لبنان
الحكومة نالت الثقة.. وتعقد غدا جلسة في بعبدا
تحدثت الصحف الصادرة صباح اليوم عن مجريات جلسة مجلس النواب أمس، والتي نالت فيها الحكومة ثقة 63 نائبا بعد حضور 84 من ممثلي الشعب تحت قبة البرلمان، فيما كان محيط المجلس يشهد أعمال شغب ومواجهات بين متظاهرين وقوى الأمن.
ومن المفترض أن يكون الوضع الاقتصادي والمالي من أولويات الحكومة، التي ستعقد أولى جلساتها غدا في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
الصحف اهتمت بما أشار له رئيس الحكومة حسان دياب، حول التوجه إلى تجميد دفع استحقاق شهر آذار من سندات "اليوروبوند"، كما تناولت الصحف حادث استشهاد النقيب في قوى الأمن الداخلي جلال شريف وجرح عنصرين آخرين على يد أحد الشبان داخل مخفر الأوزاعي.
"الأخبار": جلسة الثقة: دياب يلمّح إلى عدم دفع الديون
حصَدت حكومة الرئيس حسان دياب ثقة 63 نائباً من أصل 84 نائباً حضروا جلسة مناقشة البيان الوزاري. عشرون نائباً رفضوا منح الثقة، وواحد امتنع عن التصويت. وقبل أن يدلي النواب بمواقفهم، برز كلام رئيس الحكومة الذي لمّح إلى تراجعه عن تأييد خيار دفع سندات اليوروبوند بقوله إننا «نريد الحفاظ على الموجودات من العملات الأجنبية من أجل أولويات الناس من السلع الحيوية، مثل الأغذية والأدوية والوقود، وقد أبلغنا حاكم مصرف لبنان بهذه الثوابت»
هي أوّل جلسة ثقة لحكومة في عهد الرئيس ميشال عون بوجوه وزارية «غير مُستعملة». وأول جلسة منذُ أكثر مِن ثلاث سنوات لا يتربّع على عرشها رُكنا التسوية الرئاسية: سعد الحريري وجبران باسيل. لا الحريري رئيساً ولا باسيل «وزيراً أولاً». تغيّب الأول عن الحضور. لكن شريكه السابِق في «تفاهم المصالِح» كانَ أقوى. أتى وجلسَ في المقاعد الأمامية، مُثبتاً أنه أقدر من الحريري على لعب كل الأدوار بكلّ الوجوه، ولو أنه لم يكُن نجم الحاضرين. كان ثاني المتحدثين في جلسة أمس، ولعب دور الناصِح لحكومة دياب: افعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك… اسمحوا بهذه ولا تسمحوا بتِلك. وقَف على المنبَر لنصف ساعة من أجلِ تقديم الإرشادات، وتصحيح ما اقترفته الحكومات السابقة، وكأن ليسَ بينها من حكومات للعهد!
لم يكُن لغياب الحريري وقعٌ قاسٍ على الحياة البرلمانية التي بدأت تعتاد السير من دونِه. رئيس مجلس النواب نبيه برّي افتتح الجلسة غيرَ آبه إلا بتأمين النصاب والتصويت على الثقة. لكن المتحدث باسم الحريري وكُتلتِه «كفّى ووفّى». في الماضي تناوَب نواب كُثر على مِنبر المجلس كي يقولوا آراءهم في «الحريرية». يوم أمس أتى من يتكفّل بذلك من قلب الطاقم الأزرق. النائب محمد الحجار لم يطبُخ خطابه بمهارة. كانَ يظنّ أنه يخدُم الحريري بالهجوم على البيان الوزاري لحكومة دياب، فاتهمه بأنه بيان «مُستنسخ عن الحكومات السابقة، وكلها أفكار سبَق أن طُرحت»، مُسجّلاً هدفاً في مرمى الحريري بدلاً من دياب! واستكمالاً لمشهد عدم المصالحة مع الذات، يُمكن الى هذا كله إضافة «سقطتين» للحجار: الأولى إطلاق اسم حكومة العهد على حكومة دياب، وذلك يعني أن الحكومتين السابقتين اللتين ترأسهما الحريري لا قيمة لهما. والثانية بدت واضحة في أن من طرّز كلمة الحجار «استنسخها» من البيان الأخير للنائب نهاد المشنوق الذي أعلن عبرَه عدم المشاركة وحجب الثقة، لناحية مهاجمة خطة الكهرباء والتطرق إلى الاستراتيجية الدفاعية. مرّت ثلاث سنوات من دون أن يتجرأ المستقبليون على فعل ذلك.
في الخارِج لم يكَد المارّون يطلّون بسياراتهم صوب برج المرّ، حتّى ينهال عليهم المُتظاهرون بالصراخ للنزول الى الشارع. يتسابَق «الثوار» في اتجاه السالكين الى عملهم لـ«توبيخهم»، لكونهم «فقراء صامتين غير مشاركين في الثورة». وعلى بُعد مئات الأمتار نزولاً، خطّ تماس فاصِل بينهم وبين نقطة باب ادريس المؤدية الى ساحة النجمة. على المدخل، تجمّع كبير للقوى الأمنية. مُقابلها ناشطون يمسِكون لافتات الـ«لا ثقة» بالحكومة، ويتمسّكون بقرار منع النواب والوزراء من الوصول الى الجلسة. يختلِط الحابل بالنابل. عسكريّون و«حراكيّون» وسيارات ومارّة ودراجات نارية وزحمة سير. مِئات أمتار إضافية، يتكرّر المشهد عندَ الواجهة البحرية. طُرق مقفلة وعوائق حديدية ودشم إسمنتية وبوابات سود وجدران عازلة وأسلاك شائِكة، تمتدّ الى ساحة الشهداء. من حولِها خيم المُنتفضِين وصولاً الى مسجد محمد الأمين. تتعدّد الشعارات المُناهِضة للسلطة وتتنوّع المطالِب، على شكل غرافيتي وكتابات مُلوّنة ويافطات تصِل الى مدخل آخر عند مبنى «الإسكوا»، يستحيل الولوج منه الى محيط البرلمان الذي أصبح كمن أحاطَ نفسه بسور كبير. لا يُمكن للناس رؤية مجلس النواب، كما لا يُمكن لمن في داخله أن يرى الناس.
النواب والوزراء الذين حضروا الى البرلمان بدوا أسرى هذا السور. تسلّلوا إلى ساحة النجمة بسيارات مموّهة أو عادية بلا مواكبة. ومع ذلك لم يأمنوا من غضبة المتظاهرين الذين كمنوا لهم بالبيض والبندورة والحجارة والاتهامات بالسرقة والفساد. الجميع دخل سالماً، باستثناء نائب الحزب السوري القومي الإجتماعي سليم سعادة الذي أنزل زجاج السيارة للتحدث الى المتظاهرين، لكنه تعرّض للرشق بالحجارة، وأصيب بإحداها، ما استدعى نقله إلى أحد المستشفيات.
في الداخل اقتربت عقارب الساعة من الحادية عشرة والثلث. لم تكُن الجلسة قد بدأت بعد بسبب عدم اكتمال النصاب. تردّد أن عدداً من النواب باتَ ليلته في المجلس، لكن قاعة الهيئة العامة بعد وقت من موعِد الجلسة لم يدخلها إلا 45 نائباً لتكتل «لبنان القوي» وكتلتي «التنمية والتحرير» و «الوفاء للمقاومة»، إضافة الى النائب جميل السيد. في هذه الأثناء، سادت حالة من البلبلة أروقة المجلس بسبب تداول معلومات عن عدم مشاركة كُتلتي «المُستقبل» و«اللقاء الديمقراطي»، بينما حبسَ نواب كتلة «الجمهورية القوية» أنفسهم في إحدى القاعات بانتظار اكتمال النصاب، وفجأة رنّ الجرس ودخل جميع الذين نجحوا في الوصول الى المجلس، باستثناء نواب القوات.
افتتح الرئيس نبيه بري الجلسة بالإشارة إلى أن «المستقبل والقوات سيحضرونها»، فيما كان نواب التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والمردة والسيد والنواب عبد الرحيم مراد وفريد الخازن وفيصل كرامي قد لزموا مقاعدهم. دقائق قليلة بعدَ انطلاق الجلسة انضم النواب «الاشتراكيون» بلال عبد الله، وأكرم شهيب، وفيصل الصايِغ وهادي أبو الحسن، وبعدهم بنصف ساعة النائب وائل أبو فاعور. انطلقَت جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسّان دياب على عكس الوتيرة التي كانت متوقعة منها. المداخلات بدت هامدة، والمواقف الُمعارضة والمؤيدة ظلّت تحتَ سقف التركيز على مرحلة ما بعد منح الحكومة الثقة وإنجازاتها على مختلف الصعُد.
بعدَ أن تلا دياب أمام الهيئة العامة البيان الوزاري لـ«حكومة مواجهة التحديات»، بدأت مداخلات النواب التي استمرت حتى الساعة الرابعة من بعد الظهر، مع النائب محمد رعد الذي قال إن «الحكومة لا تُشبه فريقنا السياسي، إلّا أنه لتسهيل مهمة التأليف ارتضينا بها ونحن واثقون من إمكانية الحوار». بعد رعد باسيل، فستريدا جعجع وجميل السيد الذي اختصر الطريق الوحيد لنجاح حكومة دياب بجملة «عليها أن تفعَل تماماً عكس ما فعلته الحكومات السابقة»، ثم هادي أبو الحسن والحجار. ومن بعدهم النائب سليم سعادة وميشال الضاهر وميشال معوض. يُمكن القول إن كلام النواب الثلاثة سعادة والضاهر ومعوّض كانَ الأبرز. الضاهر ربطَ ثقته بالحكومة بتعهدها بعدم دفع استحقاق اليوروبوند في آذار 2020. ورغم الاعتداء الذي تعرّض له، لم يحِد سعادة عن أسلوبه الذي يتبعه في الجلسات، من خلال توصيف الواقع بلغة شعبية واضحة وصريحة، فقال إن «نصف الودائع بالدولار صُرف، وما حصل ليس (كابيتال كونترول) بل حجز للأموال».
"اللواء": ثقة بـ63 «لحكومة المغمورين»
خرجت حكومة الرئيس حسان دياب بثقة 63 نائباً كما اشارت «اللواء» في جلسة اقتصرت على يوم واحد، وبحضور نيابي، جمع الكتل النيابية منحت الثقة (تكتل لبنان القوي، حزب الله، حركة أمل، كتلة المردة، واللقاء التشاوري)، وتلك التي حجبت الثقة (كتلة «المستقبل»، كتلة الجمهورية القوية، وكتلة اللقاء الديمقراطي) واتجهت إلى العمل الفوري، وهي تحمل كرة النار، فتقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً في بعبدا..
عبثاً واجه الحراكيون الشجعان الحكومة، ليس بأشخاصها، بل بانعدام الثقة بالطبقة السياسية، التي أفرزتها، في معمعة لم يشهد لها تاريخ لبنان ما بعد الطائف، أو حتى قبله، سابقة لا في الانهيارات المتتالية ولا في الاحتجاجات..
ليس المهم ان الجلسة انعقدت، وكان يتعين ان تنعقد، بعد ما اصرت القوى الأمنية المولجة بالخطة التي وضعت لتوفير أمن المجلس والسراي والنواب على انفاذها، ولو اقتضى الأمر، بعض من العنف، وفقاً لما اشارت إليه «اللواء» في حال لم تفلح الاتصالات الاستثنائية في إقناع الحراكيين بسلمية الحراك والإقلاع عن المواجهة..
ورد الرئيس دياب، على كلمات النواب، التي جاء بعضها من قبيل لزوم ما يلزم، بوضع موازنة بين حدّين: حدّ شرعية «النواب المنتخبين» (حيث من هناك تمنح الثقة)، وحدّ مشروعية الانتفاضة التي تمثل شرعية كبيرة من الشعب اللبناني (والتي لولاها لما رأت الحكومة الماثلة لنيل الثقة النور).
الأبرز ان اللعبة الديمقراطية أخذت مجراها، ولو على الطريقة اللبنانية، فساهمت المعارضة النيابية في تأمين نصاب الجلسة، من زاوية الحرص على دور المؤسسات الدستورية المنتخبة، وان كانت الثقة مضمونة، فالكتل التي سمت دياب كان بإمكانها تأمين الثقة.
والمهم في هذا السياق، انه على الرغم من إصابة العشرات بجروح، من ناس الانتفاضة وجمهورها، فإن المطرقة النيابية التي كانت بيد رئيس المجلس، وإن بدا انها كانت «تقاوم» الانتفاضة إلى ان المحصلة جاءت لمصلحة الشرعيتين النيابية والشعبية. بانتظار ما سيحصل، من زاوية تحذير الرئيس دياب من انه «إذا افلتت كرة النار من يد هذه الحكومة، فإن ألسنة النار ستتطاير بكل اتجاه، ولن يكون أحد بمنأى عن خطرها وحريقها»، فإن الرئيس دياب التزم بـ«إنجاز خطة طوارى قبل نهاية شباط لمعالجة، حاجات النّاس الطارئة ومواجهة الاستحقاقات والخدمات الراهنة».
وإزاء ما يتعين عمله في ما خص الديون السيادية، افادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان التوجه الجدي الوحيد لدى رئاسة الجمهورية هو ان تكون هناك خطة كاملة اصر رئيس الجمهورية على ان يذكر البيان انها تعرض وتقر قبل نهاية شباط الجاري لمعالجة الوضع النقدي والمالي والمصرفي كي يندرج اي خيار من خيارات 9 اذار او نيسان او حزيران اي استحقاقات اليوروبوند من ضمن هذه الخطة وإلا يأتي القرار منفردا ومعزولا عن اي خطة كما اعتباطيا.
ولفتت المصادر الى ان هناك خيارا أولا هو عدم الدفع وخيارا ثانيا هو الدفع وكل خيار من هذين الخيارين له تداعياته ونتائجه وهناك خيار ثالث يقوم على المفاوضة والأستمهال والمبادلة ولكن الأهم ان يندرج اي قرار او خيار ضمن خطة متكاملة تعكف عليها وزارة المالية ووزارة الاقتصاد وحاكمية مصرف لبنان للتقدم بها من الحكومة قبل نهاية شباط .
وكانت معلومات تحدثت عن ان بعض المصارف باعت جزءا من عملات اليوروبوند الى شركات عالمية بهدف الربح ما يؤدي الى اشكالية ورجحت معلومات اخرى ان يتم تكليف المصرف المركزي بالخيار المناسب في ما خص هذه الأستحقاقات دون العودة الى الحكومة. لكن الموقف الأميركي بعد نيل الثقة لم يكن مشجعاً..
وقال مسؤول في الخارجية الاميركية: ان التدبيرات الأمنية التي اتخذت في لبنان لنيل حكومة دياب الثقة مخزية ولا تُلبّي مطالب الشعب المنتفض وسنواجه حكومة اللون الواحد اقتصاديا ووجب إعادة النظر بالمساعدات للقوى الأمنية.
"الجمهورية": مجلس وزراء غداً «إقتصادي ومالي».. والـ«يــوروبوند» إلى التجميد
أمّا وقد نالت الحكومة الثقة بأكثرية 63 صوتاً من أصل 84 نائباً حضروا الجلسة، وحجبها 20 نائباً عنها وامتنع نائب واحد عن التصويت، فمن اليوم سيكون الهم والغم الوضع الاقتصادي والمالي المتدهور بحثاً عن وسائل لمعالجته لتجنيب البلاد خطر الانهيار، الذي قال رئيس الحكومة حسان دياب انه «ليس وهماً». ولهذه الغاية، تقرر أمس انعقاد اول جلسة لمجلس الوزراء غداً في القصر الجمهوري بجدول اعمال يتضمن بنداً وحيداً هو «الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي»، ويتوقع ان يتصدّر البحث مصير استحقاق سندات «اليوروبوند» البالغ 1,2 مليار دولار في آذار المقبل، والذي يتجاذبه موقفان أحدهما يدعو الى تسديده رغم ما يمكن ان يترتّب عليه من آثار سلبية على احتياط لبنان من العملات الصعبة وودائع عامة اللبنانيين في المصارف، وبين داع الى تأجيله وإعادة جدولة الدين العام في انتظار المعالجة الاقتصادية والمالية المعوّل عليها لاحقاً لتحقيق الانفراج المطلوب.
وفي انتظار ما سيقرره مجلس الوزراء في شأن هذا الاستحقاق المالي، تساءَل مرجع اقتصادي ومالي كبير «هل قررت الحكومة، لأسباب بعضها معلوم ولكن غير مفهوم أو مُبرّر، وبعضها غير معلوم، ولكنه موضع شبهة وتساؤل، أن تستخدم مال المودعين، ومال الفقراء لسداد استحقاق باتَ في غالبيته في أيدي مضاربين وصيّادي فرَص قدموا الى لبنان واشتروا سندات الدين بأسعار بخسة بغية تحقيق أرباح خيالية في فترة زمنية وجيزة؟.
وقال هذا المرجع لـ»الجمهورية» انّ «هذا السؤال مطروح اليوم، بسبب ميل الحكومة نحو ترجيح كفّة دفع استحقاق سندات اليوروبوند في 9 آذار المقبل، وقيمتها نحو مليار و200 مليون دولار. ويبدو انّ هذا الاتجاه يدعمه حتى الآن طرفان أساسيان في الحكومة: رئيسها حسّان دياب من منطلق شخصي، إذ يعتبر انه لا يريد أن يُسجّل عليه انه بدأ ولايته الحكومية بقرار التخلّف عن الدفع، وتكون هذه المرة الاولى التي يتخلّف فيها لبنان عن دفع استحقاق دين. والطرف الثاني وزير المال غازي وزني، الذي يعتقد انّه من الافضل أن ندفع استحقاق آذار، ومن ثم نبدأ مفاوضات على إعادة هيكلة الدين العام.
توزّع السندات
ولفت المرجع الى انه «قبل فترة، كان هناك طرح آخر، يقضي بدفع الاستحقاق في موعده الى الاجانب الذين يحملون قسماً من سندات هذا الاصدار، على أن يُصار الى تأجيل دفع القسم الذي يحمله لبنانيون، وفي غالبيتهم من المصارف. لكنّ هذا الاقتراح فقدَ قيمته لسببين: أولاً، لأنّ مؤسسات التصنيف حذّرت من خطوة مماثلة وأعلنت انها ستعتبرها بمثابة تعثّر انتقائي، وثانياً لأنّ نسَب الحصص في ملكية هذا الاصدار انقلبت رأساً على عقب. إذ أقدم مضاربون أجانب على شراء قسم من هذه السندات بسعر تَراوح بين 70 و80 سنتاً للسند. وهناك مصارف باعت هذه السندات بسبب حاجتها الى السيولة. وبعد عمليات البيع أصبحت ملكية سندات إصدار آذار كالآتي: اللبنانيون يحملون ما قيمته 400 مليون دولار، والاجانب باتوا يحملون سندات بنحو 800 مليون دولار. بما يعني انّ ثلثي حجم الاصدار بات ملكاً لأجانب. كذلك أقدمَ المضاربون على شراء سندات استحقاق نيسان وحزيران 2020 بأسعار بخسة تراوحت بين 40 و50 سنتاً للسند، من دون أن تُعرف الكمية التي اشتراها هؤلاء.
خيار ثالث
ورأى المرجع نفسه «أنّ هذا الوضع صَعَّب مهمة الحكومة لجهة اعتماد خيار الدفع للاجانب وتأجيل الدفع للبنانيين. وصار النقاش محصوراً في أمرين: ندفع أو لا ندفع. لكن في عالم المال، لا وجود لمعادلة أبيض أو أسود فقط، هناك مساحة دائماً للون الرمادي، أي للحلول الوسط. واذا كانت الحكومة ترى انّ أضراراً كبيرة ستلحق بها سواء دفعت أو امتنعت عن الدفع، ففي مقدورها أن تذهب الى خيار ثالث يقضي باعتماد ما يُعرف بالـmoratorium. وينصّ هذا الخيار على تجميد الدفع، وليس الامتناع أو التخلّف، والبدء في مفاوضات مع حملة الأسهم برعاية جهات دولية موثوقة، وبإشراف استشاريين اختصاصيين، للوصول الى اتفاق حول اعادة جدولة الدين. وللعلم، هذا الخيار تعتمده حالياً الارجنتين، وقد جَمّدت دفع مستحقات دين بقيمة 100 مليار دولار، وهي تفاوض المُقرضين على إعادة الجدولة. وبالتالي، تستطيع الحكومة اللبنانية اعتماد هذه الطريقة القانونية لتجميد دفع مستحقات إصدار آذار، من دون أن تكون قد تخلّفت عن الدفع، وتحمّلت تداعيات خطوة من هذا النوع.
مؤشرات إيجابية
وفي كل الحالات، فقد ظهرت مؤشرات ايجابية في الفترة الأخيرة في شأن التعاون مع الجهات الدولية. وقد باشَر وزير المال غازي وزني مفاوضات ذات طابع تقني مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في حضور ممثلين لبنك Lazard، وهو مصرف عالمي متخصّص في ملفات جدولة الديون، وساهم في مفاوضات إعادة جدولة ديون اليونان. وهذا البنك يحضر المفاوضات كمستشار عن الدولة اللبنانية. ولا شك في انّ هذه المفاوضات ما كانت لتبدأ لو لم يوافق «حزب الله» عليها. وبالتالي، يمكن الاستنتاج انّ الحزب أعطى موافقة مبدئية على جَس نبض صندوق النقد للاطلاع على شروطه في حال قرّر لبنان طلب المساعدة المالية من الصندوق.
وفي انتظار ما ستُسفر عنه نتائج هذه المفاوضات التقنية، من الضروري ألا تُقدم الحكومة على اتخاذ قرار بدفع استحقاق آذار، أو أن تعلن الامتناع عن الدفع، لأنّ الدولة والمواطنين سيتضررون كثيراً في الحالتين، وبالتالي من الضروري الذهاب الى تجميد الدفع (moratorium) والبدء فوراً في مفاوضات إعادة هيكلة وجدولة الدين العام.
وكان رئيس الحكومة حسان دياب قد أعطى اشارة في اتجاه تجميد دفع استحقاق آذار من سندات «اليوروبوند»، وذلك من خلال رَدّه على مداخلات النواب في جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة التي انتهت بنيل الحكومة الثقة بأكثرية 63 صوتاً، إذ قال: «نريد الحفاظ على المال العام، والموجودات من العملات الأجنبية، وأموال المودعين، خصوصاً في مصرف لبنان المركزي، من أجل خدمة أولويات الناس من المواد الغذائية والأدوية والمواد الطبية والقمح والمحروقات، وقد أبلغنا الى حاكم مصرف لبنان هذه الثوابت. لم ننتظر الثقة لمعالجة هذا الموضوع، وندرس كل الاحتمالات المتعلقة باستحقاقات سندات اليوروبوند على لبنان لهذه السنة». وأشار إلى أنّ «خطر السقوط ليس وهماً، ونحن نريد انتشال البلد، ولا نستطيع القيام بذلك اذا كان الواقفون خلفنا يتهيّبون الفرصة لدفعنا الى الهاوية».
"البناء": اقتحام مخفر الأوزاعيّ واستشهاد الرائد شريف… يكشفان خطورة الفراغ والفوضى
أمنيا.. وفي اعتداء دامٍ استهدف مخفر الأوزاعي مساء امس، أصيب آمر فصيلة الأوزاعي النقيب جلال شريف داخل مكتبه بإطلاق نار من قبل شقيق أحد الموقوفين يُدعى حسن الحسين من بلدة سحمر في البقاع الغربي (لبناني الجنسية) ما أدّى الى إصابة النقيب اصابة حرجة ما لبث أن استشهد على أثرها، فيما أصيب عدد آخر بجروح عُرف منهم المؤهل زياد العطار الذي يخضع لعملية جراحية والرقيب علي أمهز الذي أصيب برجله ونقلوا جميعاً الى مستشفى الزهراء.
وأفادت المعلومات أن مطلق النار لم يُدخل سلاحاً الى المخفر، وإنما جاء مع والدته لزيارة شقيقه الموقوف وإثر خلاف نشب داخل الفصيلة، غافل أحد العسكريين واستولى على مسدسه وأطلق منه النار ليصيب النقيب واثنين من العسكريين قبل أن ينتحر.
اشارة إلى أن النقيب الشهيد جلال علي شريف متأهل وله ولدان.
وأفادت مصادر عسكرية أن «لا صحة للأخبار عن تعرّض المساعد الأول لمدير المخابرات العميد علي شريف لأزمة قلبية بعد استشهاد نجله جلال، وهو بصحة جيدة في منزله».
وفي رواية أخرى، أكّدت اقتحام المدعو حسن ح. فصيلة الاوزاعي، حيث أطلق النار داخل الفصيلة ما أدى الى استشهاد آمر الفصيلة النقيب جلال شريف وإصابة عسكريين، مشيرة الى هروب كلّ المساجين وعددهم 30، كما أفيد ان مطلق النار قد قتل ايضاً.
ونعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، الرائد الشهيد جلال شريف الذي قضى شهيداً اثناء قيامه بواجبه كآمر لفصيلة الأوزاعي نتيجة لإطلاق النار عليه من قبل المدعو حسن الحسين (لبناني)، كما أصيب المعاونان أولان زياد العطار بإصابة خطرة وعلي أمهز، والتحقيق جار بإشراف القضاء المختص.