطاول عليه”.
"البناء": مخاوف لبنانيّة من دولار بـ 5000 ليرة
أما صحيفة "البناء" رأت أن لبنان بقي في موقعه التقليدي في السيطرة على تفشي الوباء مع تسجيل خمسة إصابات جديدة أظهرتها عمليات الفحص العشوائي التي تجريها وزارة الصحة، والتي سيبلغ عددها ألفي فحص يومياً حتى العاشر من أيار كما صرح وزير الصحة.
مناخ السيطرة على كورونا عالمياً ترافق مع تنامي الأزمات الاقتصادية والمالية، خصوصاً بعد الصدمة الكبرى لانهيار سعر النفط، والذي توقع الخبراء طفرة جديدة فيه تكون أشد وقعاً من سابقتها، وقال بنك أوف أميركا إن الدولار سيفقد الكثير من قوته في ظل الانهيارات المتوقعة مالياً واقتصادياً، والتي لن تكون البورصات والمصارف والدولار، بالتالي بمنأى عنها وتوقعت مصادر المصرف بلوغ سعر أونصة الذهب 3000 دولار خلال فترة قريبة. بالتوازي ترافق مناخ السيطرة على تفشي كورونا لبنانياً مع فلتان مالي بعدما تخطى سعر الدولار عتبة الـ 3500 ليرة، مع غياب للدولة عن أي مسعى للسيطرة على انفلات الوضع المالي الذي يتحكم به ثلاثيّ مصرف لبنان والمصارف والصيارفة، وتعترف الحكومة بلسان رئيسها حسان دياب بأن ما يصدر عن مصرف لبنان يتم دون التنسيق معها، وبالتوازي يتم تفشي وباء آخر هو غلاء الأسعار الذي يشمل كل شيء بأضعاف مضاعفة، لا يبررها ارتفاع سعر الدولار، وكان لافتاً ارتفاع أسعار الخضروات والحمضيات عشية شهر رمضان بمعدل ثلاثة أضعاف وأربعة اضعاف، رغم كونها منتجات زراعية محلية، وسط غياب لوزارة الاقتصاد ومراقبيها والأجهزة الأمنية والقضائية عن التدخل للجم هذا التفشي.
الانفلات المالي في سعر الصرف وغلاء الأسعار، لاقاهما انفلات سياسي رافق وأعقب نهاية الجلسة التشريعية، أبدت مصادر متابعة خشيتها من تحوّله إلى فوضى أمنية مع عودة ظاهرة قطع الطرقات للظهور ليلاً، خصوصاً على طريق بيروت – الجنوب عند مفترق برجا، خصوصاً أن تطيير نصاب الجلسة النيابية من قبل نواب تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي عند طرح مشروع قانون الـ 1200 مليار ليرة لدعم الفئات الضعيفة في المجتمع ومساندة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ترافق مع كلام سياسيّ بسقوف عالية ضد الحكومة وجد ترجمته في قطع الطرقات.
السجال السياسيّ لم يكن محصوراً بجبهة الحكومة والمعارضة، فالأهم منه ما ظهر في تفرق صفوف الغالبية النيابية من جهة، وتراشقها بالاتهامات حول المسؤولية عن تطيير اقتراحات قوانين إصلاحية بإسقاط صفة العجلة عنها، وتبادلها المسؤولية عن إضعاف الحكومة، ومن جهة أخرى ما حملته نهاية الجلسة من تبادل للرسائل المتوترة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب، ما أوحى أن الأمور ينقصها الكثير من التشاور والتنسيق بين الحلفاء، فرداً على انتقاد دياب لمجلس النواب لعدم إقرار قانون الـ1200 مليار، رد بري بأن لا أحد يعلّم المجلس ما عليه أن يعمل، وتبعه برد على لسان الأمانة العامة لمجلس النواب، بأن على الحكومة أن تتعلم أصول إرسال مشاريع القوانين أولاً، بينما جاء تصريح المستشار السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل ليلاً، لوضع الأمور في دائرة محدودة التأثير ومنع توسّع شق الخلاف بين الرئاستين الثانية والثالثة، بالقول إن رئيس المجلس أكبر داعمي الحكومة، لكن «لنا ملاحظات نقولها داخل الحكومة» داعياً للإسراع بإنهاء الخطة المالية الاقتصادية.